صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

التعارض والعداء!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


"إنهم معارضون وليسوا أعداء"
التعارض والعداء تفاعل قائم في المجتمعات البشرية منذ الأزل , والعلاقة ما بين الحالتين دقيقة وحساسة , والمقصود بالمعارضة عدم التوافق مع نظام الحكم القائم في أي مجتمع.
وتأريخ الشعوب يتكلم بلسان المعتقلات والزنزانات والمشانق عن مسيرة الفتك السياسي المتوحش للمعارضين , لأنهم لا يمكن رؤيتهم إلا على أنهم أعداء ويطمحون لأخذ الحكم والجلوس على كرسي السلطة , الذي تعتبره القوة الماسكة بزمام الحكم حقها المطلق.
ولا تزال الشواهد شاخصة في مجتمعات نحسبها متحضرة ومتقدمة , لكنها إستوعبت الحالة التفاعلية وتوجهت نحو الديمقراطية , وأرست قواعد الحكم المحددة بفترات زمنية وبضوابط قانونية ودستورية تمنع إختكار السلطة وتمركزها بقبضة واحدة , بل أن من أهم مقوماتها أن يتحقق تبادل دستوري للسلطة. 
ولهذا فأنها أسقطت من مفاهيمها ومصطلحاتها السياسية الخلط ما بين المعارضة والعداء , فالمعارض ليس عدوا للسلطة , وإنما هو من ضرورات صحة وقوة وصواب السلطة الحاكمة , لأن المعارض سيكون العين الواعية لكل إنحراف وعدم إنضباط وفساد في الحكم.
وعليه فأن الحرية أطلقت للصحافة لتراقب وتوصل الحقائق للناس , ولكل معارض فرد أو مجموعة أو حزب أحق بل وواجب الإفصاح عن الرأي لتقويم وإظهار أخطاء الحكام , وهذه من العلامات الفارقة ما بين المجتمعات المتقدمة والمتأخرة التي لا تزال تخلط بين التعارض والعداء , فتحسب كل معارض عدو عليها أن تقتله أو تعتقله أو تنفيه , ولهذا فهي تتخبط بالأخطاء والخطايا والتداعيات المريرة , وما قدمت خيرا لنفسها ولشعوبها  , لأنها تستنزف طاقاتها في التمسك بالحكم والقبض المحكم على الكرسي ومناوءة المعارضين وإبادتهم.
وهذا السلوك لا يزال سائدا في المجتمعات التي ما وصلت إلى مستوى النضج السياسي الديمقراطي الإنساني المعاصر , بل أنها لم تستوعب مكنونات التأريخ وتعبر عنها بقدرات حضارية واعية.
ولهذا فأن المجتمعات المبتلاة بهذه الآلية التنفاعلية السلبية , ستبقى في محنتها التقهقرية ومراوحتها في وحل الإستنزاف والعدوانية على بعضها , مما يساهم في إشاعة التمزق والفرقة وتعزيز الضعف والإتكال على الآخرين , والركون إلى التبعية وتحقيق مصالح الغير , على حساب مصالح الشعب والوطن.
فهل سترتقي بوعيها إلى مفاهيم المعارضة المعاصرة , وتقتلع وهمَ الحكم المطلق والسلطة المطلقة , وتؤمن بحقوق الإنسان وإرادة الشعب ومناهج تبادل السلطة والحكم , وعدم حصر القوة بقبضة واحدة آثمة مذعنة لأمّارات السوء المعتملة فيها؟!!
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/09/06



كتابة تعليق لموضوع : التعارض والعداء!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net