صدور كتاب الإعلام والأمل الموعود للباحث صباح محسن كاظم
ادارة الموقع

صدر في بغداد كتاب(الإعلام والأمل الموعود) للأديب والباحث"صباح محسن كاظم" عن دار المعمورة ؛وهو ضمن إصدارات الهيئة الثقافية العليا لمكتب السيد الشهيد الصدر-قدس سره- الكتاب ب6 فصول ولكل فصل 3 مباحث ب150 صفحة تناول بدراسته الاريكولوجية النص التوراتي والانجيلي والقرآني في الامام المهدي-عليه السلام- مع دور الاعلام في عصر العولمة؛ وحوار الحضارات والاديان؛والاستشراق ودوره. الكتاب فاز بالمركز الثالث بمسابقة النور العالمية 2010 بمشاركة العديد من الباحثين والعلماء والادباء.وحينما قُدم البحث في بغداد 25/6/201.وقد تقرر ترجمته للأنكليزية من قبل الدكتور حنين القدو ؛وكذلك للتركية من قبل النائب فوزي تيرزي وسيترجم للفرنسية منقبل مجموعة من مدرسي الفرنسية بثانوية الصمود ؛ وقد كتب مقدمة الكتاب الدكتور سلمان عبد الواحد لكن السهو في المطبعة أجل للطبعات الأخرى..
بقلم د-سلمان عبد الواحد
مقدمة
المعالمُ الفكريّة، التي قد تضيعُ فيها القدرةُ على التمييز بين حدّي سلاحِها، كثيرةٌ، إلا في الإعلام، فتبدو عمليّة تعيين حدّي سلاحِه واضحةً جليّة جداً. وقد يكون هذا واحداً من الأسباب الكثيرة التي جعلت الجميعَ يتفقون على أهميّة الإعلام في التهيئة لأيّة حالة، سواء كانت حالة نهضةٍ ذاتيّة ولحاقاً بركب الأمم المتقدمّة، أو حالة تعطيل هذه النهضة ومحاولة عرقلة مسيرتها ووضع العثرات في طريقها كجزءٍ من حربٍ بين بلدين.
وهي بهذا المعنى لا تقلُّ أهميّة عن أية حربٍ ناريّة دخانيّة، بل لعلّ تأثير سلاحِ الإعلام أشملُ وأكثرُ فتكاً لأنه يتجاوزُ ميادين المعارك وخطوطها المتقدّمة ليتغلغلَ بين الناس المدنيين البعيدين عن اللظى والشظايا في الحروب التقليديّة، ليصابوا بلظى وشظايا من نوعٍ آخر تستهدفُ قناعاتِهم والتفافَهم حول بعضهم، وتستهدفُ الأواصرَ التي تشدّهم إلى عقيدةٍ أو دينٍ راسخٍ في نفوسهم وعقولهم.
وما دامت الحروبُ الإعلاميّةُ لا تشترطُ التفوّقَ العسكريّ التقليديّ وما يقفُ وراءه من إمكاناتٍ ماديّةٍ جبّارة، فهي تكتفي بالقليل منها شريطة استغلالها بطريقةٍ متقنةٍ متفهمةٍ للمحرّكات والدوافع السلوكيّة التي تحرّك مجتمعاً ما. لذا غدا الإعلامُ سلاحاً بمتناولِ جميعِ الدول، وعمليّةُ الإيمانِ بنتائجه شائعةً ومتفقاً على جدواها حدّ البداهة.
أما إذا آمنا أن زماننا انتهى إلى أن يكون زمناً إعلاميا معلوماتيّاً، فإننا سنجدُ أنفسنا أمام ملامحَ لواقعٍ جديدٍ استثنائيٍّ جداً في تقييمه لأهميّة الدورِ الإعلاميّ، ذلك لأن الميلَ إلى الحروبِ التقليديّةِ الناريّةِ باتت أقلّ انتشاراً على الرغم من وفرةِ الأسباب لنشوبها، مقابلَ الحروبِ الإعلاميّة المستمرّة الطاحنة.
لهذا كلّه، بات التأسيسُ لمشروع إعلاميّ إسلاميّ رصين، يقلّلُ من فداحةِ الآثارِ التي تفرزها حروبُ الآخرين المستمرّة ضدَّ الإسلامِ عقيدةً وسلوكاً ومبادئ، لازماً وضروريّاً وأشدُّ إلحاحاً من أي وقت مضى.
تلك الرؤيةُ الثاقبةُ المستشعرةُ للخطرِ الداهمِ هي التي أوصلت الأستاذ صباح محسن كاظم إلى أن ينحّي كلَّ اهتماماتِه الفكريّةِ المتعدّدةِ جانباً، ويلقي بمرساته عند هذا الخليجِ الضاجِّ باللؤلؤِ والأصنافِ المتعدّدةِ من الأحجارِ الكريمةِ الأخرى، إلا أنه مليءٌ، في الوقتِ نفسه، بكلِّ الآفاتِ الخطرةِ المتوحّشةِ. ألقى بكلِّ ثقلِه على هذا الموضوعِ الحسّاس الملحِّ لينقلَه من حالةِ سيادةِ الانطباعاتِ الذاتيّةِ المتناثرةِ هنا وهناك، والموزعة بين عقولِ وقلوبِ المثقفين الجادّين المتوجّسين الخائفين على تراثهم الإسلاميِّ، إلى مشروعٍ واضحِ الملامحِ، غزيرِ المثاباتِ الصالحةِ لأن تكون نقاطَ انطلاقٍ نحو التأسيسِ النهائيِّ المتكامل.
أستطيعُ الزعمَ أن للكتابِ عنوانين، يرتفعُ الأولُ منهما ليؤطّر الرؤيةَ الإسلاميّةَ العامّة لدورِ الإعلامِ المتبني لمهمّةِ تخفيفِ الصدمات التي تحيقُ بالعالمِ الإسلاميِّ في صميمِ ثوابتِه وخطوطِه العامّةِ نتيجةً لما اصطلحَ علي إجماله بالعولمةِ، في حين انصبَّ العنوانُ الثاني، الأصغرُ قليلاً، على جانبٍ عقائديٍّ صرفٍ، ذلك هو الأملُ المعقودُ على ظهورِ المصلحِ العالميِّ الكبيرِ (عج).
يمكن لنا، بسهولةٍ، غضُّ الطرفِ عن أسبابِ الموضوعِ الخلافيّة إذا علمنا أن أسبابَ الالتفافِ حولَه أكثرُ بكثيرٍ من أسبابِ التشرّذمِ فيه، فهي لا تتعدّى، في أعقدِ الحالاتِ، وجودَه الحالي "سلامُ الله عليه"، أو ولادته في حينٍ وأوانٍ قادمين. فالمهمُّ حقيقةً هو الفكرةُ العامّةُ التي شبّتْ عن إسلاميِّتها وتشيِّعها لتسبحَ في فضاء العالميّة الكونيّة، تلك هي فكرةُ الانتظارِ الايجابيّ لمن سيملأُ الأرضَ عدلاً بعد أن اتخمتْ جوراً وضياعاً وإحساساً فادحاً بالاغتراب.
القراءةُ في هذا الكتابِ تحوّلُ الفكرةَ، فكرةَ الإمامِ المهديّ (عج) من مجردِ فكرةٍ مؤجّلةٍ محاطةٍ بالغيبِ، إلى ممارسةٍ عمليّةٍ إعلاميّةٍ. والإعلامُ هنا يرتقي على معناه التقليديّ المهنيّ، إلى معناه العامِ الذي يهيئُ الفرصةَ لكلِّ "منتظِر" للإعرابِ عن انتظارِه بطريقةٍ ايجابيّةٍ، وتحدّده بسلوكٍ واضحٍ بدلَ العشوائيّةِ السلوكيّةِ أو الفكريّةِ.
جهدٌ جبارٌ بذلَه الأستاذُ صباح محسن كاظم، فاستحقَّ، بجدارةٍ، ثناءَنا المسبوقِ بإعجابنا، وقد كان استحقَّ، قَبلاً، المثوبةَ والجزاءَ الوافيين من لدُن الله سبحانه، وحجّته المنتظَرِ الإمام محمّد بن الحسن عليهما السلام.
ختاماً، لا أملك إلاّ القولَ هنيئاً لنا إمامنا، وأملنا، ونبراسنا، وحجّتنا، وذريعتنا وسبيلنا إلى الفوز بالدارين. ونسألُ الله جلّتْ قدرتُه أن يرزقَنا رؤيةَ الطلعةِ البهيّةِ، والصبرَ على الانتظارِ الايجابيّ.
الدكتور سلمان عبدالواحد كيوش
رئيس تحرير جريدة العهد
بغداد في 30 ـ 6 ـ 2011