المبادرة السعودية ... أكثر من علامة استفهام
علي المالكي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
بعد أكثر من سبعة أعوام على سقوط النظام السابق وتطور العمل السياسي في العراق ... ضل دور السعودية سلبيا ولم يقدم أي دعم حقيقي للبلد المجاور العراق ، والذي مر بأكثر من أزمة كان يمني النفس بمشاهدة أشقائه العرب إلى جانبه ومن بين الأشقاء السعودية .
دور السعودية المبطن لم يكن واضحا منذ البداية وشارك بشكل كبير في عرقلة وضع العراق الأمني من خلال دعم وتمويل وتسهيل دخول الإرهابيين إلى العراق ...  وبمساعدة المخابرات السعودية ، فضلا عن الفتاوى الضالة التي خلقت أرضية مناسبة لكلاب السعودية السائبة للدخول إلى البلد والمشاركة بعمليات القتل والذبح والتفجير والاختطاف بحجة مقاومة الاحتلال .
موقف السعودية الرسمي كان طائفيا وسلبيا منذ البداية فهي الدولة الوحيدة التي لم تبادر إلى فتح علاقات طيبة مع العراق على الرغم من سعي العراق في أكثر من مرة إلى أعادت علاقاته الدبلوماسية مع الدولة الجارة التي لم يروق لها إقامة حكم شيعي في العراق .
النوايا السيئة وإيديولوجيات المواقف الطائفية فرضت طوقا من الجفاء اللامتناهي بين الامتداد السعودي العراقي المتوتر والذي لم يسعفه سقوط النظام السابق والذي كان يعتبر السعودية من اشد أعدائه بعد وقوفها إلى جانب الكويت في حرب الخليج عام (1991) ومساهمتها الفعالة في حرب العراق عام (2003) فقد سهلت كثيرا من مهام القوات الأجنبية التي أطاحت بنظام البعث السابق .
وعلى طول الخط ضلت توترات العلاقة السعودية العراقية تشكل هاجسا كبيرا للعراقيين ... فعلى الرغم من الاختلاف الكبير بين وجهات النظر السياسية ، هناك خلافات عقائدية تدفع الطرف الآخر (الطرف السعودي وماكنته الدينية التي يسيطر عليها الوهابيين) إلى تكفير الشيعة في العراق وتدفع باتجاه مقاومة الشيعة بدلا من الاحتلال ، كما دفعت أيضا وضغطت على الحكومة السعودية باتجاه مقاطعة العراق وعزله في دائرة ضيقة ربما تساعد هذه العزلة في وئد تجربته السياسية الحديثة.
وبعد إن أدركت السعودية إن القافلة العراقية تجري نحو الأمام ... وان العراقيين ماضون بتشكيل الحكومة الجديدة رغم الخلافات التي طرأت عليها ... أرادت إن تدخل على الخط باتجاهين :
الأول : خلط الأوراق وعرقلة الوضع السياسي من خلال مبادرتها التي أطلقتها مؤخرا .
الثاني : أدركت انه لاجدوى من قطيعتها للعراق فحاجة السعودية لبلد مثل العراق بدأت تتفاقم في الآونة الأخيرة خصوصا بعد اللقاء الذي جمع ملك السعودية بالرئيس السوري بشار الأسد فقد ابلغ الأخير ملك السعودية بأهمية احتضان العراق وتغيير مسار العلاقات معه .
وعلى هذا الأساس أطلق ملك السعودية مبادرته الأخيرة والتي دعا من خلالها رئيس الجمهورية جلال الطالباني ومختلف القوى السياسية الفاعلة في العراق إلى إجراء محادثات في الرياض ترعاها جامعة الدول العربية بعد انتهاء موسم الحج لحل المشاكل التي تواجه تشكيل الحكومة العراقية على حد وصف ملك السعودية .
وجاءت هذه المبادرة بعد فترة وجيزة من إطلاق رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني مبادرة الطاولة المستديرة لجمع الكتل السياسية والجلوس على طاولة واحدة قد تساهم في الوصول إلى توافق وطني وتساعد على تشكيل حكومة شراكة وطنية تشارك فيها جميع الكتل الفائزة في الانتخابات .
ومن هنا تنتفي الحاجة إلى المبادرة السعودية التي ولدت ميتة ... فالمبادرات الوطنية وتكثيف اللقاءات والنقاشات البناءة التي تشكلت نتيجة التقاربات السياسية والمتبنيات الوطنية  هي الحل الأمثل في تشكيل حكومة عراقية وطنية  تولد بإرادة عراقية وفي أراضي عراقية بعيدا عن التأثيرات الدولية التي لابد منها ...  لكن تبقى مبادرة السعودية تحمل أكثر من علامة استفهام ولايمكن التعامل معها على أساس النوايا الحسنة . 
 
 
علي المالكي
ali.almaleky@yahoo.com

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي المالكي

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/11/04



كتابة تعليق لموضوع : المبادرة السعودية ... أكثر من علامة استفهام
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net