صفحة الكاتب : وهي تجري

برنامج حق اليقين/ بحث العدل الالهي/ الحلقة 01 بتاريخ 22-1-2017
وهي تجري

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين

بعد أن انتهينا من بيان صفة الجود لله تعالى، والتي صدر منها خلق العالم وخلق الانسان - فإن الله تعالى قد خلق الانسان جودا وتفضلا- وصل بنا الكلام الى صفة (العدل).
ومسألة العدل الالهي ليست هي مسألة ايمانية واعتقادية كباقي المسائل العقائدية فحسب، وانما هي لها جوانب اجتماعية وحياتية ترتبط بسلوكياتهم اليومية، ولهذا نجد من الضروري ان يكون هنالك اهتمام خاص بهذه المسألة، علما أننا لن نتناول هذه المسألة بشكل فلسفي علمي بحت، وانما سنتناوله بما يتناسب مع كون البرنامج هو برنامج اعلامي يشاهده عامة الناس.

والناس على أصناف ثلاثة من حيث نظرتهم الى صفة العدل الالهي:
الصنف الاول: هم الذين يعتقدون ويؤمنون بصفة العدل الالهي، وهم واعون الى ايمانهم هذا، ويلتزمون فيه في اعمالهم وسلوكياتهم، ويرون بعين البصيرة لكل ما يجري حولهم من حوادث حياتية ويرون العدل الالهي ظاهر في عالم الدنيا والاخرة، وهذا الايمان له مراتب ودرجات عديدة.
وهذه الفئة هي الاقل نسبة في المجتمع، لأن هذا الايمان يحتاج الى علم والى ايمان راسخ وبصيرة نافذة.

الصنف الثاني: هم الذين يعتقدون بالعدل الالهي في الجملة، ولكن يقف متحيرا في فهم وادراك بعض الحوادث والمواقف التي يراها امامه في الحياة، وهذا الصنف يطرح الاسئلة عن بعض تلك الظواهر الحياتية من باب التعلم وطلب فهم الاشياء ، وهذا أمر صحي لا بأس به، فإن الناس أول ما خلقوا خلقوا جاهلين لا علم لهم ، ويزدادون علما بمرور الايام والسنوات.

الصنف الثالث: هم الذين لا يعتقدون بالعدل الالهي في وجدانهم، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، وهم يعبرون عن عدم قناعتهم بوجود العدل الالهي، وقد يتهمون الله تعالى صريحا او تلويحا وتلميحا بالظلم، ويصف نفسه بانه نحس وغير محظوظ وان الله تعالى قد اهمله ونسيه.

وقد يكون منشأ هذه الافكار السلبية تجاه صفات الله تعالى وخاصة صفة العدل الالهي هو ما يصادفه الانسان من مشاكل ومعوقات يفشل في تجاوزها، فينعكس من يعيشه بعض الانسان من يأس واحباط، وبالتالي تكون هذه الافكار ليس مصدرها الجهل وعدم العلم والمعرفة، وانما مصدرها الحالة النفسية التي يعيشها الانسان.
ومن المناشئ هو ما يراه الانسان من نجاح الاخرين وتفوقهم في شأن من شؤونهم المالية او المقامية او غير ذلك، فيتهم الله تعالى على أنه لا يعدل بين الناس، ويحابي بعض الفئات على حسب البعض الاخر، فيعطي قوما دون قوم.

ومن منشا التشكيك بالعدل الالهي هو عدم فهم ارتباط الامور بين الاسباب والنتائج، فهو يجهل أو يتجاهل دراسة وتحليل القضايا الاجتماعية، فاذا رأى فقرا أو انسانا يتألم أو كوارث طبيعية وهو لا يربط بين الاسباب والنتائج ، فيحيل هذه الحوادث الى ظلم الله تعالى وعدم تدخله لاصلاح هذه الحالات الاستثنائية.

ومن المناشئ المؤثرة على هذا الموضوع هو ما عانته  المرأة من تهميش وظلم مفرط من قبل الرجل، مما جعلها تعبر عن حالتها البائسة وسوء الحظ من خلال الشكوى والتذمر فينشأ الاولاد في هذه الاجواء ويسمعون هذه الشكاوى ويترسخ لديه حالة الشكوى والتذمر، رغم ان هذا الولد سيكون زوجا في المستقبل ويقوم بنفس دور الظلم للمرأة، ومع ذلك يبقى ذلك الشعور بالظلم مترسخا في نفسه.
هذه المناشئ المختلفة تمثل بذورا كامنة في النفوس لاتهام الله تعالى بالظلم فاذا صادفها موجة من التشكيك بوجود الله تعالى او التشكيك بالدين وجدوى الدين فستتلقح تلك البذور وتلقى قبولا صريحا يجاهر به البعض او خفيا يخجل من اظهاره البعض الاخر لكن يعبر عنها بشكل وآخر.

وهنا نحتاج أن نقف عند تلك الموارد التي قد تنسب الى الظلم وعدم العدل الالهي، منها تفاوت الناس في الغنى والفقر وغيرها، وفهم سبب الكوارث الانسانية وغيرها، وبيان وشرح بعض الايات القرآنية التي يساء فهمها إن شاء الله تعالى.

 
 وننبه الى أن اتهام الله تعالى بالظلم هو نحو من الهروب النفسي الاجتماعي من تحمل المسؤولية فيما يجري من حوادث على الانسان فردا ومجتمعا، وبالتالي فان الاهتمام بتوجيه هذه المشاكل والاشكاليات يجعل الانسان واقعي واكثر تحملا للمسؤولية في الامور التي تقع على عاتقه تغييرها وتبديلها الى ما هو احسن واكمل.


وفي البحث مقدمات

مقدمات بحث العدل الالهي

المقدمة الاولى: العدل لا يعني المساواة بالضرورة.

لا يكون العدل هو المساواة دائما فانه اعطاء كل ذي حق حقه، بل أن المساواة قد تكون ظلما في بعض الاحيان، كمساواة المحسن والمسيئ، والمجد والمتقاعس، والعامل والخامل وهكذا.
فليس من العدل ان يعطى شخصا يعمل 3 ساعات نفس الاجر الذي يعطى لشخص اخر يعمل 6 ساعات في نفس العمل وبنفس الشروط والمواصفات.
فلا يكون القياس في قضايا العدل والمقارنة بين المخرجات في معادلات متعددة وانما المساوارة بين المدخل والمخرج في كل معادلة، وهذه المسألة من المغالطات المشهورة.

مثال ( وقد تكون الامثلة ليست كما في البرنامج من باب التنويع في الامثلة).
اذا قلنا أن 7 – 2 = 5
وأن      9 – 3 = 6 

لا يقال ان هذه القضية ليس فيها عدل لانها ليس فيها مساواة ، لان الناتج في المعادلة الاولى 5 والناتج في المعادلة الثانية 6 !!
هذا كلام باطل ومغالطة مكشوفة، لان القياس لا يكون بالمساواة بين نتائج المعادلات المختلفة، بل الصحيح ان العدل هو المساواة بين طرفي كل معادلة بين الداخل والخارج فيها، فإن 7 – 2 = 5 ، وهذا مطلق العدل، وهكذا في المعادلة الثانية.

فلو أن عاملا كانت اجرته 7 لأنه يعمل 7 ساعات وكانت الساعة اجرتها1 ، وقد اخذ من اجرته مسبقا 2 فيبقى له 5.
وعامل آخر كانت اجرته 9 لأنه يعمل 9 ساعات بنفس العمل وقد أخذ من اجرته مسبقا 3 فيبقى له 9.
فلا يقال أين العدل في أن يعطى شخاصا يعمل بنفس العمل 5 ويعطى الاخر 6، مع عدم الالتفات الى ساعات العمل وما استدانه العامل من اجرته.

ومن هذا المثال يتبين ان الكثير من الاحكام بعدم وجود العدل بالنسبة الى المواضيع المرتبطة به تعالى ينظر فيها الى اجزاء من المعادلة ولا ينظر فيها الى تمام المعادلة والمعادلات الاخرى.
فينظر الى أن الله تعالى منح فلانا مالا كثيرا ، لكن لا ينظر أنه تعالى ابتلاه في صحته مثلا، ومن هذا يعرف باقي الامثلة. 

اسئلة المشاهدين

سؤال سابق: كيف تكون الحجة على الناس الذين لم تبلغهم الحجة الالهية، كبعض القبائل البشرية في غابات الامزون مثلا؟
الجواب الاول: اولا قد يتم نفي هذا التصوير المتعارف لهؤلاء، من أنهم قبائل وحشية لا تعي ولا تدرك شيئا، وقد يقال أنهم يعون الحاجة الى الاله والى الخالق بدليل انهم يتخذون الالهة وان كانوا يخطئون في تشخيص الاله الحق، فهؤلاء لهم حجة غير بعث الرسل وهي حجة العقل والفطرة، ويحاسبون على قدر ما تعيه فطرتهم وعقلهم.

الجواب الثاني: أن يقال ان الله تعالى قال ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) ، فاذا كان المقصود بالرسول هو النبي الذي هو بشر يبعثه الله لهم، وما دام ان المدعى ان الله تعالى لم يبعث لهم رسولا فان صدقت هذه الدعوى فهم معفوون من الحساب والعقاب لعدم قيام الحجة عليهم.
 الجواب الثالث: وقد يقال انه اذا كان هذا الانسان غير مدرك ولا يعي هذه الامور العقائدية الدينية فهو خارج عن التكليف اصلا، ومجرد كونه انسان لا يعني انه مكلف ، فمناط التكليف ليس هو صفة البشرية وانما البلوغ والعقل، فالمجنون انسان ولكنه غير مكلف علما أن للجنون مراتب ولا يعني فاقد العقل تماما فقد ينطبق على الابله وضعيف العقل وان لم يعده العرف مجنونا، والصبي انسان ولكنه غير مكلف.

وعليه فاذا تم تصوير هذه القبائل البشرية المنقطعة عن العالم انها قبائل وحشية وادراكها ضعيف وانها تعيش في البرية كباقي الحيوانات فان هؤلاء وان كانت هيئتهم بشر ولكن باعتبار انهم لا يعون ولا يقلون هذه الامور فهم خارجون عن التكليف لان مناط التكليف غير حاصل لديهم.

السائل الاول : السؤال الاول: هل تغييب الامام المهدي ع من العدل الالهي.
               الجواب : إن وجود المعصوم عليه السلام بين الناس هو أحد نعم الله تعالى واعظمها، والقاعدة هي أن العباد ان قابلوا نعم الله تعالى بالشكر فانه يزيدهم ، وان قابلوها بالجحود فانه يعرف النعم ، وهذا هو وجه العدل الالهي في غياب المعصوم، فان تغييب المعصوم يكون عقوبة لمن جحد به ، وتربية لمن آمن به حتى يترقوا الى المراتب التي يكون فيها مؤهلين الى وجود هذه النعمة بينهم.

                السؤال الثاني: الهداية والضلالة هل هي مرتبطة بالمشيئة؟
الجواب: نعم لان الله تعالى شاء ان يجعل الانسان يختار بين السبيلين او النجدين ، وشاء أن يترتب الهدى والضلالة على ما سيختاره الانسان ، فكله بأمر الله تعالى ومشيئته.


السائل الثاني:السؤال الاول: كيف يتم اجتباء الانبياء والمعصومين؟
الجواب: أن الله تعالى عرض الناس جميعا الى الاختبارات والبلاءات ,ثم ان الله تعالى وجد بعض الناس صبروا على بلائه واختباره واجتازوه بنجاح، فاختارهم واجتباهم ، نعم لانه يعلم ذلك قبل حدوثه فقد جعلهم انبياء ، وهذا الجعل لم ينفي حصول البلاء في حياتهم ، علما ان المعصومين من الانبياء واوصيائهم هم اشد الناس بلاء واختبارا وصبرا، وهذا معروف من سيرتهم وقصص حياتهم.

السؤال الثاني: الانسان قد يولد في بيئة صالحة وفي بيئة غير صالحة فكيف يكون العدل بينهما؟
الجواب: اولا ان الاجر يتناسب مع المشقة ، فمن يصلي ركعتين في جو مضطرب ومخيف لا يكون اجره كمن يصلي في جو وظرف مريح ، وعليه فالفرق في الظروف مأخوذ في الاعتبار عند الحساب.

والحمد لله رب العالمين
 

يمكن متابعة الحلقة اعلاه على الرابط ادناة

برنامج حق اليقين/ بحث العدل الالهي/ الحلقة 01 بتاريخ 22-1-2017

https://www.youtube.com/watch?v=OdhKsHkMZ0s


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


وهي تجري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/08/08



كتابة تعليق لموضوع : برنامج حق اليقين/ بحث العدل الالهي/ الحلقة 01 بتاريخ 22-1-2017
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net