صفحة الكاتب : محمد الهجابي

جئتُ منْ بعيد
محمد الهجابي

وأنا جئتُ منْ ثغرِ النهاية إلى ثغرِ البداية،
وجئتُ أنطّ على قدمٍ واحدةٍ
إمعاناً في التّكفير،
واقتصاداً في الكلامْ.
وكنتُ جئتُ على قدميْن،
في وقتٍ فائتٍ،
يومَ كنتُ كالخاشفِ سادراً في منامْ.
وفي منامي ذاكَ،
رأيتُني أجوبُ المداشرَ بالهتاف الأمينْ،
ورأيتُني أتلو مزاميري كالحاوي
عند مدخل هيكل الروح،
وأرفعُ بيرقَ الأرومة،
لعلّي كنتُ مفتوناً ب «كتاب» اليقينْ!
أنفجُ طرائدي منْ وُجُرها،
بعظاتٍ منْ سحْرِ لساني،
حتّى إذا هبّت منْ حولي،
استقامَ بياني،
وطابَ لي أنْ أثبجَ بعصاي،
فأرعى مُفْرداتي، وهي قُدامي كسفْدِ اللقاحْ،
يغايي ثغاؤُها عليّ،
ويطربُ جماعَ كياني.
وأنا الآن، وقد جئتُ،
بعدَ غفوةٍ طويلةٍ،
واستويْتُ فوقَ لوح "الرّكْمجَة"،
أنتظرُ الموجةَ الهادرة،
كيْ أصيبَ منها بعضَ رياحْ،
تحملُ عنّي جسداً قُدّ منْ صدإٍ،
ومنْ وجعٍ صائلٍ
به اغتربتُ عنْ نفْسي التي هيَ نفْسي،
لوقتٍ وطيدْ،
أنا المنزوعُ منْ بيْن قطبيْ رحى،
السالكُ عبرَ دروبٍ دغلاءَ تقلّمُ الجناحيْن،
المعمّدُ بتعازيمِ الأوّلين.
أمخرُ العُباب،
وبي شوقٌ إلى بلوغ رملِ الشطّ
فوق اللّوح العتيدْ،
وأنا الذي جئتُ يوماً منْ ثغرِ البداية،
أرومُ ثغرَ النّهاية،
في عقبِ الماهدين،
أجوزُ اليمّ العاصف،
وأجوازَ الفيْف المديدْ،
ثمّ أقطعُ اللّيل الظليم،
إذ تُوسّع لخطوي مساقطُ أضواءِ أنْجامٍ،
فيما أنا أنادمُ السرّ المحجوب،
حتّى إذا بلغتُ بستانَ الخالدين،
أحطتُ بسوره العالي،
ثمّ دخلتُه منْ ثلمٍ في الجدار،
هناكَ عندَ مجرى الماء،
ما بيْن الماقبل والمابعد،
كيما أجرّب حظّي،
لربّما أظفرُ بالشّجرة المشتهاة،
فأقطف ما طابَ لي منْ إيديولوجيا،
أو بصفحةٍ جديدةٍ منْ كتابِ «البيان»،
وقد تدلّت منْ غصنٍ في المُتناولْ،
أو بالقلَم الأرْجواني،
أخطّ به بعضَ الصوَرْ،
لمشاهير الزّمن الجميل،
أو لعلّي أبحثُ عنْ هَوْر يشلحُ جلدي،
ويرمي بي، إلى الجانبِ، طاهراً منْ أدراني؛
كما كنتُ ذاتَ عُمرٍ،
قبلَ أن يفترسَني ملاكي المبجّلُ نيّئاً،
ولمّا يشتدّ عظْمي بعدُ.
وأنا جئْتُ منْ بعيدْ،
محمولاً فوقَ رفيفِ الدواخلْ،
ألتمّ على ما تبقّى لي منْ وميضٍ،
لعلّي أستبْقيه طويلاً،
حتّى إذا ما عُدتُ من جديدْ
إلى بستانِ الأزلْ،
على القدميْن الاثنيتْن معاً،
ضمّنتهُ السرّ المصون،
وأبعدتُه عنْ عيونِ العسَس،
ونواصي هواةِ السعاية؛
فكانَ لي زاداً،
وكانَت لي منْه أقباسٌ لمنْ بات لي منْه زلفى.
وها أنا جئتُ منْ ثغرِ الختْمِ،
مستجيراً بثغرِ الاستهلالِ،
أقدّمُ نوافلي،
وأبذلُ النفيسَ منَ النذرْ،
لعلّي أجترح منَ الصّفح
ما يستغرقُني في لجّة الحلمِ
لوقتٍ أكبرْ.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد الهجابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/12/09



كتابة تعليق لموضوع : جئتُ منْ بعيد
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net