صفحة الكاتب : علي علي

الميزانية.. الأكذوبة الكبرى
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   تعج الساحة العراقية بعد عام السعد 2003 بكم هائل من الأخبار والأحداث اليومية على الأصعدة كافة، وهي بين سار ومحزن، ومضحك ومبكٍ. أما المضحك منها فهو الشغل الشاغل لفئة معينة تقيم أعراسها على مآتم العراقيين، وأما المبكي فهو حصة النسبة العظمى من المواطنين الذين ينطبق عليهم مثلنا الشعبي القائل: "جزنا من العنب انريد سلتنا". وهم الذين لايبتغون غير العيش بسلام ووئام في عراقهم، رافعين شعار (نعم للعلاگة.. لا لباقي الحقوق) بعد أن حتم عليهم واقعهم العيش دون أدنى مستويات العيش الكريم، إلا من كان ذا حظ عظيم فيصل حد الكفاف.

   ولعل من أول المبكيات هو أن حدثا سنويا أضحى يتكرر بسلبياته عاما تلو عام، وليس للمتسببين في تكراره إحساس بهول تبعات ما يقومون به، ذاك الحدث هو تأخير إقرار الموازنة. والجميع يعلم ولاسيما أصحاب المراكز القيادية في مجالس الدولة، ما لهذا التأخير من إضرار كبير بمصلحة البلاد والعباد، وهم يعلمون أيضا، أن على عاتقهم تقع مسؤولية كل مايترتب على هذا التأخير من رزايا، ليس أولها المساس بلقمة المواطن، وآخرها لايقف عند عكس دوران عجلة التقدم الى الوراء. وهم بهذا يرتكبون جريمة بحق شعبهم، ويتحملون وزر حنثهم بقسمهم وأدائهم اليمين الدستورية، حين تسنموا مقاليد الحكم في التشكيل الهرمي لمؤسسات الدولة.

   وشكلت هذه السلبيات بتحصيل حاصل شرخا كبيرا بين المسؤولين والمواطن، فالأخير وصل إلى قناعة مريرة بواقع أكثر مرارة، هي أن حقوقه ومستقبله على كف عفريت. كذلك اتضح له ان ثروات بلده يتلاعب بها سراق محصنون.. مدعومون.. منزهون.. مزكون، بإمكانهم شفط الأموال بطرق خفية على الحاكم والرقيب، وكذلك غير قابلة للكشف من قبل "نزاهة" او "مساءلة" أو أية جهة رقابية أخرى.

   ولو عدنا بالزمن والأحداث الى الوراء ثلاث سنوات، فإن المركز العلمي للدراسات التنموية في العاصمة البريطانية لندن، دعا حينها الحكومة العراقية إلى إعادة صياغة موازنة 2014 بشكل كامل بما يتناسب مع ظروف العراق وأوضاعه الاقتصادية الصعبة. فالعجز المالي في هذه الموازنة يشكل نصفها، وتجاوزت قيمته 75 مليار دولار ما يعني أن العراق في وضع مالي صعب جداً. يضاف إلى ذلك أعباء الحرب التي يخوضها العراق والتي تزيد تكلفتها عن إيرادات العراق المالية. فالتكلفة العالية للملف الأمني والإنفاق على القوات المسلحة بالإضافة إلى عبء إيواء النازحين الذين تجاوز عددهم 1.5 مليون شخص، شكل ضغطاً كبيراً على هذه الموازنة، ما دفع إلى مناقلة أموال من الموازنة الاستثمارية لتمويل هذه النفقات، وهذا لعمري تجسيد لمثلنا القائل؛ (يغطي الشمس بالمنخل).

 يضاف إلى ذلك مبالغ عالية من السلف والقروض التي زادت من قيمة العجز، إذ تم تمويل العديد من النفقات من خلال السلف التي تجاوزت 60 مليار دولار، و8 مليار دولار سحب على المكشوف، في حين اضطرت بعض الوزارات للاقتراض من القطاع الخاص لتمويل بعض المشاريع، وهذا عين العجز والإفلاس الذي يخيب ظن المواطن بحكومته وببرلمانه الراعي لحقوقه وثرواته.

  ولو عدنا الى تداعيات الإخفاق في إقرار موازنة عام 2014، فإن تقريرا صدر آنذاك، حذر فيه المركز المذكور أعلاه، من تجاوز العجز مبلغ الـ50 مليار دولار، فحينذاك سيكون العراق عرضة لخطر الإفلاس في العام 2017، وسيكون العراق عاجزاً عن دفع رواتب موظفيه. 

   اليوم، وقد ولجنا منذ شهرين عام 2018، أي أن عدم إقرار موازنة هذا العام بات في عداد العيوب التي تضاف الى كم هائل من عيوب مجلسي التنفيذ والتشريع، اللذين سخرا الموازنة كأكذوبة كبرى لتسيير مصالحهم الحزبية والفئوية، هل تكفي القائمين على إقرارها أعذارهم بتأخيرها؟ وهل من مسوغ مشروع يقنع الرأي العام بمسببات الإرجاء والتأخير والمماطلة والتسويف؟ وهي سرقة في وضح النهار، شم الجميع رائحتها، وعلا أمام الجميع (عطّابها) ولمس المواطن أضرارها حتى أثقلت كاهله بما لايحتمل.

aliali6212g@gmail.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/02/28



كتابة تعليق لموضوع : الميزانية.. الأكذوبة الكبرى
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net