صفحة الكاتب : نزيه كوثراني

وراء كل كرسي سرير
نزيه كوثراني

لم يكن فان خوخ منشغلا بالأحذية في العراء معزولة في لوحة الضوء والألوان . إنها ليست شيئا منعدم الكينونة والوجود٬ إذ سرعان ما تفجر الأحذية صخب الحياة ٬فتدب الحركة في المحيط ..حركة الناس وهم يصارعون من اجل العيش والحياة والبقاء ...
والأحذية كالكرسي والسرير...ليست رسومات مكتفية بذاتها ولذلتها٬ إنها مفاتيح لرؤية العالم بشكل دقيق٬ أو لإعادة إنتاجه بصورة ينعدم فيها الغبش والالتباس . يقال عادة وراء كل كرسي  سرير مولع بعشق الصمت والتكتم على سحر وأسرار قوة النفوذ .صحيح أن تاريخ السرير مغمور إلى درجة جعله الكرسي مرحلة مظلمة في تاريخ البشرية .انه جزء من التاريخ المنسي والمسكوت عنه  بإصرار٬ لم يسمح بتجليه أو تدوينه ٬مما جعله عرضة للوصاية والاستعباد والسخرية والبخس والاستهزاء . رغم الخدامات الجليلة التي يقدمها في الترويح عن النفس٬ ونزع تعب اليومي وصخب الحياة ٬فهو مهمش ومنبوذ إلى ابعد حد على طرف اللسان٬ كأسلوب في الشتم والتقليل من قيمة الإنسان . لهذه الأسباب وغيرها مما يعتبر ضمن المجهول٬ أو في صعوبة الوصول إليه٬ أبدع السرير لعبة الزوايا المعتمة والغرف المظلمة والانبساط في حضن الليل٬ انه أشبه بسرير بروكست كما يقول في حقه أهل  الدين. لذلك اتهموه بأبشع الأعمال في المكر والدس والغدر٬ في وقت تغنى الشعراء بروعة انبساطه فيما يشبه البساط السحري لسندباد. يصل القمر بنجومه ويخفف آهات آخر الليل٬ ويطهر النفس من الرذائل والأحزان٬ ويشق الصدر ليغسل القلب مما علق به من شوائب الخوف والقتل والكراهية . لكن ما يزعج الجميع هو تلك الهوة السحيقة التي لا تكف عن اندلاع النيران٬ وكأنها تقول هل من مزيد٬ وهي تترصد الحفاة والأحذية لكن غالبا ما تنتقم بشراسة من الكرسي لأنه المورط الأكبر في الغبن والحيف والازدراء الذي عايشه ويعيشه السرير٬ فكلما تمكن من الكرسي يقذف به إلى تلك الحفرة العميقة التي لا تكف عن  تجديد جلد الكرسي عند احتراقه٬ وهو لا يقوى على الصعود كلما تململ إلا وازداد غرقا في الحفرة الحارقة ٬وقديما قال بعض الحكماء من أهل الرواية والدراية والنبش في القبور لكل كرسي ليلاه من بلقيس .. فكتوريا ..ومن شهرزاد ..ليلى..وسوزان ... ولأهل الفلسفة حديث و رأي  آخر قد تجود به الأيام ...               

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزيه كوثراني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/11/15



كتابة تعليق لموضوع : وراء كل كرسي سرير
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net