صـرخة الشيخ..
خالد جاسم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

أستذكرت لمناسبة الذكرى التاسعة لرحيل شيخ المدربين عمو بابا (توفي يوم 27 أيار 2007) مناشدات الراحل قبل وفاته رحمه الله برغم حضور الطابع الشخصي عليها وانعكاسا طبيعيا لمعاناته الخاصة في رحلة الألم والمعاناة الطويلة، تهدف الى لفت أنظار الحكومة والدولة الى الباذلين والمضحين من أجل العراق. كانت صرخات مدوية برغم ضعف إرتدادها في الصدى، لأنها تلامس جدران صماء الضمائر ومتحجرة القلوب مع أنها تنطق بألسنة العشرات بل والمئات من الرواد والأبطال الذين حفرت أسماؤهم بمداد الذهب في سجل الرياضة العراقية، وراح بعضهم وغادر الدنيا بصمت وهدوء من دون أن تتمكن عائلته من توفير ثمن - الكفن - قبل مواراة التراب. كانت مناشدات ومطالبات عمو بابا ليست مطالب شخصية في دنيا زائلة عاشها الشيخ زاهدا وحيدا بعيدا عن أهله الذين توزعوا بين المنافي وديار الغربة مرغمين، بل هي صوت مدو يطالب بإنصاف رجال من عمره وأقل، بعضهم زامله لاعبا والبعض الاخر عاش معه مدربا وأخرون تتلمذوا تحت يديه، وكلهم يعانون شظف العيش تحت خط الفقر ومداهمة الأمراض وقبلها العيش في الأحباط واليأس والألم، لأن لا أحد في هذا البلد قد منحهم متطلبات الحد الأدنى من الأهتمام، ولا نقول ما يوازي غيضا من فيض العطاء والتضحية التي قدموها على قربان العراق. فبالأمس رحل حامد فوزي وعبد كاظم وجمولي وستار خلف وبشار رشيد وناطق هاشم وعباس حمادي وعلي كاظم وعشرات غيرهم في رياضات أخرى، كما تنتظر قافلة الرحيل عشرات أخرى تعاني ما تعاني ولا أحد ملتفت الى أصحابها، برغم ما تقدمه هذه الجهة أو تلك من مساعدات بين أشهر وأخرى بشكل منح لا تكفي لتسديد مبلغ - وصفة - طبيب أو دفعة بدل إيجار السكن أو أشباع الأفواه الجائعة. كانت صرخات عمو بابا بصراحتها وسجيتها المتاتية من صفاء نياته وحسن سريرته وتعبيراته عما يجيش في القلب على طرف اللسان، هي رسائل تنطق بالضمير والقلب، موجهة الى الجميع من أصحاب القرار والسلطات على أختلافها، لأنقاذ ما يمكن أنقاذه في رياضة مدمرة وكرة قدم خربة وأجيال من المبدعين والباذلين الذين دفعوا باهظا أثمان حبهم وولائهم وتضحياتهم لبلد عجنت حضارته الموغلة في القدم بدماء ودموع وعطاء المبدعين، لكنها أجيال تسحق يوميا بالأهمال وعدم التقدير. كان عمو بابا يريد لفت الأنظار ليس الى مرضه ومعاناته وحده، بل الى أمراض ومعاناة الرياضة العراقية كلها. كان يريد إبلاغ الرسالة لمن عليهم قراءة رسائل الضمير أن لا مستقبل لهذه الرياضة طالما أن أبناء الجيل الحالي يرون عمو بابا ومن هم من جيله وما تبعته من أجيال في رياضتنا هم على قارعة طريق البؤس والشقاء، فأي مستقبل يستحق أن يضحي من أجله رياضيو اليوم؟.
أسترح أيها الشيخ في مثواك الأخير، وتمنياتي أن يستيقظ ما تبقى من ضمير، ويلتفت أصحابه الى من تبقى من رموزنا الرياضية الخالدة.

السطر الأخير

** لا شيء يعادل النية الطيبة، أفعل ما تشاء وأتركهم يفهمونك كيفما يشاؤون.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


خالد جاسم

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/05/30



كتابة تعليق لموضوع : صـرخة الشيخ..
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net