صفحة الكاتب : نجاح بيعي

مِيليشيات .. أم حَشدُ المَرجعيّة ؟!.
نجاح بيعي
الكل بات يعلم أن لولا المحاصصة السياسية في العراق , والأزمات المتلاحقة , وتناحر الفرقاء السياسيين , وممارسة العنف الطائفي من بعضهم ضد البعض الآخر , والسماح للتدخلات الأجنبية , وممارسات التكفيريين والإرهابيين , وتأجيجهم للصراع لأهداف مشبوهة , مضافة اليها آفة الفساد واستشرائه , وتنصل القادة المتصدين للعملية السياسية , من دورهم التاريخي والشرعي والأخلاقي , واتباع السياسات الخاطئة , وعدم تبني الخطوات الكفيلة للحد من العنف , وعدم تعرض السلم الأهلي والمجتمعي للخطر . كان سببا ً في خلق تنظيم عصابات داعـش , وسهّل له اجتياحه العراق وسقوط ثلث أراضيه بيدهم يوم 10 /6 / 2014 م . 
والجميع يعلم على نحو اليقين , أن المرجعية الدينية العليا في النجف الشرف , قامت وتقوم بدورها التاريخي الريادي , الشرعي والوطني والأخلاقي , فحذرت الجميع ومنذ سقوط النظام عام 2003 م , من تلك المخاطر وما تنتجه من كوارث , وكانت تظنّ بالجميع خيرا , ويعلم الجميع بأنها كانت السباقة بإنقاذ العراق من تنظيم عصابات داعش , باصدار فتوى الجهاد الكفائي في يوم 13 / 6 / 2014 م , أي بعد( ثلاثة أيام ) من سقوط الموصل , وباقي المحافظات بيد داعـش , وهبّ على إثرها الشرفاء من أبناء الشعب العراقي الغيارى , ملبين النداء المقدس للمرجعية , بطوابير مئات الآلاف من المتطوعين لقتال العدو , بصفوف القوات الأمنية والجيش العراقي , حسب ما ارتأته الفتوى , ودعت اليه المرجعية .
والجميع يعلم أيضا ًويتذكر , كيف كانت الحكومة تعيش التخبط , وهي تحت تأثير الصفعة الداعشيّة , وكيف كانت غارقة ببحر الحيرة والشك آنذاك , حتى طار الرشد من رأسها , و باتت لا تعرف مَن مِن مَن ؟ حتى اصابها الكلل والعجز حتى من إصدار قرار , من شأنه أن يحض المقاتل على القتال , أو على أن يصمد أمام العدو الغاشم على أقل تقدير , حتى بات شبح انهيار المؤسسة الأمنية والعسكرية كلية ماثلة للعيان , ويعني ذلك سقوط العراق بالكامل . وهي ترى ( الحكومة ) بأم عينها ( تسوناني ) المتطوعين على هدى فتوى المرجعية , تملئ الشوارع والساحات بكل المحافظات والمدن ( وخصوصا ً الجنوبية ) , مما زاد رعب وخوف وخشية السياسيين والمتصدين كافة واختلطت المشاعر وتضاربت حول مستقبل كياناتهم السياسية جرّاء وقفة المرجعية من خلال فتوتها المتصدية , وعلى رأسهم الحكومة ورئيس وزرائها آنذاك , فكثفوا اجتماعاتهم واتصالاتهم , حتى خلصوا الفرقاء السياسيين الى قرار استحداث ( هيئة الحشد الشعبي ) , والذي من مهامه إدارة الحشد , والتدريب والتجهيز والتسليح وتوزيع المقاتلين على قواطع الجبهات . فجاء الأمر الديواني المرقم ( 47ــ والأمر رقم 48 ) بتاريخ 18 / 6 / 2014 م . باستحداث هيئة الحشد الشعبي بعد ( ثمانية أيام ) من اجتياح الاراضي العراقية من قبل عصابات داعش وحواضنها . و( خمسة أيام ) من انطلاق فتوى الجهاد الكفائي .
والكل يعلم أن الأيام ( الخمسة ) تلك التي فصلت بين يوم اعلان الفتوى , عن يوم اعلان هيئة الحشد , كيف كانت مريرة , وجرى فيها ما جرى من أمور يندى لها الجبين , فقد أنف كل القادة السياسيين , وخصوصا ً المتصدية , وعلى رأسها رئيس الوزراء ( نوري المالكي ) من الإمتثال الى النقطة ( الثالثة ) من توجيهات المرجعية التي حوتها خطبة الجهاد في جمعة 13 / 6 / 2014 م , والتي وضعت كل القيادات السياسية امام مسؤولياتها التاريخية والوطنية والشرعية , ودعتهم الى ترك الاختلافات والتناحر , وناشدتهم الى توحيد موقفها وكلمتها , ودعمها واسنادها للقوات المسلحة !. 
والكل يعلم ويفهم أن المرجعية ألمحت , في تلك النقطة الى ضرورة أن تساند الفصائل المسلحة التي تمتلكها الأحزاب والكتل والتيارات , بانخراطها في القوات الأمنية والجيش العراقي , وهي التي كانت موصوفة بــ ( المليشيات ) وبأنها خارجة عن القانون . وهذا ما حذرت منه المرجعية بالخطبة التالية لخطبة الفتوى في 20 / 6 /2014 م ((إن دعوة المرجعية الدينية إنما كانت للانخراط في القوات الأمنية الرسمية , وليس لتشكيل ميليشيات مسلّحة خارج أطار القانون )) . فسارعت القيادات السياسية , الذين هم حقيقة أمراء الفصائل المسلحة الخارجة عن القانون , الى حزم أمرها وقررت استحداث ما يسمى بــ ( هيئة الحشد الشعبي ) بمحاولة منهم لأضفاء الصفة الرسمية والشرعية لها . 
وبالمقابل وعلى الجانب الآخر من اروقة السياسة النتنة , شهدت مراكز التطوع وساحات التدريب وبعض قواطع العمليات , الى ممارسات همجية مسيئة بحق المتطوعين ومن سوء المعاملة, وتعرضوا الى أنواع من الإهانة والإذلال , ومورست بحقهم أسوء معاملة , مما يكشف عن حجم المؤامرة الكبيرة التي يتعرض لها العراق وأمنه وشعبه ومقدساته , من خلال تواطؤا وخيانة وتقاعس وانبطاح بعض مسؤولي القوات الأمنية والحكومية !. وبمحاولة سياسية دنيئة منهم ( من حكومة المحاصصة ) الهدف منها انخراط جموع المتطوعين الى ذات الفصائل المسلحة ( والمنضوية الى هيئة الحشد الشعبي ) التابعة الى الأحزاب والكتل والتيارات , مع تقديم إغراءات وحوافز مالية واعتبارية وحزبية وغيرها . 
ويعلم الجميع حينها كيف اضطر المتطوعين الغيارى من ابناء فتوى الجهاد , الى تنظيم امرهم بأنفسهم , وقاموا بتشكيل أولى الفصائل المسلحة الرسمية , وتحت رعاية وارشاد ونصح المرجعية الدينية, غير آبهين بالمعادلات السياسية المقيتة , وببعض العناصر الخائنة والمتقاعسة في اجهزة الدولة . وهذه الفصائل المسلحة للآن تعاني من التهميش والإقصاء على حدّ سواء من إدارة هيئة الحشد الشعبي والحكومة .
ويعلم الجميع ويدرك أن المرجعية هي مَن شخّصت الداء وحذرت منه , وأعلنت الحرب ضد تنظيم عصابات داعش , وأنها هي مَن حرّضت المتطوعين للقتال , وأنها هي مَن دفعت الشعب العراقي لمساندة المقاتلين بالسلاح والمال والنفس , وأنه هي مَن بشّرتهم بالنصر المؤزّر ( لو قاتلتموهم بالحجارة لانتصرتم ! ) فهي صاحبة النصر , وهي مَن صنعت النصر وجلبته وساقته وقلدته على صدر الشعب العراقي المضحي البطل . وليس بالصورة أي عنوان آخر ممكن أن يخطر بذهن عاقل . كما ان المرجعية تحيّ وتبارك كل من اشترك بالحرب بغض النظر عن أي عنوان آخر , فالمرجعية للجميع ولجميع العراقيين بلا استثناء .
كما يعلم أولوا الألباب أن المرجعية قد ردّت على قرار استحداث ( هيئة الحشد الشعبي ) بعد (يومين فقط ) من اعلانه , لئلا يتوهم البعض من أن المرجعية ومن خلال دعوتها للجهاد , أنها تؤيّد التنظيمات المسلحة والخارجة عن القانون , في إشارة ذكية منها كما وردت في النقطة ( ثانيا ً ) من خطبة جمعة ( 20 / 6 /2014 م ) : \" إن دعوة المرجعية الدينية إنما كانت للانخراط في القوات الأمنية الرسمية وليس لتشكيل ميليشيات مسلّحة خارج أطار القانون ... وعلى الجهات ذات العلاقة .. ان تبادر الى تنظيم عملية التطوع وتعلن عن ضوابط محددة لمن تحتاج اليهم القوات المسلحة والأجهزة الأمنية الأخرى , حتى تتضح الصورة للمواطنين الراغبين , في التطوع فلا يزدحموا على مراكز التطوع , الاّ من تتوفر فيه الشروط .. \" .
ــ فالمرجعية معنيّة بالعراق وبشعبه وبمقدساته , ومعنيّة أكثر اليوم بالمقاتلين المتطوعين الغيارى , فينبغي ( لهيئة الحشد الشعبي ) الذي تشكل أصلا ً ضمن إيحاءات فتوى الجهاد , أن يدخل ضمن هذا الاطار الذي وصفته المرجعية له بـ ( المتطوعين ) لأنه أشمل وأكمل وأتم , وهو منوط بالحرب على داعش لا غير , ومنطقته الجغرافية العراق لا غير , وأمر انطلاقه كان بيد المرجعية لا غيرها , كما أمر إيقافه منوط بيدها أيضا ً لا بيد غيرها . وإلا ّ يجازف ويقع تحت ( مسمّى ميليشيات مسلّحة خارج أطار القانون ) ولكل حادث حديث .
ـ وعلى مَن يعترض عليه أن يراجع ويقرأ الفقرة ( ثانيا ً ) من خطبة جمعة ( 20 / 6 /2014 م ) جيدا ً.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نجاح بيعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/06/30



كتابة تعليق لموضوع : مِيليشيات .. أم حَشدُ المَرجعيّة ؟!.
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net