سلسلة_الحجج الحلقة الرابعة ( لا إطلاق لحُجيّة العقل )
ابو تراب مولاي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ابو تراب مولاي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
تقدّم الحديث عن إثبات حُجيّة العقل "في الجملة" بالنسبة للمعارف الدينية ، وأثبتنا هناك أنّ بعض أحكام العقل - كالاستلزامات العقلية - حجّة بالنسبة للمسائل الفرعية أيضاً .
بقي أن نتحدّث عن الطرف الآخر من حُجيّة العقل ، وهو : هل العقل حجّة مطلقاً وفي كل الأحوال ؟ ولماذا ؟
الجواب :
قلنا في الحلقة الثالثة : إنّ العقل حجّة - في الفروع - فيما إذا كان حكمه قطعياً ، وليس دائماً .
فإنه لا يمكن للعقل البشري أنْ يكتشف كلّ ما يتعلّق بمرادات المولى الحقيقي ، فهو - لولا النص الشرعي - لا يعرف ماذا يريد منه الله تعالى ! بدليل جهله - إلى اليوم - بمبادئ الأحكام الشرعية التي على أساسها تُقنّن تلك الأحكام ، فهو يجهل لماذا وجب الحج في الشهر الثاني عشر من السنة الهجرية دون الشهر الرابع مثلاً ؟! وهذا ما لا يختلف عليه مُنصفان .
وبعبارةٍ أُخرى :
إنّ للعقل مساحةً محدودة يتحرّك فيها - خصوصاً في الساحة الشرعية - كونه قاصراً عن إدراك الكثير من القضايا الغيبيّة لولا تدخّل النصوص الشرعيّة .
وقد اعترف الكثير من علماء الغرب بهذا الأمر ، فقد قال أُستاذ العلوم الطبيعيّة في جامعة ميشيجان الدكتور البروفسور إيرفنج وليام : ... فالعلوم - الإنسانيّة - لا تستطيع أن تحلّل الحق والجمال والسعادة ، كما أنها عاجزة عن أن تجد تفسيراً لظاهرة الحياة أو وسيلة لإدراك غاياتها ... ( الله يتجلّى في عصر العلم ص ٥٢ ) .
لذلك اكتشف العقلُ نفسُه حاجتَه لمَدد السماء ، وأيقن بأنّ الخالق الحكيم اللطيف لن يترك خلقَه من دون أنْ يبيّن لهم ما يتّقون ، لمكان حكمته ولطفه ، وهذا المعنى ما يسمّيه أهلُ الكلام بأصل الحاجة إلى الدين اعتماداً على قاعدة اللطف .
وسنبحث موضوع الحجج التي مدّ الله تعالى بها عباده فيما سيأتي - إنْ شاء الله تعالى - بعد إتمام الحديث عن حُجيّة العقل .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat