صفحة الكاتب : الرأي الآخر للدراسات

دور المرجعيات الإسلامية في الحوادث الكبرى في حوار عبر الأثير
الرأي الآخر للدراسات

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.



حسن الطائي- زيورخ
مواضيع من العالم العربي .. هو عنوان برنامج إذاعي أسبوعي تفاعلي من راديو لورا في زيورخ في سويسرا يطرح المواضيع حسب أهميتها، من خلال متابعة المستجدات والحوادث في مختلف مناطق العالم العربي، وحسب أهميتها التأثيرية في الحدث السياسي، والاجتماعي، والاقتصادي، والأدبي، والعلمي وببقية الصنوف الأخرى، من خلال عرضها للتحليل والمناقشة، وإبداء الرأي في قرائتها وفق المعطيات الصحيحة التي تتطابق مع الحدث أينما كان.
في حلقة الأحد (20/11/2011م) تناولنا فيها مواقف المرجعيات الإسلامية في الحوادث الكبرى والتي تركت آثارا ممتدة إثر إنقسامها بين مؤيد للإحتلال البريطاني خلال الحرب العالمية الأولى، ومناهض له، ومستجدات الوضع في العراق بعد عام 2003م واحتلال القوات الأميركية للعراق وحوادث المنطقة وما يُطلق عليه في الإعلام الغربي "ثورات الربيع العربي"، وقد استضاف البرنامج كلا من الإعلامي والباحث العراقي الدكتور نضير الخزرجي الأستاذ في الجامعة الإسلامية والباحث المشارك في دائرة المعارف الحسينية بلندن، والباحثة اليمنية الدكتورة إلهام مانع الأستاذة المحاضرة في السياسة والقانون في جامعة زيورخ بسويسرا.
 في معرض الإجابة على سؤالنا عن الإمارات التي اعتمدتها المرجعيات الإسلامية لتحديد موقف واضح من أطراف الصراع أثناء الإحتلال البريطاني للعراق نهاية عام 1914م، أكد الدكتور نضير الخزرجي على أن مراجع الشيعة الإثنا عشرية الإمامية بلوروا موقفا منسجما مع الواجب الشرعي الذين كانوا يرونه آنذاك وهو الوقوف إلى جانب السلطة العثمانية السنية بالضد من الإحتلال البريطاني رغم تعرض المسلمين الشيعة الذين يشكلون أكثرية الشعب العراقي للتعسف والاضطهاد في ظل الولاية العثمانية، مستشهدا بثورة أهالي كربلاء المقدسة في عام 1915م والعنف الدموي الذي مارسه الحرس العثماني بالضد من السكان وقتل الكثيرين، شارحا في المقدمة الإطار العام في عملية التسلسل الهرمي لمؤسسة المرجعية باعتبارها إمتدادا تصاعديا يبدأ من ولاية المرجع الجامع للشرائط، بوصفه منفردا أـو مجتمعا مع مراجع تقليد آخرين ممثلا شرعيا لسلطة الإمام الغائب (محمد بن الحسن العسكري) المتصلة بالنبوة ثم بالوحدانية. معتبرا أنَّ المرجعية تمثل مفصلا رئيسا بين الأمة والإمامة باعتبار أن إتباع الأمة لإرشادات المرجعية الرشيدة الفاعلة هو تعبير صادق عن طاعة الإمامة والنبوة، بخاصة وأن المرجعية الدينية الناشطة تتصرف بعيدا عن هوى النفس والمؤثرات وتتحرك وفق مبتنيات فقهية تستند عليها في رسم مواقفها إتجاه أي قضية من قضايا الأمة.
 أما الأستاذة الدكتورة الهام مانع فقد أكدت في معرض إجابتها أن هناك عالماً ينهار وعالماً آخر يتشكل من جديد، مؤكدة أنَّ الإمبراطورية العثمانية كانت في حالة ترهل، وبريطانيا في حالة صعود مع تنافس دول أوربية أخرى تتسابق للاستحواذ على ارث النفوذ العثماني الذي لم يكن يعامل رعاياه بنفس القدر من المساواة، مؤكدة على ظلم  وفساد الإمبراطورية العثمانية التي كانت في حالة تحلل وتخلخل إن لم يكن انهيارا تاماً، مشيرة إلى أن هناك قوى جديدة أخذت تتشكل تمثلت في الحجاز عبر الشريف ابن علي ونجد عبر ابن سعود وكل منهما كان يسعى للوصول إلى السلطة عبر التنسيق مع بريطانيا ومن خلال التحالف مع قوى دينية تيسر لها عملية الوصول إلى الحكم، معتبرة أن التحالف بين المؤسسة الدينية والسياسية قام على أساس تحقيق مزاوجة تبادلية تحقق أهدافا للطرفين. كما أشارت في معرض المقارنة في تكوين الدولة العربية الحديثة حاليا إلى الدول الاستبدادية بكل أشكالها حيث تجدها توظف الدين للوصول إلى السلطة والتي أساسها الاستبداد وعدم الفصل بين الدين والدولة ما أدى إلى إيجاد نخب دينية تتماها مع  السلطة عبر إضفاء الشرعية عليها وتعضيدها من خلال دعمها باستمرار، مستشهدة بمواقف العديد من رجال الدين في العصر الحديث تجاه أفعال استبدادية تمثلت في مصادرة الجنسية لخمسة آلاف مواطن قطري من قبلية بني مرة ، فلم ينبس الشيخ القرضاوي أو مشايخ الإفتاء في السعودية ببنت شفة.
 وعلقت الدكتورة الهام مانع على اندفاع إمارة قطر في دعم حركات الإسلام السياسي في الدول التي حصلت فيها ثورات عبر ضخ إعلامي مكثف يسلط الضوء على الإخوان المسلمين وبث خطاب تعبوي يصادر دور الآخرين في التغيير ويشكل عملية إزاحة لرغبات الشعوب العربية الطموحة للحرية والكرامة  عبر تأسيس دولة المواطنة التي تعامل أبناءها بالتساوي ودون تمييز بين الرجل والمرأة في توزيع الوظائف والحقوق والواجبات، ورأت على مستوى التنافس بين قطر والسعودية أنه نابع في رغبة السعودية في بقاء النموذج الكلاسيكي للحكم في خضم الحراك الأخير، وقد ظهر ذلك في موقف الشيخ عبد العزيز آل الشيخ عبر إصدار فتوى تحرم التظاهر في المملكة السعودية والبحرين، أما قطر فهي ترغب في ممارسة دور ريادي  من خلال استثماراتها الضخمة في الإعلام المرئي، لكن الدكتورة مانع وجدت موضوعية لدى قناة الجزيرة باللغة الانكليزية بشكل عام وعدمها لدى الجزيرة الناطقة بالعربية كونها تواكب سياسة تنسجم مع رغبة الأمير في أسلمة الثورات العربية، واستخدام القناة كسلاح ضد الأطراف الأخرى.
وفي معرض العلاقة بين الدين والسياسة في خضم الحوادث التي تعصف في المنطقة العربية والإسلامية ونحن في مقتبل الألفية الثالثة الميلادية، استحضر الدكتور الخزرجي مقولة رجل الدين والسياسة النائب الإيراني السيد حسن المدرس (1870- 1937م) : "سياستنا عين ديانتنا وديانتنا عين سياستنا"، مؤكدا أنه لا يمكن حشر الإسلام في زاوية وإبعاده عن السياسة لأن السياسة هي الدين والدين هي السياسة، ولا يمكن فصل الدين عن السياسة كما يطالب البعض، لأنه لم يكن هناك فصل أساساً، فالدولة الإسلامية أقامها النبي محمد(ص) وكان نبيا حاكما تعامل مع الناس على أساس المواطنة وتشهد بذلك وثيقة المدينة المنورة التي لم تميز المواطن على أساس دينه وإنما تعاملت معه على أساس ولائه للوطن وحرصه على مصالح البلاد والعباد.
ورأى الخزرجي فيما يخص الواقع السياسي العليل في العراق وفي غيره، أن الأولى للأحزاب جميعا، الدينية والقومية والمناطقية وغيرها، وضمن سياقات الديمقراطية والحكم المدني، أن تفتح أبوابها للجميع على أساس المواطنة لا أساس المذهب أو القومية أو المناطقية، وتنفتح كل الأحزاب على سكان المدن العراقية جميعها، فيكون بالإمكان للمسلم السني في الموصل أن ينتظم في حزب حاضنته شيعية، ويصح للشيعي المسلم أن ينتظم في حزب حاضنته سنية، وينسحب مثل هذا الأمر على الأحزاب القومية والمناطقية، وعندئذ لا يشعر أحد بالغبن فيكون من المتاح للسني أن يصبح رئيسا للوزراء ولا يكون هذا المنصب الوظيفي حكراً على الشيعي ضمن موازنات الأكثرية والأقلية المعمول بها بعد عام 2003م، ولا يكون حكراً على السني كما كان يعمل به قبل عام 2003م ولقرون طوال، وكذا الأمر مع الكردي أو التركماني وغيرهما، مستشهدا في هذا المقام في التجربة الباكستانية حيث يحكم فيها حزب الشعب الباكستاني الذي تأسس في حاضنة شيعية إسماعيلية رغم أقليته ولكنه ظل لعقود يحكم أكثرية سنية لكون الحزب منذ تأسيسه تعامل مع الناس على أساس المواطنة فانتظم فيه الشيعي والسني ففاز في معظم الانتخابات البرلمانية وشكَّل الحكومة مرات عدة ولازال.
كما أجاب الدكتور نضير الخزرجي عن دور المرأة وحقوق الإنسان في العراق وهو يعلق على حديث الدكتورة الهام مانع التي وجدت ذكورية صارخة في التعامل مع المرأة وحقوقها، مؤكدا أنَّ المشكلة في التطبيق وليس في النظرية  باعتبار أنَّ الإسلام هو الذي أخرج المرأة من أسر الثقافات الجاهلية وحافظ على دورها ولم يمارس التمييز بالضد منها، وخلص إلى نقد الآليات في عملية اعتماد "الكوتا" في التصويت لانتخاب أعضاء مجلس النواب العراقي معتبرا أن "الكوتا" ظلمت الرجل والمرأة معاً، فلا هي أنصفت الناخبين وقداسة أصواتهم ولا هي أنصفت المرأة.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الرأي الآخر للدراسات
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/11/27



كتابة تعليق لموضوع : دور المرجعيات الإسلامية في الحوادث الكبرى في حوار عبر الأثير
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net