صفحة الكاتب : جودت هوشيار

القلق و ما بعده
جودت هوشيار

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 القلق ظاهرة حضارية وضريبة يدفعها الانسان المعاصر من ذهنه وفكره واعصابه وهو يتلقى يوميا هذا الزخم الهائل من الممؤثرات والاصداء والا نطباعات في عالم شديد الحركة , سريع التطور زاخر بالوقائع والاحداث الجسام والثورات في شتى مجالات النشاط الانسانى هذا القلق يسري في دمه يدب في كيانه يتغلغل في أدق شعيراته , ينفعل به ، يطل من عينيه وهو يقاتل او يبني , يتمزق أو يحلم .
 هذا النوع من القلق الحسي العنيف ، قلق مقدس ونبيل لانه قلق ايجابي وخلاق, كان ومايزال وراء معظم الانجازات الحضارية للبشرية عبر مسيرتها التاريخية الطويلة وأحد بواعث الخلق والابداع في العديد من حقول المعرفة الاساسية .
 وبالرغم من هذه الصفة الشمولية للقلق , الا انه يبرز عند الفنان والشاعر والكاتب ورجل الفكر عموما على نحو أكثر حدة وعنفا , فالانسان المبدع الذي يكون في العادة شديد الوعي لقضايا عصره ومفرط الحساسية أزاء هموم الاخرين وتطلعاتهم لايمكن يكون الا قلقا حينما يقتحم المجهول
 ويكتشف ذاته والعالم من حوله , ولكن هذا القلق المبدع الخلاق حين يتحول الى أرق ليلي مزمن يصبح شيئا لا يطاق .
 قبل سنوات معدودات مضت كنت نهبا للقلق لا اعرف مصدره وأرق ليلي لا أزعم أنه كان من هذا النوع ولكنه على أي حال لم يكن عاملاايجابيا بل على النقيض من ذلك كنت اعتبره ه مدمرا لانه أخذ يدمر حياتي .
 كنت أظل طوال الليل كالوتد المشدود بقوة وكان رأسي يضج بالايقاعات الصاخبة لعصرنا ولم يكن في وسعي أن ارد عنى اصدءاها الا مع طلوع الفجر ؟
 كان هذا قبل سنوات , أما اليوم فأنعم بنوم هادئ وطويل بفضل بعض الاكتشافات المهمة التي لا يعرف معظم القراء على ما ظن أي شي عنها .
 أنني أنصح لقارئ الكريم الذي ينتابه الارق اللعين احيانا أن ينتفع بتجربتي المتواضعة في هذا المجال وأن يقرأ قبل النوم بعض القصائد ما بعد الحداثة , لانني شخصيا حين أقرأها أشعر باني عدت قرنا كاملا الى الوراء , الى اوئل القرن العشرين , زمن المانيفيستات الأدبية والتيارت الفنية فى العواصم الأوروبية الراعية للأدب و الفن مثل باريس و روما و بطرسبورغ فى ( العصر القيصرى ) ، و أسرح فى عالم جميل مضى دون رجعة زاخر بلوحات فنية سوريالية وتكميبية وتعبيرية وأنطباعية ورمزية ومستقبلية و قصائد هرمية ومستطيلة ومربعة ودائرية تتشكل من كلمات متراصة ورموز وعلامات ترقيم و تنوين و تعجب . نتاجات تهوم معها لأنها انطباعات حسية و انطباعية خفيفة تساعد على الأسترخاء أكثر من الوسائل الأخرى مثل المساج مثلا , بيد أن الوسيلة الاكثر فعالية في التغلب على الارق القراءة التأملية لتلك النماذج من قصص ما بعد الحداثة التى يعشقها الجيل الجديد من كتاب العربية و مقلديهم من الكتاب الكرد لانها خالية تماما من كل ما يثير الذهن أو يبعث على التفكير قصص تتغلغل باشعاعتها الفرويدية الى اعماق اللاوعي والعقل الباطن فيستسلم الانسان في هدوء لاحلام جميلة ويداعب النعاس أجفانه ولا يستيقظ الا مع الفجر , أنها تجربة مفيدة أردت أن أشرك فيها اولئك القراء الذين يعانون من القلق والارق ولا تكلف كثيرا , لأن الدواوين الشعرية والمجاميع القصصية لشعراء وكتاب ما بعد الحداثة تباع على أرصفة الشوارع لدى باعة الكتب المستعملة بأسعار زهيدة لا ترهق الجيوب الخاوية لكتاب ما بعد الحداثة و ما فوق الحداثة ..
 جودت هوشيار
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جودت هوشيار
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/12/21



كتابة تعليق لموضوع : القلق و ما بعده
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net