صفحة الكاتب : حيدر حسين سويري

إختفاء ثقافة الإستئذان، لماذا؟!
حيدر حسين سويري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   التربية والتنشئة(الإيجابية) عملية مهمة جداً، بدأت من الفرد والأسرة، ثُمَّ تحولت للفرد والمجتمع، لذا نرى الدول تهتم بها كثيراً، لأنها تبني المجتمع، وتدفع عجلتهُ إلى التقدم والتحضر في بناء المدينة الفاضلة...

   حتى الأديان، كان من أولوياتها الأهتمام بتربية الفرد وتنشئتهِ، التنشئة الصحيحة والسليمة، تنشئة النفس والعقل والبدن، بل حصر رسول الأسلام بعثتهُ في إتمام مكارم الأخلاق وهو القائل:(إنما بُعثُتُ لأُتممَ مكارمَ الأخلاق). ومِنْ أهم مكارم الأخلاق ثقافة الإستئذان.

   لقد أفرد القرآن الكريم آيات لهذا الموضوع، لما لهُ من أهمية كبيرة، منها قولهُ تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ[النور: 27])، والإستئناس يعني إختيار الوقت المناسب وعدم الإزعاج، وهو يسبق إلقاء التحية والسلام، وهكذا تعلمنا جيلاً بعد جيل، على موضوع الإسئناس والسلام وحفظ خصوصيات الآخرين.

   فماذا جرى اليوم؟ ليهتك الناس حرمات بعضهم البعض؟ فلم يكتفوا بهجر الإسئناس والسلام فقط، بل ذهبوا لأسوء من ذلك؟ الهتك والتشهير بأعراض أنفسهم بلا دليلٍ ولا مسوغ!؟ أهو فايروس مرضي أصاب الناس أم هو إبتعادهم عن عاداتهم وتقاليدهم الشريفة الصحيحة؟ أم هي أيادي خبيثة أمتدت إلى عقولهم فتحكمت بها؟

   كنت ألقي درس الرياضيات إلى تلاميذي، وبينما أنا أكتب التمارين على لوحة السبورة، ولا أتمكن من رؤية مَنْ في الباب، حضر أحد التلاميذ متأخراً، وبما أن مدراسنا خُلعت أبوابها، تسمر التلميذ في مكانهِ واقفاً يفكر، فلا باب يطرقهُ فطرق الحائط، وعندما التفتُ إليه ألقى التحية(صباح الخير أستاذ) ثُمَّ أستئذن للدخول، فأذنتُ لهُ وسررت كثيراً بما قام بهِ، لأنهُ فعل الصواب، كما وصفت الآية على ثلاث مراحل:

  1. الإستئناس(طرق الباب "إن وجد" وإن كان مفتوحاً، لتنبيهِ المقابل)
  2. إلقاء التحية والسلام(ومن فوائدها العظيمة إستنزاف وامتصاص غضب المقابل وكسب وده)
  3. الإستئذان(وهو المهم بالموضوع)

هذا التلميذ لم يأتي بهذه المعلومات من فراغ، بل هي تربية أسرته ومدرسته، وثقافة سيطرت عليهِ وأستحسنها فلن يتركها أبداً.

   إن ما يؤسفني حقاً أن أرى وأسمع العجب العجاب، مِن تركِ هذه الثقافة الحسنة، بل وصول البعض إلى حد إحتقار مَنْ يفعلها! أصبح البعض يركل الباب برجلهِ ليدخل غرفة زميلهِ الموظف! والأخر يفتح الباب ثم يتجول في الغرفة كأنهُ يفتش عن شئ ما، والأخر يستخدم حاجيات الغير بدون إستئذانهم، وغيرها كثير...

بقي شئ...

لا نقول أن هذه الثقافة ماتت، ولكن يجب أن تبقى حية.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر حسين سويري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/08/04



كتابة تعليق لموضوع : إختفاء ثقافة الإستئذان، لماذا؟!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net