السيطرة على العقول وفق نظرية التأطير (اعلان ترامب القدس عاصمة للكيان الغاصب اسرائيل أنموذجا)
جعفر زنكنة
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
جعفر زنكنة

من السياسات التي تم استخدامها في الحروب العالمية السابقة وما زالت تُستخدم بقوة من قبل دول الاستكبار في وقتنا الحالي، (سياسة التأطير) تقوم هذه السياسة على فكرة السيطرة على العقول وفق نظرية التأطير ومن خلال ذلك يجري تمرير السياسات التي يُراد تمريرها.
وبما ان لكل نظرية مرجع فيرجع الخبراء بالسياسات الدولية والحروب الاعلامية والثقافية هذه النظرية الى (غوبلز) وزير الدعاية السياسية في عهد أدولف هتلر وألمانيا النازية رغم إني ارى انها اقدم من المانيا النازية نفسها !
تدخل هذه النظرية في حياتنا اليومية بصورة عفوية في اغلب الاحيان، اما في السياسات الدولية فلا يوجد شيء عفوي، فمن خلال هذه النظرية يُمكن التحكم والسيطرة على الرأي العام سواء في الحرب او السلم ! وهناك العديد من الامثلة على ذلك، فما زلتُ اتذكر معركة المطار عام 2003م وقبل دخول قوات الاحتلال قامت وسائل الإعلام بتعبئة الطرفين على أن معركة المطار هي المعركة الفاصلة والحاسمة، فأصبحت جميع وحدات القوات المسلحة العراقية تترقب هذه المعركة، وعندما سقط المطار شعر الجميع أن العراق كلهُ سقط وماتت الروح المعنوية، بالرغم أنه في ذلك الوقت لم يسقط سوى المطار !
وهذا ما يتم استخدامه لتأطير الخيارات الثقافية ايضاً لذلك يجب أن يكون مستعداً لكسر نظرية الخيارات المغلقة، بمعنى أن يكون مستعداً للتحرك خارج الدائرة المرسومة لحركته بعناية وذكاء وأن يفكر دائما بخيار ثالث ورابع وعاشر حتى لو بدا للوهلة غير عقلاني وفق ثقافة العجز والاستسلام السائدين.
هذه الفكرة بالضبط ما حاول الصهاينة القيام به عن طريق اقناعهم للمعتوه ترامب في اعلان القدس عاصمة لكيانهم الغاصب، وبذلك بتنا نرى ان اغلب الشعوب التي كانت متعاطفة مع قضية القدس بين عشية وضحاها وبدون وعي اصبحت من عدم الاعتراف بالكيان الصهيوني كدولة الى المناداة بكون القدس ليست عاصمة لإسرائيل ما يعني ضمنياً ان هذه الغدة السرطانية المُسماة بـ إسرائيل دولة عاصمتها تل ابيت وليس القدس ! هكذا كانت محاولة التأطير لقضية القدس ونجحت بذلك مع اغلب الدول التي كانت متعاطفة مع هذه القضية، إلا بعض الدول التي كان لها موقفاً ثابتاً من هذا القرار كـ العراق وايران ولبنان، وحركات المقاومة في العالم الاسلامي التي كان على رأسها حزب الله في لبنان وفصائل الحشد الشعبي في العراق وانصار الله الحوثيين في اليمن فكانوا هؤلاء خارج نظرية التأطير لأن خياراتهم تخرج من عقيدة راسخة غير مادية مرتبطة بقيادة شرعية تشخص الحق من الباطل.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat