صفحة الكاتب : ابو تراب مولاي

ردود الكاتب "أبو تراب مولاي" على شبهات الحيدري وآراءه المخالفة لثوابت المذهب
ابو تراب مولاي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

١ . جواز محاسبة المعصوم
٢ . اجتهاده في مقابل النص في الشعائر الحسينية 
٣ . جواز التعبد بجميع المذاهب والأديان 
٤ . إنكار مشروعية خمس الأرباح
٥ . استهدافه للنجف الأشرف
٦ . إنكاره للعذاب الشديد
٧ . استناده لحجية القطع في فتواه بجواز التعبد بجميع الطرق 
٨ . دعواه بأن التراث الشيعي من اليهود والنصارى 
٩ . دعواه بأن علماء الشيعة لم يهتموا في تنقية التراث
١٠ . المدار في الاجتهاد والأعلمية
١١ . رد مقولته بأن استظهار كل زمان حجة

بين_التشيّع_الجعفري_والتشيّع_الحيدري مسافاتٌ شاسعة !!!!

 لم نستغرب من فيالق المشكّكين بعقيدة أهل البيت (ع) أنهم لم يدعوا أصلاً ولا فرعاً إلا ضربوه بمعاول جهالاتهم !

ولكننا استغربنا هذه المرّة أن تجرّأ أحدُهم على أمرٍ واضحٍ في معناه ، بيّنٍ في مغزاه ، قرآنيّ التشريع ، تواتريّ الحُجّة ! ألا وهو :
#لزوم_التسليم_للمعصوم وعدم جواز الجدال معه والرد عليه ومحاسبته ، فإن الجدال والرد والمحاسبة تنافي التسليمَ الواجب .

#معنى_التسليم_للمعصوم
إن معنى التسليم واضح بيّن ، وهو الأخذ  بقول المعصوم أو فعله أو تقريره باعتباره #حجة_إلهية_تامّة ، من دون ردٍ ومماطلة  ، وينافي هذا المعنى قطعاً الشك والجدال والاستفهام الإنكاري و #المحاسبة .

#قرآنية_التسليم
إن التسليمَ للمعصوم وعدم جواز الرد عليه ومجادلته من القضايا الثابتة قرآنياً حيث قال تعالى في كتابه العزيز : (فلا وربِّك لا يؤمنون حتى يُحكّموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلّموا تسليما ) النساء ٦٨ . 
فإن الآية المباركة قاضية بأن من يجدُ في نفسه حرجاً من حكم المعصوم ليس بمؤمن ، فكيف بمن يجادل ويحاسب ويشك ؟؟؟!!!!! حيث ذكرت :( ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً ) .

#التسليم_في_نصوص_أهل_البيت (ع)
لا يمكننا في هذا المقال المقتضب أن نذكر ما جاء عنهم (ع) في لزوم التسليم للمعصوم ، إذ أن النصوص في ذلك كثيرة جداً بلغت حداً أكثر من أن يُحصى !!!
ولا ينقضي عجبي من أعمى البصيرة الذي لم يرَ تلك النصوص وما فيها من معاني يخالف كلٌ منها كلَّ ما أتى به من معاني !!!!
إلا أنّي سأقتصر على نصٍ ورد في أصول الكافي ج١ ص ٣٩٠ ط دار الكتب الإسلامية ، بسنده إلى أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (ع) أنه قال : كُلِّف الناس ثلاثة : معرفة الأئمة ، والتسليم لهم فيما ورد إليهم ، والردّ إليهم فيما اختلفوا فيه .
ونصٍ آخر ورد في كتاب المحاسن لأبي جعفر البرقي ج١ ص ٤٢٢ الحديث ٩٦٧ بسنده إلى أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله - يقصد الصادق ع - عليه السلام عن قول الله عز وجلّ ( إن الله وملئكتَه يصلّون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) قال : الصلاة عليه ، والتسليم له في كل شيء جاء به .

 #هل_التساؤل_ينافي_التسليم_الواجب ؟
قد يُقال : إن مجرد التساؤل والمحاسبة لا ينافيان التسليم !!!
فإن الجواب : إن منافاتهما للتسليم واضحةٌ بيّنة .. ومع ذلك سنورد لكم ما ورد في الكافي بسنده عن الإمام جعفر بن محمد الصادق ع في نفس الباب للرواية السابقة عن الكتاب نفسه : قال أبو عبد الله (ع) : لو أنّ قوماً عبدوا الله وحدَه لا شريك له وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وحجوا البيت وصاموا شهر رمضان ثم قالوا لشيء صنعه اللهُ أو صنعه رسولُ الله (ص) : ألا صنع خلاف الذي صنع ، أو وجدوا ذلك في قلوبهم لكانوا بذلك #مشركين ، ثم تلا هذه الآية《 فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلّموا تسليما 》ثم قال أبو عبد الله (ع) : عليكم بالتسليم .

#فلو_قيل :
بأن المعصوم (ع) نفسه يقول في الخطبة ٢١٦ من نهج البلاغة خطبها بصفين : 
( أمّا بعد فقد جعل الله سبحانه لي عليكم حقا بولاية أمركم ولكم عليّ من الحق مثل الذي لي عليكم ) فهو يقر على نفسه بأن للرعية حقاً عليه .

#الجواب :
أولا :
إن الامام علي (ع) كان يتحدّث في هذه الخطبة مع معسكر صفّين ، و معسكر صفين كان خليطاً من أناسٍ يعرفون الإمام (ع) بالعصمة كعمار بن ياسر ، ومن أناسٍ يجهلونه وآخرين لا يرون له وجوب التسليم والطاعة كالأشعث بن قيس وغيره ، بدليل أنهم خالفوه وأجبروه على الرضوخ للتحكيم - والتحكيم هو اجتهاد في قبال رأي المعصوم ومخالف للتسليم الواجب - ثم من بعد ذلك خرجوا عليه وكفّروه وقاتلوه !!!
فكان (ع) في مثل هذه البيئة لا يمكنه أن  يتحدّث بما له من حقوق كإمام معصوم ! مفترض الطاعة والتسليم على العباد ، لما ذكرنا من أن في المعسكر من لا يستهان بهم كماً ونوعاً وهم لا يرون فيه الإمام المعصوم بل يرونه كمن سبقه من الخلفاء !!
فلا بدّ أن يخاطبهم بما هو والٍ عليهم كباقي الولاة ، أما لو تحدّث في جمعٍ من الشيعة الذين يعرفونه بالعصمة ووجوب الطاعة لكان كلامه ككلام حفيده الإمام الصادق (ع) الذي ذكرناه قبل قليل .

ثانيا :
لو لم يُعجبك ما ذكرناه أولاً فنقول :
نعم إن لكلا الطرفين حقاً فرضة الله تعالى ، فحق الإمام على الأمّة الطاعة والتسليم له ، وحق الرعيّة على الإمام أن يقسم بالسوية ويقيم العدل فيهم .
وليس من حق الرعية #المؤمنة الاعتراض والجدال والرد والمحاسبة وغير ذلك لأن هذه الأمور تتنافى مع التسليم أولاً ، ومع عقيدة العصمة ثانياً .
فقد قال أبو حمزة الثمالي سألت أبا جعفر (ع) ماحق الإمام على الناس ؟ قال : حقه عليهم أن يسمعوا له ويطيعوا ، قلت فما حقهم عليهم ؟ قال : يقسم بينهم بالسوية ويعدل في الرعية ... الكافي ج١ ص٤٠٥


فكرة_حق_المحاسبة_من_أين؟

واضح جداً إن فكرة حق الرعية بمحاسبة المعصوم (ع) هي نتيجة التأثّر بمبادئ وأطروحات الليبرالية التي ليس فيها شيء خارج عن مساحة النقد والمحاسبة ، حيث لا وجود لشيءٍ اسمه معصوم ،  فالكل يخطئ ويصيب ولو كان علي بن ابي طالب !!! 
وحينها فبإمكان المحكوم أن يحاسب الحاكم و #يستجوبه وفق مبدأ احتمالية الخطأ والصواب والخيانة .

#ماهي_نتيجة_عدم_التسليم_والقول_بحق_المحاسبة ؟
النتيجة واضحة !!!
وهي المصير بما صار عليه الخوارج !
١ . الخروج عن النهج القويم ، إذ لعل الجواب على محاسبتهم لا يروق لهم فيخرجون !!
٢ - قد يتطور الأمر فيعتقدون بكفر المعصوم - أعاذنا الله تعالى - كما حدث مع الخوارج بعد صفّين !!
٣ . قد تتطور الأمور أكثر فيقاتلون إمام زمانهم باعتقاد أنه كافر ويجب تخليص الأمة منه ، كما كان ذلك مع الخوارج أيضا  .
كل ذلك وأكثر بسسب 👇
حق المحاسبة للمعصوم (ع)
لأن المحاسِب والمحاسَب لا يُضمن اتفاقُهم في الرأي ، فاحتمالية الخلاف والاختلاف واردة جداً !!!

و #النتيجة :
إن مقولة ( من حق الأمة أن تحاسب حتى المعصوم لا يقول بها أصاغرُ الطلبة ! لوضوح مخالفتها لوجوب التسليم ولما ورد متواتراً عن أهل البيت(ع) .

و #في_النهاية 
أرجو أن يُقرأ مقالي هذا بكل تجرّد بعيداً عن التشنّج والخطابات ... لأني نقدتُ فيه من أجاز نقد المعصوم وهو بالنقد أولى ..

إجتهاد السيد الحيدري في مقابل النص في الشعائر_الحسينية

حينما نستمع لبعض أطروحات السيد كمال الحيدري نستغرب كثيراً للحن كلامه وكأنّه لم يطّلع على النصوص الشرعية وحتى الآيات القرآنية !! مع أنه يعيب على الآخرين بما هم أفقه به منه ..
بل تجد في كلامه مخالفةً واضحة لقواعد أصول الفقه التي يدّعي الاجتهادَ فيها ..

فبالأمس أفتى بجواز #محاسبة المعصوم وهي فتوى لا تنسجم أبدا مع أبجديات عقائد أهل البيت (ع) إذ تنافي العصمة الثابتة عقلاً ونصاً لأن المحاسبة تستبطن معنى احتمالية خطأ المحاسَب ، وتنافي هذه الفتوى لزومَ التسليم الواجب في القرآن الكريم ( فلا وربِّك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلّموا تسليما ) ...
واليوم يفتي - كعادته بضرب كل ما يعدّ قوّة لمذهب أهل البيت (ع) - بأنه لا يوافق على إقامة #الشعائر_الحسينية بهذا النحو رابطاً بينها وبين التأخُّر الصناعي والخدماتي ، مصوراً للمشاهد بأنه لا يمكن الجمع بين الشعائر الحسينية وبين التقدم الخدمي والصناعي .. !!!
حيث قال في مقطع من حديثه : إن مشروع الحسين الذي خرج من أجله هو الاصلاح والأمر بالمعروف ، فهل أن المعروف الذي يريده الحسين هو المشي ألف كم أو هو بناء مصنع والنهوض بالواقع الاقتصادي ... ثم قال : إن المعروف الذي يريده الحسين ع في هذا الزمان هو بناء المصنع لا المشي ونحوه .

ونحن بمعرض الرد على هذه الدعوى نقول :
إن كلام السيد الحيدري لا يصدر عن طالب علم بأول مشواره الدراسي .. وهو كلام مجاملاتي يجامل به الليبراليين واللادينيين ليكسبهم كما يكسب السياسي الناخبين !!!

وذلك لعدّة أمور : 
الأول : إن الأدلة والنصوص الشرعية أكدت مشروعية الشعائر الحسينية وخصوصاً زيارة الحسين مشياً ، وتلك النصوص متواترة ولا يمكن التشكيك بصدورها ، ننقل لكم نصاً واحداً ورد في كامل الزيارات ص ١٢٨ - ١٢٩ الحديث ٣٤٨ بسنده إلى أبي عبد الله الصادق (ع) أنه قال : يا حسين من خرج من منزله يريد زيارة الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام إن كان ماشيا كتب الله له بكل خطوة حسنة وحط بها عنه سيئة، حتى إذا صار بالحائر كتبه الله من المفلحين ، وإذا قضى مناسكه كتبه الله من الفائزين ، حتى إذا أراد الانصراف أتاه ملك فقال له: أنا رسول الله ربك يقرؤك السلام ويقول لك: استأنف العمل فقد غفر لك ما مضى .

الثاني : إن النصوص التي ذكرت استحباب زيارة الحسين (ع) مشياً على الأقدام مطلقة وليست مقيّدة بزمان دون زمان ، فإذا أراد سماحتُه أن ينفيها في هذا الوقت فلا بدّ أن يأتينا بمقيِّدٍ يقيّد إطلاق تلك النصوص ... بل إنهم قالوا في علم الأصول : إن المستحبات إذا قُيّدت فإن التقييد لا يدل على نفي المشروعية عن أفراد المطلق ، بل يدل على تأكيد الاستحباب في أفراد المقيّد ، كما في كفاية الأصول .
 
الثالث : هناك تدليس من قبل سماحة السيد وكلام مخالف للواقع .. لأن زيارة الأربعين لا يُعطّل لها ثلاثة أشهر - كما ادعى في كلامه - لان يوم 11 محرم كان هناك دوامٌ رسمي فكيف يُعطّل للزيارة ثلاثة أشهر ؟؟ 

الرابع : لا تنافي بين التقدم الإداري والصناعي والخدماتي مع اقامة الشعائر .. وبالامكان أن يفتي بعدم جواز التغيب عن الدوام لأجل الشعائر لا بعدم مشروعيتها من الأساس أو استبدالها ببناء المصنع !!!

الخامس : إن للسيد مقاطع فيديو يثني على زيارة الاربعين وأنها تظاهرة مباركة !!! فلا نعلم الآن هل أن زيارة الأربعين ممدوحة لدى سماحة السيد أم مذمومة ؟!!!!
ولكن لا غرابة من سماحته فإننا قد تعودنا منه التناقضات وكتبنا عنها بعض الكتابات .. 

وبالاخير : إن هذا السيد لا يدلي بآرائه عن أدلة علمية وشرعية وإنما آراء يغلب عليها الطابع النفسي ..

هذا وندعوا الله تعالى أن يعصمنا من الزلل ويهدينا سواء السبيل .

 فتوى_الحيدري_بجواز_التعبّد_بجميع_الأديان 
ومخالفته 
١- للقرآن
٢- ولحديث أهل البيت
٣- ولحكم العقل
٤- ولقواعد أصول الفقه
........ 
[ المقال فيه نوع إطالة ولكن ستستفيد بقرائته إن شاء الله تعالى]
ظهر السيد كمال الحيدري في مقطع فيديوي رشق فيه كل من خالفه بالعمى والجهل وو .. كعادته بتقبّل الرأي المخالف بكل سعة صدر !!!! ... بعد أن أفتى بجواز التعبد بكل الأديان بما فيها اليهودية والمسيحية وغيرهما .. وقد أفتى في وقتٍ سابق بجواز التعبد بكل المذاهب الإسلامية التي بيَّنّا بطلان تلك الفتوى في حينها ..
وكان سماحتُه هذه المرّة أكثر وثوقاً بصحة فتواه على جواز التعبد بكل الأديان ! مستدلاً بالقرآن الكريم الذي جعله عِضِينَ وذلك بقوله تعالى في سورة البقرة الآية ٦٢ ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ) . وقال سماحته : إنّ الآية مطلقة وليس هناك قيد  ( يقصد ليس في الآية قيدٌ يشترط الإسلام في النجاة يوم الحساب ) وأفهمَ المتلقّي أن كل الأديان سواء، لا فرق بين الإسلام وغيره! فمن ثبت له - بأي دليل - أن الصابئية هي الحق فلا يصح منه الاسلام وهكذا .. إنتهى كلامه .

ونحن في مقام الرد عليه نقول :
إن هذا الفهم الذي فهمه سماحته من الآية فهمٌ سطحي لا يرقى لمستوى المقدمات في دراسة حوزة النجف التي طالما وهّنها وسبّها ! وذلك لعدّة أمور :
#الأول : 
إن دعواه بأن هذه الآية مطلقة وغير مقيّدة تكشف عن أحد أمرين لا ثالث لهما : إما أن يكون جاهلاً بعلم أصول الفقه الذي يدعي الإجتهادَ فيه ! وإما أنه يتعمّد التدليس على الناس غير ذوي الاختصاص !!!
لأن القرائن التي تقيّد النص الشرعي على ثلاثة أنواع : قرينة متصلة ، وقرينة منفصلة ، وقرينة لُبيَّة (كالعقلية) .
فالقرينة المتصلة ، تعني وجود كلام في النص الشرعي يقيّد إطلاق ذلك النص كقوله تعالى : ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ) فإن جملة ( من استطاع إليه سبيلا ) قيّدت وجوب الحج بالاستطاعة ، وهذا القيد موجود بنفس الآية الكريمة .
والقرينة المنفصلة ، تعني وجود نص شرعي آخر غير الذي بأيدينا يُقيّد إطلاق النص الذي بأيدينا ، كقوله تعالى : (  ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج ) فإن هذه الآية قيّدت إطلاق قوله تعالى : ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ) وجعلت القتال على الأصحّاء الذين يجدون ما يُنفقون .
والقرينة اللُّبيَّة (كالعقلية) هي تلك المعاني التي يدركها الإنسان - من دون لفظ - والتي تمنعنا من أن نفهم النصوص على إطلاقها ، كما إذا قال الشرع : ( إغتسل كل يوم جمعة ) فإن هذا الحكم مقيّد بقيد غير ملفوظ وهو "قدرة المكلّف على الغُسل" لأن العقل يحكم بعدم التكليف بغير المقدور .

#ثانياً :
هل الآية الكريمة التي استدل بها السيد الحيدري على جواز التعبّد خالية من كل القرآئن التي تدل على وجوب اعتناق الإسلام  ؟  أم أن هناك قرائن من هذا القبيل ؟ 

الجواب : إنّ لهذه الآية التي استدل بها السيد الحيدري قرائن تقيّدها - كما سترى - وأنه لا بدّ من الدخول في الإسلام لكل أتباع الديانات الأخرى بعد أن ظهر الإسلام .  
#القرينة_اللفظية_المنفصلة
إن هناك نصوص شرعية من الكتاب الكريم تُلزم الناس باتباع الاسلام وأن غير الاسلام غير مقبول ، وأن من سلك اليهودية والمسيحية وغيرهما غير مهتدي ، وهذا يعني وجود قرائن منفصلة تقيّد إطلاق الآية ٦٢ من سورة البقرة .

وإليك بعض النصوص القرآنية :
قوله تعالى في سورة البقرة : ( وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ تَهْتَدُوا ۗ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۖ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135)قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا ۖ وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ ۖ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137)صِبْغَةَ اللَّهِ ۖ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً ۖ وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138) )
فهذه الآيات تنفي صحة مقولة اليهود والنصارى بأن من يكون يهودياً أو نصرانياً يهتدي وتحصر الهداية بالإسلام لأنها تقول : فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به (وهو الإسلام ) فقد اهتدوا وإن تولّوا فإنما هم في شقاق . ثم إن معنى صبغة الله هو الإسلام كما سيتبين في الحديث الشريف . 
وقوله تعالى أيضاً في سورة آل عمران ٨٥ :(وَمَنْ يَب

ْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) وهنا الآية صريحة بشرطية الاسلام وعدم قبول أي دين آخر بعد ظهور الإسلام .

وأما سُنّة أهل البيت (ع) 
فقد تظافرت النصوص عنهم بأن النجاة في الاسلام دون غيره ، ونحيل القرّاء في ذلك إلى الجزء الثاني من أصول الكافي باب الكفر والإيمان مكتفين برواية واحدة بسنده الى أبي عبد الله (ع) في قول الله عزّ وجل ( صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ) قال : الاسلام .
فلو لاحظنا الآيات التي قبل هذه الآية (صبغة الله) لرأينا أنّ القرآن يحصر الهداية بصبغة الله ، والإمام الصادق (ع) يفسّر صبغة الله بالإسلام .

#القرينة_اللُّبيّة
إن العقل يحكم بالملازمة بين بعث خاتم الأنبياء محمد (ص) وكون الأديان السابقة غير مقبولة ولا يجوز التعبّد بها ..
وإلا فما الداعي لتكليف النبي (ص) عناء التبليغ وتعريضه وأهل بيته - وهم سادة البشر - الى القتل والتنكيل والمطاردة 
بل أمره بالحرب على اليهود والنصارى أو إعطائهم الجزية ، كما في قوله تعالى في سورة التوبة ٢٩ : (قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ) ؟؟؟؟!!!!
مالداعي لهذه الدماء وصرف الأموال إذا كان المطلوب هو اتباع كلٍ من الأديان ؟!
أليس الأجدر بالنبي (ص) أن يقول لأهل الكتاب : يا أهل الكتاب يحق لكم أن تبقوا على دياناتكم إذا كان اعتقادكم بها عن دليل . لماذا يُؤمَر بقتالهم أو أخذ الجزية منهم وهم صاغرون لكي يدفعهم للإسلام ؟ فإذا كان المطلوب هو الاعتقاد عن دليل فلا شك أن بعضهم معتقد بدينه عن دليل ، فلماذا يُكلّف النبي (ص) بكل ما تقدّم ؟؟!!
ويتبيّن بهذا أن أهل الكتاب مأمورون باتباع الإسلام من دون فرق بين من هو معتقد بدينه عن دليل وبين غيره . 
وهذه قرينة عقلية على تقييد الآية ٦٢ من سورة البقرة وأن الإسلام شرط في الأمن يوم الحساب . 

#قرينة_لبيّة_أخرى
هل المقصود من اليهود والنصارى والصابئين في الآية ٦٢ من سورة البقرة هم أتباع تلك الديانات الحقيقية أم المحرّفة ؟؟؟ فإن كان المقصود هو الديانات الحقيقية ، فإنها تدعوا للإسلام وقد بيّنت علائمه وعلائم نبي الإسلام ، والمفروض أنهم أسلموا حين ظهر الاسلام . وإن كان المقصود هو الديانات المحرّفة ، فهذا يعني أن القرآن الكريم قد أقرّ تحريفهم لدياناتهم وقد نُقِض الغرض من بعث أنبياء بني إسرائيل وغيرهم والعاقل لا ينقض غرضه .. وعليه  فيكون المقصود من الآية هم أتباع الديانات الحقيقة الذين أسلموا بمجرد ظهور الإسلام لا اليهود والنصارى الذين بقَوا على دياناتهم المحرّفة حتى بعد ظهور الاسلام .. 
فالاستدلال بالآية على جواز التعبد بكل الاديان لا معنى له .

وبعد هذا قد تبين أن الآية ٦٢ من سورة البقرة مقيّدة بقيدٍ منفصل وقيدٍ لّبّي ، وليست مطلقة كما ادعى السيد الحيدري ، ويكون معناها : إن اليهود والنصارى والصابئين المؤمنين العاملين #قبل_ظهور_الاسلام لهم أجرهم عند ربهم ... الخ .

#ثالثاً :
#قول_المفسرين_في_الآية ٦٢

نذكر في المقام قولاً لأحد المفسرين المعاصرين وهو آية الله المفسر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي وهو قولٌ شامل للآراء المعتبرة في تفسير الآية المباركة ، حيث قال في تفسيره الأمثل ج١ ص ٢٠٨ :
"بعض #المضلّلين اتخذوا من الآية الكريمة التي نحن بصددها وسيلةً لبث #شبهة مفادها إن العمل بأيٍ من الأديان الإلهية له أجر عند الله ، وليس من اللزوم أن يعتنق اليهودي أو النصراني الإسلام ، بل يكفي أن يؤمن بالله واليوم الآخر ويعمل صالحاً .
الجواب : نعلم إن القرآن يفسّر بعضه بعضاً ، والكتاب العزيز يقول : ( ومن يبتغِ غير الإسلام ديناً فلن يُقبل منه ) كما أن القرآن مليء بالآيات التي تدعوا أهل الكتاب إلى اعتناق الدين الجديد ، وتلك الشبهة تتعارض مع هذه الآيات .
ومن هنا يلزمنا أن نفهم المعنى الحقيقي للآية الكريمة .
ونذكر تفسيرين لها من أوضح وأنسب ما ذكره المفسرون :
١- لو عمل اليهود والنصارى وغيرهم من أتباع الأديان السماوية بما جاء في كتبهم لآمنوا حتماً بالنبي (ص) لأن بشارات الظهور وعلائم النبي وصفاته مذكورة في هذه الكتب السماوية وسيأتي شرح ذلك في تفسير الآية ١٤٦ من سورة البقرة .
٢- هذه الآية تجيب على سؤال عرض لكثير من المسلمين في بداية ظهور الاسلام ، يدور حول مصير آبائهم وأجدادهم الذين لم يدركوا عصر الإسلام،  ترى هل سيُؤاخذون على عدم إسلامهم وإيمانهم ؟!
الآية المذكورة نزلت لتقول : إنّ كل أمة عملت في عصرها بما جاء بها نبيها من تعاليم السماء وعملت صالحاً فإنها ناجية ، ولا خوف على أفراد تلك الأمة ولا هم يحزنون . فاليهود المؤمنون العاملون ناجون قبل ظهور المسيح ؟ والمسيحيون المؤمنون العاملون ناجون قبل ظهور نبي الإسلام . 
وهذا المعن

ى مستفاد من سبب نزول هذه الآية كما سيأتي" .

#رابعاً :
#عقيدة_السيد_الحيدري_في_الإسلام

إن الدافع للسيد الحيدري على فتواه الفارغة بجواز التعبد بكل الأديان السماوية هو اعتقاده بأن الاسلام حقيقةً ليس بدين !!!!!
وإنما هو شريعة .. مفككاً بين الدين والشريعة .. 
هذا الإعتقاد نقله تلميذه الشيخ أحمد الجعفري في قناته على التلغرام تحت عنوان ( مغالطات السيد الأستاذ الحيدري . في الصميم الحلقة ٣٦ ) حيث قال : وبالتالي عندما يقول الحق تعالى : { إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلَامُ } (سورة آل عمران 19) فان الله تعالى يُريد كل تلك الشرائع لا فقط شريعة أسلام .. ومن هنا يجوز التعبد بها جميعاً بلا أي فرق بينها !! .. وبالتالي إن جاء قول الحق { وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ } (سورة آل عمران 85) فان علماء الشيعة والمُسلمين غلطوا غلطاً فاحشاً بتفسيرها بخصوص (( الشريعة الأسلامية )) والكلام للسيد الأستاذا الحيدري - !!!  ومن يفسر الأية الكريمة بخصوص الشريعة  الإسلامية فهو (( جاهل جاهل جاهل الى مليار جاهل واكثر الجهل بين علمائنا - والكلام للسيد الحيدري - فانه لا توجد ولا آية واحدة تتحدث عن أن الإسلام وأن المراد منه إسلام الشريعة ابداً ابداً ))  وعندما تأتي اية { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا } (سورة المائدة 3) فليس لها علاقة لا بولاية علي  (( صلوات الله عليه ))  ولا بالدين الإسلامي أبداً ادأبداً وأنتم جهلة إن فهمتم غير ذالك . انتهى كلام السيد الاستاذ الحيدري . 

ثم ردَّ التلميذُ على أستاذه مشكوراً وقال :
"وفي محل الجواب :  الظاهر ان السيد الأستاذ الحيدري كعادته في أمرين خطرين عنده ؟؟  من التعجّل الى أبعد حد ، فبمجرد أن يتلقف معلومة ما من جهة ما ، يأتي بها مهرولاً  و يلقيها على مستمعيه ، من غير أن يُدقق فيها ويبحثها بحثاً موضوعياً دقيقا ً .. و العادة الثانية : أنه يتّهم الآخرين بأنهم (( جهلة أغبياء )) إلى آخر قائمة الُتهم ......."
ثم تابعَ التلميذُ قائلاً : "ولا أدري هل قرأ السيد الأستاذ هذه الأيات د أم لا ؟؟   { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (193) } (سورة البقرة 193) .. فأي دين هذا الذي يقاتل من أجله المُسلمون ... سيدنا الأستاذ ؟؟؟  وإذا كان  الدين شاملاً لليهود و النصارى فلماذا قاتل الرسول الخاتم اليهود  ؟؟ !!! 
وماذا تقول بهذه الأية .. { قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ } (سورة الأَعراف 29) .. فأي دين هذا الذي يُريد الحق منّا أن نكون فيه مخلصين ؟؟  .. وهنا ماذا تقول أي دين هذا الذي في هذه الأية { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (39) (سورة الأَنْفال 39) ؟؟؟ ....
{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } (سورة الأَنْفال 72) وهنا أيضاً أي دين هذا ؟؟ ... هل هو الدين الإسلامي أم غيره ؟؟ ........ { قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ } (سورة التوبة 29) .. وهل هناك أصرح من هذه الأية في بيان ما هو الدين عند الله تعالى ؟؟ فلو كان الدين يشمل شريعة اليهود كما تدعي سيدنا الأستاذ ولا يسمى ما عند المسلمين الدين الإسلامي ... فماذا تعني هذه الأية برائيك ؟؟ !!! " ...
إنتهى كلام الشيخ التلميذ .

#تعقيبات
١- إن الآية ٦٢ من سورة البقرة نزلت حين إقامة المعجزات والبراهين القطعية على صحة دعوة النبي (ص) ، والبراهين القطعية بصحة دعواه (ص) تكشف عن بطلان أدلّة أتباع الديانات الأخرى بصحة دياناتهم ، وهذا لا ينسجم مع تجويز الآية المباركة للتعبّد بكل الديانات ، لأن القرآن يرى عدم صحة استدلالهم . إذن الآية ليست بصدد تصحيح التعبد بكل الديانات .
٢- لو قيل بأن بعض أتباع الديانات قاطعون بصحة دياناتهم والقطع حجة .
قلنا : إن هذا القطع من قبيل قطع القطّاع (وهو القطع بمعتقده بسبب أدلة لا تنتج القطع لدى عموم الناس) وهو ليس بحجّة .

وفي نهاية المطاف المرجو من الأحبة من مريدي السيد الحيدري أن ينظروا بعين البصيرة ويكفّوا عن العاطفيات والخطابيات ، وإن أرادوا المناقشة فلا بد أن تكون بالتي هي أحسن لان السيد حيدري ليس معصوماً وقد أفتى بجواز محاسبة حتى المعصوم .. !

نسأل الله تعالى أن يبصِّرنا والسيد الحيدري وجميع أتباعه بالحق واتّباعه . 

آراء السيد كمال الحيدري في الميزان🌀

[ خمس الأرباح ] .....

السيد الحيدري ادعى في تسجيلٍ فيديوي له : أنه لا أصل شرعي لخمس الأرباح ... مع أنه في موقعه  الرسمي يجيب بوجوب الخمس فيها !!!
إن هذه الدعوى - مع ورود روايات صحاح بوجوبه - أوهن من بيت العنكبوت .. خصوصا حين يقول - في التسجيل - إن الائمة (ع) قد شرّعوه من زمن الإمام الكاظم (ع) وما بعده ! .. فهل هؤلاء الأئمة أقوالهم حجة شرعا أم لا ؟

أولا -
 إقرأوا أحبتنا هذه الروايات الصحاح أو الموثقة في لزوم خمس الأرباح :
فمنها موثقة سماعة ، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن الخمس، فقال عليه السلام: في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير. (الكافي 1/545).

ومنها : صحيحة علي بن مهزيار ، قال : قال لي أبو علي بن راشد : قلت له : أمرتني بالقيام بأمرك وأخذ حقِّك ، فأعلمتُ مواليك بذلك ، فقال لي بعضهم : وأي شيء حقه؟ فلم أدرِ ما أجيبه ، فقال عليه السلام : يجب عليهم الخمس ، فقلت : في أي شيء ؟ فقال : في أمتعتهم وضياعهم وصنائعهم. قلت : والتاجر عليه ، والصانع بيده ؟ فقال عليه السلام : إذا أمكنهم بعد مؤنتهم . (تهذيب الأحكام 4/123).

ومنها : صحيحة ابن أبي نصر قال : كتبت إلى أبي جعفر عليه السلام : الخمس أخرجه قبل المؤونة أو بعد المؤونة ؟ فكتب : بعد المؤونة . (الكافي 1/545).

ومنها : صحيحة علي بن مهزيار ، عن محمد بن الحسن الأشعري ، قال : كتب بعض أصحابنا إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام : أخبرني عن الخمس، أعلى جميع ما يستفيده الرجل من قليل وكثير من جميع الضروب وعلى الضياع ، وكيف ذلك؟ فكتب عليه السلام بخطه : الخمس بعد المؤنة. (التهذيب 4/123. الاستبصار 2/55) .

ثانياً :
في قوله أنه ليس له أصل قرآني ...
الآية القرانية تتحدث عن الغنيمة والغنيمة لغة كل ما اغتنمه المرء ، ومنها المكاسب .. 
ولو تنزلنا وأنه ليس لخمس الأرباح أصل قرآني ، فهل هذا دليل على عدم الوجوب ؟؟؟ هل بامكانك سيدي أن تعطيني مستنداً قرآنياً على وجوب صلاة الآيات ؟؟؟ والأمثلة في ذلك كثيرة .

ثالثاً :
هذا المنطق - وهو المطالبة بمستند قرآني - غير مقبول أبدا ... وذلك لأنه لافرق بين الحديث المعمول به وبين النص القرآني في الحُجيّة .. نعم إن النص القرآني قطعي الصدور ولكنه ظنّي الدلالة .. وكِلا النصّين القرآني والحديثي على حدٍ سواء في حجية الظهور بعد ثبوت حجية السند في الحديث ... وعليه فلا فرق بين أن يثبت الوجوب بالنص القرآني أو النص الحديثي ، إذ هما سِيان في موضوع الحجية (أي كلاهما حجة شرعا ويجب الأخذ بهما) والتفصيل بينهما في غير محله باتفاق الأصوليين .

رابعاً :
يدّعي أن الباقرَين (ع) قد عملا بذلك لأنهما أُجبرا عليه ومن باب الاضطرار وإلا فانه ليس من الشريعة !!!
الجواب : أين القرينة على هذا الاضطرار فيما قرأنا من روايات معتبرة شرعاً ... فإنا وجدناها مطلقة والاطلاق حجة كما ثبت في علم الاصول .
فلو كانت هناك قرينة على شرطية الاضطرار لبيّنها الإمام وبما أنه لم يبينها وهو حكيم فمعناه يريد الإطلاق وهذا ما يسمّى (بمقدمات الحكمة).
 
خامساً
قوله : إن الشيعة - وكأنه ليس من الشيعة - قد أضعفوا جانب الزكاة وركّزوا على جانب الخمس وفسّر ذلك بما أملت عليه ظنونه ! وهذا ليس صحيحا لأن فقهائنا قد بسطوا مسائل الزكاة كما بسطوا مسائل الخمس إلا أن الخمس مسائله أكثر وأعقد .

سادسا :
يقول : إنه لماذا لم يظهر حكم الخمس ويشتهر قبل الإمام الكاظم ع ... ولماذا لم يكن في زمن النبي ص ...
الجواب واضح وهو أن الزكاة كانت مشهورة في زمن النبي (ص) دون الخمس وذلك لأن القرآن حين أوجب الزكاة قال : (خذ من أموالهم صدقة تطهرُهم) . فالمأمور هو النبي فكان المعصوم (ع) هو الذي يطالب بالزكاة وطبيعي أنها تشتهر .. بينما في آية الخمس المطالَب به هو المكلف نفسه من دون المرور بالنبي (ص) .. (واعلموا أنما غنمتم من شيء فان لله خمسه ..) فالمخاطب هو المكلّف ، ولذلك لم يطالبهم النبي (ص) به أو الأئمة (ع) من بعده وإنما على المكلف نفسه أن يدفع ماعليه من حقوق ... 
ثم ..
هذا الاشكال يوجّهه مَن لا يعتقد بحجيّة الائمة المعصومين (ع) أما من يعتقد بحجيتهم لا يحق له ذلك ، وذلك لما بيناه وهو أن النص الشرعي المطلق قد صدر عنهم ... فسواء أكان الخمس يطبّق في زمن الرسول ص أم لم يطبق بلا فرق .. نعم فيما إذا لم يطبق في زمن الرسول ص فهذا يعني أن الشريعة لم تكتمل في آن واحد وإنما تدرّجت واكتملت في زمان الأئمة ع ... وهذا ليس غريبا فان الصوم قد شُرّع في السنة الثانية للهجرة .. 
وقد ذكر السيد كمال نفسه رأي السيد الخوئي في برنامج مطارحات في العقيدة على قناة الكوثر مستشهداً به حيث كان يتكلم عن أن الشريعة لم تكتمل في زمن النبي (ص) وفحوى كلامه كان التأييد للسيد الخوئي قدس .
وعلى هذا يكون كلامه في نفي خمس الأرباح  لا سند له ...  

والحمد لله أولاً وآخراً .

#إستهداف_النجف .... لماذا ؟

من الطبيعي جداً أنْ تسمع شخصاً أو جماعة يصوّبون سهامَ حقدِهم نحو قطب رحى التشيّع "النجف الأشرف" وهم من مدرسةٍ تناهضُ أهلَ البيت (ع) ، فإنّ ذلك لِما غُرسَ في نفوسِهم وتسوّدت به قلوبُهم .
#ولكن
ليس بالأمر الطبيعي أبداً سماعُك هذيانَ شخصٍ أو أشخاصٍ يدّعون العلمَ والانتسابَ لمدرسة أهل البيت (ع) وهم يُصبحون ويُمسون محاولين بجهدٍ جهيد الإطاحةَ بها وهدمَ أركانها !!!!! حيث لم يدعوا مناسبةً إلا ونالوا منها ، ولم يحدثْ حادثٌ إلا واتّهموها .

أعتذر ... لا يسعُني أبداً أن أُحسن الظنَّ بشخصٍ يدعّي العلمَ وهو يصف النجف بأوصافٍ تجلُّ عنها قرى غور الأردن !

لا أُريد أنْ أتحدّث - الآن - عن أهمية النجف وموقعِها في جسد التشيّع قديماً وحديثاً ، فإن ذلك لا يخفى على ذوي الألباب ، لما لها من #تأريخٍ مشرق ، حيث التجأ إليها شيخُ الطائفة الطوسي (رض) سنة 448 للهجرة / 1027 للميلاد وهي معهدٌ علميٌّ يُنسَبُ إليها عيونُ الفقهاء ، و #حاضرٍ لم يخفَ على القرّاء ، فالنجف أمٌ لأساطين المرجعية وكبار فقهاء الإمامية ، من الخراساني إلى السيستاني .

إنما مرادي هو محاولة الإجابة على السؤال الذي عنْونّا به المقال ، وهو : لماذا استهدافُ النجف ومحاولةُ تحجيمِها بل تحطيمها من قِبَلِ مَنْ يُحسب على التشيّع ؟؟!!
فهل من مصلحةِ المذهب الإطاحةُ بأعرق جامعة علميّة دينية يمتدُّ تأريخُها لألف عامٍ ونيّف ، حيثُ استطاعت أن تحفظَ تراثَ أهلِ البيت (ع) وعلومَهم ومذهبَهم وجماعتَهم لهذا اليوم ....؟
وهل من الإنصاف نسفُ جهاد وجهود أساطينِها الذين لم يكلّوا ولم يملّوا من خدمة مذهب أهل البيت وأتباعِهم ؟
وهل من الدين والتقوى و #العرفان أن يُنبزَ أكابرُ علمائِها ومراجعُها بما ليس فيهم ؟
#كلّا .... 
فإن من صوّبَ سهام لسانه السليط نحوَ النجف يعلم :
أنه ليس من مصلحة المذهب ولا من الإنصاف وليس من الدين في شيءٍ كلُّ ذلك !!!
ولكنّه الحسد ياسادة !!!
حبُّ #الرياسة ، #الموقع ، #الشهرة ..
وتلك الذمائمُ ليس من السهل أن يتخلّصَ الإنسانُ منها وإن حصلَ على قسطٍ من العلم ... !!!
لذلك فإنهم اشترطوا في الفقيه الجامع للشرائط أن يكون في أعلى درجات العدالة والتقوى متنزهاً عن هذه الرذائل .

هذا ونسأل الله العلي القدير أن يُحسنَ عواقبَ أُمورِنا وأن يُعزّ مذهبَنا ومناصريه ، ويخذلَ أعداءَه ومناوئيه ، ويحفظَ أعلامَنا الربّانيّين في النجف الأشرف وقم المقدّسة ومشهد الرضا (ع) وباقي جامعاتِنا ومعاهدِنا العلمية إنه على كل شيءٍ قدير . 
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين .

إله الفقه والمرجع الليبرالي !!! 

 شاهدتُ مقطعاً مرئياً لأحدهم وقد رفع عقيرته - كالعادة - ليسوِّق لأفكاره الهزيلة بهذا الأسلوب .. وهو يقول : 

إنّ الإله الذي يصوّره الفقه لنا هو إلهٌ جلّاد  لا يمكن القبولُ به بخلاف إله القرآن الكريم الذي يتّصف بالرحمة والعطف .. إلخ . ثم يردف قائلاً : هل إذا ظهر شيءٌ من شعر المرأة أو خرجت من بيتها من دون إذن زوجها أو أن الشخص إذا ترك صلاة الفجر يستحق كذا وكذا من العذاب ؟! .

الآن إقرأ في هذا 👇 الرد :

🔰 تعمد التدليس من قِبَلِ صاحب هذه الفكرة وكذبُه على القرآن والحديث .
🔰 أمِّيته في فهم الأدلة القرآنية والحديثيّة ، وعدم إمكانه التوفيق فيما بينها .
🔰 التناغم مع اللادينيين .
🔰 الحيدري يرد على نفسه ويكفي الناس مؤونته !
🔰 النظرة الصحيحة لآيات وأخبار العذاب .
🔰 حكمة الوعيد .
🔰 خطورة إنكار شدّة العذاب .
🔰 مشكلته مع الفقه

✅ تعمّد التدليس والكذب على القرآن والحديث :

إنّ دعوى كون العذاب الشديد ليس قرآنياً محضُ تدليس وتغرير بالبسطاء الذين لا باع لهم في دراسة المعارف الدينيّة ، حيثُ لا يخفى على كلّ متتبِّع لآيات القرآن الكريم ذكرُها الوعيدَ بالعذاب المهين والأليم والشديد لمن خالف حدود الله تعالى وذلك في عشرات بل مئات المواطن من القرآن الكريم .
ولنذكر شيئاً من ذلك لبيان الحجّة :
قال عزّ اسمه في سورة النساء ١٤ : ( وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ) .

وقال في النساء أيضاً ٢٩ ، ٣٠ : ( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ) .

وقال في سورة يونس ٤ ( إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ ) .

وقال في آل عمران ١٦٢ : ( أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ )

وقال في سورة إبراهيم ٤٩ . ٥٠ (وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ * سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ ) .

وقال في سورة الحجر ٤٣ ، ٤٤ ( وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ * لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ ) .

وقال في الزخرف ٧٤ - ٧٧ : ( إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ * وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ * وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ ) .

وقال في الصّافات ٦٢ . ٦٨ : ( أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ * إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ * إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ * فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ * ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ ) .

وقال في الدخّان ٤٣ - ٥٠ ( إنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الْأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ * خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ * ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ * ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ * إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ ) .

وقال في ص ٥٥ - ٥٨ : ( هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ * هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ * وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ ) .

#بل_قال في سورة الهمزة ١ - ٩ :
( وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ * الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ * يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ * كَلَّا ۖ لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ * نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ * إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ * فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ ) .

هذا 👆 غيض من فيض النصوص القرآنية الواصفة للعذاب المهين ، وقد حرصنا على أن يكون موضوع الآيات هو مخالفة الحدود لا الكفر ، أما الكفر فله آيات خاصّة سنذكر بعضاً منها .

وقد تسأل : 
ماهي الحدود التي توعّد الله تعالى على مخالفتها ؟
الجواب :
لا تظن أنّ حدود الله تعالى التي ذكرتها الآية ١٤ من سورة النساء👆 هي العقائد فقط ، بل إن من حدود الله تعالى هي الأحكام الفرعية التي قد يرتكبها أي مؤمن ! قال تعالى في سورة البقرة ٢٢٩ (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) فيتبيّن بالآية الشريفة أن من حدود الله تعالى الأحكام التكليفية وليست العقائد فقط .

وأما النصوص القرآنية التي توعّدت الكافرين فأكثر من أن تحصى هنا ، نذكر بعضها :
قال عزّ اسمه في سورةالملك ٦ - ١١ : (وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ * إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ * تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ * وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ * فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ ) .

وقال في سورة فاطر ٣٦ . ٣٧ :(وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ * وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ) .

وقال في سورة الحاقّة ٣٠ - ٣٤ : (خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ * إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ * وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ) .

وهناك الكثير الكثير من هذه الآيات التي لا يسعها المقام .
#ملحوظة :
قد يكون المؤمن مشمولاً بالآيات التي ذكرت عذاب الكفر أيضاً ! وذلك لأن الكفر قد يطلق ويراد منه المعصية لا الشرك ولا الإلحاد بدليل قوله تعالى في سورة آل عمران ٩٧ ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غنيٌّ عن العالمين ) فقد عبّر عن معصية ترك الحج بالكفر ، مع أن تارك الحج هو مؤمن عقائدياً .

وأما الحديث الصحيح ... فقد جاء منسجماً مع هذا الوعيد العظيم الذي ذكرته الآيات المباركات .. فليُراجع .

✅ أمِّيّته في فهم النصوص القرآنية :

وحينما نلاحظ استنتاجاته من الآيات الكريمة ، نجد أنه يأتي بنتائجَ بعيدةٍ جداً عن مقدّماته !
فهو قد اعتمد في رأيه هذا بإنكار العذاب المهين على قوله تعالى ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) ١٠٧ الأنبياء . مع أن الآية المباركة لا تتحدّث عن نفي العذاب وشدّته ، بل عن كون بعث النبي (ص) بما يصحبُه من تبليغ الأحكام وإنذار للعاصين وبشرى للمؤمنين ، كل ذلك رحمة للعالمين . 
وهكذا أغلب استدلالته بآيات القرآن الكريم هي من هذا القبيل .

✅ تناغمه مع اللادينيين !

كنتُ أقرأ وأسمع آراءَ اللادينيين في آيات العذاب التي ينكرون فيها ما ينص عليه القرآن الكريم من تنوّع العذاب وشدّته ، وتصلني إشكالاتهم الهزيلة حول هذه الحقيقة ، وكان ردّها وتفنيدها حاضراً ، لكن لم أكن أتوقّع أن متديناً بسيطاً يقول بما يقولون ، باعتبار أنّ المتديّن يقرأ القرآن الكريم ،  وهو يفصّل في ذلك تفصيلا كما بيّنّا.. 
إلا أن المخجل أن يتحدّث بحديثهم الهزيل هذا شخصٌ يدّعي مقاماتٍ علمية وإيمانيّة و #عرفانيّة كبيرة !!!
هل من المعقول أنّه لم يقرأ تلك الآيات القرآنية الواضحة والصريحة ؟ 
أغلب الظن - بل هو كذلك - أنّ هذا القول جاء لأمرين :
أ . لأجل استمالة اللادينيين وكسب ودّهم ، لأنه قد أفلس - بسوء اختياره - من الساحة العلمية الدينية ، فجاء ليعوّض ذلك النقص بهؤلاء !
ب . ولأجل استمالة بعض الشباب الذين ليس لهم باعٌ طويلةٌ في معارف الدين ، وبحسب تركيبتهم النفسيّة يميلون الى الأفكار الغريبة تحت عنوان التجديد الزائف ، علّهم يقلّدونه !!!! حاله في ذلك حال رئيس أي حزب سياسي يحاول جمع الناخبين .

✅ الحيدري يرد على نفسه ويكفي الناس مؤونته !!

وليس صدفةً أن تجد أصحاب هذه الدعاوي الباطلة والبعيدة عن روح النص الشرعي يناقضون أنفسهم  ويخالفون ما أسسوا له مسبقاً !
سترى أنّ كمال الحيدري 

- فيما ننقله عنه

 - يناقض نفسه أولاً ويُثبت ما اتهم به الآخرين ، بل يزيد على ذلك أضعافاً !!!
حيث قال في كتابه التربية الروحيّة :
" إن الآيات والروايات التي تثبت إن الإنسان سوف يُحشر يوم القيامة على أساس عمله وسيكون رهينة له ، بل سيكون حقيقة عمله ، كثيرة ، منها قوله تعالى : ( ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عمياً وبكماً وصماً مأواهم جهنّم كلما خبت زدناهم سعيرا . ذلك جزائهم بأنّهم كفروا بآياتنا ) الإسراء ٩٧ . ٩٨ .
وقوله تعالى ( ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا ) الإسراء ٧٢ . وقوله تعالى ( ذلك بما قدّمت أيديكم وإن الله ليس بظلام للعبيد ) . آل عمران ١٨٢ ......... وآيات أخرى كثيرة .
واما الروايات فمنها :
ما ورد في تفسير الصافي في ذيل الآية ( يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجاً ) النبأ ١٨ ففي المجمع عن النبي (ص) سُئل عن هذه الآية فقال (ص) : ( يُحشر عشرة أصناف من أمتي أشتاتاً قد ميّزهم الله من المسلمين وبدّل صورهم ، فبعضهم على صورة القِرَدة ، وبعضهم على صورة الخنازير ، وبعضهم منكوسون ، أرجلهم من فوق ووجوههم من تحت ، ثم يسحبون عليها ، وبعضهم عُمْيٌ يترددون ، وبعضهم صمٌ بكم لا يعقلون ، وبعضهم يمضغون ألسنتهم ، وبعضهم مقطّعة أيديهم وأرجلهم ، وبعضهم مصلوبون على جذوع من نار ، وبعضهم أشد نتناً من الجيف ، وبعضهم يلبسون جباباً سابغة من قطران لازقة بجلودهم .
فأما الذين على صورة القِرَدة ، فالقتّات من الناس ، وأما الذين على صورة الخنازير فأهل السُّحت ، وأما المنكوسون على رؤوسهم فآكلة الربا ، والعُميّ الجائرون في الحكم ، والصم والبكم المعجبون بأعمالهم ، والذين يمضغون ألسنتهم العلماء والقضاة الذين خالف أعمالهم أقوالهم ، والمقطّعة أيديهم وأرجلهم الذين يؤذون الجيران ، والمصلوبون على جذوعٍ من نار فالسعاة بالناس إلى السلطان ، والذين هم أشد نتناً من الجيفة الذين يتمتعون بالشهوات ويمنعون حق الله تعالى في أموالهم والذين هم يلبسون الجباب فأهل الفخر والخيلاء ) .
......... ثم قال (ص) : ( ثم مضيت فإذا أنا بقوم بين أيديهم موائد من لحمٍ طيّب ولحم خبيث ، يأكلون اللحم الخبيث ويدَعون الطيّب ، فقلت : من هؤلاء يا جبرائيل ؟ فقال : هؤلاء الذين يأكلون الحرام ويدَعون الحلال وهم من أمتك يا محمد ) وهذا قانون أساسي في الجزاء إذ أن الإنسان يرتزق من عمله يوم القيامة ، فإذا كان عمله صالحاً فرزقه طيّب ( وأنهار من لبن لم يتغيّر طعمه وأنهارٌ من خمر لذة للشاربين ) سورة محمد ١٥ .
وإن كان عمله طالحاً فرزقه كذلك ( إن شجرة الزقّوم طعام الأثيم ) الدخان ٤٣ .
ثم قال (ص) (ثم مضيت فإذا أنا بأقوام ترضخ رؤسهم بالصخر ، فقلت : من هؤلاء ياجبرائيل ؟ فقال هؤلاء الذين ينامون عن صلاة العشاء ، ثم مضيت فإذا أنا بأقوام تقذف النار من أفواههم وتخرج من أدبارهم ، فقلت : من هؤلاء ياجبرائيل ؟ فقال : هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيرا ) ثم مضيت فإذا أنا بأقوام يريد أحدهم أن يقوم فلا يقدر من عظمة بطنه ، فقلت : من هؤلاء يا جبرائيل ؟ فقال : هؤلاء الذين ( يأكلون الربا لا يقومون الا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ) ثم مضيت فإذا أنا بنسوان معلقات بثدييهن فقلت من أولاء ياجبرائيل ؟ فقال أولاء اللواتي يورثن أموال أزواجهن أولاد غيرهم ، ثم قال الرسول (ص) اشتد غضب الله على امرأة أدخلت على قوم في نسبهم من ليس منهم فاطلع على عورتهم وأكل خزائنهم ) البحار ج١٨ ص٣٢٣ . ............ "
التربية الروحيّة ١٤٥ - ١٥٠

بل يرى الحيدري أنّ الإنسان يدخل جهنّم ويعاقب جزاءً على ذنبه مباشرةً في دار الدنيا قبل الآخرة ، فبمجرّد أن يظهر شيء من شعر الفتاة يعاقبها الله تعالى من دون أي مهلة للاعتذار والتوبة ! إلا أن المذنب لا يحس بالجحيم لموانعٍ ما وإن كان هو فيها واقعاً ...
قال : ومن هنا نخلص إلى أنّ ظرف تحقق الجزاء هو نفس تحقق الفعل لأن الجزاء ماهو إلا باطن العمل لا أمرا آخر وأن الانسان سوف ينال جزاءه من ثواب وعقاب في هذه الدنيا ولن يؤجّل إلى الآخرة. 
وحينئذٍ نتسائل : فما هي وظيفة الآخرة إذن ؟ 
والجواب : إن الآخرة ظرف ظهور الجزاء لا وجوده ، فما كان خافيا عليك ولم تستطع رؤيته هنا ، سوف تلتفت إليه وتراه يوم القيامة ، لأنك بسبب معاصيك حرمت من النظر إلى باطن العمل (بل ران على قلوبهم ماكانوا يكسبون ) ( كلا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم ) وأما من كانت عنده تلك العين فهو يرى باطن الأعمال في الدنيا والآخرة وينظر إلى الناس فيقول : هذا في نار جهنّم وذاك في جنّة النعيم . التربية الروحية ١٢٤ . ١٢٥ .
والآن حصحص الحق .. وقد انكشف التدليس والخداع على بسطاء الناس وتبيّن أن ما اتهمت به الآخرين قد تبنيته أنت وزيادة بأضعاف كما تبيّن .

✅ الصواب في التعامل مع آيات وروايات العذاب الشديد :

نحنُ كمؤمنين بالغيب ، نأخذ كل ما جاء به النبي (ص) عن طريق الوحي ، وما جاء به وأهلُ بيته من سنّةٍ -

واجدة لشرائط الحُج

يّة - مأخذ القبول وعدم الردّ والإنكار .
ونحاول أن نفهم النصوص القرآنية عن طريق السنّة أو أي طريقٍ مشروع آخر . وهكذا نفهم السُنّة .
أما إذا كان البناء هو تحكيم المزاج ومغازلة الآخرين فهذا هو الضلال بعينه !

والتعامل الصحيح - والله العالم - مع نصوص العذاب الشديد - سواءٌ القرآنية أو الحديثيّة - كالتالي :
إن الانسان اذا ارتكب فعلا محرّماً فلا بدّ أن يُلحظ الفعل نفسه ، ويُلحظ معه - وهو الأهم - صاحب الحكم الذي نهى عن ارتكاب ذلك الفعل .
مثلاً .. إذا قد نُهيتَ عن الخروج من البيت ، فيكون الخروج من البيت معصية تستحق العقاب عليها ... 
ثم نأتي لنسأل : من الذي نهاك عن الخروج ؟
هل هو أخوك الأكبر ؟ ليكون العقاب المناسب لهذه المعصية هو الحبس لمدّة يوم واحد مثلاً .
أما إذا كان الذي نهاك عن الخروج هو أبوك ... فنفرض كون العقوبة المستحقة هي بالحبس أسبوعاً ! لماذا ؟ لأن صاحب الحكم أعظم من الأول !
وهكذا لو كان الناهي هو أستاذك ... ثم أستاذ أساتذتك ... ثم مرجع تقليدك .. ثم إمام زمانك ثم .. ثم .. ثم .. إلى أن تصل النوبة إلى عظيم العظماء ورب الأولين والآخرين ليكون العقاب على معصية أمره يتناسب مع عظمة شأنه .. لذلك فشدّة العذاب على المعاصي أمرٌ عقلائي يقرّه العقلاء .

و #لكن 
هذا العذاب الشديد الذي توعّدت به الآيات والروايات وهو أمرٌ حقيقي وجدّي .. سيتحقق يوم الجزاء حتماً أم ليس كذلك ؟
#الجواب :   
إن نصوص العذاب الشديد يُفهم منها - مع ملاحظة نصوص الرحمة والشفاعة - أنها على نحو المقتضي لا العلّة التامة للعذاب .
#توضيح_ذلك :
إن الانسان إذا ارتكب ذنباً لا يمكننا أن ننفي عنه العقوبة الشديدة - كما فعل صاحبُنا - بل نقول : إنه قد استحق العقوبة ، باعتبار أنه ارتكب مقتضي العقوبة وهو الفعل الحرام ، ولكن هذا الاستحقاق ليس من الواجب تنفيذه ، لأن العذاب قد لا يتحقق لمانعيّة الرحمة والشفاعة ، فقد تكون حكمة الله تعالى بتنفيذ استحقاق العذاب تماماً وقد تكون بتخفيضه وقد تكون بالعفو رحمةً بالعبد أو لشفاعة الشافعين وهي أيضا مظهر من مظاهر الرحمة .. 
#وعليه 
فنفي العذاب الشديد من أساسه يكون تكذيباً للنصوص وهو كفرٌ أو جهل .
ونفي الرحمة والشفاعة من الأساس أيضاً النتيجة نفسها .. 
والصحيح هو أن العذاب الشديد حقيقي وقد يقع ولكنه استحقاق ، فمن شاء الله رحمه ومن شاء عذّبه (يُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَن يَشَاءُ ۖ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ) العنكبوت ٢١ .

✅ حكمة الوعيد بالعذاب الشديد :

لا يخفى على كل عاقلٍ منصف ما للوعيد من حكمة تربويّة ، فليس الناس كعلي ابن أبي طالب (ع) ليلتزموا الطريقة من دون تهديد بالعذاب وشدّته ، لذلك جاءت النصوص القرآنية وغير القرآنية المتواترة لتحدثنا عن أنواع العذاب ليتحسس العاقل الخطر فيتجنّب كل مامن شأنه أن يقرّبه منه ، والحق هو (فمن زُحزح عن النار وأُدخل الجنة فقد فاز ) آل عمران ١٨٥ .

✅ إنكار شدّة العذاب إغراء في المعاصي !

إنّ إنكار شدّة العذاب والاستهزاء بأخباره وتوهين من يقول به هو عبارة أخرى عن الدعوة لارتكاب أغلب الممنوعات شرعاً بحجّة أنّ الله تعالى ليس جلّاداً ! وهنا تكمن الكارثة !!
فحين يُنكر العذاب لخروج الزوجة من بيتها من دون إذن زوجها .. فهذا يعني تسهيل قضيّة الخروج .. خصوصاً وأنّ المتحدّث يدّعي مقامات عالية من العلم و #العرفان !!!!! والمفروض يكون كلامه موافقاً للموازين الشرعية ! وبالتالي فاقرأ على التلاحم الأُسري السلام !
وأما قضية ظهور شعر الفتاة وفوات الصلاة وغير ذلك من الأمور التي ذكرها المتحدّث العرفاني وغيرها ومخالفتها .. فسوف يكون المتديّن بحسب هذا الفكر المنحرف متديناً بالاسم فقط !

✅ مشكلته مع الفقه !!!

من يتابع بعض تسجيلات السيد كمال الحيدري يجد أمراً جلياً لا يمكن أن يخفيه سماحتُه ! وهو امتعاضه الدائم من علم الفقه ! وكأن هذا العلم قد جاءنا من أعداء أهل البيت وليس من أهل البيت (ع) ، لذلك كل ما يراه غير مناسب بحسب نظرته السطحية للأمور يرميه في خانة الفقه ! كما سمعنا له : بأن الإله الذي يصوّره الفقه ليس هو الإله الذي في القرآن ! ... ولا ندري ما المستند في ذلك بعد البيان الذي تقدّم ؟!!!
ثم اذا كان مافي الفقه صحيحاً فالمفروض الإلتزام به .. وإن لم يكن صحيحاً فهذا ليس من فقه أهل البيت (ع) والمفروض أنّ حديثنا عن فقه أهل البيت .
وأظنُّ قريباً أنّ هذه الغِلظة تجاه الفقه لأنه لم يذق طعمه كما صرّح بذلك بعضُ الأفاضل .

✅ نصيحة إلى أخوتي الشباب :

إنّ شخصاً يهوّن لكم الأمور خلافاً للأدلة لا يعني أنه نصح معكم ! 
فربما كانت مصلحتكم الدينية والأخروية بخلاف كلامه كما ورد عن باقر العلم (ع) : ( إتبع من يُبكيك وهو لك ناصح ولا تتّبع من يُضحكك وهو لك غاش ) .
فالله الله بعقائدكم فإنها الأغلى من أرواحكم !
الله الله بمذهبكم فإنه لم يصل إليكم إلا بدماء الشهداء ومداد العلماء ، وسهر أساطين العلم وجهابذة الفقه والعقيدة .
فلا يفتننّك من سال لعابه لأجل منافع زائفة زائلة .. 
خذوا دينكم من كل ثابت قدمٍ في العلم متثبّتٍ ورع .. 
إياكم والعالم المتهتّك الذي لا يرى حرمةً إلا لرأيه .. 
و .. الإنسانُ على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيرة .
وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربّ العالمين .

في_الميزان_العلمي  ( فتوى جواز التعبّد بجميع الأديان والمذاهب استناداً لحُجّية القطع والأدلة ) 
 لتكن مناقشتنا للموضوع على شكل نقاط :

أولاً - ما معنى القطع وما معنى حجّيّته ؟

القطع هو اليقين ووصول الاعتقاد إلى درجة ١٠٠% بحيث لا يكون هناك احتمالٌ للمخالفة أبداً .
ويُعنى بحجيّة القطع : أنّ الإنسان إذا تجمّعت لديه الأدلّة والقرائن ووصل باعتقاده إلى درجة اليقين ، فسوف يكون هذا اليقين ( القطع ) حجّةً بينه وبين ربِّه ، بحيث يجب عليه أن يعمل بمؤدّى هذا اليقين ، وهو معذورٌ أمام الله تعالى لو كان يقينُهُ مخطئاً وليس في محلّه .
مثال ذلك :
إنّك تقطع بأنّ مافي الكأس ماءً ، فحينئذٍ تعمل بمؤدّى قطعك ويجوز لك شرب مافي الكاس ، ولو كان قطعه مخطئاً وتبيّن أنّ مافي الكأس خمراً ، كان معذوراً أمام الله تعالى ، وهذا ما يسمّى بمعذرية القطع ، وهو - بهذا المقدار - محلُّ وفاقٍ بين الأعلام .

#ثانياً - متى يكون القطع (وهو العلم واليقين) حجة ؟

يكون القطعُ حجةً إذا كان ناشئاً عن مبرّرات موضوعيّة ومقدّمات عقلائية بحيث تُنتج العلمَ لدى الإنسان الطبيعي .
فمثلاً ... لو شاهدتَ على شاشة التلفاز خبراً مفاده : اقتراب كويكب إلى الأرض سيؤدّي - لو اصطدم بها - إلى كارثة .
فإنّك لا تقتنع بهذا الخبر بمجرّد سماعه ، وتحاول أن تحصل على الخبر من قنوات ومصادرَ أخرى ... فإذا اجتمع عندك عدد من المصادر لهذا الخبر أيقنت به ... وهذا اليقين يسمّى ب (القطع) ، ومثلُ هذا في الأحكام والعقائد يكون حجّة ، لأنّه جاء نتيجةً لمبرّرات موضوعية يقبلها العقلاء .
أما لو اقتنعتَ بمجرد أن شاهدتَ الخبر على شاشة التلفاز من دون تحصيل مصادر أخرى للخبر وأيقنتَ به ، فيسمى يقينك هذا ب (قطع القطّاع) .

#ثالثاً - ماذا يُعنى بقطع القطّاع ؟

قطع القطّاع هو ذلك اليقين الذي يحصل لدى الإنسان من دون مبرّرات موضوعيّة كما تبيّن في المثال السابق .
قال السيد الخوئي (رض) في مصباح الأصول ج٢ ص ٥٧ :
وليُعلم أنه ليس المراد من القطّاع مَن يحصل له القطع كثيراً لكونه عالماً بالملازمات في غالب الأشياء بالفراسة الفطرية أو بالاكتساب ........ بل المراد من القطّاع مَن يحصل له القطع كثيراً من الأسباب غير العادية ، بحيث لو اطّلع غيرُه عليها لا يحصل له القطع منها .

#رابعاً - هل قطع القطاع حجة وهل يُعاقَب لو كان قطعه خلاف الواقع ؟ 

هذا السؤال هو محور بحثنا ، وفي جوابه تكمن الفائدة ، وفيه تفصيل :
إعلم أنّ القاطع مطلقاً لا يمكن توجيه الخطاب الشرعي له على خلاف قطعه ، سواءٌ القاطع الطبيعي أو القاطع القطّاع ، فلا يمكن تشريعاً أن يقال له : إشرب هذا السائل وهو يقطع بأنه خمر ويعتقد بأنه حرام ، فسوف يرى بأن هذا الخطاب لا يعنيه ، وذلك لأنه يرى نفسه أنها واقفةٌ على الحقيقة ومنكشفةٌ له الصورة تمام الانكشاف ، وعليه فلا يمكن للشارع المقدّس أن يأمره بخلاف ما قطع به وتيقّنه . 
وهذا هو معنى قول الأصوليين ( إنّ الحُجيّة لا يمكن سلبُها عن القطع ) . ولا يُعاقَب القاطع والمتيقّن على الفعل الذي يأتي به نتيجةَ قطعه ولو كان على خلاف الواقع !!!
و #لكن الفرق بين القطع الناتج عن مبرّرات موضوعيّة وقطع القطّاع هو أنّ صاحب القطع المبَرَّر لا يُعاقب أبداً حتى لو كان قطعه وعلمه مخالف للواقع ، بينما صاحب القطع الثاني (قطع القاطع) يُعاقَب لو خالف قطعه الواقع ، ولكن يكون العقاب لا على نفس الفعل المقطوع به ، لكون هذا الفعل لا يمكن أن يخاطبَه الشارع بتركه ، لكونه قاطعاً به ، بل يُعاقَب على المقدّمات غير الموضوعيّة التي أدّت به الى القطع .
فهو قبل أن تحصل له حالة القطع ملتفتٌ إلى أنّ هذه المقدّمات مقدّماتٌ غير تامّة وغير منطقية للحصول على نتيجة جزمية ، ومع ذلك فهو منساقٌ معها إلى أن تورّط بهذا القطع المضلّل ، فيُعاقب على انسياقه خلف تلك المقدّمات المضلّلة .
وهذا يعني أنّ قطع القطّاع ليس معذّراً ، بمعنى أنّه ليس مؤمِّناً عن العقاب . 
وهذا ما ذكره الشهيد السيد محمد باقر الصدر (رض) في حلقاته ٣ ص٥٤ .

وقد أجاد المحقق العراقي (رض) في وصفه لقطع القطّاع حيث قال :
" ثم اعلم أنّ مجرّد حكم العقل بوجوب موافقة القطع حين حصوله بكل واحد من المعنَيَيْن السابقَين لا يقتضي "معذّريّته" عند المخالفة على الإطلاق ، إذ ربما يقصّر في تحصيله ولو من جهة علمه سابقاً بأكثريّة مخالفته للواقع ، بالإضافة إلى الطرق المجعولة ، ففي هذه الصورة لا يرى العقل معذوريّة به ، مع أنه في فرض تحصّله بتقصير منه العقل يلزمه بالموافقة ، فكان المقام من قبيل إلقاء النفس من الشاهق من كونه معاقباً بتقصيره السابق وإن لم يكن فعلاً قادراً على مخالفة أمره وجداناً ... " مقالات الأُصول ج٢ ص٢٤ - ٢٥ .

بل سألتُ سيدي الأُستاذ ( دامت فيوضاته ) فقال ( حفظه الله ) : هذا - يعني عدم معذريّة قطع القطّاع - ما أجمع عليه كلُّ الأصوليين .

#خامساً - هل كلُّ اعتقادٍ حجّة ؟
بعد أن تبيّنت لك بعض المقدّمات ، سيخطر ببالك السؤال التالي ، وهو : ما هو حال الاعتقادات الباطلة ، هل هي حجّة بين أتباعها وبين الله تعالى أم لا ؟
الجواب : 
إنّ اعتقاداتهم مبنية 👇
أ . إما على أدلّة ظنيّة ، والظن ليس بحجّة جزماً ، قال تعالى في سورة النجم ٢٨ (وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ۖ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا) .

ب . وإما على أدلّة من قبيل قطع القطّاع ، وقد عرفتَ الحالَ فيه ، إذ يُعاقَب على المقدّمات .
وإلا فإن الخوارج الذين قاتلوا علياً (ع) وقتلهم وقتلوه كانوا قاطعين بصحة اعتقاداتهم رغم نصح الإمام (ع) مما جعلهم يقاتلون حتى الموت دون معتقدهم ، فهل قطعهم هذا حجّة ؟ وسيدخلون الجنّة مثلاً ؟!!!
وهكذا المجاميع المسلّحة التي تفتك بالأبرياء اليوم ، هم قاطعون بصحة منهجهم ، فهل يعني ذلك حُجيّة ومعذريّة قطعهم وأنهم سيدخلون الجنّة من أوسع أبوابها ؟؟؟!!!
أي عاقلٍ يقبل بذلك ؟

ج . وإما بناءً على الإهمال في أمر الدين !
فليس هناك تفسيرٌ منصف لسبب اتّباع بعض الديانات والطرق التي يمجّها الذوق ويرفضها العقل إلا الإهمال من قِبَلِ أتباعها للجانب العقائدي والديني في حياتهم ، وإلا فهل يُعقل أنّ شعوباً صنعت عقولُها المعاجزَ في التكنلوجيا والصناعات والاكتشافات العلمية الباهرة تعجز عن كشف بطلان عبادة البقر والوثن وغيرهما ؟! 
قال المرجع السيد محمد سعيد الحكيم (دام ظلّه) في كتابه أُصول العقيدة - الذي أُوصي اُخوتي الشباب بقراءته جيداً - ص ٢٢ تعقيباً على قصّةٍ عن تمسّك البعض بالعقائد الفاسدة التي نقلها عن بعض المؤمنين الذين سافروا إلى اليابان : " وليس هذا ( يعني عبادة الصنم الذي له ١٦ يد ! ويزعمون أنّ كل يد تدبّر شأناً من شؤون الحياة ! ) لانحطاط هؤلاء عقلياً أو ضعف مستواهم الفكري والثقافي ، بل لعدم اهتمامهم بالوصول للحقيقة ورضاهم بما عندهم من الدين جموداً على التقاليد الموروثة ... " .

و #في_النتيجة أنّه ليس كلُّ الاعتقادات والأدلة تكون حجّة حتى الناتجة عن بعض أنواع القطع كما عرفت .

#سادساً - قول القرآن الكريم وأهل البيت (ع) في اعتقادات أهل الباطل :

لم يرتضِ أهل البيت (ع) حصول القطع والعلم العقلائي في نفوس أصحاب العقائد المنحرفة ، بل لا بدّ أن يكون هناك شكٌ يخالج نفوسُهم فيما هم به يعتقدون ! ليكون هذا الشك والريب في عقائدهم حجّة لله تعالى عليهم ، وهذا ما يشهد به القرآن الكريم أيضاً ، وقد وردت روايات مستفيضة في ذلك نقتصر على الميسور منها ، وهو معتبرة المحاسن للشيخ البرقي (رض) ٣٩٤ قال : عنه ، عن ابن محبوب ، عن سيف بن عميرة وعبد العزيز العبدي وعبد الله بن أبي يعفور ، عن أبي عبدالله (ع) قال : ( ....... وأبى الله أن يجعل الباطلَ في قلب الكافر المخالف حقاً لا شك فيه ، ولو لم يجعل هذا هكذا ما عُرف حقٌ من باطل ) بمعنى أن الله تعالى لا بدّ أن يُشكّك الكافرَ والمخالفَ في اعتقاده لكي يُعرف الحقُّ من الباطل .
وعلى ذلك شاهد من القرآن الكريم قال تعالى في سورة التوبة ١١٥ : (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّىٰ يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) .

#سابعاً - نتيجة البحث ... بالنسبة لدعوى جواز التعبّد بجميع الأديان والمذاهب والطرق :

وبعد كل ما تقدّم من كون :
١ . القطع ليس حجة دائماً ، بل يكون العقاب على مقدمات القطع غير المصيب .
٢ . الاعتقادات والأدلّة لا يمكن الإلتزام بحُجّيّتها دائماً .
٣ . حكم القرآن وأهل البيت (ع) بأن لا يمكن أن يقطع أهل الباطل بحقّانية باطلهم .
بعد هذا وغيره تُصبح فتوى جواز التعبّد بجميع المذاهب والأديان - التي تعتمد حُجيّة الدليل مطلقاً - لا معنى لها ، وتكشف عن الضحالة الفكريّة وقُصر الباع العلمي لدى قائلها .

وآخر القول : أنِ الحمدُ لله على نعمة الولاية ، التي ندعوا الله تعالى أن يميتنا وجميع المؤمنين عليها .. 

 هذيان_متمرجع - ضدّ التراث الشيعي الجزء الأول .. 

"والله ما أدري شلون كلت باستوديو الكوثر أنّ تراث الشيعة يهودي نصراني ،  أصلاً أنا لا مفكر بهذا  لا مخططله ، أصلاً كأنه واحد كلي كول هيج آني هم كلته .. حتى آني لمّن نزلت من الاستوديو كالي شيخ أسد محمد قصير : شسويييت ؟! إنته تدري شكلت ؟ آني هم كلت : والله ما أدري"
https://youtu.be/iu8XKVsz1Kg

وأقول :
إن كان من العجيب أنّ مفكرنا العبقري تعتريه حالة الهذيان ! فإنّ تداول أفكاره من قِبَلِ البعض وتلقّيها تلقّي القبول أعجب وأعجب !
ولا أُخفي على القرّاء الأعزاء أنّ الذي دفعني لكتابه هذا الرد هو أنّي قرأتُ لأحد شبابنا - المتأثّر بهذه الدعاوى - مقولةً آلمتني كثيراً ، كان فيها " إنّ مشايخنا وعلمائنا قد غرّروا بنا ولم يُطلعونا على حقيقة تراثنا المليء باليهوديات والنصرانيات وقد تبيّن أنّ كل ما عندنا مشكوك ! "

🔰 زعزعة العقيدة
وهذا التشكيك لدى هذا الشاب وغيره نتيجة أنّ سماحة السيد صوّر للمتلقّي أمرين :
#الأول : أنّ أكثر تراثنا الروائي موضوع من قِبَل اليهود والنصارى أو مسرّب من العامّة !!
#الثاني : أنّ أعلام الشيعة قديماً وحديثاً لم يهتمّوا في التمييز بين الصحيح والسقيم من الروايات ، ثم جاء هو ليصحح مسار أكثر من ألف ومئتين عاماً .

وكلا الدعويين لا أصلَ لهما !

🔰 أما الدعوى الأولى ،  وهي ( أكثر تراثنا الروائي موضوع من قِبَلِ اليهود والنصارى ! ) 

فحين سمعتُ هذه الدعوى الهزيلة تبادر إلى ذهني سؤالٌ وهو : في أيّ زمنٍ حصلَ هذا الوضع الفاحش للحديث في تراث الشيعة ؟!
لأنّه يوجد عندنا احتمالان : إما أن يكون دس هذا الكم الهائل من الأحاديث في زمن الأئمّة (ع) ؟ وإما في زمن الغَيبة ..

◀️ فأما الإحتمال الأول ( كان الدس في زمن الأئمة ) 
فهذا احتمالٌ باطل ، وذلك لأن التراث الروائي الشيعي قد كُتِبَ تحت نظر الأئمة (ع) وبرعايتهم وبأيدي العلماء الذين تتلمذوا على أيديهم ..
حيثُ كان الأئمة (ع) يحثّون أصحابهم على تدوين الحديث وحفظه ، وقد اشتغل العلماء الثقاة من صحابة الأئمة على هذا الأمر ودوّنوا الكثير من المصنّفات ، ومنها الأربعمائة مصنَّف لأربعمائة مصنِّف ، وقد اصطُلح على هذه المصنّفات - التي كُتبت في زمن الأئمة -بالأصول الأربعمائة ، ثمّ جُمِعَ ما أمكن جمعه من هذه الأصول والمصنّفات في جوامع حديثيّة - كالكافي الشريف - كانت هي مصادر تراث أهل البيت (ع) .
وإليك بعض النصوص التي تؤكد اهتمام الأئمة (ع) وأصحابهم في تدوين الحديث وحفظه وضبطه ...
١ . عن عبيد بن زرارة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: " احتفظوا بكتبكم، فإنكم سوف تحتاجون إليها " الكافي ج ١ ص ٥٢ ح ١٠
٢ . عن المفضل بن عمر، قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: " اكتب وبث علمك في إخوانك، فإن مت فأورث كتبك بنيك، فإنه يأتي على الناس زمان هرج لا يأنسون فيه إلا بكتبهم . الكافي ج ١ ص٥٢ ح ١١ .
٣ . عن يونس بن عبد الرحمن قال : أتيت العراق فوجدت بها قطعة من أصحاب أبي جعفر عليه السلام ووجدت أصحاب أبي عبد الله عليه السلام متوافرين فسمعت منهم واحداً واحداً وأخذت كتبهم فعرضتها بعدُ على الرضا (ع) فأنكر منها أحاديث". الوسائل أبواب القضاء .
٤ . وعن محمد بن الحسين الهروي، عن حامد بن محمد، عن الملقب بقوراء، أن الفضل بن شاذان كان وجهه إلى العراق إلى جنب به أبو محمد الحسن بن علي عليه السلام فذكر أنه دخل على أبي محمد عليه السلام فلما أراد أن يخرج سقط منه كتاب في حضنه ملفوف في رداء له، فتناوله أبو محمد عليه السلام ونظر فيه وكان الكتاب من تصنيف الفضل، فترحم عليه وذكر أنه قال: أغبط أهل خراسان لمكان الفضل بن شاذان وكونه بين أظهرهم . الوسائل . أبواب القضاء .
٥ . عن أبي هاشم الجعفري، قال: عرضت على أبي محمد العسكري عليه السلام كتاب يوم وليلة ليونس فقال لي: تصنيف من هذا ؟ قلت : تصنيف يونس مولى آل يقطين ، فقال : أعطاه الله بكل حرف نورا يوم القيامة . الوسائل أبواب القضاء .
٦ .عن أبي العباس بن نوح ، عن الصفواني ، عن الحسن بن محمد بن الوجنا قال : كتبنا إلى أبي محمد عليه السلام نسأله أن يكتب أو يخرج لنا كتابا نعمل به فأخرج لنا كتاب عمل ، قال الصفواني: نسخته فقابل به كتاب ابن خانبه زيادة حروف أو نقصان حروف يسيرة، وذكر النجاشي أن كتاب عبيد الله بن علي الحبلي عرض على الصادق عليه السلام فصححه واستحسنه . الوسائل أبواب القضاء .

وهناك العشرات من النصوص التي تؤكد هذا المعنى ، وأنّ أهل البيت (ع) يؤكدون على كتابة الحديث وتعلّمه وضبطه وأن أصحابهم يعرضون ما يكتبونه على الأئمة (ع) فيصحّحون لهم .
وهذا يدل على أنّ كتابة الحديث وضبطه كان تحت إشراف وعناية الأئمة (ع) وأعلام الصحابة كيونس بن عبد الرحمن والفضل بن شاذان وغيرهما ، وهو وإن كان لا ينفي وقوع الخطأ والاشتباه وتسرّب ما ليس صحيحاً ... إلا أنّه ينفي نفياً قاطعاً ما يحاول إثباته بعض أنصاف المتعلّمين !!

◀️ وأما على الإحتمال

الثاني ( كان الدس في زمن الغيبة ) 
وهذا الإحتمال كصاحبه في البطلان ! وذلك لأن أُولى التصانيف الحديثية وأهمها لدى الشيعة هي الكتب الأربعة ، الكافي للكليني المتوفّى سنة ٣٢٩ هجرية ، ومن لا يحضره الفقيه للصدوق المتوفّى سنة ٣٨١ ، والتهذيب والاستصار للطوسي المتوفّى سنة ٤٦٠ ، لقربها من زمن المعصومين (ع) وهي عبارة عن اختصارٍ للأصول الأربعمائة التي تحدثنا عنها قبل قليل ، وغيرها من المصادر التي كتبها الشيعة أيضاً .
وقد تشدّد أصحابنا في قبول الحديث ، فقد ذكر الشيخ الطوسي في كتابه العدّة حيث قال في حديثه عن حُجيّة خبر الواحد : " حتى أنّ واحداً منهم ( يعني من أصحابنا ) إذا أفتى بشيء لا يعرفونه سألوه من أين قلت هذا ؟ فإذا أحالهم على كتاب معروف أو أصل مشهور  وكان راويه ثقة لا يُنكر حديثه سكتوا ، وسلّموا الأمر في ذلك وقبلوا قوله " نقل ذلك عنه السيد الخوئي (قدس) في معجمه ج١ ص ٢٤ .
وهذا يدلّ بأنّ لدى أصحابنا سيرة ثابتة ومتوارثة بأنهم لا يقبلون إلا خبر الثقة الذي لا يُنكر حديثه .
وعليه فلا تقل هذه الكتب ضبطاً عن الأُصول الأربعمائة ، فكونها أو أكثر ما ورد فيها من اليهود والنصارى دعوى لا قيمةَ علميّة وواقعيّة لها .

◀️ ثم بعد هذه الكتب جاءت الموسوعات الحديثيّة التي تنهل من نفس المصادر والتي جمعت الكتب الأربعة والأصول ومصنّفات الشيعة من دون اختصار وبوّبتها لتشمل جُلّ أحاديث أهل البيت (ع) .
◀️ ولا يدّعي أحدٌ ممن يُعتمد قوله من العلماء بأن كل مافي هذه الموسوعات الحديثية صحيح ... بل هناك روايات ضعيفة سنداً ، أو غير مقبولة متناً ، مبثوثة في مختلف أبواب تلك الكتب ، ولكن ليس الأمر كما ذهب إليه المدّعي من أنّ كلّ أو أكثر ما فيها من اليهود والنصارى ! بل إنّ هذه الكتب من حيث درجة ضبطها مقبول ، وما موجود من أحاديث ضعيفة لا يعني كونها يهودية أو نصرانية ، بل إنّ راويها لم يوثّق ، فلا حُجّيّة لنقله ، فلا يؤخذ بروايته ، وهذا غير كون الرواية مدسوسة من اليهود والنصارى . 

❓ولعلّ سائلٍ يسأل : إذا كانت الرواية ضعيفة سنداً فلماذا ينقلها أصحاب الجوامع الحديثية ؟
✅ والجواب : إنّ لنقل الروايات الضعيفة في الجوامع الحديثية فوائد كثيرة ، منها إفادة التواتر إذا تعدّدت ، ومنها أننا يمكننا أن نستكشف سيرةً ما في زمنٍ ما ، ومنها العمل على وفق مضمونها في غير الواجبات ، وهكذا .

🔰 المدّعي رمانا بداء غيرنا !!!

إنّ تسرّب الموروث اليهودي والنصراني واختلاطه بروايات أهل البيت (ع) بالشكل الذي ادعاه هذا المدعي غير ممكن من الناحية العملية لما تقدّم من حراسة أهل البيت (ع) - الذين يرَون أنّ حماية الشريعة هو تكليفهم الأوحد - لهذه النصوص .
ولكن ذلك بالنسبة للتراث السنّي ممكن جداً من الناحية العملية ، بل هو واقع !
وذلك : 
١ . لأن الحكّام بعد النبي (ص) في الغالب هم لا يرون أنّ تكليفهم هو الحفاظ على سنّة النبي (ص) بل قد عملوا على طمسها وإنهائها واختلاق ما يناسبهم من الأحاديث الموضوعة ، وهذا أمرٌ ظاهر لمن تتبّع أحوال تدوين الحديث في زمن عمر وكذا عثمان وباقي حكام بني أُمية والعباسيين .
٢ . ولأجل ذلك وجد  الوضّاعون اليهود وغيرهم الفرصة سانحة بعد رحيل النبي (ص) حين أسلموا "ظاهراً" وبدأوا بخلق الأحاديث ونقل ثقافتهم غير الإسلامية وزجّها في الثقافة الإسلامية عن طريق الوضع !
ومن أشهر هؤلاء كعب بن ماتع الحميري ، ويكنّى أبو إسحاق ، وهو من أحبار اليهود ومعروف بكعب الأحبار ، أسلم في عهد أبي بكر أو في عهد عمر ، وهو مقرّب جداً من الخلفاء وخصوصاً عثمان بن عفّان وقد اصطفاه معاوية - كما ذكرت كتب التراجم والسيَر - وكذا زميلاه وهب بن منبه وعبد الله بن سلام اليهوديَان .
ولكعبٍ هذا صداقة بالراوية أبي هريرة الدوسي الذي أكثر الحديث عن النبي (ص) وقد تأثّر أبو هريرة بكعب الأحبار تأثراً بالغاً وكان يروي معتقداته بطريقٍ مباشر أو غير مباشر !
ومن تلك العقائد ما نقله العلامة السيد عبد الحسين شرف الدين في كتابه " أبو هريرة " حيث قال : أخرج الشيخان البخاري ومسلم .... أبو هريرة عن رسول الله (ص) قال : خلق الله آدم على صورته طوله ستون ذراعاً .... فإن مضمون هذا الحديث إنما هو عين الفقرة السابعة والعشرين من من الإصحاح الأول من إصحاحات التكوين من كتاب اليهود - العهد القديم - وإليك نصها بعين لفظه قال : فخلق الله الإنسان على صورته على صورة الله خلقه ذكراً وأنثى خلقهم . كتاب ابو هريرة ص ٥٤ - ٥٥ .
ولفتح ملف الوضع في التراث السنّي سيكون الحديثُ ذا ذيلٍ طويل والمقام لا يقتضيه ، فنكتفي بما بينّاه مقتضباً .

هذا حال الموروث السنّي وعلّته ما بيناه في النقطتين المتقدمتين ... والتي لم توجدا في تراث أهل البيت (ع) كما عرفت .

🔰 و #النتيجة 
إنّ دعوى كون أكثر التراث الشيعي من اليهود والنصارى دعوى فارغة وليس هي إلا هذيان رأس ٍ هرِم لا يدري ما يقول !!!

هذا بالنسبة للدعوى الأولى ، وأما دعوى بأن أعلام الشيعة لم يهتمّوا 
بالتمييز بين الصحيح والسقيم من الأحاديث فهذا سيأتي إن شاء الله تعالى في الحلقة الثانية .. 
 
هذا ونسأل الله تعالى أن يمنّ على الجميع بالتزام الحق وموالاة أهله .

هذيان متمرجع ضد التراث الشيعي الجزء الثاني .. 

تقدّم في الجزء الأول من هذا الرد الحديثُ عن دعوى ( أنّ التراث الشيعي أكثره من اليهودية والنصرانية ) وأثبتنا بطلانها وضحالتها .. 
🔰 والآن نتحدّث عن الدعوى الثانية وهي : ( أنّ علماء الشيعة لم يميّزوا بين الصحيح وغيره من الموروث الروائي الشيعي ) ..
ونحن في مقام تفنيد هذه الدعوى سنجعل الكلام من مقدمة وعدّة محاور ونتيجة :

🔰 المقدمة :
ذكرنا في الجزء الأول أنّ تراثنا الروائي وإن كان بعيداً عن الدس اليهودي والنصراني بالشكل الذي ادعاه السيد كمال الحيدري لأنّه قد كُتبت أُصوله تحت نظر الأئمة (ع) والعلماء من أصاحبهم ، إلا أنّ هذا لا يعني سلامته ١٠٠% من الشوائب التي تحتاج إلى متخصص عارفٍ يميّز بين صحيحه وسقيمه . 
وهذا التمييز بين الصحيح والسقيم : 
◀️ ١ . إما أن يكون من خلال تصنيف مصنّفات يقال عنها "الصحيح من كتب الحديث" .
ولنطلق على هذه الطريقة اسم ( طريقة التصنيف ) .
◀️ ٢ . وإما أن لا يكون كذلك ، بل ينقّب الفقيه في الكتب الحديثيّة .. فما وجده - بحسب رأيه - صحيحاً أخذ به ، وما وجده ليس صحيحاً تجنّبَهُ .
ولنطلق على هذه الطريقة اسم ( طريقة التنقيب ) .

وكلا الطريقتين يُعتبرُ تمييزاً ، والعمل وفق أحدهما ناقضٌ لدعوى السيد كمال الحيدري المتقدّمة ( إنّ علماء الشيعة لم يميّزوا بين الصحيح والسقيم ! ) .
ولنناقش كلا الطريقتين وما هو العلمي والصحيح منهما ، وهل أنّ علماء الشيعة قد عملوا وفق أحدهما أو لا ؟ .

❎ الطريقة الأولى : ( تصنيف كتب حديثيّة يُنقل فيها الصحيح من الأحاديث فقط ) 

وإنّك حين تقرأ هذا المقترح ستجده شيئاً رائعاً وعملياً ، وهو الذي يريده السيد كمال الحيدري .
ولكنّ حقيقة الأمر إنّ هذا المقترح وهذه الطريقة ليست علميّة ! ولا عمليّة ! ولا محصّل لها !!
وذلك لو افترضنا أنّ فقيهاً أو جماعة من الفقهاء قد صنّفوا مجموعة حديثية وقد نقلوا فيها كل ما انتهت إليه آرائهم من الأحاديث الصحيحة ، فإن السؤال سيكون : 
هل من يأتي من بعدهم من الفقهاء سيعملون وفق رأي هذه المجموعة أو لا ؟
✳️ فإن قلنا : يجب العمل وفق هذه المجموعة من قِبَلِ بقيّة الفقهاء ، أصبح الفقهاء الآخرون مقلّدين ! وهذا خلاف كونهم مجتهدين . وهذا هو غلق باب الاجتهاد الذي اتهم به السيد الحيدري الآخرين !
✳️ وإن قلنا : لا يجب العمل وفق هذه المجموعة ، بل كلّ فقيه يعمل وفق مبانيه الرجالية والأصولية التي انتهى إليها رأيه ويوظّفها لتمييز الحديث الحجّة من الحديث غير الحجّة ، ضرورة اختلاف الفقهاء في المباني الرجاليّة والأصولية وغيرهما مما يدخل في عملية تنقيب الأحاديث ، وحينها تصبح هذه المجموعة الحديثية ليست ذات فائدة ، والجهود التي بُذلت فيها لا طائل منها !

إذن هذه الطريقة ( طريقة التصنيف ) ليست علميّة ولا عملية ولا محصّل لها !! وإن كانت في بادئ الأمر يتخيّلها القارئ -  غير المتخصص - دعوة عمليّة .

✅ الطريقة الثانية : ( كلّ فقيه ينقّب في الكتب الحديثيّة ويختار الصحيح بحسب ما انتهى إليه رأيه وفق مبانيه الأصولية والرجالية وغيرهما ، ويدع غير الصحيح ) 

وهذه الطريقة ( طريقة التنقيب ) هي المعمول بها من قِبَلِ علماء الشيعة في البحوث العقائدية والفقهية .
وهي الطريقة الصحيحة وذلك :
◀️ ١ . إنّ الإجتهاد مظنّة الإختلاف ، فقد يرى المجتهد الفلاني حجيّة الخبر الفلاني لاعتماده على خبر الثقة ، بينما يراه الآخر ليس بحجّة ، لأنه يشترط الوثوق بخبر الثقة . 
ومثل هذا الخبر بحسب الطريقة الأولى نثبته في المجموعة الحديثية أم نحذفه ؟!! .
◀️ ٢ . إنّ الأحاديث الضعيفة السند ، قد تكثر في مسألةٍ ما وتشكّل تواتراً ، ويصبح هذا التواتر حجّة عقلاً وشرعاً ، فإذا حذفنا الأحاديث الضعيفة - بحسب الطريقة الأُولى - سنفقد هذه الحجّة ومثيلاتها وندخل في محذور شرعي ، خصوصاً إذا كان التواتر المشكّل من الروايات الضعيفة يثبت وجوباً أو حرمةً .
بل قد ندخل في محذور عقائدي وذلك حينما تشكل هذه النصوص الضعيفة مع النصوص الصحيحة تواتراً على عقيدةٍ ما ، فإنها ستكون حجّة لأنها ستؤدي إلى القطع واليقين !
◀️ ٣ . إنّ التعامل الصحيح مع النصوص لا يتم وفق المزاج الفردي أو النوعي للإنسان ! بل قد تكون هناك روايات صحيحة صادرة عن المعصوم وهي تخالف مزاج الإنسان ! ، وبحسب الطريقة الأُولى - كما سمعنا أحاديث مَن يدعون إليها - أنهم يرفضون النصوص التي لا تنسجم مع أمزجتهم ولا يجدون لها تفسيراً ، بينما قد يُكتشف لها تفسيراً ينسجم مع أساسيات الشريعة .. فمثل هذه النصوص ستُحذف لو طبقنا الطريقة الأُولى ، وبذلك نفقد نصوصاً كثيرة صادرة واقعاً عن المعصوم ، لذلك ورد النهي عن تحكيم المزاج والقبول والرفض  النفسي بالنسبة للأخبار الواردة عنهم (ع) .

وهكذا نجد أنّ الطريقة الثانية المعمول بها هي الطريقة الناجعة في التعامل مع النصوص .

🔰 لمحة في كيفية اهتمام العلماء في التمييز بين الصحيح والسقيم من الأخبار

لا يمكننا بهذه السطور القليلة أن نحيط بجهود علماء الشيعة في عملية التمييز بين الصحيح والسقيم من النصوص في مقام العمل والاعتقاد ، ولكن سنكتفي بالإشارة إلى ذلك من خلال عدّة نقاط :
◀️ ١ . في المباحث الأصولية ، في مبحث حُجيّة الأخبار ، حيثُ شرطوا في حجية الخبر أن يكون راويه ثقة ، وقد أسهبوا في الاستدلال والنقض والإبرام ، ليكون ذلك أساساً في قبول الخبر أو الإعراض عنه .
وكذا في غير هذا الموضع كمباحث التعارض بين الخبرين والمرجّحات والعرض على الكتاب الكريم .
◀️ ٢ . في المباحث الرجالية ، وهي مباحث مطوّلة ، غايتها التمييز بين الرواة ، فمن كان ممدوحاً أخذوا بما روى ، وإن كان مذموماً أو مجهولاً أعرضوا عن روايته .
◀️ ٣ . في القواعد الرجالية المشدّدة ، فإنّ هناك قاعدة رجالية معروفة تقول : " الجرح مقدّمٌ على المدح " فلو أنّ الشيخ الطوسي في رجاله مدح شخصاً إلا أنّ الكشّي قد ذمّه ، حينها لا يمكن الأخذ برواية هذا الممدوح المجروح ، وهذه القاعدة تكشف لك مدى تشدّد علماء الشيعة في قبول الرواية .
◀️ ٤ . التصنيفات الكثيرة للتعريف بالقواعد التي من خلالها يتم التمييز بين الرواة ، ولدراسة أحوالهم ، ليُعرف العدل الصحيح من الكاذب الوضّاع ، وكان من أهم تلك المصنفات " معجم رجال الحديث " الذي كتبه السيد الخوئي (قدس) في ٢٤ مجلّد قد فصل فيه طبقات الرواة تفصيلاً .
ومن ذلك قبسات من علم الرجال في مجلّدين ، مقتبسٌ من أبحاث السيد محمد رضا السيستاني (دام تأييده) .
وهكذا لو أردنا أن نذكر المصنّفات في هذا الباب - قديماً وحديثاً - لاحتجنا إلى عدّة حلقات أخرى .
◀️ ٥ . في المباحث العقائدية والفقهية ، فإنهم لا يعتمدون الأخبار إلا ما متمّت شروط حجّيتها ، تلك الشروط المبحوثة في علمَي الأصول والرجال .

هذا غيضٌ من فيض اهتمامهم في التنقيب في النصوص وتمييز الصحيح من السقيم .

🔰 النتيجة :
١ . لا أحد من أهل التحقيق يدعي صحّة كل الأخبار الواردة ، كما أنّ دعوى كون تراثنا من اليهودية والنصرانية دعوى جاهلة كما تبيّن في الجزء الأول من الرد .
٢ . إنّ طريقة التصنيف التي دعى لها السيد كمال الحيدري طريقة غير صحيحة وتتقاطع مع مبدأ الإجتهاد . 
٣ . إنّ دعوى السيد كمال الحيدري بأنّ علماء الشيعة لم يهتموا بالتمييز في الموروث الروائي دعوى باطلة وغير حقيقية ، لأنهم قد اتخذوا الطريقة الصحيحة وهي طريقة التنقيب .

 المدار في معرفة الإجتهاد والاعلمية ليس بكثرة التصنيف  

هل المصنّفات وكثرتها هي المقياس في الاجتهاد والاعلمية ؟؟ أم إن المقياس هم ذوو الخبرة المأمونون ؟؟
الجواب : لا بدّ للناس من الرجوع لأهل الخبرة المأمونين .
وذلك
أولا : 
لأن المصنفات التي تدل على الاجتهاد وتدلّ قوتُها على الاعلمية إنما هي تلك المصنفات التخصصية الدقيقة التي لم يكن إدراكها - فضلا عن الترجيح فيما بينها - بمتناول عامة الناس ، فلا بد من الرجوع في هذه المصنفات إلى المتخصصين في هذه العلوم ( وهم أهل الخبرة المأمونون المعروفون بالعلم والتقوى ) ولو قال بعضٌ من أساطين المذهب بهذا الطريق ( وهو أن معرفة الاعلم تكون من خلال المصنفات ) فإن قصده قطعا هو : إن اهل التخصص والخبرة يعرفون الشخص من خلال مصنفاته العلمية .. لا أن العامة من الناس يعرفونه من خلال مصنفاته ،  وذلك لعدم إمكان ذلك كما بينّا .
وإن إرجاع العامة الى المصنفات هو نوعٌ من أنواع التضليل والتجهيل ، كما يقال للمريض : تعرّف على الطبيب والطبيب الحاذق من خلال مصنفاته لا من خلال ذوي الاختصاص في هذا الشأن !! خصوصا وأن الكثيرين يجدون صعوبةً في فهم الرسالة العملية ! فكيف بالمباحث العليا !؟

ثانياً :
وجدنا ممن لديهم الكثير من المصنفّات في مختلف أبواب العلوم الدينية ممن لم يذق طعم الإجتهاد وهو أبعد ما يكون عنه ، فيما وجدنا من الفقهاء الذين يُشار لهم بالبَنان ولم تجد لهم مصنفاتٍ تُذكر أو أنها قليلة جداً .
قد يُقال :
إذن لماذا عدم التأليف ؟
الجواب : 
إن الفقيه حينما يشرع بكتابة موسوعة او كتابٍ ما ، لابد أن يكون هناك مقتضي لهذه الكتابة - يعني هناك حاجة اقتضت التأليف - وليست القضية قضية سباق وتفاخر !! .. 
فقد يكن رأي هذا الفقيه أو ذلك أن الكتابة لا مقتضي لها لوجود مصنفات تغني عن كتابته ، كما يُنقل عن أحد أساتذة الحوزة العلمية - حفظه الله تعالى - وهو الموسوعي في علم الرجال ، حين سُئل عن سبب عدم كتابته في علم الرجال .. فأجاب : لا مقتضي للكتابة فهناك من المصنفات ما يغني عن كتابتي .

إجتهادات السيد كمال الحيدري في الميزان في ردّ مقولته " بأنّ استظهار كل زمان حجة "

يَعتبِر السيد كمال أنه يتميّز في مبانيه الأصولية بأمرين :
#الأول : 
إن الاستظهار من النصوص الشرعية في كل زمان حجة ! ولا يجب علينا الالتزام بالظهور في عصر النص . 
بمعنى : أنك لو فهمت من نصٍ شرعي معنى ما بحسب التفاهم العرفي اليوم ، فإن فهمك هذا حجة وإن كان مخالفاً للتفاهم العرفي في زمن المعصوم (ع) !

وهذا👆- مع الأسف في غاية الوهن والضعف - ويؤدي الى مخالفة عِدْل الكتاب الذين أُمرنا بموافقتهم ومُنعنا من مخالفتهم ... 
لماذا ؟
وذلك لأن المعصوم (ع) شخصٌ يتحاور مع الناس بأدواتهم العرفية وبحسب ماعندهم في قوانين التفاهم الموجودة عندهم ، فإذا أطلق (ع) نصاً من النصوص فإنه يريدُ إيصال مراده الجدّي إليهم ، ولا يصل ذلك المراد إلا باستعمال أدواتهم العرفية نفسها وقوانينهم في التفاهم والمحاورة ، ولو استخدم غير أدواتهم العرفية في التحاور لكان ذلك نقضاً لغرضه والعاقل لا ينقض غرضه ...
وعليه ... فمراد المعصوم (ع) هو ذلك المفهوم الذي يُفهم بحسب عرف وأدوات عصر النص لا بحسب عرف وأدوات كل عصر "لو فُرض الخلاف في الفهم" .
ولعلّ قائلٍ يقول :
ولماذا حَصْرُ مراد المعصوم بما هو مفهوم في عصر النص ؟ لماذا لا نوسّع الدائرة ونعتبر أنّ المعصوم (ع) أراد عدّة معاني حين أطلق النص - المعنى في زمن النص والمعنى في زمن الطوسي والمعنى في زمن الخوئي والمعنى في زمننا - ؟
والجواب :
أولا : هذه الدعوى لا دليل عليها أبداً وتبقى حجية هذه الإستظهارات مشكوكة ، وكما قالوا في القاعدة الأصولية ( الشك في الحجية مساوقٌ لعدم الحجية ) ، بمعنى أننا لو شككنا بحجية أمرٍ ما ، فإننا لا يمكننا التعويل عليه ، حاله في ذلك حال من ليس حجة اصلاً .
ثانياً : لا يمكن "عقلاً " أن يراد من لفظٍ واحد معنيان في " آنٍ " واحد ( وهذا ما نص عليه صاحب الكفاية أيضا) ، فإنّ المعصوم (ع) حين أطلق النص لا يمكنه أبداً أن يريدَ معنَيَيْن في آنٍ واحد ( لحظة إطلاق النص) فكيف إذا ادعينا أن لكل عصر معنى !!! بل مراده (ع) هو واحد لا يتعدد .
وعليه :
فإذا أخذنا بما نستظهره اليوم بأدواتنا الحوارية ، وافترضنا الخلاف مع استظهار عصر النص ، نكون قد أخذنا بغير مراد المعصوم (ع) وهو مخالفة صريحة لأهل البيت (ع) وللقرآن الكريم الذي أمرنا بالأخذ منهم وبمرادهم  (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) .

#الثاني مما امتاز به السيد الحيدري :
عدم توقيفية المفاهيم الشرعية كالصلاة وأنها قابلة للاجتهادات حتى لو فُرض الخلاف مع رسول الله (ص) بحيث نعلم أن صلاته كانت كذا ، فإنه يمكن أن نخالفه ونصلي بغير طريقته عملاً بالاجتهاد !!! .

وهذا ما سنفرد له حلقةً خاصة إن شاء الله تعالى . انتظرونا .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ابو تراب مولاي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/04/06



كتابة تعليق لموضوع : ردود الكاتب "أبو تراب مولاي" على شبهات الحيدري وآراءه المخالفة لثوابت المذهب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net