صفحة الكاتب : نزار حيدر

وَلا بَعْدَ [٥٠٠] سَنَةٍ! [٢]
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   يتصوَّرُ البعض أَنَّ الخِبرةَ والتَّجربةَ تحصلُ لَهُ من القراءةِ والمُطالعةِ والبحثِ والدَّرس! أَبداً فهذا تصوُّرٌ غَير سليم! فكلُّ هذا لا يكفي لوحدهِ وإِنَّما الذي ينضِّج عقليَّة النَّشء الجديد هو التَّعايش مع الجيلِ القديم الذي خبرَ الحياة بنفسهِ وسمِعَ بها من الجيلِ الذي سبقهُ! وهكذا!.
   فالحياةُ كالمدرسةِ بل هيَ المدرسةُ، فيها المعلِّمُ الذي خبرَ الدَّرسَ وتعلَّمهُ بالتَّجربةِ على مدى سنين، وبين التِّلميذ الذي يُصغِ جيِّداً ويتمرَّن على الدَّرس بإشرافِ المعلِّم! أَفهل رأَيتم طالباً في الدِّراسات العُليا تخرَّجَ وحصلَ على شهادتهِ العُليا بِلا مُشرفٍ؟!.
   إِنَّ للمعايشةِ والرِّعايةِ الخاصَّة وتحديداً إِذا كانت شخصيَّة دورٌ مهمٌّ جدّاً في إِنضاج عقليَّة النَّشء الجديد!.
   فلقد كتبَ أَميرُ المؤمنينَ (ع) في وصيَّتهِ لولدهِ الحَسن السِّبط (ع) {لِتَسْتَقْبِلَ بِجِدِّ رَأْيِكَ مِنَ الاَْمْرِ مَا قَدْ كَفَاكَ أَهْلُ التَّجَارِبِ بُغْيَتَهُ وَتَجْرِبَتَهُ، فَتَكُونَ قَدْ كُفِيتَ مَؤُونَةَ الطَّلَبِ، وَعُوفِيتَ مِنْ عِلاَجِ التَّجْرِبَةِ، فَأَتَاكَ مِنْ ذلِكَ مَا قَدْ كُنَّا نَأْتِيهِ، وَاسْتَبَانَ لَكَ مَا رُبَّمَا أَظْلَمَ عَلَيْنَا مِنْهُ}.
   وبهذا الصَّدد كَذَلِكَ يقولُ أَميرُ المؤمنين (ع) {عليكَ بمُجالسةِ أَصحابِ التَّجاربِ فإنَّها تقومُ عليهم بأَغلا الغَلا، وتأخُذها مِنهم بأَرخَصِ الرُّخْص} لشدّة أَهمِّيَّة التَّجربة التي يقولُ عنها الامام (ع) {حِفْظُ التَّجارِبِ رأسُ العَقلِ} وقولهُ {في كلِّ تجرِبةٍ مَوعِظةٌ} و {فِي التَّجارِبِ عِلْمٌ مُستَحْدَثٌ (مُسْتَفادٌ)} و {التَّجارُبُ لا تَنْقَضي والعاقِلُ مِنها في زِيادَةٍ} ويقولُ عنها الامامُ الحُسينُ السِّبط (ع) {العِلمُ لِقاحُ المَعرفةِ، وطُولُ التّجارِبِ زِيادَةٌ في العَقلِ}.
   وَمِن أَروعِ ما قالهُ أَميرُ المؤمنينَ (ع) عنها قولهُ {فَإِنَّ الشَّقِيَّ مَنْ حُرِمَ نَفْعَ مَا أُوتِيَ مِنَ الْعَقْلِ وَالتَّجْرِبَةِ}!.
   حتَّى على المستوى الفردي أَو الأُسري العائلي فلقد اهتمَّ المشرِّع بحمايةِ الأَجداد ومكانتهُم بشَكلٍ خياليٍّ ومنقطعِ النَّظير فتربيةُ الأَولاد مِن قِبل الآباءِ لا تتأتَّى من التَّعليمِ فقط وإِنّما من خلالِ التَّجربة العمليَّة التي اكتسبَها الأَجداد والتي ينقلونَها عادةً إِلى الآباءِ ليمارسونَها مع الأَبناء، طبعاً ليس بحذافيرِها وإِنَّما بروحِها وجوهرِها مع الأَخذِ بنظرِ الاعتبار خصوصيَّة كل جيلٍ وخصوصيَّة الزَّمكان وهذا ما أَشار إِليهِ أَميرُ المؤمنينَ (ع) في قولهِ {لا تُقْسِرُوا أَوْلادَكُم عَلى أَخْلاقِكُم، لأَنَّهُم خُلِقُوا لِزَمانٍ غَيرِ زَمَانِكُم‏}.
   المقصودُ في هذا الكلامِ هو أَنَّنا كشعبٍ يجب أَن نتعلَّم كيفَ نحمي تاريخَنا لنحميِ تجارِبنا ونستفيدَ مِن خبراتِنا! فانَّ مَن يُزيحُ تاريخهُ عن طريقهِ كمَن يقتلِع جذورهُ ليبدو كالرِّيشةِ في مهبِّ الرِّيحِ! وهوَ الحالُ الذي يطغى على مجتمعِنا اليوم وللأَسفِ الشَّديد! حتَّى بتْنا نجرِّب الحياةَ بحذافيرِها وكأَنَّنا شعبٌ وُلِدَ للتَّوِّ ويحاولُ أَن يُجرِّب!.
   *يتبع
   ٢٩ آب ٢٠١٧
                            لِلتَّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/08/30



كتابة تعليق لموضوع : وَلا بَعْدَ [٥٠٠] سَنَةٍ! [٢]
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net