صفحة الكاتب : محمد الهجابي

يا امرأة، هاتي اليد!
محمد الهجابي
ضعي يدَك في يدي،
ضعيها يا امرأة،
واشعريني برقّة أناملها كيما ترقّ شغافُ القلب منّي،
وأعطافُ الأحلام.
كمْ يَلزمُني منْ آيات
يومَ أُلْزِمُني
بشَفيفِ كلام،
حتّى أقول بئسَ الطريق إذا ما سلكتُها وحيداً
عارياً مثلَ صفصافة ملءَ خريف،
بئسَ الطريق إنْ لم تثو أديمَها قدماك الصغيرتان.
وكأُرجوحةِ الحديقة، إذ هجرَتها ضحكاتُ الصغار الصادحة، وقد كانت تنوسُ بها أماماً وخلفاً،
صار مَدايْ.
ضعي يدَك في يدي،
وليكنْ هذا منتهايْ.
فقط، يا امرأة
يدُك في يدي،
ولنفرد ركناً لنا، لوحدنا، في ممشى لا يفضي إلى باب
سوى إلى بابِ الفراسة،
أو سراة سبيل العاشقين.
وللعُمْر، وما يليه، منْ هَبالنا كلّ متّسع.
أذكرُ؟
لا أريدُ أن أذكرَ غير أن نأتيَ ما لم نكنْ نأتي.
نتقافزُ فوق حجارة الوادي وحصياته، حتّى تتبلّّل منّا الصور،
    نتسلّقُ الأشجار، ومنْ شرأبيباتها نعبرُ إلى باقي الأمداء،
نتشبّح فوق العشب البلدي، فيما بصرُنا يمسحُ السماء بحثاً عن نجمتنا السائرة، ثمّ نمضي
نلعبُ لعبة الغُمّيضة، بينما الأيدي تجوسُ، بالتحايل الظريف، مواطن الشهوة فينا، ونداء الماء إلى الماء.
نكرعُ من أفمام القنينات ما طابَ لنا من جعّة، بينما أقدامنا تناغي صخبَ موجات البحر فوق الصخر،
نقرأُ أشعار الماجنين، فيما نحنُ
نضحكُ حتى يهتزّ ّمنّا الكشحُ والزّوْرُ،
ويشخب ماءُ العين.
    نتسكّع الليل كلّه،
    نتمسّح بالحيطان كالقطط،
نحكي آخر الصبوات في زاوية معتمة لمدخل عمارة،
نتحاضنُ عند الجسر،
نتخاصمُ بين حينٍ وحين،
نتواددُ في الفراش،
نتشاكسُ في الظهيرة،
ثمّ نتباوسُ إلى مطلع الفجر.
نلتهمُ قطعَ الشوكلاته بالسوبير مارشي قبل أن نبلغَ الصرافة الجميلة،
نمشي حُفاةً في الشارع العام،
نتحايلُ على الجابي بالمقطورة، كي لا ننقده،
ثمّ ننزلُ عند أوّل محطةٍ حتّى ندرك القطار الآيب،
ونعيد الكَرّة كَرّات. 
ضعي يدَك في يدي،
وهيّا نطوي المسافات،
فلا نُبقي فرسخاً من خارطة الأرض دونَ أن نبصمَه
بشاهق الاعتوارات.
ضعي يدَك في يدي
قبلَ أن يجنّ اللّيلُ،
وتحنّ إليّ ظلمتُه الضاربة في الإثمد.
يا امرأة،
لأشيائك صمتُها المكين،
ولي سقوطي المدوّي
في جموح الأنين.
وهذا نعشي بين كفّيْك فراغٌ.
ولي منْ موتاته الكابسة،
ما يَحرقُ عليّ الأُرّمَ،
أجّلي معي موتتَه الأخيرة.
وأقيمي معي مأدبةً مجيدةً،
فوق بسطة الريح
كلما استقامت على قدر رمية، 
لا تعدم هذه الدنان،
ولا تطفحُ  بتقاويم شقيّة. 
يا امرأة، اسكُنيني كما الجنين،
بك أصطلي متى وقرَ القرّ العظمَ منّي،
واللهاثَ المجدوع،
 يومَ تقفرُ أغانيَ من الزند،
وتغشاني ببهيم الترانيم،
ولا تعود تترجّع بغير خراقةٍ،
وكسيح خيالات.
ضعي يدَك في يدي، 
يا امرأة،
فهذي يدي أضعتُها وقتَما أضعتُني بين نُهزة الحالمين،
قبلَ العمر،
بعدَ العمر،
وبينَ  احتدام  نوازلِ  المريدين.
أخافُ، يا امرأة، أن ترتدّ إليّ يدي، منْ هذا الفراغ بيْن كفّيْك، وقد وُهبتْ، للحظةٍ فحسبُ، منْ رعشة مزامير التروبادور، ما يجعلُها تقيمُ أوْد رواشن القلب دونَ مراياها المعطوبة. 
خذي يدي،
وهاتي يدَك.
بئسَ عُريي هذا،
في خريفي هذا،
إن لمْ تنقعيه، يا امرأة،
بدثارِ حكاية.
 
أكتوبر 2011

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد الهجابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/11/23



كتابة تعليق لموضوع : يا امرأة، هاتي اليد!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net