صفحة الكاتب : قيس النجم

سلوم عاش مظلوم وسيموت محروم!
قيس النجم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

قال لي سلوم: إن العراق عاش عقوداً فرعونية مظلمة، أتت أُكلها حتى بعد سقوط النظام السابق في (2003)، فالعراقيون عاشوا بين قهر وقمع، وخوف وموت، وبين حرية وديمقراطية، ومدنية مفاجئة، وبين فراعنة جدد يغرفون من المال الحرام، فهيأ لهم الشعب مقاييس جديدة، ليكونوا طواغيت العصر وقادة ضرورة.

يبقى سلوم مؤمناً بمبادئه حد الجنون، فأسترسل قائلاً: إن أصحاب المبادئ واجهوا التحديات الماضية والحاضرة، وحملوا صمتهم وصبرهم لأيام أخرى، فلم تغرهم الصفراء والبيضاء (الذهب والفضة) أينما حلوا، فمبادئهم دستور لا يمكن التجاوز عليه.

التاسع من نيسان كانت أبواب البنوك مفتوحة أمام جميع الناس، ومخازن الأسلحة مشرعة، لكني أبيت على نفسي الحرام، إلا شيء واحد فقط، طالما تمنيت النظر إليه سابقاً، هي تلك البناية الهرمة، التي أتعبها شعار أمة عربية واحدة، ذات رسالة خالدة، وأهداف البعث الهدامة، (وحدة، حرية، إشتراكية)، نعم لقد توجهت الى الفرقة الحزبية في منطقة الحسينية، حيث كنت هناك عندما فجروها، في زمن الدكتاتورية، أما اليوم أقف أمام بوابتها التي أقتلعها شباب الحي الجدد، وأتذكر أيام الخوف والموت التي مررت بها.

يتكلم سلوم بحسرة وألم، حيث قال: مرت السنين مسرعةً منذ غادرتها غاضباً من الظلم، لكني أتذكر الوقفة المشهودة لأصدقائي الذين وقفوا معي، وخبئوني من جلاوزة البعث الكافر، حيث كانوا يبحثون عني مراراً وتكراراً، ودسوا في المنطقة زبالين جدد ليتمكنوا من مراقبتي وإصطيادي، لكنهم لم يعتقوني، حتى حانت ساعة الرحيل عن العراق، متوجهاً الى سوريا المهجر، لكي أعيش بين سجونها ومعتقلاتها، كوني لا أحمل جواز سفر رسمي، ورغم هذا البؤس لم أغتر بصفراء أو بيضاء أو خضراء.

سنة من الفراق والغربة، والوطن غريب بداخل إنسان يرفض الخنوع، والخضوع، والظلم، وبين دهاليز منطقة السيدة زينب، أسير منكسراً من حمل همومي، وفجأة أمسكتني الشرطة السورية، وعبثاً حاولت الهروب، وفي الطريق بانت قبة الحوراء وعقيلة الطالبين، مناجياً خدرها الطاهر: أنقذيني يا فخر الهاشميات، فانا سائر مع مبادئ أخيك الحسين (عليه السلام) بولائي وتشيعي.

سلوم شاب عاش حياته رافضاً للظلم، والعبودية، والقمع، وعاشقاً للحرية والكرامة، فإستجابت لندائه، وما هي إلا لحظات حتى تركته الشرطة، بطريقة غيبية عجيبة لم يعرف سرها الى الآن، فقد بدا وكأنهم كانوا يتحدثون عن شخص آخر، فورد لهم اتصال يأمرهم بترك هذا الشاب، نعم إنها إبنة حامي الجار علي بن أبي طالب (عليه السلام)، الذي لم يغتر بصفراء أو بيضاء، حتى قال: فزتُ ورب الكعبة.

لقد عاد سلوم مع بداية الإحتلال الأمريكي، وبين فرحة سقوط الدكتاتور، ولذة الحرية الوافدة إلينا، تبادر الى ذهنه سؤال يدور ويدور، هل سينصفني بلدي؟! بعد أن كنت قد يئست من يوم خلاصه؟ وهل سيعود الحق الى نصابه؟ لكن الظلم والألم مازال يرافقه مصراً على ألا يتركه، حتى مع التغيير الجديد البائس، فلم يشمل بقانون مؤسسة السجناء السياسيين، ولم ينتمِ لأي حزب لا يؤمن بمبادئه أصلا، لأنه شعر بأنها مجرد شعارات زائفة، توزع على عقول السذج.

بقيت أوراق الحزن تتقلب بين يدي هذا الشاب، حتى مع مجيء الديمقراطية الواهمة الكاذبة، وأعلنت عن عراق جديد، بزي جديد، وقادة جدد، لكنه لم يجد شيئاً جديداً، فالعراق كما هو يعاني، وأبناؤه تُذبح من دون رحمة، وأمواله تُسرق، وأراضيه تُغتصب، ولم تتبدل غير المسميات وطريقة الموت.

ختاماً: سلوم شاب عراقي، وقصته حقيقية وهو موجود، ولكن رفض أن نذكر إسمه الحقيقي، في المقالة مودتي ..


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


قيس النجم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/01/06



كتابة تعليق لموضوع : سلوم عاش مظلوم وسيموت محروم!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net