صفحة الكاتب : علاء سدخان

كبش محمد !!
علاء سدخان

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

هامات عالية امتلأت عزاً وإباءً وهي في اصلاب الرجال وارحام النساء كانت تفيض بِحُسن الطباع وكمال الصفات وكل ما قيل وما سيقال لم ولن يصل الى كنه معرفتها. 
ومن هذه الهامات الباسقات هامة رفعت على اسِنة الرِماح بأيدي اقل ما يقال عنها انها انتن يد على وجه البسيطة منذ خَلق الكون الى قيام الساعة. 
وللأسف - ونقولها بمرارة - يعتصر القلب اعتصاراً ان تستلم تلك الرماح ايادٍ قذرة لتصبح شر خلف لأفسد سلف، فما كان منها الا ان رفعت راية اقلامها المأجورة من الشيطان واتباعه ليحاولوا بكل ما أوتوا من قوة ان يشككوا او توهموا ان بإمكانهم الاشكال على اروع واصدق صفحة كتبت في سجل التاريخ تلك صفحة الاباء صفحة عاشوراء الخير. وقد تستغرب كيف هي صفحة الخير وقد جُندل ابن خير من مشى على البسيطة!! 
ليأتي الجواب مسرعاً انه لولا تلك الصرخة التي أطلقها الامام الحسين ضد الظلم (صرخة العصر) لما بقى دين الله ولما بقى ذكر محمد وآل محمد، صحيح ان الثمن غالٍ جدا ولا يمكن لاحد ان يسده او يرد جزءا من ذلك الدين، لكن نتاج تلك الملحمة الشريفة كان يستحق التضحية، وان ذلك النتاج والعائد هو اوسع وأكبر من ان اسرده في هذه الاسطر البسيطة. 
فأعود لصلب الموضوع واقول ان بعضاً ممن ارتضوا لأنفسهم ان يرتموا بأحضان الشيطان وسخروا ابواقهم (ان كانت اقلام او افواه) ارادوا جاهدين ان يفرغوا هذه الصفحة العظيمة (الثورة الحسينية) من اهدافها الرئيسية وجوهرها الاصلي الى نزاع من اجل مصالح دنيوية خاصة بين الحسين (عليه السلام) وبني أمية. 
بادئ ذي بدء يجب الاقرار ان اي فعل يقدم عليه المعصومون صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين هو ليس متعلقا او مرتبطا بمسألة شخصية او منفعة خاصة بهم وانما هو يهدف لمصلحة عامة المسلمين او رسالة توجيهية لتنقل لسائر الناس وعلى مر العصور والمعصوم مسدد من قبل الباري فعلا وقولا، ومن هذا المنطلق فأن يوم عاشوراء ثورة قام بها الامام الحسين عليه السلام ؛ ليحافظ على الدين الاسلامي وليحمي كرامة الانسان ويجعله يعيش في ظل مجتمع نظيف صحيح اراد آل امية واذنابهم واتباعهم من بعدهم ان يطمسوا اي معلم من معالم الشريعة الالهية التي جاءت على يد الرسل والانبياء لتختم بسيد الانبياء والمرسلين (صلى الله عليه وآله). 

لماذا لم يعمل الحسين (عليه السلام) بالتقية؟ 
سؤال هو ليس بالجديد ولكنه يطرح بشكلين او بوجهين: 
- الوجه الاول : الهدف منه التشكيك بشخصية الامام والنَيل من قيمة ثورته العظمى وانه (وحاشاه) كان مخطئاً متسرعاً بخروجه وانه لم يعمل بالتقية. 
- والوجه الثاني للسؤال : يحاول معرفة اهداف ونوايا الامام بهذا الخروج الثوري وهو متيقن ان الامام على صواب بخروجه ولكن لم يتبادر الى ذهنه انه لماذا الامام لم يعمل بالتقية في هذا المورد ؟ 
ان مبدأ التقية ثابت بالقرآن من الاية الكريمة {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} [آل عمران: 28] 
وذكرت التقية في سنة آل البيت التي هي سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) حينما قال صادق آل البيت: "من ترك التقية قبل خروج قائمنا فليس منا"، وفي رواية أخرى قال عليه السلام: "التقية ديني ودين آبائي". 
من المعلوم ان الحسين عليه السلام عمل بالتقية ولم يتركها حاله حال باقي الائمة عليهم السلام، ولقد تناول العلماء هذه القضية (خروج الحسين يوم الطف) بعدة إجابات منها انتفاء مورد التقية عليه كون الخضوع لأمر يزيد وبيعته فيه خطر كبير على بيضة الإسلام. 
وباستقراء الامام للساحة والاحداث الدائرة من حوله وبحنكته السياسية وخبرته، وبغض النظر عن العلم الالهي بالمغيبات آن ذاك عرف انه مقتول لا محالة، وعلم انه ميت بمكة او بغيرها من المدن الاخرى، كما ورد عنه عليه السلام قوله: (أنَّهم سوف يقتلوني حتَّى لو وجدوني مُتعلِّقاً بأستار الكعبة) وبما انه اعلم زمانه بالحال الذي وصل اليه المجتمع، فاختار الامام الاصلح لدينه ولمجتمعه ولإتمام الرسالة المحمدية وللحفاظ على قوام الاسلام بالشهادة ضد الظلم والانحراف. 
وقد ورد في كتب السيرة والتاريخ أن كبار الصحابة قد عملوا بالأمرين معا اي العمل بالتقية ورخصتها، فعمار بن ياسر رضوان الله عليه عندما تعرض لأبشع انواع الحقد الاموي القرشي واستشهد أبوه وامه أمامه ذكر آلهة الكفار بخير ولكن ذلك الذكر كان بلسانه لا بقلبه واكدت الروايات فيما بعد على ان الرسول (صلى الله عليه وآله) لم يعاتبه على ذلك بل اثنى عليه، بالمقابل نرى قصة حجر بن عدي -رضوان الله عليه- المعروفة وكيف ان معاوية اراد من حجر ان يذكر الامام علي (عليه السلام) بسوء فلم يذكره ولا نعرف الظروف المحيطة بحجر آنذاك ، هل أنه رأى الطريق مسدودا ولا مجال إلا المواجهة مع السلطة أم لا؟، وكذلك ما ذكر عن ابي ذر الغفاري صاحب اصدق لهجة على الغبراء لم يترك الحديث بالسياسة وانتقاده لسياسة عثمان بن عفان وتقريبه آل امية وتصرفه في بيت المال وعاب عليه اغتصاب الخلافة من اهلها مما خير بين ترك الحديث وبين النفي ، فأختار النفي والموت غريبا وهو حبيب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولوكان اختار العمل بالتقية لما عيب عليه ذلك ولا كان عليه اشكال شرعي، وغيرها الكثير من الامثلة في هذا المجال الذي عمل فيه اهل بيت الرحمة واصحابهم . 
ان صفحة الاباء (واقعة الطف) ما هي الا تتممة لحروب الرسول (صلى الله عليه وآله) ضد الكفر والظلم وهي حرب الاسلام كله ضد الكفر كله، فلإسلام متمثل بركب آل محمد (صلى الله عليه وآله) للحفاظ على الاسلام، والكفر كله متمثلا بالجيش السفياني وحقده الدفين للقضاء على الإسلام. 
اذن فالحفاظ على هذا الدين الذي هو خاتمة الاديان السماوية كان لابد من ان تسال الدماء الطاهرة ويعاد قربان ابراهيم والظاهر ان القربان الاول كان قليلا فجاء قربان عبد الله بن عبد المطلب فقدموا له الاضاحي لفك رقبة ابي سيد البشر لكن التضحية قبلت مؤقتا لينتهي سلسال الاضاحي بفداء ليس مثله لا في السماء ولا الارض ذلك هو كبش محمد (صلى الله عليه وآله).

من اراد ان يشكك بقضية الحسين عليه السلام وخروجه يوم الطف فليراجع اسلامه .... فالحسين عقيدة غير قابلة للنقاش.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علاء سدخان
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/09/30



كتابة تعليق لموضوع : كبش محمد !!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net