ثورة اليمن.. سلمية رغم الدماء
يوسف الحسن
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يوسف الحسن

لا يبدو أن الرئيس اليمني علي عبدالله صالح يريد أن يتنازل عن السلطة لأي كان ومهما قدمت المعارضة الشعبية من تنازلات وقبلت من شروط. ذلك أن الرئيس الذي قضى أكثر من 33 عاما في الحكم، أدمنه وبات غير مستعد لأن يتزحزح عنه إلا بتصاعد الاحتجاجات أو بالضغوط الدولية. وهذا ما يفسر تملصه من المبادرة الخليجية، وتهربه من توقيعها في كل مرة تحت مبرر مختلف. حتى عندما وقع تفجير في المسجد الذي يصلي فيه في قصر الرئاسة في صنعاء في الثالث من يونيو الماضي وتوقع الكثيرون قيامه بتقديم تنازل وإخراج البلاد من مأزقها، ظل متشبثا بالسلطة، ولم يفرط بها حتى عندما سافر للعلاج.
ورغم الانتفاضة الشعبية السلمية الكبيرة منذ أكثر من ثمانية أشهر، ودخول البلاد في أزمة سياسية واقتصادية مستفحلة ومفتوحة، إلا أن ذلك لم يدفع الرئيس إلى شيء سوى مزيد من التشبث بالسلطة.. وقد استطاع الرئيس أن يراوغ طوال هذه الشهور من الانتفاضة، وطوال هذه السنين من الحكم، وأن يلعب على وتر التناقضات الداخلية القبلية منها والطائفية والمناطقية وأن يسكت المعارضين بأساليب بدائية. فمن توزيع الهبات والسيارات الفارهة، إلى توزيع المناصب الفارغة والتي ليس مطلوبا من صاحبها سوى أنه يتسلم راتبه آخر الشهر.. حتى انه استطاع أن يستقطب بعض معارضيه السابقين والذين كان قد زج ببعضهم في السجون قبل ذلك.
هذا على الصعيد الداخلي، أما على الصعيد الخارجي فقد لعب لعبة تخويف الغرب من المد الإسلامي والقاعدة.. وإذا صح خبر أنه سمح للقاعدة باحتلال زنجبار دون شديد مقاومة، ثم استغرق منه تحريرها تسعين يوما، فإنه بذلك يكون قد فعل الشيء ونقيضه، لكي يوحي للغرب والولايات المتحدة على وجه الخصوص بأنه الرجل القوي الذي يستطيع أن يقف في وجه أعداء الولايات المتحدة. وأنه ما لم يتم دعمه فإن البديل سوف يكون كارثيا لهم،وقد تكون اليمن أفغانستان ثانية. ويقال إنه دعم وجهة نظره هذه بتسريب معلومات عن القيادي الأميركي من أصل يمني في تنظيم القاعدة أنور العولقي للولايات المتحدة لكي تضربه بطائرة من دون طيار كعربون علاقة وثيقة وإثبات لأهميته لدى الغرب.
ولذلك فإن الشعب اليمني الذي كان يتصوره البعض بأنه يخاف نظامه، انحرفت بوصلته الآن وانتقل الخوف من الشعب إلى النظام. فالرئيس الذي مكث في المملكة العربية السعودية نحو ثلاثة أشهر، عاد إلى بلاده (وهو الرئيس الفعلي لليمن) عاد إليها خلسة، واضطر إلى أن يخبر سلطات المطار بأن الطائرة تضم وفدا سعوديا رفيع المستوى، لكن وعند وصولها تفاجأ الجميع بالرئيس يترجل من سلم الطائرة بحروقه البادية على وجهه ويديه!!
وفي مثل هذه الظروف والدموية التي قابل بها النظام شعبه مع وصول الرئيس، أكثر ما يخاف على اليمن هو من الحرب الأهلية التي إن حصلت فإن النظام الحاكم هو المستفيد الأول منها، حينها سوف يبدو المشهد عاديا رغم دمويته، كأي حرب أهلية في أي بلد، وليست ثورة شعبية. فنقطة القوة الحقيقية لشباب الثورة اليمينة هي في النهج السلمي الذي ينتهجونه، وهو ما يحرص عليه العقلاء هناك. وكم يثلج صدر المراقب المحايد حين تصل إلى سمعه أصوات المظاهرات التي تصرخ سلمية.. سلمية.. فهذا النهج وإن طال معه الوصول إلى انتصار، إلا أنه الأفضل والأكثر قدرة على ضمان يمن آمن وموحد ومستقر في المستقبل.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat