البي بي سي اعلام لا يعرف الحياء
د . حامد العطية

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  قبل اسابيع بثت محطة البي بي سي تقريراً مصوراً عن أحداث سورية، في نشرة أخبار موجهة لشمال قارة أمريكا، تضمن مقابلات اجرتها مراسلة القناة مع مديرة مدرسة ثانوية وطالباتها، استقصت من خلالها مواقفهن من الأزمة، وتخلل التقرير لقطات من شريط مصور مأخوذ من المواقع الإلكترونية، تظهر فيه مجموعة من طلاب المدارس الابتدائية أو المتوسطة في مسيرة وصفتها معدة التقرير بالمعارضة للنظام السوري.

   بعد مشاهدة التقرير كتبت رسالة إلى البي بي سي باللغة الانجليزية استغرب واستنكر فيها احتواء تقريرها الاخباري على مقابلات وصور لأطفال سوريين وشباب قصر، لا يمتلكون حقوقاً سياسية بحكم أعمارهم، فلا يحق لهم التصويت في انتخابات ولا الترشح فيها، لذا فلا يجوز اشراكهم في أي نشاط سياسي، مثل التظاهر، سواءً مع الحكومة السورية أو ضدها، ناهيك عن احتمال تعرضهم للعنف، واعتبرت تغطية البي بي سي لمثل هذه الأنشطة تشجيعاً لسلوك مغاير للقيم الانسانية والاعراف الديمقراطية.

   لم استلم ردأً من البي بي سي.

    بعدها بأسابيع عرضت المحطة تقريراً مصوراً عن الموضوع ذاته، سجل مشاهدات لمراسلتها من سورية، التي دخلتها خلسة عبر حدودها مع لبنان، واشتمل على مقابلة مع تاجر أسلحة لبناني، كانت تسأله بالانجليزية ويجيب بالعربية، اعترف ببيعه أسلحة لسوريين معارضين، فسألته عن هويتهم: قال لها باللغة العربية: "سلفية"، لكن المترجم ترجمها "منشقون"، لغاية لا تخفى على أحد، المهم ما استفدناه من هذا التقرير أن البي بي سي خالفت القوانين اللبنانية والسورية والدولية عندما سمحت لمراسلتها بعبور الحدود اللبنانية - السورية خلسة، وشهدت بأن تهريب السلاح من لبنان إلى سورية حقيقة، وبأن هذا السلاح يباع للسلفيين الطائفيين التكفيريين.

   لم اضيع وقتي بكتابة رسالة للبي بي سي هذه المرة.

   في نشرة أخبار لاحقة خصصت البي بي سي حوالي عشر دقائق للأخبار عن سورية، ودقيقة واحدة لخبر عن حصول مجابهات بين فريقين متنازعين في اليمن، وكأن المظاهرات المليونية المعارضة لنظام عبد الله صالح وقتله المئات بالدبابات والمدافع والطائرات شيئاً لم يكن.

   في الشأن البحريني صمت مريب، لعل البحرين اختفت من خارطة العالم المعلقة في مكاتب محطة البي بي سي.

    قال ابراهام لنكولن الرئيس الأمريكي الأسبق: أنت تستطيع خداع بعض الناس كل الوقت وخداع كل الناس لبعض الوقت ولكنك لا تستطيع خداع كل الناس كل الوقت، وهي بديهيات لا تستحق الذكر، والأهم من ذلك امكانية خداع معظم الناس لمعظم الوقت، وهي القاعدة التي تطبقها الحكومات الغربية ومؤسساتها الاعلامية.

   عندما اسمع بأمريكا والديمقراطية الغربية هذه الأيام أصاب بالغثيان.

24 تشرين الثاني 2011م

 

  

الموضوع السابق ظهور الفكر العربي المنحرف

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat