ماذا يحصل لو هوجمت إيران؟
يوسف الحسن
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يوسف الحسن

سؤال جوهري يتم طرحه هذه الأيام ومع صدور تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن تصاعد نشاطات إيران في مجال إنتاج الأسلحة النووية. ورغم أن التقرير لا يؤكد أبدا وجود أنشطة عسكرية حقيقية ومباشرة لإيران ويكتفي بـ (ربما) أو (قد)، إلا أن النبرة الإسرائيلية حول توجيه ضربة لإيران قد تصاعدت واشترك فيها الصقور والحمائم على حد سواء. كما أن الولايات المتحدة التي لم تستبعد أي خيار لمواجهة ما أسمته التهديد الإيراني باتت، ومع قرب انتهاء انسحابها من العراق، ترى في إطلاق التصريحات النارية – على الأقل – تعويضا عن هذا الانسحاب.
وقبل أن نتطرق إلى ما يمكن أن يحصل لو وقع الهجوم بالفعل على إيران، فإن طبيعة هذا الهجوم المتوقع – لو حصل – لا يمكن أن يخرج عن كونه هجوما إما بالصواريخ التي تطلق من بوارج حربية أميركية في الخليج على المنشآت الإيرانية، أو هجوم بالطائرات، والاحتمال الثاني هو هجوم إسرائيلي شبيه. وإن كان هذان الاحتمالان مستبعدين فإن الهجوم البري المباشر ضد إيران هو أكثر استبعادا بدرجة أولى.
إن قرار ضرب إيران هو قرار إذا ما اتخذ فإنه سوف يتخذ على أعلى المستويات ومن الطرفين الأميركي والإسرائيلي، ولا يمكن أن تتخذه الأخيرة – مثلا – من طرف واحد، وحتى لو قامت بتنفيذه منفردة فيما بعد.
ولو افترضنا حصول الضربة العسكرية الخاطفة، فإن ما سوف يحصل سوف يكون كارثيا على أكثر من صعيد:
فبالنسبة لإسرائيل فإن إيران سوف ترد بصواريخها بعيدة المدى من إيران والتي لن تستثني أي هدف إسرائيلي، باعتبار أن هكذا خطوة إيرانية سوف تكون مبررة بالكامل. كما أنه يتوقع أن يزداد التوتر على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية الذي لا يحتاج إلى أكثر من عود ثقاب لكي يتفجر، بعدها تنطلق الصواريخ باتجاه المدن الإسرائيلية. ولأنه ليس لدى سورية ما تخسره في ظل هذه الظروف الحساسة التي تمر بها فإن دخولها – وإن غير المباشر – على خط الأزمة سوف لن يكون مستبعدا أبدا، خاصة وأن إسرائيل نفسها قد صرحت سابقا بأن سورية سوف لن تبقى بمنأى عن أي رد في حال قصف إسرائيل بصواريخ تنطلق من لبنان. وفي هذه الحالة فإن الطاولة سوف تنقلب في سورية، وسوف يقع المعارضون للنظام في حرج كبير جدا بسبب التعاطف الكبير الذي سوف تحظى به سورية من قبل الشعوب العربية والإسلامية، وكونهم - كمعارضة - سوف يصنفون شاءوا أم أبوا في خانة واحدة مع إسرائيل.
كما أن المصالح الأميركية في مختلف دول العالم كالعراق وأفغانستان وغيرهما، سوف تتلقى ضربات موجعة كانت إيران قد هددت بها مرارا وتكرارا، وأثبتت بأنها تستطيع تنفيذها. كما أن نقل النفط عبر مضيق هرمز سوف يتأثر بالتأكيد مما يعني فيما يعنيه تضاعف أسعار النفط في العالم. وفيما لو قامت إسرائيل بالهجوم لوحدها فإن إيران سوف تبرر استهداف هذه المصالح، بأن ذلك إنما حصل بعد أخذ الموافقة الأميركية. ومهما كان حجم الرد الإيراني على الهجوم الإسرائيلي أو الأميركي، فإن حصول الهجوم بحد ذاته ومهما كانت تأثيراته على البرنامج النووي الإيراني سوف يعطي لإيران مبررات كافية لتسريع تنفيذ برامجها النووية – وربما حتى العسكرية منها - بعد الوقف المتوقع لكافة نشاطات الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران. وسوف يصبح التعامل مع البرنامج النووي الإيراني حينها مثل التعامل مع قص الأعشاب (mowing the grass) التي لا تلبث حتى تنمو ثانية بعد قصها حسب تعبير مجلة فورين بوليسي الأميركية (8 نوفمبر 2011). وكما تضيف المجلة بأن هكذا وضع سوف يجبر المهاجمين على عملية مستمرة ومتتابعة من قص الأعشاب كلما نمت من جديد مرة كل 18 شهرا!! وهو ما لا تستطيع الولايات المتحدة الأميركية - ولا منطقة الخليج - تحمله لا عسكريا ولا اقتصاديا في ظل العجز الاقتصادي الذي تعانيه ميزانيتها بما يزيد على 1.3 تريليون دولار، ونحن على أبواب الانتخابات الرئاسية بعد أقل من عام.
لذلك ولكل هذه المعطيات فإن هجوما عسكريا أميركيا على إيران في هذه المرحلة مستبعد جدا، ولا توحي الظروف العالمية بإمكانيته، إلا أن تركب إسرائيل رأسها وتغامر بدخول الحرب دون ضوء أخضر أميركي، وهو إن حصل فسوف يشكل أكبر إحراج سياسي للرئيس أوباما الذي لن يستطيع إلا أن يقف إلى جانب الدولة المعتدية لأسباب انتخابية.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat