ثمة قوائم أربع لحصان من الخشب.. تتوسد عليها عارضة معدنية، سرج مائل.. البداية من أعلى القائمين وصولاً إلى القائمين الآخرين.. لكن بمستوى أوطأ شكل زاوية للميل.. خيول من خشب تعد للسباق… يرتب صانع الألعاب خيوله.. الخيول تحمل أرقامها.. يعلن صاحب الخيول عن السباق.. يتراكض الصغار.. تلتمع بفعل الشمس دراهمهم.. الفرح يغمر جباههم. أحصنة شتى. الحصان رقم عشرة.. والحصان رقم ثلاثة والحصان رقم.. و.. و.. و..
رهط من الصغار يتحلقون حول صانع الألعاب… أشعل الرجل لفافته.. راح يتبعها دخان كثيف.. يهتز شاربه على وجنتيه المتمردتين.. تحركت طاقية متهرئة فوق رأسه.. ربت عليها بيده.. ثم راح يعلن عن لعبته من جديد.
- سابق معي (الخيول).. إربح معي (الجائزة).
مدينة الملاهي تغرق في الزحام.. يكتظ الناس في عالم صغير متحرك.. يختنق الهواء.. الأطفال يتزاحمون.. تتعارك الأيدي.. كان ثمة دافع للفرح.
الخيول تتحرك.. ظن الصغار أنها تجري، بينما راح صاحب الألعاب يحرك خيوله بفعل طرقاته التي يحدثها أسفل اللوح.. تستجيب الخيول لحركة الطرق فتنزلق نحو النهاية وكأن انزلاقها صار عدواً.. تنزاح الخيول.. تتلاحق.
ينسل صانع الألعاب لواذاً.. يضيع في الزحام الكبير.. صفير الأفواه.. الجلبة تأخذ المكان، وثمة عرس لسباق مثير.. يلتقط الناس أنفاسهم.. أعلام ملونة ومزركشة تراقصها الريح.. وثمة اليافطات تعلن عن السابق.
كان المضمار واسعاً تغطيه رمال حمراء، العوارض الخشبية تحيط المضمار من كل اتجاه، بينما راح صوت مذيع يعلن أسماء المتسابقين وأرقام خيولهم..
يلوح المضمار لناظريه.. بينما اتخذ المتسابقون أماكنهم كل حسب الخانة التي خصصت له..الأرقام تتجسد على أجساد الخيول.. صفق الجمهور منبهراً بجمال قيافة الفرسان حيث القبعات الأنيقة والأحذية اللامعة والسراويل بيضاء فضفاضة تعلوها بزات سود ذات أزرار مذهبة.
الصخب الهائل يلف المكان.. والصفير لا يكاد يهدأ يثيره الحاضرون.. تشرأب الأعناق.. كان هناك حضور ضخم وطموح كبير..
هرع الرجل صانع الألعاب إلى كابينة مجاورة.. لاح وجه البائع البدين.. مد يده الى بطاقة المراهنات.. قال:
- أراهن على الرقم عشرة، الحصان الأحمر.
قال البائع:
- هات نقودك.
صانع الألعاب
- هاك النقود!
طوى صانع الألعاب بطاقة الرهان ثم دحسها في جيبه، بينما راح يتفقد مقعداً شاغراً على المدرج الذي يغص بالمشاهدين.
يؤذن للسباق، يشهر القائم على السباق مسدسه الطويل.. لمضت شعلة ضوء راح يتبعها صوت إطلاقة في الهواء.. تنطلق الخيول.. تنغلق على خاناتها.. تتراجع سيارة الخانات إلى الوراء أثارت الخيول النقع تنطلق كالسهام تسابق الريح تترى دوائر السباق.. يجهد الفرسان خيولهم وصولاً الى نهاية السباق.. الناس في غيبوبة الفرح والترقب. كل قد راهن على حصان.. الأنفس تتضائق وحشرجات الخوف من ا لأشياء تكبر.. يتابع المذيع حركة الخيول، ثمةأحصنة ثلاثة تتقدم الخيول، تتلاحق خيول أخرى، يسقط جواد ويكبو آخر وثالث يتعثر على قارعة السباق، الناس يرقبون المشهد المثير ينفلت حصان سريع عن أقرب منافسيه بينما راح حصانان أبيضان يتراجعان، الحصان الأحمر صاحب الرقم عشرة ينطلق كالسهم الممشوق نحو النهاية فائزاً تحت تأثير تصفيق الجمهور، يعلن الحصان الفائز..
دوى صراخ ممزوج بالفرح.. كان صانع الألعاب ينتفض كالعصفور، صاح صانع الألعاب فرحاً ومعلقاً.. مرحى فاز الحصان، يصرخ مشمراً ساعديه ليعلن فوزه، تمر يداه بغيبوبة الفرح.. وبحركة لا شعورية على اللوح المائل.. حين لازال الصغار يتسابقون.. يضرب بيديه الأحصنة الخشبية.. تطير الأحصنة في الهواء.. صرخ الأطفال لقد خسرنا الرهان.. طارت الخيول.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat