هل لنا حق في محاسبة المعصوم يا كمال الحيدري؟!
اسامة الشريفي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
اسامة الشريفي

يقول كمال (الحيدري): (من حقكم شنو؟ شنو؟ ليش تخافون؟ من حقكم شنو؟ أن تحاسبوا الإمام المعصوم ولا أقل ماذا؟ أن تسألوه، لماذا فعلت بنا كذا، لماذا سكتّ هنا؟ ولماذا صالحت هنا؟ ولماذا دخلت إلى بيتك هنا؟ ولماذا كنت كالأموات هنا؟ لماذا)؟
وكان دليله على هذا الكلام هو قول أمير المؤمنين عليه السلام: (أما بعد فقد جعل الله لي عليكم حقا بولاية أمركم، ولكم علي من الحق مثل الذي لي عليكم).
وفي مقام الرد نقول:
1 ـ إن السؤال من المعصوم استفهاماً واستيضاحاً مما لا إشكال في صحته ورجحانه، بل السيرة قائمة عليه، وأكثر رواياتنا كانت سؤالاً وجواباً من المعصومين عليهم السلام.
2 ـ إن حفظ الأدب مع المعصوم عليه السلام واجب، وهو مما لا ريب فيه ولا شك.
3 ـ إن محاسبة أي شخص تتضمن وقوع الخطأ أو التقصير من المحاسَب (بالفتح)، أو احتماله، فهل يلتزم المدعو كمال (الحيدري) بهذا؟
4 ـ إن ثبوت محاسَبة شخص، تقتضي معاقبته على تقصيره وخطئه، وبخلافه تنتفي الفائدة من المحاسَبة، فهل يمتلك المشار إليه قانون عقوبات؟ وهلاّ عرضه علينا؟ وهلاّ بيّن لنا من يحق له إصدار الحكم وتنفيذه؟
5 ـ إن قوله (عليه السلام): (ولكم علي من الحق مثل الذي لي عليكم) لا يقتضي التشابه والتماثل، وقد وضّح أمير المؤمنين عليه السلام هذا بقوله في خطبة أخرى: (أيها الناس إن لي عليكم حقا ولكم علي حق، فأما حقكم علي فالنصيحة لكم، وتوفير فيئكم عليكم، وتعليمكم كيلا تجهلوا، وتأديبكم كيما تعلموا. وأما حقي عليكم فالوفاء بالبيعة والنصيحة في المشهد والمغيب، والإجابة حين أدعوكم، والطاعة حين آمركم).
ثم إنا نسأل، هل حق الأب على ابنه، كحق الابن على أبيه؟ وكذا الزوجين والأستاذ وتلميذه، بل كل شخصين تربطهما أي رابطة؟ نعم، ربما تتماثل الحقوق في بعض الحالات، كحقوق الأخوة، والأصدقاء، والزملاء، والجيران.
6 ـ قال تعالى: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (سورة النساء/65).
وقد ذكر أهل اللغة عدة معانٍ للحرج، فقال بعضهم إنه: الإثم، وقال آخرون هو: الشك، وآخرون: أنه ضيق لا منفذ منه.
وربما رجع الثالث إلى الثاني، فإن الشاك في شيء لا ينفذ فيه.
فلمَ تحاسب المعصوم؟ أفي قلبك شك، أم إثم، أم ضيق من أقواله وأفعاله؟
وورد في تفسير هذه الآية روايات، منها ما ورد في تفسير العياشي عن أيوب بن الحر قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: في قوله: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم) إلى (ويسلموا تسليما)، فحلف ثلاثة أيمان متتابعاً، لا يكون ذلك حتى يكون تلك النكتة السوداء في القلب وإن صام وصلى.
ثم إن التسليم للمعصوم، معناه: الانقياد وترك الاعتراض على ما لا يلائم الطبع من أفعال وأقوال المعصوم، ومنه ما ورد في رجال الكشي عن عبدالله بن أبي يعفور، قال: قلت لأبي عبدالله عليه السلام: والله لو فلقت رمانة بنصفين، فقلت هذا حرام وهذا حلال، لشهدت أن الذي قلت حلال حلال، وأن الذي قلت حرام حرام، فقال: رحمك الله رحمك الله.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat