هل التراث المهدوي الشيعي مفقود؟
مجتبى الساده
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مجتبى الساده

سؤال كبير ومهم يتبادر إلى ذهننا بإلحاح شديد ، لعل وعسى ان نستطيع الاجابة عليه بصورة شافية وافية: هل التراث المهدوي الشيعي مفقود؟ .. وبعد أن نعرف الإجابة نطرح سؤال آخر: ما هو المطلوب منا لإنقاذه؟ ونترك الإجابة لكم.
في معرض الإجابة على السؤال الأول نقول:
• التراث المهدوي الشيعي لايزال مفقوداً: بحكم الواقع الإحصائي ، وذلك لأن إحصاء ما نشر من هذا التراث المرتبط بالشأن المهدوي ، ومقارنته بما لم يزل مخطوطاً أو بما ضاع مع الزمن ، يدل على أن نسبة التراث المتوفر بين أيدينا من تراث الرسول (ص) وتراث أهل البيت (ع) وتراث الناحية المقدسة أو تراث علماء الشيعة لا يزيد على عشرة بالمئة من مجموع التراث الحقيقي أو أقل من ذلك.
• التراث المهدوي الشيعي لايزال مفقوداً: بحكم تداعيات الكتمان والأوضاع الأمنية ، فقد مرَّ الشيعة في ظروف وواقع حياة أمنية متأزمة عقب إستشهاد الإمام العسكري وفترة الغيبة الصغرى ، فكانت القاعدة الأساس عدم نشر تواقيع الناحية المقدسة ، واقتضى الأمر بعض الأحيان تمزيقها من قبل أصحابها ، مما خسر البشرية رسائل مهمة لإمام الزمان ، الذي لم يصل لنا منها إلا أقل من (0.25 %) ربع بالمئة(1).
• التراث المهدوي الشيعي لايزال مفقوداً: بحكم محاربة الأعداء له ، وذلك لأن هذا التراث ظل ممتداً في الزمان والمكان ردحاً طويلاً من الوقت ، فمرَّ بمنحنيات كثيرة ولم يعرف ثبات الأحوال ، حيث جاءت حكومات التعصب الطائفي (مثل السلاجقة) وحملات الإستعمار الأجنبي (مثل المغول) ، فكان ما كان فأحرقت الكثير من كتب العلم والفكر للطائفة الشيعية وضاع الكثير من التراث المهدوي.
• التراث المهدوي الشيعي لايزال مفقوداً: بحكم عدم اكتشافه والاطلاع عليه ، فهذا التراث يعتبر من اثمن الكنوز العلمية في التاريخ الإنساني وذلك لدوره المتوقع في مستقبل البشرية ، لكننا لم نستكشفه او نستفيد منه ، فنحن الذين ننتسب لهذا التراث لا ندرك قيمته العلمية ، وهو غير مستكشف بالكامل لدينا أو بكامل محتوياته ومضامينه ، كما أنه مغيب وغير معروف لعموم المؤمنين.
• التراث المهدوي الشيعي لايزال مفقوداً: بحكم منطق الإلغاء والتغييب للعقيدة المهدوية ومحاولة تحريف مفاهيمها، فنرى انحياز بعض السلطات الحاكمة لمذهبها وإلغاء أو محاربة تراث الفرق الإسلامية الأخرى ، ويصل منطق الإلغاء والتغييب بسبب النظرة الأحادية الضيقة إلى حد منع كتب المذاهب الأخرى ، وعدم الاعتراف بثراء التراث المهدوي.
• التراث المهدوي الشيعي لايزال مفقوداً: بحكم عدم الوعي به وإدراك أهميته ، وذلك لأننا حين ننظر في المصنفات المهدوية الحديثة (الكتابات الجديدة) ، لا نجد في مراجع هؤلاء الكتاب مخطوطة واحدة اعتمدوا عليها أو بحثوا عنها في خزائن العلم ، بمعنى أنهم اعتمدوا على المنشور المعلوم ، بينما هذا المعلوم لا يمثل إلا أقل القليل من جملة التراث المهدوي الحقيقي.
• التراث المهدوي الشيعي لايزال مفقوداً: بحكم انعدام الخطة المنهجية للاهتمام به ، من ناحية التنقيب عن الضائع منه ، وكذلك طبع ونشر المخطوط منه ، بالإضافة لإرسال البعثات العلمية للحصول على النسخ الخطية الحبيسة في خزائن المخطوطات ببلدان الشرق والغرب ، ثم تحقيقها ونشرها.
وعلى هذا النحو صار التراث المهدوي الشيعي مفقوداً ومجهولاً وضائعاً ، ولذلك جاءت هذه المقالة لتصرخ بصوت عالٍ تطالب بانتشال الثروات المهدوية العلمية المدفونة في زوايا المكتبات ، أو التراث الضخم الذي تراكم الغبار عليه ، مما يجعل إخراجه إلى عالم النور وبسرعة قصوى أمراً ضرورياً وملحاً قبل أن يتلف مع الزمن .. فالواجب علينا أن نطل على المخطوطات القريبة منا وأن نتعرف على الكثير من ذخائر التراث المهدوي المنزوي في الخزانات الخطية .. ومن جهة اخرى نصب اهتمامنا في البحث عن التراث المهدوي الإسلامي المسروق في مكتبات الشرق والغرب ، فما زال هذا الكنز بعيداً عن دائرة الضوء ، وعلينا أن نقبل على البحث عنه واكتشافه ونشره ، فنزيد نسبة المعروف من هذا التراث ونقلل المفقود والمجهول منه.
ينبغي الحفاظ على التراث المهدوي الشيعي وانقاذه من الضياع والإندثار ، ولابد أن يستوعب المؤمنون هذه المعادلة: إن حماية التراث الفكري والحفاظ عليه هي حماية للهوية الذاتية والحفاظ عليها ، فتراث الأمم ركيزة أساسية من ركائز الهوية الثقافية.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat