صفحة الكاتب : ثامر الحجامي

في عشية الجمعة الدامية
ثامر الحجامي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

ليست يوما كباقي الأيام ولا جمعة كغيرها، فتاريخها يختلف وأحداثها لا تنسى، وآثارها ستبقى شاخصة في القلوب، التي مازالت تنزف من هول ما حصل، والصدمة التي أريد لها أن تذهب بالعقول، والجريمة التي غيرت مستقبل أمة، وحققت أمنية رجل كان يطلب الشهادة.

هكذا كان قدر السيد محمد باقر الحكيم أن يولد في النجف، وتتناثر دماؤه عند ضريح الإمام علي (عليه السلام )، بعد ربع قرن من الغربة والاغتراب، أمضاها وهو يقارع الظلم والجور والطغيان، وكل أمله أن يرى شعبه محررا، تنعم جميع طوائفه وقومياته بالحرية والرفاهية.

جاء من الغربة حاملا كفنه على راحته، صوب الأمل المنشود الذي كان يطلبه في دعائه، وأخبر أهله قبل ثلاثة أيام من إستشهاده، بأن بقاءه سيكون قليلا وأنه راحل عن هذه الدنيا، وكأن مشروعه أريد له أن يختم بمكافئة كبرى، فكانت مكافأته الشهادة، بجوار من استشهد في محرابه وقت الصلاة، فأستشهد بجواره في وقت الصلاة، وكما كان علي (عليه السلام ) صائما، كان هو صائما أيضا.

صوت هائل هز النجف لم يسمع مثله من قبل، ودخان وتراب يغشي الأبصار، يتبعه صراخ ونواح، ولم تنجلي الغبرة إلا وأجساد مقطعة وأخرى تعلوها الدماء، لا يكاد يسمع لها أنين، وقلوب توقفت عن النبض وعقول هالها ما حدث، فلم تر له مثيلا من قبل، والجميع صار يهرول صوب الأجساد بحثا عن السيد العظيم، الذي أرتفع الى السماء مستبشرا، تاركا لوعة كبرى وقلوبا حرى، ووطن لما ينهض من كبوته بعد.

رحل محمد باقر الحكيم، ومازال يستلهم منه المجاهدون، معاني العز والإباء والفداء والتضحية، فهو إرث تاريخي وجبل شامخ، ومنهج ثوري حاضر في وجدان العراقيين جعل همه الدفاع عن العراق خاصة والمسلمين عامة، وأعطى في سبيل ذلك كل غال ونفيس، من اجل أن تزرع بذرة الخير في هذا الوطن ويرفع الظلم عن أهله، مقارعا شتى صنوف التعذيب والقهر، ومقدما من اجل الحرية أعز ما يملك.

أرتحل الحكيم؛ ولما تستطع الأقلام أن توفيه حقه، أو تكتب عن هذه الشخصية التي أمتد نشاطها لنصف قرن، تميز بالصعوبة وسنين مثخنة بالجهاد والأحداث والتطورات، نذر نفسه للدفاع عن الإسلام والمحرومين، وأفني عمره في خدمة وطنه وأبنائه المظلومين.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ثامر الحجامي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/03/12



كتابة تعليق لموضوع : في عشية الجمعة الدامية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net