صفحة الكاتب : د . رزاق مخور الغراوي

معايير المحاسبة الحكومية العراقية في النظام المحاسبي الاسلامي
د . رزاق مخور الغراوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 سيتم التطرق في هذه االبحث المختزل الى اثبات اصالة النظام المحاسبي الاسلامي لمجموعة من المعايير المحاسبية الحكومية المحلية(العراقية)،ونظرا لعدم وجود مصدر يتضمن لمعايير المحاسبة الحكومية المحلية العراقية بشكل واضح،فقد تم تجميع وصياغة معايير محاسبية حكومية محلية  اعتمادا على عدد من الوثائق والنشرات الرسمية أهمها:

1.قانون اصول المحاسبات العامة ذو العدد 28 لسنة 1940 وتعديلاته.

2.قانون الموازنة العامة ذو العدد 107 لسنة 1985 وتعديلاته.

3.نشرات مجلس معايير المحاسبة العراقي.

فضلا عن الكتب الاتية:

1.المحاسبة الحكومية والادارة المالية العامة"حنا رزوقي الصائغ،ج1،ط5،1989".

2.محاضرات في المحاسبة الحكومية"حسابات الموازنة""د.ماهر موسى العبيدي،1985".

وتم اختيار المعايير المحاسبية الحكومية العراقية لغرض تفحصها وتحليلها وبحث مدى أصالتها وإمكانية وجود أسس لها وجذور في التشريع الإسلامي.

معايير المفاهيم والمصطلحات العامة الخاصة بالنشاط الحكومي الخدمي غير الهادف للربح

  اقترح بعض الباحثين العراقيين إصدار بيان يتضمن المعايير الخاصة بالمفاهيم والمصطلحات العامة ،والمصطلحات الخاصة بالمركز المالي ،فضلا عن المفاهيم والمصطلحات الخاصة بنتائج العمليات وتقويم الأداء،واعتبر هذا البيان بمثابة الأساس العلمي الذي يتم الرجوع إليه عند إصدار معيار أو قانون أو تعليمات خاصة بالمحاسبة الحكومية، كما أنها تمثل دليلا يرشد الباحثين ومطبقي المحاسبة الحكومية بمضامين هذه المصطلحات، وفيما يلي استعراض سريع للمعايير المقترحة بهذا الشأن:

المفاهيم والمصطلحات العامة 

وهي تتضمن:

·        نطاق تطبيق المعايير المحاسبية الحكومية: حيث تطبق هذه المعايير من خلال النظام المحاسبي للوحدات الحكومية الخدمية غير الهادفة للربح ،والممولة مركزيا من خلال الموازنة الجارية أو الاستثمارية ،بشكل عام أو تزيد على 50% من نفقاتها التشغيلية.

·        الوحدة الحكومية: وهي مؤسسة مسئولة تجاه الحكومة، أو السلطة التشريعية ،تملكها الدولة(إذا كانت تمول نشاطها بالكامل) أو تسيطر عليها (إذا كانت الحكومة تمول 50% فأكثر من نشاطها أو تملك سلطة تحديد السياسات المالية والتشغيلية لها أما عن طريق وضع التشريعات ،أو التعيين لغالبية كبار موظفي الإدارة أو أعضاء الهيئة الإدارية)( السعبري، 2000: 129).

·        السياسات المحاسبية: وهي المبادئ والمعايير والأسس والأعراف والقواعد والتطبيقات المعتمدة من قبل الوحدة في إعداد القوائم المالية وتقديمها.

·        التقارير المالية الحكومية ذات الغرض العام : تتكون هذه التقارير من ثلاثة مكونات أساسية هي: البيانات المالية ،والمعلومات المتعلقة بالمطابقة ،والمعلومات المتعلقة بالأداء ،وتصدر تطبيقا للمعايير المحاسبية الحكومية الخاصة بالقطاع الحكومي الخدمي غير الهادف للربح .

·        التحقق: يعد الإيراد أو المصروف متحققا إذا توفر في كل منهما شرطان هما : القابلية على القياس ، والتهيئة للقبض أو الصرف.

المفاهيم والمصطلحات الخاصة بالمركز المالي

وهي تتضمن:

·        الموجودات: وهي موارد مسيطر عليها من قبل الوحدة الحكومية ،نتيجة لأحداث ماضية،ويتوقع أن تتدفق منها منافع مالية مستقبلية للوحدة ،وتقسم حسب طبيعتها ووظيفتها على نوعين : أصول مالية تتكون من الاستثمارات والمخزون لغرض البيع ومديني الإيرادات ومدينين آخرين ،وأًصول مادية تتكون من المخزون لغرض الاستعمال ومعدات المصنع والأصول الأسسية (البني التحتية)والأصول الأخرى.

·        المطلوبات: وهي مطالبات حالية على الوحدة الحكومية ظاهرة من أحداث ماضية ومن المتوقع أن ينتج عن تسديدها تدفقات خارجة من الوحدة على شكل موارد تتضمن منافع اقتصادية وهي: ديون مستحقة، الدائنون، ديون مستحقة للمستخدمين(التقاعد)، القروض، عقود الإيجار الرأسمالية، الإيرادات المستلمة نقدا ، العملة الوطنية، المطلوبات المحتملة،الالتزامات.

المفاهيم والمصطلحات الخاصة بنتائج العمليات وتقويم الأداء           

وهي تتضمن:

1.     النفقات : وهي النواقص في المنافع الاقتصادية خلال الفترة المحاسبية على شكل تدفقات خارجة من الأصول ،أو الزيادات بالالتزامات التي ينتج عنها نواقص في صافي الأصول المالية أو زيادات في صافي الالتزامات المالية ،وتتضمن كلفة السلع والخدمات والأصول المقتناة خلال الفترة المحاسبية للاستعمال من قبل الوحدة.

2.     النفقات النقدية  : الأموال المدفوعة خلال فترة حسابية معينة.

3.     المصروفات: تكلفة السلع والخدمات المستهلكة خلال فترة محددة.

4.     الفائض/العجز: الفرق بين الإيرادات والنفقات خلال فترة محاسبية معينة للوحدة المحاسبية ، أو الحكومة بشكل عام ، وحسب الأساس المحاسبي المستعمل.

5.     الفائض/العجز المتراكم: تراكم الفوائض  مطروح منه العجز منذ إنشاء الوحدة الحكومية أو الحكومة بشكل عام .

6.     صافي الأصول: الفضلة المتبقية من أصول الوحدة بعد طرح كافة التزاماتها.

7.     صافي الأصول المالية: الفضلة المتبقية من الأصول المالية للوحدة الحكومية بعد طرح كافة التزاماتها.

8.     المدفوعات : وهي جميع التدفقات النقدية الخارجة من الوحدة الحكومية.

9.     المقبوضات: وهي جميع التدفقات النقدية الداخلة إلى الوحدة الحكومية.

10.                        الإيرادات : على وفق أساس الاستحقاق هي الزيادات في المنافع الاقتصادية خلال الفترة المحاسبية بشكل تدفقات داخلة والتحسينات في الأصول أو النواقص في الالتزامات الناجمة عن زيادة صافي الأصول.

11.                        الفقرات غير الاعتيادية: الإيرادات أو النفقات /المصروفات غير الاعتيادية ،التدفقات النقدية غير الاعتيادية.

     إن المفاهيم والمصطلحات السابقة تمثل أسسا ومعايير عامة  يتم الاسترشاد بها لمهنة المحاسبة عموما والمحاسبة الحكومية خصوصا ،وقد تم اقتراحها لكي يتم الأخذ بها وتطبيقها محليا(في الدوائر الحكومية العراقية)،وهي لا تختلف كثيرا عن المفاهيم والمصطلحات العامة للمعايير المحاسبية  الحكومية الدولية وكذلك الامريكية.

المفاهيم والمصطلحات العامة للمحاسبة (بما فيها المحاسبة الحكومية) في التشريع الإسلامي

   بمتابعة مصادر  التشريع الإسلامي فإننا نلاحظ التركيز والتأكيد المستمر في هذه المصادر على ضرورة وأهمية إيجاد تنظيم للحياة الاقتصادية للمجتمع الإسلامي بجميع جوانبها المالية والإدارية والمحاسبية والاجتماعية،وقد عرفت عملية التنظيم المالي والمحاسبي للشؤون المالية  منذ بداية نشأت الدولة الإسلامية ،وبظهور بيت المال وتطوره بدءا من عهد النبي الأكرم(ص) والخلفاء من بعده ،وقد مرت بنا الجذور التاريخية للمحاسبة الحكومية في الإسلام ومراحل تطورها وأهم مقوماتها التي أهمها بيت المال الذي يعتبر في وقتنا الحاضر بمثابة وزارة المالية أو الخزينة الوطنية.

   وفيما يتعلق بالجانب المحاسبي وما يرتبط به من مفاهيم وأحكام ومصطلحات فقد وردت عدة نصوص وروايات تشريعية  تبين وتوضح مفاهيم وأحكام وقواعد الحسابات التي ينبغي إتباعها عند تنظيم العمل الحسابي والمالي ،سواء أكان ذلك على صعيد الأفراد أم على مستوى الدولة ككل ،وقد تطرقنا من خلال الفصل السابق إلى العديد من تلك المفاهيم والقواعد بدءا بتحديد مفهوم الاقتصاد الإسلامي ومبادئه وخصائصه ،ومرورا بمفهوم المال في الإسلام  ووظيفته و مصادره  وانتهاء بمفهوم المحاسبة في الإسلام وأهدافها ومقوماتها، ووصولا إلى القواعد والمعايير الفنية التطبيقية لها (خاصة الحكومية منها) ،وقد توصلنا إلى أن وجود تلك الكثرة من المفاهيم والأحكام المتعلقة بالشؤون المالية والمحاسبية في مصادر التشريع الإسلامي وكذلك الاهتمام والتشديد من قبل الشارع المقدس بضرورة تنظيم الأموال وطرق التصرف بها وصرفها ،إن ذلك يعني حتمية  وجود نظام محاسبي إسلامي يتضمن إجراءات وقواعد ومعايير ملائمة لهذا العمل،ويمكن أن نوضح  المفاهيم والقواعد والمعايير التي ترتبط  بالمحاسبة وأهدافها وكيفية تنظيمها وعرضها كما وردت في مصادر التشريع الإسلامي  وكالآتي:

·        القرآن الكريم

   بادئ ذي بدء لابد من تبيان  مدى أهمية تعلم الكتابة والحساب وآدابهما في التشريع الإسلامي ،وذلك في أولى الآيات المباركة التي نزلت على نبينا محمد صلى الله عليه وآله من خلال قوله تعالى:"اقرأ باسم ربك الذي خلق* خلق الإنسان من علق* أقرا وربك الأكرم *الذي علم بالقلم*علم الإنسان ما لم يعلم"(العلق،1-5)،فقد ورد في تفسير هذه الآيات المباركة إن الله علم الناس الكتابة التي تتم بها أمور الدنيا والآخرة في مشارق الأرض ومغاربها (مستدرك الوسائل،1408هـ ، ج13 :258).

   إن من أهم معالم التطور في الحياة البشرية ،هو ظهور الخط وما ثبته القلم على صحائف الأوراق والأحجار ،وقد أدى هذا الحدث  إلى فصل عصر التاريخ عن عصر ما قبل التاريخ،فما يثبته القلم على صفحات الورق هو الذي يحدد طبيعة الانتصار أو الانتكاسة لمجتمع ما من المجتمعات الإنسانية ،وبالتالي فإن ما يسطره القلم يحدد مصير البشرية في مرحلة ما أو مكان ما(الشيرازي ، 1413هـ : 476  ) ولأهمية الكتابة وخطورة ما يسطره(يكتبه) القلم  أقسم رب العزة بالقلم حيث يقول جل شأنه:" ن والقلم وما يسطرون" (القلم، 1) فالقسم  لا يكون إلا بأمر عظيم ذي قيمة وشأن وهذا ما يمثله القلم الحافظ للعلوم المدون للأفكار الحارس لها وحلقة الاتصال الفكري بين العلماء والقناة الرابطة بين الماضي والحاضر والمستقبل ،كما أن القلم يربط بين البشر المتباعدين من الناحية الزمانية والمكانية.كما أن قوله تعالى:" علمه البيان" (الرحمن، 4) له دلالات مهمة وعظيمة الشأن حول أهمية التعلم والكتابة والخط والتدوين ووسائلها كالقلم والورق ونحوها،حيث يذكر المفسرون أن كلمة البيان لها معنى لغوي واسع فهي لا تشمل النطق والكلام فحسب ، بل تجمع الكتابة والخط أنواع الاستدلالات العقلية والمنطقية التي تبين المسائل المختلفة والمعقدة أيضا( الشيرازي ، 1413هـ : 336 ).

   كما وردت عدة آيات شريفة تبين أهمية العمل الحسابي والمحاسبة خصوصا ،وتنظمه وتضع القواعد والمعايير اللازمة لأدائه على الوجه الذي يسعى إلى تحقيقه التشريع الإسلامي من النظام المحاسبي ألا وهو المساهمة في تحقيق أهداف النظام الإسلامي ككل والتي من أهمها تحقيق العدالة الاجتماعية في المجتمع الإسلامي ،فمن الآيات الكريمة التي وردت في هذا المجال قوله تعالى في الآية 5 من سورة يونس:"هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون"، وقوله تعالى في الآية 12 من سورة الإسراء:" وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلا"، يبين الشيرازي (1413هـ.ق: 373)في تفسيره لهذه الآيات المباركة إن :"للعدد والحساب دور في حياة الإنسان، فكل عالم الوجود يدور حول محور العدد والحساب ،ولا نظام في هذا العالم  بدون حساب،وطبيعي إن الإنسان الذي هو جزء من هذه المجموعة لا يستطيع العيش من دون حساب وكتاب ،لهذا السبب تعتبر الآيات القرآنية وجود الشمس والقمر أو الليل والنهار واحدة من نعم الله تعالى لأنها الأساس في تنظيم الحساب في حياة الإنسان ،إن شيوع الفوضى وفقدان الحياة للإنسان والنظم يؤدي إلى دمار الحياة وفنائها " .ويلاحظ إن الآيتين المباركتين تتحدثان عن فائدتين لنعمة الليل والنهار ،الأولى: ابتغاء فضل الله والتي تعني التكسب والعمل المفيد المستمر ،والثانية: معرفة عدد السنين والحساب ،وقد يكون الهدف من ذكر الاثنين إلى جنب بعضهما البعض يعود إلى إن (ابتغاء فضل الله ) لا يتم بدون الاستفادة من (الحساب والكتاب) ،وهذا المعنى في عصرنا الحاضر أصبح واضحا كالشمس ،فعالمنا اليوم هو عالم الأرقام والأعداد والإحصاء ،فإلى جانب كل مؤسسة ومنظمة اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية أو عسكرية أو علمية أو ثقافية ،ثمة مؤسسة إحصائية ومحاسبية ،وهذا يبين ويدلل على إن القران الكريم صالح لكل زمان ومكان ،وهو لا يبلى بالزمان ،بل كلما مر عليه الزمان تجددت معانيه وبانت آفاقه. علاوة على ما سبق فإن من جملة الأهداف التي تحتويها هذه الآيات المباركة هو توضيح أهمية حركة الزمان وتأثيره المباشر على الحساب- سواء أكان الحساب الدنيوي أم الحساب الأخروي -،والتي تدعو الإنسان إلى تحمل المسؤولية في الدنيا و إدراك حقيقة نفسه ،فالإنسان الذي يجمد فكره فلا يتحرك فانه لا ينتج شيئا سوى العبث وضياع الوقت ،والله تعالى يقول في حديث قدسي:"يا بن آدم إنما أنت أيام فإذا مضى يوم فقد مضى بعضك"،فالذي يعرف إن للزمان قيمة ويحاسب نفسه على الساعات والدقائق يتقدم لأنه يعلم إن من كان مطيته الليل والنهار يسار به وان كان واقفا، فالأيام لها حسابها واليوم يختلف عن الغد وهذا يختلف عن الآخر ،وان كانت كلها لله ،وقد فصل الله لنا بيان حقيقة الزمان والتقدير لكي نتذكر ونعي واقع أنفسنا (المدرسي،1406هـ .ق : 209).

   من هذا يتبين أهمية الزمن والحساب في التشريع الإسلامي ،فالزمن له دور رئيس في كيفية احتساب الأموال وجبايتها وتنظيمها ،لان بعض الموارد المالية الرئيسة في الدولة الإسلامية يعتمد جبايتها على عنصر الزمن كالزكاة والخمس ،والإلمام بالحساب (المحاسبة) وعلاقته بالزمن سوف يفيد في قياس الأموال وبالتالي معرفة المقدار الواجب إخراجه من تلك الفريضتين الماليتين، ولا تتوقف أهمية الحساب والمحاسبة في التشريع الإسلامي على الحياة الدنيا ،و إنما يكون ذلك مقدمة لتحضير حساب الإنسان ومحاسبته يوم القيامة ، فالله الذي دبر شؤون الليل والنهار والقمر والشمس وقدرهما بالسنين والحساب جعل للإنسان أيضا كتابا وحسابا فما من عمل يقوم به أو خطوة يخطوها أو فكرة تجول في ضميره إلا وتسجل في كتابه ويحاسب عليها يوم القيامة.

     ويعتقد [1](ZAID 2003): أن النظم المحاسبية وإجراءات التسجيل التي تم تطبيقها في الدولة الإسلامية قد ابتدأت قبل ابتكار الأرقام العربية باعتبارها استجابة طبيعية لمتطلبات دينية ،خاصة فيما يتعلق بالزكاة التي تعتبر من الفرائض المالية المهمة ، التي فرضت على المسلمين في السنة الثانية للهجرة .

  وعليه فإن المحاسبة في الإسلام تعد من المهن التي يجب شرعا توافرها والاهتمام بها ، باعتبارها من فروض الكفاية فهي -فضلا عن وظائفها الفنية- وسيلة لتحقيق واجب شرعي وهو إثبات وقياس وتوزيع الحقوق بين أصحابها بالعدل (جمعة،2000: 377).

     ولأجل ذلك فقد وضع التشريع الإسلامي عددا من القواعد النظامية التي تنظم العمل المحاسبي والتي تتعلق بأصول المعاملات والمعاوضات المالية مثل البيع والشراء والدين والرهن  وغيرها  ، بما يحفظ المال عن الضياع ويرفع التنازع والاختلاف بين أفراد الإنسان ،ونرى هذا الأمر واضحا جليا في الآيتين الشريفتين (282-283) من سورة البقرة المباركة حيث يقول الله تعالى:" يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى اجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا فان كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع إن يمل هو فليملل وليه بالعدل واستشهدوا شهيدين من رجالكم فان لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء ....ولا تسئموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى اجله ذلكم اقسط عند الله و أقوم للشهادة و أدنى ألا ترتابوا ... واشهدوا إذا تبايعتم ولا يضار كاتب ولا شهيد ...واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم *وان كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة فان أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي أؤتمن أمانته وليتق الله ربه ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فانه آثم قلبه  والله بما تعملون عليم"، لقد أكد سبحانه وتعالى في هاتين الآيتين على كثرة الاعتناء والاهتمام بحقوق الناس وبين فيهما أصول المعاملات وكيفية حفظ الأموال ونقلها من حال إلى حال ،وقد ورد فيهما ما يقرب من عشرين حكم، تحتوي على قواعد ومعايير وتعليمات دقيقة لتنظيم الروابط والعلاقات التجارية والاقتصادية والمالية والمحاسبية سواء أكان على مستوى علاقات الأفراد فيما بينهم أم على مستوى علاقاتهم المالية مع الدولة ، وذلك حتى تنمو رؤوس الأموال نموا طبيعيا دون أن تعتريها عوائق أو تنتابها خلافات ومنازعات .و نلاحظ أن القرآن الكريم يستعمل كلمة"دين" و لا يستعمل كلمة" قرض" ،وذلك لأن القرض هو تبادل شيئين متشابهين كالنقود أو البضاعة التي يقترضها المقترض ويستفيد منها ثم يعيد نقودا أو بضاعة إلى المقرض مثلا بمثل ، أما "الدَيْن" فيرى الشيرازي (1413 هـ: 254 )أنه أوسع معنى فهو يشمل جميع المعاملات التي فيها دين يبقى في ذمة المدين بما في ذلك القرض.

وذكر السبزواري(قده) (1404 هـ.ق : 499) في سياق تفسيره لهاتين الآيتين انه يمكن الاستفادة منهما في عدة أمور منها :

1.     الدلالة على أهمية حقوق الناس ووجوب مراعاتها والتحفظ عليها ،وقد ذكر سبحانه أمور ثلاثة على تثبيتها :الكتابة والشهادة والرهن ،ولعل تأخير الرهن وتقييده بالسفر للإشارة إلى أنه لا ينبغي للمؤمن أن يرتهن من أخيه المؤمن ،فإن شرف الإيمان وعزه يحملانه على الوفاء بالعهد و أداء حق الناس .

2.     قد ذكر سبحانه في الآية المباركة قواعد نظامية لا تختص بعصر دون آخر ولا ملة دون أخرى فهي صالحة في جميع الأعصار والشعوب ،يحفظ بها الأموال عن الضياع ويسلم الإنسان عن التشاجر والتنازع ويرتضيها العقل السليم ،ويوافق عليها الطبع المستقيم ،وقد نبه إليها القران الكريم قبل أن يصل الإنسان إلى المدنية الحاضرة ويقنن قوانين لتنظيم المعاملات وحفظ الأموال وتحسين النظام الاجتماعي الاقتصادي.

3.     أمر سبحانه وتعالى في ما تقدم من الآيات المباركة -مضافا إلى ماورد من لزوم التحفظ على أموال الناس – تنزيه النفس في ما بينها وبين الله تعالى عن الخيانة في الأمانة وهي التقوى التي حرض القران عليها بأساليب مختلفة ،وهي الأصل في جميع التشريعات السماوية كما إنها روح العمل وقوام الدين والأصل في كل تشريع.

4.     يستفاد من قوله تعالى "والله بما تعملون عليم" إنه لابد من علم اليقين بالعمل وسائر خصوصياته ،والاستيلاء على الجزاء ثوابا وعقابا ،وهذا هو الذي تطابقت عليه الكتب السماوية والعقل يحكم به حكما بتياً لا ارتياب فيه.

·        السنة النبوية المطهرة

  لقد ورد الكثير من الروايات والنصوص النبوية الشريفة التي تبين مدى حرص الإسلام واهتمامه بتعليم الكتابة والحساب وآدابهما لكافة المسلمين ،بما في ذلك إيجاد نظام مالي ومحاسبي فعال يحفظ حقوق الناس من الضياع ، فقد روي عن أمير المؤمنين علي(ع) انه قال لكاتبه عبيد الله بن أبي رافع :"الق دواتك واطل جلفة قلمك وأفرج بين السطور و قرمط بين الحروف فانه لك أجدر بصباحة الخط" (وسائل الشيعة، 1409هـ ،ج13 :404)،وكان يقول(ع):" الخط علامة فكل ما كان أبين كان أحسن"وقال في خطبة له:" من يشتري مني علما بدرهم ؟" أي يشتري صحيفة بدرهم يكتب فيها العلم ،فاشترى الحارث صحفا بدرهم ثم جاء بها عليا (ع) فكتب له علما كثيرا إن هذه الأحاديث تدل على الاهتمام الكبير الذي أولاه الإمام(ع) لرعاية أمر الكتابة في أروع صورة لوعي حضاري بأمر الكتابة وآدابها آنذاك.

  وحول أهمية كتابة الحقوق (وخاصة المالية منها) وتوثيقها فقد كتب الإمام علي(ع) إلى عماله:"ادقوا أقلامكم وقاربوا بين سطوركم واحذفوا عني فضولكم واقصدوا قصد المعاني وإياكم والإكثار فان أموال المسلمين لا تحتمل الإضرار"( وسائل الشيعة ،1409هـ ،ج13 :404)،وقد ورد عن أبي عبدالله الصادق(ع) قوله:"من الله على الناس برهم وفاجرهم بالكتاب والحساب ولولا ذلك لتغالطوا"( وسائل الشيعة ،1409هـ ،ج13 :404)، وفي رواية لمحمد بن سنان عن توحيد المفضل عن الصادق(ع) انه قال:" تأمل يا مفضل ما انعم الله تقدست أسماؤه من هذا النطق ،الذي يعبر به عما في ضميره ...إلى إن قال وكذلك الكتابة التي بها تفيد أخبار الماضين للباقين وأخبار الباقين للآتين ،و بها تخلد الكتب في العلوم والآداب وغيرها ،و بها يحفظ الإنسان ذكر ما يجري بينه وبين غيره من المعاملات والحساب ،ولولاه لانقطع أخبار بعض الأزمنة عن بعض وأخبار الغائبين عن أوطانهم ودرست العلوم وضاعت الآداب وعظم ما يدخل على الناس من الخلل في أمورهم ومعاملاتهم وما يحتاجون إلى النظر فيه من أمر دينهم ،وما روي لهم مما لا يسعهم جهله، ولعلك تظن أنها مما يخلص إليه بالحيلة والفطنة وليست مما أعطيت الإنسان من خلقة وطباعة ...إلى إن قال فأصل ذلك فطرة الباري جل وعز وما تفضل به على خلقه فمن شكر أثيب ومن كفر فان الله غني عن العالمين"(مستدرك الوسائل،1408هـ ،ج 13 :258)،وغني عن الذكر القول إن المراد بالكتابة هو الفرض والثبوت(الإثبات) والتوثيق ،والكتاب في الأصل يطلق على المكتوب(السبزواري، 1404هـ.ق: 499).

     ويعرف القلقشندى كتابة الأموال بأن المراد بها كل ما رجح من صناعة الكتابة إلى تحصيل المال وصرفه، وما يجري مجرى ذلك ككتابة بيت المال والخزائن السلطانية، وما يجبى إليها من أموال الخراج وما في معناه، وصرف ما يصرف منها من الجاري والنفقات وغير ذلك، وما في معنى ذلك ككتابة الجيوش ونحوها مما يتجر القول فيه إلى صنعة الحساب[2]

 و يعتبر مطر(2004: 473)  أن الآية (282) من سورة البقرة :" يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ، ولا تسئموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا " تطبيقا حرفيا لمبدأ التوثيق والتدوين في المحاسبة الإسلامية. ولعل الدواوين التي تبناها الخلفاء الراشدون ومن بعدهم كسجلات لإثبات المعاملات، كانت تطبيقا حيا لمبدأ التوثيق،فضلا عن ذلك فإن [3](ZAID 2003):يرى الآية الكريمة السابقة تتضمن أحكاما تحدد كل متطلبات كتابة الديون والمعاملات المالية.

   و قد وجدت عدة كتب  تناولت النظم الإسلامية  وكيفية إدارتها وتنظيمها في الدولة الإسلامية آنذاك ، والتي تعرضت في جزء منها إلى النظام المالي والمحاسبي الذي كان مطبقا في حينها، ،وهذا يدل بشكل أو آخر على الاهتمام الذي أولاه الإسلام للأمور المالية والمحاسبية التي تدخل في مختلف جوانب الحياة البشرية ،ولعل أهم الكتب في هذا المجال هي(الخفاجي،1996: 157):ـ

·        الخراج: لقاضي القضاة أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم الذي كتبه استجابة لطلب الخليفة العباسي هارون الرشيد ليسير عليه العاملون في الخراج والصدقات ليصبح بذلك ورقة عمل رسمية للدولة في جهازها المالي.

·        الخراج :ليحيى بن آدم ، الذي سار على ذات المنوال للكتاب الأول،وقد سلك فيه المؤلف منهجا فقهيا رتبه على مسائل مرموقة بأسلوب روائي قريب من منهج أهل الحديث في الرواية،فبين أقسام كل من الخراج والفيء والجزية والزكاة.

·        الوزراء والكتاب: لأبي عبدالله محمد بن عبدوس الجهشياري،الذي كان يعمل حاجبا للوزير علي بن عيسى في وزارته الثانية للمقتدر العباسي ،وقد ابتدأ كتابه بأول من ابتدأ الكتابة وبنظم الدولة الساسانية ودواوينها ولباس موظفيها وواجبات العمال والوزراء وعقوباتهم.

·        الخراج وصناعة الكتابة: لقدامه بن جعفر الذي تولى الكتابة لابن فرات في ديوان الزمام، وكان كاتبا لمعز الدولة البويهي،وقد خصص أربعة أبواب من أبواب كتابه التسعة للكتابة عن دواوين الدولة.

·        تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء: لأبي الحسن الهلال الصابي، حيث كتب عن أخبار الوزارة والوزراء من وزارة علي بن محمد بن الفرات، ومن جاء بعده إلى وزارة علي بن عيسى الثانية.

·        الأحكام السلطانية: لأبي الحسن علي بن محمد الماوردي، حيث كتب فيه عن الهيكل التنظيمي للدولة وصياغته مع توضيح ذلك الهيكل بشكل منطقي ومترابط في مستوياته الإدارية وهرمها ،مع تفصيل الاختصاصات والصلاحيات لمختلف تلك المستويات.

     أما بالنسبة للكتب والمؤلفات المختصة بالنظم المحاسبية ، فإن المازندراني يعتبر أول من وثق النظام المحاسبي الحكومي في المجتمع الإسلامي، وعلى الأخص في سلطة خان الثاني خلال الفترة من 1120 ـ 1350، فلقد ألَّفَ سنة 765هـ (1363م) ، كتابه المسمى "الرسالة الفلكية- كتاب الزكاة"، الذي مازال مخطوطة في مكتبة صوفيا "اسطنبول" وباللغة التركية، ولقد وصف المازندراني في كتابه تفاصيل الإجراءات المالية لجبي وصرف الزكاة ومكونات النظام المحاسبي بما في ذلك تحديد الأحداث المالية والسجلات الأساسية والفرعية وكذا التقارير المالية الفترية والسنوية، ويشير المازندراني في كتابه إلى أن هناك مصادر عدة استخدمها أساساً لكتابه، التي أهمها كتاب "مفاتيح العلوم" للخوارزمي،حيث أوضح الأخير في كتابه أنواع السجلات المذكورة في الدواوين والكتب المستخدمة لغرض تسجيل الحسابات ، كما أنه قام بوصف النظم المحاسبية التي كانت مطبقة خلال القرن الرابع الهجري ، كما حدد واجبات الكتاب وأسلوب عملهم في  ذلك الزمان والمكان [4] ZAID 2003)). وحدد كتاب المازندراني سبع قواعد ومفاهيم كانت أساساً للنظام المحاسبي في الدولة الإيخائية تشمل قاعدة النظام المحاسبي والمعادلة المحاسبية والتصنيف والعرض المحاسبي والوحدة النقدية والدورية والإقفال السنوي والإفصاح في نهاية العام والتقارير الدورية والأساس النقدي للقياس وقواعد التسجيل (الحميد، 1427هـ)[1] ، كما حدد المازندراني سبع نظم محاسبية تم تطويرها وتطبيقها في الدولة الإسلامية وهي: محاسبة الإسطبلات،ومحاسبة الإنشاءات، ومحاسبة زراعة الرز، ومحاسبة المستودعات، ومحاسبة صك العملة، ومحاسبة تربية الأغنام، ومحاسبة الخزانة ، ويعتقد أن النظم المحاسبية التي تم تطويرها وتطبيقها في أجزاء مختلفة من العالم الإسلامي ،خاصة دول الشرق الأوسط كانت على درجة من التقدم والتطور .

    وقد بين [5](ZAID 2003): في دراسته لكتاب الرسالة الفلكية للمازندراني، أن من الأهداف التي كانت تسعى لتحقيقها النظم المحاسبية في الدولة الإسلامية هي ضمان المساءلة المحاسبية، وتسهيل عملية اتخاذ القرارات عموما، فضلا عن السماح بتقييم المشاريع المكتملة والجاهزة، وهو يؤكد على أن النظم المحاسبية التي كانت سائدة آنذاك كانت مصممة أساسا لخدمة أغراض حكومية.   

مما سبق يتضح لنا إن التشريع الإسلامي قد أقر بوجوب وجود نظام محاسبي (حكومي) يحفظ حقوق الناس في المجتمع الإسلامي على جميع مستوى العلاقات سواء أكان ذلك في علاقات  الأفراد فيما بينهم أم علاقاتهم المالية مع الدولة ،وأكد على ضرورة توثيق وتثبيت وعرض كل ما يتعلق بأصول المعاملات المالية ،ويمكن أن نستنتج أن أصول المعايير والقواعد والمفاهيم العامة للمحاسبة الحكومية المعاصرة موجودة بصورة واضحة جلية في التشريع الإسلامي وكالآتي:-

1)    أكد التشريع الإسلامي على أهمية وجود نظام محاسبي يحفظ أموال الناس عن الضياع ويرفع التنازع والخصومات والاختلاف بينهم.

2)    أكد التشريع الإسلامي على وجوب تثبيت وعرض كل ما يتعلق بالمعاملات المالية ،وهو ما يعبر عنه باصطلاحنا الحاضر (الإفصاح الكامل) ،وذلك في قوله تعالى :" ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا"(البقرة،282) حيث تشدد الآية على ضرورة التثبيت في الديون وجميع ما يتعلق بالحقوق المالية للناس وعدم التهاون فيها ،فإنها مظنة النزاع والضياع ،فهو يقول عز شانه لا تملوا عن كتابة الدين أو المعاملات المالية صغيرا كان الحق أم كبيرا  ذاكرين أجل المعاملة وشؤونها أي كل ما يتعلق بها ،وإنما قدم الصغير للاهتمام به ، أي لا تكون القلة مانعة عن الكتابة ، كما يقول الله تعالى في نفس الآية المباركة " وليتق الله ربه و لا يبخس منه شيئا" والبخس هو النقص على سبيل الظلم ،وهنا تأكيد آخر على ضرورة توثيق المعاملة المالية بصورة كاملة ولا ينقص من الحق شيئا ،وقد أمر سبحانه بالتقوى للترهيب ،فان الله عليم بالأمور وقادر عليه وبيده عقابه ،ونهى عن البخس والظلم لان الإنسان مجبول على دفع الضرر والطمع في جلب النفع إليه. أما الهدف من الإفصاح الكامل ،فنحن إذا رجعنا إلى أهداف المحاسبة التقليدية (الوضعية وخاصة الرأسمالية) فان الهدف الرئيس للإفصاح هو تقديم المعلومات المحاسبية الملائمة لاتخاذ القرارات الاقتصادية وخاصة الاستثمارية منها وهو موجه إلى فئة أو فئتين أساسا وهما فئتي المستثمرين والمقرضين ، ولكن في الآونة الأخيرة تعالت الصيحات وكثرت الانتقادات حول هذا الانحياز الواضح في تغليب مصالح فئة معينة على مصالح فئات أخرى عديدة موجودة أيضا  في نفس المجتمع، فظهرت المحاسبة الاجتماعية والمحاسبة البيئية ونحوها وهي التي تأخذ بالاعتبار توجيه أهداف التقارير المحاسبية لخدمة أطراف عديدة غير الفئتين المذكورتين ،إلا إن الجدال مازال مستمرا بين مؤيد ومعارض ،ولكن لننظر إلى الهدف الذي يريده الشارع المقدس من الإفصاح الكامل عن المعاملات والمعاوضات المالية وما يتعلق بها ،أي الإفصاح الكامل الإسلامي، وهذا ما  تبينه الآية السابقة حيث يقول الله تعالى في تعليل الكتابة الكاملة :"ذلكم اقسط عند الله و أقوم للشهادة و أدنى ألا ترتابوا" فهو يحقق أهدافا سامية ثلاثة هي:

‌أ-       تحقيق العدل والإنصاف (العدل الإلهي).

‌ب-  حفظ الشهادة (الإثبات والتوثيق) و إقامتها على الوجه الصحيح.

‌ج-    نفي الشك والريب وما قد يقع على الإنسان من غلط النسيان الذي قد يؤدي في المستقبل إلى نزاعات وخصومات واختلاف فيما بين الناس.

فالشارع المقدس قد اقر بوجوب الإفصاح الكامل عن كل ما يتعلق بالمعاملة المالية ألا إن ذلك لا يكون بهدف تغليب مصلحة فئة معينة –المستثمرون والمقرضون مثلا- على مصالح الآخرين في المجتمع كما في المحاسبة الوضعية، و إنما اخذ بالاعتبار مصالح جميع الأطراف ذات العلاقة سواء أكانوا أطرافا مباشرين أم غير مباشرين، وحتى هذه المصالح لم تقتصر على المصالح الدنيوية فحسب و إنما تعدتها لتشمل مصلحة الإنسان في رضا الله عنه في الآخرة أيضا.

3)    إن جميع المعاملات المالية(من ضمنها الحكومية) لابد أن تتم وفق القانون الإلهي(التشريع الإسلامي ،أي القانون الإسلامي) ،وقد وضعت الشريعة الإسلامية شرطين رئيسين لابد من توافرهما في كتابة وتوثيق هذه المعاملات وفق الشريعة المقدسة هما :

·        الكتابة بالعدل وذلك في قوله تعالى:" وليكتب بينكم كاتب بالعدل" وفيها بيان لكيفية الكتابة وشروطها ومن يتولاها ،والعدل هنا الاستقامة والاستواء في الدِين للدَين ، والأمر إرشادي لغرض بيان الحق ، وقدم الله تعالى صفة العدالة على غيرها لان بالعدل تقوم السماوات والأرض ولان غيرها مع فقدها لا ثمرة فيه.

·        أن تكون الكتابة وتوثيق المعاملات وفق الأحكام التي بينها الله تعالى في كتابه المجيد وذلك في قوله تعالى :"و لا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله" ،أي العلم بالأحكام وشؤون المعاملة وما يعتبر فيها لتخلو الكتابة عن الوهم والتقصير لأنها حجة معتبرة، وهي سند بين المتعاملين لحفظ حقوقهم ،وما علمه الله اعم من أن يكون بواسطة أنبياؤه ورسله أو ما ارشد العقل إليه والنهي فيها للتنزيه والكراهة ،وهنا يؤكد التشريع المقدس على أن  تثبيت المعاملات المالية وتوثيقها بالكتابة  يعتبر من الواجبات الكفائية التي يتقوم نظام العالم بها(السبزواري، 1404هـ: 499).

4)    أكد القرآن الكريم على دقة القياس – الذي يعتبر من الوظائف المحاسبية الأساسية – والمسؤولية عن عملية القياس ،حيث يقول تعالى:" وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان" (الرحمن، 9) فهنا تأكيد على ضرورة تحري العدالة في مسالة الوزن والقياس وتنبيه إلى بني البشر إلى أنهم لا يستطيعون العيش بشكل طبيعي في هذا العالم إلا إذا كان له نظم وموازين ومقاييس عادلة دقيقة،وأن هذا العالم لو زالت عنه القوانين والنظم والمقاييس التي تسيره فإنه سوف يفنى ،وكذا حياتكم إذا فقدت النظم والموازين والمقاييس فإنكم ستتجهون إلى طريق الفناء لا محالة. علاوة على ذلك فإن القياس العادل والصحيح له دور كبير في تنظيم الحياة والشؤون الدنيوية والأخروية  للمسلمين فهو يدخل في صلب العبادات والمعاملات في التشريع الإسلامي وخاصة فيما يتعلق بالعبادات المالية كالزكاة والخمس، حيث تتطلبان هاتان العبادتان قياس الأموال التي تتعلق بالزكاة أو الخمس بدقة وتحديد المقدار الواجب إخراجه منهما .

5)    كما اهتم الشارع المقدس بطرق توصيل المعلومات التي تحتويها المعاملات والعقود والتقارير المالية ووجوب عرضها وإظهارها بصورة كاملة وعادلة فوضع شروطا معينة للقائم بعملية كتابتها(المحاسب بلغة عصرنا الحالي) وشروطا أخرى للمادة المكتوبة في هذه التقارير ( أي خصائص نوعية للمعلومات الواردة فيها) فضلا عن كون العملية(إعداد وعرض التقارير المالية وتوصيلها) لابد أن تتأطر بالتقوى والعدل وخشية الله ،كل ذلك لضمان مصالح المسلمين وحفظ حقوقهم ودفعا للمنازعات والاختلافات التي قد تنشأ بسبب تلك المعاملات .

6)    إن التطور والتطبيق المحاسبي في الدولة الإسلامية يعكس دور الدين الإسلامي ، بوصفه ديناً شاملاً للحياة المادية والمعنوية(الروحية) للإنسان.

7)    وبهذا يتبين إن النظام المالي الإسلامي نظام يعنى بتنظيم موارد الدولة المالية ،وتوزيع هذا المال على المرافق العامة للحياة ومن ثم فهو يشتمل على جانبين ،الجانب الأول :الموارد المالية التي ترد الدولة ،الجانب الثاني: النفقات العامة والأشخاص التي تنفق الدولة عليها هذا المال.

  وقد ذكرنا سابقا إن المحاسبة التي كانت سائدة في الدولة الإسلامية هي المحاسبة الحكومية، التي تهتم بكيفية الحصول على الأموال العامة وتسجيلها وتنظيمها ،وتخصيصها أي تحديد أوجه التصرف بها وتوزيعها على المرافق العامة في المجتمع الإسلامي .

2) معيار الأسس المحاسبية

  يشير الأساس المحاسبي إلى (متى) يتم الاعتراف بالمعاملات والأحداث لأغراض التقارير المالية(Hay,1993,14)، وتطبق الدول أسسا محاسبية مختلفة وبدرجات متفاوتة ،حيث يعتمد تطبيق تلك الأسس على عدة عوامل أهمها: الأهداف التشغيلية للوحدة الحكومية ،والبيئة الاقتصادية والاجتماعية والقانونية التي تعمل فيها ،وعلى درجة ونوع المساءلة، وعلى أهداف التقارير المالية وعلى احتياجات مستخدمي البيانات والتقارير المالية(احمرو،2004: 138)، وهناك أربعة أسس محاسبية معتمدة هي :

·        الأساس النقدي : الذي يعتمد على تحميل الحسابات الختامية لأية سنة مالية بالنفقات التي دفعت فعلا خلال تلك السنة ،والإيرادات التي قبضت فعلا خلالها بغض النظر عما إذا كانت هذه النفقات أو الإيرادات تعود إلى السنة المالية نفسها أو لسنة سابقة أو لاحقة.لذا فإن التقارير المعدة وفقا لهذا الأساس ستبلغ عن المال الذي تم قبضه وصرفه خلال الفترة فضلا عن  الرصيد النقدي المتوفر في بداية هذه الفترة ونهايتها.

·        أساس الاستحقاق الكامل: الذي يعتمد على تحميل الحسابات الختامية لأية سنة مالية بالمصروفات والإيرادات التي تحققت فعلا خلال تلك السنة بغض النظر عما إذا كانت هذه النفقات قد دفعت أم لم تدفع بعد والإيرادات قبضت فعلا أم لم تقبض بعد،لذا يتطلب هذا الأساس رسملة نفقات لاقتناء جميع الأصول الرأسمالية واستهلاكها كمنافع محتملة تستهلك،وبالتالي فهو يعترف بجميع الأصول والالتزامات ومصاريف وإيرادات الوحدة.

·        أساس الاستحقاق المعدل : عرف IFAC PSC  أساس الاستحقاق المعدل بأنه الأساس المحاسبي الذي يعترف بالمعاملات والأحداث عندما تتحقق بغض النظر عن ارتباطها بدفع أو استلام النقد ،وأن العناصر المعترف بها في ظل هذا الأساس هي الأصول المالية والالتزامات المالية ،وصافي الأصول المالية(أو صافي الالتزامات المالية)،والإيرادات والنفقات ،ويركز أساس الاستحقاق المعدل في القياس على كلفة السلع والخدمات المقتناة خلال الفترة بغض النظر عن فترة استهلاكها أو دفعها ،لذلك يطلق عليه أحيانا (محاسبة النفقات) وهي نقطة الخلاف الأساسية بينه وبين أساس الاستحقاق الكامل.

·         الأساس النقدي المعدل (أساس الالتزام) :  يعترف هذا الأساس بمدفوعات الفترة ،وهي تلك الأموال التي تنفق خلال فترة التقرير مضافا إليها التدفق النقدي في فترة محددة تالية لتاريخ التقرير مرتبطة بمعاملة أو حدث متحقق خلال فترة التقرير، وقد عرف IFACPSC  الأساس النقدي المعدل بأنه الأساس المحاسبي الذي يعترف بالمعاملات أو الأحداث الأخرى عند استلام أو دفع النقد ، كما تبقى السجلات مفتوحة لفترة تتراوح بين الشهر أو الشهرين بعد نهاية السنة (فترة محددة)،وتعتبر المقبوضات والمدفوعات التي تحدث خلال هذه الفترة المحددة-التي تعود لفترة سابقة- مدفوعات أو مقبوضات لتلك الفترة السابقة كما أن التدفقات النقدية (مدفوعات و مقبوضات) في بداية فترة التقرير (التي تم التحاسب عليها في الفترة السابقة) تطرح من الفترة الجارية ،وأن القائمة المالية الأساسية هي قائمة التدفق النقدي.  

   إن لكل من الأسس السابقة مزاياها وعيوبها ،والاعتماد على أسلوب دون آخر يؤدي حتما إلى نقص في المعلومات اللازمة لاتخاذ بعض أنواع القرارات الإدارية والاقتصادية  ،ولسنا هنا بصدد بيان تلك المزايا و العيوب أو أفضلية أسلوبٍ ما على آخر، بقدر ما يهمنا إثبات أصالة وجودها في النظام المالي الإسلامي ،وهل تم تطبيقها في الدولة الإسلامية؟

الأسس المحاسبية في التشريع الإسلامي

الأساس النقدي : يقول الله تعالى:" واشهدوا إذا تبايعتم " أي واستشهدوا في التبايع في التجارة الحاضرة والأمر إرشادي للتأكيد على شدة الحيطة في الأموال(السبزواري، 1404 هـ :499 ) ،وذلك يشمل كل أنواع المعاملات المالية ،سواء أكانت معاملات نقدية أم آجلة، لقد تم تطبيق الأساس النقدي في صدر الدولة الإسلامية ،فالإيرادات المجبية خلال العام يتم إنفاقها خلاله أيضا ،فقد كان الرسول الأكرم (ص) ينفق الإيرادات المحصلة في خلال ثلاثة أيام ويروى انه(ص) كان يقول لكاتبه حنظله بن الربيع :"الزمني واذكرني بكل شيء لثلاثة" فكان لا يأتي على مال ولا طعام ثلاثة أيام إلا اذكره فلا يبيت رسول الله (ص) وعنده شيء منه (الابجي،1990: 1133)، وعن علي بن ربيعة قال: " جاء ابن التياح إلى علي بن أبي طالب(ع) فقال : يا أمير المؤمنين ! امتلأ بيت المال من صفراء وبيضاء ،فقال علي(ع)" الله اكبر ،ثم قام متوكئا على يد ابن التياح فدخل بيت المال وهو يقول :

هذا جناي وخياره فيه      وكل جان يده إلى فيه

   ثم نودي في الناس فأعطى جميع ما في بيت المال وهو يقول:"يا بيضاء!ويا صفراء! غري غيري" حتى لم يبق فيه درهم ولا دينار ، ثم أمر بنضحه بالماء ،فصلى فيه ركعتين(ع)(البلاغ،2000: 542)، كما جاء في قوله(ع) إلى عامله أن "تقسم كل سنة ماورد اجتمع إليك من المال ولا تمسك منه شيئا". إن ذلك يدل بوضوح على إن إيرادات الفترة (السنة) يتم إنفاقها في نفس الفترة التي تم تحصيلها أي عند تسلم الإيرادات فعلا يتم إنفاقها وتوزيعها فعلا على مستحقيها دون تأخير ،وهذا هو الأساس النقدي.كما أشار الماوردي في (الأحكام السلطانية) إلى استخدام الأساس النقدي من خلال قوله: ((إن من أنواع المال المستحق على بيت المال ما كان مودعا في بيت المال فاستحقاقه معتبر بوجوده فإن كان المال موجودا فيه كان صرفه في جهته مستحقا وعدمه مسقط لاستحقاقه ))[6] .

أساس الاستحقاق

  إن الاقتصار على استخدام الأساس النقدي في عهد النبي الأكرم(ص) والخلفاء الأوائل من بعده كان لبساطة الظروف الاقتصادية والمالية والاجتماعية في ذلك الوقت ،ومن ثم محدودية وبساطة المعاملات والأحداث المالية،إلا إن ذلك لا يعني انه لم يستخدم في الدولة الإسلامية ، أو انه لا توجد معايير وقواعد تشريعية تتعلق بتطبيق أساس الاستحقاق في النظام المالي الإسلامي ،بل هناك مبادئ وأسس و مفاهيم وأحكام في التشريع الإسلامي ذات صلة وثيقة (مباشرة أحيانا) بتطبيق أساس الاستحقاق المحاسبي ،ويمكن توضيح مواضع الملائمة و التطابق مع النظام المالي الإسلامي في النقاط الآتية:

·        إذا رجعنا إلى فلسفة أساس الاستحقاق فهي لا تتعدى كونها الالتزام بما وقع من معاملات وأحداث مالية بين طرفين ،وبما تم الاتفاق عليه بينهما أي تنفيذ هذا الاتفاق والوفاء به ،وهذه الحقيقة نراها تتطابق تماما مع قوله تعالى :"أوفوا بالعقود"(المائدة،1) حيث تعتبر هذه الآية من الآيات التي تستدل بها جميع كتب الفقه في البحوث الخاصة بالحقوق الإسلامية ،وتستخلص منها قاعدة فقهية مهمة هي (أصالة اللزوم في العقود) ،أي وجوب الوفاء بما وقع عليه التراضي بين اثنين مع توافر الشروط التي اعتبرها الشرع من البلوغ والعقل في المتعاقدين وقابلية الشيء المعقود عليه للتملك وعدم استلزامه تحليل الحرام أو تحريم الحلال ،ويبين القرطبي  ( 1405 هـ ،ج6 :32-33) في تفسيره للآية الكريمة السابقة "إن الله سبحانه قد أمر بالوفاء بالعقود وخاصة عقود الدين وهي ما عقده المرء على نفسه من بيع وشراء و إجارة و مناكحة وطلاق ومزارعة ومصالحة وتمليك وتخيير وعتق وتدبير وغير ذلك من الأمور ما كان ذلك غير خارج عن الشريعة،ويقول النبي (ص) "المؤمنون عند شروطهم" وقال (ص):" كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط" فبين أن الشرط أو العقد الذي يجب الوفاء به ما وافق كتاب الله أي دين الله .

·        إن قضية الوفاء بالعهد والميثاق التي تطرحها الآية تعتبر واحدا من أهم مستلزمات الحياة الاجتماعية ،إذ بدونها لا يتم أي نوع من التعاون والتكافل الاجتماعي ،و إذا فقد نوع البشر هذه الخصلة فقدوا بذلك حياتهم الاجتماعية وآثارها أيضا ،ولهذا تؤكد مصادر التشريع الإسلامي بشكل لا مثيل له على فضيلة الوفاء بالعهود التي قد تكون من القضايا النوادر التي تمتاز بهذا النوع من السعة والشمولية ،لأن الوفاء لو انعدم بين أبناء المجتمع الواحد لظهرت الفوضى والاضطراب فيه وزالت الثقة العامة وزوال الثقة يعتبر من أكبر وأخطر الكوارث(الشيرازي، 1413هـ.ق: 507).

·        إن أساس الاستحقاق يتعلق بالمعاملات الآجلة ،وكيفية تسجيلها والاعتراف بها ،وهذا الأمر قد وضحته الآية 282 من سورة البقرة ،التي تتضمن الكثير من الأحكام والمعايير النظامية –كما مر بنا- والتي لا تختص بعصر دون آخر ولا ملة دون أخرى ،فهي صالحة في جميع الأعصار والشعوب يحفظ بها الأموال عن الضياع ويسلم الإنسان عن التشاجر والتنازع ويرتضيها العقل السليم ويوافق عليها الطبع المستقيم ،وقد نبه إليها القران الكريم قبل إن يصل الإنسان إلى المدنية الحاضرة ويقنن قوانين لتنظيم المعاملات وحفظ الأموال وتحسين النظام الاجتماعي الاقتصادي ،فمن ضمن القواعد التي ذكرتها الآية المباركة ،هي إن هناك نوعين من المعاملات تقع بين الأفراد هي المعاملات الآجلة والمعاملات الحاضرة (الآنية) ,فبالنسبة للتعامل الآجل(بدين) شددت الآية على ضرورة تسجيل هذا النوع من المعاملات وتوثيقها بمستندات وسجلات خاصة حفظا للحقوق وصيانة للمال ودفعا للشك والريبة والمنازعات ،وقوله تعالى:"إلا إن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها " أي النوع الثاني من المعاملات وهي المعاملات الحاضرة ، أي إلا إن تكون المعاملة والتجارة نقدا ليس فيها دين –دفع وتسلم فعلي –وتتناقلون العوضين فيما بينكم فيأخذ كل واحد عوضا ماله من الآخر،ففي هذه الحالة لا بأس في ترك الكتابة فيها ،وبالرغم من ذلك فان الإشهاد والتوثيق أحوط ،فيقول عز شانه:" واشهدوا إذا تبايعتم " أي واستشهدوا في التبايع في التجارة الحاضرة والأمر إرشادي للتأكيد على شدة الحيطة في الأموال(السبزواري، 1404 هـ :499 ).

·        وردت إشارات تدل على تطبيق أساس الاستحقاق جنبا إلى جنب الأساس النقدي في عهد الدولة الإسلامية ،فقد بين الماوردي في (الأحكام السلطانية) (إن المال المستحق على بيت المال نوعان : أولهما : ما كان مودعا في بيت المال فاستحقاقه معتبر بوجوده فإن كان المال موجودا فيه كان صرفه في جهته مستحقا وعدمه مسقط لاستحقاقه وهذا الأمر يتعلق بالأساس النقدي ،وثانيهما : أن يكون بيت المال مستحقا فهو على نوعين أحدهما أن يكون صرفه مستحقا على وجه البدل كأرزاق الجند وأثمان السلاح فاستحقاقه غير معتبر بالوجود وهو من الحقوق اللازمة مع الوجود و العدم ،والنوع الثاني أن يكون صرفه مستحقا على وجه المصلحة والإرفاق دون البدل فاستحقاقه معتبر بالوجود دون العدم فان كان موجودا في بيت المال وجب فيه وسقط فرضه عن المسلمين وان كان معدوما سقط وجوبه عن بيت المال وكان إن عم ضرره من فروض الكفاية على كافة المسلمين حتى يقوم منهم من فيه كفاية كالجهاد)[7]. كما ذكر في موضع آخر (ويدخل في بيت المال كل مال استحقه المسلمون ولم يتعين مالكه فهو من حقوق بيت المال سواء أكان  داخلا في حرزه أم لم يدخل لأن بيت المال عبارة عن جهة وليس مكان وكل حق وجب صرفه في مصالح المسلمين فهو حق على بيت المال سواء أكان خارجا من حرزه أم لم يخرج لأن ما صار إلى عمال المسلمين أو خرج من أيديهم فحكم بيت المال جار عليه في دخله إليه وخرجه)[8].،و ذكرت الدجيلي (1976 : 155):إن بيت المال كان يقوم بوظائف دينية ومالية عدة ،وكان يقوم بمختلف أنواع العمليات المالية والمصرفية من أجل تسهيل عملية نقل الأموال من مكان لآخر دون التعرض لأخطار الطريق مثلا كاستخدام السفاتج أو صرف الأموال بواسطة الصكوك لتسهيل إجراء العمليات المالية ،وكان لازدهار حركة التجارة وكثرة الأموال وزيادة الرخاء والترف اثر في نشاط هذه العمليات كما إن حدوث بعض الأزمات المالية كان له الأثر على العمليات المالية  ، وهذه العمليات من الطبيعي أن تتضمن إثبات إيرادات تخص السنة المعنية إلا انه لم يتم جبايتها أو إثبات مصروفات لم يتم إنفاقها أو طرح إيرادات تخص أعواما سابقة تمت جبايتها في السنة الحالية أو إضافة مصروفات تم دفعها في فترة سابقة وهي تخص السنة الحالية،وهو ما يمثل أساس الاستحقاق في المحاسبة عن الإيرادات والنفقات، وفيما يتعلق بالتنظيم المحاسبي في العراق فهناك توصية بضرورة إقرار المشرع العراقي باستخدام أساس الاستحقاق بصورة موسعة إلى جانب الأساس النقدي وخاصة للنفقات الاستثمارية ونفقات الفصل الرابع والخامس في الموازنة والمخصصة للصيانة والنفقات الرأسمالية(سلوم ، 2004: 70).

 

3)معايير التقارير والقوائم المالية

   يمكن تقسيم معايير التقارير المالية الحكومية على قسمين رئيسين هما:

:أ) التقارير الخاصة بالوحدة الاقتصادية الحكومية:

    حيث تهدف هذه التقارير إلى : تفسير نطاق نشاطات الوحدة الحكومية،وتفسير طبيعة نشاطات الوحدة الحكومية ،والإبلاغ عن نتائج نشاطات الوحدة الحكومية. أما محتويات هذه التقارير فتتضمن الآتي(IntosaI  بتصرف):

·        نظرة عامة على الوحدة الحكومية

·        نبذة عن محتويات التقرير ومعالمه.

·        البيانات المالية- قائمة المركز المالي.

·        تقرير المطابقة للموازنة.

·        تقرير الأداء.

·        رأي المدقق.

ب)التقارير الحكومية العامة:

        وهي تقارير تعد من قبل الوحدات الحكومية التي تتكون منها الحكومة والتي يطلب الإبلاغ عن نشاطها،وتعتبر مؤسسة ما مملوكة للحكومة إذا كانت الحكومة تملك أغلبية الأسهم الناخبة ،وتحتوي هذه التقارير على معلومات تتعلق بـالآتي :ـ  نظرة عامة ،ملامح التقرير، البيانات المالية، تقرير المطابقة، تقرير الأداء، رأي المدقق.

التقارير والقوائم المالية في التشريع الإسلامي

   لقد مر بنا في بيان أهداف التقارير المالية للنظام المحاسبي الحكومي ،إن التشريع الإسلامي قد أولى موضوع تسجيل المعاملات والمعاوضات المالية وتوثيقها أهمية وعناية كبيرة،وشدد على ضرورة الالتزام بتسجيل هذه المعاملات مهما كانت قيمتها صغيرة أم كبيرة  "ولا تسئموا أن تكتبوه صغيرا أو كبير إلى أجله" ،ومن ثم عرضها والإفصاح عنها ،وذلك لحفظ الحقوق وصيانة الأموال ودفع الشك والريبة والمنازعات،و لأجل ذلك فقد اقر التشريع الإسلامي باستخدام الوسائل والأدوات اللازمة لتحقيق هذا الهدف ،كاستخدام المستندات والسجلات والقوائم والتقارير المالية ،وجاءت الآية 282 من سورة البقرة المباركة بالعديد من الأحكام والمعايير التشريعية الخاصة بالمعاملات والمعاوضات والأحداث المالية  ،من ضمنها تسجيل وتوثيق المعاملات وعرضها والإفصاح عنها بصورة كاملة وعادلة " وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله " ومما يدل على أهمية هذا الأمر وخطورته فقد أمر سبحانه بالتقوى عند تسجيل وكتابة هذه المعاملات "فليكتب وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا" وهذا الأمر الإلهي للترهيب فان الله عليم بالأمور وقادر عليه وبيده عقابه ،ومرة أخرى نرى إن التشريع الإسلامي دائما يربط كل الأمور الحياتية والجوانب الإنسانية المختلفة بالدين وبتعاليم السماء الخالدة.و يركز على طرق توصيل المعلومات(التقارير والقوائم المالية)ويهتم بطريقة إعدادها وتنظيمها وكذلك ضمان صحة المعلومات الواردة فيها لأجل تحقيق عدة أهداف عامة أهمها:

1.     بيان شرعية المعاملات وخلوها من حالات الغش أو الإخفاء أو التدليس.فالتقارير المالية لابد أن تعرض أنشطة المشروع ومدى ملائمتها مع مبادئ الشريعة الإسلامية ،لكي يتم الكشف عن الأنشطة غير المشروعة واستبعادها.

2.     تحديد الأموال والثروات الخاضعة للزكاة ،وهذا يتطلب كما لاحظنا التمييز بين عروض القنية(الأصول الثابتة) وعروض التجارة(الأصول المتداولة)،حيث لا زكاة على الأولى بينما تفرض الزكاة على الثانية.

3.     تحقيق مفهوم إمكانية المحاسبة الاجتماعية أو ما يمكن تسميته بالمساءلة المحاسبية التي تبدأ من الرقابة الذاتية للنفس والشعور بالمسؤولية تجاه الله أولا ثم تجاه الناس.

فضلا عن ذلك فإن التقارير المالية الحكومية الإسلامية تهدف إلى:

·        تحديد نوعية الملكية للأموال الموجودة في الخزينة الوطنية وموارد تحصيلها ،كأن تكون أموال تتعلق بها الملكية العامة أو تتعلق بها ملكية الدولة ، وما يترتب على ذلك من استحقاقات والتزامات.

·        تحديد الفترات الزمنية التي يتم على أساسها جباية كل نوع من أنواع الأموال المختلفة الواردة إلى بيت المال ،وتحديد معدلات تقدير وتقييم هذه الأموال وأساليب تحصيلها وجمعها ،ومواضع صرفها.

·        قياس المصروفات وتوفير المعلومات حول أساليب ومواضع صرف الأموال.

·        المراقبة المستمرة لإيرادات بيت المال ونفقاته وضبطها والتصرف بها وفقا للشريعة الإسلامية،وكذلك محاسبة القائمين على أمور هذه الأموال.

    ويذكر أن القراطيس(أوراق البردي) كانت تستورد إلى بغداد عاصمة الخلافة من مصر قبل توافر الورق وانتشار استعماله على نطاق واسع ،لكونها مواد أساسية في ضبط أعمال الديوان حيث تستعمل على شكل سجلات وأوراق العرائض والمؤامرات وختمات وتقارير لتسجيل مبالغ الاستخراج وتفريقه وكتابة البراءات سواء أكان في ديوان الخراج المركزي أم الدواوين الفرعية في الأقاليم أم من قبل الجباة خلال موسم الجباية(السامرائي،1990: 825).

ومع ازدياد الحاجة إلى الورق في أعمال الحسابات الخاصة بالجباية والتوسع فيها، ازداد الإنفاق على استيراد البردي من مصر وجرى تخزين كميات كبيرة منه لمواجهة احتمالات انقطاعه أو تعرض طرق تجارية إلى الأخطار ، فضلا عن  أن أثمان أوراق البردي المستورد إلى العراق كانت غالية الثمن (السامرائي،1990: 825) . إن الاهتمام  باستيراد الورق و إنفاق الأموال لغرض شراءه والحرص على توفيره بصورة مستمرة يوفر أحد الشواهد المهمة الدالة على اهتمام المسلمين والنظام الإسلامي بتنظيم سجلات ودفاتر وقوائم وتقارير عن المعاوضات والمعاملات المالية سواء أكانت تلك التي يجريها الأفراد فيما بينهم أم تلك التي يجرونها مع دوائر الدولة المختلفة آنذاك.

    وقد استخدم المسلمون القوائم المالية التي ترفع بها الحسابات الدورية يومية أو شهرية أو سنوية سواء أكان ما يرفع منها من الولاة من عمال الدواوين أم ما يرفع إلى الخلفاء من قبل الولاة،حيث كان الاهتمام الأكبر حينذاك بالجوانب المالية الخاصة بإيرادات الدولة ومصاريفها مما يعني أن المحاسبة السائدة في ذلك الوقت هي المحاسبة الحكومية التي تهتم بكيفية الحصول على الأموال العامة ،وكذلك تحديد أوجه التصرف بها لعامة الشعب(يحيى،2004: 136).

وقد بين المازندراني في كتابه "الرسالة الفلكية- كتاب الزكاة" إنه كان يتم إعداد تقارير مالية متعددة، أهمها التقرير السنوي الذي يقدم للخان، وتعرض فيه تفاصيل الإيرادات والمصروفات.كما إن
جميع السجلات والتقارير كان يتم  تقسيمها على جزأين نصفها للأرقام والنصف الآخر لشرح تفاصيل تلك الأرقام (الحميد،1427هـ)[9] ، وفي جميع المراحل التاريخية للدولة الإسلامية كان هناك اهتماماً كبيراً بضرورة إعداد التقارير المكتوبة وإيصالها إلى أولي الأمر ضمن الفترة الزمنية المعينة، سواء أكانت تلك الفترة قصيرة أم طويلة ، حيث يعتمد ذلك على نوع تلك التقارير ومناسبتها ، و كان التقرير النقدي لبيت المال يعد شهرياً والمركز المالي للدولة سنوياً ... وهكذا ، وكانت التقارير الدورية في الإسلام تأخذ طابعاً موحداً  حسب نوع النشاط ، وكان محاسب بيت المال يقوم بحساب الإيرادات في فترات دورية حسب نوع الإيراد، كما كان يقوم بإعداد مجموعة من التقارير والقوائم المالية التي تعرض على المسئولين في فترات دورية باعتبار أن المحاسبة هي أداة الإدارة الأولى التي تساعدها في الرقابة على النشاط الاقتصادي ، وجميع هذه التقارير تبدأ بالبسملة ثم مقدمة يليها تفصيل العمل وفي الختام تظهر الجملة والحاصل الرصيد(يحيى وأيوب،1427هـ)[1] ،وقد ذكرنا مجموعة من التقارير والقوائم المالية في الفصل السابق، كان يتم إعدادها في عهد الدولة الإسلامية أهمها:

·        الختمة، وهي خلاصة الحساب الشهري يرفعه الجهبذ باستخراج ما يصل إلى بيت المال من أبواب الأموال والحمل والنفقات والحاصل ، فهي عبارة عن تقرير مالي شهري يتم إعداده نهاية كل شهر ويحتوي على الإيرادات والمصروفات مبوبة وفق أنواعها مع الرصيد المتبقي في نهاية كل شهر،ويشبه هذا التقرير قائمة مصادر واستخدامات الأموال في وقتنا الحاضر.

·        الختمة الجامعة ،وهي تقرير يعده المحاسب ويقدمه إلى المسئول الأعلى منه ،وهي تعمل كل سنة على نفس منوال السابقة.

·        التوالي، وهو تقرير يعد عن كمية الغلات،أي المحاصيل الزراعية في كل موسم ،يبين فيه الوارد والصادر والرصيد حسب أنواعها عن كل فترة زراعية.

·        عمل المبيع، وهو تقرير المبيعات ،يبين فيه كميتها وسعرها وقيمتها والرصيد بالكمية والقيمة في نهاية كل فترة محددة.

·        عمل المبتاع،وهو تقرير المشتريات ،يبين فيه كميتها وسعرها وقيمتها والمصاريف الخاصة بها في نهاية كل فترة محددة.

·        الارتفاع، وهي عبارة عن الموازنة العامة (المركز المالي المتوقع) لسنة هجرية قمرية مقبلة،يبين فيها الموجودات والمطلوبات والفرق بين الإيرادات والمصروفات معدة على أساس تقديري تخميني ،ثم يظهر في القسم الثاني منها النتائج الفعلية بعد انتهاء السنة وتفسير الفروق في الحسابات الختامية.

   وقد كان في عهد الدولة العباسية مجلس تابع لديوان الخراج يسمى بمجلس الحساب ،مهمته ترتيب الأموال الواردة إلى الديوان وعمل قوائم الحسابات المتعلقة بكل صنف من الأصناف وهو يقوم على ضبط الناحية المالية(الزهراني،1986: 460).كما كانت تعد ميزانية كل فترة دورية عن مركز الدواوين في الولايات المختلفة ويتحقق في إعدادها التوازن بين المصروفات والإيرادات لكل ولاية إسلامية مع بيان الفائض في كل منها(يحيى،2004: 137).

  ويظهر أن  قوائم الواردات قد استندت إلى وثائق الحسابات الرسمية، وهي تعطي صورة تكاد تكون حقيقة عن مدى ثروة الدولة الإسلامية خلال فترات مختلفة من تاريخها،فضلا عن أنها توفر معلومات أساسية عن(الدجيلي، 1976: 89- 92):ـ

1.     أنواع الأموال الواردة إلى عاصمة الخلافة، حيث تدرج قائمة اليعقوبي واردات الدولة في عهد معاوية ، وتبين أن هناك نوعين من الواردات ، الواردات النقدية والواردات العينية.

2.     مجموع جباية الأموال، أي كمية الأموال الإجمالية ، مقيمة بالعملة السائدة آنذاك.

3.     أسماء الأقاليم الواردة منها الأموال.

4.     مقدار جباية الأموال في كل إقليم، وأساس تقييم الأموال فيه.

    ويوضح الجدول الآتي بعض ماورد عن مقدار الجباية في عهد الدولة العباسية أيام المأمون وفق قائمة ابن خلدون[10].

 
جدول رقم(6 )

قائمة بالواردات الإجمالية في عهد الدولة العباسية

أسماء الأقاليم
   

مقدار الجباية بالدراهم
   

الأموال و الغلات

السواد
   

27800000
   

ومن الحلل النجرانية 200حلة ومن طين الختم 240 رطل

كسكر
   

11600000
   

 

كور دجلة
   

20800000
   

 

حلوان
   

4800000
   

 

الأهواز
   

25000000
   

وسكر 300000رطل

فارس
   

27000000
   

ومن ماء الورد 30000قارورة، ومن الزيت الأسود 20000رطل

كرمان
   

4200000
   

ومتاع يماني 500 ثوب وتمر 20000رطل

مكران
   

400000
   

 

السند وما يليه
   

11500000
   

وعود هندي150رطل

سجستان
   

4000000
   

و من الثياب المعينة 300 ثوب ومن الفانيد 20 رطل

خراسان
   

28000000
   

ومن تقر الفضة 2000نقرة و 4000برذون و1000رأس دقيق و20000ثوب متاع و30000رطل إهليلج

السواد
   

27800000
   

ومن الحلل النجرانية 200حلة ومن طين الختم 240 رطل

كسكر
   

11600000
   

 

كور دجلة
   

20800000
   

 

حلوان
   

4800000
   

 

الأهواز
   

25000000
   

وسكر 300000رطل

فارس
   

27000000
   

ومن ماء الورد 30000قارورة، ومن الزيت الأسود 20000رطل

كرمان
   

4200000
   

ومتاع يماني 500 ثوب وتمر 20000رطل

مكران
   

400000
   

 

السند وما يليه
   

11500000
   

وعود هندي150رطل

سجستان
   

4000000
   

و من الثياب المعينة 300 ثوب ومن الفانيد 20 رطل

خراسان
   

28000000
   

ومن تقر الفضة 2000نقرة و 4000برذون و1000رأس دقيق و20000ثوب متاع و30000رطل إهليلج

جرجان
   

12000000
   

1000شقة ابريسم

قومس
   

1500000
   

ومن نقر الفضة1000 نقرة

طبرستان والريان ودماوند
   

6300000
   

و600 قطعة من الفرش الطبري و200أكسية و500ثوب و300منديل و300جام

الري
   

12000000
   

و 20000رطل عسل

همدان
   

11300000
   

و 1000رطل رب الرمانين و12000رطل عسل

ماها البصرة والكوفة
   

10700000
   

 

ماسبذان والريان
   

4000000
   

 

شهر زور
   

6700000

الموصل وما يليها
   

24000000
   

و200000رطل عسل

أذربيجان
   

4000000
   

 

الجزيرة وما يليها من أعمال الفرات
   

13000000
   

و20من القسط المحفور و530 رطل من الرقم و10000رطل من المسايح السورماهي و10000رطل من الصونج و200بغل و30 مهر

برقة
   

1000000
   

 

إفريقية
   

13000000
   

و 120بساط

قنسرين
   

400000
   

و1000حمل زيت

دمشق
   

420000
   

 

الأردن
   

97000
   

 

فلسطين
   

310000
   

و 300000رطل زيت

مصر
   

2920000
   

 

اليمن
   

370000
   

سوى المتاع (لم يذكر)

الحجاز
   

300000
   

 

المجموع
   

39085500
درهم

     ويمكن القول إن القائمة أعلاه تشبه إلى حد كبير القوائم المالية الموحدة المتعارف عليها في وقتنا الحاضر ، على سبيل المثال التقرير المالي السنوي الشامل الذي تعده الوحدات الحكومية الأمريكية وفقا لبيان GASB  والمسمى اختصارا(CAFR )،وهو تقرير مالي حكومي سنوي  يحتوي على قوائم مالية وجداول إحصائية تتعلق بأنشطة جميع الوحدات الحكومية على مستوى الدولة ككل( HAY & ENGSTROM,1993:5).

      وأورد القلقشندى بعض نسخ التوقيعات والمراسيم للنظر وتولي الأمور والدواوين وبيوت المال ، وجاء في نسخة منها موجهة للقاضي شرف الدين محمد بن علاء الجوجري في مستهل رجب سنة 739هـ " ولتحقيق بيان حكمة ضبط الأصل والخصم والواصل والحاصل والمحضر والمخرج" وله أيضا:" فليضبط أصولها وفروعها ومفردها ومجموعها وليكفلها بأمانة تضم أطرافها ونزاهة تحلي أعطافها وكتابة تحضر جليها ودقيقها وليحرر واردها ومصروفها ، وليلاحظ جرائد حسابها" ، وله أيضا" فإن للدولة الشريفة من الأقلام ضابطا، ولها من الحساب نظاما أصبح عليها سياجا وحافظا يصون الأموال ، ويحرز المطلقات (النفقات) بعدا وقربا، فليباشر هذه الوظيفة ، وإذا أمسك دفاتره أظهر مآثره ، وإذا نسيت الجمل ، أبدى تذاكره ، والعمدة على شطبه في الحسابات الحاضرة ، فلا يخرج من عنده شيء بغير ثبوت"[11] .

4) معيار الصلاحيات المالية

وردت هذه القاعدة في قانون أصول المحاسبات –العراقي- ذي العدد 28 لسنة 1940 وتعديلات بموجب المواد (10، 26، 44)وقد أدخلت عدة تعديلات على مبالغ الصرف التي يسمح للموظف المسئول بصرفها ، وقد مر بنا تفاصيل هذه القاعدة.

  إن موضوع الصلاحيات المالية يعتبر من أهم وأخطر المواضيع التي ينبغي أن ينتبه إليها الموظف المالي والإداري في إدارات الدولة المختلفة ،ويرى البعض انه من الأهمية بحيث يأتي بالدرجة الأولى وحتى قبل مرحلة تنظيم الحسابات (الصائغ،1989: 15)،وذلك للنتائج والآثار الخطيرة التي قد تنشا من هذه الصلاحيات المالية، فالخطأ في التصرفات المالية وتجاوز الصلاحيات ينشا عنها الكثير من المآخذ والمحاذير .

  والصلاحيات المالية هي قرارات وتعليمات تشريعية تبين حدود آو مجال إبرام التعاقدات المالية والالتزام بها من جهة، ومن جهة أخرى تبين حدود الصرف ،وكما مر بنا فان اتجاه التشريعات المالية في إطار الصلاحيات المالية قد تعرض لكثير من التغيير خلال الفترات الماضية ،وذلك وفقا لتغير الأحوال الاقتصادية والسياسية للدولة.

الصلاحيات المالية في التشريع الإسلامي

    يحرص التشريع الإسلامي على حفظ الأموال وصيانتها ،لا لأجل المال نفسه و إنما لتحقيق أهداف النظام الاقتصادي الإسلامي المتمثلة بتحقيق التوازن الاجتماعي ،فهناك علاقة قوية بين تحديد الصلاحيات المالية للموظفين المسئولين عن الصرف وتحقيق التوازن الاجتماعي،فالالتزام بالصلاحيات الممنوحة والمحددة من قبل الشارع المقدس يعني صرف هذه الأموال في المواضع المخصصة لها وذلك يعني السير خطوات في اتجاه تحقيق التوازن الاجتماعي ،من حيث عدم الإسراف وتبذير الأموال أو هدرها واختلاسها أو سوء استخدامها،يقول الإمام علي (ع) :" ألا وان إعطاء هذا المال في غير حقه تبذير وإسراف" (غرر الحكم، 1366 هـ.ش[12]:359)،إن أي خطا أو تجاوز في الالتزامات والصلاحيات المالية سواء أكان متعمدا أم غير متعمد فانه سيؤدي لا محالة إلى نتائج سلبية يمتد أثرها على المصلحة العامة للمجتمع بأسره. يقول الله تعالى:" إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها" (النساء،58)، والأمانة بمعنى القيام بما تقتضيه الوظيفة من أعباء ومهمات من إنجاز الأعمال المطلوبة على وجه الدقة والإتقان ،فإن الأعمال الموكولة إلى الموظف الإداري – كسائر الموظفين هي مصالح الناس التي أوكلتها الحكومة إليه ،فهي باعتبار أمانة للحكومة وباعتبار آخر أمانة للناس،ومقتضى الآية وجوب الأداء ولا يتحقق الأداء إلا بالعمل الكامل من حيث ساعات العمل والكيفية وبالإتقان(شمس الدين، 1421: 357). فالأموال والثروات والمناصب والمسؤوليات والمهام والرساميل الإنسانية والثقافات والتراث والمخلفات التاريخية كلها أمانات إلهية سلمت بأيدي أشخاص مختلفين في المجتمع والجميع مكلفون أن يحفظوا هذه الأمانات ويجتهدوا في تسليمها إلى أصحابها الأصليين ولا يخونوا فيها أبدا،لقد ورد تأكيد كبير على مسالة الأمانة في المصادر الإسلامية إلى درجة إننا قلما نجد مثله في مورد غيره من الأحكام والمسائل وذلك لأهمية هذه المسالة وخطورة النتائج المترتبة على عدم الالتزام بها(الشيرازي، 1413هـ: 250 )،يقول النبي(ص):" آية المنافق ثلاث :إذا حدث كذب وإذا وعد اخلف وإذا ائتمن خان"،ويقول الإمام الصادق(ع):" لا تنظروا إلى طول ركوع الرجل وسجوده ،فان ذلك شيء اعتاده فلو تركه استوحش ،ولكن انظروا إلى صدق حديثه وأداء أمانته"( الشيرازي، 1413هـ: 250)، وقد عبر الإمام علي(ع) عن المسؤولية الوظيفية بأنها أمانة ،وقال في خطابه لأحد عماله :" وإن عملك أمانة وليس لك بطعمة"(شمس الدين، 1421: 357).

     لقد عني الإسلام بالصلاحيات والمسؤوليات عناية بالغة بهدف وضع الشخص المناسب في المكان المناسب ، مع الأخذ بنظر الاعتبار أن الإسلام يؤكد على المحتويات الشخصية للإنسان وتكامل العناصر المختلفة فيه للعمل المنوط به، إضافة إلى ما يلم به كل شخص من علم ومعرفة بالأمر الذي يتم تكليفه به بحيث يكون صالحاً لأدائه من كافة الجوانب الشخصية والعلمية حيث يؤكد الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله "من ولي أمر المسلمين شيئاً فولى رجلاً وهو يجد من هو أصلح منه للمسلمين فقد خان الله ورسوله"، وعلى هذا الأساس فقد استخدم الرسول صلى الله عليه وسلم اثنين وأربعين كاتباً وقسم الأعمال بينهم وحدد اختصاصات لكل منهم ، فهنالك كتاب الوحي، وكتاب العهود ، وكتاب الأموال (المحاسبين) (يحيى وأيوب، 1427هـ)[13].

     فضلا عن ذلك فقد كان هناك اهتماماً بالتقسيمات الإدارية للشؤون المالية في الدولة الإسلامية ، حيث كانت مالية الدولة الإسلامية مقسمة على ثلاثة أقسام لكل قسم أبواب للدخل وأخرى للصرف ولا يجوز الجمع بين قسم وآخر، ولا ينبغي أن يجمع مال الخراج إلى مال الصدقات والعشور ، كما لا يجوز أن يصرف إيراد أحد الأقسام في مصاريف الأخر ومن أهم الوظائف العامة التي كانت لها علاقة بالأموال ما يأتي: وكيل الإمام عن الشؤون المالية ، صاحب السوق (المحتسب) ، الوزان ، الكيال صاحب الجزية ، صاحب الأعشار ، مستوفي خراج الأرضين ، صاحب المساحة (خاص بالأراضي الزراعية) ، العامل على الزكاة ، العامل على الصدقات ، الخارص (مقدر المال بين طرفين) ، صاحب المواريث (ورث من لا وارث له) ، المستوفي (قابض المال لنقله إلى بيت المال) ، المشرف (مراجع حسابات المال) ، صاحب بيت المال (خازن النقدية) ، صاحب بيت المال (خازن الأنعام) ، صاحب بيت المال (خازن الثمار) ، صاحب مراعي الزكاة ، صاحب دار الضيافة (نشأ في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم) ، صاحب دور الفقراء (عائل من ليس لهم أهل – في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم) ، صاحب دور المارستان (دور علاج المرضى) ، صاحب الزوايا والتكايا (نشأت من دور الفقراء) (يحيى وأيوب، 1427هـ)[14].

  وإذا أردنا أن نعرف طبيعة الصلاحيات المالية التي كانت مطبقة في عهد الدولة الإسلامية ،فإننا نلاحظ إن" نظام إدارة الأقطار الإسلامية نظام لامركزي كامل في شؤون الإدارة ترك للوالي حرية التصرف في شؤون الولاية يساعده رؤساء الدواوين المختلفة وهو مقيد بأحكام الشريعة وأوامر الخليفة ،فالولاية كانت سلطة محلية مستقلة فيها تشكيلات كاملة ،وبيت مال مستقل "(القرشي،1966: 389). ففي مقابل الصلاحيات الممنوحة للوالي يشرف الإمام إشرافا كاملا على ولاته ،يحاسبهم في كل صغيرة وكبيرة ،وهذا أمر طبيعي بل وضروري في النظام اللامركزي حيث يحصل الوالي على تفويض كامل ،فقد بعث الإمام علي(ع) إلى بعض عماله يقول:" أما بعد بلغني عنك أمر إن كنت فعلته فقد أسخطت ربك وعصيت إمامك ،وأخزيت أمانتك .. بلغني انك جردت الأرض فأخذت ما تحت قدميك أكلت ما تحت يديك ،فارفع إلي حسابك ،واعلم إن حساب الله أعظم من حساب الناس" (الموسوي،1998: 168)

   وهذا يعني إن أمر الصلاحيات المالية التي هي أحد شؤون الإدارة تكون مقيدة بأحكام الشريعة وأوامر الخليفة(الإمام)،فنرى إن من أهم الأمور التي كان يعني بها الإمام (ع)  المحافظة على أموال المسلمين وصرفها على صالحهم ،فلم يجز أن يستأثر رجال الحكم بأي شيء منها ،وكتب (ع) لزياد بن أبيه وهو خليفة لعامله عبدالله بن عباس وقد بلغه عنه شيء من الأثرة بأموال المسلمين فكتب إليه" و أني اقسم بالله قسما صادقا لئن بلغني انك خنت فيء المسلمين شيئا صغيرا أو كبيرا لأشدن عليك شدة تدعك قليل الوفر ثقيل الظهر ضئيل الأمر" ،كما أوصى عماله بالتجنب عن الإسراف وبالاقتصاد، فقد جاء في بعض كتبه إلى بعض عماله:" فدع الإسراف مقتصدا واذكر في اليوم إذا ،وامسك من المال بقدر ضرورتك وقدم الفضل ليوم حاجتك ، أترجو إن يعطيك الله اجر المتواضعين ،وأنت عنده من المتكبرين  ،وتطمع وأنت متمرغ في النعيم تمنعه الضعيف والأرملة إن يوجب لك ثواب المتصدقين وإنما المرء مجزي بما أسلف وقادم على ما قدم" ،إن الإمام (ع) أهم ما يعنيه الاحتياط على أموال المسلمين وإنفاقها على مصالحهم ،وإعالة ضعيفهم و محرومهم ،وليس للجهاز الحاكم أن يصطفي منها أو ينفق أي شيء على مصالحه وتدعيم حكمه أو منصبه(القرشي،1966: 232-233)،كما انه (ع) حذر عماله الماليين من الخيانة ،و أوصاهم بحفظ الأمانة :" ومن استهان بالأمانة ورتع في الخيانة ،ولم ينزه نفسه ودينه عنها فقد احل بنفسه الذل و الخزي في الدنيا وهو في الآخرة أذل و أخزى" (الموسوي،1998: 171). ومما سبق نرى إن قاعدة الصلاحيات الإدارية والمالية كانت مطبقة في عهد الدولة الإسلامية ،فهي كانت تطبق وفقا لأحكام الشريعة وأوامر الإمام ولم تقتصر التعليمات المتعلقة بهذه الصلاحيات على تحديد مجالها فحسب بل اشتملت تلك الأحكام عقوبة من لا يلتزم بها دنيويا وأخرويا.

    يستخلص من الفقرة السابقة المتعلقة بمحاولة تأصيل المعايير المحاسبية الحكومية المحلية على وفق النظام الاقتصادي الإسلامي ، أن تلك المعايير لها ما يؤيدها ويثبت وجودها مفاهيم ومبادئ وأسس ومعايير في التشريع الإسلامي.

    فقد وردت عدة معايير محلية تحدد بعض المفاهيم والمصطلحات العامة المتعلقة بالوحدة المحاسبية الحكومية وأهمية العمل المحاسبي عامة والعمل المحاسبي الحكومي خاصة ، وما يرتبط بذلك من تحديد لطبيعة نشاط الوحدات الحكومية ونطاق عملها ونوعية المحاسبة فيها والتقارير المطلوبة منها.

    و لاحظنا أن معظم المبادئ والمفاهيم المرتبطة بتلك المعايير موجودة في التشريع الإسلامي ، ابتداءً بتحديد أهمية الكتابة والزمن والعمل المحاسبي في تنظيم جوانب عديدة في حياة الإنسان خاصة فيما يرتبط بحفظ الحقوق المالية وصيانتها ، ومرورا باستخدام الوسائل والأساليب الكفيلة بحفظ  هذه الحقوق وكيفية صيانتها والرقابة عليها، وذلك يؤكد اهتمام الشارع المقدس بإيجاد نظام محاسبي متقن يحفظ أموال الناس عامة عن الضياع، ويرفع التنازع والخصومات التي قد تنشأ بسبب تلك الأموال ، وهذا يعني وجود نظام محاسبي (أي هيكل وأسس ومقومات وقواعد وإجراءات ونحوها) في الإسلام يضمن تحقيق الأهداف المطلوبة منه في المجتمع الإسلامي.

     وقد أقر التشريع الإسلامي بضرورة استخدام الكتب والتقارير (التحريرية) وسيلة فعالة في إيصال المعلومات اللازمة والمتعلقة بكل جوانب حياة الإنسان اليومية ، ويصبح الأمر لازما وحيويا فيما يرتبط بالجوانب المالية والاقتصادية منها حفظا للحقوق المالية وتحقيقا للمصالح العامة والأمن والاستقرار الاجتماعي بين الناس، وتبعا لذلك استخدمت أنواعا معينة من التقارير والقوائم المالية التي تعبر عن ظروف وأحداث ذلك العصر وتفي بمتطلبات واحتياجات قارئيها( مستخدميها) آنذاك.

    ومن الأساليب والإجراءات الفعالة في حفظ الحقوق المالية وصيانتها التي تم تطبيقها في الدولة الإسلامية هي تحديد الصلاحيات والمسؤوليات المالية للموظفين والعاملين في بيت مال المسلمين والجهات التابعة له ، وبينا أن التشريع قد اعتبر هذا العمل بمثابة حفظ الأمانة وصيانتها وأن التفريط بها أو خيانتها هو من الكبائر والأعمال المحرمة في الإسلام.

    من جهة أخرى وجدنا إن التشريع الإسلامي يبيح استخدام كل ما لا ينافي العقل والمنطق السليم اللازم لحفظ الحقوق المالية ووفقا لأحكام الشريعة السمحاء، فكل ما لا يخالف الأحكام والقواعد الشرعية يمكن استخدامه أساسا للقياس والعمل والتنظيم المحاسبي ، فقد استخدم الأساس النقدي منذ بداية تأسيس الدولة الإسلامية ، ومع تغير وتطور الظروف الاقتصادية للدولة الإسلامية ، واتساع رقعتها الجغرافية وكثرة وتنوع الأموال الواردة إليها ، نقول إن ذلك استدعى استخدام أسس أخرى أكثر ملائمة لهذه الظروف، فتم استخدام أساس الاستحقاق وأسس معدلة أخرى منه، إن ذلك يثبت أمرين في الوقت ذاته ، أولهما: إن معظم أسس القياس المحاسبي المعاصرة موجودة في النظام الاقتصادي الإسلامي وهي ذات جذور إسلامية ، وثانيهما : أن النظام الاقتصادي الإسلامي يتميز بالمرونة والاتساع بحيث يتكيف النظام المحاسبي وفقا لاحتياجات ومتطلبات العصر (ولكل زمان ومكان) ، وتبين لنا ذلك من خلال استخدام أسس متعددة للقياس وتبعا للتطور الاقتصادي الذي مرت به الدولة الإسلامية آنذاك.

     وفي نهاية هذا المطلب نكون قد توصلنا من خلال الدراسة التحليلية للمعايير المحاسبية الحكومية المعاصرة المطبقة على المستوى الدولي،والأمريكي و المحلي(العراقي)  إلى أن معظم هذه المعايير لها جذور إسلامية ولها ما يناظرها ويشابهها من مفاهيم ومبادئ وأسس في النظام الاقتصادي الإسلامي، بل إننا قد وجدنا أن بعضها موجود بصورة أحكام وقواعد شرعية محددة بشكل قاطع في التشريع الإسلامي.

   وعليه يمكن القول إنه يمكن استخدام النظام الاقتصادي الإسلامي لبناء معايير محاسبية ملائمة للظروف والمتطلبات الاقتصادية والاجتماعية لكل عصر وفي كل زمان ومكان ،  كما يمكن القول إن النظام الاقتصادي الإسلامي  نظام مستقل بذاته له أسسه ومبادئه وقواعده المتينة الراسخة المستمدة من المصادر الأساسية للتشريع الإسلامي المقدس ، وبالتالي عند بناء معيار معين فإنه يتعين الرجوع في ذلك إلى مفاهيم ومبادئ وأسس الاقتصاد الإسلامي باعتباره أحد المصادر العلمية الأساسية لبناء وصياغة مثل تلك المعايير ،والرجوع إلى التشريع الإسلامي في بناء وصياغة وتطبيق المعايير المحاسبية هو لأجل الاستفادة وتحقيقا للمصلحة العامة باعتبار التشريع المقدس مصدر علمي وعملي مهم وأساس عادل  في هذا الاتجاه. 

وسيكون المطلب التالي عبارة عن ملخصا لأهم المفاهيم والمبادئ والأسس الاقتصادية الإسلامية المستخلصة من المطلب الحالي مع محاولة لاستنباط  معايير محاسبية حكومية إسلامية من هذه المفاهيم والمبادئ الإسلامية.

 

 

 

 

 

[1] مسحوبة من الانترنت.

 

[2] نقلا عن (طرابزوني، 1994: 125).

[3] مسحوبة من الانترنت.

[4] مسحوبة من الانترنت.

[5] مسحوبة من الانترنت.

[6] نقلا عن الحسب،1984: 62

[7] نقلا عن الحسب،1984: 62

[8] نقلا عن العيساوي،2003: 130.

[9] مسحوبة من الانترنت.

[10] نقلا عن حسن وحسن ،1939: 291- 293.

[11] نقلا عن طرابزوني،1994: 125.

[12] يقصد به التقويم الهجري الشمسي.

[13] مسحوبة من الانترنت.

[14] مسحوبة من الانترنت.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . رزاق مخور الغراوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/02/04



كتابة تعليق لموضوع : معايير المحاسبة الحكومية العراقية في النظام المحاسبي الاسلامي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net