صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

من مذكرات قابلة
علي حسين الخباز

في ولادة الإمام الصادق (عليه السلام) منذ عملت قابلة، وأنا أستقبل المولود بفرحة أمّ، وأحمله الى ابيه ليكرم بشارتي، مما يزيد سروري، واليوم يضاف الى فرحتي زهو هذا المولود المبارك، فما أن أطلّ الى الحياة حتى هيأته لأزفّ بشارته لأبيه. حزنت كثيرا لأني لم أجده في البيت، سرعان ما استعدت الفرحة عندما علمت أن جده موجود، حملته اليه وهنأته بالمولود الجديد، فغمرته موجات من الفرح والسرور، وقال لي نبوءته:ـ إن هذا الوليد سيجدد معالم الدين، ويحيي سنّة جدّه سيّد المرسلين (ص). أخبرته بأن له عينين زرقاوين جميلتين، فتبسم الإمام (عليه السلام) وقال: إنه يشبه عيني والدتي، أخذه فقبله وأذّن في أذنه، واجرى عليه مراسيم الولادة الشرعية، فأذّن في أذنه اليمنى، وأقام في اليسرى. قلت ماذا ستسميه يا سيدي؟ فقال:ـ سماه جده النبي محمد (ص) (جعفر) ولقّبه بالصادق، وعرفت فيما بعد انه لقب بالصابر لبره، والفاضل لفضله، والطاهر لطهارة لسانه، كيف لا يكون كذلك وأبوه الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السلام) سيد الناس علماً وفضلا وتقوى له علم الدين والسنن وعلم القرآن والسير، وفنون الأدب والبلاغة. انا امرأة قابلة تنتقل من مولود الى مولود، لكن هذا المولود هو الذي بقيت ذكرياته معي، تعيش في خاطري وصحيح اني امرأة قابلة لكن اهم ما معنى ان يفجر ينابيع العلم والحكمة في الأرض، ويساهم مساهمة إيجابية في تطوير العقل البشري، وذلك بما نشره من مختلف العلوم. لقد أزهرت الدينا بهذا المولود العظيم الذي تفرع من شجرة النبوة ودوحة الإمامة ومعدن الحكمة والعلم، ومن أهل بيت أذهب الله عنهم الرجس، فأمه السيدة المهذبة الزكية (أم فروة) بنت الفقيه القاسم بن محمّد بن أبي بكر تلقت الفقه والمعارف الإسلامية من زوجها الإمام الأعظم محمّد الباقر (عليه السلام)، وكانت على جانب كبير من الفضل، حتى أصبحت مرجعاً للسيدات من نساء بلدها وغيره في مهام أمورهن الدينية وحسبها فخراً وشرفاً أنها صارت أمّاً لأعظم إمام من أئمة المسلمين. وكانت تعامل في بيتها بإجلال واحترام من قبل زوجها، وباقي أفراد العائلة النبوية. ولد يا سبحان الله يوم ولادة جده المصطفى (عليه السلام) كان امر متابعة اخبار هذا المولود يعنيني وتفرحني اخباره كثيرا. نقل الرواة أن الوليد بن عبد الملك سافر إلى يثرب لأعمال التعمير والتوسيع.. وبعدما انتهى إلى يثرب دخل إلى الجامع النبوي ليشاهد ما أنجر من أعمال التعمير، وقد رأى الإمام الباقر (عليه السلام) على المنبر، وهو يلقي محاضرة على تلاميذه فسلم عليه، فرد الإمام السلام عليه، وتوقف عن التدريس تكريماً له، فأصرّ عليه الوليد أن يستمر في تدريسه، فأجابه إلى ذلك، وكان موضوع الدرس (الجغرافيا) فاستمع الوليد، وبهر من ذلك، فسأل الإمام: «ما هذا العلم؟». فأجابه الإمام: إنه علم يتحدث عن الأرض والسماء، والشمس والنجوم. ووقع نظر الوليد على الإمام الصادق، فسأل واليه عمر بن عبد العزيز: من يكون هذا الصبي بين الرجال؟. فبادر عمر قائلا: إنه جعفر بن محمّد الباقر... وأسرع الوليد قائلاً: هل هو قادر على فهم الدرس واستيعابه؟. فعرفه عمر بما يملكه الصبي من قدرات علمية، قائلاً: إنه أذكى من يحضر درس الإمام وأكثرهم سؤالا ونقاشاً. وبهر الوليد، فاستدعاه، فلما مثل أمامه بادر قائلاً: «ما اسمك؟». وأجابه الصبي بطلاقة قائلاً: «اسمي جعفر..». وأراد الوليد امتحانه، فقال له: «أتعلم من كان صاحب المنطق -أي مؤسسه- ؟..». فأجابه الصبي: «كان أرسطو ملقباً بصاحب المنطق، لقبه إياه تلامذته، وأتباعه..». ووجه الوليد إليه سؤالا ثانياً قائلاً: «من صاحب المعز؟..». فأنكر عليه الإمام وقال: «ليس هذا اسماً لأحد، ولكنه اسم لمجموعة من النجوم، وتسمى ذو الأعنة ...». واستولت الحيرة والذهول على الوليد، فلم يدر ما يقول، وتأمل كثيراً ليستحضر مسألة أخرى يسأل بها سليل النبوة، وحضر في ذهنه السؤال الآتي فقال له: «هل تعلم من صاحب السواك؟...». فأجابه الإمام فوراً: «هو لقب عبد الله بن مسعود صاحب جدّي رسول الله (ص)..». ولم يستحضر الوليد مسألة يسأل بها الإمام، ووجد نفسه عاجزاً أمام هذا العملاق العظيم، فراح يبدي إكباره وإعجابه بالإمام، ويرحب به، وأمسك بيده، ودنا من الإمام الباقر (عليه السلام)، يهنئه بولده قائلاً: إن ولدك هذا سيكون علاّمة عصره.. الله تعالى منح أئمة أهل البيت (عليهم السلام) العلم والحكمة في جميع أدوار حياتهم كما منح أنبياءه ورسله.. فمبارك لي ولكم ذكرى ولادته.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/01/06



كتابة تعليق لموضوع : من مذكرات قابلة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net