صفحة الكاتب : ا . د . ناصر الاسدي

ثمة قوائم أربع لحصان من الخشب.. تتوسد عليها عارضة معدنية، سرج مائل.. البداية من أعلى القائمين وصولاً إلى القائمين الآخرين.. لكن بمستوى أوطأ شكل زاوية للميل.. خيول من خشب تعد للسباق… يرتب صانع الألعاب خيوله.. الخيول تحمل أرقامها.. يعلن صاحب الخيول عن السباق.. يتراكض الصغار.. تلتمع بفعل الشمس دراهمهم.. الفرح يغمر جباههم. أحصنة شتى. الحصان رقم عشرة.. والحصان رقم ثلاثة والحصان رقم.. و.. و.. و..
 
رهط من الصغار يتحلقون حول صانع الألعاب… أشعل الرجل لفافته.. راح يتبعها دخان كثيف.. يهتز شاربه على وجنتيه المتمردتين.. تحركت طاقية متهرئة فوق رأسه.. ربت عليها بيده.. ثم راح يعلن عن لعبته من جديد.
- سابق معي (الخيول).. إربح معي (الجائزة).
 
مدينة الملاهي تغرق في الزحام.. يكتظ الناس في عالم صغير متحرك.. يختنق الهواء.. الأطفال يتزاحمون.. تتعارك الأيدي.. كان ثمة دافع للفرح.
الخيول تتحرك.. ظن الصغار أنها تجري، بينما راح صاحب الألعاب يحرك خيوله بفعل طرقاته التي يحدثها أسفل اللوح.. تستجيب الخيول لحركة الطرق فتنزلق نحو النهاية وكأن انزلاقها صار عدواً.. تنزاح الخيول.. تتلاحق.
ينسل صانع الألعاب لواذاً.. يضيع في الزحام الكبير.. صفير الأفواه.. الجلبة تأخذ المكان، وثمة عرس لسباق مثير.. يلتقط الناس أنفاسهم.. أعلام ملونة ومزركشة تراقصها الريح.. وثمة اليافطات تعلن عن السابق.
 
كان المضمار واسعاً تغطيه رمال حمراء، العوارض الخشبية تحيط المضمار من كل اتجاه، بينما راح صوت مذيع يعلن أسماء المتسابقين وأرقام خيولهم..
 
يلوح المضمار لناظريه.. بينما اتخذ المتسابقون أماكنهم كل حسب الخانة التي خصصت له..الأرقام تتجسد على أجساد الخيول.. صفق الجمهور منبهراً بجمال قيافة الفرسان حيث القبعات الأنيقة والأحذية اللامعة والسراويل بيضاء فضفاضة تعلوها بزات سود ذات أزرار مذهبة.
 
الصخب الهائل يلف المكان.. والصفير لا يكاد يهدأ يثيره الحاضرون.. تشرأب الأعناق.. كان هناك حضور ضخم وطموح كبير..
 
هرع الرجل صانع الألعاب إلى كابينة مجاورة.. لاح وجه البائع البدين.. مد يده الى بطاقة المراهنات.. قال:
- أراهن على الرقم عشرة، الحصان الأحمر.
قال البائع:
- هات نقودك.
صانع  الألعاب
- هاك النقود!
 
طوى صانع الألعاب بطاقة الرهان ثم دحسها في جيبه، بينما راح يتفقد مقعداً شاغراً على المدرج الذي يغص بالمشاهدين.
 
يؤذن للسباق، يشهر القائم على السباق مسدسه الطويل.. لمضت شعلة ضوء راح يتبعها صوت إطلاقة في الهواء.. تنطلق الخيول.. تنغلق على خاناتها.. تتراجع سيارة الخانات إلى الوراء أثارت الخيول النقع تنطلق كالسهام تسابق الريح تترى دوائر السباق.. يجهد الفرسان خيولهم وصولاً الى نهاية السباق.. الناس في غيبوبة الفرح والترقب. كل قد راهن على حصان.. الأنفس تتضائق وحشرجات الخوف من ا لأشياء تكبر.. يتابع المذيع حركة الخيول، ثمةأحصنة ثلاثة تتقدم الخيول، تتلاحق خيول أخرى، يسقط جواد ويكبو آخر وثالث يتعثر على قارعة السباق، الناس يرقبون المشهد المثير ينفلت حصان سريع عن أقرب منافسيه بينما راح حصانان أبيضان يتراجعان، الحصان الأحمر صاحب الرقم عشرة ينطلق كالسهم الممشوق نحو النهاية فائزاً تحت تأثير تصفيق الجمهور، يعلن الحصان الفائز..
 
دوى صراخ ممزوج بالفرح.. كان صانع الألعاب ينتفض كالعصفور، صاح صانع الألعاب فرحاً ومعلقاً.. مرحى فاز الحصان، يصرخ مشمراً ساعديه ليعلن فوزه، تمر يداه بغيبوبة الفرح.. وبحركة لا شعورية على اللوح المائل.. حين لازال الصغار يتسابقون.. يضرب بيديه الأحصنة الخشبية.. تطير الأحصنة في الهواء.. صرخ الأطفال لقد خسرنا الرهان.. طارت الخيول.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ا . د . ناصر الاسدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/12/02



كتابة تعليق لموضوع : خيول خشبية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net