صفحة الكاتب : السيد محمد حسين العميدي

ملحق (الحلقة الخامسة) من الحوار المعاصر الدورة الخاصة بالشبهات حول الاجتهاد والتقليد
السيد محمد حسين العميدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كلام الشيخ الصدوق في كتابه اعتقادات الامامية صفحة 42 في باب النهي عن الجدل: 
(الجدل في اللّه تعالى منهي عنه، لأنّه يؤدّي إلى ما لا يليق به، وَسُئِلَ الصَّادِقُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَنَّ إِلى‏ رَبِّكَ الْمُنْتَهى‏ قَالَ: إِذَا انْتَهَى الْكَلَامُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَأَمْسِكُوا، وَكَانَ الصَّادِقُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ: يَا بْنَ آدَمَ، لَوْ أَكَلَ قَلْبَكَ طَائِرٌ مَا أَشْبَعَهُ، وبَصَرُكَ لَوْ وُضِعَ عَلَيْهِ خَرْقُ إِبْرَةٍ لَغَطَّاهُ، تُرِيدُ أَنْ تَعْرِفَ بِهِمَا مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ والْأَرْضِ. إِنْ كُنْتَ صَادِقاً فَهَذِهِ الشَّمْسُ خلقا [خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ، إِنْ قَدَرْتَ أَنْ تَمْلَأَ عَيْنَكَ مِنْهَا فَهُوَ كَمَا تَقُولُ. 
والجدل في جميع‏ امور الدين منهي عنه. 
وَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-: مَنْ طَلَبَ الدِّينَ بِالْجَدَلِ تَزَنْدق، وقَالَ الصَّادِقُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-: يَهْلِكُ أَصْحَابُ الْكَلَامِ ويَنْجُو الْمُسْلِمُونَ، إِنَّ الْمُسْلِمِينَ هُمُ النُّجَبَاءُ. 
فأمّا الاحتجاج على المخالفين‏ بقول الأئمّة أو بمعاني كلامهم لمن يحسن الكلام فمطلق، وعلى من لا يحسن فمحظور محرم. 
وَقَالَ الصَّادِقُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-: حَاجُّوا النَّاسَ بِكَلَامِي، فَإِنْ حَاجُّوكُمْ كُنْتُ أَنَا الْمَحْجُوجَ لَا أَنْتُم، وَرُوِيَ عَنْهُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: كَلَامٌ فِي حَقٍّ خَيْرٌ مِنْ سُكُوتٍ عَلَى بَاطِلٍ. 
وَرُوِيَ‏ أَنَّ أَبَا هُذَيْلٍ الْعَلَّافَ قَالَ لِهِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ: أُنَاظِرُكَ عَلَى أَنَّكَ إِنْ غَلَبْتَنِي رَجَعْتُ إِلَى مَذْهَبِكَ، وَإِنْ غَلَبْتُكَ رَجَعْتَ إِلَى مَذْهَبِي. 
فَقَالَ هِشَامٌ: مَا أَنْصَفْتَنِي! بَلْ أُنَاظِرُكَ عَلَى أَنِّي إِنْ غَلَبْتُكَ رَجَعْتَ إِلَى مَذْهَبِي، وإِنْ غَلَبْتَنِي رَجَعْتُ إِلَى إِمَامِي.) انتهى كلام الشيخ الصدوق اعلى الله مقامه. 
 
وقال الشيخ المفيد رضوان الله عليه في شرحه وتصحيحه لعبارة الشيخ الصدوق في كتابه تصحيح الاعتقاد صفحة 68:  
(فصل في النهي عن الجدال‏ 
قال أبو جعفر (أي الشيخ الصدوق) في الجدال: الجدال في الله منهي عنه لأنه يؤدي ما لا يليق به. 
وروي عن الصادق ع أنه- قال يهلك أهل الكلام وينجو المسلمون.‏ 
قال أبو عبد الله الشيخ المفيد رحمه الله: الجدال على ضربين أحدهما بالحق والآخر بالباطل فالحق منه مأمور به ومرغب فيه والباطل منه منهي عنه ومزجور عن استعماله. 
قال الله تعالى لنبيه ص وجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فأمر بجدال المخالفين وهو الحجاج لهم إذ كان جدال النبي ص حقا وقال تعالى لكافة المسلمين ولا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فأطلق لهم‏ جدال أهل الكتاب بالحسن ونهاهم عن جدالهم بالقبيح. 
وحكى سبحانه عن قوم نوح ع ما قالوه في جدالهم فقال سبحانه قالُوا يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا فلو كان الجدال كله باطلا لما أمر الله تعالى نبيه ص به ولا استعمله الأنبياء ع من قبله ولا إذن للمسلمين فيه. 
فأما الجدال بالباطل فقد بين الله تبارك وتعالى عنه في قوله أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ فذم المجادلين في آيات الله لدفعها أو قدحها وإيقاع الشبهة في حقها. 
وقد ذكر الله تعالى عن خليله إبراهيم ع أنه حاج كافرا في الله تعالى فقال أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ الآية وقال مخبرا عن حجاجه قومه وتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى‏ قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ. 
وقال سبحانه آمرا لنبيه ص بمحاجة مخالفيه قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ‏ فَتُخْرِجُوهُ لَنا. 
وقال عز اسمه كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ الآية وقال لنبيه ص فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ الآية وما زالت الأئمة ع يناظرون في دين الله سبحانه ويحتجون على أعداء الله تعالى وكان شيوخ أصحابهم في كل عصر يستعملون النظر ويعتمدون الحجاج ويجادلون بالحق ويدمغون الباطل بالحجج والبراهين وكان الأئمة ع يحمدونهم على ذلك ويمدحونهم ويثنون عليهم بفضل. 
و قد ذكر الكليني ره في كتاب الكافي و هو من أجل كتب الشيعة و أكثرها فائدة حديث يونس بن يعقوب مع أبي عبد الله ع حين ورد عليه الشامي لمناظرته فقال له أبو عبد الله ع وددت أنك يا يونس كنت تحسن الكلام فقال له يونس جعلت فداك سمعتك تنهى عن الكلام و تقول ويل لأهل الكلام يقولون هذا ينقاد و هذا لا ينقاد و هذا ينساق و هذا لا ينساق و هذا نعقله و هذا لا نعقله فقال أبو عبد الله ع إنما قلت ويل لهم إذا تركوا قولي و صاروا إلى خلافه ثم دعا حمران بن أعين و محمد بن الطيار و هشام بن سالم و قيس الماصر فتكلموا بحضرته و تكلم هشام بعدهم فأثنى عليه و مدحه و قال له‏ مثلك من يكلم الناس و قال ع و قد بلغه موت الطيار رحم الله الطيار و لقاه نَضْرَةً وَ سُرُوراً فلقد كان شديد الخصومة عنا أهل البيت‏ 
وقال أبو الحسن موسى بن جعفر ع لمحمد بن حكيم كلم الناس وبين لهم الحق الذي أنت عليه وبين لهم الضلالة التي هم عليها 
وقال أبو عبد الله ع لبعض أصحابنا حاجوا الناس بكلامي فإن حجوكم فأنا المحجوج‏. 
وقال لهشام بن الحكم وقد سأله عن أسماء الله تعالى واشتقاقها فأجابه عن ذلك ثم قال له بعد الجواب أ فهمت يا هشام فهما تدفع به أعداءنا الملحدين في دين الله وتبطل شبهاتهم فقال هشام نعم فقال له وفقك الله.‏ 
وقال ع لطائفة من أصحابه بينوا للناس الهدى الذي أنتم عليه وبينوا لهم ضلالهم الذي هم عليه وباهلوهم في علي بن أبي طالب ع فأمر بالكلام ودعا إليه وحث عليه‏. 
وروي عنه ع أنه نهى رجلا عن الكلام وأمر آخر به فقال له بعض أصحابه جعلت فداك نهيت فلانا عن الكلام وأمرت هذا به فقال هذا أبصر بالحجج وأرفق منه‏. 
فثبت أن نهي الصادقين ع عن الكلام إنما كان لطائفة بعينها لا تحسنه ولا تهتدي إلى طرقه وكان الكلام يفسدها والأمر لطائفة أخرى به لأنها تحسنه وتعرف طرقه وسبله. 
فأما النهي عن الكلام في الله عز وجل فإنما يختص بالنهي عن الكلام في‏ تشبيهه بخلقه وتجويره في حكمه. 
وأما الكلام في توحيده ونفي التشبيه عنه والتنزيه له والتقديس فمأمور به ومرغب فيه وقد جاءت بذلك آثار كثيرة وأخبار متظافرة وأثبت في كتابي الأركان في دعائم الدين منها جملة كافية وفي كتابي الكامل في علوم الدين منها بابا استوفيت القول في معانيه وفي عقود الدين جملة منها من اعتمدها أغنت عما سواها والمتعاطي لإبطال النظر شاهد على نفسه بضعف الرأي وموضح عن قصوره عن المعرفة ونزوله عن مراتب المستبصرين والنظر غير المناظرة وقد يصح النهي عن المناظرة للتقية وغير ذلك. 
ولا يصح النهي عن النظر لأن في العدول عنه المصير إلى التقليد والتقليد مذموم باتفاق العلماء ونص القرآن والسنة. 
قال الله تعالى ذاكرا لمقلدة من الكفار وذاما لهم على تقليدهم إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى‏ أُمَّةٍ وإِنَّا عَلى‏ آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ قالَ أَ ولَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى‏ مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ. 
وقال الصادق ع من أخذ دينه من أفواه الرجال أزالته الرجال ومن أخذ دينه من الكتاب والسنة زالت الجبال ولم يزل‏ 
وقال ع إياكم والتقليد فإنه من قلد في دينه هلك إن الله تعالى يقول اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ ورُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فلا والله ما صلوا لهم‏ ولا صاموا ولكنهم أحلوا لهم حراما وحرموا عليهم حلالا فقلدوهم في ذلك فعبدوهم وهم لا يشعرون‏.  
وقال ع من أجاب ناطقا فقد عبده فإن كان الناطق عن الله تعالى فقد عبد الله وإن كان الناطق عن الشيطان فقد عبد الشيطان. 
 (فصل) ولو كان التقليد صحيحا والنظر باطلا لم يكن التقليد لطائفة أولى من التقليد لأخرى وكان كل ضال بالتقليد معذورا وكل مقلد لمبدع غير موزور وهذا ما لا يقوله أحد فعلم بما ذكرناه أن النظر هو الحق والمناظرة بالحق صحيحة وأن الأخبار التي رواها أبو جعفر رحمه الله وجوهها ما ذكرناه وليس الأمر في معانيها على ما تخيله فيها والله ولي التوفيق‏. 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


السيد محمد حسين العميدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/10/09



كتابة تعليق لموضوع : ملحق (الحلقة الخامسة) من الحوار المعاصر الدورة الخاصة بالشبهات حول الاجتهاد والتقليد
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net