صـراع الثلث الأخير
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

مرة أخرى وبعد مواسم ليست قليلة حضرت الأندية الجماهيرية الكبيرة وتحديدا أندية القوة الجوية والشرطة والزوراء ضمن المربع الذهبي لدوري الكرة الممتاز، وللمرة الثالثة كما يبدو وبعد زمن ليس بالقصير في مسابقة الدوري ينجح فريق من خارج سرب الأندية الجماهيرية في العاصمة الكبيرة بغداد في أن يكون رقما صعبا في الدوري، بل وكان مؤهلا بقوة لأحراز اللقب في الموسم الماضي، وأحتفاظه بالأمل هذا الأمل في الموسم الحالي وهو فريق نادي النفط الذي قلب طاولة التنافس والصراع منذ قبل موسمين بعروضه ونتائجه المتميزة, وللمرة الأولى منذ مواسم يشهد دوري الكرة الممتاز غروب شمس كرة بعض أندية المحافظات التي كانت تنافس فرق العاصمة، بل وأزاحتها عن طريق الزحف على قمة الدوري كما حدث مع نادي أربيل المنسحب، وتراجع البطل السابق نفط الوسط ومعه الميناء البصري عن مشوار التنافس القوي على المربع الذهبي وإكتفائهما بالتنافس على المراكز التالية هذا الموسم، سيما أن نادي نفط الوسط الذي كان المتسيد على عرش الدوري لموسمين كان قد إستحق هذا الانجاز الكبير والفريد في الوقت ذاته، بغض النظر عن تفسيرات البعض التي تذهب في إتجاه التشكيك في جدارة الفريق أو طريقة إحرازه اللقب سابقا, كما أن مجرد تكراره هو أمر كفيل بدحض تلك الشكوك مثلما أن ما حصل في المواسم القريبة الماضية، وبروز كرة المحافظات كان بمثابة إيذان جديد في إحداث التغيير الدراماتيكي في خارطة الصراع التقليدي أو الراسخ على الأرض قبل أعوام أو مواسم طويلة على المسرح الكروي العراقي، من خلال نافذته الأولى والأهم، مسابقة الدوري الممتاز، خصوصا أن معالم هذا التغيير لم تقف عند حدود الانجاز التاريخي المتفرد لكرة نفط الوسط وقبلها كرة أربيل ودهوك، بل وإندحار وتراجع الأقطاب التقليدية الكبيرة التي كانت حتى الأمس القريب جدا ماركات مسجلة ليست قابلة للتغيير أو الازاحة أو التهديد أو التقويض لسلطاتها الفولاذية في الإمساك بتلابيب القمة الكروية الساخنة، ومن ثم فأن الأندية الكبيرة كانت تمر في محن حقيقية، إن لم تكن في أوج تلك المحنة التي لا أعتقد أن أسبابها ونتائجها كانت مرتبطة بظروف انية، بل وكانت لها مقدمات ومقومات أجبرت كثيرا من المتابعين على التصور أو الأعتقاد بأن هذه المحنة ستكون علة مزمنة يصعب الفكاك منها حتى في مواسم قريبة أو منظورة، ما لم تحدث عوامل تغيير من الطراز الجذري والكفيلة باعادة التوازن الى دورة حياة هذه الاندية الكبيرة من جهة، وتحدث النقلة النوعية التي تضعها في المسار الذي كانت عليه قبل مواسم من جهة ثانية، ونادي الطلبة العريق هو في مقدمة من تصح عليه تلك المواصفات. وعوامل التغيير هذه ليست لها علاقة بالطبع بمسابقة الدوري أونظام المسابقة أو اسلوب المباريات، بل هي عوامل ذاتية داخلية لها مساس مباشر بواقع هذه الأندية الكبيرة التي إضطربت أوضاعها وتغيرت ظروفها وتعرضت الى الكثير من عوامل التشظي والاضمحلال في مسيرتها الرياضية، نتيجة تخبط اداراتها وعجزها عن الابتكار والتطوير الذي يتلاءم ومنطق العصر الاحترافي الصريح الذي فرض نفسه بقوة، ولم يتوقف عند حد معين لا تنفع معه نداءات الولاء والوفاء لقمصان الأندية التي أضحت أسطوانة قديمة، كما صارت عملة بائرة غير صالحة للصرف في بورصة الاحتراف، مع أن بعضا من ادارات أنديتنا عملت ما في المستطاع لكن كل أعمالها ومجهوداتها إصطدمت بجدار صلب ضاعف من محنها وأزماتها الطاحنة التي تحتاج الى ما هو أكبر من مجرد الدعم الرسمي أو المؤسساتي، مثلما هي تحتاج الى بلورة ثقافة رياضية جديدة تضع هذه الأندية على السكة الصحيحة، ولو في الحد الأدنى من شروط الأمان والسلامة في هذه المواسم العجاف في أضعف الايمان, ونتمنى أن تكون عودة الأندية الجماهيرية للتنافس التقليدي على اللقب حافزا مضاعفا لأندية المحافظات من أجل معاودة حضورها القوي في الموسم المقبل, كما لا نتمنى أن تكون وثبة الجوية والشرطة والنفط والزوراء هذا الموسم عودة مؤقتة لصحوة طال انتظارها، مع أن المتبقي من زمن المسابقة في جولات لا تخلو من سخونة، وربما تعقبها تغييرات في المراكز قد تضع اللقب في حسبة خارج التوقعات.
السطر الأخير
**إذا لم تحاول أن تفعل شيئا أبعد مما قد أتقنته.. فأنك لا تتقدم أبداً.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat