أصبع على الجرح ايها الناس العراق في خطر
منهل عبد الأمير المرشدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
منهل عبد الأمير المرشدي

لم يكن الخبر الذي تلقاه العراقيون بنشوب الحريق في مخازن المفوضية (المستقلة) للأنتخابات مجرد خبر أو انه سيمر مرور الكرام بلا تداعيات أو أثر كما انه لم يكن رهن قضاء وقدر, فهو لم يأتي من فراغ بل كان جرما كاملا متكامل بتدبير شامل وفعل فاعل وتتنفيذ من مجرم واع وعاقل . لم يكن الحريق يخلو من المقدمات بعيدا عن التنبؤات أوخارج التوقعات . لقد سبقته أصوات تهديد المهددين ووعيد الواعدين وإنذارات المنذرين وتنسيق المنسقين وتمهيد الممهدين وايحاءات السابقين وتطبيل اللاحقين . حريق مخازن المفوضية كان الرد الأقوى والأعنف والأشرس والأوضح والأجسر والأعسر على قرار تجميد المفوضية واعادة العد والفرز وعلى التشكيك في النتائج والمشككين والطعون والطاعنين والأعتراضات والمعترضين واصوات الرفض والرافضين . لقد كان الحريق حريقا سياسيا بأمتياز ليحرق بنيرانه كل شبهات التزوير والتحوير والتدوير وأثر البعّار وخف البعير . جاء الحريق ليؤكد لنا اننا نعيش مرحلة الخطر وقد غدونا رعية بلا راع وسفينة من غير ربان وسلطنة بلا سلطان وقيادة من غير قائد ورئاسة بلا رئيس وزعامة من غير زعيم ودولة بلا قانون وغابة يعيث بها أرباب المخالب والثعالب والعقارب . دولة تشبه الدولة ولكنها بلا معالم دولة . فبيوت الله الآمنه أمست تفقد الناس الأمان وبدلا من ان ترفع لهم الأذان أمست تنهال عليهم بالصواريخ والموت والدمار . دولة ترسم لأبنائها معالم المجهول كل يوم وتبلغهم بالموت او الرحيل , فوطن النخيل بلا نخيل ولا تمور . وبلاد الرافدين تشكو الجفاف والظمأ وأرض الرسالات وألأنبياء والأولياء أمست مرتعا للرعاع وسطوة الأشقياء . دولة كثر بها القادة وما اكثرهم من دون ان نرى فيهم قائدا يستحق ولو ان يقود قطيع من الماعز . وتكاثر بها الفرسان من غير ان نرى فارسا يمتطي ولو بغلة عرجاء . وانتشر بين صفوفنا كما تنتشر النار في الهشيم اعداد والوان واحجام من الزعماء والزعامات والرؤساء والرئاسات والقادة والقيادات من دون ان نرى ملامح زعيم او كارزما رئيس او حزم قائد . دولة يغيب الرعاة فيها عن الرعية فرئيس الدولة معصوم معصوما من الصحوة والموقف وقول الحق ورئيس الحكومة مبتسم على طول الخط أريحي متفائل متنازل متساهل حتى اشعار آخر , ورئيس البرلمان مشغولا بالتنسيق والتدقيق وربط الفيشة وادامة التواصل مع الشيخة موزه . المشكلة والأشكل من المشكلة ذاتها ان الضحية الأولى والأخيرة في كل ما جرى ويجري وسوف يجري هو هذا الشعب المسكين المستكين المنهوب والمسلوب والمظلوم والمضيوم المبتلى بأرباب السيادة وادعياء الريادة وزعماء ما فوق العادة . ان ما يزيد الطين بلّة والجرح نزفا وعلّه هو اننا لم نزل نصفق مع المصفقين ونرقص مع الراقصين ونضحك مع الضاحكين ونبكي مع الباكين ونلطم مع اللاطمين من دون ان نعرف لمن نصفق ولماذا نرقص ولماذا نضحك او نبكي وعلى من نلطم وكما يقول المثل (على حس الطبل خفّن يا رجليه ) وعلي وياك علي . نقولها حتى لمعاوية ونصفق ليزيد ونهتف له لبيك يا حسين . ايها الناس تداركوا احوالكم واحزموا امركم واستعيدوا رشدكم والعنوا اصنامكم وعودوا لله ربكم ولا تشركوا به رئيسا او قائدا او زعيما او أمير , فالعراق في خطر وحلم الحرية في خطر وكل شيء في خطر وحريق مخازن المفوضية يراد له ان يكون شرارة تحرق البلاد والعباد فحذار ثم حذار وهلموا للعقل والتعقل والوحدة وآخر ما اقول لوطننا الحبيب واهلنا الطيبين في عراق الحضارة والكبرياء . سلام قولا من رب رحيم .. سلام قولا من رب رحيم . سلام قولا من رب رحيم .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat