الامام علي ( عليه السلام ) دعى لعبادة الواحد الاحد كأن الموت لن يقع الا غدا
د . ماجد اسد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . ماجد اسد

كم تبدو حياتنا اليوم _ في الاقاليم الاسلامية و العربية _ تماثل الايام التي انار بها امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام وحشتها : لا من حيث تنوع الازمات و الخطوب و المازق و اكتظاظها بأشكال التعسف و الغبن و الفساد فحسب بل بالعثور على من يضع حدا لها و العبور حيث تكون ( العدالة ) بابا لاستبدال العسر باليسر و الغلو بالمرونة و التعصب بالسماحة و الظلمات بالنور
و رغم اتساع المسافة بين الامس في صدر الاسلام و عصرنا الصاخب الزاخر بالتحديات الا انها مسافة سرعان ما تأخذ موقعها ليس في ماضيها و ليس في ايامنا الحاضرة فحسب بل كي تفتتح الدروب التي ما زالت تبدو عصية على الفتح
فالمدينة و لا نقول الدولة التي اراد امير المؤمنين بناءها هي مدينة العدل و هي المدينة التي منها المدنية و التحضر و ازدهار العلم التي نذر امير المؤمنين حياته و مصيره لها كي تبقى ابدا معيارا وحدا فاصلا بين : الجور و العدل و بين الجهل و العلم و بين الارتداد و التقدم
فالمدينة في نسقها شمولية بحسب الرسالة الاسلامية المحمدية لانها تتوجه الى الامم و الشعوب و الافراد و ليس ان تنحسر في اقليم او في دولة او في شخص .. و مآثر الامام وحدها تمتلك حكمة التقدم في الفتوحات حتى لو اشتدت ظلمات الطرق و زخرت بالمفاسد و المظالم و القيود
و من هنا يتم استرجاع دروس الامس كي نستحضرها و نراجعها و نعيد قراءتها لانها تخص الايمان ذاته الذي كان امير المؤمنين قدوة له و نبراسا و علامة ..
فما احوجنا اليوم لهذه الدروس و لهذه البلاغة و لهذه المعرفة ليس للمقارنة حسب بل للمضي اشداء و اكثر عزما كي تاخذ مدينة العدل و العلم و الرحمة موقعها في تاريخ الانسان فوق هذه الارض
و اليوم ، في عالمنا المزدحم بالصخب .. و الفوضى .. و الفاسدين .. و الضالين .. و الجائرين .. و اللصوص .. و المنافقين .. و المقنعين بأقنعة الدنيا الفانية ، ما اشد الناس حاجة الان للعمل بالنهج ذاته الذي جعله الامام علي عليه السلام قدوة للمؤمنين ، فمنح الحياة لمن يريدها كأنها لا تزول ، و دعى لعبادة الواحد الاحد كأن الموت لن يقع الا غدا .
فكم هي البلاغة عاجزة عن استيعاب هذا الدرس و هذا السفر و هذا التاريخ وهذا الجسر بين فناء الفانيات و بمن قصد جنان الخلد
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat