وعقّب بعد ذلك الرجل الوقور صديق جدي، وهو ينظر إليّ تارة وتارة الى جدي وعقّب: هناك يا ولدي أسر كثيرة سكنت كربلاء في بداية القرن الثالث عشر الهجري مثل أسرة (آل سلطان)، وهي تنتسب الى عشائر زبيد من فخذ الأقرع. وجاء في كتاب (عشائر العراق) لعباس العزاوي: إنها نزحت من الحلة في القرن الثاني عشر الهجري وبرز منها الحاج محمد وأولاده الشيخ أحمد، وحسن، ومحسن، ومنهم الشيخ خلف بن حسن، وراضي بن محسن، والشيخ حسين... أحسست إن جدي بدا يخشى عليّ من الملل فحاول تغيير دفة الموضوع فهمست في اذنه: دعهم ياجد فالموضوع جميل وما قرأته ليس بحلاوة ما اسمعه الآن من افواه الشهداء، فسألتهم: أعتقد ان الشيخ خلف بن الشيخ حسن هو عميد أسرة آل السيخ خلف؟ فأجابني الشيخ الشهيد صديق الجد: لا ياولدي فأسرة الشيخ خلف هم من عشيرة الزوبع، وجدهم الفقيه الشيخ خلف بن عسكر وأولاده الشيخ حسين وهو عالم فاضل، وعبد الحسين، والشيخ محمد وأولادهم... وهناك أسرة آل الشهرستاني وجدهم السيد ميرزا محمد مهدي الموسوي أحد مراجع التقليد في عصره انتقل الى كربلاء أواسط القرن الثاني عشر الهجري وهو مدفون في الحضرة الحسينية خلف ضريح الشهداء، واولاده السيد ميرزا ابو القاسم، وميرزا محمد حسين، وكان مرجعا للتقليد توفي بالطاعون، والباحث السيد صالح الشهرستاني. فكرت أن ألجأ الى الأسئلة كسرا للحرج ولكي أبعد عنهم فكرة الجهل التام، فاستعنت ببعض الأسر المعروفة اسمائها، فقلت: مثلا آل الطباطبائي لكوني أعرف عددا من العلماء الذين نبغوا من هذه الأسرة مثل السيد علي صاحب كتاب (رياض المسائل) وابنه السيد محمد المجاهد، والسيد محمد مهدي، والسيد ميرزا علي تقي، وزين العابدين،، والسيد ميرزا ابو القاسم، ومحمد باقر محمد الحجة، والسيد محمد صادق الحجة، والسيد محمد مهدي الحجة... فقال الشيخ الجليل صاحب جدي وصديقه: هم من انجال الحسن المثنى بن الإمام الحسن السبط عليه السلام وكان منهم أول وزير للمعارف في تاريخ العراق الحديث، وهو السيد محمد مهدي بحر العلوم الطباطبائي تسنّم وزارة المعارف في عهد عبد الرحمن النقيب 1920م وابنه محمد صالح بحر العلوم. فابتسم الشيخ وقال: كلا الأسرتين من سلالة واحدة فكان يجمعهما السيد أبي المكارم... ولو تأملت في أسرة آل طعمة التي يرتقي نسبها الى السيد ابراهيم المجاب، واستوطنت كربلاء في القرن الثالث الهجري كما ورد في تراث كربلاء سترى أن آل طعمة يعرفون بالسادة آل فايز ومن أبرز علمائهم السيد طعمة علم الدين الحائري، ومنهم السيد عبد الحسين الكليدار سادن الروضة الحسينية 1380هـ والدكتور صالح جواد، والسيد سلمان هادي، والأستاذ مصطفى، والسيد صادق محمد رضا، ومصطفى الفائزي، والدكتور عدنان جواد... صرت ألاحظ مدى شغف الشهداء بذكر هذه التواريخ، وأشعر بمتعتهم وهم يذكرون تلك البيوتات الكربلائية، والأسر حتى صار عندي انهم يعتبرون هذه المعلومات من الأمور الثقافية المهمة وربما عندهم اصحاب اختصاصات وهواة ومعارف كبيرة في هذا المضمار، وبحوث معدة يتداولونها ويناقشونها، ولذلك بحثوا أسباب اهمال مثل هذه المعارف اليوم من قبل العامة، فوجدوا ان التدهور الفكري عند بعض المكونات العشائرية والتي صارت بدل ان تفتخر بعلمائها صارت تفتخر بلصوصها، وبدل ان تتمسك بأصولها صارت تنشر قيما لا تمثل الوجدان العربي ضيّع الشغف العام. وبالمقابل هناك انفتاح عبثي صار ينظر نحو هذه الأمور نظرة ضيقة الرؤى. فعقّب أحد الشهداء الشباب: وربما يعود السبب الرئيسي لقيم التفاضل النسبي التي أصبحت تشكل تمايزا لا يستوعبه الانفتاح الاجتماعي العام... فسألني: من المؤكد انك تعرف آل القزويني أو قرأت عنهم؟ قلت: نعم أكيد فهم سكنوا كربلاء في القرن الثاني عشر الهجري، واشتهر بينهم السيد باقر الموسوي القزويني (معلم السلطان) واخوه السيد محمد علي بن السيد عبد الكريم الموسوي القزويني، ومنهم صاحب كتاب (الضوابط والدلائل) السيد ابراهيم القزويني، والسيد محمد مهدي، والسيد جاسم، ومحمد رضا، ومحمد ابراهيم، والعالم الشاعر السيد مهدي بن السيد طاهر... وقرأت عن شخصية السيد حسين القزويني فهو احد رجالات الثورة العراقية الكبرى. فيغقب الشيخ الشهيد: ومنهم (اغا مير) السيد محمد حسين الشهير صاحب كتاب (الامانة الكبرى) والخطيب الشاعر السيد محمد صالح، والعالم الفاضل السيد محمد صادق، ومن المؤكد انك قرأت عن الباحث السيد ابراهيم شمس الدين؟ فأجبته: أليس هو صاحب كتاب البيوتات العلوية في كربلاء؟ فأجابني: نعم يا ولدي... كنت ألاحظ ابتسامة جدي وهو فخور بي لكوني استطعت ان اعرف شيئا عن مسألة هم يعتقدون اننا اهملناها تماما. فعقّب الشاب: دعني اصل الى مرادي، هل تعرف شيئا عن (آل الفتوني)؟ قلت: لا اطلاقا... هنا انبرى الشاب ليحدثني: هي أسر كربلائية هاجرت من جبل عامل، وجدها بهاء الدين العاملي، وهل تعرف الشيخ يوسف البحراني؟ فسألته: صاحب الحدائق... قال: نعم. وهل تعرف شيئا عن آل صالح؟ قلت: لا. قال: يُسمون ببيت (كدا علي) وكان من مراجع عصره. وهل تعرف (آل الكشميري)؟ قلت: لا... ولكن اسمع احيانا لقب الكشميري. قال: هي أسر يعود نسبها للإمام الرضا عليه السلام استوطنوا كربلاء في القرن الثالث عشر الهجري واشهر اعلامهم السيد مرتضى بن السيد مهدي الكشميري، وهو مدفون في الصحن الحسيني... سألني وهل سمعت بآل المازندراني؟ قلت: لا. قال: اسرة قطنت كربلاء في القرن الثاني عشر الهجري ونبغ منهم علماء كبار مثل الشيخ زين العابدين المازندراني.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat