صفحة الكاتب : د . عبير يحيي

صراع في الأنا
د . عبير يحيي

-" مازال الغباء يتسيّد حياتك حتى لكأنك وهو صنوان لا ينفصلان ".

قالتها بغضب وخيبة للواقفة أمامها مشدوهة تضرب كفاً بكف لا تعلم أمن حيرة ألمّت بها أم أنها أُسقط في يدها، لا تدري !

تنفجر في وجهها صارخة بكل ما أوتيت من قوة :-" دعكِ مني، دعيني لغبائي، لعل الدنيا تريد أن تعلّمني المزيد، ما الذي يزعجك في ذلك ؟ هاه أجيبيني، هل طلبتُ مساعدتك ؟ هل استنجدتُ بك ِ ؟ لم أفعل، فعلام توبّخينني؟ ما عدّت قادرة على احتمال سياط ملاحظاتك ، وهل هي ملاحظات ؟ أشعر أنها تشفّي، لا أدري ما هي حقيقة حكايتك معي ؟! هل انت صديقة حقاً أم أن القدر سلّطك سكيناً على رقبتي لا تصدّق متى يأتيها أمر الذبح ؟!"

تنظر إليها هذه المرة بإشفاق مزيّف لا تخطئه عين حاذقة :-" أيتها البائسة ، إنما أشفق عليك من توالي الخيبات، وأنت ما تزالين على أعتاب الصفوف الأولى في مدرسة الحياة، يتكرر رسوبك في كل صف، دون أن تضيف لك التجارب أية نتيجة إيجابية، أنت عاجزة حتى عن الغش في امتحاناتك، ما هذا البلاء، غشّي كي تتجاوزي مرحلة، فهذا في عرف الحياة مباح ، لن تنتظرك الحياة طويلة ، ماضية هي وأنت مازلت في مرحلة اللطم والنواح، أما آن لك أن تتحجّري ؟!".

تنظر إليها وقد فتحت عينيها على أقصى اتساع، ثمّ زمّتهما إلى أضيق مدى،وقالت باستنكار : -"أتحجّر ؟ كيف أتحجّر وهل أنا فحم أم مادة تتحول لصخر في أعماق وعصور جيولوجية ؟".

نظرت إليها ساخرة :" ما شاء الله ! حتى أنك لا تفهمين المعنى المجازي للكلمة، ما بكِ يا امرأة، إلى متى ستبقين ساذجة، متى ستتحولين ؟ أجيبيني ؟ متى ستتغيّر ردات فعلك وتخرج عن وتيرتها المملة ؟".

تنظر إليها بتحدّ ٍ وتجيبها :" بالقريب العاجل ".

ذات صدفة تلتقيان، وجه مرمري تكسوه ابتسامة موناليزية، تثير الحيرة في كل العيون التي تقع عليها، تراجعت الأخيرة بخوف ، سألتها :" - مابك ؟ ماذا حدث لك، تغيّرت ِ كثيراً"

ابتسمت أكثر مكشرة عن أسنان لؤلؤية:"- ما بكِ أنتِ ؟ ألم تطلبي مني أن أتحجّر ؟ في ظهري مكان لطعنة واحدة، حجّرته بابتسامتي هذه "

تناثرت الأخرى متشظية فوق الأرض، تلعن المواقف الهزيلة التي جعلت الأقدام النحيلة تمشي على جزيئات مدببة لمرآة مضلِّلة، تقطر دما،ً غادر الوجه المرمري ذو الابتسامة الموناليزية نحو الأسفل..الأسفل، حيث مات الألم، وأشياء أخر.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . عبير يحيي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/09/08


  أحدث مشاركات الكاتب :

    • إشهار كتاب /عوالم حياة الرّايس السّردية/ للناقدة السورية د. عبير خالد يحيي  (قراءة في كتاب )

    • تجذير الإشكالية العدمية في رواية / سيرة العدم/ للأديب المصري محمد أمان الدين  (قراءة في كتاب )

    • إضاءة ذرائعية على كتاب ( أدب الطفل وقيم البناء )  للباحث والأديب المصري د. صلاح شعير  (قراءة في كتاب )

    • سيدات القمر/ بين البحث والروي دراسة ذرائعية عن الرواية الفائزة بجائزة ال /بوكر مان  (ثقافات)

    • البينيّة السردية في رواية /ابن آني/ للكاتب المصري أحمد فؤاد درويش دراسة ذرائعية مستقطعة تقدمها الناقدة الذرائعية السورية  (قراءة في كتاب )



كتابة تعليق لموضوع : صراع في الأنا
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net