صفحة الكاتب : د . رزاق مخور الغراوي

دور المرجعية الدينية في المجال السياسي
د . رزاق مخور الغراوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
بسم الله الرحمن الرحيم
فَلَولا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرقَةٍ مِنهُم طَائِفةٌ لِيَتَفَقَّهوُا في الدّينِ وَلِيُنذِرُوا قَومَهُم إذا رَجَعوا إلَيهِم لَعَلَّهُم يَحذَرونَ الآية (122 )التوبة
 
 الإهــــــــــداء
 
إلى جامع  الأمة على التقوى …
ومؤلف شمل الصلاح والرضا …
وصاحب يوم الفتح وناشر راية الهدى…
 
صاحب العصر والزمان الإمام الحجة بن الحسن ( عج ).
  
تقديم سماحة آية الله المحقق الشيخ باقر شريف القرشي "دامت بركاته"
    المرجعية الدينية عند الشيعة الإمامية مركز حساس بالغ الأهمية في حماية المسلمين من الاعتداء على كرامتهم واستقلالهم ، وسيادة أوطانهم ، فقد وقفت بحزم أمام الغزو الاستعماري البريطاني لليبيا ، وكذلك وقفت بصلابة أمام الغزو الفرنسي للجزائر وظلت تناضل وتدافع عن هذا القطر العزيز حتى تحررت وأخذت استقلالها بقوة السلاح ، أما موقفها من احتلال الصهاينة الى فلسطين البلد العربي الأبي فقد تجلى بمحاربة الصهيونية ومناهضة الاستعمار الغربي الذي ساند اسرائيل بجميع قواه السياسية والاقتصادية . 
     إن المرجعية الدينية عند الشيعة تعمل على وحدة المسلمين وجمع كلمتهم وتقف بالمرصاد لكل معتد عليهم ، كما تقوم بدور مهم في إصلاح شؤونهم ومعالجة قضاياهم ، بالإضافة الى ما تقوم به من دور بناء في تغذية الحوزات العلمية بمناهج الفقه الاستدلالي الذي يستنبط منه الأحكام الشرعية وتسديد نفقاتهم الاقتصادية الى غير ذلك من الخدمات التي تسديها عليهم.
     إن المكتبة الإسلامية تفتقر إلى البحث بصورة موضوعية وشاملة على المرجعية وأدوارها وضرورتها في الإصلاح الاجتماعي ، وفيما أحسب أنه لم يقم بذلك سوى الفاضل الأستاذ رزاق مخور داود فقد بحث عن المرجعية بحثاً شاملاً وبين دورها وخدماتها في ميادين الإصلاح العام ، وانا بدورنا نتمنى له التوفيق والنجاح في خدمة الفكر والعلم ، وأن يتحف المكتبة الإسلامية بمثل هذه البحوث التي تنفع الناس والله تعالى ولي التوفيق.
 
   باقر شريف القرشي                                                                                                   
مكتبة الإمام الحسن العامة                      التوقيع
النجف الاشرف
1/ ج1 / 1425 هـ
  
شكر وتقدير
     الحمد لله رب العالمين ، الذي جعل الحمد ثمناً لنعمائه ومعاذاً من بلائه وسبيلاً الى جنانه وسبباً لزيادة إحسانه ، وبعد ...
     فقد جاء في الحديث الشريف من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق ، فيسرني أن أتقدم بعميق شكري وخالص تقديري وامتناني الى فضيلة العلامة البحاثة الشيخ باقر شريف القرشي (دامت بركاته) ، على جهوده الكبيرة ونصائحه القيمة التي كان لها الأثر الأكبر في وصول البحث الى صيغته الحالية . 
     كما يدفعني واجب العرفان ان أتقدم بالشكر والتقدير الى الشيخ  جهاد نصر الله الأستاذ في علوم القران في حوزة قم المقدسة ، لما بذله من مساعدة ومتابعة جادة . ولا يفوتني ان أتقدم بالشكر والتقدير الى العاملين في مركز الهدى للدراسات الحوزوية لتعاونهم المخلص والجاد ولاسيما السيد عبد الله الهاشمي. 
     وختاماً أتقدم بخالص شكري وتقديري لجميع من ساعدني ومد يد العون لي .
والله ولي التوفيق .
 
المؤلـــــف 
 
دليل الموضوعات
          
المقدمة  ……………………………………
 الفصل الأول : ماهية المرجعية الدينية 
- تمهيد ……………………………………35
- الاجتهاد والتقليد …………………………..36
 ا ) الاجتهاد …………………………………36
- طرق إثبات الاجتهاد ………………………...39
 ب) التقليد …………………………………40
الفصل الثاني: المرجعية الدينية والسياسة 
- تمهيد …………………………………… 
- المرجعية الدينية والقيادة السياسية ………….. 
- المرجعية الدينية والعمل السياسي ……………
ا . المفاهيم الأساسية للعمل السياسي 
 (الولاء والبراءة) …………………………….. 
ب . الأحكام الشرعية للعمل السياسي ……………. 
- المرجعية الدينية ليست حركة
 سياسية وضعية……………………………...
الفصل الثالث: دور المرجعية الدينية في المجال السياسي  
- تمهيد …………………………………..
- الموقف والأدوار القيادية لأهل البيت (ع) ………
- الوظائف الأساسية للمرجعية الدينية ………….
1- الإفتاء………………………………….
2- القضاء ………………………………….
3-الولاية…………………………………..
 
الفصل الرابع منهج التعامل مع علماء الدين
الفصل الخامس :مواقف المرجعية الدينية  من التيارات الفكرية المنحرفة 
 - تمهيد …………………………………....97
 - التيارات الفكرية الخارجية المنحرفة………….…98
 - التيارات الفكرية الداخلية المنحرفة…………… 100                 
الفصل السادس المواقف العملية للعلماء الأعلام   
ضد الحكام الطغاة والاستكبار العالمي 
- تمهيد …………………………………...109
1- آية الله العظمى الإمام السيد محسن الحكيم (قده) ..110   
2- آية الله العظمى الإمام السيد أبو القاسم الموسوي 
لخوئي (قده) ……………………………… 130ـ 
3-آية الله العظمى السيد روح الله الخميني (قد).
4-آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر (قد).
5-آية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم (قده) … -
  6-آية الله العظمى السيد علي الحسيني 
    السيستاني (دام ظله) ………………………
الخلاصـــــــة ………………………………….193
المصادر ……………………………………207
الملحقات  ………………………………….213
ملحق 1……………………………………215
ملحق 2 ……………………………………217
ملحق 3 ……………………………………221
ملحق 4 ……………………………………224
 
 
المقدمة
      الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه المبعوث رحمة للعالمين أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين وبعد …
     تعد المرجعية الدينية الامتداد الحقيقي اللازم للإمامة التي تشكل بدورها الامتداد الطبيعي للنبوة في أبعادها المختلفة وخاصة في بعديها العقائدي والسياسي ، وقد رسم هذا الإمتداد للمرجعية الطريقة التي تنتهجها وتسلكها للتعامل مع جميع الظروف والأوضاع بما فيها الأوضاع والظروف السياسية ، وحسب الشروط والخطوط التي وضعها  أل بيت العصمة( ع ) ، فقد مـــر أهل البيت ( ع ) بمراحل وأدوار ذات ظروف وعوامل مختلفة جعلتهم يتصرفون مع تلك الظروف بما يتلائم مع شروط كل مرحلة ودور .
     وبما ان المرجعية الدينية هي الامتداد الطبيعي للامامة فان عملها يجب ان يكون في ظل  ما قام به أئمة أهل البيت ( ع ) من أدوار ومواقف مختلفة .
     وقد عُرِّفت المرجعية الدينية منذ الصدر الأول للاسلام عن طريق رجوع الناس الى العلماء من الصحابة الذين عُينوا من قبل الرسول الأعظم (ص) وأئمة أهل البيت (ع) ، وقد تضمنت النصوص الشريفة تصدي بعض علماء الشيعة لذلك مثل أبان بن تغلب ،  الذي قال له أبو جعفر الباقر ( ع ) ( اجلس في مسجد المدينة وافتِ الناس فاني أحب أن يُرى في شيعتي مثلك ، فجلس ) الفهرست 17 . 
فالمرجعية الدينية في رأي العلماء هي رجوع عامة الناس الى المرجع ( المجتهد ) الجامع للشرائط الشرعية المنصوص عليها في رسائلهم العملية ، وبالاستناد الى قول الإمام المعصوم الحجة (عج) { أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا } وسائل الشيعة ج18 ص 101.
لقد تقلدت المرجعية الدينية وظائف وواجبات عديدة جعلتها تحمل أمانة الرسالة المحمدية و مارست الأدوار والمواقف والمراحل ضد حركة الانحراف والتدهور مثلما مارسها أئمة أهل البيت .
ومن خلال تصفح سفر تاريخ المرجعية الدينية والاطلاع على الوظائف والأدوار التي قامت وتقوم بها لقيادة المجتمع الإسلامي ، تتضح العلاقة المهمة بين المرجعية والسياسة في أن الأولى تؤمن بالضرورة المطلقة للقيادة السياسية التي تعتبرها الحد اللازم لضمان حقوق الناس وادارة المجتمع بصورة عادلة ، وترى المرجعية ووفقاً للشريعة الإسلامية بوجوب وجود حكومة أو قيادة سياسية تقود المجتمع نحو العدل والمساواة، وتؤكد المرجعية الدينية على ضرورة وجود القيادة السياسية مهما كانت الظروف حتى لو كانت القيادة فاجرة وآثمة تسلب الشعوب الكثير من حقوقهم ، لأن الفائدة من وجود تلك الحكومة هي إنها تذلل مصاعب الحياة وتحقق الأمن الاجتماعي والاقتصادي  لأجل المحافظـة على وجودها ، وهذا الأمن  يضمن ديمومة الحياة للأخيار والفجار على حد سواء وقمع الفتن التي تسود المجتمع وهذا لا يعني أن الإسلام المتمثل بالمرجعية الدينية يقر بشرعية الحكومة الفاجرة أو أفضليتها ، وإنما مثل هذه الحكومة تكون أفضل من حالة عدم وجود قيادة أو حكومة ، لأن عدم وجود قيادة أو حكومة يؤدي حتماً الى حدوث الفتن والشغب والفوضى وهذا لا يقره الإسلام ولا يريده بأي حال من الأحوال ، ومن هذا ترى الشريعة الإسلامية ،إن حكومة الأمير الفاجر افضل من لا حكومة تسودها الفوضى والفتن والشغب من باب المزاحمة والتسليم لأقل الأضرار، كما قال النبي –ص- (الإمام الجائر خير من الفتنة) شرح نهج البلاغة لابن ميثم البحراني ج2 ص103 ،وكما قال الإمام أمير المؤمنين علي (ع) {أسد حطوم خير من سلطان ظلوم وسلطان ظلوم خير من فتنة تدوم } كنز الفوائد ج 1 ص 136 ، وبحار الأنوار ج 75 ص 359.
ومرت المرجعية الدينية وعبر تأريخها الطويل بعدة مراحل وتعرضت لضغوطات وصعوبات خارجية وداخلية عديدة ، الا انها وبعناية الله ولطفه ورعاية إمام العصر والزمان الحجة بن الحسن (عج) وبجهود العلماء الأعلام والفقهاء العظام ، تجاوزت كل تلك الصعوبات والمحن وبقيت متماسكة متأسية ومقتدية بخط أهل البيت (ع) .فقد تصدت المرجعية الدينية على سبيل المثال للحركات والتيارات الفكرية المنحرفة وما تحمله هذه التيارات من أفكار أجنبية دخيلة على الدين الإسلامي ، وكان دور المرجعية العملي ومواقفها التاريخية وجهادها المستمر هو خير دليل على أصالة هذه المؤسسة العظيمة وتحت راية صاحب العصر والزمان الحجة (عج) الذي يرعى هذه المؤسسة العظيمة ببركاته ودعائه .
وبما ان المرجعية هي امتداد لخط الامامة ، ولما قام به ائمة اهل البيت (ع) من أدوار ومواقف تجاه الحكام والظلمة من التحفظ والتزام التقية أحياناً وذلك للحفاظ على بيضة الاسلام ومنع حدوث الفتن والفوضى وضمان تحقيق المصالح العليا للمجتمع الاسلامي ،فان المرجعية الدينية بزعامة مراجعنا العظام قامت وتقوم بنفس هذه الأدوار والمواقف عند تعاملها مع الحكومات الجائرة ، فنراها مرة تتحفظ تجاه أمور أو تلتزم الصمت ، ومرة أخرى تتصدى لهذه الحكومات الجائرة وفق المصالح والمفاسد وشروط ومواقف كل مرحلة ، فهذه التصرفات التي تقوم بها المرجعية الدينية ومن يمثلها من العلماء والمراجع الأعلام إنما تكون مبنية على أسس صحيحة ومتينة ومستندة على النصوص القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة المروية عن أهل البيت (ع) ، لذلك لا ينبغي الطعن بهذه التصرفات أو انتقادها من قبل عامة الناس ، أو بعض الأشخاص الغير متخصصين (دون المجتهد)المحسوبين على هذه المؤسسة العظيمة .
 كما لا ينبغي إفساح المجال لأي شخص كان أن يقدح  بمرجعٍ من مراجع المسلمين متعارف على عدالته واجتهاده واستقامته وورعه عند العلماء والأوساط الحوزوية الموثوقة ،لأن العدالة والورع والاستقامة هي من ضمن الشروط المنصوص عليها من قبل أئمة أهل البيت (ع) ، في تعيين مرجع التقليد الواجب اتباعه ، فقد ورد عن الإمام الحسن العسكري (ع) انه قال : (من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً لهواه مطيعاً لأمر مولاه فعلى العوام أن يقلدوه ،وذلك لا يكون إلا بعض فقهاء الشيعة لا جميعهم ، فأما من ركب من القبائح والفواحش مراكب فسقة فقهاء العامة ، فلا تقبلوا منهم عنا شيئاً ولا كرامة ) ، وسائل الشيعة ج18 ص94 . إضافة إلى الشروط السابقة فإن هنالك شروطاً أخرى لا بد من توفرها في مرجع التقليد وهي( الاجتهاد الأعلمية والحياة ، وهذه الشروط مثبتة في الرسائل العملية لمراجع التقليد ).
أن معرفة الحق لا تؤخذ من الرجال (غيـر المتعارف على ورعهم واستقامتهم ) مهما كان دورهم في المجتمع ، فالحق له أساس ومفهوم واضح يعرف عن طريق الفطرة الإنسانية السليمة ، كما يمكن معرفته بالأمور الحصولية (الكسبية) الناتجة عن الدراسة العقلية الصحيحة ، والحق هو الذي يعرِّف الرجال لا الرجال تعرِّف الحق ، كما قال مولانا أمير المؤمنين (ع) ما مضمونه ( اعرف الحق تعرف أهله ، اعرف الباطل تعرف أهله ) ، ومن هنا فإن من الأسس الصحيحة والمفهومة عقلاً وشرعاً ، إن الشياع المفيد للاطمئنان من قبل العلماء الأعلام والأوساط الحوزوية الموثوقة والمؤمنين عامة ، حول المراجع والعلماء ، هو أحد الطرق الموثوقة والصحيحة التي تؤكد على نزاهة وعدالة هذه المؤسسة العظيمة المتمثلة برجالها الأشراف ، ويوضح دورها الكبير في الحفاظ على مبادئ الإسلام وقيادة الأمة ونشر راية الهدى بعناية ورعاية صاحب العصر والزمان الإمام الحجة (عج) .وقد أكد علمائنا الأعلام على وجوب وجود الحكومة الإسلامية بزعامة الفقيه الجامع للشرائط الشرعية ( إذا توفرت الشرائط الشرعية لقيام مثل هذه الحكومة ) ، ويكون التسليم له كالتسليم للإمام المعصوم (ع) فالمكلف في حالة عدم رجوعه الى إمام مفترض الطاعة من الله يكون قد عمل بهواه ولم يهتدِ بهدى الله حيث قال المولى جل شأنه في كتابه المجيد ( ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله ) القصص 50 .
     وبسبب الضبابية والغفلة التي تعيشها الأمة في هذه الأيام العصيبة وذلك بعد إثارة الشبهات والاستفهامات على المرجعية الدينية من قبل الوصوليين والعملاء والاستكبار العالمي ،وبسبب الشك والالتباس الذي يدور بخلد الكثير من الناس حول هذه المؤسسة الحقة ،لذلك رأينا أن نقوم بتكليفنا الشرعي للدفاع عن هذه المؤسسة العظيمة من خلال التعريف بالمرجعية الدينية وتوضيح المواقف والأدوار التي قامت وتقوم بها تجاه القضايا السياسية والاجتماعية والحياتية وغيرها من القضايا التي تهم الإسلام والمسلمين والتركيز على القضايا السياسية لانها محور البحث الحالي،فضلاً عن ذلك  تقديم عرض موجز لبعض المواقف العملية لعلمائنا العظام ضد الانحرافات الفكرية والسياسية السلبية منها أو الايجابية التي قام بها العملاء والاستكبار العالمي .
 وعلى أساس ذلك فأن الكتاب الحالي يقوم بمحاولة لدراسة طبيعة العلاقة بين المرجعية الدينية والمجال السياسي وآثار هذه العلاقة ونتائجها على المجتمع الإسلامي عموماً وعلى مذهب التشيع خصوصاً .
ولغرض تحقيق الأهداف السابقة فقد تم تقسيم هذا الكتاب إلى الفصول الآتية: ـ
الفصل الأول: ماهية المرجعية الدينية .
الفصل الثاني: المرجعية الدينية والسياسة .
 الفصل الثالث: دور المرجعية الدينية في المجال السياسي.
الفصل الرابع : منهج التعامل مع علماء الدين.
الفصل الخامس مواقف المرجعية الدينية من التيارات الفكرية المنحرفة .
الفصل السادس : المواقف العملية للعلماء الأعلام ضد الحكام الطغاة والاستكبار العالمي .
 وأختم مقدمتي بقول أحد الفقهاء عندما سؤل عن القول (لا دخل للدين في السياسة) فقال من أراد إن يفرق بين الدين والسياسة فأنه لا يعرف الدين ولا يعرف السياسة ، لأن ديننا سياستنا وسياستنا ديننا .      
 
المؤلف
 
الفصل الأول:مــاهيــــة المرجعية الدينية
 
تمهيد :
     عندما خلق الله الإنسان وأمره بالطاعة والعبادة ،حيث قال تعالى(وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) الذاريات 56 ، فأن الله سبحانه لم يترك الانسان ضالاً حائراً يخوض في هذه الإتجاهات المجهولة ، وذلك لأن الأخير عاجز عن الوصول بنفسه الى معرفة أحكام شريعة الإله ، فهو محتاج دائماً الى قوة عملاقة لها صلة بالسماء تستطيع أن ترفعه وترقيه وترسم له كماله ودرجاته المرموقة ، وتتمثل هذه القوى بالأنبياء والأوصياء والأئمة( ع ) ووظيفة هذه القوى هي بيان وتوضيح الحكم الإلهي المنزل على الناس وتكون هذه القوى وسيطة بين السماء والناس ، كما تتحمل عبء الأمانة التي كلفت بها من قبل الشريعة السمحاء وقد انتقلت هذه الأمانة من الأنبياء الى خاتمهم وسيدهم محمد(ص) ثم إلى وصيه الإمام علي  (ع)  ثم إلى الأئمة المعصومين من أهـل بيته (ع) وصولاً الى الإمام الثاني عشر الإمام الحجة المهدي ( عج ) الذي حملها بدوره الى العلماء الأعلام في عصر الغيبة الكبرى ، وكما جاء في الحديث الشريف المروي عن إمام العصر والزمان ( عج ) حول الإذن في رجوع الناس في أمور وأحكام دينهم الى الفقهاء  حيث ورد في التوقيع الشريف الصادر عن الإمام الحجة ( عج ) بما نصه ( أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله ) وسائل الشيعة ج18 ص 101 ، ويعود تاريخ رجوع الناس الى العلماء في أحكام دينهم الى الفترة الأولى من عصر الإسلام وهناك روايات كثيرة تدل على هذا المعنى ومنها رواية أبان بن تغلب حيث قال  له الإمام أبو جعفر الباقر (ع)( أجلس في مسجد المدينة وافتِ الناس فإني أحب أن يرى في شيعـتي مثلك فجلس ) فهرست 17 . وفي صحيح شعيب العقرقوفي ( قلت لأبي عبدالله الصادق (ع) ربما احتجنا أن نسأل عن شيء فمن نسأل ؟ قال(ع) : عليك بالإسدي يعني أبا بصير) معــرفة الرجال مجلد1 ص 400 .
الاجتهاد والتقليد :
      إن رجوع الناس في أحكام دينهم الى الفقهاء الأعلام قد استلزم فتح بابين من أبواب الفقه الإسلامي هما الإجتهاد والتقليد . 
1-     الاجتهاد :ـ
     لقد تميز المذهب الامامي دون غيره من المذاهب الإسلامية بفتح  باب الاجتهاد الذي يعتبر من أحد المميزات الأساسية للمذهب الامامي الاثني عشري ، والذي كان مدار اهتمام العلماء الأبرار في هذه الطائفة الحقّة .والاجتهاد عند الامامية لا يعني التوسع  على حساب الحكم الشرعي بما يلائم مستجدات العصر او ارضاء لعامة الناس او للحكام والمتسلطين وغيرهم من أهل النفوذ بل ان الاجتهاد عندهم هو عبارة عن القدر ة على استخراج الحكم الشرعي والوظيفة العملية الشرعية من الأدلة المعتبرة الكافية في الخروج عن المسؤولية أمام الله تعالى ، فالاجتهاد هو استنباط الحكم الشرعي من منابعه الأصلية. ويفرض ذلك على المجتهد إن يبذل قصارى جهده في البحث والفحص العلمي الدقيق عن الأحكام الشرعية وان لا يتهاون بها او يفرط  فيهما ، لأنه مؤتمن ومسؤول عن هذه الأمانة يوم القيامة ، والمجتهد لا بد أن تتوفر فيه عدة شرائط قد حددت في الرسائل العملية التي من أهمها الورع[1] والعدالة والاجتهاد والأعلمية ( راجع لمحات من حياة الأمام المجدد السيد الخوئي قدس الله سره ،هاشم فياض الحسيني)فالورع _ هو الاجتناب عن محرمات الله،وان كل من يبتعد عن المحرمات الالهية اكثر يعد من اورع الناس طراً، ففي كتاب الكافي بأسناده عن أبي عبدالله الصادق (ع) قال (اوصيك بتقوى الله والورع والأجتهاد ،وأعلم أنه لاينفع أجتهاد لاورع فيه).وفي الوسائل عن الامام الباقر (ع) قال (لا تنال ولايتنا الا بالعمل والورع ) واما العدالة فهي ملكة إرادية تمنع صاحبها من ترك الواجبات وفعل المحرمات، ومقامها كبير  يتلو مقام العصمة، وعلى هذا الأساس يجب على المكلف أن لا يقلد إلا من كان عادلاً لا يميل عن الشرع الى هواه خطوة  في كبيرة أو صغيرة ، لكي يضمن لنفسه بذلك أكبر درجة ممكنة من الصواب في رأي مرجعه الديني ، من جانب آخر فقد عرّف الفقهاء العدالة ( بأنها عبارة عن الإستقامة في جادة الشريعة المقدسة وعدم الانحراف عنها يميناً أو شمالاً بأن لا يرتكب معصية بترك واجب أو فعل حرام من دون عذر شرعي ، ولا فرق في المعاصي من هذه الجهة بين الصغيرة والكبيرة ) منهاج الصالحين الإمام الخوئي ج1 ص 10 . ويقول الإمام الحكيم (قده) في مستمسك العروة الوثقى ج1ص43 ( والإنصاف انه يصعب جداً بقاء العدالة للمرجع العام في الفتوى كما يتفق ذلك في كل عصر بواحد أو جماعة ـ إذا لم تكن بمرتبة قوية عالية ذات مراقبة ومحاسبة فإن ذلك مزلة الأقدام ومخطرة الرجال العظام ومنه سبحانه نستمد الاعتصام .
طرق إثبات الاجتهاد :ـ
يتم إثبات الاجتهاد بأحد الأمور الاتية :-
الاختبار (العلم) او شهادة العدلين ويعتبر فيها ان يكونا من اهل الخبرة وان لا تعارضها شهادة مثلها بالخلاف ، ومع التعارض يؤخذ بقول من كان منهما اكثر خبرة، ويثبت الاجتهاد ايضاً بالشياع، أي ان يكون اجتهاد المجتهد او اعلميته متسالمة عليه عند الكثير من الناس ، بحيث يحصل اليقين او الاطمئنان في ذلك (راجع المسائل المنتخبة للسيد الخوئي(قد) وبعبارة أخرى ، فان الاجتهاد يثبت للمجتهد من خلال اجازة العلماء الاعلام والفقهاء العظام له بذلك، فعلى سبيل المثال شهد جمهرة كبيرة من العلماء الاعلام والاساتذة العظام باجتهاد السيد الخوئي المطلق وزودوه بشهادات علمية واجازات اجتهادية تليق بشأنه ومن هولاء العلماء الذين اجازوا بالاجتهاد المطلق وكتابة الرواية، الشيخ الميرزا النائيني، والشيخ الأغا ضياء الدين العراقي، والشيخ محمد حسين الاصفهاني والسيد علي أغا الشيرازي والسيد ابو الحسن الاصفهاني (قدس الله اسراهم). واما الأعلمية فهي ان يكون صاحبها اقوى ملكة ونظر في مجالات استنباط  الاحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية لأن المشهور بين العلماء والفقهاء هو تقليد الأعلم[2] في الشريعة .
 والأعرف والأقدر على تطبيق احكامها في مواردها مع فهم للحياة وشؤونها بالقدر الذي تتطلبه معرفة احكامها من تلك الأدلة ، إن المرجع الديني الأعلى لا تعنيه العنصرية ولا القومية ولا السلطة الزمنية ولا القرابة ولا المصالح المادية والشخصية، وانما الذي يعنيه العلم والادارة الحكيمة والزهد الذي يرفعه عن الجاه والرئاسة والخلق الرفيع والسلوك الصالح والتاريخ الشخصي النظيف من كل افة، قال أمير المؤمنين (ع) :( من ازداد في الدين علماً ولم يزدد عن الدنيا زهداً لم يزدد من الله إلا بعداً )، كل هذه المؤهلات مع الشروط الشرعية السابق ذكرها ، يتم تعـــيين المرجع الأعلى للشيعة الإمامية . 
2. التقليد :ـ 
وتميز المذهب الإمامي في باب آخر وهوالتقليد ( لا يقصد التمييز في أصل التقليد ولكن في كيفيته ) الذي هو عبارة عن رجوع عامة الناس الى المجتهد الجامع للشرائط في أمور دينــهم ودنياهم ،والتقليد إنما سمي تقليداً لان المقلِد يضع عمله كالقلادة في رقبة المقلَد الذي يقلده تعبيراً رمزياً عن تحميله مسؤولية هذا العمل امام الله عز وجل. اذن فالمرجعية هي عبارة عن رجوع المقلِد الى المقَلد في الاحكام والمسائل الشرعية العملية، وهي تعتبرالملاذ الأمين والكهف الحصين الذي يأوي ويرجع اليها الشيعة الامامية في عصر الغيبة الكبرى، ومن هذا المنطلق انبثقت فكرة الرجوع الى المجتهد الجامع للشرائط الشرعية باعتباره النائب عن الامام المعصوم (عج) والامتداد الطبيعي له، وقد وردت بهذا المعنى اخبار وروايات صريحة في هذا المجال، تدل على وجوب رجوع الناس في جميع شؤونهم الخاصة والعامة الى المجتهد الاعلم الجامع للشرائط المنصوصة، فمن هذه الاخبار ما جاء عن الامام العسكري (ع) انه قال (( من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً لهواه مطيعاً لامر مولاه فللعوام ان يقلدوه، وذلك لا يكون الا بعض فقهاء الشيعة لا جميعهم، فاما من ركب من القبائح والفواحش مراكب فسقة فقهاء العامة فلا تقبلوا منهم عنا شيئاً ولا كرامةً )) (وسائل الشيعة/ج18/ص94). وقد ورد ايضاً في التوقيع الشريف الصادر عن امام العصر والزمان (عج) من الاذن في رجوع الناس في أحكام دينهم الى العلماء، الذي سبق ذكره حيث كتب يقول بما نصه(اما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا … (وسائل الشيعة /ج18/ص101). وقد أكد علماءنا الأعلام على وجوب وجود الحكومة الإسلامية بزعامة الفقيه الجامع للشرائط الشرعية ،ويكون التسليم له كالتسليم للإمام المعصوم (عج) .فالمكلف في حالة عدم رجوعه إلى إمام مفترض الطاعة من الله ،يكون قد عمل بهواه ولم يهتد بهدى الله ،حيث قال المولى جل شأنه في كتابه المجيد (( ومن اضل ممن اتبع هواه بغير هدىً من الله )) القصص/50 .
فالمرجعية هي الشجرة الكبيرة المباركة المثمرة التي اصلها ثابت وفرعها في السماء يتكل المكلف على ساقها ويأكل من ثمرها ويستظل بظلها بغية الأمان عن الوقوع بالمخالفة لأمر الله تعالى فيكون مفهوم المرجعية على هذا الأساس من المفاهيم الإسلامية الكبيرة والسامية التي يجب المحافظة عليها من الأعداء الذين يحاولون تهميش دورها والحط من مكانتها والنيل منها بكل وسيلة ، وذلك لأن المرجعية الدينية ومن يمثلها من العلماء الأعلام والفقهاء العظام ، يكونون على طريق الله تعالى وعليه سائرون وهم الذين يبصرون الناس بالحقيقة ويرسمون لهم معالم طريق الله سبحانه ، وهذه من الأمور التي تحقق رغبة الإنسان المؤمن بوجود دولة كريمة يُعزّ بها الإسلام وأهله ويُذَل بها النفاق وأهله .
الفصل الثاني :المرجعية الدينية والسياسة
     للمرجعية الدينية بعدان أساسيان من الأبعاد المهمة التي اقتبستها من نور السراج المحمدي الأصيل وهو البعد العقائدي والبعد السياسي ومن خلال هذين البعدين اصبح لها لسان الميزان الادق والفرقان الأحق في التعامل مع جميع الأمور المستعصية والقضايا الحالكة بما فيها القيادة والعمل السياسي . 
أولاً: المرجعية الدينية والقيادة السياسية :
     إن السياسة عند أهل اللغة هي ( ساس الناس سياسة تولى رئاستهم وقيادتهم وساس الأمور دبّرها وقام بإصلاحها فهو سائس ) المعجم الوسيط ، وهي أيضاً (عبارة عن المنظم للعلاقة بين الحاكم والشعب ونمط الروابط بين الحاكم وسائر الحكومات الأخرى ومن ضمنها مكافحة المفاسد ،وكل هذه القضايا تندرج في إطار السياسة) ، حديث الشمس _ الإمام الخميني(قد) ص17.
     أما مفهوم السياسة اصطلاحاً فهو يختلف من نظرية الى أخرى ومن فلسفة الى فلسفة أخرى ، فمثلاً ينكر المذهب المادي (الديالكتيكي) حاجة المجتمع الى القيادة ويرى أن المجتمع يتحرك حركة حتمية باتجاه التكامل التلقائي (الذاتي) عن طريق عمل المثقفين في توعية الجماهير ، حيث يكشفون للجماهير إشكال الشذوذ والتناقض ، وإذا ما وعت الجماهير فسوف تتحقق الحركة الحتمية للمجتمع نحو التكامل ، أما مفهوم السياسة في الفكر الإسلامي فأنه لا يبتعد عن معناه اللغوي ، فهو يعني رعاية شؤون الأمة وتولي أمورها ، وتشكل السياسة والحياة السياسية ركناً أساسياً من أركان الإسلام ، وقد أجمع المسلمون على وجوب إمامة المسلمين إلا من شذ ، ووجوب الإمامة في الفهم الإسلامي يعني وجوب إقامة الدولة ، فالدين الإسلامي يؤكد على ضرورة القيادة السياسية على نحو مطلق في الظروف التي لا تتمهد فيها الأرضية للقيادة السياسية المطلوبة ، مع أنه فرض على الجميع أن يهيئوا الأجواء المناسبة للقيادة الكفؤة والحكومة الصالحة بيد أنه لا يلغي ضرورة القيادة السياسية للمجتمع مهما كانت الأحوال ولا يسمح للمسلمين أن يعيشوا حالة  الفوضى ، أو أن لا يشعروا بالمسؤولية حيال إقامة الحكومة وتكوين القيادة السياسية ، كما ان الحكمة من وراء الضرورة المطلقة للقيادة السياسية هي ضمان الحد الأدنى من حقوق الناس ، إلا أن هنالك بعض الفرق الإسلامية التي تنكر هذه القضية كالخوارج مثلاً الذين أكدوا على أن الحكم لله وحده والعمل بما جاء في الكتاب فقط ، ولا تكون الحاجة لأي قيادة سياسية كانت أو اجتماعية ، ليسجلوا بزعمهم هذا المؤاخذة على إمامة أمير المؤمنين (ع) وقيادته ، وشعارهم المذكور ذو جذر قرآني ، ومن ثم لم يسع لأحد إنكاره ، حيث قال الله سبحانه وتعالى ( ان الحكم إلا لله ) الأنعام 57، لذلك عرض الإمام (ع) في سياق تأييده للشعار فقط لا للأصحاب الشعار نقاطاً مهمة حول الحكومة والقيادة السياسية من منظور الإسلام ، وأبدى تقويماً للشعارات المفرطة المتطرفة للحق في ظاهرها ، حيث قال (ع) : (( كلمة حق يراد بها باطل ، نعم انه لا حكم إلا لله ، ولكن هؤلاء يقولون لا إمرة إلا لله ، وإنه لا بد للناس من أميرٍ براً أو فاجر ، يعمل في إمرته المؤمن، ويستمتع فيها الكافر، ويبلغ الله فيها الأجل ، ويجمع به الفيء ، ويقاتل به العدو، وتؤمن به السبل ، ويؤخذ به للضعيف من القوي)) نهج البلاغة خطبة 40 . 
ان الإمام (ع) ومن خلال الخطبة السابقة قد سلط الأضواء على ثلاثة مفاهيم أساسية في رده على الخوارج وهي : 
1. عدم استغلال كلمة الحق كوسيلة لتحقيق الأهداف الباطلة :
     حيث أنه كان ذلك واضحاً من الشعار الذي اتخذه الخوارج ضد قيادة الإمام ، حيث انهم كانوا يتظاهرون بقول الحق ورفع الشعارات الحقة كشعارهم ان الحكم لله ، في حين انه في الواقع كانوا يعتقدون بشيء آخر بعيد عن الحق والحقيقة ، وقد أوهموا الناس بتلك الشعارات المزيفة وهي التي وصفها (ع)  كلمة حق يراد بها باطل، لذلك نرى أن سبب نجاح بعض الأفكار الباطلة المصبوغة بصبغة اسلامية هو غفلة الناس عن هذه القضية المهمة وهي ان قول الحق شيء والعمل به شيء آخر.
2. طريقة مواجهة المتظاهرين بالثورة : 
     حيث انه(ع) واجه الخوارج المتظاهرين بالثورة الذين يقولون الحق في الظاهر ولكن هدفهم الحقيقي هو الباطل ، وذلك بكشف زيفهم وادعاءاتهم الباطلة وكشف حقيقتهم أمام الناس ، وانه (ع) يواجه أصحاب الشعار لا الشعار   ذاته ، لأنه (ع) يؤيد شعار الحق من أي شخص ولكن يجب توضيح حقيقة الهدف من هذا الشعار، لقد وضح (ع) نقطة خطيرة غامضة على الكثير من الناس وهي كيفية التميز والتصدي للمتسترين بالدين الذين جعلوا الدين غطاءاً لهم لتحقيق مصالحهم الذاتية ، وهذه الزمرة تجدها في كل زمان ومكان .
3. حتمية وجود قيادة سياسية : 
ان الدين الإسلامي يرى وجوب وجود قيادة سياسية ترعى شؤون وحقوق الناس ، مهما كانت طبيعة هذه الحكومة ، أي حتى لو كانت هذه الحكومة حكومة فاجرة ، ويفسّر الإمام هذا القول بأن الفائدة أو المصلحة بوجود تلك الحكومة هي أنها تضمن الحد الأدنى من حقوق الناس ، وتذلل مصاعب الحياة ، كما إنها لأجل المحافظة على وجودها وديمومتها فإنها تعمل على تحقيق الأمن الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع الذي يضمن استمرارية الحياة للأخيار والفجار على حدٍ سواء، لذلك فان حكومة الأمير الفاجر أفضل من (لا الحكومة) تسودها الفوضى والفتنة والشغب ، كما قال الرسول محمد (ص) : (( الإمام الجائر خير من الفتنة )) شرح نهج البلاغة لابن ميثم البحراني ج2 ص103 ، وكما قال أمير المؤمنين (ع) : (( أسد حطوم خير من سلطان ظلوم وسلطان ظلوم خير من فتن تدوم))  كنز الفوائد ج1 ص136 وأيضاً بحار الأنوار ج75 ص359 .
ان دروس أهل البيت (ع) وسيرتهم العظيمة وما لاقوه من مشاكل تجعلنا نعي أن التاريخ يعيد نفسه، فكما خرج الخوارج على أمير المؤمنين(ع) بصبغة الدين وبشعار ان الحكم الا لله ، فكذلك اليوم تقوم بعض الجماعات وبزي الدين وبدعم من الإستكبار العالمي بتمزيق وحدة المسلمين وشق عصاهم ، وكذلك النيل من مذهب أهل البيت(ع) عن طريق زرع الفتن ودسّ بعض العناصر الخبيثة لحياكة هكذا أمر ، كما أنها تسعى جاهدة لتجنيد بعض الأشخاص أو الرموز المحسوبين على مذهب أهل البيت لتحقيق مآربهم ومصالحهم ، من سرقة أموال الشعب وبث الفوضى وادعاء ما ليس لهم من علم أو قيادة وما شابه ذلك ، ان الخلاص من هكذا انحراف وضلالة هو الإلتجاء والانصياع لأوامر المرجعية الدينية الرشيدة المتمثلة بالمراجع العظام والفقهاء العدول ومن دون التخبّط يميناً وشمالاً ، لأنهم هم الأعرف والأقدر على تشخيص المصالح والمفاسد التي تدور حول مجتمعنا الإسلامي ، لأن العلماء وكما قال رسول الله (ص) : (( العلماء مصابيح الأرض وخلفاء الأنبياء ، وورثتي وورثة الأنبياء )) ميزان الحكمة ج6 ص457 .
ان السياسة في المفهوم التقليدي هي تحديد الهدف والحصول عليه بأي وسيلة كانت، حتى لو كانت من خلال تضليل الناس وخداعهم لأجل التسلط عليهم ، إلا ان الإسلام يرى أن السياسة من الأدوات التي لا مناص منها للإدارة والقيادة ويدين السياسة بمفهومها التقليدي ، فالسياسة في الإسلام هي فن إدارة الحكومة من أجل تطبيق العدالة والقيم الربانية، والحكومة في الإسلام ليست هدفاً بل هي وسيلة لخدمة القيم ومن ثم لا تشرع كل وسيلة تفضي الى الحكومة ، ومن هذا المنطلق  فإنه لا بد من وجود جهة مؤهلة تتصدى للقيادة السياسية لتحقيق العدالة الآلهية والقيم الربانية ، والمرجعية الدينية المتمثلة بالمراجع العظام والفقهاء الأعلام هي الأولى والأقدر على تولّي تلك المهام العظام.
وعلى أساس ذلك يمكن ان نطرح تساؤلاً وهو هل يمكن تقسيم المرجعية الى مرجعية دينية ومرجعية سياسية ؟ أو هل ان هنالك فرق بينهما ؟
وهنا يجيب سماحة أية الله الخامنئي (دام ظله)في معرض جوابه على هذا التساؤل بقوله[3]:- ان المرجعية الدينية والمرجعية السياسية دعامة واحدة لا دعامتان،وأنما أطلقت المرجعية السياسية مثلاً على السيد الامام (الخميني) أو على سماحة السيد محمد باقر الحكيم مسامحةً،والاية 14من سورة الحاقة توضح ذلك وهي (وحملت الأرض والجبال …) وهل الجبال الا جزءاً من الارض ؟
 
إن الشيعة الإمامية قد أكدوا على أن القيادة السياسية إنما تكون للفقيه الجامع للشرائط الشرعية باعتباره الأعرف والأقدر على إدارة المجتمع بصورة شرعية عادلة ،ولا فرق بين المرجعية الدينية والمرجعية السياسية وانما المرجعية واحدة لا تتجزأ ولا تتعدد لأن الدين هو الاطار الشامل لكل أنظمة الحياة في الاسلام فهو دين ودولة،فكل حقل من حقول الحياة المتشعبة يعالجها الاسلام من خلال المزج بينها وبين الدين ويشكلها في اطار من الصلة الدينية للانسان بخالقه واخرته،وهذا الاطار الديني هو الذي يجعل النظام الاسلامي قادراً على النجاح وضمان تحقيق المصالح الاجتماعية العامة للانسان التي لا يمكن تحقيقها الا عن طريق الدين،والسياسة باعتبارها أحد الحقول الاساسية في المجتمعات المتطورة فهي الاخرى تخضع للمعايير الاخلاقية والروحية للاسلام الحنيف في المجتمع الاسلامي .
وقد أمتاز الشيعة الإمامية وعلى امتداد تاريخهم بامتلاكهم عاملاً مهماً امتازوا به عمن سواهم ألا وهو تقليد الفقهاء الاعلام ، واحترامهم واطاعتهم لعلمائهم ، حيث تحول هذا الاحترام مع مرور الزمن الى سنة جارية لدى الشيعة الامامية  وقد أعطى لهم هذا الامتياز وحدة الكلمة ونيل العزة والكرامة ، والدليل على ذلك ثورة العشرين في العراق على سبيل المثال ، والثورة الإسلامية في إيران ، والانتفاضة الشعبانية في العراق عام 1991 التي مهدت لسقوط نظام الطاغية صدام ، وكانت تلك الانتفاضة المباركة بقيادة المرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي  (قد) مع مجموعة من المراجع العظام رحم الله الماضين وحفظ الله الباقين منهم ، ( وهناك تفاصيل أخرى لهذا الكلام سيأتي ذكرها في الفصل السادس إن شاء الله تعالى) .
ثانياً: المرجعية الدينية والعمل في المجال السياسي 
ا - المفاهيم الأساسية للعمل السياسي (الولاء والبراءة) :ـ
     لغرض تحديد الأحكام الشرعية الخاصة والمتعلقة بالأمور السياسية ، فأن ذلك يتطلب توضيح بعض المفاهيم المتعلقة بهذه الأمور، وتقوم المرجعية الدينية بتوضيح المفاهيم الأساسية الخاصة بالعمل السياسي عن طريق تحديد محور الصراع القائم بين الإيمان والكفر ، والإسلام والشرك ، حيث توصل علمائنا وفقهائنا العظام المتقدمين (قد) عن طريق المفاهيم والنصوص القرآنية والروايات المروية عن الرسول (ص) وأهل بيته (ع) إلى أن محور الصراع والقتال والمنازعات على وجه الأرض هو بسبب الولاء والبراءة ، والولاء هو الصلة بالله وبرسوله وأولياء الأمر وبالمسلمين ، أما البراءة فهي المقاطعة لأعداء الله ورسوله وأوليائه والأمة ، ولكلا هذين المحورين أحكام وتشريعات خاصة في الحرب والسلم والمهادنة ، والتعبير القرآني في هذا المجال واضح وصريح حيث يقول تعالى (( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات الى النور )) البقرة 257، فهو سبحانه ولي واحد وولايته واحدة لا تتعدد ، وهذا الولاء يربط المسلمين بعضهم ببعض وبنبيهم (نبي الإنسانية) محمد (ص) وأهل بيته (ع) والأمة الإسلامية تحت ولاية واحدة وهي ولاية الله سبحانه وتعالى ، وتؤدي هذه الولاية الى تحديد المواصلة  والمفاصلة ، الصلة والمقاطعة ،الصلة بالله ورسوله وأولياء الأمر وبالمسلمين ، والمقاطعة لأعداء الله ورسوله وأوليائه والأمة ، وهذان المحوران أي محور الولاء ومحور البراءة يرسمان خارطة العمل السياسي على وجه الأرض ، ويحددان المحاور السياسية الحاكمة في حياة الإنسان ، فليست الجبال والبحار والحدود المصطنعة واللغات هي التي ترسم خارطة العمل السياسي، وإنما الولاء والبراءة هما اللذان يرسمان هذه الخارطة ويحددان المحاور القائمة في حياة الإنسان ، وإذا كان  الولاء والبراءة يرسمان الخارطة السياسية للعالم ، فإنهما يشكلان محور الصراع والقتال والصدام  على وجه البسيطة وعلى امتداد التاريخ ، فالولاء لله ورسوله وأهل بيته (ع) معروف كما وضحته الآية الكريمة (( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا … )) والمعلوم في تفاسير المسلمين (إلا من شذ) أن المقصود بالذين آمنوا هم علي وأولاده المعصومين (ع) الى قائمهم الإمام المهدي (عج)، ولكن في عصر الغيبة الكبرى وبعد غياب الإمام المعصوم من هم أولياء الأمر ؟ هنا يجيبنا الإمام المنتظر (ع) من خلال ما جاء في الحديث المروي عنه (ع) (( أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله )) ، إذن ولاة الأمر هم ( الفقهاء والعلماء) والولاء يكون لهم باعتبارهم نواباً شرعيين عن الإمام الحجة (عج) ، إن قضية الولاء هي مسألة مهمة جداً في العمل السياسي ، فهو يشكل إطار العمل السياسي ، والهوية السياسية التي يمثلها محور الولاء هي المرجعية الدينية المتمثلة بأولي الأمر الواجب إطاعتهم والولاء لهم باعتبارهم الامتداد الطولي لولاية الله سبحانه وتعالى بعد النبوة والإمامة ، ويمكن القول واستناداً الى النصوص القرآنية والأحاديث الشريفة المروية عن الرسول (ص) وأهل بيته (ع) ، فان المرجعية المتمثلة بالعلماء الأعلام والفقهاء العظام ، إنما تجسد بصورة مطلقة الولاء لله ولرسوله ولأوليائه ، وهي ولاية واحدة لا تتعدد باعتبار ان الولاء للمرجعية الدينية هو الولاء لله سبحانه وتعالى ، هذا في جانب الذين آمنوا ، أما في جانب الذين كفروا فإن لهم أولياء متعددون على كل مساحة   ولاية وفي كل قطـــر وإقليم طاغوت يتولى الأمر (والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت) البقرة الآية 258 ، ولهذه الأنظمة الجاهلة ولاءات عديدة ومحاور كثيرة تتضارب فيما بينها أحياناً ، وتتضارب وتتخالف وتتجزأ وتتبعض ، ولكل نظام منها ولاء ، فلأميركا ولاء مستقل ولبريطانيا ولاء آخر ، وتتجمع هذه الولاءات أحياناً على القواسم والمصالح المشتركة ، وتشكل جبهة من الولاءات وقاسماً مشتركاً من الولاء ، هذا على مستوى الحكومات والأنظمة ، أما على مستوى الأفراد فهنالك ولاء للدم والعِرق ، وولاء للأرض وللوطن ، وولاء للأوثان والأصنام الفكرية والبشرية قال تعالى (وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودةً بينكم في الحياة الدنيا) العنكبوت 25 ، حيث استطاع الاستكبار العالمي أن يعمّق حالة الارتباط بالقوم والدم والعرق في حياة المسلمين خلال الفترة التاريخية ، وطرحها كوسائل بديلة عن الولاء لله سبحانه وتعالى ، حتى تتفرق جموع الأمة وبالتالي يحدث الصراع والمنازعات حول الولاءات ، كالصراعات الطائفية والعشائرية ، فعلى سبيل المثال قام الاستكبار العالمي وعملائه بتمزيق وحدة الصف العراقي عموماً ووحدة الصف الشيعي خصوصاً ، حيث قام باستغلال مسألة التقليد التي تعتبر من أهم الأبواب الفقهية عند الشيعة الإمامية ، وعمل جاهداً لاستغلال هذه المسألة عن طريق بث الفرقة والمنازعات والمقاطعة بين أفراد المجتمع الشيعي من خلال استخدام واشاعة مفاهيم خاطئة للولاء والبراءة كاستخدام مفهوم القومية للتفرقة بين العلماء على اساس قومياتهم ، كما قام بتحريك بعض النفوس المريضة لتقوم بوضع الشبهات وتزييف الحقائق المتعلقة بالمراجع العظام ، ومن اكثر العملاء الذين قاموا باستغلال مسألة التقليد  لتمزيق وحدة الصف الشيعي هو النظام البعثي المجرم البائد ، يقول سماحة آية الله المجاهد الشهيد محمد باقر الحكيم (قد) في كتابه الحوزة العلمية ، وفي موضوع سياسة النظام في احتواء الحوزة ( ص 242- 244) ما مضمونه : {  إن خطة النظام البعثي في احتواء الحوزة العلمية في النجف الأشرف تشتمل على عدة عناصر :
 العنصر الأول : إخراج الحوزة العلمية من حالة الاستقلال التي كانت تتمتع وتتصف وتتميز به منذ عصر الإمام الحجة (عج) وحتى يومنا الحاضر ، وقدرة الحوزة على التأثير والقيام بواجباتها هو بوجود هذا الاستقلال في قرارها وقدرتها على الحركة ، وهذه القدرة والحركة ناتجة من عدم ارتباطها ألا بالشارع المقدس .
العنصر الثاني: تفريغ الحوزة من مضمونها العلمي مع أنه الأصل فيها كما قـال تعالى ( ليتفقهوا في الدين) التوبة 122، فالنظام حاول أن يفرغ الحوزة من مضمونها العلمي ، وذلك بتصفية المراجع والمدرسين والعلماء ، وضخ عناصر طفيلية فارغة في الحوزة ليس لها محتوى ومضمون ، وإعطاء فرصة لحركة هذه العناصر ، ومن أحد الأمور التي تلاحظ الآن على الكثير من الخطباء والمبلغين داخل العراق ، إنهم من العناصر التي ليس لها محتوى علمي ، وإن كانت هناك عناصر جيدة وممتازة وتستحق التقدير والثناء ، لكن الكثير ليس له مضمون أو محتوى علمي معرفي ثقافي ، والهزال واضح في خصوصياتهم .
العنصر الثالث: إيجاد واثارة الاستفهامات والشبهات وتوجيه الاتهامات للحوزة بالتخلف وعدم القدرة على القيام بواجباتها وأداء مسؤولياتها ، وإظهارها بمظهر العجز وعدم القدرة وذلك من خلال محاصرة العلماء العاملين الذين يتمكنون من القيام بدور عظيم وكبير، كما صنعت الأنظمة الطاغوتية السابقة أيام العباسيين ، فعندما وجد الخلفاء الذين جاءوا بعد المأمون العباسي أن الدور الذي قام به الإمامين الرضا والجواد (ع) دور عظيم جداً في نشر الإسلام ومذهب أهل البيت (ع) ، قاموا بمحاصرة الإمام الهادي (ع) والإمام العسكري(ع) من أجل إبراز الأئمة (ع) وكأنهم غير قادرين على القيام بدور في الحياة الإسلامية وفي حياة المسلمين ، وهذا من الأهداف المهمة للنظام .
(ويعلّق السيد باقر الحكيم "قد" ) عن هذه الحالة بالقول : وإلا فما معنى أن يمنع الآن مرجع ديني كبير يعتبر من المراجع الأوائل الآن - إن لم يكن الأول - في عالمنا الشيعي ، كآية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله) ، أن يصلي في مسجد الخضراء ، وهو ليس من المساجد الكبيرة ، ثم يحاصر في منزله بحيث لا يتمكن حتى من زيارة أئمة أهل البيت (ع) ، وعندما ينقطع هذا المرجع والعالم الكبير عن الناس والأمة تأتي ورائه دعايات واسعة بأن هؤلاء المراجع لا يقومون بواجباتهم ، ولا يؤدون مسؤولياتهم ، ولا يجيبون عن الاسئلة والاستفهامات ، ولا يتابعون الأحداث ، بالرغم من أنه يُمنع حتى من طبع رسالة عملية وهو من أبسط الشؤون الحوزوية ، فضلاً عن طبع الكتب الأخرى }،وفي ايران أيضاً وفي زمن النظام البهلوي المقبور حاول هذا النظام أن يبث الفرقة بين العلماء الدين عن طريق جهاز المخابرات السافاك وبالاتفاق مع بعض العناصر الحوزوية العميلة،حيث اقدم هذا الجهاز على مؤامرة بث الفرقة وايجاد شرخ في صفوف المجاهدين في الحوزة العلمية وذلك من خلال ايجاد الخلافات بين العلماء والمراجع الى افشال تلك المأمرة فقال الامام الخميني : (( اذا وجه أحدهم اهانةً لي ، بل اذا لطمني على وجهي ، او ضرب احد اولادي على وجهه ، اقسم بالله تعالى باني لا ارضى ان يهب احد لمواجهته والدفاع عني ، لست ارضى  انني اعلم بان البعض يهدفون – اما عمداً او جهلاً منهم _ الى بث الفرقة في هذا المجتمع … انني ومن موقعي هذا اقبل ايادي جميع المراجع ،من كان منهم هنا او في النجف او في سائر البلاد، مشهد طهران ، واينما كانوا اني اقبل ايادي جميع علماء الاسلام. ان هدفنا اسمى من هذه الامور اني امد يد الاخوة الى جميع الشعوب الاسلامية ، والى جميع المسلمين في مشارق الارض ومغاربها )) ،حديث الانطلاق ص104،حميد الانصاري .
    ومن خلال هذا الكلام العلمي الدقيق والواقعي الذي لمسناه سواءً في إيام النظام البائد،أوفي أيام الشاه المقبور  يتضح لنا إن نوايا العملاء والاستكبار العالمي من هذا العمل ، هو تمزيق المرجعية الدينية والحوزة العلمية والقضاء عليها ، ومن ثم يتم القضاء على الدين الإسلامي الحنيف الذي تحمله هذه المؤسسة العظيمة.
ب – الأحكام الشرعية للعمل في المجال السياسي :ـ
     إن حركة المرجعية الدينية في صعيد الواقع التاريخي والواقع المعاصر وخصوصاً فيما يتعلق بالعمل السياسي قد نشأت من مدرسة أئمة أهل البيت والمتمثلة بخط الإمامة ، حيث جعلت من هذا الخط طريقاً لها للوصول الى المنابع الإسلامية الحقة ، في مضمونها الفكري والذي يغذّي الذهن بالإسلام أصولاً وفروعاً ومنهجاً ، أو في مضمونها الحركي الذي يدفع بالإسلام الى صعيد الواقع ، وفي هذا الإطار فإن المرجع الديني عندما يكون في دوره الحركي سواء كانت الحركة حركة الفكر أو حركة الواقع فإنه ينطلق من المضمون الإسلامي المتجسد بالرسول الأعظم محمد (ص) وأهل بيته (ع) ، ويتطلب عمل المرجع الديني في نزوله وتحليله لأرض الواقع وتمييز المصالح والمفاسد وكذلك توجيهه وتنظيمه للعمل السياسي ، يتطلب ذلك كله ضرورة تحديد الأحكام الشرعية بنوعيها الأولية والثانوية ومن ثم يقوم المرجع الديني على أساس ذلك بإصدار الأحكام الشرعية الملائمة لكل ظرف وحالة سياسية ، ويقصد بالأحكام الأولية ( هو ما يجعل للشيء من الأحكام أولاً وبالذات ، أي بلحاظ ما يطرأ عليه من العوارض الأخرى ، أي هي الأحكام التي تتعلق بالواقع على أساس ما ورد على الواقع في ذاته ، كحرمة الخمر ، أو وجوب الصلاة ، أو استحباب غسل الجمعة ، أما الأحكام الثانوية ( فهي ما يجعل للشيء من الأحكام بلحاظ ما يطرأ عليه من عناوين خاصة تقتضي تغيير حكمه الأولي ، فشرب الماء مثلاً مباح بعنوانه الأولي ولكنه بعنوان إنقاذ الحياة يكون واجباً )، محمد تقي الحكيم _ الأصول العامة للفقه المقارن_  ص73  . 
ان هذه التغييرات التي حصلت بالأحكام من خلال تحويل الحكم الشرعي من مباح الى واجب  كما في مثال شرب الماء منشأها ان هنالك في الفقه الإسلامي بعض المفردات التي يمكن أن تمنح الفقيه حرية اتخاذ الأحكام الشرعية وفق اطرها وحدودها وبما يتلاءم مع الوضع الزمكاني ، أي التغييرات التي تحصل في الأحكام ، وانطلاقاً من هذا المفهوم فإن المرجع الديني يتعامل مع بعض الأوضاع والظروف السياسية على أساس أنها ذات أحكام أولية والبعض الآخر ذات أحكام ثانوية ، وهنالك من يرى أنه لا بد من التمييز بين أنواع أخرى من الأحكام الشرعية ((كالأحكام الثابتة والأحكام المتحركة)) السيد محمد حسين فضل الله _ المرجعية وحركة الواقع _ ص13 ، لكي يقوم المرجع الديني على أساسها بإصدار الأحكام الشرعية الملائمة ، (( ويقصد بالأحكام الثابتة (هي الأحكام التي لا يمكن أن تتحرك إلا بما يكون فوق العادة ، كحرمة الخمر ووجوب الصلاة وما إلى ذلك من الأحكام )   ،أما الأحكام المتحركة ( فهي الأحكام التي تختلف حسب إختلاف المصالح والمفاسد ، كتحديد الإضرار والإكراه والاضطراب ، لأن الأحكام كما يقول المتكلمون والأصوليون تابعة للمصالح والمفاسد في متعلقاتهم الأصولية ) .
     ان المرجع الديني عندما يقوم بدراسة وتحليل الأوضاع والظروف السياسية وتحويلها الى حكم شرعي فانه يتعامل مع تلك الظروف والأوضاع على أساس المصالح العليا للإسلام والإنسانية من قبيل الدفاع عن بيضة الإسلام أو حقن الدماء للحفاظ على البقية الباقية، وهذا الحكم قد يختلف من مرحلة الى مرحلة أخرى حسب المصالح والمفاسد التي تمر بها كل مرحلة ، فمسألة حفظ النظام العام الذي تحفظ به أموال الناس ودمائهم وأعراضهم وكل خط السير في حياتهم هذا من الواجبات الكفائية على الناس جميعاً ، ولا يجوز لأي إنسان سواء كان الحكم  شرعياً أو كان الحكم غير شرعي أن يسيء الى نظام الناس باعتبار ان ذلك لا ينسجم  مع الخط الشرعي في أن الله لا يريد الفوضى من أي إنسان في الوضع الاجتماعي(حتى في حالة وجود حكومة ظالمة أو كافرة) ، وكذلك الدخول في جهاز الدولة الظالمة والعمل فيها من أجل حفظ القضايا الأساسية والتي من أهمها حفظ قضايا الناس واستتباب الأمن والاستقرار ، والسكوت  على الحاكم الجائر في بعض الحالات لأن مصلحة المسلمين تفرض ذلك ، فكل هذه المفاهيم والعناوين الأساسية الشرعية تتغير وفق المصالح والمفاسد التي يراها الفقيه في متعلقاته الأصولية والمستند عليه من الأحكام الشرعية الثانوية والمتحركة ، أما غير الفقيه فيصعب عليه تمييز المصالح والمفاسد في أغلب الأحيان وذلك لأنه لا يتفاعل مع الواقع تفاعلاً شرعياً ، وإضافة الى ذلك ان الكثير من المفردات والقضايا يصعب تمييزها دون هذا التفاعل ، فعندما نذكر قاعدة فقهيه ثابتة وهي (لا ضرر ولا ضرار )، أو قاعدة الحرج ( ما جعل عليكم في الدين من حرج )، أو قاعدة الإكراه ، أو قاعدة الاضطرار ، وما الى ذلك من القواعد والقوانين الفقهيه ، فأن غير الفقيه لا يستطيع تشخيص الموارد والوقائع والمصالح والمفاسد الحاصلة في تلك الحالات والمراحل ، أما الفقيه الجامع للشرائط الشرعية ، فهو الاقدر والاعرف والاكثر أطلاعا"على حركة الواقع ، وما تمر به الامة من ظروف وأوضاع سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية 00 الخ ) ،ومن خلال معرفته الدقيقة وحكمته العالية وقدرته الكبيرة ، فان الفقيه  قادر على إدارة الأمور وتدبيرها وفق المنهج الصحيح المرسوم في الشريعة الإسلامية السمحاء ، فكل هذه المتغيرات في الاحكام الشرعية يستنتجها الفقيه من الاحكام المتحركة ، يقول السيد محمد حسين فضل الله في كتابه المرجعية وحركة الواقع ص10 { أن مسألة أن نرفض الحكم الجائر أو نقبل الحكم الجائر ليست مسألة جامدة ،لذلك يمكن أن يشارك المسلمون الملتزمون في الدولة الجائرة على مستوى الوظائف أو على مستوى مواقع الحكم ، عندما تكون مصالح المسلمين المستضعفين أو المصالح الإسلامية العليا تفرض عليهم ذلك ،إنها من الأحكام المتحركة وليست من الأحكام الثابتة (الجامدة) } ، فعندما تشرع المرجعية الدينية الشيعية  أعمال بعض رجال السياسة ، من باب أنهم يعملون وفق الزوايا الفقهية الصحيحة ، مع أنهم يعملون مع الحكومة الفاجرة أو مع الاستكبار العالمي ، ذلك لأن مسألة إدارة الواقع وحفظ النظام وحفظ القضايا الأساسية للإسلام والمسلمين يتطلب منهم أن يدخلوا في جسم الدولة وأن يشاركوا الحكومة الفاجرة أو الاستكبار العالمي في إدارة البلاد ، وحل قضاياهم الحياتية من أمن واستقرار ومعيشة ، حتى اكتمال شروط المرحلة اللاحقة ،وهي تحرير البلد المسلم أو المجتمع  المسلم من دنس الاحتلال الغاصب ، وبالصورة التي تراها المرجعية الدينية مناسبة[4]
    وذلك يعني ان الموقف او الحل سيكون في حينه وفي وقته وحسب ظروف تلك الحالة التي تشخصها وتحددها المرجعية الدينية الموقرة .
فلذلك عندما نرى أو نسمع عالم من العلماء أو فاضل من الفضلاء يتباحث أو يعقد اجتماعات أو جلسات ، مع الحكومات الفاجرة أو الاستكبار العالمي وكانت هذه الجلسات أو المباحثات تهم قضايا الإسلام والمسلمين ، مع تأييد المرجعية الدينية له وعدم طعنها به ، فلا يجوز القدح أو الطعن أو المساس بهذه الشخصية أوتلك، لأن الطعن به كالطعن بالإمام المعصوم ، مثل الإمام الرضا (ع) ، عندما جلس وتباحث مع المأمون العباسي ، لأن العالم الديني الحقيقي يتّبع دور ومواقف أئمة أهل البيت (ع) ومن ضمنها موقفهم ضد الحكام الكفرة والغاصبة ، فجلوس السيد الخوئي (قد) على طاولة واحدة مع المجرم الدكتاتور صدام بعد انتفاضة 1991 لا يعني  تأييد سماحة السيد لهذا النظام أو تأييداً لسياسته ، بل كان يصب في مصلحة الأمة الإسلامية من خلال دفع الخطر أو الأذى عن هذه الأمة المرحومة ، لذلك فهو قد قاد بنفسه الانتفاضة الشعبانية المباركة في عام 1991 مع ولديه الشهيدين ( محمد تقي الخوئي وعبد المجيد الخوئي ) ، ضــد هذا النظام الكافر، (للمزيد من التفاصيل راجع الفصل السادس من هذا الكتاب).
 كما أن ذهاب المرجع الديني السيد محمد محمد صادق الصدر (قد) الى الجمهورية الإسلامية الإيرانية وكما هو معروف أثناء حرب الخليج عام 1991، مبعوثاً من قبل المجرم صدام ، لأجل التفاوض مع الجمهورية الإسلامية في بعض القضايا … ، وقبوله تصدي الزعامة الدينية بصورة رسمية من قبل النظام ،وغيرها من "الأمور..."، لا يعني أن السيد الصدر أصبح عاملاً أو عميلاً لهذا النظام بل لمراعاة المصالح العامة لشعب العراقي المسلم وانتهاج الخط الأول(السلمي)تجاه النظام البعثي المقبور، في حين ان السيد الشهيد محمد الصدر(قد)عند تسلمه زمام الأمور وبناء القاعدة الشعبية نراه انتهج خطاً أخر وهو خط المواجهة والمقاومة ضد النظام الصدامي المقبور،أما السيد محمد سعيد الحكيم (دام ظله) وعائلة الإمام الحكيم (قد) وخاصة نجل الإمام الحكيم آية الله الشهيد محمد رضا الحكيم (قد) لم يحضروا الاجتماع الذي عقده صدام المجرم في بغداد الذي اسماه (المؤتمر الإسلامي الشعبي) في عام 1983 ، وكان هدف المؤتمر هو عملية دعائية لإظهار دعم علماء المسلمين له من جهة ، وليكن ذريعة لتجنيد المزيد من العراقيين الى جبهات القتال ، بذريعة فتوى العلماء بالجهاد ضد الجمهورية الإسلامية في إيران ، وانصبَّ اهتمامه على أسرة آل الحكيم ، لما لها من مكانة علمية وجماهيرية داخل العراق وخارجه ،  ولإظهار مخالفة الأسرة لموقف آية الله المجاهد الشهيد محمد باقر الحكيم (قد) في معارضته للنظام ، وقد اشتدت ضغوط النظام على آل الحكيم للمشاركة في هذا المؤتمر المذكور ، إلا أن أسرة آل الحكيم رفضت الحضور بكل قوة وشجاعة ، حتى قال الشهيد السيد محمد رضا الحكيم (قد) للمبعوث الصدامي (أبو مخلص) مدير أمن النجف آنذاك (( أبو مخلص انت تطبخ حصو)) وهو مثل شعبي معروف في العراق ، كتعبير عن عدم الجدوى والإصرار والتهديد ، فقام النظام البعثي المجرم باعتقال آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم (دام ظله) مع عدد  كبير من أسرة آل الحكـــيم ( قد ) عند رفضهم حضور الاجتماع المذكور ، وذلك ليـلة 26/ رجب/1403 هـ المـــوافق 10 /5/1983[5]،وهذه المرحلة (المواجهة)لم تستمر داخل العراق بهذا الشكل بل اعقبتها مرحلة الانتهاج السلمي حتى سقوط الصنم وذلك لحفظ البقية الباقية من اتباع أهل البيت (ع)،فالعلماء الفقهاء ينتهجون الطريقة المثلى والصحيحة وفق كل مرحلة يتطلبها الوضع السائد في بلاد المسلمين.
يقول العلامة السيد محمد حسين فضل الله في كتابه المرجعية وحركة الواقع ص8 (( ان علمائنا وفقهائنا قد ركزوا هذه المفاهيم (مفاهيم تغيير الحكم الشرعي من خلال الدخول أو العمل في جهاز الدولة الفاجرة لحفظ النظام وحفظ قضايا الناس ) في فقههم واعتبروها مفاهيم أساسية تمثل حركية الفقه الإسلامي في الواقع ، ونجد أن هنالك من العلماء من يجد ان المصلحة الإسلامية تفرض عليه أن يدخل مع هذا الحاكم الذي لا يملك الشرعية في نفسه ، ليمنحه شرعية محدودة في إطار قد يضيق أو يتسع حسب المصلحة الإسلامية على النحو الذي قام به المرحوم الشيخ جعفر صاحب كتاب كشف الغطاء ، عندما أعطى لأحد السلاطين ما هو مذكور في كتابه ، وربما نجد هناك بعض الموارد التي كان فيها العلماء في إيران وفي غيرها يتحركون إيجابياً مع هذا الحكم أوذاك في نطاق المصالح  الإسلامية العامة أو في نطاق مصالح المستضعفين من دون أن يعطوا إيجابيات مطلقة تجعل الناس يتصورون الحكم الجائر حكماً عادلاً ، كانت كلماتهم تتحرك بحساب ، وكانت تقف بحساب )) .
المرجعية الدينية ليست حركة سياسية وضعية :ـ
      بقيت نقطة مهمة جداً لابد من الإشارة إليها حول المرجعية والعمل السياسي ، وهي ان المرجعية الدينية لا تمثل حركة سياسية أو شخصية سياسية تتصدى للعمل السياسي ذو المصالح الدنيوية ، وانما هي جهة تراعي مصالح المجتمع عموما وفق أحكام السماء الخالدة المتمثلة بالقران الكريم والسنة النبوية الشريفة للائمة المعصومين (ع)، ودون التمييز بين فئة وأخرى ، علاوة على ذلك فأن المرجعية الدينية لا تتدخل في تفاصيل العمل السياسي والأمور الإدارية ، فهي تترك ادارة هذه التفاصيل وتنظيمها للمختصين والمعنيين بهذه الامور ، وهذا ما نلاحظه بوضوح في وقتنا الحاضر من خلال موقف المرجعية الدينية في النجف الأشرف تجاه الاحداث الجارية في العراق ، بعد سقوط النظام البعثي البائد ، فقد دأبت المرجعية الدينية وبزعامة المرجع الديني العظيم السيد علي الحسيني السيستاني ( دام ظله ) على عدم التدخل في تفاصيل العمل السياسي (راجع الاستفتاء رقم –1 – ملحق رقم –4 -) ، وفسح المجال لمن يثق بهم الشعب العراقي من السياسيين لممارسة هذه المهمة ، ويكتفي سماحته بأبداء النصح والارشاد لمن يزوره ويلتقي به من اعضاء مجلس الحكم[6] ،(راجع الاستفتاء رقم –2 – ملحق رقم –4 -) ، والوزراء ومن الاحزاب وغيرهم ،وهذا دأبه ودأب امثاله من المراجع حتى ممن اسس دولة اسلامية مثل الامام الخميني (قد) فقد كان موجها وزعيما روحياً للدولة حتى اوصلها الى ما نراها الان دولة تفتخر بها الامة ، ، في حين نرى ان سماحة السيد السيستاني قد تدخل في مسالة كتابة الدستور وكيفية انتقال السلطة الى العراقيين ، حيث أبدى سماحته تحفظه على الخطة الجديدة الموضوعة من قبل سلطات الاحتلال ومجلس الحكم لانتقال السلطة الى العراقيين ، وذلك لأهميتها العظمى في تشكيل الاطـار السياسي العام لمستقبل العراق ، ولرعاية المصالح العليا للامة الإسلامية والحفاظ على قضاياها الأساسية ،(راجع الاستفتاء رقم –3– ملحق رقم –4 -) ، وقد لاحظنا حدوث بعض الحالات السلبية التي نتجت بسبب عدم الانصياع لاوامر المرجعية الرشيدة في عدم تدخل المرجعية الدينية في تفاصيل العمل السياسي والإداري[7](وذلك عندما قام بعض الطلبة( المحسوبين على الحوزة العلمية ) للتصدي للأمور الإدارية والسياسية ، الا انه اتضح عدم تمكنهم من القيام بذلك ، مما اثر سلباً على سمعة الحوزة العلمية في النجف الإشرف لدى بعض الناس . ويمكن أن نستخلص مما سبق حول طبيعة العلاقة بين المرجعية والعمل السياسي ، هوان المرجعية تعطي للعمل السياسي مرتكزات أساسية ، التي من أهمها المرتكز العقائدي ، حيث أن السياسة السليمة في الإسلام تعتمد في عقيدتها على الإمامة ، والمرجعية الدينية وما تضمه من الفقهاء والعلماء الأعلام يمثلون نواباً للأئمة المعصومين (ع) والإمتداد اللازم الطبيعي لهم في زمن الغيبة الكبرى،وذلك وفق ما جاء بالحديث الشريف المروي عن صاحب العصر والزمان الامام الحجة (عج)(أما الحوادث الواقعة فأرجعوا …الخ)، ومن هذا المنطلق فإن المرجعية الدينية تمثّل للسياسة منبعاً أو مصدراً لولادة هؤلاء النواب ، وكذلك الوسيلة التي يتحرك هؤلاء النواب من خلالها في الأمة والمجتمع ، كما أنها توفر الأجهزة والتنظيمات التي تعتمد عليها الأمامة والنيابة ، إذن فالمرجعية الدينية تمثل المنهل أو الجذر أو  التاريخ الذي تستمد منه السياسة أفكارها ومعتقداتها وشعاراتها ، إن أي حركة تستمد قوتها وتضمن استمراريتها وبقائها من خلال التاريخ الذي تعتمد عليه في مسيرتها وتستمد منه خبراتها وتجاربها حتى تضمن لها الثبات والقدرة على التعايش مع المجتمع الإنساني ويذكر لنا السيد محمد باقر الحكيم (قد) في هذا الصدد أهمية الجذر التاريخي ودوره المؤثر في ثبات وبقاء العمل السياسي حيث يقول (  أن الرسالة الخاتمة التي هي أفضل رسالة عرفها تاريخ البشرية وهي رسالة موحاة من الله سبحانه وتعالى ، وفيها القرأن الكريم الذي يمثل المعجزة الخالدة ، والدليل الدائم المستمر على صحة هذه الرسالة ، وجاء بها أفضل الأنبياء وسيدهم ، الى غير ذلك من خصائصها ، ومع كل هذا فهذه الرسالة الخاتمة اهتمت أن تنسب نفسها لهذا التاريخ الإلهي والرسالات الإلهية السابقة ، والجذور الاصيلة كإبراهيم (ع ) وارتباطها به ، والمرجعية الدينية على أساس ذلك تشكل القاعدة الأساسية الشرعية ، التي تنطلق منها الفعاليات السياسية ، وتحدد الإجراءات والأنشطة التي تقوم بها ، لأجل تحقيق أهدافها خاضعة لهوى النفس والمصالح الدنيوية ، وهي ولاءات مؤقتة تزول عند انتهاء المصلحة ، اما الولاء لله ولرسوله والمؤمنين ، فهو الولاء الصحيح والدائم الذي يمتد أثره إلى الآخرة ، والامتداد الطولي لهذا الولاء يكون في الأئمة المعصومين (ع) ومن بعدهم يكون لنوابهم ، وهم الفقهاء والعلماء ، الذين تجسدهم المرجعية الدينية ، لذلك فأن المرجعية الدينية تمثل المحور في قضية الولاء في العمل السياسي ، والعمل السياسي الذي يستند في ولاءه على المرجعية الدينية هو العمل السياسي الصحيح.
الفصل الثالث:دور المرجعية الدينية في المجال السياسي
تمهيد :
     إن من أهم الوظائف الأساسية للمرجعية الدينية هي إصدار الفتاوى في الأحكام الفقهية، وذلك لتعريف الناس بالأحكام الشرعية تجاه الأحكام الصادرة من الله سبحانه وتعالى في العبادات والمعاملات والديات وغيرها من الأحكام ، وهذا الدور أو الوظيفة أو الأمانة التي حملتها المرجعية منشأها الأنبياء والأوصياء (ع) وصولاً  للخاتم (ص) وأهل بيته (ع) الذين أسسوا المدرسة الفقهية ضمن المنهج المرسوم لهم من الله سبحانه وتعالى حيث غرسوا بذورها و ثبتوا جذورها حتى وصلت بنور الرسول الأعظم (ص) وأهل بيته الى المقام المحمود مقام الصراط المستقيم ألا وهو مقــام النجاة ، إن دور المرجعية الدينية ناتج من دور الأنبياء (ع) على أساس النظرية الإسلامية الهادفة الى تفقيه المجتمع وقيادته وإدارته نحو الطريق الصحيح وضمن الضوابط الشرعية .
المواقف والادوار القيادية لأهل البيت (ع) :ـ 
     لقد قام السيد الشهيد محمد باقر الصدر في كتابه ( أهل البيت تنوع أدوار ووحدة هدف  ص 115 ، 116) ، بتحديد الأدوار القيادية للأئمة (ع) وما قاموا به تجاه المجتمع من جهة ، وتجاه الحكام والمنحرفين من جهة أخرى ، وذكر (قده)  أن هنالك ثلاث مراحل تاريخية في قيادة الأئمة للمجتمع وهي :
المرحلة الأولى :
وهي مرحلة تفادي اضرار صدمة الإنحراف وقد عبر عنها الشهيد الصدر( قده ) بقوله ( هذه المرحلة هي التي عاش فيها قادة أهل البيت (ع) مرارة الإنحراف ، وصدمته بعد وفاة الرسول (ص)وكانت مرارة هذا الانحراف ، وصدمة هذا الانحراف الذي كان من الممكن أن تمتد وتقضي على الإسلام ومصالحه وعلى الأمة الإسلامية ، فتصبح قصة من قصص التاريخ لا وجود لها ألا في الزمن الماضي .
الأئمة (ع) في هذه المرحلة عاشوا صدمة الإنحراف وقاموا بالتحصينات اللازمة بالقدر المستطاع بكل العناصر الأساسية للرسالة ضد صدمة الإنحراف ،  فحافظوا وحفظوا الرسالة الإسلامية المحمدية الاصيلة .
     وقد بدأت هذه المرحلة بعد وفاة الرسول (ص) واستمرت حتى حياة الإمام الرابع من أئمة أهل البيت (ع) .
المرحلة الثانية    
     بناء الكتلة الواعية وقد وصفها السيد الشهيد الصدر( قده ) بالمرحلة التي شرع فيها قادة أهل البيت (ع) بعد أن وضعوا التحصينات اللازمة وفرغوا من الضمانات الأساسية ضد حركة الانحراف ، ببناء الكتلة ، بناء الجماعة المنظمة تحت لوائهم ، المتعايشة مع كل الحدود والأبعاد والمفاهيم الإسلامية مسترشدون بإرشاداتهم مطيعون لأوامرهم(ع) ، حتى تكون هذه الجماعة هي الرائد والقائد والمحامي للوعي الإسلامي الذي حصن بالحد الأدنى . هذا العمل مارسه الإمام الباقر (ع) على مستوى القمة وأن هذه المرحلة استمرت الى زمن الإمام الكاظم (ع) وفي زمنه(ع) بدأت المرحلة الثالثة .
المرحلة الثالثة 
     ظهور الكتلة الواعية بمستوى تسلم زمام الحكم وقد وصف السيد الشهيد الصدر(قده) هذه المرحلة بقوله ( لا تحدد هذه المرحلة بشكل بارز موقف الحكم المنحرف من الأئمة (ع ) أنفسهم  وذلك لأن الجماعة التي نشأت في ظل المرحلة الثانية التي وضعت بذرتها في المرحلة الأولى نشأت وتمت في ظل المرحلة الثانية ، هذه الجماعة غزت العالم الإسلامي آنذاك ، وبدا للمخالفين ان قيادة أهل البيت (ع) أصبحت على مستوى تسلم زمام الحكم والعودة بالمجتمع الإسلامي الى حظيرة الإسلام الحقيقي ، وهذا خلف بشكل رئيسي ردود الفعل للمخالفين تجاه الأئمة ( ع) من أيام الإمام الكاظم (ع) .
     وهذه المرحلة امتدت من زمن الإمام الكاظم (ع) الى الإمام العسكري (ع) ، وقد قام الائمة (ع) في هذه المراحل الثلاثة بالتحصينات اللازمة لصد الإنحرافات التي حدثت بعد وفاة الرسول الأعظم (ص) ، وبعد الفراغ من الضمانات الأساسية ضد حركة او هجمة الانحراف ، اتجهوا الى بناء كتلة واعية منظمة بكل الحدود والأبعاد الإسلامية المتبناة من قبلهم ، لتكون هذه الجماعة الحاملة للفكر الإسلامي الأصيل والقائدة والحامية والمدافعة عن الدين الإسلامي المحمدي الأصيل ، وبالتالي وبكل إطمئنان تصبح على مستوى يمكنها من تسلم زمام الحكم والعودة بالمجتمع الإسلامي الى حظيرة الإسلام الحقيقي ، وهذه المراحل خلفت وبشكل رئيسي ردو الفعل للمخالفين المنحرفين عن خط الرسالة السماوية تجاه الأئمة (ع) ، وبهذا فإن الأئمة (ع) وعلى إختلاف أدوارهم وقفوا على خطين رئيسيين في تصديهم لهذه المهمة أو لهذا الإنحراف والضياع ( أهل البيت تنوع أدوار ووحدة هدف للسيد محمد باقر الصدر ( قده ) ص 116 ):
الخط الأول:  هو خط تسلم زمام التجربة ، زمام الدولة ، ومحو آثار الإنحراف ، وإرجاع القيادة الى موضعها الطبيعي .
الخط الثاني : هو خط تحصين الأمة ضد الإنهيار ، بعد سقوط التجربة واعطائها من المقومات القدر الكافي ، لكي تبقى وتقف على قدميها . 
     وقد قام الأئمة (ع) بأداء الخط الذي يتلائم مع ظروف كل مرحلة من المراحل الثلاثة السابقة ، فترى أن الخط الأول الذي هو تسلم زمام الحكم لم يتلائم مع الظروف التي أعقبت وفاة الرسول الأكرم (ص) وكان ذلك يرجع الى عدة أسباب أهمها فقدان الوعي الإسلامي مما أدى الى عدم وجود المساندة الفعلية من قبل الأمة لذلك فقد إتجه تركيز الأئمة (ع) الى اداء الخط الثاني وهو تحصين الأمة من الانهيار ، وأول من قام بأداء هذا الخط هو الإمام علي (ع) بعد وفاة الرسول (ص) وأحداث سقيفة بني ساعدة  حيث واجه الإمام علي (ع) بعد وفاة الرسول الأعظم (ص) معضلات ومشاكل غاية في الصعوبة والتعقيد في المجالين السياسي والاجتماعي ، فبعد أن استولى الأول على مقاليد الحكم وأبعد أمير المؤمنين (ع) عنها ، حدث الانحراف والتدهور في الدولة الإسلامية ، فكيف واجه أمير المؤمنين (ع) هذا الانحراف والتدهور ؟ لقد قام (ع)باحراز القدر المستطاع وذلك بتحصين المجتمع الإسلامي من هجمة الانحراف والتدهور من خلال تقويم التجربة ونشر الفكر الإسلامي المحمدي الأصيل، وتنازل عن حقه في الولاية على المسلمين لأجل حفظ بيضة الإسلام، فعن اميرالمؤمنين (ع) قال (فما راعني الا انثيال الناس على فلان يبايعونه فامسكت بيدي حتى رايت راجعة الناس قد رجعت عن الاسلام يدعون الى محق دين محمد (ص) فخشيت ان لم انصر الاسلام واهله ان ارى فيه ثلماً او هدماً تكون المصيبة به علي اعظم من فوت ولايتكم التي انما هي متاع ايام قلائل يزول منها ما كان كما يزول السراب او كما يتقشع السحاب فنهضت في تلك الاحداث حتى زاح الباطل وزهق واطمأن الدين وتنهنه . (نهج البلاغة الخطبة الشقشقية) .
فنرى أن هذا الدور لأمير المؤمنين (ع) قد تميز بانتهاج أسلوب الحكمة والموعظة الحسنة والأبتعاد عن إستخدام أسلوب المعارضة المسلحة وذلك مما يتلائم مع ظروف هذه المرحلة ،حيث أن ظروف هذه المرحلة قد شابها موانع كثيرة أدت الى أن ينتهج أمير المؤمنين (ع) مرغماً ذلك الموقف السياسي والذي كان من أهمها فقدان الوعي الإسلامي وقلة الناصر ، ووجود قطاع واسع من المنافقين في المجتمع الإسلامي ، فعن أمير المؤمنين (ع) قال( اللهم انك تعلم أن النبي (ص) قد قال لي ان تمّوا عشرين فجاهدهم وهو قولك في كتابك  { إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين }ـ الأنفال 65ـ قال الراوي وسمعته يقول اللهم وانهم لم يتموا عشرين حتى قالها ثلاثاً  ) المجـلسـي البحــار ج 28 ص 229 .
لذلك نرى ان هذه العوامل والظروف قد شكلت معوقات كبيرة أمام الإمام  (ع ) في تسلم زمام قيادة الامة ، ومن ثم أدت فعلاً الى عدم تسلمه السلطة والقيادة الشرعية ، ولكن عندما تولى الإمام علي (ع ) الخلافة وأصبحت لديه القوة والمساندة الكافية ، تغير موقفه السياسي هذا واتجه نحو التصدي المسلح والمباشر للأنحراف في معاركه الخالدة ضد الناكثين والمارقين والقاسطين ، ومن ثم فقد انتهج الإمام(ع) أكثر من خط ، وذلك وفقاً لظروف وشروط كل مرحلة ، وبسبب وجود نفس الموانع التي واجهت الإمام علي(ع ) في زمن الإمام الحسن (ع) ، فقد قام الإمام الحسن (ع) باتباع نفس الخط الذي رسمه أمير المؤمنين(ع) وهو اتباع أسلوب الهدنة والمعارضة السلمية من أجل حفظ الإسلام والمسلمين ،حيث قام بعقد الصلح مع معاوية الذي يعتبر طاغوت ذلك الزمان والتصدي للإنحراف الذي واجه الأمة الإسلامية والقيام بتعبئة الأمة فكرياً وإنضاج وعيها حول حجم الإنحراف ووضعها أمام مسؤولياتها .
أما في عهد الإمام الحسين (ع) فقد بلغت الأمة حداً من النضج والوعي حول الأوضاع المتردية والمنحرفة للحكومة وضرورة تغييرها والإستعداد للمواجهة لإعادة الأمور الى وضعها الصحيح ، لذلك فقد ركز الإمام الحسين (ع) على الخط الأول بحيث أتجه الى الثورة والمواجهة المسلحة للتصدي للإنحراف الأموي ، فرأى الإمام الحسين (ع) أن من شروط هذه المرحلة هي أن يستخدم القوة المسلحة ضد الحكومة الأموية ، قد أوضح السيد الشهيد الصدر (قده) في كتابه ( أهل البيت تنوع أدوار ووحدة هدف )، المبررات التي دفعت الإمام الحسين (ع) الى ذلك بقوله ( ان الأمة كانت مصابة بمرض الشك في زمن معاوية ابن أبي سفيان وقد عالجه الإمام الحسن (ع) بالصلح مع معاوية ، أما في زمن يزيد فان الأمة برأت من ذلك المرض وكانت تعرف الحق وأهله وتعرف الباطل وأهله ولكنها أصيبت بمرض آخر وهو مرض فقدان الإرادة أو فقدان الضمير وهذا المرض لم يكن له من علاج لكي تبرأ الأمة منه سوى أن يقدم الإمام الحسين (ع) على التضحية بنفسه وأهل بيته وأصحابه لكي يهز بها الضمائر الميتة ويبعث الشجاعة والإرادة فيها ).
وفي زمن الإمامين الباقرين (ع) كانت الأمة الإسلامية تمر بمرحلة إنتقالية من الدولة الأموية الى الدولة العباسية ، وكانت هنالك فرصة متاحة كما يقول السياسيون لأهل البيت للقيام بثورة عسكرية للسيطرة على الحكم وإرجاعه الى أهله ، ولكن بدلاً من ذلك قام الإمامان (ع) بتأسيس أكبر جامعة علمية في ذلك العصر لنشر أفكار أهل البيت (ع) ، أي إنهما وقفا على الخط الثاني ، وهو تحصين الأمة من الانهيار وإعطائها من المقومات القدر الكافي لكي تبقى وتقف على قدميها .  
وقد كانت تأتي الرسائل من خراسان الى الإمام الصادق تدعوه للموالاة والثأر لأهل البيت (ع)، لكنه كان يقوم بحرقها ويقول (ع) ( يا فلان ليس الزمان زماني ولا فلان من رجالي ) ، فقد كان (ع) يؤكد على الدرس ونشر العلوم الإسلامية ، أما الإمام الرضا (ع) فنراه قد قبل ولاية العهد من قبل المأمون العباسي ، وهذ القبول كان يتماشى مع الظروف التي كانت سائدة في تلك المرحلة ، وهنالك رواية توضح موقف الإمام الرضا (ع ) من قبوله لولاية العهد ، فعن أبن الصلت قال : ان المأمون قال للرضا (ع) : يا بن رسول الله قد عرفت فضلك و علمك وزهدك وورعك وعبادتك وأراك أحق بالخلافة مني ، فقال الرضا (ع) بالعبودية لله عز وجل أفتخر وبالزهد في الدنيا أرجو النجاة من شر الدنيا ، وبالورع عن المحارم أرجو الفوز بالمغانم ، وبالتواضع في الدنيا أرجو الرفعة عند الله ، فقال المأمون إني رأيت أن أعزل نفسي عن الخلافة وأجعلها لك وأبايعك ، فقال الرضا (ع) : إن كانت هذه الخلافة لك وجعلها الله لك فلا يجوز أن تخلع لباساً ألبسه الله لك وتجعله لي، أو إن كانت الخلافة ليست لك فلا يجوز لك أن تجعل لي ما ليس لك ، فقال يابن رسول الله لا بد لك من قبول هذا الأمر ، فقال لست أفعل (فأصر عليه كثيراً والإمام يرفض ذلك ) فقال الرضا (ع) : حدثني أبي عن آبائه عن أمير المؤمنين عن رسول الله(ص) أني أخرج من الدنيا قبلك مقتولاً بالسم مظلوماً تبكي علي ملائكة السماء  وملائكة الأرض ، فقال الرضا (ع) والله ما كذبت منذ أن خلقني ربي عز وجل وما زهدت في الدنيا للدنيا وإني أعلم ما تريد ، فقال المأمون وما أريد ، فقال الإمام الرضا (ع) : تريد أن تقول الناس إن علي بن موسى الرضا لم يزهد في الدنيا بل زهدت الدنيا فيه ، ألا ترون كيف قبل ولاية العهد طمعاً بالخلافة ، بحار الأنوار مجلد 49  ص 128. 
هكذا كان دور أئمة أهل البيت مع حكام وطواغيت زمانهم ، حيث كانوا (ع) يعملون وفق الشروط والظروف المتاحة لهم .
الوظائف الاساسية للمرجعية الدينية :
     بما أن المرجعية هي الامتداد الطبيعي لبحر الإمامة والعصمة وما يكنزه هذا البحر من جواهر عقائدية وسياسية ، فان عمل المرجعية يكون وفق ما قام به أئمة أهل البيت (ع) من أدوار ومواقف مختلفة ، وبدءاً بالموقف العلوي وانتهاءً بالموقف العسكري ، حيث أن مراجع الدين لا تقتصر وظيفتهم على كتابة الرسائل العملية وإدارة شؤون الحوزات العلمية ، وإن كانت هي من أهم الوظائف، ولكن هنالك مسؤولية مهمة اخرى وهي لمن يكون قادراً على أن يشخص للأمة النمط الصحيح للتعايش وفق الظروف والمعترك السياسي الحاصل ، هل هي شرائط أمير المؤمنين (ع) حتى يكون الموقف أو الدور علوياً ، أم هي الظروف السياسية  للإمام الحسن حتى يكون الموقف حسنياً ، أم هو المعترك السياسي والظرف الذي عاشته الامة زمن الإمام الحسين (ع) حتى يكون الموقف حسينياً ، وهكذا الى آخر قائمة أهل البيت (ع) ، أي فكما اختلفت أدوار ومواقف الأئمة (ع) على الرغم من أن هدفهم واحد ، فكذلك تختلف مواقف وأدوار مراجع التقليد من ظرف الى آخر ، فمنهم من قام وقاوم بالمواجهة المسلحة ضد الحكومات الجائـرة في زمانهم ، لأنهم رأوا أنة التصدي العسكري لهذه الحكومات الظالمة هو الأنسب لذلك الظرف ، ومن أمثال هؤلاء المراجع العظام ، الشيخ محمد تقي الشيرازي والسيد محمد سعيد الحبوبي والشيخ أحمد الناراقي والسيد محمد المجاهد بن السيد صاحب الرياض ، والسيد الشهيد محمد باقر الصدر ، والسيد الشهيد محمد باقر الحكيم ، وجماعة كثيرين (قده) ، في حين قام جمع آخر من المراجع باتباع أسلوب التصدي السلمي أو الفكري للحكومات الجائرة ومن أمثال هؤلاء ، الشيخ محمد جواد البلاغي الذي تصدى للمد الشيوعي والإلحادي ، وسماحة السيد حسين البروجردي الذي تصدى لحكومة الشاه ، والسيد محسن الحكيم والسيد أبو القاسم الموسوي الخوئي اللذان تصديا للحكم البعثي الظالم ، وقد استمرت من بعدهما المرجعية الدينية بزعامة السيد علي الحسيني السيستاني(دام ظله) بالتصدي لهذا الحكم الظالم وإفشال مخططاته في تمزيق وحدة الصف الإسلامي، ومن هذا المنطلق فإن الواجب الشرعي للمكلف هو الإنصياع التام لمرجع التقليد الذي يقلده ، وعليه السمع والطاعة وليس من حقه أن يقدح المرجع الذي يقلده أو غيره من المراجع ، فلكل مرجع تقليد موقفه الشرعي تجاه الأمور والقضايا التي تحيط بالأمة ، ومن ذلك يتضح أن وظيفة ودور المرجعية الدينية هي إصدار الفتاوى الشرعية لبيان الأحكام الشرعية ، وتوضيح معالم الدين وتبليغها للناس ، وكذلك من واجباتها الشرعية حفظ بيضة الإسلام والدفاع عنه ، فلولا جهود ومواقف علماؤنا الأعلام وفقهاؤنا العظام لذهبت واندرست معالم الدين الإسلامي الأصيل .
 من خلال الكلام الآنف الذكر يمكن تقسيم الأدوار و الوظائف الأساسية للمرجعية الدينية الى ثلاثة أقسام هي : 
1. الإفتاء : وهو بيان معالم الدين والأحكام الشرعية للمكلفين وفق الشريعة الإسلامية السمحاء من قبل المجتهد الجامع للشرائط الشرعية ، فالأحكام الإلهية جاءت من خلال النصوص القرآنية أو النبوية المروية عن الرسول الأعظم (ص) بواسطة أئمة أهل البيت (ع) حيث ورد في الحديث عن الإمام علي (ع) أنها تناولت حتى أرش الخدش ، الذي هو مقدار العوض الذي يدفع للخدش البسيط لجسم الإنسان ، وقد جاءت الأحكام الشرعية في ضمن هذه النصوص المروية عن النبي محمد وأهل بيته وبالتالي تحتاج الى شيء من الأستنباط من قبل الفقهاء وذلك لأنهم الأقـدر على توضيح واستنباط الحكم الشرعي من مداركه المقررة . 
2. القضاء : هو الفصل في الأمور التي يختلف فبها شخصان أو أكثر في أمر ما ، بمعنى تطبيق الحكم الشرعي على الواقعة الخارجية تشخيصاً يتطابق مع الحق ، ثم يطبق الحكم الشرعي  للفصل في هذه الخصومة والحسم لهذا النزاع ، فالقضاء من المهمات والمسؤوليات التي يمارسها المجتهد الذي يرجع اليه الناس ، فعن عمر بن حنظلة قال:سألت الصادق (ع) عن رجلين من أصحابنا بينهم منازعة في دين أو ميراث فتحاكما الى السلطان الجائر أيحل ذلك ، قال (ع) : من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به  ، قال الله تعالى( يريدون أن يتحاكموا الى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ) ـ النساء 60ـ قلت فكيف يصنعان ؟ قال (ع) : ينظران من كان منكم ممن روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعر ف أحكامنا فليرضوا به حكما فاني قد جعلته عليكم حاكماً ، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنما استخف بحكم الله وعلينا رد والراد علينا راد على الله وهو على حد الشرك بالله (المجلسي بحار الأنوار ج104 ص262 ) وعن أبي عبدالله الصادق (ع) قال : القضاة أربعة : ثلاثة في النار وواحد في الجنة ، رجل قضى بجور وهو يعلم فهو في النار، ورجل قضى بجور وهو لا يعلم فهو في النار ، ورجل قضى بالحق وهو لا يعلم فهو  بالنار ، ورجل قضى بالحق وهو يعلم فهو في الجنة ( وسائل الشيعة ج11 حديث6).
3. الولاية : تعتبر الولاية من الوظائف الدينية الرئيسية للإمام المعصوم (ع) وهي أهم منصب إلهي في النظام الإسلامي كما صرح القرآن الكريم بذلك قال تعالى { إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا …} ـ المائدة 55 ـ ، وكذلك النصوص الواردة عن أئمة أهل البيت ( ع) ، فهي ثابتة لهم قطعاً و يقيناً ، أما النصوص الواردة في بيان أن المجتهد العادل العالم بإلاحكام الشرعية له حق الولاية العامة بعد أهل البيت (ع) فهي قليلة وغامضة عند أكثر العلماء ، حيث ذهبوا الى عدم وجود النص على تعيين المجتهد (خصوصاً) لهذا المنصب الإلهي ، لكنهم رأوا بأن هذا المنصب الإلهي لا يمكن أن يترك خالياً من المسؤولية وإن المجتهد هو الذي يتولى هذا المنصب ولكن في دائرة الأمور الحسبية[8] التي تشمل مجمل القضايا التي يحتاج إليها المسلمون في معاشهم ومعادهم ودنياهم وآخرتهم ولا ينتظم من دونها دينهم ولا دنياهم ، ومن بين القضايا التي تهم المجتمع الاسلامي والتي يتعامل معها الفقيه الجامع للشرائط الشرعية ،هي القضايا والاحداث السياسية التي تمر بهذا المجتمع ،حيث يقوم الفقيه باستنباط الاحكام الشرعية السياسية الملائمة لكل مرحلة وظرف وزمان ، وعلى الرغم من اختلاف الاساليب وتعدد الادوات التي يستعملها الفقهاء عند تعاملهم مع تلك الاحداث والقضايا ،الا ان هدفهم واحد على مر العصور والازمنة ، الا وهو حفظ بيضة الاسلام واعلاء كلمة الله ، لذلك فهم يعتمدون في تعاملهم مع هذه القضايا على القواعد العامة والخطوط العريضة التي حددها اهل البيت (ع) في مختلف الادوار والمواقف التي مروا بها .
على أساس ذلك فإن دور أو عمل المرجعية لا يقتصر على إصدار الفتوى بل يمتد ليشمل حفظ بيضة الإسلام والدفاع عنه ، وقد ذكر سماحة السيد محمد سعيد الحكيم (دام ظله) في أحد الإستفتاءات الموجهة لسماحته حول دور ووظيفة المرجعية ما نصه ( نعم لا ريب إن من جملة الواجبات الشرعية حفظ بيضة الإسلام والسير بالإسلام والمسلمين نحو الأفضل وهو لا يخص المجتهد المقلَّد بل يعم كل أحد حتى عامة الناس ، لكن ضوابط العمل لا بد أن تكون شرعية وتمييز الضوابط الشرعية وتحديدها لغير المجتهد لا يتم إلا بالتقليد ، ومع إختلاف المجتهدين يتعين التقليد بالضوابط المذكورة في الرسائل العملية للتقليد ، لأنها هي التي دلت عليها الأدلة الشرعية ، وذكر ضوابط غيرها تلاعب بالأحكام الشرعية لا يسوغه الإهتمام بالوظيفة المذكورة بعد أن كان المطلوب القيام بتلك الوظيفة على الوجه الشرعي ، لا على وجه آخر إلا يأذن به الله تعالى ولا يبرئ الذمة معه ، نعم إذا عين المجتهد المقلَّد ضوابط العمل لنفسه وللناس فله أن يستعين في أداء الوظيفة بذوي الإختصاص والمعرفة ) المرجعية الدينية للسيد محمــد سعيد الحكيم ص 140.
فلا بد إذن من مرجع ديني تتوفر فيه الشروط الشرعية ( العدالة ، الإجتهاد ، الورع ،  الأعلمية ) لقيادة الأمة ، وهذه القيادة ناتجة من الضوابط الشرعية المبرءة للذمة ، أما في حالة السير وراء الأشخاص الذين يتخبطون يميناً وشمالاً ولا يعرفون من إحكام دينهم ودنياهم إلا الغرور والكبر البعيد عن الوجه الشرعي فإنهم لا يصلون الى الطريق المستقيم ، لإن العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا أرتحل ، ولا يكون العامل بلا عمل إلا كمن يسير على غير هدى لا تزيده سرعة السير إلا بعداً ، ومن هنا نفهم أن المتفقه بالدين يمثل عنصراً رئيسياً في قيادة المجتمع الإسلامي ، والقاضي الذي يفصل الخلافات التي تحدث بين الناس ، ويبلغ الأحكام  الإلهية التي نزلت من السماء ضمن ضوابطها الشرعية ويبين للناس المنهج الذي يجب أن يقتدوا به .
الفصل الرابع:منهج التعامل مع علماء الدين
ويتناول هذا الفصل ثلاث نقاط رئيسية هي:
1- التعامل مع العلماء على أساس التقديس .
2- التعامل معهم على أساس الطعن.
3- التعامل مع العلماء على أساس التوازن الشرعي .
أما بالنسبة التوجه الأول: فقد يقال بعدم وجود مثل التوجه كظاهرة يمكن تسليط الضوء عليها في الوقت الحاضر , ولكن الأمر ليس كذلك وذلك أمر تكذبه الوقائع الخارجية , فان الكثير من أتباع بعض العلماء ربما يصل بهم الأمر الى عدم فرض وقوع الخطأ منهم وهذا في الأمور الشخصية قد يكون متصورا لأنه يلزم منه نسبته الى الخلل ولكن الأمر قد يصل أحيانا حتى الى القضايا العلمية التي لم يقل احد بحرمة نسبة الخطأ الى أصحابها واستثنيت من موارد الغيبة في الفقه الإسلامي .
      ومن خصوصيات هذا التوجه انه قد يصدر من أشخاص تغيب عنهم الرؤية الصحيحة في التعامل مع القضية المذكورة كما هو الغالب في مثل هذه الفئة التي تفتقر الى القصور تارة والى التقصير أخرى .
     وهذا التوجه من غرابته انه قد يجمع بين توجهين متناقضين وهما التوجه الأول والثاني وهذا يدل على وجود سلوك نفسي منحرف عند هؤلاء ويكشف عن ذلك عدم قبول نسبة الخطأ الى من يحبونه في الوقت الذي يعيشون حالة الانحراف الأخلاقي بالنسبة للعلماء الآخرين .
وأما بالنسبة الى التوجه الثاني: فانه توجه يرتبط بالتوجه الأول من جهة إمكان الاجتماع في مورد واحد ويفتقر عنه بأنه قد يكون فكرا كما في حالة تبني أفكار بعض المندسين على الفكر الإسلامي ممن كتبوا حول سيرة بعض العلماء فانزلوا أمراضهم النفسية وتفاهاتهم الكتابية في مؤلفات لا يبحث عنها إلا التافهون من أنصاف المثقفين أو الغائبون عن الفكر الإسلامي ممن ولج الى الفكر الإسلامي عن طريق كتابات بعض المتطفلين وهذا التوجه يعد اخطر التوجهات الموجودة في الساحة الدينية من جهة أن التوجه الأول عندما يتمحض في الذود عن سمعة العلماء ويمنع من الكلام فقد لا يصاحبه طعن في الطرف المخالف .
  وهذا التوجه في الغالب أصبح منطلقا من توجهات خاصة أو من أخطاء وقعت هنا أو هناك من قبل البعض واعتبرها هؤلاء سنة يجب الالتزام بها والتقيد بتفصيلاتها في الوقت الذي كانت هذه الأمور قد صدرت في غفلة من الزمن ولم يكن مطلقها أفضل حالا عند الله من الملتزم بها غفلة وغرورا .
وأما التوجه الثالث: فهو التوجه الذي يدعو له كاتب هذه السطور انطلاقا من عدة عوامل شرعية تمنع انتهاج المنهجين الآخرين في التعامل مع العلماء كما إن النهج المذكور لا يعبر عن انحراف نفسي أو سلوكي في تصرفات الأشخاص وهو متناسب مع الشخصية السوية من الناحية النفسية فان الطعن من الناحية النفسية يعتبر توجها نحو الاعتداء وهو سلوك مرضي في نظر علماء النفس والأخلاق لأنه يتضمن خروجا عن جادة الوسطية بين الإفراط والتفريط .
وقبل الخوض في خلفيات القضية من الناحية الفكرية يجب الوقوف على العوامل المؤيدة للنهج المختار وهو المنهج المتوازن في التعامل .
أسباب صيانة حرمة العلماء :
        إن الخوض في سيرة الناس باعتباره فعلا من أفعال المكلفين فهو يحتاج الى تنظير فقهي , والتنظير الفقهي لمثل هذا الأمر بالنسبة الى المؤمنين فضلا عن العلماء هو الحرمة لان الفرض أن الكلام عنهم يكون في الغالب في حال غيبتهم , والحكم الثابت في مثل هذه الحالة هو الحرمة , ومنه يبدو مدى الغفلة التي يعيشها أؤلئك المنتهجين للمنهجين الأول والثاني , وقد يظن البعض إن المسالة كما إن لها أصلا محرما لمثل هذا التصرف فانه من الممكن القول أن هناك موارد قد أجيز فيها الخوض في سيرة الناس دون محذور شرعي ؟؟؟؟
          والجواب عن ذلك إن تلك الحالات المذكورة في الفقه لم تتضمن مثل هذه الحالة لان تصوير الحالة هو الذي يحدد الموقف الشرعي منها , ومن الواضح أن الموارد المذكورة لا تنطبق على هذه الحالة التي نبحث عن حكمها, إذن فمن الناحية الفقهية ليس هناك أي منفذ يمكن الاستناد إليه في مثل هذه القضية فالمخالفة - بحسب هذا التصوير على حد تعبير الأصوليين قطعية . 
         وقد يحاول البعض تبرير مثل هذه الأمور بان الحديث يختلف عندما يتعلق الأمر بالحديث السياسي عن مصير الأمة الإسلامية أو مستقبل المذهب باعتبار إن هذا الأمر من الأهمية بمكان تزول معه كل هذه القيود التي توضع في الحالات العادية ؟؟؟
          والجواب هو ان الحديث  عن مصير الأمة الإسلامية لا بد أن يكون على منهج الإسلام لا منهج الرغبات المرضية التي تحملها بعض النفوس الضعيفة .
 كما المتحدثين في هذه الأمور يمثلون هذا التوجه الإسلامي وهو يمنع من مثل هذه التجاوزات الصارخة والتي تعد من أهم الاختراقات الفكرية   التي غابت عن ذهنية هؤلاء الذين خدعوا أنفسهم بمشروعية ما يقومون به وهم يخدمون تلك التوجهات من حيث لا يشعرون . 
      ومن خلال هذا الطرح يتبين النهج السليم في التعاطي مع هذه القضية وذلك من خلال حفظ كرامة العلماء وحرمتهم لا من جهة الايمان فقط بل من جهة إن الوارد في الروايات أن العلماء قادة  أو حكاما  حتى على الملوك وهذه القيادة والحاكمية  المذكورة ليست منحة شخصية يمكن التنازل عنها واعتبارها سبة في الوقت الذي ينبغي أن تكون سببا لاحترام متعلقها .
المساحة الشرعية في الرد على العلماء :
 قد يفهم البعض من خلال الحديث المتقدم إن مسالة الحديث مع العلماء تشبه الى حد بعيد الحديث المحرم بين الجنسين لان الحرمة التي تمخض عنها يشير الى ذلك عمليا, ولكن الأمر ليس كذلك لان الحديث  يختلف باختلاف نوعه لان الحديث الممنوع شرعا وتترتب عليه تلك الآثار هو الحديث عن العلماء بالسوء وليس الحديث مع العلماء في القضايا التي ليس فيها سلطان لأحد ما دام مستجمعا لمواصفات المحاور من الناحية العلمية, ولذلك نجد الحديث في القضايا العلمية داخل الحوزة العلمية مفتوح لكل احد وهو المستثنى من موارد الغيبة عندما يكون ردا على فكرة فاسدة أو عقيدة مضللة وان استلزم التقليل من شخصية قائلة لعدم إمكان التفكيك بين القول أو العقيدة وصاحبها .
      ومن الجدير بالذكر ان أكثر الكتاب الذين يصنفون على الانحراف كانوا قد انطلقوا من هذه النقطة الجوهرية وهي التدخل في الحديث التخصصي دون ان يكون عندهم علم أو دراية وهذا ما يفسر لنا ظاهرة انتشار مثل هذه المؤلفات بين ضعاف النفوس لأنهم سيقراؤون على أيديهم تلك الأمراض التي تأصلت في نفوسهم المريضة خاصة الكتاب الذين لهم تاريخ مع بعض الجهات , ولذلك نجد التأكيد في بعض كتابات هؤلاء على الجهات التي كانوا يعملون معها وعند الرجوع الى كتاباتهم في تلك الأزمنة سنجد التبجيل والتعظيم للأعمال فيما نجد خلاف ذلك تماما في كتاباتهم الأخيرة مع العلم ان أكثر هؤلاء لا يحملون تخصصا فيما يكتبون وربما لا يصدق على بعضهم أكثر من صحفي تقمص شخصية كاتب أو مؤرخ أو مفكر ...
        كما ان من الغريب جدا ان الحصة الأكبر من هؤلاء كانوا يتعاطون العمل السياسي في وقت من الأوقات مع بعض التنظيمات الإسلامية وقد خرجوا على تلك التنظيمات بصورة الجنين المشوه الذي لن يعيش طبيعيا لان التشوه قد أصاب عقله قبل ان يصيب بقية الجوانب في شخصيته . 
      وترى تلك المؤلفات يحرص أصحابها على التعرض للشخصيات التي لا تتعاطى العمل السياسي مخافة السطوة أو الذين يملكون دينا ولا يلجاؤون الى السطوة حتى مع العمل السياسي .
 
الخلفيات الفكرية للطعن بالعلماء:
حرص الاستعمار منذ أن وطأت أقدامه  الأراضي الإسلامية على أن يقوم بما يفتت وحدة العقيدة التي تجمع المسلمين في كل حدب وصوب لذلك فانه قد حاول وكما هو معلوم لمن ألقى السمع وهو شهيد أن يحقق ما يصبو إليه من ذلك الوجود اللاشرعي في هذه البلاد الغافلة عن نواياه السيئة ومخططاته الشيطانية .
ولقد كان هذا العدو الغاشم يعلم جيدا كيف يجمع المعلومات عن هذه البلاد المستضعفة بواسطة عيونه ومستشرقيه الذين ملأوا البلاد الإسلامية فكانت التقارير تصل إلى دوائر التخطيط والهدم الشيطانية بشكل متواصل .
وقد علم من خلال تواجده المذكور إن هناك أشياء لا يمكن مقامتها وهناك أشياء قد تكون اقل تأثيرا من غيرها وقد فحص جيدا تلك الجوانب ليوجه سهامه إليها ليحقق بعض النصر ما دام النصر الكامل لا سبيل إليه.
من هنا  فانه قد نجح في كثير من الأحيان في التغلغل بين الأذهان الساذجة وطرح أفكاره باعتبارها تمثل الجانب الإصلاحي في العقيدة لذلك فانه لن يحتاج إلى تجشم عناء الإجابة إذا قيل لأولئك المصلحين (حسب زعمهم) إن ما طرحتموه لم يكن مقبولا وقاومه الكثيرون من أهل الفضل والعلم لأنه قد استفاد من مقولة شائعة بين الأوساط الدينية خاصة والأوساط العلمية عامة إن كل جديد يحاربه الناس وذلك لا يحتاج إلى كبير عناء لإثباته وقد يستشهد بسيرة العلماء المصلحين لدعم ما دعا إليه وليبرر ما لقيه من عدم القبول من الآخرين .
ولكن في الجانب الآخر كان هناك من اكتشف هذه الفرية التي غرسها أولئك في النفوس لغاية شيطانية لكن الحقيقة هي أن هذه الحالة المذكورة مسلمة لان الكثيرين من أبناء هذه الأمة المصلحين قد حوربوا بشدة في بعض الأوساط المنحرفة مما جعل بعض المغفلين ينسبون تلك المحاربة إلى مراجع الدين وأصحاب الكلمة الأولى في المجتمع لأنهم  لم يستطيعوا أن يجدوا في سيرتهم ما يحقق أمانيهم الشيطانية - إن كانوا ملتفتين إلى ذلك طبعا- لذلك فأنهم عمدوا إلى تعميم الأخطاء الواقعة من بعض الحواشي والمتزلفين إلى صاحب الحاشية ولو أنهم تأملوا لعلموا بان ذلك سيجعلهم في نفس المصير لأنه غالبا لا يخلو الحال في الإفراد الذين يلتفون حول المراجع من وقوع مثل هذه الزلات المتعمدة تارة وغير المتعمدة تارة أخرى وان كان السبب 
الخفي وراء ذلك كله هو الحرص على بقاء الأمور على ما هي عليه ليتسنى له القيام بمهامه والعيش بسلام في ظل ذلك التي مالا حاجة إلى تجديد أو حداثة ومن أسباب تلك المحاربة هو ذلك الحرص الذي تمكن من بعض النفوس لإبقاء الحال على ما هو عليه وعدم السماح بتغيير ما فيه لئلا ينسحب ذلك إلى تغيير في موقع هذا أو ذاك من الأشخاص وقد يكون بعضهم غير مؤمن بذلك ولكن جمعتهم الرغبة في بقاء الحال فصارت إلها يعبد من دون الحق سبحانه .
    وفي حياة العلماء جوانب متعددة قد تكون من اشد الأمور على الأعداء ألا وهي الجوانب الخلقية في مسيرتهم العطرة التي ما انفكت تعبر عن تلك السجايا والفضائل التي صار بها أولئك من أعلام الأمة الإسلامية .
وقد يكون من الصعوبة بمكان على الإنسان أن يفكك بين الإنسان وسيرة الأفراد الذين يحيطون به لذلك فان جميع الأصوات التي نادت بتلك الأشياء عاليا لم تكن تنسب تلك الأمور إلى ذلك العالم إلا من خلال توسط أولئك الإفراد مع أنهم لا يقدرون على نسبة ما في أدمغتهم الفارغة من خزعبلات وتفاهات صدرت من هذا أو ذاك من المنسوبين إلى العالم مع عدم اطلاعه على تلك الأخطاء بل قد يحرصون على عدم علمه بها ليتمكنوا من إقامة الحجة عليه ظاهرا لأنهم مرضى من حيث لا يشعرون ...... ولو أنهم تمكنوا من نسبة تلك الأخطاء إلى مراجع الدين مباشرة لفعلوا ولكنهم لما عجزوا عن الحصول على ذلك مباشرة فقد موهوا على الآخرين نسبة ذلك والنتيجة واحدة عند مرضى النفوس لأنهم ينظرون بنور الشيطان..!
    ونجد بعض المفكرين عندما يقع مثل ذلك من قبل  المرجع نفسه ينظر إلى أسباب ذلك بموضوعية وتجرد ولا ينسبه إلى العالم(المرجع)وان صدر الأمر منه مباشرة , فمع إن الظلم الذي ناله في كل مكان كان نتيجة سماع ذلك المرجع تلك الأقاويل عنه من بعض الإفراد المحيطين به فذلك المظلوم العظيم الفذ تراه يمجد ذلك المرجع بعد موته بشدة ويتساءل  بعد ذلك عن توهم بعض المرضى من التفاوت بين نقده لحاشية المرجع ومدحه إياه فتراه يعبر عن ذلك بما يدفع الفهم الخاطئ والمريض الذي يحاول البعض التشبث به , وهذا العالم العملاق ترك الحوزة مضطرا نتيجة وشاية بعض الأشخاص الملتفين حول ذلك المرجع وغم ذلك تراه يتحدث عن ذلك المرجع ويمجده كما يمجد العظماء بل وعدد مآثره ومواقفه المشرفة في خدمة الدين مميزا بين أولئك المنحرفين وبين ذلك المرجع الفذ الذي يقف على هرم المرجعية  وهذا الموقف الجليل منه يعبر عن عمق الوعي والتجرد في كل ما كتب ونظر مؤلفات ومحاضرات صارت بعد استشهاده قل أن يجود الزمان بمثلها مع كل تلك المضايقات النفسية والاجتماعية    ومن هذا وغيره يظهر إن المطلوب من أولئك المرضى بهذا الداء العضال أن يفكروا جيدا قبل أن يعمموا هذه الأشياء إلى مواقع لم تصدر منها أمثال هذه الأمور وقد يكون في التاريخ الذي نقراه للنبي الأعظم – صلى الله عليه واله- ما يمثل ذلك تمثيلا واضحا فكم هي الأحداث التي وقعت من قبل أشخاص أرسلوا من قبل النبي- صلى الله عليه واله- ولكنهم أساءوا التصرف بل وخان بعضهم الأمانة وسفكوا الدماء....
فلو قيل إن النبي – صلى الله عليه واله- معصوم بخلاف العلماء ونحوهم , قلنا بان هذه النكتة في صالح الحق بتقريب إننا لو غضضنا النظر عن ذلك الأمر الزائد في شخص النبي لوصلنا إلى نفس النتيجة وقد حدث أن حاورت احد الإخوة من أولئك المبتلين فقال إن الذي يمنعنا من نسبة هذه أمور إلى النبي والأئمة هو العصمة فقط فلولاها لقلنا وقلنا ....فقلت هل قرأت الكتاب الكذائي   قال نعم ... فتعجبت من كلامه وقلت له بأنك على شفا جرف هار اذهب والتمس لك إنسانا له دين ليهديك سواء السبيل فانك تسير إلى الجحيم من حيث لا تشعر .
وقد تسألني هل أنت على يقين مما تقول وهل هذا الكلام هو الواقع الذي نعيشه في النجف وغيرها من المدن الإسلامية....؟ أم أن هذا تاريخ مضى ولا تحبون أن ينسب إليكم الخطأ فتحاولون أن تجدوا التبريرات والمسوغات لذلك.؟
والجواب طويل ولكن يلخص في هذه الكلمات البسيطة ...إن ما تذكرونه بين الجانب النظري والعملي ليس فيه خلاف ولكن ليس إن الواقع يخلو من الممثل لذلك الأمر النظري , بل على العكس من ذلك قد نجد إن الممثلين يتجاوزون كل ما نتصوره ونعتقده . والسبب إن هذا الجانب مطبوع في اغلب الأحيان بطابع الكتمان لان تحصيل الإخلاص فيه حدوثا وبقاء يتوقف – غالبا – على ذلك وهذه سيرة الأئمة الأطهار – عليهم السلام – قد مثلت هذه المسالة تمثيلا واضحا فكان احدهم يقوم بخدمة الآخرين ولا يخبرهم بشخصه بل لا يفعل ذلك وان سمع منهم ذمه لعدم علمهم بأنه المحسن إليهم والواصل لرحمهم إن كانوا أرحاما ولأخوتهم إن كانوا غيرهم ...
 ومن الجدير بالذكر إن هذه الأمور لا يطلع عليها في الغالب إلا صاحبها وأما غيره فلا يعلم بذلك ولكنه يعلم بان العمل إذا لم يكن خالصا لوجه الله تعالى فانه سيكون وبالا على صاحبه لان الله تعالى هو الحاكم في ذلك كله فلا بد إذن من توفير مستلزمات الإخلاص في كل عمل وهكذا هي سيرة علماء الدين الأفذاذ منذ قديم الزمان وحتى هذه اللحظة وأما مايختلج في بعض النفوس من عدم كون ذلك الأمر النظري موافقا للواقع الموجود فذلك يحتاج إلى بعض البيان .
من المسلم إن هذه الأفكار موجودة منذ فترة طويلة في أذهان الكثيرين من المنتسبين إلى الحوزة العلمية فضلا عن غيرهم من المرضى وهذه الأفكار لها أسباب نفسية في أكثر الأحيان إن لم يكن السبب الحقيقي وراء ذلك هو طبيعة الشخصية من حيث التكامل وعدمه فمثلا تجد بعض الأشخاص ينكرون وجود حتى وجود عالم واحد له مزايا وصفات  فاضلة وتراه يقيم استدلاله في دحض ذلك على ما مشاهداته وتجاربه الشخصية وبدلا من أن يقول إن هذه تجربتي الشخصية مع هذه الجهة أو تلك الجهة على فرض قيمتها في ذلك المحل المحدود وتراه يقول بان كل العلماء هم على شاكلة العالم الذي رآه وعاشره وهذا الصنف من المساكين إنما يعبرون تعبيرا صادقا عن قول علماء النفس بان الإنسان يقيس كل شيء بنفسه وهذه ثابتة في الشرع    ولكنه لما كان غافلا عن السبب الذي حركه إلى اتخاذ هذا الموقف المتأزم لم يكن باستطاعته الوصول إلى الأسباب الواقعية فحاول أن يلتمس لما يقوم به ويتخذه من مواقف وتبريرات ظاهرية  ثم إن من جملة الأسباب وراء ذلك إن الإقرار بان العلماء قد اتصفوا بهذه الصفات الفاضلة سوف يعكس الفارق الكبير بين ما يتصف به أولئك الأفذاذ وبين ما يتصف به هذا الطاعن المعترض لذلك فهو لا يستطيع الإقرار بشيء يحرمه من الصفة التي يحرص عليها وهي وراثته أولئك العلماء فلا بد أن ينزلهم إلى مستواه لأنه لا يستطيع العروج إلى مستواهم مثله كمثل شخص قتل غيره والمقتول ليس له قرابة ووريث إلا القاتل فهو لا يستطيع الإقرار بذلك فان أنكر القتل ورث المقتول وكل أوصافه وان اقر بالقتل حرم من ذلك الميراث المادي والمعنوي إضافة إلى الآثار التي  تترتب على ذلك فالذي نريد أن نعبر عنه هو إن المسالة لا تتعلق بالجانب النظري فقط بل قد تنسحب وهي كذلك إلى الجانب النفسي فأنت لا تجد بين أولئك الذين يدعون لهذه الأفكار شخصا سويا مائة بالمائة 0
ولكن لا يعني ذلك عدم صحة وقوع بعض الأخطاء في بعض المواقع ولكن لا بد من تحديد كل شيء بحسب المقياس الصحيح ولا يصار إلى التعميم سواء كان ذلك مرغوبا أم مرفوضا من قبل الآخرين فليس  للعاطفة في مثل هذه الأمور- التي يقحم البعض نفسه فيها بلا تأمل- دور في ذلك بل يعتبر ثقته بنفسه سلاحا يشهره على الآخرين ويظن بفكره القاصر إن سكوت الآخرين عن جهل بالواقع وعندما يحاول طرح الأفكار فانه ينتهز الفرصة ويعلن تلك الأفكار بين ذوي الذهان السقيمة والإرادات الضعيفة وهكذا....
وقد يعترض البعض بان هذا الكلام دعوى صريحة لتقديس العلماء الذي ذمه الكثير من العلماء والمفكرين.!
فنقول إن التقديس الذي ذمه أؤلئك العلماء في أحاديثهم وكتاباتهم هو تقديس الزي العلمائي على ظاهره والعناوين الفارغة التي لا تحمل بين طياتها المعنونات التي تمثلها 0000
وهذا شيء لا نختلف فيه بل ذكره أكثر العلماء  في كلماتهم بل التعظيم الذي ندعو إليه هو احترام العلماء بالمعنى القابل لذلك لا مطلق من صدق عليه انه عالم 0000  فهذا الاعتراض تمويه وتزييف للحقيقة وهو أسلوب استخدمه الأعداء ضد علماء الدين وحفظة الشرع المبين 0
وقد صادفنا الكثير من المساكين الذين يحاولون تفسير النص كما هي حقيقتهم ويسحبون القدسية التي للنص لتفسيرهم الذي يعتقدون ظهوره من ذلك النص 0
والمهم في كل هذا أن نعرف جذور هذه المسالة وقد قضيت مدة طويلة في البحث عنها بين طيات البحوث التي كتبت حول هذه المسالة إضافة إلى القصص والخواطر التي ذكرها العلماء في ذكرى وفاة أساتذتهم فتبين إن للمسالة نحوين من الطرح يتعلق الأول بالجانب الأخلاقي والثاني بالجانب الفكري 0
أما الجانب الأول فيمكن التعرف عليه من خلال ما ذكره السيد الخميني في تفسير البسملة  فقال تحت عنوان (سر انتقاص الآخرين) :-
((  لولا حب النفس والأنانية لما عاب الإنسان على الآخرين , فحالة تقصي معائووب الآخرين الموجودة لدى بعضنا ناشئة عن إننا نعتبر أنفسنا غاية في التهذيب والسلامة, والآخرين ذوي عيوب فنعترض عليهم بسببها , وذلك بسبب حب النفس الذي نرى بسببه إننا كاملون , في تلك المقطوعة الشعرية – لا أريد أن اقرأها – ورد إن احدهم عاب على آخر عيبا فأجابه : إنا كما قلت ولكن هل أنت كما هو ظاهرك ؟ نحن نستعرض ( مظاهر) للناس من قبيل أننا جئنا إلى هنا لطلب العلم ودراسة الشريعة وإننا من جند الله وأطلقنا اسم (جند الله) على أنفسنا فهل نحن حقيقة كما تبدو مظاهرنا ؟ هذا هو الحد الأدنى أما أن يكون الباطن شيئا آخر فهل هذا غير النفاق ؟ فالنفاق ليس فقط أن يظهر الإنسان التدين وما هو بمتدين كابي سفيان فما تقدم نفاق أيضا نفاق أن يظهر الإنسان شيئا ساميا وهو بذلك من المنافقين والفرق هو في المرتبة00))، وقال السيد الخميني تحت عنوان (الجهاد الأكبر) :-((على من يريد الخروج من هذه الأنانية أن يهاجر هذه الهجرة بالمجاهدة يجاهد   ويهاجر جئتم من الجهاد الأصغر وبقي عليكم الجهاد الأكبر وسائر أشكال الجهاد في الدنيا تبع لهذا الجهاد فلو انتصرنا لكان كل جهاد نقوم به هو جهاد وإذا لم ننجح في هذا الجهاد لكانت سائر أشكال جهادنا الأخرى شيطانية)) ، وأما الجانب الفكري للمسالة فقد ورد ذكر ذلك في مقررات حكماء صهيون مما يدلل على خطورة المسالة بالنسبة إلى الأقوال السلبية التي تنجم عنها وقد ذكر المستر همفر  الجاسوس البريطاني في البلاد الإسلامية بان التشكيك بقيمة علماء الدين هو من الأسس التي تبتني عليها قاعدة التفرقة بين المسلمين لان الالتفاف حول علماء الدين تعتبر من العقبات القوية في طريق العمل الاستعمار في بلادنا وقد جاء في البروتوكول السابع عشر قوله :-((.. وقد عنينا عناية عظيمة بالحط من الكرامة رجال الدين من الأميين (غير اليهود ) في أعين الناس وبذلك نجحنا في الإضرار برسالتهم التي كان يمكن أن تكون عقبة كؤودا في طريقنا . وان نفوذ رجال الدين على الناس ليتضاءل يوما فيوما .. ) )ثم قال بعد ذلك :-((.. سنقصر رجال الدين وتعاليمهم له على جانب صغير جدا من الحياة وسيكون تأثيرهم وبيلا سيئا على الناس حتى إن تعاليمهم سيكون لها اثر مناقض للأثر الذي جرت العادة بان يكون لها..)) ، وقد بين الحقيقة ولكن بأسلوبه الواضح احد كبار علماء الدين في القرن العشرين فقال:- (( ..هؤلاء وكل واحد من أصحاب الآراء الباطلة والأقوال النشاز لأنهم يعلمون أن الوحيدين القادرين على التصدي لهم في المجتمع وفضح أكاذيبهم هم العلماء.. وسائر الناس أما ليسوا مختصين في هذا المجال أو إذا كان لهم اطلاع قل أو كثر فأنهم لا يعتبرون واجبهم ذلك واؤلئك السائبين الشيء الوحيد الذي يهتمون به لأجل تحقيق أهدافهم المسمومة ويقدمونه على كل شيء هو إن يوجهوا التهم والافتراءات إلى العلماء بكل وسيلة وكذبا وزورا ليفصلوا الناس  عنهم ويحقرونهم في أعين الناس ويضعفوا  تأثيرهم الروحاني بكل ما أمكنهم ليفتح أمامهم الميدان فيتصرفوا بكل اطمئنان للتلاعب بأرواح بعض الناس المساكين وأعراضهم وأموالهم 000يشهد الله إن الجهة الوحيدة التي حفظت دين الناس منذ وفاة نبي الإسلام وحتى اليوم وحالوا دون تأثير أباطيل السائبين هم العلماء ))،وقال السيد عبد الحسين دستغيب في كتابه (الذنوب الكبيرة) : (ورد الوعيد بالعقوبة الشديدة على كفران نعمة وجود العلماء منها ما ورد عن النبي الأكرم(ص):-انه قال – ( سيأتي زمان على الناس يفرون من العلماء كما يفر الغنم من الذئب فإذا كان ذلك ابتلاهم الله بثلاثة أشياء الأول : يرفع البركة من أموالهم,والثاني : سلط الله عليهم سلطانا جائرا ,والثالث يخرجون من الدنيا بلا إيمان ) وكان من اثر ابتعاد الشباب عن رعاية العلماء بسبب هذه الأفكار المنحرفة أن أصبح الكثير من أصحاب الآراء الباطلة يعول كثيرا على هذه القطيعة المصطنعة بين الطرفين للتأثير على نفوس المؤمنين من غير المطلعين في القضايا العقائدية مثلا  لكي يبث أفكارا باطلة تتعلق تارة بالإمامة وأخرى بالظهور في وقت محدد وهو أمر يحتاج إلى بحث خاص ومستقل في الأسباب المباشرة والمساعدة علاوة على إن الكثير من الزوايا غير المضاءة بنور الحقيقة لازالت في الغالب مرتعا لذوي الادعاءات من مدعي الاجتهاد ونحوهم الذين وجدوا في نشر هذه الأفكار فرصة للحصول على امتيازات هنا أو هناك وقد كشفت أوراق النظام السابق زيف الكثيرين من هؤلاء وارتباطهم بأجهزة الشيطان من قبل ومن بعد .  
 وخلاصة ما ذكرناه:إن فكرة الطعن بسيرة العلماء لا تستند الى المشروعية في الجانب الفكري  وكذلك الجانب الفقهي وكذلك الكلمات الواردة على لسان كبار العلماء العاملين .
وقد تبين ان حكم مثل هذا العمل هو الحرمة بلا ادنى شك او ريبة ولا يمكن التمسك ببعض المبررات الواهية لتبرير مثل هذه التصرفات سواء كانت الاسباب المدعاة سياسية ام غيرها .
كما ان التبريرات الفقهية في مسالة الغيبة لا تتناول مثل هذه الاعمال كما هو واضح , وعند التامل في الجانب الفكري للقضية تبين ان اعداء الدين والانسانية من المستكبرين والصهاينة كانوا هم المنظرين لمثل هذه الفكرة في الجانب العملي وقد نشروا ذلك سرا في الاماكن التي سيطروا عليها باموالهم ووسائلهم الخبيثة .
وبالتالي فان الذين ينادون بهذه الافكار هذه الايام هم من الذين يقدمون خدمة مجانية للاعداء من المستكيرين والمستعمرين ويتبين الخداع الذي غفل عنه هؤلاء واخذوا يروجون له بكل قدراتهم .
ومن خلال هذا الكلام تبين المنهج الحق في التعامل مع العلماء وفق الاسلوب الشرعي الناصع والذي كان ينادي به كل العلماء العاملين ومنهم السيد الطباطبائي الذي سئل مرة عن السبب الذي جعله يحصل على المكانة العلمية التي وصل اليها فقال انما وصلت الى هذا المقام لاني احترمت العلماء الذين سبقوني .
وهذه الكلمة الناصعة يمكن جعلها أخر وصية تكتب في هذا الفصل وتكون ختام الكلام في هذه القضية التي شغلت بال الكثير من المفكرين والباحثين وغيرهم .
الفصل الخامس:مواقف المرجعية الدينية من التيارات الفكرية المنحرفة  
تمهيد:     
إن من أهم مسؤوليات المرجعية الدينية هي هداية الناس وإرشادهم الى التكامل النفسي  والآفاقي، وإشاعة المعرفة بين الناس وتعليمهم أسس الإسلام الصحيح والكشف عن الأفكار والحركات والتيارات المنحرفة عن الإسلام والدخيلة عليه ، والتصدي لهذه الانحرافات والشبهات حول الإسلام ومقاومتها سواءاً كانت انحرافات خارجية تصدر من خارج المجتمع الإسلامي ومن غير المسلمين إلا إنها تعيش داخل المجتمع الإنساني عموماً وتنبع من هوى النفس والمصلحة الذاتية كالعلمانية والشيوعية ، أو انحرافات داخلية تعيش داخل المجتمع الإسلامي والمتمثلة بحركات النفاق والإرتداد عن الدين الإسلامي كالوهابية ، وقد أثبتت المرجعية الدينية نجاحها في هذا المجال دون غيرها من الديانات السماوية والمذاهب الإسلامية الأخرى،وذلك يرجع الى قاعدة الإسلام الصلبة التي تستند عليها المرجعية الدينية في مواجهة والتعامل مع تلك التيارات المنحرفة ، فقوة الدين الإسلامي عموماً والمذهب الشيعي خصوصاً وتميزهما بالاصالة والعقلانية ، قد استطاعت أن تجذّر الدين والمذهب في أعماق الإنسان عقلياً وعاطفياً، مما أدى الى قبول الإنسان واستجابته لدعوة الدين والمذهب فطرياً وبشكل أولي ، ان الديانات السماوية والمذاهب الإسلامية الأخرى لم تكن تتميز بتلك الأصالة والعقلانية ،لذلك فهي قد فشلت في التصدي لمثل تلك التيارات والحركات المنحرفة .
التيارات الفكرية الخارجية المنحرفة : ـ
 كانت الديانة المسيحية تمثل أقوى دين سماوي بعد الدين الإسلامي ، و كان رجال الكنيسة يسيطرون على الدول الغربية ولغاية القرن الثامن عشر تقريباً ، ولكن عندما ظهرت بعض الدعوات والحركات المنحرفة كالعلمانية ، إنهارت المسيحية واستسلمت لها وأصبحت المسيحية مجرد شعارات لا روح فيها ، بل وأصبحت أداة بيد العلمانية  وواجهة لها تستخدمها ضد الشعوب المستضعفة ، كما أن العلمانية قد نجحت أيضاً في اكتساح بعض الدول الإسلامية والسيطرة عليها سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، الا انها فشلت في السيطرة عليها عقائدياً، وذلك بفضل قلعة المرجعية الدينية الحصينة و المتمثلة بعلمائها وفقهائها العظام ، كما تعرضت الدول الإسلامية في الفترة الماضية الى الخطر الشيوعي الإلحادي ، الذي أفرزته الحضارة المادية وانتشر ونشط بدعم من الإتحاد السوفيتي السابق، ولولا نور شمس المرجعية لغطى ظلامه البلاد فكان لها دور كبير ومهم في رفع ظلامه وتقشع سحابه أو على الأقل تحجيمه للتغلب على هذا الخطر وإيقافه وهزيمته كما حصل في أفغانستان والعراق وإيران ، في حين ان الحكومات والديانات غير الإسلامية والمذاهب الإسلامية التي لا تقر بمبدىء المرجعية  لم تستطع من رفع أو دفع أو حتى الوقوف أمام المد الشيوعي وكانت فتاواهم (قد) وردود فعلها على الساحة والرأي العام قوية للغاية بحيث شبهها احد الكتاب المعاصرين بقنبلة مسكتة ومبهتة ومنهم السيد ابو القاسم الموسوي الخوئي (قد ) الذي كان له موقفاً رافضاً لهذا الفكر المنحرف ، وقد بين موقفه الرافض هذا في احدى الاستفتاءات التي وردت لسماحته حول مشروعية الانتماء الى الحزب الشيوعي وتأيده ، حيث اجاب سماحته ، بحرمة الانتماء لهذا الحزب ، باعتباره حزباً كافراً وملحداً(راجع فتوى السيد الخوئي(قد) حول تحريم الانتماء الىالحزب الشيوعي ، ملحق 2في نهاية البحث)، كما وقف تلميذه السيد الشهيد محمد باقر الصدر (قد)موقفاً رافضاً أيضا ، تجاه التيار الشيوعي المنحرف ، بكتابيه فلسفتنا واقتصادنا .
التيارات الفكرية الداخلية المنحرفة : ـ
      و تصدت المرجعية الدينية الى الحركات والتيارات الفكرية المنحرفة التي ظهرت داخل المجتمع الإسلامي ، كالوهابية ومثيلاتها،وهي فرقة ضالة منحرفة ظهرت في أوائل القرن الماضي حيث كان هدفها شق وحدة المسلمـين وتفريق كلمتهم ، وإضعاف الخلافة الإسلامية السنية والتمهيد لسيطرة المستعمرين على البلاد الإسلامية ونهب ثرواتها ، وعلى الرغم من ان المسلمين كانوا ينظرون لها علىأنها فرقة خارجة عن الدين ومفسدة في الأرض ومنتهكة للحرمات والمقدسات، ولكن وبعد أن استتبت لها الأمور وسيطرت على رجالات المذهب السني ، وضعف صوت المعارضين السنة ضدها، واعترف بها ونشطت ، أصبحت اليوم من القوى الرئيسية المسيطرة والتي تتكلم فضولياً نيابة عن المذاهب السنية الأربعة ، ولم تقوى هذه المذاهب على إنهاء الوهابية أو إضعافها وهم يعلمون مدى الخطر الذي تحدثه هذه الحركة الشاذة والمستوردة التي زرعتها بريطانيا في قلب الأمة ويعز ذلك الجمود لعدم وجود فكرة المرجعية عند إخواننا أهل السنة ،وعندما حاولت الوهابية أن تسيطر على العتبات المقدسة وتدمرها وتدنيس حرمتها في النجف الأشرف وكربلاء المقدسة خلال القرن التاسع عشر، تصدت لها المرجعية الدينية وأوقفتها عند حدها بزعامة المرجع الديني الكبير كاشف الغطاء ( قده) ، حيث جند نفسه وأولاده وأهالي النجف الأشرف على حمل السلاح والدفاع عن العتبات المقدسة ضد أعداء الدين والمذهب فكانت تلك الهجمة البربرية الهمجية التي اثارت شجون التاريخ  { أنظر كتاب المرجعية الدينية ، للسيد محمد سعيد الحكيم (دام ظله) }.
     وقد تعرضت المرجعية الدينية في العصور القريبة الى فتن داخلية أخرى ، كالخلاف الحاد بين الأصوليين والإخباريين ، الا ان المرجعية أخمدت هذه الفتنة وعملت على  لم الشمل ورتق الفتق حتى عادت الوحدة بين أهل المذهب الواحد ، ثم تعرضت لفتن أخرى متلاحقة كالشيخية والكشفية والبابية والبهائية وأيضاً لعبت المرجعية الدور الرائد في حلها وإذابتها ، فانحسرت تلك الفتن ورجع الكثير الى جادة الدين الحق وانضموا تحت لواء التشيع .
     كما وقفت اليوم أيضاً المرجعية الدينية بزعامة السيد علي الحسيني السيستاني ( دام ظله) ، ضد الفتن والصراعات الطائفية الداخلية والحركات الفكرية المنحرفة ، حيث أخذت المرجعية الدينية على عاتقها منع وقوع مثل هذه الفتن والصراعات الطائفية والتصدي لها بكل حكمة وصبر ورجاحة عقل .
 ودور المرجعية الدينية في التصدي والقضاء على الفتن والصراعات الطائفية ، كان واضحاً ومهماً خاصةً في الأحداث التي وقعت في النجف الأشرف، والأحداث التي حدثت بعد الخامس عشرمن شهر شعبان المبارك 1424هـ ، في كربلاء المقدسة[9]،( راجع استفتاء رقم – 4 – ملحق رقم – 4 -)
     وتقوم المرجعية الدينية بالإصدار المستمر للبيانات والاستفتاءات الشرعية التي تتناول وتعالج المواضيع والأحداث التي تقع في الشارع الإسلامي عموماً والشارع الشيعي خصوصاً ، ومن المسائل الأخرى التي تقوم المرجعية بتناولها ومعالجتها هي تعريف هوية الأشخاص الذين يدعون الاجتهاد والأعلمية بضوابط لا تتفق مع الشرع[10] ، إضافة الى ذلك فإن المرجعية الدينية تقوم بكشف زور وكذب بعض الادعاءات الرخيصة والمغرضة من قبيل ادعاء السفارة أو الإنابة مع الإمام المهــدي (عج)راجع استفتاء رقم (5) الملحق رقم (4) ، وكما فعل الإمامين العسكري والإمام المهدي (ع)حيث روى الشيخ الطوسي في كتابه الغيبة ص 3997 ، رواية تقول : أنه سأل رجل الحسين بن روح ( أعلى الله مقامه  الشريف)  فقـال له : ما تقول في كتب محمد بن علي الشلمغاني ؟  ومحمد هذا لم يكن رجلاً من السوَقَة أو رجلاً من العاديين ، إنما كان عالماً من علماء الطائفة ووجهاً من وجوه المذهب ، وكان قد صدرت عنه تصريحات ضالة وانحرافات ، فوقف منه الإمام (ع) ونوابه موقفاً صارماً ، وكان كثير التأليف ، حيث كانت كتبه تملأ المكتبات الإسلامية فكانت مشكلة للشيعة في ذلك الزمن وهي أن رجلاً يملك هكذا قدسية وعلمية وفضيلة كيف ينحرف بهذا الشكل ؟ فيصعب على كثير من الأذهــان أن تتقبل هذه الفكرة ، و سألوا الحسين بن روح النوبختي عن هذا الموضوع ليسأل الإمام (ع) مباشرة عنه ، فخرج التوقيع بتحريم قراءة كتبه وأنها كتب ضلال . كما سُأل الإمام الحسن العسكري (ع ) عن (بني فضال) وبني فضال بيت من البيوت العلمية الشيعية ، ولكنهم ابتلوا بأنهم صاروا واقفية من الشيعة المنحرفين ، فقال (ع) : خذوا بما رووا وذروا ما رأوا . ( الغيبة للطوسي ح 355 ص 389 ).
     ومعنى ذلك أن رواياتنا الموجودة في كتبهم خذوها ، لا سيما التي كانت أيام استقامتهم ، وأما آرائهم فلا تأخذوا بها ، فكان ذلك في الواقع أزمة واجهتها الطائفة الشيعية ، وهي أزمة من   ادعى السفارة كذباً ومنهم محمد بن علي بن أبي عزاقر الشلمغاني .
كما جاء في الغيبة للطوسي ص 397 ، في ذكر المذمومين الذين ادعوا البابية والسفارة كذباً وافتراءً لعنهم الله ، أولهم المعروف بالشريعي ، أخبرنا جماعة عن أبى محمد التلعكبري عن أبى علي محمد بن همام قال : كان الشريعي يكنى بأبي الحسن علي بن محمد ثم الحسن بن علي بعده وهو أول من أدعى مقاماً لم يجعله الله فيه ولم يكن أهلاً له وكذب على الله وعلى حججه (ع) ونسب إليهم ما لا يليق بهم ومن هم منه براء فلعنته الشيعة وتبرأت منه وخرج توقيع الإمام (ع) بلعنه والبراءة منه ، قال : هارون ثم ظهر منه القول بالكفر والإلحاد قال وكل هؤلاء المدعين إنما يكون كذبهم أولاً على الإمام وأنهم وكلاؤه فيدعون الضعفة بهذا القول الى موالاتهم ثم يترقى الأمر بهم إلى قول الحلاجية كما اشتهر من ابي جعفر الشلمغاني ونظرائه عليهم جميعاً لعائن الله . 
     وعن أمير المؤمنين (ع) انه قال ( وآخر قد تسمى عالماً وليس به ، فاقتبس جهائل من جهال وأضاليل من ضلال ونصب للناس أشراك حبائل غرور وقول زور ، قد حمل الكتاب على آرائه وعطف الحق على هواه ، يؤمن الناس من العظائم ويهون كبير الجرائم ، يقول أقف عند الشبهات وفيها وقع ، ويقول اعتزل البدع وبينها اضطجع فالصورة صورة إنسان والقلب قلب حيوان لا يعرف باب الهدى فيتبعه ولا باب العمى فيصد عنه وذلك ميت الأحياء)  ، لمزيد من الاطلاع راجع كتاب الغيبة للشيخ الطوسي فصل - 6 – ص345 ص468، وكتاب الغيبة للشيخ النعماني باب  -5 – ص111،باب  -12 – ص201، وباب –17- ص296.
أما الاعلمية فيرى سماحة السيد الخامنئي (مد ظله) إن تحققها ليس بالأمر السهل حيث قال:(فليس الأمر كما يتصور البعض بأن شخصاً إذا درس في الحوزة أعواماً، وأصبح عالماً، وأتقن علم الاصول، وتعمق في بحث الأصل المثبت وبحث مقدمة الواجب وبحث الضد وبعض الأبحاث الفلسفية ، صار بإمكانه إن يدعي الاعلمية قائلاً: ان غيري لا يملك هذا التعمق في علم الاصول، ان فهم مثل هذا الإنسان عن الاعلمية يكون ناقصاً جداً، ويضيف سماحته انه ليس من الصواب ان يتصور من اتعب نفسه في الأبحاث الفنية الأصولية اكثر ثم ألف كتاباً واصدر رسالة عملية مثلاً، انه الأعلم ويتحدى الجميع ويستهتر بالآخرين، إن هذا التصور خاطئ  من الناحية العلمية وقبيح من الناحية الأخلاقية .
     كما قامت المرجعية الدينية بتسديد إعمال رجال السياسة الشرعيين الذي كان يصب في خدمة الدين والشعب، ووقفت المرجعية الدينية موقف التحفظ أوالرفظ القاطع في اغلب الأحيان تجاه بعض القرارات التي لا تخدم الدولة المدنية العادلة ولو نسبياً، والمرجعية الدينية الموقرة مستمرة في عملها هذا وهي تتابع الأحداث والمستجدات سواء على الساحة العالمية أم على الساحة العراقية ، فمن المستجدات التي طرأت مؤخرا" في الساحة العراقية  بعد سقوط النظام البعثي البائد ، هي انتشار الأقمار الصناعية ودخول الفضائيات بأنواعها الى المجتمع العراقي المسلم ، وما تخلقه بعض هذه الفضائيات من غزو ثقافي وفكري غير مرغوب به شرعا"، فنرى أن المرجعية الدينية قد سارعت بإصدار الفتاوى الشرعية الخاصة بهذه المسألة لحل الاشكالات الشرعية   بنوعيها العقائدي والفقهي التي قد تسببها ، وذلك حفاظا" على بيضة الإسلام ، والهوية   الإسلامية للشعب العراقي الغيور ، كما قامت المرجعية الدينية بفتح مراكز ثقافية إرشادية و تبليغية في مختلف مناطق العراق ، بهدف نشر الثقافة الإسلامية الأصيلة والدفاع عن المقدسات الإسلامية  ضد الغزو الثقافي الدخيل.
      ويتضح مما سبق أن المرجعية الدينية الشيعية وعبر تأريخها الطويل قد تعرضت الى ضغوطات خارجية وداخلية عديدة ، إلا أنها بعناية الله ورعاية إمام العصر ( عج ) ، وبجهود العلماء الأعلام ، بقيت متماسكة من دون أن تنحرف عن خط أهل البيت ( ع) ، قال تعالى (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ) .
 
الفصل السادس:المواقف العملية للعلماء الأعلام ضد الحكام الطغاة والاستكبار العالمي
تمهيد: ـ
     لقد قام علماء المسلمين الشيعة ، بدور كبير في حفظ أصالة الإسلام والدفاع عنه ، ضد الأخطار التي تحيق به ، من الشبهات والانحرافات والأفكار المنحرفة ، والغزو الخارجي و الداخلي، وان تصدي علمائنا الأعلام وفقهائنا العظام للاستكبار العالمي والحكام الطغاة  ، الذين خرجوا عن جادة الحق واتبعوا أهواءهم ، هو ذو صور مختلفة كان أساسها القيام بالواجب الشرعي في مواجهة الكافر وعدم الركون إليه، والتصدي له ومنعه من الإضرار بالإسلام ، وحسب الظروف المتاحة لهم ، وقد اتسمت هذه المواقف بالتصدي الفكري تارة من خلال إيضاح الحقائق الدينية ورد الشبهات الكافرة سواء ما كان نابعاً من بلاد الإسلام ، أو ما كان وارداً من الأجنبي الكافر ، أو بالتصدي العسكري تارة أخرى من خلال نزول العلماء الى ساحة المعركة والقتال ، هم وأبناؤهم وذويهم ، حيث كانوا السباقين في التضحية والجهاد وحمل السلاح وبذل الغالي والنفيس ، لأجل حفظ بيضة الإسلام وإعلاء كلمة المسلمين ، وفي هذا السياق أيضا فأن للعلماء مواقفهم الخالدة في الحفاظ على الحوزات والمدارس العلمية والاهتمام بها التي لولاها لاندرست معالم الدين .
     وفيما يلي استعراض للمواقف العملية التي قام بها بعض من العلماء ومراجع الدين ، وسنقتصر على بعض الأسماء التي نعتقد بأنها لم تنل قدراً كافياً من الاهتمام والعرض والبحث في الكتابات السابقة :
 
أولاً:آية الله العظمى الإمام السيد محسن الحكيم(قد) 
     هو السيد محسن بن السيد مهدي بن السيد صالح بن السيد أحمد بن السيد محمود بن السيد إبراهيم بن الأمير السيد علي الحكيم الطباطبائي النجفي ، ينتهي نسبه إلى الإمام الحسن بن أمير المؤمنين الإمام علي بن أبى طالب (ع) .
     ولد في يوم عيد الفطر عام 1306هـ ، 1889م في مدينة النجف الأشرف ،وهوالمرجع الديني الكبير والعالم الرباني العظيم ، وهو من أكابر المحققين ،  تولى الزعامة الدينية في عهده وقام بمشاريع دينية وثقافية كبيرة ،يقول الدكتور محمد حسين الصغير في كتابه أساطين المرجعية العليا ص-ص:19-20: (… وكانت الحقبة التي تصدى بها السيد الحكيم للمرجعية، هي العصر الذهبي للمرجعية دون ريب، فقد أذعنت له الملوك والرؤساء والحكام، وقد سار الشعب المسلم في ظل قيادته الحكيمة ،وتفرغ للصالح العام في مشاريعه ووكلاؤه ودعاته، فعمرت المساجد ، وازدهرت العتبات المقدسة ، وكثرة الدعاة الى الحق ، وتقاسم الشباب المسؤولية فبين عالم ومتعلم ، وأديب وخطيب ، وبلاغي ومتكلم ، وانتشر وكلاؤه في الآفاق ، وزهت الثقافة بما أشاد من مكتبات عامة ، وبلغت الحركة العلمية ذروتها في العطاء والثراء ، حتى ضاقت المدارس بالطلاب ، فاستأجر لهم  العمارات والفنادق ، وشيد دار الحكمة ، وقامت الدراسة الحقة على قدم وساق ، وهي تضم مئات الطلاب في الدراسات الفقهية والأصولية والحديثية ، وقد تكفل بمورد إعالتهم وإعاشتهم على قلة ما في اليد ، ورفد ذلك بالتنظيم لجزء من مجالات الدراسة للشباب النابهين ، ففتح نظام (الكورسات) في التدريس بمعاهد دورية الدراسة قد يطلق على كل دورة منها (دورة الإمام الحكيم) وأسند شؤونها إلى المتحفزين من رجال الدين في القيام بالتدريس والمتابعة والإشراف ، وإجراء الامتحانات الفصلية السنوية ، وهو في كل هذا – مع شدة الرقابة – لم يستسلم لليأس لحظة ، ولم يترك للعمل فرصة ، والتباريح تحوطه من كل جانب ، والآلام تصاحبه ليل نهار ، وهو صلب الإرادة في التخطيط والبناء) . 
     من أهم مؤلفاتــه:
–       مستمسك العروة الوثقى : وهو من اوسع الكتب الفقهية الاستدلالية ، وهو عبارة عن شرح مكثف وموسع لمطالب ((العروة الوثقى)) للفقيه الكبير السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي وهذا الكتاب يقع في اربعة عشر مجلدا. 
-حقائق الأصول: هو في مجلدين كبيرين ، يتضمن شرحا لكتاب الكفاية للفقيه العظيم الاخوند الخراساني . 
-         نهج الفقاهة . 
-          دليل الناسك .
-         منهاج الصالحين : رسالة عملية .
-          منهاج الناسكين ، وغيرها من الكتب والمؤلفات القيمة .
 مدرسة الإمام السيد محسن الحكيم "قد"الموسوعية:ـ 
   تتمتع مدرسة الإمام الحكيم"قد" بمميزات وصفات كثيرة تجعلها من الأوائل أن لم نقل الأولى في جوانب عدة ومختلفة ومن بين تلك الجوانب التي تتميز بها عن غيرها من المدارس الفقهية والعلمية والأخلاقية هي:
 الجانب العلمي :- يعتبر الجانب العلمي في الإمام الحكيم من أهم الأبعاد في شخصيته ،حيث أن الأعمال العلمية للإمام "قد" قد أخذت حيزاً واسعاً من حياته ووقته وشخصيته ،وقد أحصى بعض المؤلفين -في شخصية الإمام الحكيم -مؤلفاته فبلغت (24) مؤلفاً تناولت موضوعات مختلفة من العلوم الإسلامية كالفقه والأصول ،وتعتبر موسوعة مستمسك العروة الوثقى ودليل الناسك وحقائق الأصول، من أهم الموسوعات الفقهية والأصولية لأنه جمع بين الدقة في الاستنباط والتزام المنهج العلمي الذي يعتمد على الضوابط والأصول المقررة من جانب ، والفقاهة في فهم النص وظروفه ، وما يسميه "قد" بالارتكاز العرفي والذوق العام من جانب آخر والعمل على إيجاد الموازنة بينهما وتفسير احدها بالآخر .
     وقد جمع "قد" في هذا العمل بين مدرستين ، المدرسة الأولى تعتمد على ظهور النصوص والمقارنة بينهما واستنباط الحكم الشرعي من خلال فهمهما دون تحليل مفرداتها على ضوء المصطلحات والنتائج الأصولية، والمدرسة الثانية التي اعتمدت على الفكر الأصولي التحليلي للنصوص وتطبيق نتائج الأبحاث الأصولية حتى لو كانت غير منسجمة مع الفهم العرفي العام للنص ، فضلاً عن عمله في تيسير الفقه الاستدلالي من خلال الدقة في التعبير والتلخيص للمطولات الفقهية والجمع للآراء والنظريات المختلفة مع بيان واضح ميسر يمكن أن يتناوله الفضلاء والطلبة المجدون  بسهولة . 
      إن المنهج العام الذي كان يّتبعه السيد الحكيم في الاستنباط والوصول إلى النتائج هو المنهج الموضوعي الذي يعتمد بشكل أساسي على الدراسة العلمية غير المتحيزة تجاه موضوع البحث، ويطّبق فيه الضوابط والأصول والقواعد العلمية المنطقية والتجريبية ، أو الأسس المستنبطة لاستخدامها في عملية الاستنباط ، كما يهتم بالجوانب الروحية والمعنوية في هذا العمل العلمي. 
     فمثلاً عندما كان يتناول "قد" موضوع ولاية الفقيه ،فانه كان يتناوله بأسلوب علمي متين مبني على الأسس الاجتهادية، وقد ذهب الإمام الحكيم إلى الولاية الوسطى[11] بحسب تطلعاته الاجتماعية التي كان يخوضها ،فلا هي ولاية عامة ولا هي ولاية خاصة بل أمر بين أمرين أو نقول بما دون تسلّم الحكم السياسي. 
    وكانت عباراته ومصطلحاته الفقهية والأصولية مسبوكة ومختصرة ولكن ذات معنى كبير وعلم غزير ، فهو أول من شرح العروة الوثقى للسيد الطباطبائي اليزدي بموسوعته الفقهية "مستمسك العروة الوثقى" وهي شرح استدلالي في أربعة عشر جزءاً وقد شقت الموسوعة طريقها إلى الأوساط العلمية الخاصة فضلاً عن عموم العلماء والباحثين.    
2. الجانب السياسي :- لقد كان الإمام الحكيم يمتلك رؤية كاملة وصحيحة للنظرية السياسية الإسلامية ،ورؤيته هذه جاءت على وفق مقومات أساسية إسلامية أعتمد عليها وبني عليه بُنيانه، ومن أهم المقومات التي أعتمد عليها "قد" في نظريته السياسية "القيادة للمرجعية الدينية" حيث تمثل المرجعية الدينية في رؤيته السياسية رأس الهرم في الحركة السياسية وهي القيادة الحقيقية فيها. 
     ومن المقومات التي أعتمد عليها في تلك المرحلة عدم فصل السياسة عن الدين لأن المرحلة التي عاشها الإمام الحكيم بعد ثورة العشرين كانت مرحلة صعبة للغاية وذلك بسبب القيود الدولية المفروضة على العلماء والمثقفين في الدخول في المعترك السياسي مما سبب مشكلة كبيرة وهي عزلة العلماء عن العمل السياسي ، فكان دور الإمام الحكيم أن أخرج المرجعية من هذه الحالة إلى حالة الممارسة للعمل السياسي ، وهناك مقومات كثيرة أعتمدها "قد" من قبيل "توطيد العلاقة بين المرجعية والأمة،ودعم الوحدة الإسلامية والانفتاح على المذاهب الأخرى، وتفعيل دور نظرية البلاغ التي جاء بها القران الكريم (وما على الرسول إلا البلاغ) عن طريق إرسال المئات من المثقفين الإسلاميين إلى المجتمع الإسلامي لغرض التوعية الدينية بكافة مجالاتها ، يقول السيد باقر الحكيم[12] "وأعتقد أنها نفس النظرية التي جاء بها الإمام الخميني ، وانتهى إليها تفكير السيد الشهيد الصدر وغيرهما من العلماء السابقين الذين كانوا يتحركون في المجتمع .    
3. الجانب التثقيفي:- من المواضيع الأساسية التي اهتم الإمام الحكيم الجانب الثقافي للأمة وتثقيف وتعليم الناس وبيان الأحكام لهم ، حيث أن أغلب مجتمع هذه البلدان كانوا بعيدين جداً عن القضايا الدينية بل يوجد بعض منهم لا يؤدون حتى الفرائض الواجبة من قبيل الصلاة والصيام والحج والخمس ، فأرسل الإمام الحكيم إلى هذه المناطق البعيدة والقريبة مبلغين ومبلغات ليتداركوا الأمر وينقذوا الناس من هذا الظلام والبعد عن تعاليم الإسلام ، وطلبوا من بعضهم أن يأتوا إلى عاصمة العلم والعلماء النجف ليدرسوا ويتفقهوا  في الدين حتى يقوا  أنفسهم وأهليهم من نار وقودها الناس والحجارة .
    فضلاً عن ذلك قام "قد" بوضع الجانب الثقافي جنباً إلى جنب مع الجانب السياسي بحيث يصبح كل واحد منها سنداً ودعماً للآخر ومكملاً لمسيرته، بل وجعله "قد" بمثابة القاعدة للعمل السياسي والاجتماعي ولا ينفك عنهما بأي حال من الأحوال مما أضاف نظرية جديدة ومهمة للأوساط الثقافية والسياسية والاجتماعية ، والسبب في تأكيد الإمام الحكيم على ضرورة عدم الانفصال بين العمل الثقافي والسياسي هو منع دخول الحركات السياسية المنحرفة الضالة إلى المجتمع الإسلامي وبالخصوص المجتمع الحوزوي ، وكما حدث قبل تفعيله "قد" لهذه النظرية حيث سقط الكثير من المثقفين ومن أبناء العلماء في أحضان هذه الحركات المنحرفة، وكان يرى"قد" هذه النظرية السور الواقي للأمة من الانزلاق في هكذا متاهات . 
       كما يعتبر مشروع جامعة الكوفة من بين أهم المشاريع التي انبثقت برعاية مباشرة من مرجعية الإمام الحكيم بالرغم من رفض حكومة البكر تنفيذ هذا المشروع آنذاك ، مما دفع الإمام الحكيم إلى إرسال السيد مهدي الحكيم إلى أحمد حسن البكر للتفاوض على هذا الموضوع فأوعد البكر السيد خيراً إلا أن البكر لم يفي بوعوده وتم طي ملف جامعة الكوفة كما توقع الإمام الحكيم تماماً [13]. 
  وقام أيضاً باعمار المدارس الدينية كمدرسة اليزدي الثانية ومدرسة القوّام ومدرسة الأخوند الكبرى ومدرسة شريف العلماء في كربلاء ومدرسة الهندي والمدرسة البادكوبية، وكذلك تشجيع البعثات غير العراقية لبناء مدارس لها تتولى إدارتها والإشراف عليها، ثم بعد ذلك قام ببناء مدرسة دار الحكمة وذلك لاستيعاب الأعداد الغفيرة من طلبة العلوم الدينية ،التي كانت من أهم المدارس العلمية وذلك بفضل العلماء الأفاضل الذين رعوها وتولوا الاعتناء بها .         
  ومن الأعمال التي قام بها في هذا الجانب أيضا الانفتاح على ثقافات العالم الآخر والأديان الأخرى وذلك عن طريق "وجادلهم بالتي هي أحسن" أو "قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء"، وكان لفتوى الإمام الحكيم الدور الرئيسي لهذا الانفتاح حيث أفتى "قد" بطهارة أهل الكتاب مما أعطى هذا الجانب الشرعية الكاملة للتعامل الثقافي والاجتماعي مع أهل الكتاب ، وكذلك أكد على طلب العلوم الدينية والعلوم الأخرى في كافة مجالات الحياة ، وقام "قد" بفتح وتأسيس المراكز والمؤسسات الثقافية والمكتبات في معظم البلدان الإسلامية ومن أهم المكتبات التي قام بإنشائها "قد" مكتبة الإمام الحكيم سنة 1957 وأتخذ من جامع الهندي مقرا لها ، ثم فتح لها فروع داخل العراق وخارجه بلغت السبعين فرعاً وتعد اليوم واحدة من كبريات المكتبات في العالم بما احتوته من نوادر الكتب ونفائس المخطوطات ، أما في الجانب التفكيري العلمي والاجتماعي فقد كان يحمل صفة الاستقلال حيث لم يرتبط "قد" بعلاقته الحوزوية والاجتماعية بما يصنفه أو يحدده في مجمل حركته العامة بل كان يتحمل بشكل مستقل مسؤولية القرار ومستلزماته .
4. الجانب التربوي:-إن منهج السلوك الشخصي للإمام الحكيم ودوره في التربية كان يعتمد على نظرية القدوة في التربية ، فعندما كان (قده) يريد أن يربي على الورع عن محارم الله، كان يضرب أروع الأمثلة في سلوكه لذلك،وعندما كان يريد أن يوجد عنصر الإخلاص وقصد القربى، كان يتوخى في جميع سلوكه توفير هذا الإخلاص ،بحيث يبدو ذلك واضحا لكل من يتصل به،ويتحدث عنه، وعن دوره في تحقيق الأهداف،وتحصيل النتائج والآثار المطلوبة.
    لقد كان (قده) في موضوع التربية يستهدف بشكل عام وإجمالي بناء الشخصية الإسلامية بأبعادها المختلفة، بحيث يكون نتاج هذه التربية ومحصلتها الإنسان الصالح، الذي يسير في طريق الكمالات الإلهية ذاتيا،ويتحمل مسؤولياته تجاه المجتمع الإنساني ويكون قادرا على الانسجام والتأثير ضمن هذه الجماعة،سواء في دائرة الأسرة أم دائرة المجتمع الكبير.
حدثنا [14]العلامة المحقق الشيخ علي الكوراني [15]عن السيرة الشخصية للإمام الحكيم قائلاً :(أن الله سبحانه وتعالى قد أنعم على الإمام الحكيم وفضله على كثير من العلماء حيث كان الإمام الذي يقتدى به في كل شيء فضلاً عن الجانب التربوي الذي أستطاع بأخلاقه السامية وعلومه المحمدية أن يربي جيلاً من العلماء الصالحين لاسيما أولاده العشرة الذين كانوا ذوو مرتبة عالية من العلم والأخلاق الفاضلة ) ،فنجد آية الله السيد يوسف النجل الأكبر للإمام الحكيم من العلماء العارفين والعاملين الكبار وقد رشح من بعض الأوساط الحوزوية لنيل الزعامة الدينية بعد الإمام الحكيم ، وكان العلماء الربانيون الكبار يصلون خلفه أمثال"الإمام الخوئي،والإمام الخميني،والإمام الشاهرودي" لما عرف من تقوى وورع واجتهاد،أما السيد الشهيد عبد الصاحب الحكيم فالكلام متروك إلى أستاذه المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد الروحاني حيث قال فيه"أجلت النظر وسرحت البصر فيما كتبه العلامة الحجة المحقق فخر المجتهدين الورع التقي الشهيد السعيد تقريراً لأبحاثنا فوجدته مستوعباً لما نقحناه جامعا لكل ما بحثناه وحققناه،محيطا بدقائق البحث ونكاته حاويا لأسراره وبياناته ،ملما بتقرير المباني وتحديدها موفقا في تحرير ما جاء في تفنيدها أو تشييدها ولا بدع في ذلك كان رحمه الله مناط الآمال ومعقد الرجاء بفضل ما منّ الله به عليه من ذكاء متوقد ولم جم ومواهب نادرة..."[16] ، وقد عرف عن السيد الشهيد عبد الصاحب الحكيم أنه ذائب في طاعة الله شديد الاحتياط لدينه،لا تأخذه في الله لومة لائم،إذ قال مقالته الشهيرة عندما هدد بالحضور إلى المؤتمر الشعبي الإسلامي [17]:"رب السجن أحبُ إلي ممّا يدعُونني إليه".
أما بقية أولاده الثمانية فقد ساروا على النهج ذاته من الورع والتقوى والاجتهاد والجهاد ، وهذا يدل على مدى عمق التربية الإسلامية المحمدية الأصيلة التي كان ينتهجها الإمام"قد" مع أولاده وعائلته الكريمة[18].
5. الجانب الأخلاقي:- لقد برزت شخصية السيد الحكيم فضلا عن مرجعيته الكبرى بأنه كان مثالا للسلوك العرفاني والمدرسة الإلهية في تربية الذات وتقويم النفس ،وتحصيل الكمالات ومخالفة الهوى ومجاهدة الآمال، وهذا مما يرتفع بمستوى الروح إلى درجة الصديقين والشهداء والصالحين.
    لقد جابه الإمام الحكيم في حياته شتى الظروف والفتن،وقاسى ألوان البلاء والشدة،فقابل ذلك بالصبر الجميل والاستعانة بالله والإنابة إليه، وكان هذا السلوك قد أكسبه حياة متحركة فياضة،فهو من الفقهاء نموذجهم المثالي الأرقى،وهو لدى العارفين وحيد عصره روحانية وخلوصا،وهو عند الشرائح الشعبية المتعددة رمز الأبوة الصالحة التي تفيض عطفا وحنانا،ونتيجة لهذا السلوك كان السيد الحكيم لا يستبد بالرأي اجتماعيا وسياسيا ، بل له مستشارون من مختلف الطبقات، عليهم أن يشيروا عليه، وعليه أن يرى ،وهو صاحب القرار وحده لا يفرض عليه من أي جهة، فلا محسوبية ولا منسوبية لديه بل ما ينطلق به تكليفه الشرعي.
    لقد كانت إحدى الصفات البارزة في الإمام الحكيم التي يكاد أن يلمسها كل إنسان يعاشره ،هي الصفات الأخلاقية والسلوكية التي تتجسد فيها الروحانية والمعنوية العالية والتخلق بالكمالات الإلهية التي أراد لهذا الإنسان.
   فضلا عن ذلك فإن مما يميز السيد الحكيم تواضعه وحرصه على القيام بأعماله بنفسه ،فقد كان يتوخى ويسعى أخلاقيا لأن يعبد الله بالتواضع في سلوكه،حيث يرى التواضع تعبيرا عن العبودية لله والذلة أمام يديه، كما أنه يرى التواضع صفة مهمة في الإنسان المؤمن،يحبه الله تعالى ويميزه على غيره في عملية الاستبدال، فهو يحترم المؤمنين ويتواضع لهم،فيقوم للشيوخ وكبار السن وللفقراء ولطلبة العلوم الدينية المستضعفين، حدثنا العلامة السيد محمد حسين ابن السيد محمد صادق الحكيم إمام مسجد السهلة وجامع النجم نقلاً عن الخطيب الحسيني المعروف الشيخ "وهاب الكاشي" حيث قال الأخير: "أني كلما أردت أبداء تحية السلام على لإمام الحكيم سبقني هو بتحية السلام وذلك لتمام أخلاقه وتواضعه".
   و كان يحرص الإمام الحكيم على القيام بأعماله بنفسه إلى أقصى حد ممكن، وحتى في التفاصيل الصغيرة، حيث كان هذا الاتجاه الروحي ملازما لشخصيته إلى آخر حياته.
   فقد كان يقوم بالبحث والتدريس والمراجعة والكتابة والتصحيح لكتاباته دون أن يكلف أحدا من طلابه أو ذويه حتى في أيام شيخوخته ومرجعيته.
كما كان يحاول أن يعتمد على نفسه في قضاء حاجاته الخاصة، ويتجنب إلى أقصى حد تكليف الآخرين، أو الطلب منهم في قضاء هذه الحاجات، كما إنه كان يبادر إلى شرب الماء بنفسه، دون أن يطلب من أحد إحضار الماء إليه، وكان يعد بنفسه فراشه وأدوات الكتابة وأقلام القصب، أو ملئ القلم بالحبر وغير ذلك، دون أن يكلف أحدا بذلك حتى خدمه أو أولاده.
 وكان (قده) يباشر بنفسه دفع بعض مساعدات الفقراء والمحتاجين،وكذا المساعدات المنظمة التي كان يقدمها بنفسه للطلبة الضعفاء وعلى شكل رواتب أو في مقاطع زمنية أو عن طريق مساعديه، كما كان يباشر بنفسه الاستفسار والسؤال عن الشؤون الشخصية للأشخاص الذين يلتقون به من طلاب العلوم الدينية أو الشخصيات أو الكسبة.
6. الجانب الجهادي :- لقد سلك السيد الحكيم طريق الجهاد من أوسع أبوابه ومنذ أول شبابه،فكان العلم المناضل والبطل المجاهد منذ أول شبابه حتى وفاته، فقد جاهد السيد محسن الحكيم في أيام شبابه مع العلماء الكبار،أمثال السيد محمد سعيد الحبوبي ، وشيخ الشريعة الأصفهاني ، حيث قاتل تحت قيادتهم ضد الإنكليز بعد وفاة الشيخ محمد تقي الشيرازي ، في الجبهتين المعروفتين ، جبهة الشعيبة وجبهة الكوت ، في شهر محرم الحرام عام 1333هـ ، الموافق لشهر تشرين الأول 1914م  وحققوا في جهادهم ونضالهم أروع البطولات وأعظمها في تاريخ الثورة العراقية ، كما تصدى السيد محسن الحكيم للحكم الملكي والقاسمي والعارفي ، وكان صراع مستمر بينهم من أجل إلغاء القوانين المخالفة للإسلام وهي تارة تضطر للاستجابة له ، وأخرى تمتنع عليه حسب اختلاف الظروف والأحوال ، وقد عمل السيد الحكيم (قد) ما بوسعه من أجل إلغاء تلك القوانين ، مما أحدث توتراً واضحاً بينه وبين تلك الحكومات ، وكانت هذه محنته معها وشكواه منها ، إلى آخر أيامه الشريفة. كما أصدر فتاوى  لإسناد العمل الجهادي والفدائي الفلسطيني ودعمه بكل الوسائل والإمكانات ، وكان أول مرجع عام يصدر فتوى صريحة وواضحة في إسناد هذا العمل الجهادي ، وجواز المشاركة في الجهاد ضد الصهيونية ، ثم أردف فتواه بفتوى أخرى يجيز فيها صرف الزكاة والحقوق الشرعية في العمل الفدائي وكانت هذه الفتوى هي الأولى من نوعها حيث لم تصدر فتاوى من المراجع في ذلك الوقت لدعم العمل الفدائي،  وبعد أن تجاوز الصهاينة على القدس الشريف نرى أن الإمام الحكيم (قد) قد أرسل مندوباً عنه وهو نجله السيد مهدي الحكيم ( قد) ،للمشاركة في المؤتمرات التي عقدت في مختلف أقطار الوطن العربي وخاصة مؤتمر الأردن بعد دخول الصهاينة إلى الحرم الشريف، وكانت هذه المشاركة هي لإصدار البيانات الخاصة بذلك الشأن لاستنكار كل الأعمال الصهيونية الشنيعة ، كما تبنى الإمام الحكيم المنظمات الفلسطينية المجاهدة العاملة في الساحة الإسلامية وعلى وجه الخصوص العاملة في العراق بحيث أن مندوبي وممثلي منظمة تحرير فلسطين كانوا يراجعون الإمام الحكيم في أغلب شؤونهم السياسية والجهادية ، كما يعتبر "قد" المرجع الديني الأعلى الوحيد الذي وقف بقوة حينذاك أمام محولة شاه إيران الاعتراف بإسرائيل وفتح سفارة في طهران .
     أما موقفه من الحزب الشيوعي والاشتراكية فكان للإمام الحكيم دور كبير ودقيق في هذه المسألة لأنه من ناحية يحاول أن يحافظ على المواجهة مع الغربيين والدول الاستعمارية ومن ناحية أخرى يحافظ على دين الناس وثقافتهم حيث تمكن من عزل الحزب الشيوعي من ناحية ومن ناحية أخرى أخذ يتصدى للأمور السياسية العامة لمواجهة الحكومات العميلة للغرب وللاستكبار ، وذلك جراء الفتوى الكبيرة التي أصدرها فيما يتعلق بتحريم الانتماء للحزب الشيوعي والتي جاء فيها{ الشيوعية كفر وإلحاد }[19] وقد صدرت هذه الفتوى عام 1959م، وكذلك أصدر فتواه بتحريم الاشتراكية عام 1965م وكان لهذه الفتوى الأثر الكبير جداً في العالم الإسلامي ، فبدأ التحرك ضد الشيوعية والاشتراكية حينها .
       وبعد مجيء حزب البعث المجرم إلى الحكم في العراق في عام 1968م ، دخل الإمام الحكيم في صراع ومواجهة مع البعثيين منذ اليوم الأول لمجيئهم إلى الحكم إذ لم تكن هناك جهة سبقت الإمام الحكيم في مواجهة البعثيين فبدأ الصراع وجرت أحداث المواجهة المعروفة فيما بين الإمام الحكيم وبين البعثيين وخاصة عندما اتهم البعثيين الإمام الحكيم(قد) بإسقاط حكومتهم في سنة 1963م ،وبعد أن أعلن الإمام الحكيم رفضه لهم ،وعقد اجتماع كبير جداً في الصحن الحيدري الشريف للإمام علي(ع) في اليوم السابع والعشرين من شهر صفر سنة 1969م وذلك لاجتماع الناس في (27 –28 من هذا الشهر) كل عام بمناسبة وفاة النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) وألقيت كلمة الإمام الحكيم في هذا الاجتماع والذي ألقاها في ذلك الحشد الغفير ولده الشهيد السيد مهدي الحكيم(قد) معلناً فيها عن رأي الإمام الحكيم في الحكم وحزبه العفلقي ، وتصاعدت وتيرة الاعتقالات في صفوف الشباب الشيعة ورؤساء العشائر في العراق الموالين للمرجعية بحجتي الشيوعية والشعوبية،وبعدها أعلن الإمام الحكيم المواجهة العلنية الصارمة مع نظام البعث الكافر حيث سافر إلى بغداد معلناً فيها معارضته للقوانين البعثية التي هي ضد الإسلام والمسلمين وقال(قد)  كلمته المشهورة( سأذهب إلى بغداد كما ذهب جدي الإمام الحسين(عليه السلام) إلى الكوفة)،وعندما سافر إلى هناك استقبل السيد بمئات الآلاف من الناس تعبيرا عن مساندتهم ودعمهم للمرجعية الموقرة ، حيث أعلن (قد) وبمحضر الحشود البشرية الهائلة الممتدة على طول الطرق المؤدية بين النجف وكربلاء وبغداد وسامراء ، بأن المرجعية ترفض جميع الأعمال الوحشية التي يرتكبها هذا النظام المجرم ،وقد أتته الوفود من كل مكان فاضطر النظام البعثي الحاكم أن يرسل حمادي شهاب التكريتي وهو من الأشخاص الخمسة الذين كانوا يسيطرون على الحكم آنذاك في العراق وبعد اجتماع الإمام الحكيم مع هذا المجرم أوضح رأيه بصراحة وقال له بالحرف الواحد ( إذا كان الناس قد أخرجوكم من الحكم في المرة السابقة وتركوكم أحياءاً اما في هذه المرة وفي حال إخراجكم مجدداً من الحكم فإنهم سيقطعونكم قطعة قطعة )[20] ، فأشار حمادي شهاب وبلهجة التهديد للإمام الحكيم أنه في حالة استمراره في هذا الموقف فسوف يُقْدم البعثيون على اعتقال أصحابه وإيداعهم السجن ، وبالفعل فقد صدر أمر بعد ثلاثة أيام من هذه المقابلة باعتقال حجة الإسلام والمسلمين السيد مهدي الحكيم بتهمة تعاونه وتعامله مع الأكراد المعارضين للحكم البعثي، وحوصر المنزل الذي نزل فيه الإمام الحكيم ضيفا في الكاظمية عند الحاج سلمان عباس الكردي ودخل البعثيون بيت الحاج الكردي يفتشون عن السيد مهدي الحكيم ،وعلى اثر ذلك تراجع معظم الناس عن نصرة ومساندة المرجعية في محنتها تلك التي هي بالواقع محنة الناس ،وبسبب قلة الناصر وخذلان الناس للإمام ، رجع الإمام الحكيم  إلى النجف الأشرف إلا انه استمر في احتجاجه ورفضه لممارسات النظام البعثي ، ومما يؤيد صحة نظرة الإمام الحكيم تجاه الواقع العراقي السياسي ورجوعه إلى النجف الأشرف وعدم استمراره في الاحتجاج في بغداد والخروج في ثورة ضد ذلك النظام، هو ما قاله الإمام الخميني للسيد محمد باقر الحكيم في إحدى لقاءاتهما في طهران:( إني كنت أنتظر من خلال ما شاهدته من حركة شعبية أن يقوم الحكم الإسلامي في العراق قبل قيامه في إيران ، ولكن وبعد ما شاهدته من أحداث بغداد "السابق ذكرها" وعزلة السيد الحكيم(قد) عن الناس وتخــليهم عـن نصرته وتأييده ، بحيث حتى أن"الكبابجي" الذي كان في جوار البيت الذي نزل فيه السيد الحكيم ضيفاً ، قد توقف عن عمله وانتقل إلى مكان آخر ، فأدركت أن الإمام الحكيم(قد) كان على صواب في موقفه تجاه نظام الحكم البعثي البائد لذلك فهو -لم يقِد الثورة ضده )[21].وهنالك مواقف كثيرة في حياته الجهادية مثل (مساندته للقضية الكردية ، وجماعة العلماء في النجف الأشرف والقضية الفلسطينية والقضايا الإسلامية الأخرى ... الخ).
أما مواقفه العملية ضد الاستكبار العالمي والعملاء وقد ذكرناه مجملاً في بداية النقطة أولاً، فقد جاهد السيد محسن الحكيم في أيام شبابه مع العلماء الكبار،أمثال السيد محمد سعيد الحبوبي،وشيخ الشريعة الأصفهاني ، حيث قاتل تحت قيادتهم ضد الإنكليز بعد وفاة الشيخ محمد تقي الشيرازي ، في الجبهتين المعروفتين ، جبهة الشعيبة وجبهة الكوت ، في شهر محرم الحرام عام 1333هـ ، الموافق لشهر تشرين الأول 1914م ، وحققوا في جهادهم ونضالهم أروع البطولات وأعظمها في تاريخ الثورة العراقية ، ولكن النصر لم يدم إلا قليلاً وتلاشت الثورة بعدما أدوا ما عليهم وتحملوا تبعاته حيث حوصروا واحتجزوا وأوذوا في سبيل الله تعالى كثيراً ، كل ذلك وقوفاً عند المبادئ وأداء الواجب الذي يرونه ، وكان سبب إفشال الثورة وعدم نجاحها ، هو خيانة الجيش العثماني وبعض الزعماء العشائريين العراقيين وأميري الكويت والمحمرة ، اضافة الى عدم وجود الخبرات المتكافئة بين الإنكليز وعشائر العراق ، وقد أدى ذلك إلى انسحاب بعض العلماء من هذه الثورة وفي مقدمتهم السيد الحكيم(قده) .
     كما تصدى السيد محسن الحكيم للحكم الملكي والقاسمي والعارفي ، وكان صراع مستمر بينهم من أجل إلغاء القوانين[22] المخالفة للإسلام وهي تارة تضطر للاستجابة له ، وأخرى تمتنع عليه حسب اختلاف الظروف والأحوال ، وقد عمل السيد الحكيم (قد) ما بوسعه من أجل إلغاء تلك القوانين ، مما أحدث توتراً واضحاً بينه وبين تلك الحكومات ، وكانت هذه محنته معها وشكواه منها ، الى آخر أيامه الشريفة .وهناك جملة من المواقف المشرفة الأخرى للإمام الحكيم (قد) ضد الأنظمة الفاسدة وأعداء الإسلام  وهي كالآتي : 
أولاً: موقف الإمام الحكيم (قد) من القضية الفلسطينية : 
     إن القضية الفلسطينية من القضايا الرئيسة والأساسية عند الإمام الحكيم (قد)،فبعد الحرب العالمية الثانية  قام العدو الصهيوني بالعدوان على أرض وشعب فلسطين ، وهنا نجد أن الإمام الحكيم قد تصدى لهذا الموضوع بكل أبعاده وفي مختلف المراحل حيث طالب الشعوب والحكومات العربية والإسلامية بنصرة الشعب الفلسطيني والوقوف الى جانبه ، كما أصدر فتاوى  لإسناد العمل الجهادي والفدائي الفلسطيني ودعمه بكل الوسائل والإمكانات  ، وكان أول مرجع عام يصدر فتوى صريحة وواضحة في إسناد هذا العمل الجهادي ، وجواز المشاركة في الجهاد ضد الصهيونية ، ثم أردف فتواه بفتوى أخرى يجيز فيها صرف الزكاة والحقوق الشرعية في العمل الفدائي وكانت هذه الفتوى هي الأولى من نوعها حيث لم تصدر فتاوى من المراجع في ذلك الوقت لدعم العمل الفدائي،  وبعد أن تجاوز الصهاينة على القدس الشريف نرى أن الإمام الحكيم (قد) قد أرسل مندوباً عنه وهو نجله السيد مهدي الحكيم ( قد) ،للمشاركة في المؤتمرات التي عقدت في مختلف أقطار الوطن العربي وخاصة مؤتمر الأردن بعد دخول الصهاينة الى الحرم الشريف، وكانت هذه المشاركة هي لإصدار البيانات الخاصة بذلك الشأن لاستنكار كل الأعمال الصهيونية الشنيعة ، كما تبنى الإمام الحكيم المنظمات الفلسطينية المجاهدة العاملة في الساحة الإسلامية وعلى وجه الخصوص العاملة في العراق بحيث أن مندوبي وممثلي منظمة تحرير فلسطين كانوا يراجعون الإمام الحكيم في شؤونهم ، ويقول السيد محمد باقر الحكيم (قد) { وقمنا آنذاك بحملة واسعة لجمع التبرعات لإسناد العمل الجهادي الفلسطيني في العراق إلى أن جاء العفالقة وحكموا العراق ، فلم يسمحوا لأي جهة بالتبرع أو المساعدة لإخوانهم الفلسطينيين } ، ويتابع السيد (قد) كلامه ولا زلت أتذكر أن مندوب منظمة التحرير الفلسطينية وفد على الإمام الحكيم (قد) وهو يبكي حاملاً كتاباً سرياً كان قد صدر من مجلس قيادة الثورة معمماً الى جميع دوائر العراق الحكومية يبين فيه حدود العمل الفلسطيني . 
     أما فيما يتعلق باستضافة أبناء الشعب الفلسطيني المشردين من بلادهم ، فقد دعا الإمام الحكيم (قد) أبناء الشعب اللبناني وخاصة في الجنوب كمنطقة جبل عامل الذين كانوا من مقلدي سماحته (قد) ،حيث كان وكيل الإمام الحكيم في جبل عامل الحجة السيد موسى الصدر، فان السيد الحكيم قد دعاهم ليستضيفوا أبناء الشعب الفلسطيني ، فقاموا باستضافتهم لدرجة أصبح الفلسطيني هو صاحب المنزل ، بل وله القدرة والمنزلة هناك ، في الوقت الذي لم تقبلهم الأردن ولا سوريا ولا مصر ، ولا أية جهة أخرى ، ما خلا أبناء الشيعة في جبل عامل ، حتى أصبح مركز منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان ، فكان للإمام الحكيم الدور الكبير في هذا الأمر.
 
ثانياً: موقف الإمام الحكيم (قد) من التيارات الإلحادية والنظام الاشتراكي:
     لقد عمت العالم الإسلامي تيارات فكرية وعقائدية مختلفة ، وكان من بينها التيارات الإلحادية ، وذلك بسبب ظروف الصراع بين أمريكا والاتحاد السوفيتي (سابقاً) ، وكان الكثير من مستضعفي العرب والمسلمين يجدون أن الملجأ لمواجهة الاستكبار الغربي هو الاتحاد السوفيتي والأحزاب الشيوعية التي انتشرت في مختلف أنحاء العالم الإسلامي ، وهذا اللجوء لم يكن سياسياً فقط ، بل كان في كثير من الأحيان ينجر الوقوع تحت التأثير الفكري للشيوعيين والماركسيين الى حالة الإلحاد ومحاربة الدين ، حيث قام التيار الشيوعي بمساعدة وإسناد المجتمع الإسلامي في التحرر من الاستعمار الغربي ، مقابل مكاسب مادية ومعنوية وهي القضاء على العدو الغربي الذي كان ينافسه وكذلك إسقاط المجتمع المسلم تحت تأثير الأفكار الإلحادية التي كان يتبناها الشيوعيون ،فكان للإمام الحكيم دور كبير ودقيق في هذه المسألة لأنه من ناحية يحاول أن يحافظ على المواجهة مع الغربيين والدول الاستعمارية ومن ناحية أخرى يحافظ على دين الناس وثقافتهم حيث تمكن من عزل الحزب الشيوعي من ناحية ومن ناحية أخرى أخذ يتصدى للأمور السياسية العامة لمواجهة الحكومات العميلة للغرب وللاستكبار ، وذلك جراء الفتوى الكبيرة التي أصدرها فيما يتعلق بتحريم الانتماء للحزب الشيوعي والتي جاء فيها { الشيوعية كفر وإلحاد } وقد صدرت هذه الفتوى عام 1959م ، راجع الملحق (1)، استفتاء (1) ، كما وقف الإمام الحكيم (قد) موقفاً بطولياً ضد النظام الاشتراكي حيث أصدر الإمام الحكيم (قد) فتواه بتحريم الاشتراكية عام 1965م وكان لهذه الفتوى الأثر الكبير جداً في العالم الإسلامي ، فبدأ التحرك ضد الشيوعية والاشتراكية ، ففي أفغانستان مثلاً كان هذا التحرك بزعامة السيد الواعظ ( محمد سرور ) وهو من كبار علماء أفغانستان والذي استشهد على يد السلطات الأفغانية آنذاك ، وكان السيد محمد سرور في النجف الأشرف ومن طلاب الإمام الحكيم (قد)، وتبنى خطه الجهادي ثم ذهب الى أفغانستان في وقت كانت الشيوعية نشطة هناك ، ولما جاء داود خان للحكم قاومه السيد محمد سرور حتى يوم اعتقاله ، وكذلك الأمر مع الشيخ محسن آصف ودوره في هذا الموضوع ، وفي لبنان انطلق السيد موسى الصدر والسيد محمد حسين فضل الله ، والشيخ شمس الدين ، وغيرهم من العلماء لمحاربة التيار الشيوعي مع المحافظة على المواجهة مع الحالة الغربية ، ونفس الأمر كان في باكستان إذ جاءها السيد مهدي الحكيم (قد) وكان الرائج في الأوساط الشيعية في باكستان ، هو تبني الأفكار اليسارية والاشتراكية ، ودخل الامام الحكيم الى باكستان من خلال نجله السيد مهدي الحكيم (قد) الذي قام بحملة واسعة من الخطابات والبيانات وجمع  العلماء ليشكل جبهة دينية إسلامية مقابل التيار الشيوعي في باكستان ، كما قام الإمام الحكيم بإرسال العلماء الى المناطق الشيعية في المدن والقرى والأرياف البعيدة والمجهولة لنفس هذا الأمر.
ثالثاً:موقف الامام الحكيم من الممارسات الظالمة لشاه ايران
     عندما قامت أجهزة السافاك بارتكاب ابشع المجازر الدموية الرهيبة وخاصةً في 25/شوال/1382هـ ، لأجل قمع حركات التحرر بقيادة الإمام الخميني (قد) حيث أسفرت هذه المجازر عن استشهاد الآلاف من أبناء الشعب الإيراني وزج بالمئات من العلماء والفقهاء بالسجون ، استنكر علماء النجف الأشر هذه الحوادث وشجبوا تصرفات الشاه وكان في طليعتهم الإمام    الحكيم (قد) ، حيث اصدر فتوى خاصة بهذا الشأن ، راجع ملحق (1) استفتاء (2) .
رابعاً : موقف الامام الحكيم من جماعة العلماء : 
     تأسست جماعة العلماء سنة 1958م ، وذلك بمبادرة من بعض العلماء القياديين في الحوزة العلمية بالنجف الاشرف، وكان الغرض الأساسي من تأسيسها هو سد الفراغ الديني الذي انتشر بين صفوف الأمة آنذاك بسبب تصاعد المد الإلحادي والعلماني بحكم سيطرة قوى(عميلة) تتبنى تلك المناهج الكافرة،ونتيجة لهذه الأوضاع القلقة واجه علمائنا الأعلام هذه المحنة بالثبات والصمود ،وبدءوا يعالجون الداء الخبيث بصورة سريعة قبل إن يسري إلى جسد الأمة الإسلامية،فعقدوا لذلك اجتماعات سرية وعلنية ليضعوا منهاجا للعمل وليحددوا إبعاد خطة المجابهة،وقد تمخض عن هذه الاجتماعات ولادة جهاز ديني قيادي يدعى ب(جماعة العلماء)،الذي ضم نخبة ممتازة من الشخصيات الدينية والعلمية البارزة في الحوزة العلمية في النجف الأشر من أمثال الشيخ محمد رضا المظفر،والشيخ محمد الدين زين الدين والشيخ محمد حسن الجواهري،والشيخ محمد طاهر ال راضي… وغيرهم من العلماء رضوان الله تعالى عليهم أجمعين. 
     وأخذ جماعة العلماء على عاتقهم الدعوة إلى الله تعالى والى الإسلام عقيدة ونظام هذه الدعوة النزيهة المتحررة عن كل ما يشينها تجمع المسلمين تحت لواء دينهم الخالد ووطنهم العزيز ، غير إنها تعرضت إلى حرب شديدة وهجوم مباغت من عدة جهات من داخل الحوزة ومن خارجها وكذلك حوربت عن طريق بث الإشاعات الكاذبة ضدها ، فتصدت المرجعية الدينية بقيادة الإمام الحكيم(قد)والإمام الخوئي (قد)وبعض علماء الدين من النجف الأشر ف لهذه الهجمات ووقفت إلى جانب(جماعة العلماء)بكل شجاعة،لأنهم يؤمنون بقضيتهم العادلة ، واستمروا في تأييدهم التام لهذه الجماعة عن طريق إصدار الفتاوى الشرعية بحق العلماء العاملين في جماعة العلماء ، وكان السيد الحكيم من ابرز العلماء الذين قدموا التأييد والدعم لهم ، وقد اصدر(قد) فتوى خاصة بهذا الأمر راجع الملحق (1) استفتاء (3) .     
رابعاً : موقف الإمام الحكيم (قد) من حزب البعث الكافر:
     بعد مجيء حزب البعث المجرم الى الحكم في العراق في عام 1968م ، دخل الإمام الحكيم في صراع ومواجهة مع البعثيين منذ اليوم الأول لمجيئهم الى الحكم إذ لم تكن هناك جهة سبقت الإمام الحكيم في مواجهة البعثيين فبدأ الصراع وجرت أحداث المواجهة المعروفة فيما بين الإمام الحكيم وبين البعثيين وخاصة عندما اتهم البعثيين الإمام الحكيم (قد) بإسقاط حكومتهم في سنة 1963م ،وبعد أن أعلن الإمام الحكيم رفضه لهم ،وعقد اجتماع كبير جداً في الصحن الحيدري الشريف للإمام علي (ع) في اليوم السابع والعشرين من شهر صفر سنة 1969م وذلك لاجتماع الناس في (27 –28 من شهر صفر) كل عام بمناسبة وفاة النبي الأكرم (ص) وألقيت كلمة الإمام الحكيم في هذا الاجتماع والذي ألقاها في ذلك الحشد الغفير ولده الشهيد السيد مهدي الحكيم (قد) معلناً فيها عن رأي الإمام الحكيم في الحكم وحزبه العفلقي ، وتصاعدت وتيرة الاعتقالات في صفوف الشباب الشيعة ورؤساء العشائر في العراق الموالين للمرجعية بحجتي الشيوعية والشعوبية،وبعدها أعلن الإمام الحكيم المواجهة العلنية الصارمة مع نظام البعث الكافر حيث سافر الى بغداد معلناً فيها معارضته للقوانين البعثية التي هي ضد الإسلام والمسلمين وقال (قد)  كلمته المشهورة ( سأذهب الى بغداد كما ذهب الإمام الحسين (ع) الى الكوفة) ،وعندما سافر الى هناك استقبل السيد بمئات الآلاف من الناس تعبيرا عن مساندتهم ودعمهم للمرجعية الموقرة ، حيث أعلن (قد) وبمحضر الحشود البشرية الهائلة الممتدة على طول الطرق المؤدية بين النجف وكربلاء وبغداد وسامراء ، بأن المرجعية ترفض جميع الأعمال الوحشية التي يرتكبها هذا النظام المجرم ،
وقد أتته الوفود من كل مكان فاضطر النظام البعثي الحاكم أن يرسل حمادي شهاب التكريتي وهو من الأشخاص الخمسة الذين كانوا يسيطرون على الحكم آنذاك في العراق وبعد اجتماع الإمام الحكيم مع هذا المجرم أوضح رأيه بصراحة وقال له بالحرف الواحد ( إذا كان الناس قد أخرجوكم من الحكم في المرة السابقة وتركوكم أحياءاً اما في هذه المرة وفي حال إخراجكم مجدداً من الحكم فانهم سيقطعونكم قطعة قطعة ) ، فأشار حمادي شهاب وبلهجة التهديد للإمام الحكيم أنه في حالة استمراره في هذا الموقف فسوف يُقْدم البعثيون على اعتقال أصحابه وإبداعهم السجن ، وبالفعل فقد صدر أمر بعد ثلاثة أيام من هذه المقابلة باعتقال حجة الإسلام والمسلمين السيد مهدي الحكيم بتهمة تعاونه وتعامله مع الأكراد المعارضين للحكم البعثي، وحوصر المنزل الذي نزل فيه الإمام الحكيم ضيفا في الكاظمية عند الحاج سلمان عباس الكردي  ودخل البعثيون المنزل  يفتشون عن السيد مهدي الحكيم ،وعلى اثر ذلك تراجع معظم الناس عن نصرة ومساندة المرجعية في محنتها تلك التي هي بالواقع محنة الناس ،وبسبب قلة الناصر وخذلان الناس للإمام ، رجع الإمام الحكيم  إلى النجف الأشرف إلا انه استمر في احتجاجه ورفضه لممارسات النظام البعثي ، ومما يؤيد صحة نظرة الإمام الحكيم تجاه الواقع العراقي السياسي ورجوعه إلى النجف الأشرف وعدم استمراره في الاحتجاج في بغداد والخروج في ثورة ضد ذلك النظام، هو ما قاله الإمام الخميني للسيد محمد باقر الحكيم في إحدى لقاءاتهما في طهران:(( إني كنت أنتظر من خلال ما شاهدته من حركة شعبية أن يقوم الحكم الإسلامي في العراق قبل قيامه في إيران،ولكن وبعد ما شاهدته من أحداث بغداد (السابق ذكرها) وعزلة السيد الحكيم (قد) عن الناس وتخــليهم عـن نصرته وتأييده ، بحيث حتى أن( الكبابجي ) الذي كان في جوار البيت الذي نزل فيه السيد الحكيم ضيفاً ، قد توقف عن عمله وانتقل الى مكان آخر ، فأدركت أن الإمام الحكيم (قد) كان على صواب في موقفه تجاه نظام الحكم البعثي البائد لذلك فهو -لم يقِد الثورة ضده -))،  ـمرجعية الإمام الحكيم ، للسيد محمد باقر الحكيم ـ ، إن السيد الحكيم (قد)بذهابه إلى بغداد قد شخص القاعدة الشعبية ووجدها لا ترقى بمستوى التحدي فلا يستطيع أن يعتمد عليها عند تصديه لهذا النظام الظالم ، في حين أن من أهم مقومات نجاح الثورة الإسلامية في إيران هو وجود قاعدة جماهيرية صلبة مؤيدة ومساندة بقوة للإمام الخميني (قد) وللمراجع الأعلام ، فمنذ زمن بعيد وهي ترفع شعار(يا مرگ يا خميني) أي أما الموت أو الخميني .
     واستمرت المواجهة مع البعثيين وعندما صدر البيان السابع لمؤتمر حزب البعث والذي كان يؤكد على ضرورة ضرب ما كان يسمى بالتيار الفاطمي ويقصد بذلك التحرك الإسلامي الحاصل في العراق والذي تقوده المرجعية الدينية ، تصدى الإمام الحكيم لذلك بكل قوة وصلابة ، ولمزيد من التفاصيل يراجع كتاب { مرجعية الإمام الحكيم للسيد الشهيد محمد باقر الحكيم (قد)} كذلك وقف الإمام الحكيم موقفاً بطولياً عندما قامت السلطات البعثية بتسفير طلبة العلوم الدينية في النجف الأشرف بحجة انتماءاتهم السياسية المعارضة للحكم كما قامت حكومة البعث بمنع الزوار القادمين من الحج لزيارة العتبات المقدسة في العراق، فقام الإمام الحكيم باستغلال زيارة الأربعين للإمام الحسين (ع) لغرض إعلان معارضته لهذا الحكم اللاإنساني واستغل هذه الفرصة لوجود حشود جماهيرية شيعية عظيمة وبسبب عدم وجود وسائل إعلام في ذلك الوقت ، قام الإمام الحكيم (قد) بمحاولة سياسية ناجحة عبر فيها عن رفضه لقرارات النظام ومعارضته له حيث عاد  الإمام الحكيم الى النجف ولم يقم بزيارة الإمام الحسين (ع) تعبيراً عن احتجاجه ضد قرارات النظام الحاكم الأمر الذي أثار حالة من الاستفسار عند جماهير الشعب العراقي وحصلت ضجة كبيرة من قبل الوفود المحتشدة في كربلاء بسبب تسائلها عن قيام الإمام الحكيم بالرجوع الى النجف الأشرف وعدم زيارته لجده الإمام الحسين (ع) فاضطرت حكومة البعث الى إرسال وفد إلى النجف لمعالجة الموقف وكان الوفد يتكون من حردان التكريتي وخير الله طلفاح وآخرين معهم فعقد الاجتماع يوم 19 صفر في دار الإمام الحكيم بحضور جمع كبير من العلماء ، يقول السيد محمد باقر الحكيم (قد) { كنت حاضراً أنا ومجموعة من العلماء في ذلك الاجتماع وعندما طرحت القضية في ذلك الاجتماع تصدى خير الله طلفاح بطريقته التي يعرفها العراقيون بالدفاع عن حكم العفالقة على أنه حكم إسلامي يمثل الاسلام والعروبة وهو آنذاك كان محافظاً لبغداد وحردان كان وزيراً للدفاع ، وأتذكر أني خاطبت خير الله طلفاح أن هناك مجموعة من المنشورات التي تصدر عن جهات رسمية حكومية تؤكد أن حكومة البعث تقف موقفاً معادياً للإسلام ، ومن أجل إحراجي في ذلك طلب مني هذه المنشورات ، فأخرجت له المجلة التي تؤكد على ضرورة تحطيم المرجعية الدينية التي كانوا يصفون بها التحرك الإسلامي الموجود في النجف والذي تقوده المرجعية المجاهدة فانكشفت حقيقة البعثيين في هذا الاجتماع مما دفعهم ليتراجعوا عن موقفهم).
     وعندما مرض الإمام الحكيم (قد) في آخر حياته في المستشفى مرض الوفاة، تحدث إليه بعض ولده وسأله عن موقفه من الحكم الظالم الكافر، حكم العفالقة البعثيين المجرمين ، وتقييمه لهذا الموقف، بعد الآلام والمعاناة التي لاقاها من هؤلاء المجرمين ، فقال لهم (قد) (أني أشعر بالرضا تجاه هذا الموقف لأني لو لم أصنع شيئاً في موقفي هذا إلا أن أضع حاجزاً بين البعثيين المجرمين والشعب العراقي ، ولو لمدة عشر سنوات لكان هذا الموقف يستحق كـل هذه التضحية).( الحوزة العلمية ، محمد باقر الحكيم (قد) ص8 ).
     إن اتخاذ الموقف من أجل توضيح هذه الحقيقة عندما يكون موقفاً شاملاً وعاماً ، يكون مستحقاً لكل هذه التضحيات .
وفاة الإمام الحكيم"قد":- وقد توفي الإمام الحكيم(قد) في مستشفى ابن سينا ببغداد في26/ربيع الثاني/1390هـ  - الموافق في1/6/1970م ، ونقل جثمانه الطاهر إلى النجف الأشرف في زخم هائل ضم مئات الآلاف من العراقيين تجاوز عددهم مليوني نسمة حيث عطلت المدينة بأسواقها ومحافلها ودوائرها،وخرجت مواكب العزاء يتقدمها  المراجع العظام والعلماء الأعلام وفي المقدمة الإمام الخوئي والإمام الخميني والشاهرودي(قده)، وعند وصول الجثمان الطاهر إلى الصحن الحيدري الشريف خطب ولده السيد محمد باقر الحكيم(قد)خطبة بليغة عزى بها المسلمين بالفاجعة العظمى،وأدى ولده السيد يوسف الحكيم الصلاة عليه وائتم به بقية العلماء،وقد تولى غسله وتجهيزه وتلقينه وإجراء الواجبات والمستحبات ولده السيد الشهيد محمد باقر الحكيم(قد)بثبات وصبر عظيمين،يقول العلامة الدكتور محمد حسين الصغير[23]:- وقد سألته ـ السيد محمد باقر الحكيم ـ" كيف طابت نفسك بتغسيل السيد وأجراء المراسيم عليه،وكيف جرأت على ذلك،فقال:والله لقد انصدع قلبي وتزلزل كياني وانا ألقنه وأهزه هزاً عنيفاً طبقاً للاستحباب" -، ودفن بمقبرته التي أعــــدها لنفسه وابنائه بجوار مسجد الهندي في الطابق الأرضي من مكتبته العامة في النجف الاشرف.
ثانياً: آية الله العظمى الإمام السيد  أبو القاسم الموسوي الخوئي(قد)  
     هو السيد أبو القاسم نجل العالم الرباني السيد علي أكبر بن السيد هاشم الموسوي الخوئي النجفي ، يتصل نسبه بالإمام موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين .
     ولد في مدينة"خوي"الواقعة بين وارومية ومرند وهي في منطقة الحدود بين تركيا وما كان يدعى الاتحاد السوفيتي سابقاً على بعد 149 كم شمال غرب تبريزوتعد خوي من المدائن الاذربية المعروفة وهي من مواطن العرب ومعاقل العربية والتراث في تاريخ الإسلام والتي تنسب إليها الثياب الخوئية المشهورة ، من أسرة عربية محضة أماً وأباً وجداً ، في حي من أحيائها المعدودة وذلك في 15/رجب/1317هـ ، الموافق 19 /11/1899 م .
     قصد العراق وهو بن ثلاث عشرة سنة في حدود العام 1330 هـ وسكن النجف الأشرف ولبث فيها من عمره ثمانية عقود وبضع سنين وتوفي فيها وهو في السادسة و التسعين ، وكان أبوه نزلها في سنة 1307 هـ قبل قرن وعشرين سنة ، وتتلمذ في مدرستي النجف الأشرف وسامراء المقدسة وهو من علماء الأمة المؤلفين لازم مدرسة النجف الشرف وعلماءها وقد كانت عامرة بفحولة الفقهاء والحكماء من أوعية العلم الكبار ولاسيما الثلاثة من الطراز الأول وهم الشيخ محمد حسين النائيني(قده) وشيخ العلماء وأستاذ الفقهاء الفيلسوف الحكيم الشيخ محمد حسين الكمباني والشيخ ضياء الدين العراقي خلف الأول(قد) كتاب "تنبيه الأمة وتنزيه الملة في لزوم مشروطية الدولة ،وهي دعوة إلى الدستور في عهد الاستبدادين الإيراني والعثماني ،إضافة إلى أعماله في الفقه والأصول ،وخلف الثاني(قد)22 كتاباً في الفلسفة والحكمة والأدب واللغة والبلاغة والشعر والتاريخ والفقه ، وترك الثالث(قد)ذخائر الكتب في الفقه والأصول والقضاء وفروع العلوم المختلفة.
     كان الإمام الخوئي (قد)تلميذ هؤلاء المشاهير من رجال العلم والحكمة الذين تعلم منهم في العراق بلد الحضارات والأمجاد ،وحضر دروسهم ومجالسهم ولازم حلقاتهم في مدينة العلم والعلماء النجف الأشرف ، أما تفاصيل سيرته الذاتية فقد كتبها السيد الخوئي نفسه بكل صدق وأمانة وتواضع بقلمه الشريف فجاءت برقم (14697)[24] .
      وهو أستاذ الفقهاء والمجتهدين ، وأستاذ الأصول الأول ومدرس النجف الأول ، حيث كان له الدور الريادي في علم   الأصول [25]بالإضافة إلى ذلك فهو فقيه متبحر ومفسر مجدد ، ورجالي ذو مدرسة وإن علميّته وأفكاره تتجلى في مؤلفاته وتقريراته النفيسة القيمة التي تعتبر ثروة فكرية ضخمة من تراثنا الإسلامي ، أصبح مرجع الشيعة الأعلى بعد وفاة الإمام الحكيم(قد) سنة 1970م فقام(قد) بتشييد أكبر صرح وأعظم حوزة علمية في العالم الإسلامي تخرج منها كثير من العلماء والفقهاء حتى لا ترى بلدة أو ناحية شيعية إلا ومرجعها الديني تلميذه أو تلميذ تلميذه غالباً من ابرز مؤلفاته التي تعتز به المكتبة العربية والإسلامية : - تنقيح العروة الوثقى :وهو من الكتب  الفقهية ويقع في ستة أجزاء،  دروس في فقه الشيعة وهو أيضا من الكتب الفقهية ويقع في أربعة أجزاء ، مستند العروة : كتاب فقهي يقع في ثلاثة أجزاء ، مصباح الأصول وهو من الكتب الأصولية يقع في جزئيين ، محاضرات في أصول الفقه : دورة أصولية طبع منها خمسة أجزاء ، مباني الاستنباط : كتاب أصولي يقع في جزئيين ، البيان في تفسير القران كتاب تفسير وهو من الكتب القيمة الجامعة الشاملة في علوم القران  يقع في جزء واحد ،معجم رجال الحديث وهو كتاب كبير في 23 مجلداً قوامها 11424 صفحة ويشتمل على 15678 ترجمة منمقة موثقة لرواة الحديث وحملة العلم ونقلة التراث وعين مواطن رواياتهم في الاصول الاربعة والجوامع الكبار وسائر الكتب الحديث، إضافة إلى العشرات من الكتب والمخطوطات القيمة .
     عاش حياته من أجل العلم والمعرفة وكرس جميع جهوده من أجل قضايا الإسلام والمسلمين ، ولدفع الحركة العلمية إلى مواقع متقدمة، ومن جانب أخر فأن للإمام الخوئي مواقف جهادية رائعة في مواجهة الأحداث التي تخص واقع الأمة الإسلامية والدفاع عن كيان الإسلام والأمة الإسلامية ضد الاستعمار والأنظمة العميلة له ، فقد وقف موقفاً بطولياً ضد الحركات الفكرية المنحرفة والعقائد الفاسدة ومن بين تلك الحركات "الشيوعية" التي جاء بها النظام الماركسي ، حيث اصدر الإمام الخوئي فتواه الشهيرة ضد هذه الحركة وقال:الشيوعية كعقيدة فلسفية تناقض أصول الإسلام، فهي كفر والحاد[26].
     وإليكم جملة من المواقف الجهادية المشرفة الأخرى:ـ
أولاً: موقفه بالنسبة للقضية الفلسطينية 
     لقد وقف الإمام الخوئي(قد) إلى جانب الشعب الفلسطيني في قضيتهم العادلة ضد العدو الصهيوني الغاصب ، وقد صرح الإمام الخوئي بالجهاد ضد الاحتلال اليهودي وإخراجه من الأراضي الإسلامية المحتلة ، كما دعا المسلمين كافة للعمل على تحرير القدس الشريف والأراضي المغتصبة من براثن العدو الإسرائيلي الغاصب [27].
ثانياً: موقفه من جماعة العلماء:
     لقد سبق أن ذكرنا الأسباب التي أدت إلى تأسيس جماعة العلماء والأهداف التي تسعى إلى تحقيقها ، وذكرنا  كذلك موقف المرجعية الدينية من هذه الجماعة والذي كان موقفاً مؤيداً ومسانداً لها حيث اصدروا الفتاوى الشرعية  بحق العلماء الذين تضمهم جماعة العلماء ،وكان الأمام المجاهد أبو القاسم الخوئي(قده) في طليعة العلماء  الأعلام الذين أصدروا الفتاوى الشرعية تأييداً ودعماً وتضامناً مع العلماء العاملين في جماعة العلماء [28]. 
ثالثاً: موقفه الجهادي ضد حكومة الشاه في إيران:
     لقد وقف الإمام الخوئي(قد) موقفاً جهادياً و بطولياً إلى جانب الشعب الإيراني المسلم ضد نظام الشاه وحكومته ، وذلك منذ انطلاق الشرارة الأولى للثورة الإسلامية الإيرانية ، فقد وقف السيد الخوئي (قد) مع الشعب الإيراني في مواقف كثيرة حيث كان لها الأثر في تحريك الثورة الإسلامية وتفعيلها ضد حكومة الشاه المقبور ، حيث قام الإمام الخوئي(قد) بوضع هذه القضية ضمن القضايا الأساسية للمسلمين بعد قضية فلسطين المحتلة .
     وإن مواقف السيد الخوئي(قد) في هذا الصدد كثيرة والتي كان من أهمها موقفه ضد الاستفتاء الشعبي (رافراندم) وذلك عندما بدأ شاه إيران ( محمد رضا بهلوي ) بتطبيق ما عرف بالثورة البيضاء في سنة 1963م ، أراد من خلالها أن يموه الواقع على العالم وإن الشعب الإيراني هو الذي يريد ذلك ، فاقترح الشاه عدة مقترحات ودعا مجلس النواب للمصادقة على هذه المقررات الاستعمارية الخطيرة التي لا تتلاءم مع واقع التشريع الإسلامي ، فقام الشعب الإيراني بإرسال ألوف البرقيات ومئات المضابط من كافة المدن الإيرانية إلى العلماء في النجف الأشرف لغرض استشارتهم حول مشروعية الدخول لهـذه الانتخابات"رافراندم"وهل هي جائزة أم لا  فجاء رد العلماء بتحريم الاشتراك والدخول في الاستفتاء العام ، وأصدر الإمام المجاهد السيد الخوئي(قد) فتواه بتحريم الاشتراك في الاستفتاء وقد طبعت هذه الفتوى ووزعت في المدن الإيرانية على نطاق واسع [29]، وكان لهذه الفتوى دوي هائل في إيران لأنها صدرت من أحد أكابر الزعماء الدينيين فعالية في النضال ضد الشاه وحكومته ، وقد ساعد الدستور الإيراني العلماء الأبرار كثيراً في هذه الثورة ، حيث ان الدستور الإيراني الذي وضعته المشروطة[30] برئاسة آية الله العظمى محمد كاظم الخراساني سنة 1905م ، في حكومة الشاه محمد علي القاجاري ،الذي أخذت تأييداً واسعاً من العلماء الأبرار في مدينة النجف الأشرف ، حيث كان النفوذ لوجود الزعامة الدينية الشيعية فيها آنذاك، فكان لعائلة السيد الخوئي فضلاً في إقامة المشروطة حيث اتخذت عائلة السيد الخوئي(قد) وعلى رأسها السيد علي أكبر الخوئي(قد) والد الإمام الخوئي موقفاً مؤيداً لحركة الدستور"لمشروطة"التي قامت في إيران وكان عمر السيد أبو القاسم الخوئي آنذاك "11"سنة ، وقد قام العلماء الأعلام في مدينة النجف الأشرف بدور جهادي رائع في تأييد حركة المشروطة وأخذوا يبعثون بالبرقيات والرسائل إلى الشاه وحكومته يطالبون فيها بوجوب تنفيذ الدستور ونبذ الاستبداد ، وبذلك أخذت النجف يومها بزمام الحركة الدستورية وجعلت تدير الحركات التحررية لا في إيران فحسب بل في جميع البلدان الإسلامية ، وكانت الصلاحيات التي منحها الدستور الإيراني للعلماء الروحانيين هي صلاحيات  كان ينبع منها خوف الشاه وفي الوقت نفسه كانت تنبع منها قوة رجال الدين والعلماء ، وقد نصت المادة السادسة من الدستور الإيراني على احترام العلماء من قبل الشاه وعدم التعرض لهم بأي حال من الأحوال ، بالإضافة إلى إعطائهم صلاحيات إيقاف تنفيذ القوانين التي يبينها المجلس التشريعي إذا ما وجدوها أنها مخالفة للشريعة الإسلامية ، لذلك وقف العلماء الأعلام في إيران موقفاً حازماً وشديداً من الشاه وحكومته ، حيث انطلقت المرجعية الدينية في مدينة قم المقدسة المتمثلة بزعمائها الكبار"الإمام الخميني ، والإمام شريعة الله مداري والإمام الكلبايكاني"والمرجعية الدينية في النجــف الأشرف المتمثلة بزعمائها الكبار"الإمام الحكيم ، ولإمام الخوئي ، ولإمام الشاهرودي" فخاضوا النضال والجهاد ضد الشاه وحكومته ، وفي سنة 1963م حدثت المذبحة الفظيعة في المدرسة الفيضية الواقعة في مدينة قم المقدسة ، حيث قتلت أجهزة الشاه الإجرامية العديد من طلبة العلوم الدينية بالإضافة إلى عدد كبير من المؤمنين ، وبعدها وصلت أنباء المجزرة إلى أسماع العلماء الأعلام في النجف الأشرف ، الذين أبدوا استيائهم المتفاقم للأحداث الأخيرة التي وقعت في المدرسة الفيضية وفي كافة مدن إيران ، وأبرقوا إلى الشاه وحكومته يهددونه فيها بإطلاق الكلمة الأخيرة إذا لم يرتدع عن إجرامه ولم يطبق المواد الست المقترحة من قبل علماء إيران ، وعلى رأس العلماء الذين أبرقوا إلى علماء إيران وحكومة الشاه السيد الإمام الخوئي(قد) [31]، وجاء موقف المرجعية الدينية العليا سنداً ودعماً بالغ الأهمية بالنسبة للصراع الدائر في إيران فأصبحت المساجد والمدارس الدينية مكاناً لاجتماع الثوار ، ولازم الإمام الخوئي الإمام الخميني في ميادين الجهاد والنضال بقوة وصلابة ، حيث قام الإمام الخوئي(قد) بخطوة كبيرة وجريئة في يوم المذبحة الكبرى في إيران حينما أصدر بياناً إلى الشعب الإيراني أعلن فيه أن الشاه المتحالف مع الصهيونية والاستكبار العالمي الذي يحوك الدسائس ضد الإسلام والمسلمين "لا يعتبر مسلماً حقيقياً "، وكان البيان يعني أن الشاه قد فقد شرعية البقاء في منصبه بنص المادة السادسة من الدستور الإيراني ، ولإذاعة هكذا بيان من مرجع كبير كالإمام الخوئي على الشعب الإيراني في تلك الظروف بالذات كان لا بد أن يكون له أثراً كبيراً على سير الأحداث في ذلك الوقت ، واستمر الإمام الخوئي في موقفه الجهادي والنضالي إلى جانب إخوانه العلماء المجاهدين في إيران ضد الشاه وحكومته ، وقد فضح الإمام الخوئي الشاه الدكتاتوري وأعلن استنكاره الشديد للجرائم التي يقترفها الشاه بحق شعبه ، وعدائه للإسلام والمسلمين وعلى أثر ذلك أصدرت الهيئة العلمية في النجف الأشرف بزعامة الإمام الخوئي(قد) فتوى بتحريم كل أنواع التعامل مع نظام الشاه وحكومته ، وكذلك أصدر الإمام الخوئي(قد) تصريحات خطيرة في تلك الأيام كان لها الأثر الفعال في تفجير بركان الثورة الإسلامية وكان لهذه التصريحات صداها الكبير والمؤثر في إيران والعالم الإسلامي ، وتعتبر مواقف الإمام الخوئي(قد) من الأسباب الرئيسية لنجاح الثورة الإسلامية في إيران .
رابعاً:موقفه من النظام البعثي الفاسد: 
     إن للإمام الخوئي(قد) مواقف كثيرة وعظيمة ضد الحكم البعثي الظالم كموقفه المؤيد للجمهورية الإسلامية الإيرانية وموقفه من الثورة الشعبانية المباركة وكذلك موقفه من حفظ الحوزة العلمية ، حيث وقف الإمام الخوئي(قد) مع الجمهورية الإسلامية موقفاً يستحق الفخر والاعتزاز، فقد قام النظام البعثي بضغوط شديدة على المرجعية العليا المتمثلة بالسيد الخوئي(قد) من أجل الطعن بالجمهورية الإسلامية وحكومتها المتمثلة بالإمام الخميني(قد) ، إلا إن السيد الخوئي(قد) رفض هذا الأمر بكل قوة وعزيمة وأصر النظام  على هذا الأمر ، وهو إبلاغ الناس ان الحكومة الإيرانية بزعامة الإمام الخميني ليست حكومة إسلامية وإنما هي حكومة دكتاتورية توسعية تهدف إلى السيطرة على الخليج العربي"على حد زعمهم " فقام السيد الخوئي(قد) بموقف فكري وسياسي جريء ، حيث كتب للإمام الخميني(قد) كتاب ما مضمونه"بسمه تعالى : من السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي إلى سماحة آية الله العظمى السيد روح الله الموسوي الخميني ، -كن حسناً والسلام" [32]فقامت الإذاعات العالمية والمحلية بنشر هذا الخبر ، وتفسيره بأن الزعيم الديني الشيعي في النجف الأشرف وهو الإمام الخوئي يقول لقائد الثورة الإسلامية الإمام الخميني كن حسناً مع صدام وحكومته، وهذا الكلام يعطي مشروعية للنظام وأعوانه ، فرد السيد الخميني(قد) على هذه الرسالة التي بعثها إليه السيد الخوئي ما مضمونه(( بسمه تعالى : من السيد روح الله الموسوي الخميني ، إلى سماحة آية الله العظمى السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي - بل أكن حسينياً-))[33]. 
     وبعد هذا الرد اتضح مضمون الرسالة التي كان قد بعث بها السيد الخوئي للسيد الخميني، وهي أن السيد الخوئي يطلب من الإمام الراحل أن يكون موقفه مع صدام وحكومة البعث كموقف الإمام الحسن(ع) مع معاوية، لكن الإمام الخميني كانت تتوفر لديه الشروط الحسينية وهي قتال يزيد زمانه "صدام المجرم"حتى يحكم الله والله خير الحاكمين، فخاب مسعاهم وبهتوا جميعاً . 
     وقد أثيرت عدة إشاعات واتهامات من قبل بعض الجهال ضد السيد الخوئي(قد) خلال فترة الحرب العراقية الإيرانية حيث دارت تلك الإشاعات حول اتهام الإمام الخوئي(قد)بالضعف والتهاون والسكوت تجاه هذه الحرب الغادرة إلا إن الإمام الخميني(قد)اسكت هذه الإشاعات بقوله:"لواتاني أستاذي الكبير"الإمام الخوئي"إلى طهران لاستقبلته حاسي الرأس وحافي القدمين"[34]فاسكت بقوله هذا الأفواه الفارغة .
     أما موقفه من الثورة الشعبانية المباركة ضد النظام البعثي الكافر عام 1991م ، فقد انطلقت الشرارة الأولى للثورة الشعبانية المباركة من المرجعية الدينية في النجف الأشرف من قبل العلماء الأعلام ، بزعامة الإمام الخوئي(قد) وبتأييد وتسديد من المراجع العظام في النجف الأشرف وخاصةً المرجعين العظيمين الشهيدين آية الله العظمى الشيخ علي الغروي(قد)[35] ، وآية الله العظمى الشيخ مرتضى البروجردي(قد) [36]، و كان لهذه الانطلاقة الأثر الفعال في نجاح الثورة وتحرير ما يقارب (14) محافظة من بين (18) محافظة ،وقد أصدر حينها الإمام الخوئي بيانين مهمين صدر الأول منهما في الخامس من آذار – مارس –، وصدر الثاني منهما في الثامن من آذار –مارس – 1991 [37]، وقد ألقاه السيد محمد تقي نجل المرجع الأعلى الخوئي (قد)[38] ، و كان السيد الخوئي يحث المجاهدين على القتال وبذل كل ما بوسعهم من أجل إنجاح هذه الثورة وهو القائل : (لو كان صدام خلفي والرصاصة لا تخرق جسمه حتى تخترق جسمي فاقتلوني)، كما قام هو بنفسه بإلقاء المحاضرات والمقالات السياسية في صحن جده أمير المؤمنين (ع) لتوعية الناس ، لأهداف الثورة وأسبابها. 
     وكان من بين المقاتلين الذين جاهدوا تحت قيادته ولديه الشهيدين السعيدين "آية الله السيد محمد تقي الخوئي ، وحجة الإسلام السيد عبد المجيد الخوئي "قد ، حيث نزلوا إلى أرض المعركة وحملوا السلاح جنباً إلى جنب مع إخوانهم المجاهدين في الدفاع عن أصالة الإسلام ومقدسا ته ، إلا إن النصر لم يدم طويلاً فقد قام الاستكبار العالمي بدعم المجرم صدام على إفشال هذه الثورة بكل ما يملك من قوة السلاح لأنهم رأوا في انتصار هذه الثورة إنهاءً لمصالحهم التي جاءوا من أجلها والتي ساعدهم عليها صدام الدكتاتور، فقاموا بعمليات إجرامية قاسية ضد الشعب العراقي الأبي ولم يستثنوا في إجرامهم الصغير والكبير والمرأة والرجل ، واليابسة والماء، وكل الكائنات الحية الموجودة في أرض العراق الجريح. يقول السيد محمد باقر الحكيم(قد)[39] عن الموقف النضالي للسيد الخوئي(قد) ما نصه { ثم نجد في انتفاضة الخامس عشر من شعبان التي عبر فيها الشعب العراقي المسلم عن موقفه الواقعي والحقيقي تجاه حزب البعث الكافر، إن الوجه المجمل لهذه السيرة كان أيضاً مرجعاً من مراجع الإسلام ، ذلك هو آية الله العظمى الإمام الخوئي (قد) هذا الإنسان الذي كان بحراً في العلم ولا يمكن لأي أحد من الناس أن يشك في علمه وعمقه وسعته في تناوله لمختلف الموضوعات ، وكان مربي العلماء وأستاذ المجتهدين ، لكنه مع ذلك قام بوظيفته الشرعية عندما تصدى لقيادة الأمة في هذه الانتفاضة "الانتفاضة الشعبانية المباركة"وتحمل في سبيل هذه الوظيفة مختلف ألوان الأذى والاضطهاد ، حتى إنني لا زلت أتذكر تلك الرسالة الشريفة التي أرسلها الإمام الخوئي(قد) على يد بعض العلماء عندما جاءوا إلى قم وطلبوا لقاءاً خاصاً وكان اللقاء من أجل إبلاغ هذه الرسالة التي كان يقول فيها لهذا العالم : قل لفلان "أي السيد الحكيم " إنني قد بذلت كل ما في وسعي من أجل هذا الأمر وهذا ما أستطيعه. وأنا أتصاغر كثيراً (السيد الحكيم) أمام مثل هذا الكلام ، ولا أعني شيئاً أمام هذا الإنسان العظيم ، ولكن أشعر في الوقت نفسه أن الآلام والمعاناة التي كان يتحملها هذا الإنسان العظيم ، دعته أن يعبر عن هذه الآلام بهذه الطريقة لإنسان لا يمثل سوى تلميذاً من تلامذته (قد) }. 
موقفه في حفظ الحوزة العلمية : 
     لقد قضى الإمام الخوئي معظم حياته الشريفة في الدرس والبحث  فكان يستغرق جميع  حالاته وأوقاته في بذل العلم ونشره ، وكان أيضاً لا ينفك عن مباحثة العلماء ومشاطرتهم بما يبهرهم ويفوق عليهم بالرأي والدليل  والاطلاع في كل فن ، لذلك يعتبر الإمام الخوئي من أهم مفاخر وأساطين الحوزة العلمية في النجف الأشرف وقم المقدسة ، بحيث إذا تعطل بحثه يوماً ما تأثرت له الدراسة فيها تأثرّاً واضحاً وقد وصفه المحقق الكبير الشيخ محمد جواد مغنية (ره) بقوله :(إن الإمام الخوئي(قد) كالشمس ترسل أشعتها في كل زمان ومكان ، إنه أستاذي وأستاذ العلماء في النجف الأشرف والقطب الذي تدور حوله الحركة العلمية ، ولولا وجوده ووجود قلة من أهل التحقيق والتدقيق لأخذ العهد الذهبي للنجف الأشرف بالأفول (لا سمح الله) فقد لبث زماناً يتعلم ويعلم ويخرِّج العلماء ويناقش الجدد منهم ، أما أسلوبه في الجدل والنقاش فهو أسلوب سقراط الحكيم ، يتجاهل ويتظاهر بالتسليم لقول الطرف ثم يعرض عليه الشكوك والتساؤلات ويتصنع الاستفادة والاسترشاد حتى إذا أجابه المسكين ببراءة وسذاجة أنقض عليه وانتقل به إلى حقائق تلزم أقواله ويوقعه في التناقض من حيث لا يشعر ، ويحمله قهراً على الاعتراف بالخطأ والجهل أو ورود الإشكال) .
     وقد قال فيه المرجع الديني السيد محمد رضا الكابايكاني(قد) : كان مناراً للعلم والتقوى وسلطان للفقاهة والإفتاء حقاً، وقد قال فيه أيضا العلامة المحقق الدكتور حسين علي محفوظ:(وكان مجلس درسه في مسجد الخضراء يمتلىء بالمجتهدين والافاضل والفحول وهم مئات ،وكان يحرص في أبحاثه ومحاضراته واماليه وفتاويه ودروسه على الفصاحة والبلاغة والبيان والدقة في التعبير والتحرير،ومن عجائب الآفاق في ضبط التاريخ بالأحرف وهو حساب الجمل والتاريخ بابجد) .
    أما علاقته مع تلاميذه : فكان الأب النصوح والمعلم المربّي حيث شهد له تلاميذه بالعلمية الفائقة والمنزلة الرفيعة والأخلاق الحسنة ، وممن شهدوا له بذلك هو تلميذه الأستاذ السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قد) ضمن استفتاء[40] وجه إليه ما نصه { السيد محمد باقر الصدر(دام ظله) من المعلوم لدينا علاقتكم الروحية منذ القديم مع سماحة آية الله العظمى المرجع الديني الأعلى السيد الخوئي(دام ظله) لكن هناك بعض المسموعات التي أوجبت الإجمال مما استدعي أن نتوجه إليكم بالسؤال مباشرة عن هذا الموضوع والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ؟.
    بسم الله الرحمن الرحيم :" إن هذا السؤال الذي تتفضلون بتوجيهه لي يوجب شكري من ناحية إذ تتيحون لي بذلك فرصة للتعبير عن واقع يعيش في نفسي ويؤلمني من ناحية أخرى ألماً شديداً لأنه يوحي بأن العلاقة هي من أشرف وأطهر وأقدس العلاقات في حياتي وكأنها عرضة الشك والجمال وهي علاقتي بسيدنا وأستاذنا وسندنا وسنادنا آية الله العظمى الإمام الخوئي( دام ظله الوارف) هذا العلم ولأن كنت قد حصلت من هذه النعمة على شيء من هذه النعمة فإن فضل ذلك يعود إليه فلست إلا ثمرة من ثمرات وجوده وفيضه الشريف وولد من أولاده الروحيين وإذا كان هناك من يحاول غض النظر عن هذه الحقيقة أو ينسب هذا النقص لي أما لأجل حرف قلب الأب عن أبنه أو لأجل استغلال مكانة هذا الابن بتأثير على المقام الأعلى للأب فاني اغتنم فرصة سؤالكم الكريم لأقول لكم بكل وضوح إني أتعامل مع السيد الخوئي(دام ظله) وسأضل كذلك كما يتعامل الابن مع أبيه والتلميذ مع أستاذه والطالب مع مرجعه وقد نوهت بذلك مراراً للناس وللطلبة وللمسئولين ولا أرضى عن أي شخص إلا إن يعترف بذلك ويتعامل معي ومعه(دام ظله) على هذا الأساس وإذا أراد شخص إن ينوه باسم هذا الجانب فليعلم إن مما يزعجني اشد الإزعاج أن يخرج هذا التنويه عن مقتضيات علاقته بين الابن وأبيه والتلميذ وأستاذه وكل خروج عن هذه المقتضيات مناقض لسلوكي وتعاملي وقد جرى ديدن العلماء على التمييز بين الأمرين بين الإفتاء وإبداء ما يتضمن ذلك لمن يحتاج إليه عمله الديني الشخصي وبين الالتزام بمتطلبات المرجعية وصيانتها ونحن نرى لزوم التمييز بين هذين الأمرين فلا يجوز الخلط بينهما ولا يجوز مس مقام المرجعية العليا ولا يجوز أي عمل يقصد به تفتيت شمل المجتمع للمؤمنين على مرجعيتهم العليا وتمزيق كلمتهم واني ابتهل إلى المولى سبحانه وتعالى إن يمتعنا بدوام وجود السيد الأستاذ والاستظلال بظله الوارف والقيام بواجب البنّوة له والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".
     إن السيد الخوئي(قد) كان مؤيداً للشهيد الصدر(قد)في اغلب مواقفه الخالدة فهو كان يعاضد ويساند السيد الصدر،حتى انه قال كلمته المشهورة أمام طلبته ومنهم الشيخ آية الله العظمى جواد التبريزي (قد):
(لو لم يعط السيد أبو جعفر دمه لأعطيت دمي لأيقاظ الأمة من غفلتها)،ألا انه(قد)من جهة أخرى كان يحافظ على البقية الباقية من الجماعة الصالحة التابعة لمذهب أهل البيت(ع)،حيث انه كان يرى إن مداد العلماء في مثل هذه المرحلة بالذات خير من دماء الشهداء. 
     أما سبب وفاته ودفنه سراً فقد أثيرت عدة تساؤلات حول سبب وفاة الإمام الخوئي ،فقد كان السيد (قد) يتمتع بصحة جيدة قبيل وفاته ،وقد نقل لي ذلك أحد الأشخاص يومها وهو"إمام مسجد كبير في البصرة"  حيث قال انه كان برفقة السيد الخوئي قبل وفاته بساعات قليلة ،إلا انه (قد) قد تم نقله بصورة مفاجئة إلى المستشفى ،ويقول (إمام المسجد) عندما ذهبنا إلى المستشفى لرؤية السيد (قد) اخبرنا أحد أطباء المستشفى وبصورة سرية ان السيد (قد) قد تم حقنه بمادة سامة ، حيث كان ذلك السبب الأساسي لوفاته( قد)،وفي صبيحة اليوم التالي لوفاته ،تناقلت وكالات الإنباء العالمية ومنها الإذاعة البريطانية نبأ وفاة السيد الخوئي (قد) كما نقله لي السيد إمام المسجد تماماً ،والله على ما أقول شهيد !،ومن مظلومية الإمام السيد  الخوئي (قد)الذي كان المرجع الأعلى للشيعة الأمامية بعد وفاة الإمام الحكيم (قد) انه دفن سراً وبدون تشييع حيث انه لم يتم إعلام الناس بنبأ وفاته (قد ) ،أن هذا العمل الجبان ليس بالعمل الجديد على النظام البعثي المجرم البائد ،فقد قتل وعذب الكثير من المراجع والعلماء والناس المؤمنين أمثال (المرجع الديني الشهيد السيد محمد باقر الصدر ، والمرجع الديني السيد عبد الأعلى السبزواري ، واية الله الشهيد السيد محمد تقي الخوئي ، وأية الله الشهيد محمد صادق الصدر ، وآية الله المظلوم السيد محمد مرتضى الحكيم ، وأية الله السيد الحسين بحر العلوم ) والكــثير من العلماء (قد) الذين شاركوا في الانتفاضة الشعبانية عام 1991م تحت قيادة الإمام السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي (قد) قد كانوا من تلامذته بحيث تجاوز عددهم أكثر من مائة عالم، لا لذنب إلا لأنهم وقفوا بوجه الظلم والاضطهاد ،الذي مارسه هذا النظام ، فسلام على أرواحهم الطاهرة ، وأسكنهم الله فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً. 
    توفي الإمام الخوئي  في مدينة النجف الأشر ف في اليوم الثامن من صفر سنة 1413هـ، الموافق 8/8/1992م ، ودفن في مقبرته الخاصة جوار مرقد أمير المؤمنين(ع) في الغرفة الملاصقة لمسجد الخضراء والمطلة على الصحن الحيدري الشريف ، ما بينه وبين أمير المؤمنين سوى عشرين متراً ، وقد أرخ العلامة الدكتور محمد حسين علي الصغير أبيات شعرية بحقه الشريف وهي [41]:   
 
       لما اصطفينا للهدى مضجع     وأصبح (الخوئي) فيه دفين
       ومن علي قد دنا موقعــــــاً     وهكذا عاقبة المؤمنيـــــــن
       نودي:فاهتز لها مسمعـــــاً     إنا فتحنا لك فتحاً مبيـــــــن
       وانشد التاريخ لما دعــــــا     أزلفت الجنة للمتقيــــــــــن
 
 
ثالثاً:آية الله العظمى الامام الخميني (قد)
 
الولادة والنشأة 
آية الله العظمى روح الله مصطفى أحمد الموسوي الخميني ، ولد وترعرع الإمام الجليل في بلدة خمين الإيرانية ، على بعد 80 ميلا جنوب غربي مدينة قم المشهورة ، وذلك في 20 جمادى الثانية 1320 هـ الموافق 22 أيلول - سبتمبر 1902 وعاش حتى وفاته في 3 حزيران - يونيو 1989 م . ويقال إنه ولد في 30 جمادى الأولى 1318 هـ / 24 أيلول – سبتمبر 1900 م في رواية غير مؤكدة . 
ويعتبر الإمام آية الله الخميني ، من المراجع الفلسفية الدينية الشيعية الإيرانية والعالمية ، وهو من القادة السياسيين والدينيين الإسلاميين البارزين في العالم لمقارعته شاه إيران المدعوم من الإمبريالية الأمريكية الشريرة ، ودعوته لتغيير الواقع الأليم الفاسد ونمط الحياة الغربية المنحلة أخلاقيا ، حيث كان الشاة محمد رضا بهلوي إمبراطور إيران مواليا لإمبراطورية الشر الأمريكية ويطبق الحياة والتقاليد الغربية والغربية على الشعب الإيراني المسلم عبر الأجهزة الأمنية القمعية وخاصة جهاز ( السافاك ) الإجرامي . 
وتزعم بعض كتب التاريخ أن جد الإمام الخميني الملقب ب ( الهندي ) هاجر من الهند لمدينة خُمَين في إيران ولكن الإمام الخميني أصر مؤكدا على إنه عربي الأصل حيث هاجر أجداده إلى الهند بعد طردهم من الخلفاء المسلمين العرب وقتئذ لخلافات بينهم ، وزعم بعض المؤخرين بلا سند ونسب عائلي متسلسل ، بأن والده جاء من مدينه كينتور في منطقه بربنكي في اوتار پرادش ، بالهند ، ويبدو أنه سكن هناك للعلم أو التجارة أو كليهما وهربا من الإضطهاد السياسي كذلك . وهو عربي الأصل والمولد والنشأة على الأغلب الأرجح كما رجح هو بعقله الراجح الرزين . وكان والده مصطفى الخميني عالما من علماء الدين المعروفين في البلاد . 
الدراسة والتعليم بالحوزات العلمية .. آراك وقم 
على أي حال ، قضى والده مصطفى نحبه ، من عملاء أحد كبار الملاك الرأسماليين الإيرانيين بإطلاق الرصاص الحي عليه لمدافعته عن حقوق بعض المستأجِرين الفلاحين ، وكان عمر الرضيع روح الله ، آنذاك 5 شهور تقريبا عند وفاة والده . فرعته والدته حتى وافتها المنية عام 1337هـ = 1918 م ، فانتقل للعيش بشبابه مع أخيه الأكبر الفقيه ( باسند يداه موسوي ) والتحق بالحوزة العلمية لآية الله عبد الكريم الحائري ، أحد علماء المسلمين الشيعة بمدينة ( آراك ) على بعد 30 كم عن بلدة خمين مسقط رأسه . 
وفي عام 1341هـ / 1922 م ، انتقل آية الله الحائري بحوزته العلمية إلى مدينة ( قم ) المقدسة ، وهي مدينة الأئمة العلمية في البلاد ، فصاحبه الشاب روح الله الخميني ، بأول زيارة لها لمدينة قم المشهورة . وكان الشاب المتدين روح الله فقير الحال المادي يعيش في المسجد الذي تُعقد فيه الحلقات والأذكار الدينية ، مفترشا الأرض ولم يستخدم السرير بتاتا . 
وفي سني حياته الأولى ، أكمل الشاب الإيراني روح الله مرحلة التعليم والدراسة الأولى فحاز على الدرجة العلمية المسماة ( محلة السطوح العالية ) . وشرع بمعاونة أستاذه في التدريس بمادتي الفلسفة والمنطق ، واهتم بدراسة فضائل القيم والأخلاق ، إلا أن أعوان الشاه الإيراني حظروا عليه إلقاء الدروس والمحاضرات الدينية بدعاوى اشتمالها على الشؤون السياسية الحية خوفا من تأليب الناس ضد نظام الشاه .
 
حياته الاجتماعية 
 
نشأ الإمام آية الله روح الله الخميني ضمن عائلته المسلمة ، وقد اغتيل والده وعمره آنذاك خمسة شهور إذ اختارت له أسرته مرضعة لتعمل على تربيته ، ثم التحق بالحوزة العلمية في سن مبكرة وبدأ من هناك حياته العلمية والعملية . 
وبالنسبة للحالة الزوجية الإجتماعية لروح الله الخميني ، فقد تزوج بسن الخامسة والعشرين من فتاة إيرانية اسمها ( خديجة بنت محمد الثقيفي ) وأنجبا عدة أبناء من بينهم : ( مصطفى ) الذي اغتاله جهاز السافاك (المخابرات الإيرانية ) ، وأحمد من كبار مساعديه . وثلاث بنات هن : فريدة وصادفة وفاطمة ، وجميعن تزوجن من علماء مسلمين من الشيعة .
وقد نال الإمام آية الله الخميني شهرة إعلامية وسياسية ودينية عالمية واسعة ، قبل وأثناء وبعد الثورة ، وبعد قيام الجمهورية الإسلامية أواخر العقد الثامن من القرن العشرين المنصرم ، مما حدا بمجلة ( تايم ) الأمريكية لجعله رجل العام ، للعام 1979 وهو عام إنتصار الثورة الإسلامية الإيرانية على ظلم وطغيان شاة إيران الذي كان يلقب نفسه ( شاهنشاه – ملك الملوك ) . 
ويذكر أن آيات الله ( وهم كبار علماء الدين المسلمين الشيعة ) يكنّون وينسبون بأسماء القرى والمدن التي ولدوا أو عاشوا أو أتوا منها ، وبناء عليه سمي الشاب الإيراني روح الله بلقب ديني وجغرافية هو ( آية الله الخميني ) فمصطلح آية الله لقب ديني محترم لدى المسلمين الشيعة ، والخميني لقب جغرافي نسبة لمسقط راسه خُمين .
الحياة الدينية والسياسية للإمام الخميني ( تشكيل الإتحاد الإسلامي ) 
جاء بسنن أبي داود - (ج 11 / ص 419) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ أَوْ أَمِيرٍ جَائِرٍ " . 
لقد شهدت إيران فترات من المد والجزر والقلاقل والاضطرابات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية ، مما ساعد في تذمر وضجر وتململ الشعب الإيراني في عهد شاه إيران ، جراء السياسات الفاسدة الظلامية القمعية بالاغتيال والسجن والنفي خارج البلاد ، ضد جموع الشعب والقادة الشعبيين الميدانيين المعارضين للنظام البهلوي المقيت بزعامة الشاه محمد رضا بهلوي . فاندلعت الهبات والانتفاضات وأحيانا الثورات الشعبية المدعومة خطابيا ودينيا من علماء الدين المسلمين والحوزات العلمية الشيعية في البلاد وخارجها . 
وفي ظل البذخ الشديد لعائلة الشاه بهلوي وتسلل الفقر المدقع بين أبناء الشعب الإيراني ، إبان عهد الشاه ، تصاعدت حدة المعارضة للنظام السياسي القمعي . وفي هذه الأثناء تزعم المعارضة العلماء من درجة الآيات ( آية الله ) وفي مقدمتهم آية الله روح الله الخميني المعلم بمدرسة الفياضية في مدينة ( قم ) المقدسة دينيا . فكان يتجمع ويتجمهر الآلاف من المواطنين المتشوقين للإسلام والتغيير الجذري للفساد المستشري في ثنايا البلاد ، لخطب ومواعظ ودروس الإمام روح الله الخميني الدينية ، وفي غضون ذلك بادر الخميني لإنشاء ( الاتحاد الإسلامي ) ، رافضا الأوامر والتوجيهات الإمبراطورية العليا الصادرة عن الشاه القميء ، وما يصدر عن المجلس النيابي من قوانين وتشريعات ولوائح تنفيذية لأنه يصدر عن هيئة غير شرعية بعيدة عن الصبغة الشرعية حسب ما يراه العالم المصلح آية الله الخميني وقد حمل دمه وروحه على كفه . 
ومما يذكر للإمام آية الله الخميني تكراره وترديده المستمر لوصية الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ، لأبنائه : " فلتكونوا دائمًا حماة الضعفاء وأعداء الظالمين " . فمثلا ، عندما منح شاه إيران بهلوي ( الحصانة السياسية ) للخبراء والمستشارين العسكريين والسياسيين والاقتصاديين الأمريكيين ، ودعا إلى " الثورة البيضاء " المزعومة ، الساعية فعليا للهيمنة على علماء الدين بالبلاد ، عبر سحب مساحات شاسعة من الأراضي الوقفية من أيديهم ، وكذلك تهديد كبار الملاك من الفلاحين بنزع أملاكهم وأطياتهم وعقاراتهم ، لجأ روح الله الخميني لاستعمال هذه السياسة الشاهية الهابطة بالدعاية للثورة والتجديد والإصلاح الاقتصادي والسياسي والاجتماعي الشامل ، وتطبيق الشريعة الإسلامية بدلا من مناهضتها ، ومناهضة أتباعها في الحوزات الدينية . فاتهم الخميني الشاه بأنه ضد الشريعة والدستور الإيراني ، ببيعه إيران للاستعمار الأمريكي ، فظهر الخميني لأول مرة مناديا بالثورة باحتفالات الشيعة بذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء ، موجها الدعوة العلنية للخروج إلى الشوارع بمسيرات ومظاهرات وإضرابات شاملة فاستجابت الجموع الإيرانية الهادرة لهذه الدعوة الإصلاحية الجديدة وتحولت مواكب يوم عاشوراء إلى مسيرات ضخمة مناهضة للنظام الشاهي عام 1383هـ / 1963 م ، فتصدت لها قوات الأمن وخاصة السافاك ، واستشهد 2000 شخص تقريبا وجرح عدة آلاف آخرين . 
وبعد القمع الرسمي الإيراني بالشرطة والأجهزة السرية ( السافاك ) وغيرها ، بدون الاستعانة بالجيش الإيراني ، لهذه المظاهرات الشعبية العنيفة تراجع الشاه محمد رضا بهلوي عن بعض بنود ( الثورة البيضاء ) داعيا علماء الدين لإلتزام السكينة والهدوء ، وواعد ا بعدم مصادرة أراضي الأوقاف الإسلامية ثم تم اعتقال آية الله الخميني ونفي إلى خارج إيران بسبب تحميله المسؤولية كاملة عن إندلاع ثورة وانتفاضة المعارضة في البلاد.
النفي لتركيا والعراق 
بسبب معارضته وانتقاده الشديد للإمبراطور الإيراني الفاسد الشاه محمد رضا پهلوي ، نفي روح الله الخميني ، إلى تركيا لأحد عشر شهرا ثم عاد لوطنه منتصرا . وفي 24 تشرين الأول 1965 ، نفي مرة ثانية للعراق ، فمكث في مدينة النجف العراقية المقدسة لدى الطائفة الإسلامية الشيعية ، مقرا له حيث مارس بها نشاطه الإسلامي الديني الحوزوي ضد النظام الإيراني بزعامة الشاة . وبعد 13 عاما قضاها بالمنفى غادر العراق وتوجه إلى الكويت بعد تعرضه للملاحقة والمضايقة من الحكومة البعثية العلمانية العراقية ، فما كان من الحكومة الكويتية ، وبطلب رسمي من نظام الشاه الإيراني إلا أن حظرت على الخميني دخول الأراضي الكويتية ، فتشاور مع ابنه ( أحمد الخميني ) فهاجر لدمشق ومنها إلى العاصمة الفرنسية باريس حيث وصلها في 6 تشرين الأول – أكتوبر 1978 ، متنقلا باليوم التالي للإقامة في بيت أحد أصدقائه الإيرانيين ويدعي ( نوفل لوشاتو ) بإحدى ضواحي مدينة باريس . ومن جهتها ، أبلغت الرئاسة والحكومة الفرنسية في قصر الإليزيه الإمام الخميني بعهد الرئيس الفرنسي ( جيسكار ديستان ) ، بالابتعاد عن النشاطات السياسية المعارضة للنظام السياسي الإيراني ، فرفض هذا الأمر السفيه ، ولم ينصع له وتصرف بروية وحكمة بالغة كرست سمات وصفات القائد الفذ لقيادة الثورة عن بعد . 
وأعلن الخميني بتصريح صحفي ب : " أنّ هذا النوع من المضايقات يتعارض مع ادعاءات الديمقراطية ، وأنه لن يتخلى عن أهدافه حتى ولو اضطره ذلك إلى التنقل من مطار إلى آخر ومن بلد إلى آخر " . ومكث آية الله روح الله الخميني في باريس أربعة اشهر أدلى فيها بآرائه الثورية الإسلامية وعرض تحليلاته وتصوراته السياسية بشأن الحكومة الإسلامية الشيعية والأهداف القادمة للثورة في بلاده التي نفي منها بقوة السلاح . 
 
ومهما يكن من أمر ، بعد الانتفاضة الثورية ضد نظام الشاه في إيران ، الموالي للأمريكان والغرب ، نفي الخميني لتركيا لأقل من سنة ، ثم طلب منه مرة أخرى الرحيل إلى العراق ، ثم طلب منه رسميا مغادرة العراق ، فصمم على الرحيل والهجرة إلى الكويت ، فأوصدت الحدود دونه ، فقفل راجعا إلى مدينة النجف الأشرف ثم انتقل منها إلى العاصمة السورية دمشق ، فتركها متوجها للعاصمة الفرنسية باريس لوجود حرية الكلمة والتعبير والتوجيه السياسي ، وذلك في شهر شوال 1397هـ / تشرين الأول - أكتوبر 1977م . فنزل بمنزل صغير في ضاحية نوفل لوشانو 20 ميلاً غربي باريس ، فأضحت هذه الضاحية الفرنسية الهادئة مقرًا لقيادته الثورية المتزنة الجديدة حيث استقر بها حتى بوادر إحراز النصر والمغادرة إلى طهران لقطف ثمار الثورة المجيدة . 
إختيار الخميني المنفى بفرنسا .. والإعلام العالمي 
وفي باريس تحول الإمام الخميني في منفاه الأليم البعيد عن وطنه وشعبه ، من زعيم ومرشد وثائر محلي إيراني إلى قائد ثوري عالمي يقود الثورة الإسلامية في بلاده عن بعد بفضل علاقاته السياسية والاجتماعية المتشعبة وأنفتاحه الفكري والسياسي واستخدامه وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمطبوعة بكثافة لكسب الرأي العام المحلي الإيراني والإسلامي والعالمي وخاصة دول عدم الانحياز ودول ما يسمى بالعالم الثالث المعادية للإمبريالية الأمريكية عدوة الشعوب والأمم المضطهدة . فكان هذا المكان الفرنسي بقارة أوروبا البعيدة عن بلاده إيران ، ملاذه الأخير لتفجير الثورة العظمى ضد الطغيان الشاهي في إيران . فسطع نجمه ، وركزت عليه وسائل الإعلام المختلفة ، وكان ينظم مؤتمرات وتصريحات صحفية متعددة وتذكر بعض المراجع الإعلامية أن الإمام الخميني أدلى من مقره الفرنسي المؤقت بتصريحات سياسية مطبوعة ومسموعة ومتلفزة بنحو 500 حديث ولقاء وحوار إعلامي ، وكأنه رئيس دولة وقائد ثورة كبير فحقق النصر الإعلامي والسياسي والإيديولوجي عن بعد قبل تحقيق النصر الشعبي الحقيقي المبين فعليا على أرض الواقع . 
 
مصالح ثورية إيرانية وفرنسية في التخلص من الشاه 
 
وفي هذه الفترة ، رغبت فرنسا بإتاحة المجال أمام الخميني لإنهاء نظام الشاه الذي عينته الولايات المتحدة وبريطانيا سابقا ، وفتح صفحة جديدة مع النظام السياسي الإيراني الجديد بعد رحيل الشاه فكانت مصلحة ومنفعة مشتركة ومتبادلة بين الجانبين الرسمي الفرنسي والثوري الإيراني . وتقول بعض التقارير الإعلامية ، إن باريس تعاملت مع الخميني وفقا لوصية سفيرها في طهران : " إن الشاه قد انتهى ، وإن صفحته قد طويت نهائيًا " . وهو ما فرضه الأمر الثوري على أرض الواقع ، وتسارعت الأحداث في إيران فأخذت المعارضة تلجأ إليه مستلهمة منه تعليمات وإرشادات القائد الكبير والمنقذ المنتظر للبلاد من براثن الشاه ، فقد أعلن مهدي بازركان ، أحد قادة الجبهة الوطنية ، أن أغلبية الشعب الإيراني قد اختارت الإمام روح الله الخميني ليكون قائدًا ومسيرا لها في حياتها الجديدة .
 
ثورات متجددة بالمدن الإيرانية .. وثورة رمضان العظيمة 
وفي هذه الأثناء ، انتقلت أشرطة الإمام الخميني المسجلة ( الرسائل الصوتية ) تلهب حماس الشارع الإيراني المعارض للحكومة الفاسدة في مركزها بطهران ، ففي ربيع أول 1398هـ / شباط - فبراير 1978 م ، تجمعت المظاهرات العنيفة بمساجد مدينة ( تبريز ) ، فلم تقدر قوى الأمن الإيرانية على قمعها بالقوة . فأتي بوحدات وألوية من الجيش الإيراني ، فقمعت المتظاهرين وفُرض حصار شامل برا وبحرا على هذه المدينة الإيرانية . 
ثم تضخمت وتيرة الانتفاضة في شهر الصيام ، شهر رمضان المبارك ، داعية لإغلاق إغلاق المطاعم ، والبنوك الرأسمالية الربوية . وفي يوم الجمعة الدامي ، 6 شوال 1398هـ / 8 أيلول - سبتمبر 1978م ، خرجت انتفاضة كبرى ، تصدى فيها المتظاهرون المدنيون للشرطة الإيرانية فاستخدمت الشرطة الرصاص الحي فقتلت 4 آلاف شهيد ، وأُعلنت الأحكام العرفية في البلاد ، وفُرض حظر التجول ، فتحدى المتظاهرون هذه الإجراءات الحديدية القمعية بمدينة قم المقدسة ، وخرجت التظاهرات الشعبية فقتل ما يزيد عن 2000 شهيد ، فأعلن علماء الدين الشيعة الحداد وامتنعوا عن الخطب وتضامن التجار بالأسواق التجارية ، مع المحتجين ، فشحنت الأجواء الميدانية وزاد السخط واليأس من النظام الشاهي الإيراني . 
 
مواجهة الشاه للثورة الإسلامية بإيران .. والرحيل النهائي للقاهرة 
على العموم ، لم يفلح الحزب الوحيد الأوحد في إيران ( حزب رستاخيز ) الحاكم والداعم لنظام الشاه الطاغية ، في الصمود أمام حركة المد الشعبية الإسلامية الإيرانية بقيادة الإمام الخميني ، فتحلل وتبخرت قوته أمام المتظاهرين ، وتركت قيادات وافراد وحدات الجيش والشرطة الإيرانية الولاء للنظام الإمبراطوري وألتحقوا بصفوف الثورة المجيدة ضد البغاة الطغاة بقيادة الشاه محمد رضا بهلوي . 
وقد سرعت الانتفاضات المتدحرجة والمتدرجة والمنظمة العاصمة طهران وفي المدن الرئيسية والدينية كتبريز وقم وأربعين مدينة أخرى ، في سقوط النظام الشاهي المستند بجبروته لجهاز السافاك السافل ( كان يضم 50 ألف عميل ) ، الذي تعامل مع المواطنين الطيبين البسطاء بوحشية مطلقة من بين أبناء الشعب الإيراني الذي كان يبلغ تعداده حوالي 40 مليون نسمة . ورغم دعوة الجنرال ( ناصر مقدم ) رئيس جهاز السافاك ، حليف ومناصر الشاه ، العلنية والإعلامية ، لتطبيق الإصلاحات والسماح بتكوين الأحزاب السياسية ، وتنظيم انتخابات برلمانية نزيهة وحرة ، والحد من الفساد المستشري بالبلاد ، إلا أنها لم تجد أذانا صاغية من الطاغوت الإيراني غير المبجل بين شعبه . ورغم إقترح الجنرال ( غلام أوفيسي ) حاكم طهران على الشاه تدمير مدينة قم عن بكرة أبيها ، لقتل مليون شخص وتدمير الحوزة الدينية المقدسة على من فيها ، وتوقع أن يكون ضحايا هذا التدمير المجنون المقترح مليون قتيل ، فلم يوافقه الشاه على هذا الاقتراح السخيف ، فترك أوفيسي البلاد وهاجر بعيدا عنها .
وفي ظل هذه الأوضاع المتردية ، فإن الأمور إزدادت سوءا فوق سوء ، فلم يستجب الشاه لاقتراحات أنصاره وحلفائه بالإصلاح والتغيير السلمي تارة أو القتل الجماعي العسكري الوحشي ، بمئات الآلاف ، تارة أخرى لصعوبة الأمرين منفصلين أو مجتمعين ، لإستشراء الفساد الماحق المهلك ، وأصر على بقاء الظلم والظلام ، فإنقلب السحر الإمبراطوري على الساحر ، فرفض الخميني الحوار السياسي مع الشاه والحكومة الإيرانية ، مما أدى لخروج الشاه محمد رضا بهلوي مذموما مدحورا في شتاء 1979 بعد حين من الانتفاضات العارمة بتوجيهات الإمام آية الله الخميني . 
 
إبتزاز بعثي عراقي للإمام الخميني 
 
من جهة ثانية ، سعى النظام البعثي العلماني العراقي الحاكم القريب والمقرب من الشيوعية العالمية ، عام 1394هـ / 1974 م ، للحصول على فتوى دينية شيعية إسلامية ودعم ديني وسياسي من الإمام آية الله الخميني لصراعاته مع النظام الإيراني ، فرفض الخميني ذلك . وبعدما وقّعت اتفاقية الجزائر بين العراق وإيران عام 1395هـ / 1975 م ، طلبت الحكومة العراقية من الخميني التوقف عن مناهضة الشاه ، وإن لم ينصاع لذلك فيجب عليه مغادرة العراق حالا ، ففضل الإمام الخميني السكوت مؤقتا ريثما تتبدل الأوضاع السياسية . وفي عام 1976 جدد ( السافاك ) مطالبة العراق بأن يوقف الخميني نشاطاته الدعائية والدينية ضد النظام الحاكم في طهران ، فخيرته الحكومة العراقية بين اثنتين لا ثالث لهما : أما البقاء الصامت أو الرحيل الفوري . ففضل الخميني الرحيل فما لبث الشاه أن طالب بغداد بمنع مغادرة الخميني للعراق والتوجه للكويت أو غيرها لخطورة هذا الأمر عليه وعلى نظامه الظالم . وقبل ذلك بقليل ، تم إغتيال مصطفى النجل الأكبر لروح الله الخميني مساعده الأول لنقل تعليماته ورسائله إلى مريده ومناصريه في إيران في كمين دبره له جهاز السافاك.
 
الإمام آية الله الخميني .. وفلسطين والثورة الفلسطينية 
زار الإمام الخميني لبنان عدة مرات ، واستقر فيها لبعض الوقت ، وتقول بعض وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية والعالمية ، إن الإمام الخميني تلقى تدريبا عسكريا في معسكرات حركة فتح ( العلمانية ) العمود الفقري للثورة الفلسطينية في لبنان ، آنذاك حيث كانت تشجع حركة فتح الطائفة الشيعية في لبنان وخاصة بالجنوب اللبناني وتضم الكثير من الشيعة في صفوفها مثل القائد عماد مغنية الحارس الشخصي لياسر عرفات ( المعروف بالحاج رضوان ) الذي أصبح لاحقا المسؤول العسكري لحزب الله اللبناني وإغتالته قوة صهيونية في العاصمة السورية دمشق فاستشهد عام 2009 . كما أشارت بعض المصادر السياسية والإعلامية الفلسطينية إلى إرتباط الثورة الفلسطينية بعلاقات وطيدة مع مفجر الثورة الإسلامية الإيرانية آية الله الخميني ، واستقباله الحار في لبنان . واثناء عودته من المنفى رافقت مجموعة من الحراس الفلسطينيين الإمام الخميني لضمان عودته سالما إلى طهران . وتأتي سياسة الاهتمام الفلسطيني وخاصة ياسر عرفات رئيس حركة فتح ، ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ، بالإمام آية الله الخميني كون الخميني معارضا للشاة الذي كان يرتبط بعلاقات وثيقة مع الكيان الصهيوني والإمبريالية الأمريكية الشريرة . وقد إعترف الإمام الخميني بالثورة الفلسطينية ورد لها الجميل الطيب ، الصاع صاعين ، وخصص سفارة فلسطينية كاملة الصلاحيات في طهران بعد انتصار الثورة الإيرانية عام 1979 ، واتخذت من مكان السفارة الصهيونية ( سفارة تل أبيب ) مقرا دائما لها واستقبل قادة الثورة الفسطينية بانتظام .
وقد دعمت الثورة الإسلامية الإيرانية الثورة الفلسطينية ، بالمال والعتاد والسلاح وفتحت معسكرات التدريب لآلاف الثوار الفلسطينيين ، واهتمت بحركة فتح ، لفترة طويلة . ووصل الأمر بقيادة حركة فتح للوساطة بين العراق وإيران عند إندلاع الحرب العراقية – الإيرانية بفترة السنين الثماني العجاف ولكن دون جدوى فكان كل طرف يحمل الطرف الآخر المسؤولية عن نشوب الحرب وتبعاتها . وبعد فترة من الزمن ، اتجهت القيادة الإيرانية لدعم حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) ، وحركة الجهاد الإسلامي ، وخاصة بعد وفاة الإمام الخميني طيب الله ثراه ، إبان انتفاضة فلسطين الكبرى الأولى ، وإعلان وثيقة قيام ( دولة فلسطين ) من الجزائر ، بشكل رمزي ، حيث توجهت القيادة الفلسطينية للمفاوضات السياسية برعاية أمريكية ومظلة عربية مع قيادة الكيان الصهيوني بفلسطين ، الأمر الذي رفضته القيادة الدينية والسياسية الإيرانية جملة وتفصيلا . 
ومما يشهد للإمام الخميني رحمه الله ، تخصيص يوم الجمعة الأخيرة ( اليتيمة ) بشهر رمضان المبارك سنويا ، لنصرة القدس وفلسطين ، فيما عرف ب ( يوم القدس العالمي ) الذي تخرج فيه جموع الشعب الإيراني بالملايين في العاصمة السياسية طهران والمدينة المقدسة ( قم ) مدينة المراجع الدينية الإيرانية الشيعية وغيرها من عشرات المدن والقرى الإيرانية . 
 
إيران والعراق .. وحرب الخليج الأولى ( 1980 – 1988 ) 
بعد إندلاع الثورة الإسلامية الإيرانية ، وانتصارها وإنشاء الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، عام 1979 ، بقرابة عام واحد إندلعت الحرب الإيرانية العراقية ، بسبب التصريحات الإعلامية الجهادية النارية من قادة الثورة الإيرانية الجدد ، وبث الفتن والإشاعات الاستعمارية الأمريكية والأوروبية وبقايا الأجهزة الأمنية الإمبراطورية التابعة لشاة إيران وخاصة جهاز ( السافاك ) وهو الجهاز الأمني العسكري السياسي القمعي . وكذلك الخوف البعثي العلماني العراقي المسيطر على نظام الحكم العراقي آنذاك ، من تصدير الثورة الإيرانية الشيعية للعراق ، خاصة وأن نسبة كبيرة من العراقيين هم من الطائفة الشيعية . وكذلك تخوف الدول العربية من المد الإسلامي الشيعي منطلقا من إيران وبالتالي ساهمت عدة دوافع وعوامل إقليمية وعالمية في جر إيران الإسلامية لحرب ضروس عام 1980 مع العراق مع ما خلفته من دمار كثيف وعنيف ضد الشعبين المسلمين الشقيقين في إيران والعراق حيث اشتعلت الحرب البرية والجوية والبحرية بين الجانبين وقتل فيها قرابة مليون عراقي وإيراني من المسلمين المدنيين وشرد ملايين الأشخاص من ( السنة والشيعة على السواء ) في حرب غير مبررة ، ثم توقفت من طرف أحادي الجانب وهو العراق عام 1988 . ثم وافق الإمام الخميني على وقف إطلاق النار وحرب المدن في 8 آب 1988 م . وقد أضعفت الحرب السجال بسنواتها الثماني العجاف ( حرب الخليج اولى ) بين العراق وإيران المقدرات الاقتصادية الإيرانية وساهمت بأسر عشرات آلاف الجنود والمواطنين من الجانبين ثم أطلق سراحهم لاحقا دون أن تحتل أي منهما أي قطعة أرض من البلد الآخر . وقد أعلن الإمام الخميني رفضه لهذه الحرب التي قال عنها إنها فرضت على إيران فرضا بتآمر إقليمي ودولي من قوى الاستكبار العالمي .
الرسائل الإعلامية للخميني 
عمد الإمام الكبير آية الله روح الله الخميني ، إلى توجيه رسائل صوتية منتظمة لأتباعه من قادة الثورة في إيران ، والمناصرين والمؤيدين والمتعاطفين ، يحثهم فيها على تطبيق الإسلام ، ونصرة المستضعفين في الأرض وعدم الإنصياع لتوجيهات وتعليمات وأوامر الشاة الطاغوت . كما خصص جزءا من الإعلام الصوتي للجيش الإيراني البالغ عدده قرابة 500 ألف جندي ، المدرب جيدا والمسلح بأحدث الأسلحة ، بأن ينصر الضعفاء وأن لا يستخدم السلاح ضد ابناء وطنه وأمته ، قائلا : " لا تخدموا الشاه الطاغوت .. لا تطلقوا النار على إخوانكم المسلمين .. أنتم جنود الله المستضعفون في الأرض .. كل رصاصة تصيب قلب مسلم تصيب قلب القرآن ، أنصحكم بأن تعودوا إلى قراكم ومدنكم وأن تعودوا إلى الله .. أيها الجنود والضباط بالجيش الإيراني المسلم .. فروا من الجيش الإيراني بأسلحتكم لأنها أسلحة الله " . وبذلك أستطاع الخميني نزع الجنود البسطاء من سطوة الضباط ، كما نزع ولاء الضباط للشاه ، ففرت كتائب بأسلحتها وانضمت للمتظاهرين الثائرين . وفي المقابل كانت حملة الإمام الخميني الإعلامية تحث أبناء الشعب على عدم مواجهة الجيش الإيراني ، بقوله : " لا تهاجموا الجيش في صدره ، ولكن هاجموه في قلبه .. إذا صدرت إليهم الأوامر بإطلاق النار عليكم ، فلتعروا صدوركم ، فدماؤكم والحب الذي ستظهرونه لهم وأنتم تسلمون الروح لبارئها سوف يقنعهم ، فدماء كل شهيد هي ناقوس خطر يوقظ آلافًا من الأحياء ". وبهذا الأسلوب الخطابي الديني المسلم المسالم فصل الجنود عن الضباط وفصل الضباط عن الشاه ، فخر الجيش صريعا قبل النفير الديني الكبير والتفجير العظيم للثورة الإسلامية الشعبية . 
 
 
إعلان الجمهورية الإسلامية الإيرانية 10 / 2 / 1979 
لقد حكم شاة إيران محمد رضا بهلوي إيران ما بين 1941 – 1979 . وقد نصب هذا الشاه على عرشه المزعوم تنصيبا عدوانيا أجنبيا خارجيا ، بعد احتلال الحلفاء لإيران ، وخلع والده رضا بهلوي إبان الحرب العالمية الثانية ، بسبب صداقة والده المزعومة مع أدولف هتلر قائد النازية الألمانية في أوروبا ، وتزويد الجيش النازي بالنفط . وفي سنوات الخمسينات من القرن العشرين الماضي قاد رئيس الوزراء الإيراني ( محمد مصدق ) إنقلابا ضد شاه إيران محمد رضا بهلوي ، ولكن بهلوي أعيد بتدخل المخابرات المركزية الأمريكية والمخابرات البريطانية ، بإنقلاب مضاد واستعاد العرش الإيراني بتدخل أمريكي قوي ، وبذلك كان طيلة فترة حكمة أداة طيعة بأيدي الأمريكان والبريطانيين توجه وتدار إلكترونيا ويدويا عن بعد كما يشاؤون . وقد أجبر الشاة الإيراني بهلوي على مغادرة طهران في 16 كانون الثاني – يناير 1979 ، للمرة الثانية ولكنها بدون رجعة للحكم في إيران وذلك بعد مظاهرات شعبية ضخمة ضد الظلم والطغيان والاضطهاد لأبناء الشعب الإيراني وضد جهاز السافاك ( الجهاز السري التابع لشاه إيران ) . وكان نظام الشاه بهلوي أجرى تغييرا على التعاليم الإسلامية في البلاد ، وعمل على منع الحجاب الإسلامي للمرأة وحظر جميع الأحزاب السياسية ما عدا الحزب الحاكم ( رستاخيز ) . 
 
الاستقبال الشعبي والجماهيري للإمام الخميني .. 
 
وبعد رحيل ومغادرة الشاه الإيراني الذليل الفاسد المغضوب عليه من شعبه محمد رضا بهلوي بأسبوعين ، عاد الإمام آية الله الخميني إلى إيران بصورة مظفرة ومنتصرة ، معلنا ملامح النصر المبين على أعدائه الفاسدين ، في 4 ربيع الأول 1399هـ / 1 شباط - فبراير 1979 ، في ظل الانتفاضة والثورة الشعبية الإسلامية الإيرانية التي وجه خلالها الخميني توجيهاته ودعواته المسجلة عبر الأشرطة المسجلة ( الرسائل الصوتية ) بصوته الحماسي الثوري ، من قلب باريس ، ضد نظام الشاه بهلوي ، وذلك قبل الإعلان عن نجاح الثورة الاسلامية في إيران بعشرة أيام . وقد تولى قيادة المظاهرات والمسيرات الشعبية الايرانية التي أدت إلى انهيار النظام الشاهنشاهي ( الملكي الإمبراطوري ) ورحيل الشاة لخارج إيران ، في 7 صفر 1399هـ / 16 يناير 1979 م ، إلى القاهرة بعد استيلائه وعائلته على مئات الملايين من الدولارات من البنوك الإيرانية ، بقوة الزخم الثوري ونزيف دماء آلاف الشهداء الطاهرة وعشرات آلاف الجرحى في جميع أنحاء إيران ، ثم الإعلان الرسمي عن قيام الجمهورية الاسلامية الإيرانية في 10 شباط 1979 . 
 
خيارات إعلان الثورة الإسلامية الإيرانية 
 
وفي السياق ذاته ، تذكر بعض كتب التاريخ المعاصر ، أنه جرى استقبال شعبي عظيم للإمام آية الله الخميني ، قائد ومفجر الثورة الإسلامية الإيرانية ، حيث استقبل الداعية الثوري الثمانيني من العمر ، بالمطار ستة ملايين شخص ، واستقل طائرة عمودية وطار جوا فوق رؤوس البشر المستقبلين . فإنهارت الحكومة الإيرانية الهشة وذابت وولت سلطة وهيبة الدولة والنظام السياسي أمام ثورته المجيدة وسرعان ما انضمت بعض وحدات الجيش الإيراني للمتظاهرين الغاضبين الساعين للنصر والحرية أو الاستشهاد . وما لبث الخميني أن جهر بعدم شرعية حكومة شهبور بختيار المعينة من الشاه ، وعين ( مهدي بازركان ) بدلا منه رئيسًا للوزراء ، فقام بختيار بإعلان الأحكام العرفية والحكم العسكري ، فجاء الرد الثوري سريعا من الإمام الخميني بإعلان العصيان المدني في البلاد ، وكتب ورقة بخط يده نُقلت صورتها على شاشة التلفزة الإيرانية الذي استولى عليها أنصاره ، فيها : ( تحدوا حظر التجول ) فتدفق الشعب المسلم الغاضب للشوارع بكثافة رهيبة غير مسبوقة ، وتصاعدت المواجهات الشعبية مع وحدات الأمن الموالية للشاه ، فاستولى المتظاهرون على كميات كبيرة من أسلحة الجيش الإيراني ، فجاء القائد الأعلى للقوات المسلحة الجنرال قرباغي إلى الخميني ذليلا صاغرا ، وأعلن استسلامه وحياد الجيش في المواجهات التي تحدث في المدن بين مؤيدي النظامين الثوري والقمعي ، وعادت قوى الجيش لثكناتها ، فأعلن الإمام الخميني ولادة الدولة الجديدة ، بالنظام الإسلامي الشيعي ( الجمهورية الإسلامية الإيرانية ) بعلم إسلامي خاص ، ورموز دينية خاصة ، بعد نزيف شعبي وثورة عارمة دامت الثورة فيها عامًا كاملاً استشهد بها ما يزيد عن 76 ألف شهيد ، وفر المارق شهبور بختيار إلى خارج إيران .
وفي أعقاب انتصار الثورة الإسلامية الايرانية بثلاثة أشهر ، تم تنظيم ( الاستفتاء الشعبي ) ، حول نوعية النظام الحكومي السياسي في البلاد الإيرانية المسلمة ، إذ صوّت السواد الأعظم من الشعب الايراني لصالح إنشاء ( الجمهورية الاسلامية ) بنسبة قاربت 98.5 % في سابقة هي الأولى من نوعها في إيران . فلم يسلب الإمام الخميني مقاليد السلطة بطهران من أحد بل لقد قاد الشعب المسلم بحكمة وحنكة وشجاعة وجرأة وعزة وكرامة ، نحو الفتح الإسلامي المبين وخلص شعبه من براثن التحكم الاستعماري الأمريكي والصهيوني البغيض بعد حياة حافلة بالمآسي والآلام ، آلام المخاض الثلاثي بين الإمبراطورية والثورة والجمهورية الإسلامية الجديدة ، لتجديد الإسلامي في ربوع الوطن الإسلامي . 
 
 
التحول من الثورة إلى الجمهورية الإسلامية
 
أعلن رسميا عن قيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية في 10 شباط 1979 وشكلت عدة لجان ثورية لمحاكمة أعداء الثورة الإسلامية وأجهزة النظام الشاهي الإمبراطوري السابق، وحُكم بالإعدام على كثيرين من الفاسدين منهم ، وصودرت أملاك الشاه وأسرته وحولت باسماء المستضعفين بالبلاد ، وتم تكليف بازرجان بتشكيل الوزارة الإيرانية الجديدة بالعهد الجمهوري الناشئ ، وعين كبار الضباط العسكريين المناهضين للشاه بقيادة المواقع والمراكز العليا بالجيش الإيراني الجديد . وأما الإمام آية الله الخميني فعمل على تعزيز المؤسسة الإسلامية الدينية ، فأنشأ ( مجلس قيادة الثورة ) للإشراف على الحكومة المؤقتة وقيادات الجيش الجديد الذي أعيد تشكيله ، وبرزت خلافات جديدة بين الخميني وبازرجان حول طبيعة الجمهورية الجديدة المعلنة ، فنادى الخميني بالاقتراع على الجمهورية الإسلامية فقط ، وتبوأ علماء الدين الشيعة مناصب عليا بكافة مؤسسات الدولة ، وأضحى أمام بازرجان التسليم بالأمر الواقع وعدم منافستهم ، وقرر الخميني أن تكون رئاسة الجمهورية تحت ولاية الفقيه ، ومنح الدستور هذا الفقيه صلاحيات واسعة ، فاضطر بارزجان لتقديم الاستقالة بعد عدة شهور من قيام جمهورية الثورة الإسلامية .
ووقع إختيار الإمام آية الله الخميني على ( أبو الحسن بني صدر ) لرئاسة الجمهورية الإسلامية ، فحاز أبو الحسن بني صدر على أعلى الأصوات ، فكان أول رئيس للجمهورية الإسلامية في شهر ربيع أول 1400هـ / كانون الثاني - يناير 1980م ، وبقي الخميني مشرفا ومرشدا عاما على شؤون الدولة الموجه لها ، وبرزت بعض المناوشات والخلافات السياسية والإدارية بين المرشد الأعلى ورئيس الجمهورية فاختفى بني صدر ، فمنع من مغادرة البلاد ، وتم التصويت على عزله من رئاسة الجمهورية وانتُخب ( محمد علي رجائي ) رئيسًا لإيران .
وحدثت عدة محاولات للإنقلاب العسكري بدعم أمريكي وأوروبي ضد الإمام الخميني ففشلت وأُحبطت في مهدها ، وفرض الغرب الأجنبي حصارا وعزلة على إيران وبرز النزاع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والفكري والإيديولوجي في إيران داخليا وخارجيا ، بدعاوى سياسة تصدير الثورة حتى وفاة الخميني في 29 شوال 1409هـ / 3 حزيران - يونيو 1989 م ، بعد التطبيق الجديد لأول مرة في التاريخ المعاصر مسألة توجيه الفقهاء المسلمين مقاليد الحكم ، وتأسيس حكومة إسلامية تدار فعليا من قبلهم .
 
مهاجمة السفارة الأمريكية بطهران 
 
وبعد عدة شهور ، من العودة الميمونة ، من باريس لطهران ، في ظل عهد الإمام آية الله الخميني ، كان الثوار المسلمون الإيرانيون وخاصة من الطلبة ، سيطروا على السفارة الأمريكية في تشرين الثاني - نوفمبر عام 1979 بعد سماح الرئيس الامريكى جيمي كارتر لشاه إيران السابق المخلوع محمد رضا بهلوي بالعلاج في أحد مشافي بالولايات المتحدة الأمريكية واحتجزوا 53 دبلوماسيا امريكيا وحارسا كرهائن في السفارة الأمريكية لمدة 444 يوما . وقد أيد الإمام الخميني عملية احتجاز الرهائن الأمريكيين مطالبا بمبادلة الرهائن بعودة شاه إيران المخلوع لمحاكمته العادلة على قذاراته السيئة في إيران ، ولكن الشاه توفي في مصر ، في 27 تموز - يوليو 1980م ، باستضافة الرئيس المصري آنذاك أنور السادات الذي وقع إتفاقية كامب ديفيد للسلام مع الكيان الصهيوني وقدرت أملاكه وأطيانه ب 40 مليار دولار ودفن في مصر ، بينما استمرت عملية إحتجاز الرهائن الأمريكيين بعد وفاته لأشهر حتى أخلى سبيلهم بعد وساطات كبيرة متعددة في كانون الثاني - يناير عام 1981 م . 
 
الإمام الخميني .. المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران 
 
لم ينصب الإمام آية الله روح الله الخميني نفسه إمبراطورا أو شاها ( كالشاه المخلوع في بداية استيلائه على العرش الإيراني ) أو ملكا أو رئيسا للجمهورية الجديدة ، كما يصنع الكثير من قادة الثورات أو الإنقلابات العسكرية ، في العالم عند انتصارهم ، بل عهد بمنصب الرئاسة الإيرانية ورئاسة الحكومة الإيرانية لأشخاص مدنيين سياسيين آخرين ، موالين للثورة الإسلامية الجديدة ، واكتفى الخميني بأن يكون الموجه والمرشد الأعلى للثورة الإسلامية ، ما بعد الثورة حتى وفاته لحوالي 10 سنوات ، بالفترة الممتدة ما بين ( 1979 – 1989 ) مع حرصه الشديد على تطبيق الإسلام ، على جميع الشؤون الإيرانية في البلاد ، ومحو آثار الشاة الإيراني المخلوع ( محمد رضا بهلوي ) ، وكان كثيرا ما يخطب بخطب الجمعة بطهران وقم ويدلي بالمؤتمرات والتصريحات الإعلامية التي تصب بمصب الثورة الإسلامية والسعي لتصديرها للخارج . وبعد إعلان الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، حرص المرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله الخميني على رعاية مصالح الطائفة المسلمة الشيعية في إيران والعالم وخاصة في العراق ولبنان وغيرها . وعمدت القيادة الدينية الإيرانية الجديدة لدعم مختلف الثورات في العالم لنصرة المستضعفين في الأرض ضد الإمبريالية الأمريكية والأوروبية والعالمية . 
 
مؤلفات الإمام الخميني 
للإمام آية الله روح الله الخميني ، العدد من المؤلفات والكتب والأبحاث والرسائل والخطابات الإسلامية : السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية والأدبية والفلسفية وغيرها . التي أعدها وخطها طيلة سني حياته الحافلة بالعطاء والنشاط الفكري والديني والرسالي الدعوي ، وقد بلغت هذه المؤلفات 50 مؤلفا ، كما أحصاها أنصاره ومريدوه . وفيما يلي قائمة بمؤلفاته : 
1. شرح دعاء السحر
2. شرح حديث رأس الجالوت 
3. حاشية الامام على شرح حديث رأس الجالوت 
4. التعليقة على الفوائد الرضوية 
5. شرح حديث جنود العقل والجهل 
6. مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية 
7. تعليقات على شرح فصوص الحكم ومصباح الانس 
8. الأربعون حديثاً 
9. سر الصلاة 
10. الآداب المعنوية للصلاة
11. رسالة لقاء الله 
12. حاشية على الأسفار 
13. كشف الأسرار 
14. أنوار الهداية في التعليقة على الكفاية ( جزءان )
15. بدائع الدرر في قاعدة نفي الضرر
16. الرسائل العشرة
17. رسالة الاستصحاب
18. رسالة في التعادل والتراجيح
19. الاجتهاد والتقليد
20. مناهج الوصول إلى علم الأصول ( جزءان )
21. رسالة في الطلب والارادة 
22. رسالة في التقية 
23. رسالة في قاعدة ( من ملك ) 
24. رسالة في تعيين الفجر في الليالي المقمرة
25. كتاب الطهارة ( أربعة أجزاء )
26. تعليقة على العروة الوثقى 
27. المكاسب المحرّمة ( جزءان )
28. تعليقة على وسيلة النجاة 
29. رسالة نجاة العباد 
30. حاشية على رسالة الإرث 
31. لمحات الأصول ( تقريراً لدرس آية الله العظمى البروجردي )
32. تحرير الوسيلة ( جزءان )
33. كتاب البيع ( خمسة أجزاء )
34. الحكومة الإسلامية وولاية الفقيه 
35. كتاب الخلل في الصلاة 
36. الجهاد الأكبر 
37. رسالة توضيح المسائل
38. مناسك الحج 
39. تفسير سورة الحمد 
40. استفتاءات ( ثلاثة أجزاء )
41. مسائل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 
42. ديوان شعر 
43. سبوي عشق ( شعر فارسي )
44. ره عشق ( شعرفارسي )
45. باده عشق ( شعر فارسي )
46. نقطه عطف ( شعر فارسي )
47. محرم راز ( شعر فارسي )
48. صحيفة الإمام " مجموعه آثار الإمام الخميني " ( 22 جزءا ) 
49. صحيفة النور ( فارسي )
50. الوصية
 
الإمام الخميني .. وفتوى إهدار دم السفيه سلمان رشدي 
 
كما عرف عن الإمام آية الله الخميني دفاعه القوي عن الإسلام والمسلمين في العالم ، وإصداره الفتاوى الدينية الإسلامية حيال مواضيع سياسية مركزية تهم السواد الأعظم من المسلمين . فمثلا ، أصدر فتوى تهدر دم الكاتب الشيطاني البريطاني الجنسية والهندي الأصلى ( سلمان رشدي ) لتأليفه كتاب ( آيات شيطانية ) يتهجم فيها على رسول الله المصطفى الحبيب محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله ، وينتقص من كرامة وعزة الأمة الإسلامية والإسلام عموما حيث رصد الخميني مكأفاة مالية لمن يقتل هذا الشيطان الأجنبي ويخلص المسلمين من شروره وسمومه . 
 
وفاة الإمام آية الله الخميني 
بعد حياة جهادية ودعوية وإعلامية ثورية إسلامية من الطراز الأول ، توقف قلبه عن الخفقان ، وتوفي الإمام الفقيه الفيلسوف الثائر ( أبو الإيرانيين المسلمين الجدد ) آية الله العظمى روح الله الخميني رحمه الله ، ملبيا نداء ربه الحي القيوم ، منتقلا للرفيق الأعلى ، في 3 / 6 / 1989 م ، عن عمر يناهز أقل من تسعة عقود زمنية ، نبض فيها قلبه بالحياة الدافقة والعلم والدين الإسلامي ، والثورة النافعة والطاردة للظلم والطغيان والبغي ، فجمع بين الإمامة وعالم الدين والسياسة والفلسفة والزعيم الثوري الكبير . ودفن جثمان الإمام آية الله الخميني في مدينة طهران العاصمة السياسية والإدارية الإيرانية ، بمشاركة قرابة 7 ملايين مشيع ، في حالة من الحزن الشديد والهلع والأسى على قائد نادر مثله وإيمان بقضاء الله وقدره المحتوم ، كما ذكرت بعض وسائل الإعلام آنذاك ، وله ضريح معروف بمكان دفنه قريبا من مقبرة تسمى جنة الزهراء ( بهشت زهراء ) . 
قيادة الإمام الخميني للثورة الإسلامية الإيرانية 
إنصافا للعدل والعدالة والحق والحقيقة ، والتوازن الإسلامي المتزن المعتدل ، وبعيدا عن العصبية والتعصب القبلي والمذهبي والسياسي والإعلامي ، الإسلامي والإقليمي والعالمي ، هناك العديد من الدروس والعبر التي يتوخى الإستفادة منها في سير الحياة الجهادية لعظماء الثورات في العالم ، والثورات الإسلامية عموما ، والإمام آية الله الخميني على وجه الخصوص ، وأهم هذه العبر والعظات ما يلي : 
أولا : الصدق والبساطة في طرح الأفكار الثورية لتغيير واقع الفساد والمفسدين في الأرض . 
ثانيا : إنتقاء الشخصية القيادية الفذة لقيادة سفينة الثورة لامتصاص تلاطم الأمواج العاتية من كل حدب وصوب . 
ثالثا : من الصفات القيادية المثلى في قائد الثورة : العلم والبساطة والزهد والتقشف والقدرة الإعلامية ، والشعبية المتزايدة والإطلاع على الأمور أولا بأول . 
رابعا : الإيديولوجية الجهادية الثورية المناسبة الممتدة ، وخاصة الإيديولوجية الإسلامية الغراء ، والقرآن المجيد قلب الإسلام العظيم ، والتواصل الشعبي الإسلامي . واستثمار المناسبات الدينية والقومية في تأليب الجمهور على الفاسدين والمفسدين . 
خامسا : استخدام الثورة الشعبية للتغيير الجذري فهي الأكثر نجاحا وفلاحا لطرد الفاسدين سواء أكانوا المحليين أو المستعمرين والمحتلين الأجانب أو جميعهم . فالثورة الشعبية الجماهيرية ، أقوى وأمضى من جميع أشكال وألوان الأسلحة العصرية . 
سادسا : اللجوء لوسائل الإعلام للإعمام والتعميم على جميع أبناء الشعب الساعي لنيل الحرية والتحرير والاستقلال . وكذلك الاستعانة بالحلفاء والأنصار والمؤيدين قدر الإمكان على المستويات الإقليمية والعالمية . 
سابعا : العمق الاستراتيجي للثورة ، وضرورة مشاركة السواد الأعظم من الشعب بالثورة من مناطق مختلفة في الأرياف والحواضر . 
ثامنا : الجهاد في سبيل الله والتضحية والفداء في سبيل التغيير ونيل المبتغى الشامل . فلا بد للشعب الراغب بتغيير الواقع الفاسد لواقع أفضل من تقديم قوافل الشهداء والجرحى والأسرى على مذبح الحرية الندية . 
تاسعا : التلاحم الوطني بين جميع المعارضين للفساد والفاسدين لضمان سير بوصلة التغيير نحو الأهداف الاستراتيجية والاتكتيكية المرسومة بسرعة مقبولة . 
عاشرا : تحييد قوى الأمن الداخلي والجيش والأجهزة الأمنية في حالة التغيير والثورة الداخلية على الظلم والطغيان ، فالثورة الشعبية أكثر جدوى من الإنقلاب العسكري . 
حادي عشر : ضرورة وجود سياسة طول النفس ، والروح الجهادية المنتظمة باستمرار . فالتغيير الجذري نحو الحياة المثلى والفضلى لا بد لها من القناعة والاقتناع والديمومة دون يأس أو قنوط من حتمية النصر . 
ثاني عشر : الهجرة في سبيل الله ، وعدم التراخي أو التقطع الزمني ، وإلتقاط الأنفاس بين الحين والآخر لجموع المشاركين بالثورة الشعبية . 
ثالث عشر : الإيمان بحتمية النصر الإلهي للشعوب والأمم المضطهدة . فإرادة الله العزيز الحكيم تبارك وتعالى ، تحتم وتقضي بانتصار المظلومين والمغلوبين على أمرهم على البغاة الطغاة ولو بعد حين . 
رابع عشر : التنظيم المؤسسي الداخلي لتوجهات الثورة في مؤسسات وتنظيمات إجتماعية بتوجيه قيادة سياسية واحدة ، برأس واحد كرمز للأمة والشعب المجاهد في سبيل الله من أجل التغيير الفعلي . فالفئة القليلة المنظمة تغلب الفئة الكثيرة التي يغيب عنها التنظيم الإداري والسياسي المحكم . 
خامس عشر : استعمال المنابر الدينية والتعليمية كالمدارس والجامعات في التحريض الإيجابي على المقاومة والثورة الشعبية ، لضم أتباع ومريدين جدد باستمرار . 
رابعاً:آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر(قد)
ولد الشهيد الصدر في مدينة الكاظمية المقدسة في اليوم الخامس والعشرين من ذي القعدة سنة 1353هـ وهو يوم دحو الأرض وولادة ابراهيم وعيسى (ع)وفيه يقوم القائم على رواية.
وقد توفي والده آية الله السيد حيدر الصدر الذي كان يتميز من بين الأخوة الاربعة بالجانب العلمي والذكاء النادر في 27 جمادي الثانية سنة 1356هـ وعمره(الشهيد الصدر) سنتين وسبعة أشهر تقريباً،وأمه هي الفاضلة التقية كريمة آية الله الشيخ عبد الحسين آل ياسين حفيد نجل آية الله العظمى الشيخ محمد حسن أل ياسين أحد المراجع العظام في بغداد والكاظمية،وخاله المرجع الكبير الشيخ محمد رضا آل ياسين وهو من المراجع الكبار في منطقة الخليج والعراق.
دراسته وأساتذته:
-تعلم القراءة والكتابة وتلقى جانباً من الدراسة في مدارس منتدى النشر الابتدائية، في مدينة الكاظمية المقدسة وهو صغير السن وكان موضع إعجاب الأساتذة والطلاب لشدة ذكائه ونبوغه المبكر، ولهذا درس أكثر كتب السطوح العالية دون أستاذ. 
-بدأ بدراسة المنطق وهو في سن الحادية عشرة من عمره، وفي نفس الفترة كتب رسالة في المنطق، وكانت له بعض الإشكالات على الكتب المنطقية. 
- في بداية الثانية عشرة من عمره بدأ بدراسة كتاب معالم الأصول عند أخيه السيد اسماعيل الصدر، وكان يعترض على صاحب المعالم ، فقال له أخوه: إن هذه الاعتراضات هي نفسها التي اعترض بها صاحب كفاية الأصول على صاحب المعالم. 
-في سنة 1365 هـ هاجر سيدنا الشهيد المفدى من الكاظمية المقدسة إلى النجف الاشرف; لإكمال دراسته، وتتلمذ عند شخصيتين بارزتين من أهل العلم والفضيلة وهما: آية الله الشيخ محمد رضا آل ياسين ( قد )، وآية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي ( قد ). 
-أنهى دراسته الفقهية عام 1379 هـ والأصولية عام 1378 هـ عند آية الله السيد الخوئي( قد). 
-بالرغم من أن مدة دراسة السيد الصدر منذ الصبا وحتى إكمالها لم تتجاوز 17 أو 18 عاماً; إلا أنها من حيث نوعية الدراسة تعدّ فترة طويلة جداً، لأن السيد كان خلال فترة اشتغاله بالدراسة منصرفاً بكلّه لتحصيل العلم، فكان منذ استيقاظه من النوم مبكراً وإلى حين ساعة منامه ليلا كان يتابع البحث والتفكير، حتى عند قيامه وجلوسه ومشيه. 
تدريسه:
بدأ السيد الصدر في إلقاء دروسه ولم يتجاوز عمره خمس وعشرون عاماً، فقد بدأ بتدريس الدورة الأولى في علم الأصول بتاريخ 12 / جمادي الآخرة / 1378 هـ وأنهاها بتار يخ 12 / ربيع الأول / 1391، وشرع بتدريس الدروة الثانية في 20 رجب من نفس السنة، كما بدأ بتدريس البحث الخارج في الفقه على نهج العروة الوثقى في سنة 1381هـ. 
وخلال هذه المدة استطاع الشهيد الصدر أن يربي طلاباً امتازوا ـ حقاً ـ عن الآخرين من حيث العلم والأخلاق والثقافة العامة، لأن تربية السيد الصدر لهم ليس منحصرة في الفقه والأصول، بل أنّه يلقي عليهم في أيام العطل والمناسبات الأخرى محاضراته في الأخلاق، وتحليل التأريخ، والفلسفة، والتفسير لذا أصبح طلابه معجبين بعلمه وأخلاقه، وكماله إلى مستوىً منقطع النظير، ولهذا حينما يجلس السيد بين طلابه يسود بينهم جو مليء بالصفاء والمعنوية. 
طلابه:
من أبرز طلابه ما يأتي ذكرهم:
1 ـ آية الله السيد كاظم الحائري.
2 ـ آية الله السيد محمد باقر الحكيم(قد).
3- آية الله السيد محمود الهاشمي الشاهرودي.
مواقف الشهيد الصدر ضد نظام البعث الحاكم في العراق:
للسيد مواقف مشرفة كثيرة ضد النظام البعثي نوجزها بما يلي: 
1 ـ في عام ـ 1969 م ـ وفي إطار عدائها للإسلام، حاولت زمرة البعث الحاقدة على الإسلام والمسلمين توجيه ضربة قاتلة لمرجعية الامام السيد محسن الحكيم ( قد ) من خلال توجيه تهمة التجسس لنجله العلامة السيد مهدي الحكيم، الذي كان يمثل مفصلا مهماً لتحرك المرجعية ونشاطها، فكان للسيد الشهيد الموقف المشرف في دعم المرجعية الكبرى من جانب، وفضح السلطة المجرمة من جانب آخر، فأخذ ينسق مع المرجع السيد الحكيم ( قد ) لإقامة اجتماع جماهيري حاشد، ويعبر عن مستوى تغلغل المرجعية الدينية وامتدادها في أوساط الأمة، وقوتها وقدرتها الشعبية وحصل الاجتماع في الصحن الشريف لمرقد الإمام امير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام )، وكان حاشداً ومهيباً ضمّ كل طبقات المجتع العراقي وأصنافه. 
ولم يقف دعمه عند هذا الحد، بل سافر إلى لبنان ليقود حملة إعلامية مكثفة دفاعاً عن المرجعية، حيث قام بإلقاء خطاب استنكر فيه ما يجري على المرجعية في العراق، وأصدر كثيراً من الملصقات الجدارية التي ألصقت في مواضع مختلفة من العاصمة بيروت. 
2 ـ في صباح اليوم الذي قرر الإمام الراحل سماحة آية العظمى السيد الخميني ( قد )، مغادرة العراق إلى الكويت قبل انتصار الثورة الإسلامية في ايران، قرر السيد الصدر الذهاب إلى بيت الإمام لتوديعه، بالرغم من الرقابة المكثفة التي فرضتها سلطات الأمن المجرمة على منزله، وفي الصباح ذهب لزيارته، ولكن للأسف كان الإمام قد غادر قبل وصوله بوقت قليل. 
والحقيقة أنه لا يعرف قيمة هذا الموقف وأمثاله إلاّ الذين عاشوا تلك الأجواء الإرهابية التي سادت العراق قبيل وبعد انتصار الثورة الإسلامية في ايران. 
3 ـ بعد حادثة اغتيال الشهيد مرتضى المطهري في ايران على أيدي القوات المضادة للثورة الإسلامية في ايران، قرر السيد الصدر إقامة مجلس الفاتحة على روحه الطاهرة وذلك لأنه كان من رجال الثورة ومنظريها وكان من الواجب تكريم هذه الشخصية الكبيرة. 
4 ـ ومن مواقف الفداء والتضحية ما حدث خلال فترة الحصار والإقامة الجبرية أيام انتصار الثورة الإسلامية في ايران ـ 1399 هـ = 1979 م ـ إجابته على كل البرقيات التي قد أُرسلت له من ايران، ومنها برقية الإمام الخميني ( قدس سره )، علماً أن جميع تلك الرسائل والبرقيات لم تصله باليد، لأن النظام العراقي كان قد احتجزها، لكن السيد الشهيد كان يجيب عليها بعد سماعها من إذاعة ايران / القسم العربي . 
وكان من حق السيد الشهيد أن يعتذر عن الجواب، فمن هو في وضعه لا يُتوقع منه جوابا على برقية، لكن لم يسمح له إباؤه فعبّر عن دعمه المطلق، وتأييده اللامحدود للإمام الراحل والثورة الإسلامية الفتية المباركة; مسجلا بذلك موقفاً خالداً في صفحات التضحية والفداء في تاريخنا المعاصر. 
5 ـتصدى ( قد ) إلى الإفتاء بحرمة الأنتماء لحزب البعث، حتى لو كان الانتماء صورياً، وأعلن ذلك على رؤوس الأشهاد، فكان هو المرجع الوحيد الذي أفتى بذلك، وحزب البعث في أوج قوته وكان ذلك جزءاً من العلة وأحد الأسباب التي أدت إلى استشهاده. 
أهداف، سعى الشهيد الصدر لتحقيقها:
1 ـ كان السيد الصدر يعتقد بأهمية وضرورة إقامة حكومة إسلامية رشيدة، تحكم بما أنزل الله عزوجل، تعكس كل جوانب الإسلام المشرقة، وتبرهن على قدرته في بناء الحياة الانسانية النموذجية، بل وتثبت أن الإسلام هو النظام الوحيد القادر على ذلك، وقد أثبت كتبه ( أقتصادنا، وفلسفتنا، البنك اللاربوي في الإسلام، وغيرها ) ذلك على الصعيد النظري. 
2 ـ وكان يعتقد أن قيادة العمل الإسلامي يجب أن تكون للمرجعية الواعية العارفة بالظروف والأوضاع المتحسسة لهموم الأمة وآمالها وطموحاتها، والإشراف على ما يعطيه العاملون في سبيل الإسلام في مختلف أنحاء العالم الإسلامي من مفاهيم، وهذا ما سماه السيد الشهيد بمشروع « المرجعية الصالحة ». 
3 ـ من الأمور التي كانت موضع اهتمام السيد الشهيد وضع الحوزة العلمية، الذي لم يكن يتناسب مع تطور الأوضاع في العراق ـ على الأقل ـ بسبب الضغوط الحكومية على الحوزة، وكانت أهم عمل في تلك الفترة هو جذب الطاقات الشابة المثقفة الواعية، وتطعيم الحوزة بها. 
والمسألة الأخرى التي اهتم بها السيد الشهيد هي تغيير المناهج الدراسية في الحوزة العلميّة، بالشكل الذي تتطلبه الأوضاع وحاجات المجتمع لأن المناهج القديمة لم تكن قادرة على بناء علماء في فترة زمنية معقولة، ولهذا كانت معظم مدن العراق تعاني من فراغ خطير في هذا الجانب، ومن هنا فكّر بإعداد كتب دراسية، تكفل للطالب تلك الخصائص; فكتب حلقات ( دروس في علم الأصول ). 
أمّا المسألة الثالثة التي أولاها السيد اهتامه فهي استيعاب الساحة عن طريق إرسال العلماء والوكلاء في مختلف مناطق العراق، وكان له منهج خاص وأسلوب جديد، يختلف عما كان مألوفاً في طريقة توزيع الوكلاء، ويمكننا تلخيص أركان هذه السياسة بما يأتي: 
أولا: حرص على إرسال خيرة العلماء والفضلاء ممن له خبرة بمتطلبات الحياة والمجتمع. 
ثانياً: تكفل بتغطية نفقات الوكيل الماديّة كافة، ومنها المعاش والسكن. 
ثالثاً: طلب من الوكلاء الامتناع عن قبول الهدايا والهبات التي تقدم من قبل أهالي المنطقة. 
رابعاً: الوكيل وسيط بين المنطقة والمرجع في كل الأمور، ومنها الأمور الماليّة، وقد أُلغيت النسبة المئوية التي كانت تخصص للوكيل، والتي كانت متعارفة سابقاً. 
الشهيد الصدر والثورة الإسلامية في إيران:
كان الشهيد الصدر مرتبطاً عاطفياً وسياسياً وفكرياً بالإمام الراحل الخميني العظيم منذ سنوات كثيرة؛ فنراه يناصر الإمام الخميني (قده) منذ ثلاثين سنة عبر رسالة يرسلها إلى أحد أخوانه العلماء يقول فيها "وأما بالنسبة إلى إيران فإن الوضع كما كان وأقاي خميني مبعداً في تركيا من قبل عملاء أمريكا في إيران وقد استطاع أقاي خميني في هذه المرة أن يقطع لسان الشاه الذي كان يتهم المعارضة باستمرار بالرجعية والتأخر لأن خوض معركة ضد إعطاء امتيازات جديدة للأمريكان المستعمرين لا يمكن لإنسان في العالم أن يصف ذلك بالرجعية والتأخر".
ويقول شهيدنا الغالي في مكان آخر: "لقد استطاع الشعب الإيراني المسلم أن يشكل القاعدة الكبرى لهذا الرفض البطولي والثبات الصامد على طريق دولة الأنبياء والأئمة والصديقين، والشعب الإيراني العظيم بحمله لهذا المنار وممارسته مسؤوليته في تجسيد هذه الفكرة وبناء الجمهورية الإسلامية يطرح نفسه لا كشعب يحاول بناء نفسه فحسب بل كقاعدة للإشعاع على العالم الإسلامي وعلى العالم كله".
وبعد نجاح الثورة الإسلامية المباركة وقيام دولة المستضعفين في إيران طرح الإمام الفقيد الخميني الكبير (قد) مشروع دستور الجمهورية الإسلامية وأرسل حينها برسالة مع ثلة من العلماء البارزين في لبنان إلى السيد الشهيد يسألونه عن معالم الدستور الإسلامي جاء في أحد مقاطعها ".. فالمرجو من سماحتكم بحكم ما يعرفه العالم الإسلامي كله عن تبحركم في الفقه وكل فروع المعرفة الإسلامية وقيموميتكم الراشدة على أفكار العصر أن تنفعونا بما يلقي ضوءاً في هذا المجال وتمدونا بانطباعات عما تقدرونه من التصورات الأساسية للشعب الإيراني المسلم بهذا الصدد.. وقد أعطى السيد الشهيد مجموعة مركزة من المفاهيم حول الموضوع.
وفي معرض جوابه على هذه الرسالة يقول "فأنا أشعر باعتزاز كبير يغمر نفسي وأنا أتحدث إلى هذا الشعب الإيراني المسلم الذي كتب بجهاده ودمه بطولته الفريدة تاريخ الإسلام من جديد وقدم إلى العالم تجسيداً حياً ناطقاً لأيام الإسلام الأولى بكل ما زخرت به من ملاحم الشجاعة والإيمان". وبسبب بعض الحوادث عزم السيد الشهيد إلى الهجرة من النجف الأشرف، وفور سماع الإمام الراحل (قده) هذا الخبر أرسل ببرقية إلى السيد الصدر مطالباً إياه بعدم الهجرة من العراق لحاجة الحوزة العلمية والأمة الإسلامية إليه هناك، وهذا نص البرقية:
     سماحة حجة الإسلام والمسلمين الحاج السيد محمد باقر الصدر دامت بركاته..
علمنا أن سماحتكم تعتزمون مغادرة العراق بسبب بعض الحوادث، إنني لا أرى من الصالح مغادرة مدينة النجف الأشرف مركز العلوم الإسلامية، وإنني قلق من هذا الأمر. آمل إن شاء الله زوال قلق سماحتكم. والسلام عليكم ورحمة الله.
                                                               روح الله الموسوي الخميني.  
 
وقد كان رد السيد الشهيد على الإمام القائد (قده) هو الآتي:
بسم الله الرحمن الرحيم
      سماحة آية الله العظمى الإمام المجاهد السيد روح الله الخميني دام ظله
 تلقيت برقيتكم الكريمة التي جسدت أبوتكم ورعايتكم الروحية للنجف الأشرف الذي لا يزال منذ فارقكم يعيش انتصاراتكم العظيمة، وإني أستمد من توجيهكم الشريف نفحة روحية كما أشعر بعمق المسؤولية في الحفاظ على الكيان العلمي للنجف الأشرف، وأود أن أعبر لكم بهذه المناسبة عن تحيات الملايين من المسلمين والمؤمنين في عراقنا العزيز الذي وجد في نور الإسلام الذي اشرق من جديد على يدكم ضوءاً هادياً للعالم كله وطاقة روحية لضرب المستعمر الكافر والاستعمار الأمريكي خاصة ولتحرير العالم من كل أشكاله الإجرامية وفي مقدمتها جريمة اغتصاب أرضنا المقدسة فلسطين. ونسأل المولى سبحانه وتعالى أن يمتعنا بدوام وجودكم الغالي". والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
                                                              النجف الأشرف ــ محمد باقر الصدر  
وقد لجأت السلطة البعثية الغاشمة إلى فرض الإقامة الجبرية على الشهيد الصدر تخوفاً منه لأي عمل ضد السلطة، الأمر الذي أقلق الإمام الراحل (قده) فأبرق إليه ببرقية يستفسر بها عن أحواله، فأجابه السيد الصدر هاتفياً لعدم تمكنه من إرسال البرقية نظراً للحجز الذي مارسه الحكم الظالم ضده، وهذا نص المكالمة:
       سماحة آية الله العظمى الإمام المجاهد السيد الخميني دام ظله
استمعت إلى برقيتكم التي عبرت عن تفقدكم الأبوي لي وإني إذ لا يتاح لي الجواب على البرقية لأني مودع في زاوية البيت ولا يمكن أن أرى أحداً أو يراني أحد. لا يسعني إلا أن أسأل المولى سبحانه وتعالى أن يديم ظلكم مناراً للإسلام ويحفظ الدين الحنيف بمرجعيتكم القائدة، وأسأله تعالى أن يتقبل منا العناء في سبيله وأن يوفقنا للحفاظ على عقيدة الأمة الإسلامية العظيمة، وليس لحياة أي إنسان (قيمة) إلا بمقدار ما يعطي لأمته من وجوده وحياته وفكره، وقد أعطيتم للمسلمين من وجودكم وحياتكم وفكركم ما سيظل على مدى التاريخ مثلاً عظيماً لكل المجاهدين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.  
ولم تكن ظروف الإقامة الجبرية المشددة للغاية قادرة على منع السيد الشهيد من أداء تكليفه الشرعي تجاه شعبه؛ فأصدر وهو في تلك الظروف الصعبة ثلاث نداءات إلى الشعب العراقي المسلم يحثهم فيها على رفض الحكم الدكتاتوري الذي فُرض على الشعب وأذله طيلة حكم البعثيين، كما واسى الشعب العراقي ــ في نداءه الثاني ــ بما يلاقيه من إذلال وقتل وارهاب على يد البعثيين الكفار، وأعلن السيد الشهيد في نداءه هذا بأنه قد صمم على الشهادة حيث يقول: "وأنا أعلن لكم يا أبنائي (أنني) قد صممت على الشهادة ولعل هذا آخر ما تسمعوه مني". كما أفتى في هذا النداء بوجوب العمل على إدانة الجهاز ــ علنيا ــ والنظام الحاكم في العراق على جميع العراقيين في داخل العراق وخارجه ولو كلفه ذلك حياته. وتحدث الشهيد السعيد في آخر نداء له لأفراد شعبه مؤكداً لهم ضروة تلاحم كل أفراد الشعب بكل فئاته وطوائفه عرباً وأكراداً، شيعة وسنة ومؤكداً لهم أنه يبذل كل ما في وسعه من أجل السني والشيعي، العربي والكردي على حد سواء لأنهم جميعاً أبناء الإسلام.  
فكر الشهيد وآرائه الحركية
علينا أن نقف أولاً عند القاعدة الفكرية، والفقهية، والسياسية التي انطلق منها الشهيد الصدر لخوض غمار المواجهة القاسية. يمكن أن نوجز هذه المنطلقات والركائز الأولى فيما يلي:
1 ــ أول تلك الركائز التي اعتمد عليها السيد الشهيد، (ضرورة السعي لإقامة دولة الحق)، ذلك أن قضية الإمام المنتظر المهدي (ع) لم تكن تعني في فهم السيد الشهيد الموقف السلبي من الأحداث، والابتعاد عن تحمل المسؤولية الضخمة في توجيه الأمة، وتحصينها، وحفظ الشريعة، والعمل على تطبيقها وتركيز دعائمها بل كانت تعني العكس تماماً. "حينما يراد منا أن نؤمن بفكرة المهدي.. يراد الإيحاء إلينا بأن فكرة الرفض المطلق لكل ظلم وجور التي يمثلها المهدي، تجسدت فعلاً في القائد المنتظر.. وأن الإيمان به إيمان بهذا الرفض الحي القائم فعلاً ومواكبة له".
2 ــ وثاني تلك الركائز التي اعتمدها أن (الطريق الثوري هو السبيل لإقامة دولة الحق) وليس الطريق الإصلاحي، وفي هذا السبيل فإن بذل الأنفس والدماء من أجل إقامة دولة الحق أمر مشروع، لا مبرر للتوقف عنه على حساب الهدف.
من ناحية فإن مواجهة الظالمين غير ممكن بدون ذلك، وهم سيقفون أمام كل عمل إسلامي مهما كان ضئيلاً، ويحاولون تصفية آخر قلاع الإسلام. وحتى آخر مظهر من مظاهر الإسلام.
ومع استحكام قبضة الظالمين، أعداء الإسلام، لا يكون السبيل إلى إحياء الأمة وتطبيق الشريعة مجرد النصح والتوجيه، والإصلاح، بل لابد من خوض غمار ثورة لا تهدأ، تكون نهايتها لصالح الإسلام.
هذا من ناحية، ومن الناحية الأخرى، فإن أخلاقية الهزيمة التي تعيشها أمة الإسلام، لا يمكن اقتلاعها، ولا يمكن إعادة الروح الحية المسؤولة، والتلاحم الكامل مع الهدف (إقامة دولة الحق) إلا بدماء زكية، تذكر الأمة بكراماتها، وبطولتها، وتأريخها المجيد، وتحي فيها روح الأمل، والطموح والتضحية.
وقد كان شهيدنا العظيم، يؤكد أنه لابد من دم كدم الحسين (ع) يعيد للأمة يقظتها، وحيويتها. يبقى مسألة حساب الأرباح والخسائر. هل يكون تحمل العطاء الجسيم في الأرواح والأموال هيناً في سبيل الهدف المنشود (إقامة دولة الحق)؟
وهل يكون اقتحام هذا السبيل الدموي، والتضحية بخيرة أبناء الأمة الإسلامية، أمراً يتضاءل ويتصاغر أمام الغاية المطلوبة؟ أم أن التضحية أكبر من الأرباح؟ والدماء أعز من إقامة حكم الله؟
في هذا الحساب كانت رؤية السيد الشهيد واضحة وقاطعة، إن كل شيء يهون في سبيل النهوض بالأمة الإسلامية، وإعادة الحق إلى أهل الحق، وأي تردد في ذلك يعبر عن انهزامية، وتقاعس من تحمل الدور الواجب.
3 ــ وثالث الركائز التي اعتمدها الشهيد الصدر في حركته المواجهية، أن الفكر الإسلامي استطاع أن يهزم حضارة الشرق والغرب، وانتصر الإسلام في معركة الفكر والحضارات، ويبقى الانتصار السياسي.
لقد استطاع الشهيد العظيم شخصياً أن يطرح الفكر الإسلامي للأمة الإسلامية وللعالم أجمع، طرحاً حياً معاصراً، مؤكداً بذلك حقيقة أن الفكر الإسلامي لا يغلب في شتى المجالات. لكن الفكر وحده لا يستطيع أن يصنع كل شيء.
وأعداء الأمة الإسلامية، والكفر العالمي، لئن لم يستطع منازلة الفكر الإسلامي، فإنه قد استطاع أن يضلل أبناء الإسلام ويحجبهم عن حضارتهم الإسلامية، متوسلاً إلى ذلك بكل السبل المتاحة له، بما فيها مطاردة الحريات، وتصفية حملة الرسالة، وخنق الأمة عن ممارسة حتى شعائر إسلامها.. الفكر وحده لا يستطيع أن يصنع كل شيء. لابد من قيادة إسلامية مغامرة. لابد من قيادة تقصم ظهر الظالمين، وتكسر عن الأمة الإسلامية طوق الحصار الشامل.
هكذا كانت رؤية المفكر العظيم والشهيد العظيم. وبوحي من ذلك فإن عليه أن يكون شهيداً عظيماً، كما كان مفكراً عظيماً، عليه أن يتقدم صفوف الأمة جهاراً، وإن كلفه ذلك حياته، لكن هذا هو الجزء الآخر من الواجب.
4 ــ المرجعية الدينية هي المسؤولة عن توجيه الأمة فكرياً، وقيادتها سياسياً.
وعلى المرجعية الرشيدة أن تتصدى لأداء هذه المهمة العظيمة في كلا جانبيها الفكري، والسياسي.
وفي هذا كتب الشهيد الصدر يقول:
يمكن تلخيص أهداف المرجعية الصالحة في خمس نقاط:
1 ــ نشر أحكام الإسلام على أوسع مدى ممكن بين المسلمين.
2 ــ إيجاد تيار فكري واسع في الأمة.
3 ــ إشباع الحاجات الفكرية الإسلامية للعمل الإسلامي.
4 ــ القيمومة على العمل الإسلامي.
5 ــ إعطاء مراكز العالمية من المرجع إلى أدنى مراتب العلماء الصفة القيادية للأمة.
5 ــ والمرجعية الدينية ليست مسؤولة فقط، بل هي وحدها القادرة على توجيه الأمة، وقيادتها ثم ضمان المسيرة، وتأمينها من الانحرافات المحتملة. وهذا جانب من اطروحة (خط المرجعية) الذي تبناه الشهيد الصدر.
إن المرجعية من خلال نفوذها في عمق الأمة الإسلامية هي وحدها القادرة سياسياً على النهوض بالأمة، ومن ثم استلام زمام الحكم والدولة.
"إن الشعب.. يحقق نجاحه في نضاله بقدر التحامه مع قيادته الروحية، ومرجعيته الدينية الرشيدة التحاماً كاملاً."
هذا مضافاً إلى أن:
المرجعية الدينية والقيادة الروحية هي الحصن الواقي من كثير من ألوان الضياع والانحراف.
وهذه نقطة فرق أساسية، وحد فاصل بين أطروحة (خط المرجعية) التي تبناها السيد الشهيد وبين الأطروحة الحزبية، التي ترى أن الأحزاب والتنظيمات السياسية هي الأقدر، والأجدر سياسياً على المسك بزمام الأمة، والنهوض بها نحو إقامة الحكم الإسلامي.
لقد اكد السيد الشهيد دوماً على أن الأحزاب والتنظيمات الإسلامية السياسية رغم ضرورتها، وقدرتها على التأثير في جسم الأمة. إلا أن خط المرجعية الممتد في جسم الأمة بكافة مستوياتها وطبقاتها من خلال (الروحانية) هو الأقدر من ناحية سياسية، على تحقيق الثورة الإسلامية الناجحة بدءاً ومستقبلاً.
ومن ناحية ثالثة فالمرجعية الدينية هي وحدها التي تملك حق الشهادة، والولاية الشرعية على الأمة، وبالتالي فإن شرعية التحرك السياسي يجب أن تستمد منها:
"خط الشهادة ــ القيادة والولاية ــ يتحمل مسؤولية المرجع على أساس أن المرجعية امتداد للنبوة والإمامة على هذا الخط". 
ويمكن أن نحلل هذه النقطة في فكر السيد الشهيد إلى أمرين:
الأول: ولاية الفقيه على الأمة، ونفوذ أوامره، وأحكامه عليها من ناحية شرعية.
الثاني: أن هذه الولاية ليست لكل فقيه، إنما هي فقط للفقيه المرجع، الذي أعطته الأمة قيادها، ودانت له بالولاء والطاعة. يتحدث (رحمه الله) عن المرجعية قائلا:
"يجب أن يتوفر في الشخص الذي يجسد هذه المقولة:
أولاً: صفات المرجع الديني في الاجتهاد المطلق والعدالة.
ثانياً: أن يكون خطه الفكري من خلال مؤلفاته وأبحاثه واضحاً في الإيمان بالدولة الإسلامية وضرورة حمايتها.
ثالثا: أن تكون مرجعيته بالفعل في الأمة بالطرق الطبيعية المتبعة تأريخياً".  
مدرسته العلمية والفكرية:   
    إن استيعاب أبعاد عظمة هذا العالم الرباني العامل لا يتيسر لأحد في مثل هذه الدراسة العاجلة لشخصيته ولكن ذلك لا يعفينا من التعرض لأبرز معالم مدرسته العلمية والفكرية التي أنشأها وخرَج على أساسها جيلاً من العلماء الرساليين والمثقفين الواعين والعاملين في سبيل الله،رغم قصر حياته الشريفة ، والتي ابتلاه الله فيها بما ابتلى به العظماء من الصديقين والشهداء والصالحين . 
     ونحن نستعرض أهم مميزات هذه المدرسة في العلم التنظيري والعمل التطبيقي في كافة الأصعدة والتي ستبقى رائدة وخالدة في تاريخ العلم والعمل معاً[42] :
أ. الموسوعية والإحاطة:ـ لقد اشتملت مدرسة السيد الشهيد محمد باقر الصدر"قده" على معالجة كافة شعب المعرفة الإسلامية  والإنسانية ، ولم تقتصر على الاختصاص بعلوم الشريعة الإسلامية من الفقه والأصول فحسب .
    ورغم أن هذا المجال كان هو المجال الرئيس والأوسع من إنجازاته وابتكاراته العلمية ، فقد اشتملت مدرسته على دراسات في الفقه ،وأصول الفقه ،والمنطق والفلسفة والعقائد والعلوم القرآنية والاقتصاد والتاريخ والقانون والسياسة المالية والمصرفية ومناهج التعليم والتربية الحوزوية  ومناهج العمل السياسي وأنظمة الحكم والإدارة ،وغيرها كثير من مفردات المعرفة الإنسانية والإسلامية المختلفة .
     وقد كانت هذه الشمولية بالنسبة للسيد الشهيد نتيجة طبيعية لما كان يتمتع به "قده"من  ذهنية موسوعية وعملاقة ، يمكن اعتبارها نكته في جبين هذا القرن ، لعلّ تاريخ العلم والعلماء قد حظي بمثلها في بعض القرون مما كان يشكل منعطفاً تاريخياً في توجيه حركة العلم والمعرفة وترشيدها ، إذ كان "قده" آية في النبوغ العلمي واتساع الأفق ، وقمة العبقرية الفذة كما شهد بذلك أساتذته وزملاؤه وتلامذته ، وكل من اتصل به بشكل مباشر أوالتقاه من خلال مصنفاته وبحوثه .
ب. الشمول والاستيعاب :ـ من الخصائص ذات الأهمية البالغة في اتفاق النظرية أية نظرية بالمتانة والصحة ، خصيصة – الشمول والاستيعاب ، أي مدى ما تستوعبه النظرية من احتمالات متعددة وما تعالجه من جهات شتّى ، مرتبطة بموضوع البحث ، فإن هذه الخصيصة هي الأساس الأول في انتظام الفكر والمعرفة في أي باب من الأبواب ، بحيث يؤدي فقدانها إلى أن تصبح النظرية مبتورة ذات ثغرات ينفذ من خلالها النقد والتفنيد .
    وهذه الخصيصة كانت السمة البارزة في فكر الإمام الشهيد بدرجة عالية ، إذ إنه لم يتعرض لمسألة من المسائل العلمية ، خصوصاً في الفقه والأصول والفلسفة إلاّ وذكر فيها من الصور والاحتمالات ما يبهر العقول ، حتى كانت هذه السمة بارزة حتى في أحاديثه الاعتيادية ، فكان عندما يتناول أي موضوع ومهما كان بسيطاً واعتيادياً ، يصوغه صياغة علمية ، ويخلع عليه نسجاً فنياً ، ويطبعه بطابع منطقي ، مستوعباً لكل الاحتمالات والتفريعات حتى أنه يخيل لمن يستمع إليه أنه تحليل نظرية علمية ، تستمد القوة والأصالة والمتانة من مبرراتها ، وأدلتها المنطقية .
ج. التجديد والإبداع :ـ إن حركة العلوم والمعارف البشرية وتطورها ، ترتكز على ظاهرة التجديد والإبداع التي تمتاز بها أفكار العلماء والمحققين في كل حقول المعرفة ، وقد كان السيد الشهيد يتمتع في هذا المجال بقدرة فائقة على التجديد والتطوير فيما كان يتناوله من أبحاث علمية ونظرية ، سواء على صعيد المعطيات أو في الطريقة والاستنتاج.
     ولقد كان من ثمرات هذه الخصيصة أنه استطاع أن يفتح آفاقاً للمعرفة الإسلامية لم تكن مطروقة قبله بل كان هو رائدها الأول وفاتح أبوابها ، ومؤسس مناهجها ، وواضع معالمها وخطوطها العريضة ومن ثمّ ستبقى المدرسة الإسلامية  مدينة لهذه الشخصية العملاقة في شتّى فنون المعرفة الإسلامية والإنسانية ، لا سيّما في بحوث الفلسفة والاستقراء ، ومنطق الاستقراء واليقين الرياضي ، وبحوث الاقتصاد[43] ، والتاريخ السياسي ، في صدر الدولة الإسلامية يقول السيد محمد باقر الحكيم عن أستاذه الشهيد الصدر في هذا الموضوع [44]"لم يهتم الشهيد الصدر بالشمول كهدف – كما هو الحال في كثير من أعمال العلماء السابقين – وإنما العمق في التناول للموضوعات والتجديد فيها كان هدفه الأساس من وراء مختلف الأبحاث التي كتبها بحيث يلاحظ الباحث والمطالع لها الشيء الجديد دائماً ، أو العرض الجديد أو النكهة الجديدة على الأقل ، بالإضافة إلى انه كان يحاول التفتيش دائماً عن نقاط الفراغ في الأبحاث ليملأها ، ويثري بذلك الأبحاث الإسلامية، ويتابع الحاجات الفكرية والثقافية القائمة ليسدها .    
د. المنهجية والتنسيق:ـ ومن خصائص فكر السيد باقر الصدر "قده" منهجيته الفريدة والمتماسكة في جميع بحوثه التي تناولها بالدرس والتنقيح.
     ومن هنا نجد أن طرحه للبحوث الأصولية والفقهية يمتاز عن كافة ما جاء في دراسات وبحوث المحققين السابقين عليه ، من حيث المنهجية والترتيب الفني للبحث ، فتراه يفرز الجهات والجوانب المتداخلة والمتشابكة في كلمات الآخرين ، خصوصاً في المسائل المعقّدة التي تعصى على الفهم ، ويكثر فيها الالتباس والخلط، ويوضح الفكرة، وينظمها ويحللها بشكل موضوعي وعلمي ، حتى تضحي من الواضحات ، حيث لا يجد الباحث المختص نظيره في بحوث الآخرين .
   وكان مما يميزه بجلاء الدقة في طريقة الاستدلال في كل موضوع ، حيث كان يعتمد إلى جانب البرهان بالاستقراء والوجدان، ولم يكن يكتفي ويقتصر على دعوى وجدانية المدّعى المطلوب إثباته فحسب ، وإنما كان يستعين بتحريك وإثارة هذا الوجدان في نفوس الباحثين والطلاب ، وذلك من خلال منهج إقامة المنبهات الوجدانية عليه .
هـ. النزعة المنطقية والوجدانية :ـ ومن مميزات فكر المرجع الشهيد باقر الصدر نزعته المنطقية و البرهانية في التفكير والطرح ، لا سيّما عندما تكون تلك المعطيات البرهانية تتطابق مع الوجدان ، وتحتوي على درجة كبيرة من قوة الإقناع وتحصيل الاطمئنان النفسي بالفكرة ، ولذلك لم يكن ليكتفي بسرد النظرية بلا دليل ، أو كمصادرة ، بل كان يقيم البرهان مهما أمكن على كل فرضية يحتاج إليها البحث حيث لم يتعسّر عليه ، ولو مرة واحدة صياغة البرهان الموضوعي عليه، وذلك كالبحوث اللغوية ، والعقلائية ، والمعرفية.
وهذه الميزة جعلت آراء ومعطيات هذه المدرسة الفكرية ذات صبغة علمية ومنطقية فائقة ، مّما يتعذر توجيه أي نقد إليها بسهولة كما جعلتها أبلغ في الإقناع والقدرة على إفهام الآخرين وتفنيد النظريات والآراء الأخرى ، مضافاً إلى جعلها قادرة على تربية فكر روّادها، وبنائه بناءً منطقياً وعلمياً ، بعيداً عن مشاحنة النزعات اللفظية ، أو التشويش والخبط ، واختلاط الفهم ، ذلك الخطر الذي تُمنى به الدراسات والبحوث العلمية والعقلية العالية في أكثر الأحيان.
     وفي الوقت نفسه لم يكن يتمادى في هذا الفكر البرهاني المنطقي في اعتماد الصياغات والاصطلاحات الشكلية التي قد تُربك تفكير الباحث وطريقته ، فيبتعد عن الواقع ، فيضطر لتبني نظريات يرفضها الوجدان السليم ، خصوصاً في البحوث ذات الملاك الوجداني والذاتي التي تحتاج إلى منهج خاص للاستدلال والإقناع .
فتجده ينتهي من البراهين إلى النتائج الوجدانية، فلا يتعارض عنده البرهان مع مدركات الوجدان الذاتي السليم وكان في طريقة بحثه يدرك المسألة بحسه الوجداني والذاتي، ثم يصوغ لها من البرهان والاستدلال المنطقي ما يكفي لدعمها علمياً، ومن ثم لا يشعر الباحث بثقل البراهين وتكلفها ، أو عدم تطابقها مع الذوق والحس الوجداني للمسألة، كما وقع في هذا الخبط الكثير من الأصوليين والفقهاء المتأثرين بمناهج العلوم العقلية الأخرى.
    وقد استطاع بهذا الفكر العملاق، وبما أوتي من قدرة على التوفيق بين خصيصته المنطقية والعلمية في الاستدلال، وبين مراعاة المنهجية الصحيحة المنسجمة مع كل علم، أن يتناول في كل حقل من حقول المعرفة المنهج العلمي المناسب مع طبيعة ذلك العلم، من دون تأثر بالمناهج الغريبة عن ذلك العلم وطبيعته. 
و. الذوق الفني والإحساس العقلائي: ـ الذوق حاسة ذاتية في الإنسان يدرك بها جمال الأمور ، والذهنية العقلائية هي الأخرى التي يدرك بها الإنسان الطباع والأوضاع والمرتكزات التي يبني عليها العرف والعقلاء ، ويبني على أساسها الكثير من النظريات والأفكار في مجال البحوث المختلفة كالدراسات التشريعية والقانونية والأدبية ، وهي غالباً ما تكون مجالاً للبحث لا يمكن إخضاعها للبراهين المنطقية أو الرياضية أو التجريبية ، وإنما تحتاج إلى حاسة الذوق الفني ، والذهنية القلائية والحس العرفي الأدبي ، ولأن هذه الخصائص كانت مائزاً ، وسمة بارزة لازمة في مدرسة الفقيه الشهيد "قده" بين هذه المفردات وغيرها من العلوم والمعارف ، ومن ثمّ تجده "قده" يتناول المسائل في المجال الأول معتمداً على الذوق الموضوعي والإدراك العقلائي المستقيم .
     وبذلك استطاع أن يؤسس منهجاً فريداً يتناسب مع مفردات هذا المجال وأن يؤسّس ويبدع طرائق الاستدلال الذوقي التي تعتمد الاستظهارات العرفية ، والمرتكزات العقلائية .
     وبذلك أبدع نهجاً فقهياً موضوعياً في مجال الاستظهار الفقهي ، خرجت على أساسه الاستظهارات من مجرد كونها مدّعيات ومصادرات ذاتية إلى كونها مدّعيات ونظريات يمكن الإقناع والإقناع بها على أسس موضوعية .
     أضحى من نافلة الكلام أن نقول : إنه قلّما تجتمع النزعة البرهانية المنطقية في الاستدلال مع الذوق الفني ، والحسّ العقلائي ، والذهنية العرفية في شخصية علمية واحدة ، في الوقت الذي نجد أن العلماء الذين مارسوا ويمارسون المناهج وطرائق البحث ، نجد أنهم لا يلتفتون ، وقد لا يحسون بدقائق النكات العرفية والذوقية والعقلائية  بينما يبنون معارفهم وآراءهم على أساس تلك المصطلحات البرهانية المكررة التي اعتادوا عليها في تلك البحوث العقلية وغيرها، وهكذا الباحثون في العلوم الأدبية والقانونية وما شابهها ، قّلما يمارسون أو يجيدون صناعة البرهنة والاستدلال المنطقي ، بينما كان هذا مائزاً وخصيصة قد امتازت بها مدرسة السيد الشهيد "قده" فهي في الوقت الذي جمعت فيه بين هاتين الخصيصتين اللتين قلّما اجتمعتا ، فقد تمكنت من التوفيق الدقيق بينهما ، واستخدمت كلّا منهما في مجاله المناسب دونما تخبط أو إقحام ما هو موردهما في مجالهما .
ز. القيمة الحضارية :ـ ليس عجيباً مّمن عرف آية الله الشهيد محمد باقر الصدر "قده" وتتلّمذ عليه فترة كبيرة ، أن يدعي له أنه مجدد أو باعث هذا الدين في هذا القرن ، مصداقاً لما ورد ، ومضمونه أن الله تعالى يبعث على رأس كل قرن من يجدد هذا الدين ، أو يبعثه أو كما قال ، لا سّيما وقد ادعي هذا المضمون لمن يصح أن يكون تلميذاً للسيد الشهيد "قده" من علماء المسلمين .
     ولذلك فإن الطليعة الفكرية من المسلمين قاطبة بل وفئة يعتد بها من غير المسلمين ، يعتقدون أن المفكر الإسلامي الشهيد محمد باقر الصدر كان تحدياً حضارياً معاصراً عندما استطاع بمدرسته التصدّي لنسف أسس الحضارة المادية لإنسان العصر الحديث ، بينما قدّم الحضارة الإسلامية شامخة نقية على أسس علمية ثابتة، ضمن بناء شامل شامخ ومتماسك، استطاع من خلاله أن ينازل الفكر الحضاري الأخر كأقوى وأمتن من خاض غمار هذا المعترك، كما عبّر عنه المفكر العربي "أكرم زعيتر" :"وقد وفق الإمام الشهيد "قده" لتفنيد كل مزاعم وأُسس الحضارة المادية المعاصرة ، وأن يخرج من هذا ظافراً مظفراً ، وبانياً لصرح المدرسة الإسلامية العتيدة ، والمستمدة من منابع الإسلام الأصيلة والمتصلة بوحي السماء ".
خ.حب العلم واحترام العلماء :ـ إن من الصفات الحميدة التي كان يتميز بها الشهيد الصدر هو حب العلم والعلماء حيث نراه  يتميز بدرجة عالية من هذه الصفات أسوة بالعلماء الربانيين وذلك من خلال الطريقة المثلى التي يتعامل بها "قده"مع جمهرة غفيرة من تلاميذه من حيث تربية طلابه على الحوار والنقد للأفكار الدخيلة والوصول إلى النتائج الصحيحة وكذلك عرض بحوثه العلمية والثقافية على طلابه لإثارة حوافز التفكير وزرع الثقة بالنفس، أما احترامه وتقديره للعلماء  من أساتذته وأقرانه فمثلاً كان لا يعبر عن أستاذه الإمام الخوئي  إلا بسيدنا الأستاذ وكذلك الحال بالنسبة إلى العلماء الذي تتلمذ على يديهم بالرغم من اعتزازه العلمي برأيه وسعة دائرة علمه وفكره ، من جهة أخرى كان حب العلماء واحترامهم له وثقتهم به عالية جداً بل كان المرشح عندهم للمرجعية بعد الإمام الخوئي ، وهناك حادثتان[45] تدل على الكلام أعلاه :الأولى مع الإمام الحكيم عندما جاءه السيد حسين الصافي وهو محسوب على جماعة العلماء وكان معروفاً في الوسط النجفي بأنه من حزب البعث بل عين وزيراً للعدل بعد مجيء البعث إلى السلطة مرة ثانية سنة 1968، وأخبر السيد الصافي الإمام الحكيم عن وجود حزب وان هذا الحزب هو امتداد لحزب الإخوان المسلمين وان أفكارهم سنية معادية لخط التشيع وظل يكيل التهم والأباطيل ضد حزب الدعوة الإسلامي وقال للإمام أن السيد الصدر وولداك محمد مهدي ومحمد باقر هم على رأس الحزب، وبعد أن أنهى ما في جعبته قال له السيد محسن الحكيم "هل أنت أحرص من السيد الصدر على النجف والشيعة والحوزة؟ ورده رداً جميلاً وطرده بهدوء"، والحادثة الأخرى مع الإمام الخوئي حيث نقل أحد طلاب السيد الصدر بقوله"إن السيد الشهيد الصدر نقل لي إن أحد الأشخاص قال لأستاذي الخوئي أن السيد الصدر أسس حزباً إسلامياً ، فأجابه السيد الخوئي:لو أسس السيد الصدر حزباً فاني أول من أسجل أسمي فيه" .  
ط. الصبر والوفاء : ـ من الصفات البارزة في شخصيته الصبر والوفاء ، ويمكن إيجاد معالمها الخيرتين الذين تحلى بها الشهيد الصدر واضحة في المعانات التي كان يواجهها منذ نبوغه العلمي ودخوله المعترك السياسي وتصديه لكل ألوان الآلام والمحن  بالصبر والتي كانت تأتيه من داخل البيت الحوزوي [46] ومن خارجه لما ما قام به "قد" من حركة إصلاحية في الحوزة العلمية  ورفض الظلم والجور والطغيان الذي صبه النظام البعثي على الشعب العراقي ، ورغم كل هذه المعاناة والطعن ، كان موقفه منهم بقاء حبه ومودته لهذا البيت العريق .  إما وفاءه فكان كالرواسي ذو قيمةً شامخة وسلوك راسخ ، مثلاً موقفه المساند لمرجعية الإمامين الحكيم والخوئي والالتزام بالأدب والاحترام الكامل لها بالرغم من إثارة الغبار وبعض المشاكل معه من قبل بعض عناصرها الذي يتصيدون بالماء العكر ، ووفاءه لأصدقائه كالعلامة السيد مهدي الحكيم وأية الله السيد باقر الحكيم ، وشهادته دليل قاطع على وفائه بالعهد للشهداء الإبراء الذين سقطوا دفاعاً عن مدرسته والتي هي امتداد طولي لمدرسة أهل البيت (ع).    
ي.الجود بالنفس :ـ أعتقل الإمام الصدر"قد" أكثر من ثلاث مرات من قبل جلاوزة النظام الصدامي ومارس هذا النظام معه أبشع ألوان العذاب حيث ظهرت آثاره على جسد الطاهر.ويمكن تلخيص محاولات اعتقاله بالآتي:-
الاعتقال الأول:-  في سنة 1392 هـ الموافق 1971 م ،تم أعتقال السيد الصدر من قبل مدير أمن النجف العقيد أكرم وهو من اهالي الموصل بطلب من مدير الامن العامة في بغداد ، وبإثناء الاعتقال حدثت مشادة كلامية بين السيد الشهيد ومدير الامن مفادها ان السيد الشهيد خاطب مدير أمن النجف قائلاً"أين هي الحرية التي تدعونها وجعلتموها شعاراً من شعاراتكم ؟ تريدون شعباً ميتاً لا حول له ولا قوة يعيش بلا إرادة وبلا كرامة تلجئون الى القوة لتكمّوا الأفواه وتصادروا الحريات وتسحقوا كرامة الشعب".
    بعد أن أقلت السيارة السيد الى بغداد ، خرجت العلوية بنت الهدى الى الحرم العلوي وكانت تنادي الظليمة الظليمة يا جداه يا أمير المؤمنين اعتقلوا ولدك الصدر.عند ذلك أنتشر خبر اعتقال السيد الشهيد في النجف وغيرها وخرجت الناس الى الشوارع والمساجد مستنكرين هذا الاعتقال،فقامت عناصر النظام بضرب بعض الناس المستنكرين بالسلاح وسفك دماءهم الزكية وزجوا بالبعض الأخر منهم بالسجون حيث تم تصفيتهم بحسب قرار محكمة الثورة وفق المادة 156، التي تقضي بإنزال عقوبة الإعدام بمن يدان "بالجرم المشهود حسب تعبيرهم" وهو لمجرد كونهم متدينين أو لديهم عاطفة دينية. 
 وذكر الحجة السيد عبد العزيز الحكيم (قد)عند لقاءه بالشهيد الصدر في اليوم الثاني من عودته من الاعتقال أنه بدأ يدرس الموقف الجديد ، هل يتم تصعيد الوضع أو تهدئته وبالتالي تقليل سفك الدماء،كما تم مناقشة موضوع بقاء السيد الشهيد في العراق أو الخروج منه بشكل مسهب .
   بعد أطلاق سراح السيد الصدر وعودته إلى داره في النجف الأشرف بقي تحت الإقامة الجبرية (المحاصرة في داره) لمدة (9أشهر)،وبرغم من وضع النظام أجهزة التصوير في أعلى بناية مجاورة لبيت الإمام "قد" للإشراف على سطوح المنازل الملاصقة أو القريبة من بيت الإمام ، ورغم أجهزت الاتصالات "استراق السمع"الموضوعة خفية في بيت السيد الشهيد إلا انه "قد" كان على تماس مع العالم الخارجي ، والفضل في ذلك يعود إلى أحد سواعده الإبطال الذي كان يتصل به يومياً أو في اغلب الأيام وتتم في هذا الاتصال مناقشة كل الأمور السياسية والميدانية على أرض الواقع من أجل تصدير التوجيهات اللازمة للعاملين على مختلف المستويات.
والى حد كبير جداً أحس البعثيون بأن اتصالاً ما يتم بين الصدر وبين الحركة ، لكنهم لم يستطيعوا أن يعرفوا شيئاً عن ذلك رغم كل التشديدات والتحفظات العجيبة!التي اتخذوها وظل هذا الاتصال مستمراً إلى الأيام الأخيرة قبل استشهاده رحمه الله،وكان الذي يتولى الاتصال هو السيد المجاهد عبد العزيز الحكيم "قد".
      يتحدث الشيخ النعماني عن هذا الدور الذي قام به السيد عبد العزيز الحكيم قائلاً[47](كان لسماحته دور بطولي وفدائي في خدمة السيد الشهيد...فمن اليوم الأخير من شهر شعبان وحتى نهاية الحجز كان أهم حلقة توصل السيد بخارج البيت والمنّفذ الحكيم لكل ما يطلبه السيد الشهيد ، رغم احتمال أن يؤدي به الأمر الى أن يضحي بنفسه وعائلته في أي لحظة ، وقد أشاد به السيد الشهيد كثيراً وفي أخر رسالة كتبها وهي أقرب ما تكون الى الوصية وبعثها الى السيد محمود الهاشمي ، أوصاه به وبي بعبارات قلما يعبر الشهيد بمثلها لأحد).    
الاعتقال الثاني:- في عام 1977 وفي إثر انتفاضة صفر الخير، عاود النظام اعتقال السيد الشهيد ،واقتيد إلى مديرية الأمن العامة ،لينال أنواع العذاب، حيث قال السيد (قده) عن هذا الاعتقال:" كنت احرص على كتمان ما كنت نلته من التعذيب لئلا يؤدي ذلك إلى انهيار أو خوف من لا قدرة لديه على الصبر والصمود، ولم يسألني أحدا عن شيء إلا أن مدير الأمن العامة قال إننا نعلم إنك وراء هذه العدوانية لتحريض الشعب علينا، إننا سوف ننتقم منك في الوقت المناسب وهددني بالإعدام"، وبعد ذلك أفرج عنه وهو يتوقع اعتقاله ساعة بعد ساعة، وكان مستعدا لذلك ليلا ونهارا[48].
الاعتقال الثالث:- في أواخر صيف 1979، عاودت سلطة النظام الجائر اعتقال السيد الشهيد، وتم نقله بهدوء وبدون ضجة من النجف إلى بغداد، وكان سبب الاعتقال هذه المرة هو رفض السيد الشروط الثلاثة التي عرضها النظام عليه، وهذه الشروط أولها :أن يصدر فتوى بجواز الانتماء إلى حزب البعث الحاكم تناقض فتواه التي أصدرها سابقا بحرمة الانتماء إلى هذا الحزب، وثانيها : أن يصدر فتوى بتحريم الانتماء إلى حزب الدعوة الإسلامية الذي تصدّر واجهة المعارضة ،وثالثها: الامتناع عن تأييد نظام الجمهورية الإسلامية بقيادة الإمام الخميني، وقد رفض السيد الشهيد رفضا قاطعا هذه الشروط، فاعتقلته السلطة الجائرة جراء ذلك الرفض .
   فقامت شقيقته العلوية(بنت الهدى) بالاتصال بمنزل الإمام السيد الخوئي في الكوفة وكانت في أشد حالات القلق هي والعائلة، فطلب الإمام السيد الخوئي على الفور من نجله السيد الشهيد جمال الخوئي الاتصال بالقصر الجمهوري، حيث أبلغ المتحدث معه بأن السيد الوالد في أشد حالات القلق على السيد الصدر، فأبلغوه في أنه سيكون في طريقه إليهم ، فرد السيد جمال بأن السيد الوالد لن يتناول طعام الغداء حتى يحضر السيد الصدر ، فكان الرد إن شاء الله سيتغدى معه، ولم يمض الوقت حتى حضر مدير الأمن وإلى جانبه السيد الصدر إلى دار الإمام السيد الخوئي، ثم غادر إلى منزله بسيارة الإمام السيد الخوئي[49].
استشهاده :في اليوم الخامس من شهر نيسان عام 1980 وفي الساعة الثانية والنصف بعد الظهر جاء مدير أمن النجف مع مساعده إلى السيد الشهيد، وقالوا له إن المسئولين يودون لقاءك في بغداد ، فقال السيد الشهيد إذا أمروك باعتقالي فنعم أذهب معك إلى أين تشاء، فقال مدير الأمن نعم إنه اعتقال،فقال السيد الشهيد: انتظرني دقائق حتى أودع أهلي، فودع السيد عياله ثم عاد وابتسامة على وجهه ، وقال إلى مدير الأمن هيا بنا إلى بغداد. ذهب السيد الشهيد إلى بغداد لينال الشهادة، وليوف بوعده إلى المؤمنين الأحرار والشهداء الأبرار ، حيث قال :" وأنا أعلن لكم يا أبنائي إني صممت على الشهادة ولعل هذا آخر ما تسمعوه مني ،وإن أبواب الجنة قد فتحت لتستقبل قوافل الشهداء حتى يكتب لكم النصر، وما ألذ الشهادة التي قال عنها رسول الله(ص) إنها حسنة لا تضر معها سيئة"[50]، وفي السادس من نيسان 1980 تم اعتقال شقيقته العلوية آمنة بنت الهدى، وقام النظام بتصفيتهما يوم 8نيسان 1980، بعد تعذيب وحشي ظهرت آثاره على وجه الإمام الصدر عند دفنه في اليوم التالي 9نيسان 1980 في النجف الأشرف، بحضور ابن عمه آية الله السيد محمد صادق الصدر[51] الذي كان الوحيد الذي شاهد الجثمان وشهد الدفن.
إن أهمية حركة السيد الصدر تكمن مبتدأً ومنتهى في الأهداف التي سعى إليها أما ما دون ذلك فبحسب تعبير المرجع الديني السيد محمد صادق الصدر (قده):" إن شاء الله هو معذور لأن المجتهد معذور كما في الحديث الشريف ( إن أخطأ فله أجر واحد من الثواب، وإن أصاب فله أجران)، والشهادة التي نالها أيضا رفعته إلى أعلى عليين"[52].
خامساً: أية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم (قد) : 
لقد شاءت الأقدار أن تكون حياة وسيرة السيد الشهيد محمد باقر الحكيم على ثلاث محطات : 
المحطة الأولى: ـ في رحاب مدرسة العلم والعلماء (النجف الأشرف) :- وهذه المحطة تنقسم إلى:- 
أ. المنشأ والمولد :  ولد السيد محمد باقر نجل مرجع الطائفة آية الله العظمى الإمام السيد محسن الطباطبائي الحكيم (قد) في الخامس والعشرين من جمادى الأول سنة 1358 هـ (1939 م) ، في مدينة النجف الأشرف ونشأ في عائلة علمية كريمة ، حيث أحضان التقى والورع والجهاد والاجتهاد ، فتشرب منذ نعومة أظفاره معاني الصبر والجد والصمود والأخلاق الكريمة ، فقد عاش عيشة الفقراء ، فكم من ليالٍ وأيام وألذ طعامهم كسرات خبز و شاي لا غير أو ليلة والأسرة الشريفة تنام على لحم بطونها جائعة صابرة محتسبة متأسية بفاطمة وأبيها وبعلها وبنيها (ع) ، وهكذا قضى السيد شطره الأول من الحياة والذي تزامن مع نشوب الحرب العالمية الثانية بما جرّته من ويلات وآهات ومعاناة في عموم البلدان ومنها العراق .
     وقد عاش السيد مع والده مرجع الطائفة الأعلى وصاحب الصحوة الإسلامية في عقدي الخمسينات والستينات من القرن العشرين ، فكان ولده البار وذراعه الذي يعتمد عليه في أقسى المواقف وأحلك الظروف ، فكان لتلك المرحلة دورها المهم في صقل ملكاته الروحية والعلمية والجهادية .
ب.  نبوغه العلمي :  لقد تمتع السيد الحكيم بذكاء حاد وقدرات ذهنية عالية وهو في بداية شبابه حيث أكمل السيد دراسته الحوزوية في فترة قياسية قصيرة ، فقد فاق أقرانه في مرحلة المقدمات والسطوح فبرز نبوغه العلمي وقدرته الذهنية وفكره المبدع ، مما جعله يحظى باحترام كبار العلماء والأوساط العلمية في الحوزة العلمية الصابرة ، وتأهل لدخول البحث الخارج فحضر بحوث كبار مجتهدي عصره ومنهم والده الإمام الحكيم والإمام الخوئي والشيخ مرتضى آل ياسين والسيد الشهيد محمد باقر الصدر ( قد) ، وأجيز بالاجتهاد في علم الفقه وأصوله وعلوم القران من قبل آية الله العظمى الشيخ مرتضى آل ياسين ووالده الإمام الحكيم في سنة 1964 م ، وهو لم يتجاوز الخامسة والعشرين من عمره ، بعد أن برز بحثه في تدريس الفقه والأصول وعلوم القرآن وكان يشار إليه بالبنان وكانت هذه الصفة موجودة عند أستاذيه الحكيم والصدر"قده" ، وفي الوقت ذاته تميز السيد الشهيد بعمق في البحث العلمي ودقة في الطرح الفكري ونتيجة لذلك استقطب مجموعة كبيرة من خيرة فضلاء الحوزة العلمية الصابرة للدرس عنده ،فمن تلامذته البارزين :
1. آية الله السيد عبد الصاحب سعيد الحكيم .
2. آية الله السيد عباس الموسوي (أمين عام حزب الله لبنان) .
3. آية الله السيد صدر الدين القبانجي.
4. حجة الإسلام أسد الله الحرفي 
5. حجة الإسلام السيد محمد باقر المهري.
6.   العلامة عدنان زلغوط.
7. العلامة السيد حسن شحاته.
8. العلامة السيد هاني الثامر.
9. العلامة السيد حسن النوري.
10. العلامة السيد حسين الحكيم .
    ج. النشاطات الفكرية والثقافية :ـ
 أن الانفتاح على الأفكار والثقافات المختلفة له الدور الأساسي في رسم أفاق أوسع للإنسان وخلق موسوعة شاملة عنده ، وقد كان الشهيد الحكيم من الأشخاص القلائل الذين يعيشون أجواء ثقافة النجف الخاصة مع انفتاحه على أفكار ورؤى ثقافية متنوعة سواء كانت إسلامية أم علمانية وذلك من خلال قراءاته المتواصلة في مطلع شبابه للكتب والمجلات والصحف التي كانت تصل العراق ، فمنحه ذلك نوعاً من التواصل مع ما يطرح على الساحة الثقافية الإسلامية وغيرها مما دعا بالشهيد الصدر أن يكلفه بمراجعة كتابي ( اقتصادنا، وفلسفتنا) من حيث التصميم العام للمنهج ومناقشة أفكاره ووضع العناوين وتقسيمه للفصول .
    وكان لآرائه الدور المهم الذي جعل السيد الشهيد الصدر يثني عليه ثناءً جميلاً ، ولكن السيد الحكيم عندما أشرف على طباعة الكتاب بنفسه حذف ذلك الثناء ، مما جعل السيد الشهيد يشرف بنفسه على طباعة كتابــــه (اقتصادنا) فيثني على جهود السيد الحكيم فيصفه بأنه ( العضد المفدى) .
وبعد أن نال "قد" مرتبة عالية في العلم بفروعه وفنونه المختلفة مارس نشاطاته العلمية والفكرية والثقافية ولم يقتصر على الجانب الحوزوي ، ففي أواخر الخمسينات اختير عضواً في اللجنة المشرفة على مجلة الأضواء الإسلامية ، وهي مجلة ساهمت كثيراً في تشكيل الوعي الفكري والثقافي والسياسي الإسلامي لدى جيل الخمسينيات من القرن الماضي الميلادي.  
    كما إنه "قد" رشح أستاذاً في كلية أصول الدين ببغداد لمادة "علوم القران،والشريعة،والفقه المقارن" وذلك في عام 1964، وأعطى هذا العمل الجبار زخماً ودافعاً كبيراً لقضية التواصل بين الحوزة العلمية والجامعة الأكاديمية وكان يرى "قد" بأنه لابد أن يلتقي الفكر الحوزوي مع الأكاديمي لتتكامل حركة الأمة في مسيرتها نحو القيم الإسلامية السامية التي نطق بها القران .
    لقد سمحت ثقافة شهيد المحراب المركبة من الأسلوب الحوزوي والنهج الأكاديمي على إيصال الخطاب العلمي والثقافي للحوزة العلمية بما يتضمنه من رؤى ومفاهيم مستمدة من مجمل الدليل الشرعي وبما يحتويه من طروحات متكاملة إلى المحافل العلمية سواء أكانت محلية أم إقليمية أم دولية بأساليب وصيغ جمعت بين الدقة في اختيار الكلمات والتوضيح الجلي للفكرة ، ولذا كان كثير الحضور والمشاركة في المؤتمرات ذات الطابع العلمي والثقافي في وقت كانت مشاركته تمتاز بالتنوع والسعة والعمق .
    وأسفرت ثقافته العلمية التي كانت رائدة في كل جوانب الفكر عن آثار ومؤلفات حيث جاء في مأثور الكلام:الكتاب أحد اللسانين وخير المخلفات المؤلفات،ويراع المرء ترجمان عقله والشاهد على فضله .
    والمؤلفات تختلف باختلاف أصحابها وتتباين بتباين العلوم المودعة فيها، والمقرر عند ذوي التحقيق والفضيلة أن شرف العلم بشرف موضوعه ويأتي "علم الفقه" وما يتعلق به في مقدمة العلوم الشريفة بل هو رأسها وعمدتها وفي ذلك يقول السيد بحر العلوم في "الدرة النجفية":
وإن علم الفقه في العلوم        كالقمر الزاهر في النجوم
والمستقري لآثار شهيد المحراب "قد" يجده فيها ذلك العبقري الفذ واللوذعي البارع الذي لا يشق غباره ولا يدرك تياره وقد صال براعه السديد في تحبير تلكم العلوم الشريفة فأدرك قصب السبق وأحرز القدح المعلى فيها وتمتاز تلك المؤلفات سواء أكانت في علوم القران وتفسيره أم في دراسة حياة أئمة أهل البيت(ع) أم في النظرية السياسية والاقتصادية والاجتماعية بقوة السبك العلمي ومتانة ودقة الأسلوب وبلاغة التعبير والسلامة من الحشو والتكرار مع وضوح الدلائل وهي إن أمكن لغير المتخصص قراءتها وربما فهمها لسلاسة الكلام فيها وسهولة أسلوبها إلا أنها دقيقة العبارات ، وقد خلف رضوان الله عليه أكثر من خمسين مؤلفاً ذات آثار عظيمة وقيمة نذكر بعضها:-
1. علوم القران.
2. القصص القرآني.
3.الهدف من نزول القران وآثاره على منهجه في التغيير.
4.منهج التزكية في القران.
5.الظاهرة الطاغوتية في القران.
6.المستشرقون وشبهاتهم حول القران.
7.تفسير موضوعي وتجزيئي للبعض سور القران(سورة الحمد،وجزئي 29-30).
8.أهل البيت ودورهم في الدفاع عن الإسلام.
9.دور أهل البيت في بناء الجماعة الصالحة.
10.ثورة الإمام الحسين.
11.مأساة الحسين وتصعيد روح المقاومة.
12.الإمامة وأهل البيت.
13.الشيعة والتشيع.
14.الحجة والولاية.
15.الحكم الإسلامي بين النظرية والتطبيق.
16.دور الفرد في النظرية الاقتصادية الإسلامية.
17.العلاقة بين القيادة الإسلامية والأمة.
18.الوحدة الإسلامية من منظور الثقلين.
19. النظرية الإسلامية في العلاقات الاجتماعية.
20.النظرية الإسلامية في التحرك الإسلامي.
21.حقوق الإنسان من وجهة نظر إسلامية.
22.أفكار ونظرات جماعة العلماء.
23.القضية الكردية من وجهة نظر إسلامية.
24.المجتمع الإنساني في القران الكريم.
25.حوارات (1-2).
26.دعبل بن علي الخزاعي شاعر أهل البيت.
27. الأربع عشرة مناهج ورؤى . 
28.موسوعة الحوزة والمرجعية(5 أجزاء).
وهناك عشرات البحوث المطبوعة والمخطوطة لم يتسر لي في هذه النقطة المختصرة الإشارة إليها. 
     د. النشاطات السياسية:ـ  تعتبر النشاطات السياسية للسيد محمد باقر الحكيم في المحطة الأولى من حياته من أبرز النشاطات التي قام بها"قد" ضد التطرف والاضطهاد والمعانات التي واجهها الشعب العراقي المظلوم من قبل أكبر حزب تسلطي وفاشي ودكتاتوري عرفه تاريخ العراق وهو النظام البعثي المجرم .
     وقد بدأ السيد محمد باقر الحكيم (قد) مع ثلة من العلماء المجاهدين العمل على الصعيد السياسي عندما ساهم بتوجيه ودعم التنظيم السياسي الثقافي الإسلامي وسمي فيما بعد (حزب الدعوة الإسلامي)، الذي يهدف إلى ردم الهوة بين الحوزة العلمية والأوساط المثقفة في المجتمع ، وقد ضم أوساط الجامعيين والموظفين والتدريسيين والكتاب وغيرهم ، اشرف السيد (قد) على نشاط هذا الحزب حيث قام بإبداء النصائح والتوصيات لكي لا يخرج هذا التنظيم عن مسار الشريعة السمحاء ،وكان معه في هذا النشاط والتحرك السيد الشهيد الصدر(قد) والسيد الشهيد مهدي الحكيم (قد) والسيد مرتضى العسكري الذين اكتفوا بممارسة الأدوار التوجيهية والإرشادية فقط ضمن إطار المرجعية الدينية منذ عام 1960م وقد ساهم السيد الحكيم أيضاً في توجيه وإرشاد الجماهير العراقية في عقد الستينيات عندما كان معاوناً لوالده الإمام الحكيم (قد) حيث استنكر مع مجموعة من العلماء تطبيق القوانين الاشتراكية في العراق في عهد عبد السلام عارف سنة 1964م ، ووقف في وجه المد الشيوعي مع والده الإمام الحكيم الذي أفتى( بأن الشيوعية كفر وإلحاد ) وناصر القضية الفلسطينية وشارك في مؤتمر عمان مندوباً عن والده ، وقام بتأسيس كلية أصول الدين مع مجموعة من العلماء منهم السيد الشهيد الصدر والسيد مرتضى العسكري، وقد كان يحاضر في تلك الكلية في مادة علوم القرآن ، فضلاً عن كتابته للمقالات في المجلات الإسلامية لا سيما مجلة (الأضواء)التي كانت محط أنظار الشارع الإسلامي والطليعة المؤمنة من الشباب العراقي الناهض.وقد مثل السيد الحكيم المرجعية الدينية في عدة مؤتمرات خارج العراق ، أولها المؤتمر الإسلامي الذي عقد في مكة المكرمة سنة 1965م ، والمؤتمر الإسلامي في عمان في أعقاب نكسة حزيران سنة 1967م ، مضافاً إلى تمثيله للمرجعية في بعثة الحج الدينية التابعة لمرجعية الإمام الحكيم (قد) والتي أصبح السيد مسئولا عنها لتسع سنوات متعاقبة ، حيث كان يلقي توجيهات وإرشادات والأحكام في عموم الحجاج المسلمين 
     وكان تحرك السيد محمد باقر الحكيم واسعاً حيث شمل جميع أنحاء العراق لرعاية شؤون المؤمنين وحل متعلقاتهم وإصلاح الفاسد من أمورهم ومن ذلك زياراته للبصرة والناصرية والحمزة الشرقي والديوانية والعمارة والكوت وبغداد وغيرها من المدن التي كان السيد يشرف على إقامة التجمعات الثقافية والدينية فيها ويحضر احتفالاتها الدينية بمناسبة ولادات الأئمة(ع) مضافاً إلى إنشاء المشاريع التعبوية الكبرى كالمهرجانات المركزية في المحافظات ومكتبات الإمام الحكيم التي انتشرت في ربوع العراق . 
     وعندما جاء حزب البعث للحكم على اثر انقلاب عام 1968 المشئوم ، بدأ حربه ضد الإسلام والحركات والقوى الوطنية ، وكان في مقدمة أعدائه وألدهم المرجعية الدينية والتيار الإسلامي، والذي اعتبره البعث(التيار الرجعي الفاطمي) كما جاء في بيان المؤتمر القطري السابع لحزب العفالقة في العراق ومن ثم كانت محاصرة النجف الأشرف عموماً وبيت الإمام الحكيم والسيد الخوئي خصوصاً والذي تزامن مع حملة تسفير طلبة العلوم الدينية إلى خارج العراق، مما دعا الإمام الحكيم إلى تنصيب ولده السيد محمد باقر مندوباً عنه للتفاوض مع الحكومة لإيقاف هذه الحملة المسعورة التي تسعى للقضاء على الحوزة العلمية ، وحينها قدم السيد محمد باقر الحكيم محضراً يثبت محاربة حزب البعث للإسلام والشعائر الدينية على الرغم من رفض وإنكار موفد حزب البعث الذي كان يرأسه خير الله طلفاح مما أنتج وقف التسفير في تلك الفترة.
     وبعد وفاة الإمام الحكيم (قد) عام 1970م زادت المسؤولية الملقاة على السيد محمد باقر الحكيم ،حيث أصبح نشاطه السياسي والاجتماعي والديني يثير قلق السلطة لاحتلاله موقعاً ريادياً في حركة النهضة الإسلامية واعتباره الرجل الثاني بعد السيد الشهيد الصدر (قد) مما دعاهم إلى اعتقاله في حملات الاعتقالات الواسعة التي طالت طلبة العلوم الدينية عام 1972م واعتقل فيها السيد الشهيد الصدر (قد) أيضاً ، وتعرض السيد محمد باقر الحكيم لتعذيب قاس في سجن النظام ، ثم أفرج عنه بعد الضغوط الجماهيرية الواسعة.
     واستمر التصعيد الإسلامي الريادي حتى بدأ النظام البعثي بالتدخل بصورة مباشرة من خلال منع الشعائر الدينية ومنها زيارة الإمام الحسين(ع) مما أجج الشارع العراقي ضده واندلعت انتفاضة صفر عام 1977م وكان دور السيد الحكيم فيها رئيسياً حيث كان سفير السيد الشهيد الصدر (قد) إلى الجماهير حيث ألقى الخطاب السياسي إلى الزوار المنتفضين لإشعارهم أن المرجعية الدينية معهم.
     وقد أدى هذا التدخل إلى اعتقال السيد الحكيم (قد) الذي عُذِّبَ أكثر مما عًذب باقي المعتقلين حيث نتج عن هذا التعذيب إضرار جسدية من ضمنها كسر الفك الأسفل الشريف لسماحته ، ثم حكم عليه بالسجن المؤبد وظل السيد في السجن نحو عام كامل ثم أطلق سراحه في العفو العام للسجناء في 17 تموز عام 1978م تحت الضغوط الجماهيرية الغاضبة.
     وبعد إطلاق سراح السيد الحكيم ظل تحت المراقبة الأمنية وضغوط السلطة حتى اغتيال السيد الشهيد الصدر   ( قد ) مما جعل خروج السيد الحكيم أمراً ضرورياً لضمان سلامته واستمراراً للخط الجهادي .  
المحطة الثانية:في رحاب مدرسة قم المقدسة:- خرج السيد الحكيم (قد) بشكل سري إلى خارج وطنه الحبيب العراق وكانت المحطة الأولى له سوريا وعمد حال وصوله إلى تأليف بحثين:الأول عن تطور الحركة الجهادية والسياسية وتقييم الوضع في العراق والثاني وضع الخطط الاستراتيجية الثابتة للعمل الجهادي ضد صدام ونظامه الإجرامي.
     ثم انتقل السيد (قد) إلى الجمهورية الإسلامية في تشرين الأول عام 1980م وتحركت نحوه حال وصوله الجماهير العراقية المقيمة في إيران في وفود شعبية حاشدة فأعلن عن المواجهة الشاملة ضد نظام البعث فكان أول العلماء الذين أعلنوا بصراحة مواجهة نظام صدام عبر الصحف والمجلات والإذاعات والحشود الجماهيرية وصلاة الجمعة في طهران، وقد حل السيد (قد) في إيران ضيفاً على الإمام الخميني (قد) حيث أولاه عناية خاصة وكان محط اهتمامه طيلة فترة حياة الإمام الراحل مضافاً إلى الاهتمام الذي لقيه من جميع المسئولين وخاصة من علماء الدين الكبار.
ونذكر مجمل من الأعمال والنشاطات السياسية والثقافية والاجتماعية التي قام بها شهيد المحراب "قد" في دار الغربة والفراق:ـ
أولاً: الأعمال السياسية والجهادية: ـ 
لقد كان لسماحته الدور الريادي في تطوير المقاومة الإسلامية وتطوير عملها وقد أثبت سماحته من خلال المقاومة والصمود على الساحة العراقية خصوصاً وعلى الساحة الإسلامية عموماً نجاحه في التمهيد لإسقاط النظام البعثي البائد وقد ساهم أيضاً  في دعم المقاومة الإسلامية في لبنان وفلسطين وقد أشار الأمين العام لحزب الله لبنان بهذا العمل الجهادي بعد استشـــهاد السيد الحكيم  رضوان الله تعالى عليه ( راجع الكلمة التي ألقاها السيد نصر الله بمناسبة استشهاد السيد الحكيم (قد))، أما أهم الإعمال والنشاطات السياسية والجهادية التي قام بها سماحته على الساحة العراقية فهي كالآتي:-
أ.تشكيل النواة الأولى لفيلق بدر وتأسيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية:-
عند وصول السيد الحكيم إلى إيران، أسرع بتشكيل تعبئة جماهيرية إسلامية ضد نظام صدام وخاطب بشأن ذلك جميع العراقيين وبالأخص المهجرين والمهاجرين ممن أبعدهم النظام وغيرهم ، فتشكلت تجمعات عسكرية كان لها دور فعال في الحرب المفروضة من قبل نظام صدام ضد الجمهورية الإسلامية حيث قامت تلك التجمعات بعمليات قتالية داخل العراق وخارجه ، وساهمت في ردع منافقي خلق الذين دعمهم الاستكبار العالمي للوقوف أمام الثورة الإسلامية ، فنمت من هذه التشكيلات النواة الأولى لفيلق بدر المدرب والمجهز بالتجهيزات العسكرية الحديثة.
وقد عمد السيد محمد باقر الحكيم (قد) إلى تعميم الحوار السياسي مع جميع القوى والحركات والأحزاب من أجل وحدة الصف أمام ذلك النظام المجرم ، فانبثق منها فكرة  (المجلس الأعلى للثورة الإسلامية) عام 1982م وكان السيد الحكيم الناطق الرسمي له بإجماع أعضاء المجلس وكان دور الناطق الرسمي هو الدور الأهم في المجلس بسبب كون الأعضاء كانوا يمارسون أدوراهم بسرية تامة، باستثناء دور السيد الحكيم الواضح كناطق رسمي للمجلس ، وبعدها صار السيد الحكيم رئيساً للمجلس منذ عام 1986م.
    وقد نتج من هذا التشكيل تحقيق نجاحات واسعة على مستويين:
•        المستوى الأول: التعبئة العامة للأمة في مواجهة النظام ورفضه وكذلك الاستعداد لتحمل مسؤولية القتال والمقاومة المسلحة والاستمرار فيها.
•        المستوى الثاني: تأسيس وإقامة البناء السياسي والعسكري وإيجاد المؤسسات ذات العلاقة بذلك فمثلاً القوى الإسلامية الشيعية التي لم تكن تملك نشرة محدودة ولم تدخل المواجهة السياسية ولم تعرف العمل العسكري منذ الحرب العالمية الأولى وثورة العشرين ، تمكنت من أن تبني المنظمات السياسية والعسكرية والمؤسسات الإعلامية.ومنها (فيلق بدر،والمجلس الأعلى)التي يعود الفضل في تأسيسها إلى شهيد المحراب"قد".  
  ب. المساهمة في تفعيل الرفض السياسي داخل العراق: إن حركة الرفض والمقاومة السياسية للاستبداد من قبل المرجعية الدينية والشعب العراقي المستضعف هي حركة واسعة في أبعادها ، عميق الجذور في منطلقاتها وعظيمة التضحيات والعطاء في نشاطاتها وفعالياتها ، وقد بدأت في رفض ومواجهة النظام البعثي منذ بداية مجيئه في زمن مرجعية الإمام الحكيم"قد" وحتى مرجعية الإمام السيستاني "حفظه الله" حيث شخصت المرجعية طبيعة هذا النظام العدوانية والوحشية وتنكره للقيم الإسلامية والعربية ومعاداته لمصالح الأمة العربية والإسلامية وللشعب العراقي. 
   حيث ساهم السيد محمد باقر الحكيم وبشكل فعال مع المرجعية الدينية الصابرة في النجف الأشرف في المبادرة لاتخاذ الموقف والتعبير عن رأي الشعب العراقي الرافض للسياسات القمعية والتعسفية التي مارسها ويمارسها النظام البعثي المقبور آنذاك، من خلال المذكرات والتصريحات التي كان يدلي بها "قد" في الأعلام المرئي والمسموع والاتصالات السياسية مع الحركات السياسية المعارضة داخل العراق وهذا التفعيل ساهم في التعبئة العامة لمواجهة النظام والدخول معه في صراع ، وتشكيل المؤسسات السياسية والعسكرية والإعلامية السرية داخل العراق والتحرك على المجتمع الدولي لتعرية النظام في الداخل والخارج.  
  وعلى أثر العمل الجهادي والرفض السياسي المتواصل حاول صدام الضغط على السيد الحكيم فاعتقل أخوته الستة وبعض أفراد عائلته الكريمة ، وأرسل رسالة تهديد إلى السيد الحكيم يطالبه فيها بترك العمل الجهادي والإعلامي والسياسي ضده ، وإلا سوف يقتل أركان تلك الأسرة الكريمة واحداً تلو الأخر فرفض السيد الحكيم (قد) تلك المساومة ولم يرضى بالتخلي عن مسؤولياته الدينية والوطنية فقام صدام بتصفية عشرة من أفراد العائلة الكريمة منهم أخوته الستة في عام 1985م وقد تحمل السيد (قد) ذلك المصاب الجلل بصبر يقاس بصبر الأنبياء مما دعا الإمام الخميني (قد) أن يصفـه بأنه ( الابن الشجاع للإسلام ) في بيانه التأبيني للشهداء العشر من آل الحكيم.
ج.المواجهة المسلحة والتعبئة العامة لها:- عندما أصدر النظام قوانين حكم الإعدام والقتل على كل نشاط سياسي أو ثقافي تعبوي أو دعوة للإسلام الأصيل في الداخل أصبح الشعب العراقي أمام خيارين فإما الاستسلام والعبودية ، أو الدفاع والمقاومة.
    فمنذ اندلاع الحرب العراقية الإيرانية قام المجاهدون في الداخل والخارج[53]  بالمواجهة المسلحة ضد النظام البعثي وأزلامه المجرمين، وكان للسيد الحكيم الدور الريادي في التحرك العسكري والمواجهة ضد نظام صدام المقبور ، فقد شكل قوات المقاومة الإسلامية والجهاد (بدر) التي تعتبر أعظم قوة عسكرية في أوساط المعارضة في العالم العربي والإسلامي،حيث نفذت عمليات كبيرة في داخل العراق وكان لها صدى أكبر في مناطق الاهوار والجنوب بل حتى بغداد العاصمة ، والمحاولة الناجحة لاغتيال عدي صدام لهي أكبر دليل على قوة هذا التنظيم الإسلامي.  
د.غزو النظام البعثي للكويت:لقد كان غزو الكويت من قبل النظام أحد تداعيات الحرب مع إيران وملابساتها وقد فسح ذلك المجال لوضوح الرؤية وفهم حقيقة النظام لدى الأوساط السياسية العربية والإسلامية ، كما فتح الأبواب لفضح حقيقة النظام أمام الرأي العام العالمي والإقليمي، وكانت النظرية السياسية للسيد الحكيم في هذا الموضوع  هو ان قوى التحالف وفي مقدمتها أمريكا ساهمت وبشكل كبير بدفع النظام البعثي إلى هذا الغزو من أجل ان يأخذوا من صدام كل ما أعطوه له في حرب إيران(1980-1988) من إمكانات وأسلحة ومعدات وتجهيزات وفرص للنمو غير الطبيعي،وكذلك لتحكم سيطرتها على المنطقة ونهب وسلب خيراتها بواسطة جيوشها ومعداتها العسكرية العملاقة التي جاءت إلى المنطقة بذريعة احتلال العراق للكويت[54].  
هـ.الانتفاضة الشعبانية 1991:-وقد عبر الشعب العراقي عن موقفه تجاه هذا النظام الظالم بهذه الانتفاضة المباركة بعد الخسارة الكبرى التي لاقاها النظام باحتلاله الكويت وانسحابه منها كقطيع من الأغنام تنهش بلحومها الذئاب.  
     ففي هذه المرحلة أعلن المرجع الديني آية الله محمد باقر الحكيم حالة الطوارئ في كل التشكيلات القتالية والسياسية وذلك في الساعة الأولى لانطلاق انتفاضة 15 شعبان المباركة عام 1991 م ، واتخذ القرار بالوقوف إلى جانب الشعب العراقي في حركته هذه والحضور في مواقف المواجهة ، وقد أصبح الجميع في حركة عمل دائبة يواصلون العمل الجهادي في الليل والنهار عملاً وتواصلاً مع تطورات الانتفاضة ، فعلى الصعيد العسكري ساهم فيلق بدر مساهمة فعالة ومهمة في إسناد ودعم الانتفاضة ويمكن أن نقول فيها إجمالاً أنه بذل كل الجهود الميسورة لديه في الدفاع عن الشعب العراقي وحركته .
     وعلى الصعيد السياسي تحرك سماحته من خلال اللقاءات مع سفراء الدول الذين توافدوا على مكتبه ، وكذلك مراسلي وكالات الأنباء ووسائل الإعلام في توضيح صورة ما يجري في داخل العراق ، وكان سماحته أول من أصدر بياناً دعا فيه العراقيين في الخارج إلى تشكيل لجان الإغاثة التي قامت بإيصال كميات كبيرة من المساعدات الغذائية والدوائية الضرورية للمواطنين في تلك الأحداث وسعى السيد (قد) بالاتصال بالعديد من الشخصيات العالمية لفضح حقيقة النظام العفلقي أمام العالم أجمع ضمن لقاءاته مع القنوات الفضائية وكتاباته التي يتم توزيعها على جميع المؤسسات والمكتبات في العالم . مما ساهم في نبذ نظام صدام من الأسرة الدولية .
     وكان السيد الحكيم (قد) من الذين تنبئوا بقيام النظام العراقي بخلق أزمة جديدة يحاول من خلالها أن يغطي على فشله في الحرب العدوانية ضد الجمهورية الإسلامية وكانت الكويت مرشحة للغزو في نظره حيث أشار إلى ذلك في رسالته إلى الأمين العام للأمم المتحدة قبل الغزو بأكثر من عام . 
     كما كان سماحته ممن أدان وشجب هذا العمل العدواني ، وفي الوقت نفسه كان يرى بأن التدخل الأجنبي في هذا الصراع سوف يجر المنطقة والعراق إلى أزمات و مخاطر حقيقية ، وقد دون ذلك في أحاديث عديدة،وكان يتوقع على خلاف الكثيرين بأن النظام سوف لا يسقط بمجرد شن الهجوم الجوي عليه وأن الغرب وأميركا سوف تحافظ على النظام من أجل تأمين مصالحها في المنطقة وهذا ما حصل بالفعل[55].
و.السنوات ألاثنتي عشر من(1991- 2003م):- لقد عاش الشعب العراقي الجريح محنة هذه السنوات بصنوف العذاب فبعد الانتفاضة الشعبانية المباركة التي قادها وراعها الإمام الخوئي"قد"، وجدت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من العرب والغرب في هذه الانتفاضة خطراً كبيراً على مصالحها في العراق وفي المنطقة ،وذلك إذا ما تحقق تحالف حقيقي وعمق استراتيجي بين العراق وسوريا وإيران ، في الوقت ذاته، كانت قد أعدّت العدة لمؤتمر "مدريد" واتفاقيات "أوسلو"وغيرها من القضايا التي عُرفت لاحقاً لإسقاط نظام صدام.
    فعندما اعتقدت بخطر الانتفاضة على مصالحها تغير موقف هذه القوى تجاه النظام وأدارت ظهرها إلى الشعب العراقي ، فوقفت إلى جانب النظام البعثي القذر لضرب الشعب وقتله وإبادته بالنار والحديد، بعد أن كانت تحرّض هذا الشعب على الثورة والتغيير.
   ويمكن ايجاز دور السيد الحكيم في مقاومة النظام في هذه الفترة بالنقاط الآتية:
1.لقد سعى السيد الحكيم"قد"عند انتهاء حرب الخليج الثانية،  إلى لّم شمل جميع القوى المعارضة بمختلف مسمياتها مما جعلها أقوى وأصلب في مواجهة النظام.
    لقد كان للقوى السياسية الإسلامية والقوى الكردية دور متميز في مجال الكفاح المسلح وتنظيم القوى الشعبية وشاركتها في ذلك القوى القومية وبقية القوى الديمقراطية مساندة وداعمة ،حيث عبرت جميعها عن موقفها الثابت الموحد وإصرارها على تغيير الأوضاع السياسية في العراق، والفضل في ذلك يرجع إلى السيد الحكيم (قده).       
2.إقامة المؤتمرات واللقاءات الساعية إلى نصرة الشعب العراقي وتوحيد صفوف المعارضة العراقية منها مؤتمر بيروت سنة 1991،ومؤتمر صلاح الدين 1992،واللقاء التداولي في دمشق سنة 1996، وغيرها من المؤتمرات التي ساهمت بالاتفاق على كلمة واحدة وهي تخليص الشعب العراقي من النظام البعثي الظالم.
3. فضح ممارسات النظام اللاإنسانية أمام المجتمع الدولي ، وتحديد المطلوب من الأمم المتحدة والدول الغربية والإقليمية في كشف النظام من حيث انه نظام مستهتر بالقوانين ،وارتكب المحرمات الدولية ،وانتهك المواثيق والعهود الدولية بصورة لم يسبق لها نظير،وشن الحروب على جيرانه واستخدم أسلحة الدمار الشامل ضد شعبه والدول المجاورة فضلاً عن الإبادة الجماعية وتدمير البيئة.
  4.تبني مشروع التغيير في العراق الذي يقوم على مجموعة من الأسس والسياسات أهمها:إن تغيير النظام السياسي في العراق هو العلاج الوحيد والأساسي لكل المآسي والآلام في داخل العراق والمنطقة وبدون ذلك سوف يواجه العراق والمنطقة استمرارالمحن والاضطراب والفرقة وتهديد الأمن والسلام.
5.العمل على تشكيل تجمع سياسي واسع من القوى السياسية يتفق على الأصول العامة للخطاب السياسي ورؤية المستقبل ومنهج العمل وينسق مواقفه وأعماله في مواجهة النظام. 
6.اعتماد منهج التغيير على أساس العمل الميداني في الداخل المدعوم سياسياً وإعلاميا ولوجستياً من القوى المعارضة الموجودة في الخارج،فضلاً عن العمل على تشكيل نواة صلبة من المعارضة العراقية الحقيقية التي يكون لها تأثير في داخل العراق وتتصف بالتعددية القومية والمذهبية والسياسية بصورة إجمالية كما يكون لها علاقات ثقة متبادلة مع مختلف قوى المعارضة في الخارج.
7.الاستفادة من جميع قوى وطاقات الشعب العراقي الموجودة في الداخل وتوحيد جهودها لمواجهة النظام من اجل إيجاد التغيير في العراق.  
  بعض من نظرياته السياسية:
1.نظريته في القيادة: يعتقد أن القيادة هي اختصاص الإنسان الصالح الذي يكون عارفا بالشريعة الإسلامية على مستوى الاجتهاد، ومتصفا بالصبر والشجاعة والدراية السياسية والاجتماعية والتصدي للأنظمة الجائرة، وأن يتم اختيارها بالانتخاب الطبيعي من الأمة في مرحلة ما قبل الحكم وعن طريق الاقتراع في مرحلة ما بعد الحكم.
2. نظريته في الحكم ورأي الشعب: يؤمن بأن اختيار شكل الحكم وأساليبه والحاكم-الذي يجب أن يتصف بالمواصفات الخاصة من العلم والتقوى والخبرة السياسية والمواصفات الأخلاقية الحميدة- لابد أن يمر عبر رأي أكثرية الشعب العراقي المسلم ومن خلال الانتخاب الحر والمباشر ، وقد عبر عن إيمانه هذا بتصريحاته الكثيرة والصريحة في هذا المجال، كما كتب بحثاً قيما في هذا الموضوع.
3.نظريته في قوة المعارضة العراقية:- يرى أهمية الانفتاح في العمل والتعاون الميداني مع جميع قوى المعارضة العراقية المخلصة الحقيقية التي تسعى للخلاص من النظام الجاثم على صدر العراق وتحترم إرادة الشعب وعقيدته كما يرى ضرورة توحيد موقفها من القضايا الأساسية من أجل نجاح عملية التغيير. 
4.نظريته في الكفاح المسلح: يعتبر أن الأصل في العمل التغييري هو الحوار والعمل الثقافي والسياسي وإبلاغ الرسالة بالحكمة والموعظة الحسنة، ومن خلال البلاغ وحرية الرأي والفكر، ولا يصح اللجوء إلى العمل المسلح إلاّ في حالات الدفاع عن النفس تجاه ظلم الأنظمة الدكتاتورية التي تحاول أن تفرض وجودها وبقاءها بالقوة وبالاعتداء على الحقوق الأساسية للإنسان ومصادرة حريات الشعب، وتمارس عمليات التصفية الجسدية للمعارضة، ولا يصح أن يطال العمل المسلح الأبرياء في هذه الحالة.
5.نظريته في النظام الدولي القائم:- يعتقد أن النظام الدولي يجب ان يتجه نحو توحيد الحياة الإنسانية وإنهاء جميع الفوارق العنصرية أو الطبقية أو ممارسة الاستغلال والهيمنة واحترام الحقوق الأساسية للإنسان والمبادئ والقوانين والمواثيق الدولية وكذلك احترام الحقوق الدينية للأديان السماوية والبنية الاجتماعية للإنسان القائمة على أساس الأسرة والحقوق المتساوية والمتبادلة بين الرجل والمرأة وان تقوم العلاقات مع الحكومات على أساس المصالح المتبادلة والاحترام المتقابل واحترامها لحقوق الإنسان تجاه شعوبها ومقدار تمثيلها لهذه الشعوب وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وضرورة معاقبة المعتدي ومحاكمة مجرمي الحروب ومجرمي الشعوب ،وأهمية حسن الجوار بين الدول والعمل على إلغاء الفوارق بين الشمال والجنوب واحترام إرادة الشعوب ونصرة المضطهدين والمحرومين والوقوف إلى جانب حركة التحرر العالمي وقضايا المحرومين وقضايا حقوق الإنسان.
6.نظريته بان الإسلام إطار لوحدة الشعب العراقي:-يؤمن بإن الإسلام هو الإطار الأفضل الذي يمكنه أن يوحد حركة الشعب العراقي ويضمن الحقوق الكاملة لجميع القوميات والمذاهب والأقليات، وإنه يمثل هوية الشعب العراقي المسلم ويحترم الأقليات ، وقد حافظ على وجودها منذ الصدر الأول للإسلام وحتى اليوم.
7.نظريته في الأقليات القومية والدينية:-يؤمن بضرورة احترام الأقليات القومية والدينية وحقوقها العامة وضمان وحدة العراق بالطرق الدستورية ويؤمن بضرورة إعطاءها حقّها في ممارسة معتقداتها الدينية كما يؤمن بوحدة الأرض العراقي ويقف ضد أي نشاط لتجزئة أو تقسيم الأرض العراقية كما انه يدعو إلى الوحدة الإسلامية بين المذاهب والطوائف الإسلامية وهو يقف ضد كل جهد يدعو إلى الطائفية السياسية أو الدينية. 
8.نظريته في حقوق الإنسان: يؤمن بضرورة صيانة الحقوق الأساسية للإنسان ، كالحرية الفكرية والسياسية وحرية الرأي، والحرية الشخصية، ضمن الضوابط الإسلامية، وكذلك الدور المتوازن للفرد والدولة في الاقتصاد،وله في هذا المجال بحوث فكرية وبيانات  سياسية، وجهها إلى الجهات العالمية المهتمة بحقوق الإنسان، وقد كان له دور خاص في تأسيس وإسناد منظمات حقوق الإنسان في العراق، والتحرك في مجال اللجان المختصة التابعة للأمم المتحدة.. 
   وهنالك عشرات النظريات والرؤى لا نستطيع الإشارة إليها في هذا البحث المختصر مثل(القضية الكردية،العمل الجماهيري،العمل المنظم وأهميته،دور علماء الدين،المجلس البرلماني وتمثيل الشعب) وغيرها من هذه النظريات التي أغنى بها "قد" المشروع السياسي الإسلامي.
9.نظريته في المرجعية الدينية:- إن علاقة السيد محمد باقر الحكيم (قد) بالمرجعية الدينية كعلاقة الابن بابيه والتلميذ بمعلمه ، حيث كان دائماً يدعو ويحث المؤمنين على وجوب الالتفاف حول المرجعية ومساندتها ، كما كان (قد) يركز على الدور الريادي للمرجعية الدينية في قيادة الأمة ويتبين ذلك من خلال الخطب والمحاضرات التي كان يلقيها على المؤمنين وبالأخص على المجاهدين في فيلق بدر والتي كانت من أهمها خطبته قبيل عودته إلى العراق في منطقة دزفول الإيرانية ، حيث قال (قد) فيها : لو قلت لكم قولا أو أمرتكم بأمر وقالت المرجعية خلاف ذلك فالقول قول المرجعية لأني اصغر و أحقر جندي عندها وافتخر بذلك واقبل أياديهم وفي ذلك تقرباً إلى الله سبحانه ورسوله وأهل البيت (ع) ، أولادي أعزائي تكليفنا عند أول قدم بعد الحدود أن نكون عوناً وقوةً للمرجعية مدافعون عنها مؤازرون لها حتى إعلاء كلمتها التي هي كلمة الله (وكلمة الله هي العليا) .
     ولولا أن السيد شهيد المحراب (قد) يدرك دور الكلمة تحت خيمة المرجعية لما خاطب المحتشدين من قواته بهذا الكلام العظيم ، علماً انه كان (قد) وقتئذ قائد القوات المسلحة لفيلق بدر .
ثانياً: الأعمال الثقافية والاجتماعية:-أعطى شهيد المحراب"قد" جزءاً مهماً من وقته في إنشاء وتكوين مؤسسات تحقق الأهداف الإسلامية والمصلحة العليا للإسلام على المستويين الاجتماعي والثقافي ، فقد أسس السيد الحكيم (قد) لجاناً متخصصة للتثقيف والتوعية الدينية ، تقوم بواجباتها تجاه اللاجئين وأسرهم ، فضلاً عن أسرى الحرب [56]، وتتبنى رعاية الدورات العلمية والدينية وبناء وتأسيس المساجد والحسينيات ونحوها من الأنشطة مضافاً إلى إيصال مواد الإغاثة إلى المتضررين والمحتاجين.
  وكان للسيد الشهيد(قد) الدور الكبير في إنشاء العديد من المؤسسات والتجمعات منها[57] :-
1.    المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية الذي كان يشغل"قد" منصب الرئيس فيه، وأصدر هذا المجمع مجلة "التقريب"حيث كان السيد الشهيد المشرف العام عليها.
2.     مؤسسة دار التبليغ الإسلامية والتي يشرف عليها بنفسه 
3.    مركز دراسات العراق الحديث .
4.    مؤسسة دار الحكمة التي تضم مدرسة دينية حوزوية.
5.    مركز للبحوث الإسلامية .
6.    مكتبة علمية تخصصية 
7.     مجمع الكوادر الإسلامية .
8.    المجمع العالمي لأهل البيت والذي كان يحتل فيه السيد (قده) منصب الرئيس ، وغيرها من المؤسسات والتجمعات الثقافية والفكرية والدينية.
المحطة الثالثة :في رحاب مدرسة النجف الأشرف ثانيتاً:- عندما عاد سماحته(قد) إلى أرض الوطن العراق وبعد غياب دام أكثر من ثلاثة وعشرين سنة،قام السيد(قد) بعدة أعمال مهمة رغم خطورة الوضع الأمني والصراعات السياسية وقصر الفترة التي قضاها في العراق بعد سقوط النظام البعثي الفاسد وقبل استشهاده(قد) ومن أهم هذه الأعمال :- 
1.    تحديد المنهج الذي تتبناه المعارضة العراقية في العراق الجديد:-وهذا المنهج ينطلق من مبادئ وقواعد:
•        الموقف الشرعي في أداء التكليف الإلهي في مقاومة الطغيان والاستبداد والاحتلال بما يناسب مع ظروف العراق.
•        التمسك بالإسلام وأصوله العامة ، لان الشعب العراقي شعب مسلم ، بصورة عامة بعربه وكرده وحتى أقلياته الغير مسلمة فأنها عاشت في ظل الإسلام فلذلك لابد إن نسير في هذا الإطار الإسلامي.
•        الولاء لأهل البيت"ع" فان الولاء لهم هو مبدأ الإسلام الذي يعتقد به جميع المسلمين وكان ملازماً لتاريخ العراق منذ الصدر الأول للإسلام .
•        المطالبة بالحقوق الإنسانية المشروعة لجميع أبناء الشعب العراقي دون تمييز لاسيما المظلومين التي صادرها النظام البعثي المجرم منهم . 
•        تعبئة الأمة بكل قطاعاتها ووحدة كلمتها ووحدة الصف في هذه الأمة،ووحدتها في أهدافها العامة وفي همومها وتنظيمها وتوعيتها سياسياً وثقافياً فالأمة هي أداة التغيير وهي الهدف من التغيير والإصلاح.
•        الالتزام بالمقاومة بكل أشكالها المسلحة والمدنية والسياسية والثقافية وإسنادها بالعمل السياسي والإعلامي،بما يتناسب مع ظروف المرحلة التي يعيشها العراق .
•        إن الهدف من التغيير (أي حكومة جائرة أوظالمة) ليس السلطة والحكم ، وإنما الهدف هو الإصلاح في اُمة رسول الله،وإصلاح الشعب العراقي . 
2.رسم الخطوط المشروعة للمقاومة الإسلامية الحقيقية والحث على الالتزام بها:- المقاومة ليس خروجاً عن الصواب أو انحرافاً عن الصراط المستقيم بل هي عبارة عن عقيدة يلتزم بها الإنسان المؤمن بالله تعالى ويتعبد بها لله من خلال تبنيه لهذا المنهج.
    والمقاومة في مضمونها الأخلاقي عند إمام الاعتدال شهيد المحراب "هي الالتزام بالمثل والقيم الأخلاقية والكرامة الإنسانية والعزة الإيمانية وإقامة الحق والعدل بين الناس، ورفض الظلم والفساد والمساواة بينهم،والالتزام بمنهج الإصلاح والمساواة بين الناس في الحقوق العامة وعلى تكافؤ الفرص،لان الله تعالى خلقهم متساوين في أصل الخلقة.
فالمقاومة ليست القتال وحده،وإنما اختارت المقاومة هذا الأسلوب الجهادي في تصعيد درجة المقاومة كأسلوب من أساليب الدفاع عن النفس بعد إن اتخذ الأنظمة الجائرة قرارا بالتصفية البدنية لكل دعاة الإسلام ، واستخدام النظام البعثي في تنفيذ قراره أساليب القتل صبراً والبطش الجماعي والتشريد والإخراج من الديار والدرجة العالية من التعذيب والهتك للحرمات ولابد للإنسان المؤمن إن يدافع عن نفسه في مثل هذه الصورة ، بالقتال عندما تتاح له الفرصة ويعبر عن ذلك بالمقاومة[58]".
وليس المقاومة تخريباً طائفياً أو مصالح شخصية يقوم على قناعة "إذا لم نحكم العراق فسنحرقه"وإنما المقاومة الحقيقية والشرعية وكما عبر عنها إمام الاعتدال السيد الحكيم "هي الوصول إلى الله عبر رفض الظلم ، وليست الظلم للوصول إلى حكم الطاغوت.
يُشترط في كون المقاومة المسلحة شرعية توفر عاملين:
العامل الأول:- القدرة (سواء أكانت القدرة جسدية أم مالية أم معنوية)، لا يوجد واجب شرعي مكلف به الإنسان خارج قدرته لان الله سبحانه لا يكلف الناس أكثر مما يتحملون ، بل أكثر من ذلك ، إن الله سبحانه وتعالى ما جعل في الدين من حرج ، فحتى حالة الحرج وضعها الله عن الإنسان،فكيف بالمقاومة المسلحة التي هي أكلف وأشد من الحرج ،فقضية القدرة من القضايا الأساسية في المقاومة.
العامل الثاني:-الموقف الشرعي من المقاومة المسلحة،فيتسم بالوجوب الرجوع فيها إلى المجتهد الجامع للشرائط ، العارف بالشرع والعارف بالظروف والأحوال التي يعيشها المجتمع حتى يتمكن من الجمع بين النصوص الشرعية التي تتحدث عن الحكم الشرعي وبين المصالح التي تكون وراء الحكم الشرعي ، ومعرفته بقدرة المسلمين على ممارستهم لواجباتهم ومسؤولياتهم العملية،لكي يتسنى له معرفة المصلحة أو المفسدة من المقاومة. 
3.تأسيس هيكلية مجلس الحكم :- شرع السيد منذ سنوات عديدة في إعداد هيكلية للحكم البديل عن الحكم العفلقي في العراق وبعد إكمال هذا المشروع طرح على عدة جهات منها الدول المجاورة والأحزاب والحركات الوطنية وذلك من خلال المؤتمرات واللقاءات المتواصلة معهم،وقد لاقى هذا المشروع رضا واستحسان الجميع لما يحمله من فقرات عادلة ومنصفة وما مجلس الحكم الانتقالي المؤقت الذي أسس بعد سقوط النظام البعثي إلا انعكاس لمقترحات هذا المشروع،وقد سألنا[59] سماحته في إحدى لقاءاتنا معه عن الفترة الزمنية التي استغرقها تأسيس هذا المجلس (ظناً منا أن هذه الفترة لم تستغرق سوى عدة أسابيع )،فأجاب سماحته بالقول: "إذا أرادت مجموعة من الأشخاص تأسيس حزب أو حركة سياسية معينة فأن ذلك يحتاج إلى تهيئة الأمور اللازمة لتأسيس هذا الحزب أو تلك الحركة،مثل الاتفاق على مبادئ هذا الحزب وأهدافه وسياساته وتعيين أعضاءه والكادر الوظيفي والإعلان عنه ومصادر تمويله…الخ،وهذه الأمور تحتاج إلى وقت طويل نسبياً،فما بالك بدولة كبيرة كالعراق تضم العديد من الطوائف الدينية والسياسية والأحزاب والحركات فهذا بالتأكيد يحتاج إلى وقتاً طويل".
      لقد كان شهيد المحراب يؤكد على أهمية تشكيل مجلس الحكم ليكون النواة لتشكيلة إدارية تتولى إدارة البلاد، وكان يؤكد على المجلس أن يعرف أن قراره هو قرار الشعب والأمة، وعليه أن يقرر ويسعى لتنفيذ قراراته بكل صورة وبكل ما لديه من إمكانيات، وبهذا الصدد قال في الجمعة الثامنة/ الخطبة الثانية: (إن مجلس الأمن نص على أن هذا التشكيل، وهذه الإدارة، تمثل الخطوة الأولى لإنهاء الاحتلال في العراق، ومن ثم لابد للمجلس أن يسعى من الآن لوضع برنامج لإنهاء الاحتلال، يقوم على أساس توقيت زمني على مراحل مشخصة ومعينة حتى يمكن إنهاء الاحتلال في العراق).
4. تأسيس المؤتمر العشائري في مدينة النجف الأشرف :- وهذا أيضا كانت جذوره في ديار الهجرة له(قد)حيث أسسه في مدينة الاحواز في إقليم خوزستان قبل حوالي عشرة سنوات وكان(قد)باتصال دائم بالمؤتمر حيث يقوم بزيارته كل فترة متجشماً عناء السفر من طهران إلى خوزستان ولا يبالى لطول المسافة حيث تبلغ أكثر من 1500كم لانه يعلم بأن هذه البذرة سوف يكون لها ثماراً يانعة في مستقبل العراق،وفعلاً أسسه في العراق بعد العودة وتحققت تطلعاته رحمه الله .
5. تأسيس دار التبليغ الإسلامي:- حيث قام السيد(قد)بتأسيسها بعد عودته إلى العراق مباشرتاً وذلك لما لها من مميزات هامة ودور كبير في نشر وتبليغ الثقافة الإسلامية المحمدية الأصيلة،وسميت نسبةً له بعد استشهاده (قد) بمؤسسة شهيد المحراب . 
6.اللقاءات والخطب مع جميع شرائح المجتمع:- وتعزيزاً للوحدة الوطنية التي كان ينشدها السيد(قد)في رص الصفوف وإعلاء الكلمة الواحدة فقد أجرى السيد ومنذ وفوده العراق اللقاءات مع جميع الشرائح والأديان والقوميات وحثهم على الوحدة وعدم التفرقة وكذلك لقاءاته مع الجمعيات الثقافية والشخصيات السياسية والدينية العراقية وتبادل معهم الآراء والمقترحات لخدمة وطنهم وإنسانيتهم تحت شعار كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة ،حيث وضح سماحته(قد)نظرته الثاقبة والدقيقة في تحديد ورسم مستقبل العراق السياسي والاجتماعي في خضم الظروف الحرجة التي يمر بها العراق.
 7. التأكيد على دور المرأة في بناء المجتمع:ـ 
     لقد كان شهيد المحراب (قدّس سرّه) من المهتمين بشؤون المرأة، ومن المركزين على دورها في بناء الأسرة، وبالتالي المساهمة في بناء المجتمع والمشاركة في إدارة وبناء عموم البلد، وكان يؤكد على دراسة شخصية الزهراء (عليها السلام) ووجوب أن تقتدي بها المرأة وأن تأخذ دروسا وعبرا من سيرتها فنراه يقول في لجمعة الثامنة(ولذا نحتاج أن نركز على أبرز خصائص شخصية الزهراء الأسرية، ودور المرأة في بناء الأسرة، وأهمية وجودها في المجتمع الإسلامي، حيث إن الأسرة وعلاقات أفرادها فيما بينهم، سواء كانت علاقة الزوج بالزوجة، أم الزوجة بالزوج، أم الوالدين بالأبناء، لها دور فاعل ومهم عندما تتوسع وتتحول إلى عشيرة كبيرة في بناء مجتمعنا الإسلامي)،ثم يخاطب أبناء الشعب والمؤمنين منهم بالذات في جانب آخر من نفس لخطبة بقوله: (أيها الأعزاء، يا أبناء شعبنا المؤمن ـ وأخاطب المؤمنين بصورة خاصة ـ عليكم بالاهتمام بدور النساء في المجتمع الإنساني، وإلا فسوف تفقدون نساءكم شئتم أم أبيتم. نحن لابد أن نعطي للمرأة دورا مهما في المجتمع في ظل الضوابط الإسلامية والدينية والشرعية وليس خارجا عنها. فلابد أن نفكر ونخطط في كيفية أخذ المرأة لدورها، ليمكن أن نقيم المجتمع الإسلامي الحق والصحيح الذي ترتفع فيه راية الإسلام والحق ويحكم فيه الشرع).
     ثم نجده (قدّس سرّه) يؤكد مرة أخرى على الاهتمام بالمرأة باعتبار أن هذا الاهتمام يشكل جزءا كبيرا من عمل الإدارة؛ لأن المرأة تشكل نصف المجتمع وكانت مغيبة في زمن النظام البائد.... كما نجده ذهب إلى أبعد من ذلك بإعلانه إن يوم ولادة الزهراء (عليها السلام) هو يوم المرأة العراقية حيث قال في الجمعة الثانية عشرة(في هذا اليوم، وبمناسبة قرب مولد الزهراء (عليها السلام) التي أصبحت مثالا وقدوة وعنوانا للمرأة، أعلنا أن يوم ولادتها هو يوم المرأة العراقية، ويوم تكريم هذه المرأة وطلبنا من الجهات المسؤولة في هذا البلد أن تعلن ذلك، وقد تم إقرار ذلك في مجلس الحكم الانتقالي، حيث تم الإعلان أن يوم ولادة الزهراء (عليها السلام) هو يوم المرأة العراقية).
9.    إقامة صلاة الجمعة :- وهي كانت من أولويات السيد(قد) في المهجر حيث لم يتخلف عنها جمعة واحدة ألا من مرض أو عرض وكان يبادر إلى الصلاة في الصفوف الأولى لما لها من ثواب ويحث عليها في خطبه ولقاءاته وبعد العودة إلى العراق شرع برعايتها والحث على إقامتها،ولا يخفى على كل مسلم ما لهذه الفريضة من اتصال عمودي مع الخالق(جل شأنه)فقد نزل نص قراني فيها، وورد فيها 600حديث صحيح يحث عليها ،ومن المعروف أن صلاة الجمعة هي شعيرة من شعائر الدين يمكن من خلالها تفعيل كل ما يتعلق بإدارة البلد وقيادته بالاتجاه الصحيح من خلال ما تتضمنه الخطب التي تلقى أثناء ممارسة هذه الشعيرة، حيث يقول شهيد المحراب في صلاة الجمعة الأولى في العراق حيث قال: (أن هذه الشعيرة وجدت لتفعيل الجانب الروحي والمعنوي للمؤمنين... مضافاً إلى كل ذلك هناك قضية تعبئة الأمة وجعل هذه الأمة في طاقاتها وتنظيمها وحركتها قادرة على أداء دورها الحقيقي في المجتمع الإنساني، فنحن عندما نتحدث عن توعية الأمة وإعطائها الدور الحقيقي في حركة المجتمع نتحدث عن رؤية شرعية إسلامية لابد أن تكون واضحة لدى الأمة كلها لتقوم بواجباتها وقضاياها الكبيرة تجاه مظلومية المستضعفين وتجاه قضايا الاستبداد والظلم والهيمنة والسيطرة والعولمة والى غير ذلك من القضايا المهمة الرئيسة التي لا يمكن أن يوجهها الإنسان إلا من خلال حركة الأمة.[60].
خطب الجمعة الأربع عشرة "دراسة تحليلية"
الجمعة الأولى 30 /5 / 2003م
تحدث سماحته في هذه الجمعة المباركة عن القضايا التي تَهمُّ المواطنين وتشغلهم، وهي: 
1. قضية الأمن
تعدّ هذه القضية من أهم القضايا التي يعيشها الناس في وقتنا الحاضر؛ لأنه أدرك أن الأمن إذا فقد لا يمكن للإنسان أن يمارس مهمته في الحياة مهما كانت هذه المهمة، سواء كانت علمية أم ثقافية أم اجتماعية أم اقتصادية.
2. قضية الاحتلال العسكري للعراق، والموقف منه 
شغل هذا الأمر سماحته كثيراً، وأرقته، ودعا إلى دراسته قانونياً من قبل رجال القانون،والمتخصصين فيه، ويبحث سياسيا من قبل القوى السياسية؛ لتحديد الموقف من قوى الاحتلال، والآثار القانونية المترتبة عليها في المجتمع الدولي والقانون الدولي لتعريف الأمة والشعب على مدلول سلطة الاحتلال، وما معنى سلطة الاحتلال.
3. فقدان النظام، وعدم وجود دولة تدير شؤون الناس
عدّ سماحة السيد هذه المسألة من أكبر المشكلات التي يعانيها المجتمع على نحو عام، ويعانيها المظلومون والمستضعفون المقهورون والمحرومون في هذا المجتمع على نحو خاص، وكان سماحته يحمل هموم هؤلاء في حلّه وترحاله، وفي يقظته وأحلامه، وصحته وسقمه، وليله ونهاره متسائلا السؤال الكبير بخصوصهم: (إذا كان هناك من يتمكن أن يتحمل هذه المشكلة، بما قدر الله ـ سبحانه وتعالى ـ له من إمكانيات وقدرات وأموال ورجال، فما شأن المحرومين والمستضعفين من أبناء أمتنا، هؤلاء الذين لا يتمكنون أن يتحملوا عبء هذه الفوضى والأضرار البالغة لهم التي تمسّ قضاياهم، وأهم أمور حياتهم، ومن هنا نجد هذا الاضطراب الواسع الذي يشكل معضلة في الحياة المعيشية للناس، إذ ليس هناك استقرار في حياتهم المعيشية).
ورأى سماحته أن الموقف هو أن يتصدى العلماء والمراجع والشخصيات التي لها وجود في المجتمع، والقوى السياسية، والأمة، ورأى أن الأمة هي المرجع الرئيس في مثل هذه القضايا؛ لأنها الطاقة الكبيرة المؤثرة التي يرجع إليها في الاختبار لهذه الحركة، وهذا الوجود.
4. احترام الأديان والأقليات
دعا سماحته إلى احترام الأقليات الدينية، كالمسيحيين وغيرهم، ورأى أن التعرض لهم، أو الاعتداء عليهم يعدّ عدوانا لا يتسامح معه، وأن المراجع العظام لم يأذنوا بمثل هذه الأعمال.
الجمعة الثانية 6/ 6/ 2003م
أشار سماحته في مستهل الخطبة الثانية إلى مسائل مهمة، منها: الأمن وفقدان النظام، وتلكؤ المؤسسات العامة التي يحتاجها الناس في حياتهم الشخصية، والاجتماعية، والاقتصادية، والحقوق المهضومة المنتهكة لكثير من الناس في العراق الجريح الذي تعرضت أرواحهم للقتل، وممتلكاتهم للتدمير، ورأى سماحته أنه لابد من السعي لإرجاع هذه الحقوق، وتعويض هذه الممتلكات لهؤلاء المحرومين.
وقد ركّز في هذه الخطبة على مسائل مهمة، ومصيرية تخص أبناء الشعب العراقي، منها:
1. النظام السياسي المقترح، وما يتعلق به من نقاط مهمة، لتكون واضحة جلية عند أبناء الشعب العراقي؛ ليعرفوا التصّور المطلوب للنظام المستقبلي، والآلية التي توصل إلى هذا النظام وتشخيصها، ومن دون ذلك يصبح العراق وشعبه معرضاً لخطر كبير.
وبنا سماحته تصوره لهذا النظام المستقبلي على أربعة أركان، هي:
أ ـ إرادة الشعب العراقي
أن يكون النظام المستقبلي منبثقا من إرادة الشعب العراقي من خلال انتخابات حرة ونزيهة في انتخاب أيّ حاكم أو حكم.
ب ـ هوية الشعب العراقي
أن يكون الإسلام ركنا أساسيا من أركان النظام المستقبلي، ولا يمكن التنازل عنه؛ كونه يرتبط بهوية الشعب، مع الضمان الكامل لحقوق الأقليات الدينية الموجودة على الأرض العراقية؛ لأن هذه الأقليات ترى أن الإسلام هو الظل الظليل الذي يحمي وجودهم من الاضطهاد والمطاردة.
ت ـ خصائص الشعب العراقي
احترام ثقافة جميع مكونات الشعب العراقي وحقوقهم، فالكردي ينبغي أن تحترم حقوقه وثقافته، كما تحترم حقوق العربي وثقافته، والسني ينبغي أن تحترم حقوقه وثقافته، كما تحترم حقوق الشيعي وثقافته، وكذلك الأمر فيما يتعلق بجميع مكونات الشعب العراقي، ولا مجال لإلغاء الناس وتهميشهم وفرض صيغة واحدة عليهم.
ث ـ وحدة تراب العراق وشعبه
أكد وحدة العراق وترابه، ورفض التجزئة، أو التفكيك، ورأى أن الحل الصحيح هو (الفيدرالية) بطريقة تعبر عن مضامين وخصوصيات أبناء الشعب العراقي.
ورأى أن الطريق الذي يوصلنا إلى ذلك، هو الرجوع إلى العراقيين في تشخيص مجلس ما، وانتخابه من ذوي الخبرة ليحفظ وحدة العراق وترابه، ولا يمكن أن تقبل الطروحات الأجنبية في تأسيس أيّ مجلس وطرحه دستورا خارج إرادة الشعب العراقي؛ لأنه مرفوض ومطعون فيه من الناحية الشرعية والقانونية والوطنية.
2ـ الجيش العراقي جيش الوطن
رأى سماحته أن قرار حلَّ الجيش قضية صحيحة إذا أخذت من بعديها وجانبيها، أي: أن يحل هذا الجيش ويؤسس جيش جديد من العراقيين المخلصين على أسس جديدة للدفاع عن الشعب العراقي والوطن، ولا يكون عصا غليظة  يضرب بها العراقيون.
وأكد سماحته على مسألة مهمة، وهي أن يحل الجيش ويترك أبناؤه، فهذا يمثل مشكلة حقيقية، وستكون نتائجه وخيمة جدا، ورأى أن الجيش الجديد ينبغي أن يبنى على الأسس الآتية:
‌أ- أن يمثل الشعب العراقي كله، أيّ: جميع قطاعات الشعب.
‌ب- أن يكون مدافعا عن الشعب.
‌ج- أن يكون مدافعا عن الوطن، ولا يكون جيشا عدوانيا أو قمعيا.
3ـ نزع سلاح العناصر الإرهابية المجرمة
دعا سماحته إلى نزع سلاح القوى المضادة المجرمة، ونزع سلاح عصابات السلب والنهب التي تعيث في الأرض فساداً، ونزع سلاح القوى المريبة (قوى العنف والتطرف) وعندما يصبح الشعب العراقي آمنا يمكن أن ينزع من بقية أبناء الشعب العراقي، ورفض سماحته أن يبدأ بنزع سلاح المواطنين، ويترك المجرمون على هواهم، ورأى أن العملية ينبغي أن تتم على نحو صحيح وسليم ومناسب من أجل الحفاظ على أمن العراقيين.
الجمعة الثالثة 12 /6/ 2003م
أكد سماحته في هذه الجمعة المباركة على أمرين مهمين هما:
1. تكريم الخالدين
دعا سماحته إلى تكريم الشهداء الذين قارعوا النظام البائد؛ لأنّ لهم حقوقاً على جميع أبناء الشعب العراقي.
ورأى سماحته أن من معالم هذا التكريم، تسمية الأماكن العامة بأسمائهم، ورعاية أسرهم بالكلمة الطيبة أو بالمواساة، والاهتمام بأوضاعهم الحياتية، والمعاشية، والتربوية، وغيرها.
والمطالبة بحقوقهم المصادرة، وعلى الدول والمسؤولين فيها أن يراعوا حقوق هؤلاء الشهداء، ويعوضوا أسرهم وذويهم بما ينبغي لهم من التعويض المادي، ورأى أيضا أن هذا الأمر ينبغي أن يشمل السجناء السياسيين الذين تعرضوا للأذى والملاحقة، والمشردين الذي هُجّروا من ديارهم، وأُخرجوا منها بغير حق.
2. الدولة العراقية المرتقبة
سبق لسماحته أن تحدث عن هذا الأمر في الخطبة الثانية، وكرّره هنا لأهميته، وهو تشكيل دولة عراقية يشكلها العراقيون، فقد رفض سماحته أن تشكل السلطات المحتلة مجلسا سياسيا يقوم بإدارة البلاد؛ لأنه يكون مشكّلاً من خلال سلطة الاحتلال، ومن ثمّ يقوم هذا المجلس بتكون مجلس دستوري يقوم بمهمة تدوين الدستور، وطرحه للاستفتاء العام، وهذا غير ممكن شرعا، ومخالف لقرار مجلس الأمن 1483 الذي نص على أن الإدارة تكون عراقية.
ورأى سماحته أن المبررات التي طرحتها السلطات المحتلة لهذا الأمر غير حقيقية، هي:
1- إن تعيين المجلس السياسي، والمجلس الدستوري يكون بالتشاور مع القوى السياسية، والمحافل الشعبية، رأى سماحته أن مجرد المشاورات لا يكفي، والتعيين لابد أن يكون من قبل الشعب العراقي والقوى النافذة.
2- إن الانتخابات أمر غير ممكن في الوقت الحاضر؛ لأن الشعب العراقي غير مهيأ لإجرائها، رأى سماحته أن الانتخابات أمر ممكن إن تحققت النية الصادقة لها.
الجمعة الرابعة 20 / 6/ 2003م
تحدث سماحته في هذه الخطبة عن أمور سياسية مهمة تشغل الناس، من أهمها:
موضوع الانتخابات، التي عرج عليها في الخطبة السابقة، أي أنّ الانتخابات ممكن إجراؤها، وطرح منهجين من منظور إسلامي لتحقيقها هما:
1) منهج أهل الحل والعقد
أي: أهل الخبرة والمواقع الاجتماعية في المجتمع ليقوموا بانتخاب مجلس يأخذ على عاتقه انتخاب حكومة تدير شؤون البلد، ورأى أن تحديد، أو اختيار (أهل الحل والعقد) يكون مع نوعين من الناس:
‌أ- القوى السياسية المتصدية في ساحتنا العراقية.
‌ب- الوجهاء والشخصيات المعروفة في الأوساط الاجتماعية، سواء من رجال العشائر أم شخصيات علمية، أم دينية أم جامعية أم غيرها.
2) الإنتخاب المباشر
وهو منهج معروف عالميا، ورأى سماحته أنه منهج إسلامي، وأعطى مثالا تاريخيا على ما يراه، وهو أن خلافة الإمام علي (عليه السلام) تنصب من قبل الله بنص إلهي عن طريق النبي (صلى الله عليه وآله) لكنه من الناحية الخارجية والتاريخية كانت بالانتخاب المباشر؛ لأن الناس انتخبوا علي (عليه السلام) لهذه الخلافة على نحو مباشر، وهو منهج إسلامي صحيح.
وقد أقرّ الإمام علي (عليه السلام) بهذا المنهج في نهجه.
ورأى سماحته أنه على هذا المنهج يمكن للشعب العراقي إنتخاب مجلس يقوم بمهمتين رئيستين، هما:
1- تدوين الدستور من أجل طرحه على الشعب للتصويت عليه، وينبغي أن يضم هذا المجلس خبراء من العلماء والفقهاء والقانونيين الذين يتمكنون من تدوين الدستور.
2- القيام بمهمة انتخاب الإدارة المؤقتة التي تدير شؤون البلاد إلى حين التهيؤ للانتخابات العامة المستقبلية وطَرَحََ آلية للانتخابات يمكن أن تُجرى في كل محافظات العراق لانتخاب ممثلين عن كلّ محافظة، بحسب عدد أصواتها، فإذا كانت المحافظة تضم خمسمائة ألف شخص، فيمكن أن يكون هناك خمسة ممثلين بحساب أن لكل مائة ألف شخص ممثلا واحدا، أو غير ذلك من التقديرات، وهؤلاء الممثلون يجتمعون ليقوموا بالمهمتين السابقتين.
وهناك مسألة مهمة تعرّض لها في هذه الخطبة، هي: مسألة المقاومة المسلحة، وطرح أمامها ثلاثة أمور:
1- ما هويتها، وما خلفيتها؟
2- الموقف الشرعي منها.
3- موقف سماحته منها، وسيفصل في كل هذه الأمور في الخطبة الخامسة.
الجمعة الخامسة 27/ 6/ 2203م
واصل سماحته في هذه الجمعة الحديث عن العمليات العسكرية ضد القوات التي احتلت العراق، ورأى أنها تتلخص في ثلاثة أبعاد:
1ـ تفسير العمليات العسكرية، وتحليلها، والأسباب التي تكمن وراءها، ورفض حصر هذه العمليات بأزلام النظام السابق وبقاياه.
ورأى أن المتأمل في خلفيتها وأسبابها يحصرها في خمسة عوامل:
أ) عدم الرضا والغضب في أوساط أبناء الشعب العراقي، ففي البداية كانت العلميات العسكرية من أجل إسقاط النظام البائد، وتحرير الشعب العراقي من الظلم والطغيان، ثم تحولت إلى احتلال العراق، فبدأ أبناء الشعب العراقي يشعرون بالضيق، ثم تحوّل إلى عدم رضا، ثم إلى غضب؛ لأن المواطن يشعر بالعزة الوطنية الإسلامية؛ لأن الإنسان عندما ينتمي إلى وطنه يريد أن يكون هذا الوطن حرا ومستقلاً.
ب) ردود الفعل العفوية غير المنظمة لدى أوساط شعبية تعرضت إلى أعمال عنف من قبل قوات الاحتلال عندما تتصرف تصرفا يتسم بالعنف واللامبالاة بالتقاليد والسلوك الاجتماعي للمجتمع، فبطبيعة الحال تكون هناك ردود فعل طبيعية لدى الناس على نحو عفوي.
ت) نظريات سياسية ذات جذر فقهي يؤمن بها قسم من الأوساط الإسلامية، تتسم بالعنف، إذ إنها تقوم على أساس أن الاحتلال لا علاج له إلا باستعمال العنف، وهذه النظريات ليست خاصة بجماعة دون أخرى.
ث) أزلام النظام البائد وبقاياه، وهم يستهدفون ـ على نحو أساس ـ المؤسسات المدنية التي تربك الحياة العامة للناس ليبقى الوضع غير آمن ومستقر، ويهدفون إلى أمرين:
1. أن يخرجوا من العراق، وهو خراب مطلق.
2. أن يقول الناس: إن الأوضاع في عهد صدام كانت أفضل من هذه الأوضاع، أي: عندما ذهب صدام تعطلت الخدمات العامة، وكثرت البطالة، وتدهور الوضع العام.
ج) وسائل الإعلام العربية، تقوم بعامل مساعد لإشاعة الفوضى في العراق، فهم يمارسون عملا مهما لحساب الشعب العراقي ودفعه باتجاه القوات المحتلة للدخول في معارك ضارية لا أول لها ولا آخر، مستعينين بما لديهم من إمكانيات إعلامية، وأساليب متعددة، وتجارب متراكمة.
2. الموقف الشرعي العام، رأى سماحته أن النظرية العامة للإسلام تتبنى خطين رئيسين أساسيين، هما:
أ) رفض العدوان والهيمنة الأجنبية، قال تعالى: {وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً}.
وقال تباركت أسماؤه: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}.
ب) القدرة، لا يوجد واجب شرعي كُلفَّ به الإنسان خارج قدرته؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى لا يكلف الناس أكثر مما يتحملون.
ورأى سماحته أن هناك مسألة مرتبطة بهذا الأمر، هي: المصلحة، فالحكم الشرعي في النظرية الإسلامية لأهل البيت (عليهم السلام) ينص عليها، وهذا فرق رئيس وأساسي بين فهمهم وفهم قسم من المذاهب الأخرى، ونص سماحته على أن الذي يحدد المصلحة هو المجتهد العارف بالشرع وبالظروف والأحوال التي يعيشها المجتمع حتى يتمكن من الجمع بين النصوص الشرعية التي تتحدث عن الحكم الشرعي، وبين المصالح التي تكون رواء هذا الحكم، ومعرفته بقدرة المسلمين على ممارسته لواجباتهم ومسؤوليتهم.
3. تطبيق الموقف الشرعي العام على الحالة القائمة في العراق، رأى سماحته أنّ الموقف الشرعي الذي يمكن أن يشخص الموقف السياسي الذي يتسم بالشرعية في الوقت الحاضر يتمثل في عدة أمور:
أ) بذل كل الجهود المشروعة ذات الطابع السلمي لإنهاء الاحتلال؛ لأن الشرع المقدس ينص على أن لا يعمد الإنسان إلى استعمال العنف والسلاح والقوة إلا بعد أن تبذل الجهود في الدعوة إلى الله والحكمة والموعظة الحسنة، والعمل السياسي، حتى يصل إلى استعمال القوة، فرسول الله (صلى الله عليه وآله) بقي ثلاثة عشر عاما يدعو إلى الله، ولم يستعمل القوة حتى أقام الحجة الكاملة على الناس، وعندئذ عمد إلى استعمال القوة والسلاح.
وأعتقد سماحته أنه لم تستنفد جميع الوسائل السلمية، ولابد من استنفادها على نحو كامل، وأن تبذل الجهود من أجل إنهاء الاحتلال.
ب) ضبط النفس في هذه المرحلة؛ لأن هناك محاولة لجر العراق إلى حرب ضروس، لا أول لها ولا آخر.
ت) ممارسة كل وسائل الاحتجاج، والتعبير عن استنكار التصرفات الخاطئة التي تتسم بالعنف واللامبالاة واللامسؤولية التي ترتكبها قوات الاحتلال ضد الناس الأبرياء.
ولا أحسب أن أحدا من القادة الدينيين والسياسيين تعرض لهذه المسألة بهذا التشخيص الدقيق ـ على حد علمي المتواضع ـ فقد أشبع سماحته الموضوع بحثا وتفصيلا، ودقة وتنقيرا، فلله دره من فقيه بارع، وسياسي متمرس.
ورأى سماحته أنه يمكن إنهاء الاحتلال بإجراء حوار جاد مع هذه السلطات، مستلهمين فقرات قرار مجلس الأمن 1483 كونه يصلح أن يكون أساسا لهذا الحوار لتضمنه عدة مبادئ أوضحها سماحته على النحو الآتي:
1- يؤكد السيادة العراقية، إذ لابد من وجود عمل جاد ليكون العراق حراً، ومستقلاً.
2- السرعة في إنهاء الاحتلال.
3- مساعدة العراقيين على تشكيل الإدارة العراقية. فالعراقيون هم الذين يشكلون الإدارة العراقية المؤقتة، وعلى قوات التحالف أن تساعدهم في ذلك.
4- إتخاذ الإجراءات العملية السريعة لإجراء انتخابات عامة، ينتخب فيها مجلس دستوري، يدّون الدستور، ثم تجرى انتخابات عامة؛ لتصبح لدينا حكومة عراقية ذات سيادة كاملة، وهكذا يمكن أن ننهي الاحتلال.
الجمعة السادسة 4/ 7 / 2003م
تحدث سماحته عن موضوعات مهمة في هذه الجمعة المباركة تواجهها الساحة العراقية، والساحة العربية والإسلامية، ففي ما يتعلق بالقضية العراقية أشار إلى موضوعين رئيسين، هما:
1) الدستور العراقي
يعدّ موضوع الدستور من الموضوعات المهمة التي تواجه الساحة العراقية والمطروحة للبحث على مستوى الحوار السياسي مع سلطات الاحتلال، وكان مطروحا في أوساط القوى السياسية والدينية قبل الحرب، وفي أثنائها وبعدها.
وأكد سماحته في قضية الدستور على المحاور الآتية:
‌أ- إدراك أهمية الدستور لتكون هناك تعبئة عامة في أوساط الناس للاهتمام بهذا الموضوع، والمشاركة الفعالة، والمراقبة الدقيقة، والمتابعة المستفيضة.
‌ب- بحث مبادئ الدستور الرئيسة التي تتطلع أمتنا الإسلامية والعربية على نحو عام لها، وتتطلع أمتنا العراقية، وشعبنا العراقي بكل مكوناته إلى هذه المبادئ، وينبغي أن يكون البحث عن المبادئ الرئيسة التي عليها الدستور.
‌ج- بحث الآليات، والطرائق، والمناهج التي يمكن من خلالها التوصل إلى كتابة دستور يؤمنّ المبادئ في مثل هذه الظروف، ويكون موضع الرضا من الله سبحانه وتعالى، والشعب العراقي.
2) الأمم المتحدة والعراق
جرى حوار بين سلطات الاحتلال من جهة، والقوى الدينية والقوى السياسية من جهة أخرى، ويبدو أن الحوار بين طرفين أثنين، مع أن هناك طرفا ثالثا في هذا الحوار، هو الأمم المتحدة، وأكد سماحته أن قوى مخلصة طالبت بدخول الأمم المتحدة طرفا ثالثا في الحوار قبل الحرب، وفي أثنائها، وبعدها حتى تطور هذا الحوار إلى قرار مجلس الأمن 1483، الذي سبق لسماحته أن لخص أهم نقاطه.
ورأى سماحته أن دخول الأمم المتحدة، ومجلس الأمن طرفا ثالثا في الحوار حول مستقبل العراق ومصيره، وإنهاء الاحتلال وإقامة الإدارة العراقية، وتشكيل الحكومة المعترف بها دوليا في المستقبل، يمثل أمرا مهما جدا وإيجابيا، قد أكده قرار مجلس الأمن المشار إليه أنفا.
أما فيما يتعلق بالقضية العربية والإسلامية فقد أشار إلى الموقف من القضية الفلسطينية، على الرغم من انشغالاته الكثيرة جدا، وازدحام الساحة العراقية بموضوعات لا حصر ولا عد لها، وأشار سماحته إلى عدة نقاط رئيسة وأساسية تتعلق بهذه القضية:
1. المحافظة على وحدة الموقف الفلسطيني، والشعب الفلسطيني، فالمحافظة على وحدة هذه القوى يعد من أهم الواجبات الشرعية والأخلاقية والسياسية التي تواجهها هذه المرحلة، وإن الفلسطينيين والدول ذات الاهتمام بالقضية الفلسطينية يكونون معنيين بهذه الوحدة أكثر من غيرهم.
2. مصالح الشعب الفلسطيني، وإنهاء الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية، ويعد هذا الأمر المحور الأول في مصلحة الشعب الفلسطيني، ومن القضايا الرئيسة التي لا يجوز بأيّ وجه من الوجوه التهاون بها، أو التساهل فيها.
3. قضية القدس الشريف، والأماكن المقدسة في فلسطين، فهذه الأماكن لابد من أن تكون موضع الاهتمام من جميع المسلمين فضلا عن اهتمام العرب بها، وجميع المسلمين والمسيحيين، ولابد أن تكون هناك مراعاة في مشروع (خارطة الطريق) لحفظ الحق الإسلامي في المقدسات الإسلامية في فلسطين.
الجمعة السابعة 11/ 7/ 2003م
تحدث في هذه الجمعة المباركة عن أمور كثيرة، منها:
1ـ الاهتمام بالفقراء والضعفاء من الناس
فالظروف القاسية التي مرت عليهم، والسياسات التي كان ينفذها النظام البائد، والآثار التي تركتها الحروب، والفراغ الواسع في الجانب السياسي والإداري والأمني، تركت آثارا قاسية وواسعة عليهم، إذ أصبح المستضعف والفقير يعيشان الآلام والمحن؛ لذلك لابد أن يتعاون الجميع على رعاية هؤلاء.
2ـ الفراغ السياسي والإداري والأمني
 الذي يعاني منه العراق بعد سقوط النظام البائد، على الرغم من الجهود السياسية الكثيرة التي بذلتها القوى السياسية قبل الحرب، وفي أثنائها وبعدها، ودعا سماحته هذه القوى إلى ملء هذا الفراغ.
3ـ مجلس الحكم
رأى سماحته أن مجلس الحكم المؤقت، يمكن أن يملأ الفراغ السياسي، وينبغي أن تتوفر فيه مواصفات محددة حتى يكون قادرا على القيام بالمهام الموكلة إليه، وهي:
أ‌- ملء الفراغ السياسي.
ب‌- إنهاء الاحتلال.
ت‌- تدوين الدستور العراقي الدائم، على أن يكون مؤيدا من قبل الشعب العراقي.
ث‌- أن يقوم المجلس في المدة الإنتقالية بتطوير الأوضاع الاجتماعية، والمدنية والسياسية في العراق؛ ليكون قادرا على الإنتقال إلى الوضع المستقر الدائم الذي ننتظره بعد المدة الإنتقالية.
ورأى سماحته أن مجلس الحكم ينبغي أن يتصف بالمواصفات الآتية:
1- العراقيون هم الذين يشكلون هذا المجلس، إذ لابد أن يكون عراقيا يمثل الهوية العراقية، والواقع العراقي، وإنما يكون كذلك إذا كونه العراقيون.
2- تمتع المجلس بصلاحيات تمكنه من التحرك، والقيام بواجباته وتحمل مسؤولياته أمام الأمة والشعب العراقي، ومن دون هذه الصلاحيات لا يمكن لهذا المجلس من أداء مهامه.
3- أن يكون الأعضاء المنخرطون فيه على درجة مناسبة من الانسجام فيما بينهم حتى يتمكنوا من الحركة، ويكونوا قادرين على إتخاذ القرارات المناسبة.
4- أن يكون لهؤلاء الأعضاء وجود وحضور شعبي حقيقي في المجتمع العراقي، حتى يمكنّهم من الحصول على الإسناد من قبل قطاعات الأمة.
5- أن يكون ممثلا للتكوين والتركيبة العراقية الطبيعية، فيه عرب، وكرد، وتركمان، وأقليات أخرى، وفيه مسيحيون وأديان أخرى، وفيه شيعة وسنة، ولهذه العناوين أحجام متعددة، فلابد له أن يأتي متطابقا مع هذه التركيبة وهذه المكونات؛ ليكون قادرا على تمثيل العراق وشعبه، وهذا الموقف الذي طرحه سماحته فيما يتعلق بمجلس الحكم لم أعرف أحدا تناوله بهذا المضمون والشمول والدقة ـ على حد علمي المتواضع ـ.
الجمعة الثامنة 18/ 7/ 2003م
تحدث سماحته في هذه الجمعة المباركة عن موضوعات مهمة، خاصة مجلس الحكم، بعد إعلانه في 13/ 7/ 2003، وهو استمرار لحديثه عنه في الجمعة السابقة، ورأى أن الحديث عنه يشمل أمرين رئيسيين، هما:
1) تقويم المجلس.
2) بيان التحديات التي تواجهه، والقضايا التي يهتم بها. وأكد أن التقويم قد يحتاج وقتا حتى يكون دقيقا وكاملا، وهناك مجموعة من الملاحظات التي لابد أن يؤخذ بنظر الاعتبار عند التقويم:
1- إن المجلس يضم شخصيات معروفة إلى حد كبير في مجتمعنا العراقي على المستوى السياسي، وهم يحظون باحترام واسع في الأوساط الشعبية، وفيه أشخاص قد يكونون على درجة جيدة من الواقع السياسي، لكنهم لا يعرفون على نحو واسع في أوساط المجتمع العراقي، لذا ينبغي التعريف بهم، ليتبين أثرهم وموقعهم في تحمل المسؤولية الكبيرة في إدارة شؤون البلاد.
2- هناك فئات مهمة من الشعب غير ممثلين فيه، ومن هؤلاء الأكراد الفيليين الذي تعرضوا للظلم والحرمان، وهكذا التركمان الذين تعرضوا إلى ظلامة واسعة وكبيرة على الرغم من وجود عنصر تركماني واحد لا يعرف مدى تمثيله لهم على نحو عام، فإذا كان هناك حرص على تمثيل كل العراقيين في هذا المجلس فينبغي تمثيل هؤلاء، ولمعالجة هذه الأمور رأى سماحته أنه يمكن إدخال هذه الفئات في إدارة الدولة من وزارات أو مؤسسات أو غيرها.
التحديات التي تواجه المجلس
رأى سماحته أن التحديات التي يواجهها المجلس تتمثل بالاتي:
1) الاستقلال
هناك مؤشرات في بداية تشكيل هذا المجلس تشير إلى استقلالية، وأن ثمة تحدِ كبير يواجهه أمام العراقيين على نحو خاص، وهو أن يكون معبرا عن إرادتهم لا إرادة المحتلين، وأعتقد سماحته أن الاستقلالية تكون بعد عدة أمور أساسية، لابد أن تؤخذ بنظر الاعتبار من قبل المشاركين في إدارته، هي:
‌أ- اهتمامه بأخذ مصالح العراق وشعبه قبل أي مصلحة، للتعبير عن إرادته المستقلة، والاهتمام بقضية الإسلام؛ لان الشعب العراقي شعب مسلم، والإسلام هويته.
‌ب- إن قرارات المجلس، إنما تكون قرارات عراقية، وتكون له القدرة على الحركة والوصول إلى أهدافه، إذ كانت تلك القرارات قابلة للإجراء والتنفيذ أما أن تكون مجرد قرارات مكتوبة دون تنفيذ وإجراء، فعندئذ لا قيمة لها، وحق النقض من جانب المحتلين يقف حاجزا أمامها، ولذا إن حق النقض لا أساس له من الناحية القانونية؛ لان قرار مجلس الأمن 1483 نص على أن سلطة الاحتلال، هي سلطة محتلة، وليست شرعية حتى يكون لها حق النقض.
2) الإعلام العربي وبذور الطائفية
الفضائيات والإذاعات في المنطقة العربية، والسياسات التي وراءها تحاول أن تقول: إن الشيعة كونهم الأكثرية، يحاولون اضطهاد السنة ومعاداتهم، وتقليص الفرص أمامهم، ورأى سماحته أن هذا من الأمور الحساسة والمهمة التي ينبغي أن توضح، لان الشيعة لا يريدون دولة طائفية، بل يريدون للجميع أن يعاملوا معاملة واحدة وعادلة، فقد دافع الشيعة عن حقوق السنة في بدايات هذا القرن، وهذا واضح من خلال موقف المرجعية الدينية في قضية الأكراد وغيره.
وهناك عمل سياسي واسع في الداخل من قبل النواصب – الذين ينصبون العداء لأهل البيت وشيعتهم – يضاهي عمل الفضائيات والإذاعات، وهو عمل دائب لزرع الخلاف والنزاع والصدام بين الشيعة والسنة، بحيث تحول المعركة إلى معركة أخرى، وللتصدي لمثل هذه الأمور يحتاج إلى وحدة الكلمة والجميع ينبغي أن يعرفوا مواقعهم وحقوقهم وحدودهم، ويحترم بعضهم بعضا، فالوحدة بالاحترام المتبادل، وتكافؤ الفرص، وقيام الدولة، والمجتمع على أساس المواطنة والكفاءة والمشتركات.
الجمعة التاسعة 25/7/2003
استمر سماحته في هذه الجمعة المباركة في الحديث عن التحديات التي تواجه مجلس الحكم، متناولا الوحدة بين أبناء الشعب العراقي بالتفصيل، وعدّها من أهم التحديات التي تواجهه.
ورأى أن هذه الوحدة تقوم على أساسين رئيسيين قد أكدهما القرآن الكريم:
1- أخوة المسلم للمسلم، والمؤمن للمؤمن {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}.
2- الولاء الذي يعبر عن الحب والنصرة، والعهد والالتزام تجاه الأخر 
{الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.
آليات الوحدة
رأى سماحته أن هناك عدة عناصر يمكن من خلالها تحقيق الوحدة.
1- الاعتصام بحبل الله {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ}. وهو يمثل الطريق الذي ينتهي إلى وحدة الصف والكلمة، وعلى جميع المسلمين الاعتصام بحبل الله. 
2- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر {يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}.
3- إقامة شعائر الله {وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} .
4- طاعة الله ورسوله {وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ}. 
محاولات اغتيال الوحدة:
هذه الوحدة مستهدفة من قبل أعداء العراق الذين يحاولون إضعاف الأمة، ووحدة الشعب، فيطرحون الصراع بين السنة والشيعة، أو بين الشيعة أنفسهم.
وهؤلاء الأعداء يمكن إجمالهم في الأتي:
1- صدام وأزلامه وجلاوزته: الذين يحاولون الاندساس في صفوف أهل البيت(عليهم السلام)  لإيجاد الاختلافات، والنزاعات، والصراعات، فشق الصف الواحد من أهداف العفالقة المجرمين المستبدين الطغاة، الذين تلطخت أيديهم بالدماء الزكية لأبناء شعبنا العراقي.
2- النواصب: هم الذين ينصبون العداء للمسلمين جميعا، ولأهل البيت(عليهم السلام)  خاصة، ويكفرون المسلمين، ويثيرون الفرقة، ويعملون على تمزيق الصف الإسلامي في كل مكان، وليس في العراق فقط، فمنهجهم وطريقتهم تمزيق الأمة.
3- المحتلون: الذين يحاولون إضعاف الأمة، فهم يقومون في كل يوم بالعدوان على المسلمين جميعا، بأساليب مختلفة، كالعدوان المقرون بالسرقة، والاستهانة بالحرمات، والأعراض، وليس هناك أي تبرير لمثل هذه الاعتداءات، وهذه الأعمال تؤدي إلى إضعاف الأمة وتفتيتها، وتمزيق المؤمنين، وإيجاد الخلافات والصراعات بينهم بوسائل مختلفة.
4- سياسات قسم من دول الخليج، فهؤلاء استقبلوا عائلة صدام وأزلامه بالأحضان، وكان الشعب العراقي يذبح في كل يوم، ولم يتكلم أحد منهم بكلمة واحدة، فهم يكيدون للشعب العراقي، ويريدون تمزيق وحدته وسرقة ثرواته النفطية عن طريق عمليات التهريب.
مسؤولية الشعب العراقي:
دعا سماحته الشعب العراقي كافة شيعة وسنة، وعربا وكردا، ومسيحيين وصابئة إلى الوحدة عن طريق التمسك بالآتي:
1- رفع شعار الوحدة الوطنية الإسلامية.
2- الوقوف أمام محاولات التفرقة بحكمة وموعظة حسنة وإرادة قوية، والوقوف أمام الجهال المضللين.
3- أن يؤشروا على نحو واضح على المندسين والمتسللين إلى صفوف الوطنيين.
الجمعة العاشرة 1/8/2003
تحدث سماحته في هذه الجمعة المباركة عن ذكرى تسلط البعثيين العفالقة على رقاب العراقيين في 30/7/1968، وذكرى غزو الكويت في 2/8/1990.
ورأى سماحته أن ثمة عوامل أساسية في وصول العراق إلى هذا المستوى من التدني هي:
1- الأساس الفاسد للحكم:
عندما يكون الحكم فاسدا، يقوم على أساس التمييز والاضطهاد للأمة والشعب، وعندما يكون على هذا النحو، لابد أن ينتهي إلى هذا المصير، من دون فرق بين أن يكون هذا الحكم ملتزما بهذا المنهج أو ذاك، وعندما يكون الحكم فاسدا تكون النهايات للمجتمع الدمار والأذى، وهذا قانون وسنّة تاريخية يتحدث عنها القرآن الكريم في قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ}. وقوله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}.
2- الطغيان
وهي ظاهرة خطرة تعرض لها القرآن الكريم في مواضع ومناسبات عديدة ، لابد من الوقوف اتجاهها، مهما كان نوعه، حتى لو كان من النفس، والشخص الواحد.
3- التبعية
الحكومات التي حكمت العراق من الحرب العالمية الأولى، وحتى سقوط النظام البائد، كانت تعمل بأوامر الآخرين، ويخططون لها، وتهيمن عليها قوى خارجية، هذه التبعية لابد أن يفكر المسلمون في التخلص منها؛ لأنها قضية مهمة جدا، وعامل أساسي فيما لحقنا من دمار.
4- عزلة الأمة عن الوضع السياسي
الأمة في العراق كانت أمة معزولة عن الوضع السياسي، وموقفها موقف المتفرج الذي قد يصفق أحيانا، وأخرى يصفّر، لم يكن لها أثر في رسم مصائر الأمور، ورأى سماحته أن الأمة في العراق ينبغي أن تدخل في ميدان العمل، وتعمل من اجل تحقيق أهدافها، وتغيير الوضع السياسي على نحو حقيقي في العراق، وإلا سوف تخضع هذه الأمة للسنن التاريخية، فينزل البلاء، ثم يستمر النزول، ما لم يكن هناك حضور وتواجد من قبل الأمة العراقية في ساحتها.
شرائح الأمة
رأى سماحته أن الأمة تتكون من ثلاثة أجزاء:
1- قادة الأمة: هم المراجع، ولابد أن ينزلوا إلى الساحة، وأن يعملوا، ويباشروا مهمتهم الرئيسية في توجيه الأمة، وفي إعطاء المواقف وتحديدها وإخراجها من حيرتها.
2- النخبة: هم الصفوة، ولابد أن يكون لهم أثر مهم، ويتحملوا مسؤوليات كبيرة، ويكون لهم رأي، وينزلوا إلى الساحة بكل إمكانياتهم، ولا يكونوا متفرجين، أو من يفتش عن المكاسب الخاصة أو الجزئية، وينبغي أن يتصدوا للأمور.
3- امة الناس: هم طاقة كبيرة ومهمة لابد من تنظيمها وتوعيتها بكل ظروفها، وينبغي لها أن تتحرك حتى تصل إلى أهدافها.
أهداف الأمة
رأى سماحته أن للأمة أهدافا، هي:
1- الحرية
هي الحرية الحقيقية التي يتحرر فيها الإنسان من العبوديات، عبودية الطغاة، والشهوات، وعبودية الخوف، والخرافات، وعبودية الآلهة الوضعيين، وينبغي على الإنسان أن يكون حرا، في أرادته بكل معناها.
2- الاستقلال
ينبغي أن نكون مستقلين في إرادتنا، ولا نقبل التبعية، ولا نخضع لإرادة الآخرين، بل نقرر أمورنا بأنفسنا.
3- العدالة بين الناس
ينبغي أن لا يكون هناك اضطهاد لطائفة، أو عنصر، أو جماعة، أو عرق، أو قومية، أو أقلية، فالاضطهاد مهما كان نوعه، ومهما كان توجهه مرفوض.
الجمعة الحادية عشرة 8/8/2003
تحدث سماحته في هذه الخطبة المباركة عن موقف دول العالم، وخاصة دول الجوار من مجلس الحكم، ورأى أن هناك نوعا من التردد، والتوجس اتجاهه، واتجاه القوى السياسية المشكلة له، في حين أنهم كانوا يعدون النظام البائد الذي جاء في ليلة ظلماء، واستعمل كل أساليب القسوة، والقهر، والاستبداد، والقتل، والتشريد، نظاما شرعيا، علما انه لم يكن يحضى بتأييد من الشعب العراقي، ورفض هذا الموقف المتردد، وطالب بموقف ايجابي.
ورأى سماحته أن على مجلس الحكم أن لا ينشغل بالقضايا الجانبية، والشكلية، والصورية، وإنما يصب اهتمامه على القضايا الرئيسة التي لابد أن يتحمل مسؤوليتها في هذه المرحلة، وهي:
1- ملء الفراغ السياسي والإداري، وطالبه بالإسراع في تشكيل الوزارة التي تدير شؤون العراق والعراقيين، وهذه مهمة أساسية من مهامه، وقد نبّه سماحته إلى مثل هذه الأمور في خطبة سابقة.
2- أن تكون الوزارة معبرة عن العراقيين من ناحية، وعن ظروف الشعب العراقي من ناحية أخرى، ولابد أن يتصف هؤلاء الوزراء بالمواصفات الآتية:
أ- أن يكونوا على درجة عالية من الكفاءة حتى يمكنهم تحمل المسؤوليات الصعبة التي يواجهونها في عراقنا الجريح، ولابد أن اختيارهم يكون على أساس الكفاءة والقدرة، لا على أساس الانتماء السياسي، وأن يتصف هؤلاء الوزراء بالصلاح والإخلاص والنزاهة في عملهم، حتى ينجحوا فيه.
ب- لابد لهؤلاء الوزراء أن يضعوا نصب أعينهم المصلحة العامة للشعب العراقي، لا مصلحة الفئة، أو الجماعة، أو الحزب، أو الطائفة، أو القوم، فالعراقيون أمام مشكلات مشتركة من دون استثناء، فلابد أن تكون المشكلات هذه الأساسية لهم.
3- أن تهتم الوزارة بإعادة الحياة الطبيعية للناس بعد اختلالها، وارتكابها طوال هذه المدة.
ودعا سماحته جميع القوى السياسية، وأبناء الشعب العراقي والعلماء، والخطباء والشعراء، والصحفيين، والعشائر، وجميع القوى الموجودة في الساحة العراقية، إلى ممارسة رقابة حقيقية على الأعمال التي يقوم بها مجلس الحكم الانتقالي، ولا ينبغي أن تبقى أعماله من دون رقابة، فالشعب العراقي، لابد أن يكون له اثر حقيقي يعبّر عن الموقف، والرأي تجاه الأعمال والتصرفات التي تصدر عنه.
وأشار سماحته في نهاية هذا الموضوع إلى مسألة مهمة ينبغي أن تعالج في الوزارة؛ لأنها لم تعالج في مجلس الحكم، فهناك مجموعات وقوى سياسية وشعبية لم تمثل، كالأكراد الفيلية فينبغي معالجة عدم التمثيل هذا في الوزارة التي سيشكلها المجلس لسدِّ النقص، وملء الفجوة التي حصلت بينه وبين هذه القوى.
الجمعة الثانية عشرة 15/8/2003
تحدث سماحته في هذه الجمعة المباركة عن مجلس الحكم لأهميته، ولكن من جانب آخر، هو الاعتراف به، وذكر أن أول دولة اعترفت به، هي الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ثم دولة الكويت، وبعدها تركيا، وان هناك شيئاً من التردد في موقف الجامعة العربية بما فيها الدول المجاورة.
ورأى سماحته أن هناك هواجسا دعت إلى هذا التردد منها مبرر، وآخر غير مبرر، أجملها على النحو الآتي:
1. الخوف على هوية الشعب العراقي ومستقبلها
 فهل سيحافظ الشعب العراقي في حركته السياسية الجديدة على هويته الإسلامية وانتمائه للأمة الإسلامية، والعربية، أو أنه سوف يفقد هذه الهوية؟ ورأى سماحته أن هذا الهاجس مبرر.
2. وحدة العراق 
تهم هذه الوحدة العراقيين، ودول المنطقة، فلو حدث خلافها فسيحدث اضطراب واسع جدا في المنطقة.
3. الإستقلال
هل أن هذا المجلس مستقل في قراراته، وإرادته في التعبير عن رأي الشعب العراقي، وحركته ومصالحه واستقلاله؟
هذه المسالة من المسائل المهمة التي تثير الهواجس داخل العراق وخارجه، وهو هاجس مبرر، فلابد للمجلس أن يواجه التحدي في قضية الاستقلال، ولا يخضع لحق النقض، ولا للهيمنة الأجنبية.
4. الحرية والعدالة الاجتماعية والسياسية
هل تكون نتائج الأوضاع السياسية تصب في صالح حرية الشعب العراقي، بحيث يتمكن أن ينتخب ما يريد، وان يعبر عن إرادته، أو يفرض عليه هذا المحافظ، وذاك الحاكم، أو ذاك الوزير، وتلك الشخصية؟ وهذه المسألة من المسائل المهمة، والرئيسة التي تثير الهواجس في المنطقة؛ لأنه إذا كانت الحرية مسلوبة من الشعب العراقي، فستسلب بطبيعة الحال من مجلس الحكم، وستكون الهيمنة الخارجية القرار الأول في حركة العراق وشعبه، وهذا الهاجس مبرر.
5. تمثيل الشعب العراقي
يطرح هذا الهاجس في الخارج، وهو ليس مشروعا، والمرحلة الانتقالية والتمثيل للشعب في هذا المجلس أفضل تمثيل، وان لم يكن تمثيلا كاملا، لابد من معالجته في الوزارة، واستغرب سماحته من هذا الأمر قائلا: ((لا نجد الكثير من الحكومات في دول العالم المعترف بها دوليا تمثل شعوبها كما يمثل مجلس الحكم الانتقالي شعبه في قواه السياسية وشخصياته، فلماذا يكون هذا الهاجس وكأنه قضية؟ إلا أن يراد به التغطية على أمور أخرى لا نعرفها)).
6. المصالح
النظام البائد كان يبيع مصالح العراق كلها، ويعطي أمواله وقدراته من اجل الحفاظ على كرسيه، وألان اختلفت الموازين. 
فالعراقيون يريدون الاحتفاظ بمصالحهم وثرواتهم، فإذا كان المراد من هذا الهاجس استمرار نهج الابتزاز، وسياسة الاستئثار بنهب ثروات العراق من قبل أمريكا، والاتحاد الأوربي، والدول المجاورة، فهو مرفوض مطلقا، ولا يمكن أن يقبل الشعب العراقي بأن تكون ثرواته نهبا وسلبا من قبل الآخرين.
القضية المهمة الأخرى التي تناولها سماحته، هي:
قضية الدستور، لما لها من أهمية كبرى في حياة العراقيين الحاضرة، وأجيالهم القادمة، وقد تناول هذا الموضوع في الخطبة السادسة، وكرره هنا لأهميته البالغة.
ورأى سماحته أن هذه القضية من أهم القضايا التي تواجه العراقيين في هذه المرحلة، ولابد أن نقوم بحملة توعية واسعة من أجل بيان أهمية هذه القضية، فالعلماء، والشعراء، والخطباء، والكتاب، والمثقفون، مسؤولون عن القيام بحملات التوعية في بيان أهمية الدستور، وأهمية المراقبة الدقيقة من قبل الشعب العراقي؛ لأن قضية الدستور، لو تمَّ إقرارها على نحو صحيح، فسوف نتمكن من بناء مجتمع عراقي صالح.
ورأى سماحته أن هناك قضايا مركزية ومهمة في الدستور لابد من الاهتمام بها هي:
1- قضية الهوية الإسلامية.
2- الإنتماء إلى الأمة الإسلامية والعربية.
3- الحرية لابد أن تدون في الدستور.
4- العدالة، لابد أن يصاغ الدستور بصياغة تحقق العدالة، ولا معنى أن يكون هناك حكم مركزي، بحيث يكون شخص في بغداد يتحكم بكل شؤون العراق، ولا رأي للعراقيين في بلادهم، ليكن هناك رأي لهم في هذه المحافظة، أو تلك، يختارون محافظتهم، وتكون هناك مركزية في القضايا الرئيسة الأساسية، كالدفاع، والخارجية، والنفط، والثروات وشبه ذلك من أمور سياسية.
ورأى سماحته أن آلية كتابة الدستور ينبغي أن تكون آلية صحيحة، وهي انتخاب المجلس الدستوري الذي يكتب الدستور، فلا يجوز أن يعين هذا المجلس. وإذا تم هذا التعيين فسوف يتم الطعن به شرعيا ودينيا، ومن ثمَّ الطعن بالدستور من قبل المراجع، والعلماء، والأوساط الدينية، والمتدينة، ويتم الطعن به قانونيا؛ لأنه لا يوجد مبدأ قانوني في المجتمع الدولي، ومجتمعنا الإسلامي يقرَّ طريقة التعيين، وعندئذ يفتح الباب أمام المصائب التي عرفها تاريخنا السابق، بحيث تأتي مجموعة من الضباط، ويقومون بانقلاب عسكري على الحكم، ويقولون: انه معين من قبل الأمريكان، أو التحالف، أو جهات أجنبية، ويتمّ الطعن بمثل هذا الدستور.
الجمعة الثالثة عشرة 22/8/2003
تحدث سماحته في هذه الخطبة المباركة عن قضيتين مهمتين:
1- عملية التفجير التي وقعت في مقر الأمم المتحدة في بغداد في 19/8/2003، واستنكر سماحته هذه العملية الإجرامية الإرهابية بشدة، التي راح ضحيتها رئيس بعثة الأمم المتحدة (سيرجيو فييرادي ميلو)، وعدد كبير من موظفي الأمم المتحدة، وعدّهم من أصدقاء الشعب العراقي الذي قدموا الخدمات له، وحَمّل قوى التحالف المسؤولية في الإخفاقات الأمنية التي أدت إلى مثل هذه الأعمال، وحمل كذلك الأمم المتحدة؛ لأنها لم تبذل الجهود من اجل تغيير السياسة العامة المتبعة فيما يتعلق بقضية الأمن في العراق.
ووقف سماحته عند هذه الجريمة النكراء بعدة أمور:
أ) ما مداليل هذا التفجير من الناحية السياسية والأمنية؟
رأى سماحته أن المدلول السياسي من وراء هذا التفجير قوة بلغت حدَّ القنوط واليأس من تحقيق أهدافها؛ لذلك قامت بهذه الأمور الجنونية التي لا يمكن أن يكون لها أي فائدة إلا التخريب، والإضرار العام، وهذه السياسة وراءها خط سياسي يمكن وصفه بالإرهاب، والتطرف في العمل السياسي.
أما مدلولها الأمني فرأى سماحته أن قوات التحالف غير قادرة على تحقيق الأمن للشعب العراقي، واكتفت بحماية نفسها، والاهتمام بقواها من دون أن تعير أهمية للشعب العراقي في هذا المجال.
ب) مَنْ وراء هذا العمل؟
رأى سماحته أن وراء هذا العمل أزلام النظام البائد وقواه والمتحالفين معه من الذين غلو في الجريمة، وتمرسوا على العدوان والقتل والإذلال، وهذا واضح من خلال المتابعة والتحليل للأوضاع السياسية في العراق.
ت) على من تقع مسؤولية الأمن؟
رأى سماحته أن قوات التحالف هي المسؤول الأول عن الأمن؛ كونها تحملت مسؤوليته، وفرضت هذه المسؤولية على الشعب العراقي بعد أن أراد هذا الشعب تولي المسؤولية بنفسه، ولكنها رفضت ذلك، واستعملت القوة، والعنف من اجل فرض هذا الأمر على الشعب العراقي.
ومن هذا المنطلق اعتقد سماحته أن قوات التحالف:
1- تتهاون مع أزلام النظام السابق.
2- لا تهتم بالدفاع عن المصالح الشعب العراقي، وتهتم بمصالحها فقط.
3- والشعب العراقي غير مستعد للتعاون مع قوات التحالف بعنوان أنها قوات احتلال.
وطالب سماحته مرارا بأن تكون هناك سياسة أمنية في العراق تعتمد على عدة ركائز أساسية هي:
الركيزة الأولى: أن يعطى الدور الرئيس في الأمن للشعب العراقي، وللقوى العراقية.
الركيزة الثانية: أن يعطى دور للقوى الوطنية، والشعبية ذات النفوذ الواسع في أوساط الشعب العراقي.
الركيزة الثالثة: أن تكون القوى التي يهمها التغيير الجديد، وإيجاد البديل الصالح في العراق، هي مسؤولية عن قضية الأمن، ولا تعطى لأشخاص لا يشعرون بالمسؤولية، أو لديهم نوايا سيئة تجاه الشعب العراقي أو تجاه التحولات الجديدة في العراق.
2- القبض على أزلام النظام البائد:
رأى سماحته أن الله سبحانه وتعالى قد أذل هؤلاء الطغاة المستبدين، وأن هذا الأمر سنة إلهية؛ لتكون عبرة لكل الطغاة والمستبدين، وطالب سماحته بعدم التكتم على اعتقال هؤلاء، وأن يتم الكشف عن كل تفاصيل اعتقالهم، وينبغي أن يقدموا للتحقيق على نحو علني ليكتشف العالم أجمع، والعراقيون حقيقة الجرائم والآثام التي ارتكبوها بحق الشعب العراقي،وينبغي إتخاذ الإجراءات الحازمة تجاه هؤلاء المجرمين ليكونوا عبرة لنظرائهم الآخرين.
وفي ختام هذه الخطبة المباركة استنكر الأعمال الوحشية التي تقوم بها إسرائيل بحق الفلسطينيين، ورأى أن هناك صمتا حيال هذه العمليات في حين إذ قام الفلسطينيون بالدفاع عن أنفسهم، وأعراضهم، وأرضهم وعدّ ذلك عملا إرهابيا، ورأى أنه لا يجوز الكيل بمكيالين في هذا الأمر، وطالب سماحته بالعدالة للجميع.
الجمعة الرابعة عشرة الجمعة الدامية 29/8/2003
تناول سماحته في هذه الجمعة الدامية موضوعين مهمين هما: 
1- العدوان على المرجعية الدينية في النجف الأشرف في تاريخ 24/8/2003 حيث تعرض سماحة آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم إلى محاولة اغتيال فاشلة، واستنكر سماحته هذا العمل الغادر الجبان بشدة، وحَمّل أزلام النظام البائد مسؤولية ذلك، وأشار إلى نقاط رئيسة من أجل إيضاح الموقف تجاه هذا العدوان:
أ- إن هذا العدوان يمثل ظاهرة من أخطر الظواهر، التي يواجهها الشعب العراقي في هذه المرحلة من الناحية السياسية والاجتماعية، واستهدف أهم مركز مقدس في المجتمع العراقي، فالمرجعية الدينية ليس شأنها شأن القوى السياسة والأحزاب مهما كان الاحترام لها، وهي صاحبة تأريخ عريق يعود إلى أكثر من أثني عشر قرنا.
ب- إن السياسات السابقة التي اتبعها النظام البائد تركزت على نحو رئيس استهداف المرجعية الدينية المتمثلة بالإمام الحكيم (قدّس سرّه)، ثم تطور إلى قتل المراجع واحدا بعد الأخر، وهذا الأمر ليس جديدا، وقد مارسه ما يسمى بالحكم الوطني في زمن الانتداب الانجليزي.
ت- مسؤولية قوات الاحتلال عن هذه الاعتداءات، إذْ إنها لم تقم بواجباتها القانونية، والواقعية تجاه حماية المرجعية والأماكن المقدسة، ودان سماحته هذا الموقف من قوات الاحتلال، إذ أن هذه القوات لم تقم بواجباتها تجاه حماية المؤسسات الدولية، كمقر الأمم المتحدة، والمؤسسات الدبلوماسية في بغداد، وعليه فان هذه القوات تتحمل مسؤولية كبيرة لابد من متابعتها.
ث- قضية الأمن في العراق
رأى سماحته إنعدام الأمن في العراق يعود إلى السياسات الفاشلة لقوات الاحتلال، ولا يوجد طريق لمعالجة هذا الموضوع إلاّ من خلال الأمرين الآتيين:
الأمر الأول: إعطاء السيادة الكاملة للعراقيين في تشكيل حكومة ذات سيادة كاملة.
الأمر الثاني: أن تحول القضية الأمنية إلى العراقيين أنفسهم؛ لأنهم أعرف بما يجري في بلدهم، وان الشعب العراقي الذي لابد له من التعاون مع الأجهزة الأمنية، لا يتعاون مع الأجهزة الأمنية الأجنبية.
2- الوزارة التي يراد تشكيلها:
هذه الوزارة لا ينبغي أن تكون مجرد غنيمة، أو إرث، وحصص توزع على هذا الجانب، أو ذاك، ورأى سماحته انه ينبغي أن تقوم على الأسس الآتية:
‌أ- أن يكون الوزراء أكفاء قادرين على القيام بمسؤولياتهم الوزارية.
‌ب- أن يكون هؤلاء الوزراء من المخلصين للعراق وللشعب العراقي ومصالحه.
‌ج- أن تكون هذه الوزارة معبرة عن أبناء الشعب العراقي بأطيافهم المختلفة، ومذاهبهم وقومياتهم وانتساباتهم الدينية والعرقية حتى تكون المشاركة مشاركة حقيقية لأبناء الشعب العراقي. وسبق أن تحدث سماحته عن هذا الموضوع، وكرّره هنا لأهميته.
وفي نهاية الخطبة المباركة أشار سماحته إلى قضية أخرى، وهي ما يثار في عدد من وسائل الإعلام العربية في المنطقة حول إشكالية الوضع الطائفي في العراق، إذ يراد اتهام شيعة أهل البيت(عليهم السلام) بأنهم بدؤوا يتعاملون على نحو طائفي، وهذا أمر غير صحيح، وقد أكد سماحته على أمرين، هما المنار الذي يسير عليه إتباع أهل البيت(عليهم السلام)  هما:
1- الدعوة إلى الوحدة الإسلامية.
2- الدعوة إلى وحدة العراق حكومة، وشعبا، وأرضا.
استشهاده:
    ومن خلال هذه المسيرة الحافلة بالتضحية والجهاد تعرض إمام الاعتدال السيد محمد باقر الحكيم "قد" لأكثر من عشرة محاولات اغتيال نجا منها بفضل الله تعالى ، ولكن شاءت القدرة الإلهية أن يلحق السيد بركب الشهداء عند عودته إلى بلده بعد أكثر من ثلاثة وعشرين عام قضاها في الغربة ، وبعد هذا العمر المبارك الحافل بجلائل الأعمال وأزكى القربات اشتاقت تلك الروح الطاهرة إلى لقاء بارئها ففي اليوم الأول من رجب المحرم 1424 هـ لبى الحكيم نداء ربه ، وكان لنبأ استشهاده صدى كبير في الأوساط العلمية بصورة خاصة والمجتمع الإسلامي بصورة عامة ، كما كان لرحيله المفاجئ صدمة كبيرة في نفوس المؤمنين إذ فقدوا برحيله إماماً من أئمتهم الذي يستسقى بوجهه قلوبهم الظامئة بنور إيمانه وقطباً عارفاً من الأقطاب الذين تدور عليهم رحى شريعة الإسلام. 
    فكان يوم الجمعة(29 رجب)موعداً لسفره إلى ملكوت السماء حيث كان ضحية جريمة نكراء عند مقام جده أمير المؤمنين ( عليه السلام) بعد أداء صلاة الجمعة المباركة ، وكأنه يريد أن يكرر ما قاله جده أمير المؤمنين (ع) عنـد استشهاده في محراب صلاته ( فزت ورب الكعبة )، فكان العالم والعابد الثامن ممن لقبوا بشهيد المحراب ، والثاني ممن لقب بخميني العراق[61]،وقد قال فيه آية الله العظمى الميرزا جواد التبريزي"قده"(لقد كان الشهيد المجاهد السيد محمد باقر الحكيم المثال الذي يقتدى به والمدافع عن ولاء المرجعية) فمضى السيد الحكيم ( قد ) شهيداً مظلوماً حاكياً للعالم أجمع أن خط الحسين خالد إلى الأبد .
حيث قال تعالى :(فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثواباً من عند الله والله عنده حسن الثواب)،آل عمران 195.   
أيام قضيناها مع شهيد المحراب"قد":-
     سمحت لنا الظروف -بعد سقوط النظام البعثي الظالم [62]، بلقاء سماحة السيد الشهيد محمد باقر الحكيم(قده)، وذلك لأجل التباحث مع سماحته حول بحثنا الموسوم:" المرجعية الدينية والعمل السياسي"، حيث زودنا سماحته بجملة من الأفكار والنظريات والإرشادات والنصائح القيمة التي تصب في هذا المجال، فضلا عن تزويدنا بعناوين مجموعة من الكتب والدراسات حول موضوع بحثنا،وفي خلال تلك اللقاءات عرضت لنا بعض المواقف والحوادث التي أعطى فيها سماحته رأيه الحكيم والسديد، المتسم بأخلاق وعلوم أهل البيت عليهم السلام، ومن هذه المواقف نذكر على سبيل المثال الآتي:
أولا: جاء وفد من مدينة بابل يعرض على سماحته مشكلة تعرضوا لها في إحدى حسينيات مدينة الحلة، تتلخص في أن أحد الخطباء الحسينيين المجاهدين قد طلب منه إلقاء محاضرة في تلك الحسينية لكي يرشد وينصح الناس ويعضهم بعدم الانزلاق بالمحرمات خاصة عمليات السلب والنهب التي تعرضت لها دوائر الدولة بعد سقوط النظام، وقبل أن ينهي المحاضرة تعرض الخطيب لضرب شديد ومبرح من قبل بعض الأهالي الموالين لمكتب ديني معين في تلك المنطقة، مما استدعى نقله إلى المستشفى ووضعه في العناية المركزة لمدة يومين، وعلى اثر هذه الحالة قررت عشيرة الشيخ الخطيب مواجهة الجهة المسئولة عن الحادث بالسلاح ،إلا أن الشيخ طلب منهم التريث لحين مشاورة المرجع الديني السيد الحكيم في هذا الأمر. وكان رأي السيد عند ما جاء له الوفد بأن :" لا تزر وازرة وزر أخرى " وقد نصحهم بالهدوء وعدم الانجرار إلى الفتنة، وسفك الدماء، ومواجهة الموقف بالحكمة والموعظة الحسنة، واقتنع الوفد بكلام السيد وسلموا برأيه السديد الذي يدل على حكمته وأخلاقه العالية. 
ثانياً:- جاءت مجموعة من الأشخاص من ضمنهم معتمد السيد السيستاني في محافظة الديوانية إلى السيد الحكيم(قده)، بمشروع استثمار أموال المهداة إلى حرم أمير المؤمنين(ع)، وكان وجه الاستثمار تحويل هذه الأموال إلى مشاريع ومؤسسات خيرية تخدم المؤسسة الدينية فضلا عن إعالة الفقراء، وقد أخبروا السيد الحكيم بأن هذا المشروع قد عرض على سماحة الإمام السيستاني(دام ظله) ، فرفض سماحته الأسلوب المقترح لإدارة هذه الأموال ،حيث ينبغي أن تشكل لجنة ثلاثية لإدارتها متكونة من الحكومة المركزية ، والحكومة المحلية وممثل عن المرجعية الدينية، فطلبوا من سماحة شهيد المحراب التدخل لإكمال المشروع ، فرفض سماحته رفضا قاطعا واستاء من هذا الأمر كثيرا وقال :" كيف تريدون مني أن أوافق على أمر قد رفضه الإمام السيستاني، فأنا خادم عند السيد السيستاني".
 
سادساً: الإمام السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله) :
      ولد سماحته في 9ربيع الثاني من عام 1349 للهجرة الموافق 1930م في المشهد الرضوي الشريف في أسرة علمية دينية ملتزمة، اشتهر بلقب السيستاني تبعاً لجده الأعلى السيد محمد الذي تعين في منصب (شيخ الإسلام) في سيستان في عهد السلطان حسين الصفوي ، وإلا فهو من الذرية الحسينية التي استوطنت أصفهان فراراً من سطوة الظالمين ، وقد درس العلوم الابتدائية والمقدمات والسطوح وأعقبه بدراسة العلوم العقلية والمعارف الإلهية لدى جملة من أعلامها ومدرسيها حتى أتقنها .
وحضر دروس البحث الخارج في مشهد المقدسة واستفاد من فكر المحقق الميرزا مهدي الأصفهاني (قد) .
     ثم أنتقل الى الحوزة العلمية الدينية في قم المقدسة على عهد المرجع الديني الكبير السيد البروجردي (قد) في عام 1368هـ وحضر بحوث علماء وفضلاء الحوزة آنذاك وأخذ من السيد البروجردي (قد) الكثير من خبرته الفقهية ونظرياته في علم الرجال والحديث ، كما حضر درس الفقيه السيد الحجة الكوه كمري (قد) وبقية الأفاضل في حينه .
ثم غادر قم متجهاً إلى النجف الأشرف موئل العلم والفضل وذلك في عام 1371هـ وحضر دروس أساطين الفكر والعلم آنذاك من أمثال الإمام الحكيم  والإمام الخوئي والشيخ حسين الحلي (رض) ، وقد لازم بحوث الإمام الخوئي (قد) فقهاً وأصولاً أكثر من عشر سنوات ، كما لازم بحث آية الله العظمى الشيخ الحلي (قد) دورة أصولية كاملة .
     اشتغل سماحته بالبحث والتدريس بإلقاء محاضراته (البحث الخارج) 1381هـ في الفقه على ضوء مكاسب الشيخ الأعظم الأنصاري (قد) وأعقبه بشرح كتاب العروة الوثقى للسيد الفقيه الطباطبائي (قد) فتم له من ذلك شرح كتاب الطهارة وأكثر كتاب الصلاة وبعض كتاب الخمس كما ابتدأ بإلقاء محاضراته (البحث الخارج) في الأصول في شعبان 1384هـ وقد أكمل دورته الثالثة منها في شعبان 1411هـ ، وقد سجل محاضراته الفقهية والأصولية في تقريرات غير واحد من تلامذته .
     أما نبوغه العلمي فقد برز السيد السيستاني (دام ظله) في بحوث أساتذته بتفوق بالغ ، وذلك في قوة الإشكال وسرعة  البديهة، وكثرة التحقيق والتتبع في الفقه والرجال ، ومواصلة النشاط العلمي ، وإلمامه بكثير من النظريات في مختلف الحقول العلمية الحوزوية . 
     وقد شهد له كبار أعلام الطائفة بالاجتهاد لاسيما الإمام الخوئي (قد) وآية الله الشيخ حسين الحلي (قد) اللذان شهدا له بالاجتهاد خطياً عام 1380هـ ، على إن المعروف عن الإمام الخوئي (قد) لم يشهد لأحد من تلامذته بالاجتهاد شهادة خطية ، إلا للنادر منهم .
     كما كتب له شيخ محدثي عصره العلامة الشيخ أغا بزرك الطهراني (قد) شهادة مؤرخة في عام 1380هـ أيضاً ، يطري فيها على مهارته في علمي الرجال والحديث .
      وقد حاز على هذه المرتبة العظيمة بشهادة العظماء وهو في الحادية والثلاثين من عمره . أما عطاؤه الفكري وتأليفاته ومنهجه في البحث والتدريس وإبداعاته وتجديده في مجالي الفقه والأصول فنتركها للكتب الأخرى المتخصصة[63] ،
وقبل وفاة الإمام المجاهد السيد أبو القاسم الخوئي (قد) اقترح مجموعة من العلماء والفضلاء على الإمام الخوئي (قد) أعداد الأرضية اللازمة لاختيار شخصية تكون كفوءة ومؤهلة للمحافظة على المرجعية الدينية في الحوزة العلمية في تلك الظروف، فوقع الاختيار على االسيد السيستاني ،فشرع بالصلاة في محراب الإمام الخوئي (قد)في جامع الخضراء ، وبعد وفاة زعيم الحوزة السيد الخوئي (قد)،وبناءاً على طلب العلماء وأفاضل الحوزة العلمية  لتصدي سماحته للزعامة الدينية ، ونظراً لتكليفه الشرعي ،تسلم السيد السيستاني (مد ظله) المرجعية وشؤون التقليد. 
     وفيما يلي بعض المواقف والأعمال التي قامت بها مرجعية الإمام علي الحسيني السيستاني (دام ظله):
أولاً: الاهتمام بالحوزات العلمية :ـ لقد أولت المرجعية الدينية جل اهتمامها بالحوزات العلمية والمدارس الدينية لما تضطلع به من دور كبير ومسؤولية خطيرة في حفظ ونشر مفاهيم وقيم مدرسة أهل البيت (ع) ،فهي بحد ذاتها جامعات كبرى ومعاهد عظيمة خرجت ولا زالت تخرج الألوف من الفقهاء والمجتهدين والمحققين والمبلغين والأخصائيين في مختلف مجالات الثقافة والعلوم الدينية،حيث دأبت الحوزات العلمية على أن تكون الرائدة في الذب عن حمى الدين وسور العقيدة السامية ،وان تحرص اشد الحرص على التصدي لكل الشبهات التي تروم نخر الأمة وزلزلة كيانها عبر سلسلة من الأفكار المضلة والآراء المنحرفة بشتى الأساليب والطرق ،فاستطاعت هذه الحوزات إن تكون الركن الركين لمعادلة تثبيت مظاهر الدين والأيمان والعدل والطمأنينة في المجتمع ومنبع الخير والبركة لكافة أفراد الأمة ويلزم لذلك بذل مختلف الطاقات والإمكانيات وتوفير أقصى الجهود لحفظ وتقوية الحوزات العلمية والمراكز الدينية وتطويرها وتنميتها بشتى السبل والبرامج والسعي الحثيث لتلبية مختلف احتياجاتها ومتطلباتها وهذا يعني ديمومتها واستمراريتها التي هي ديمومة القيم والمبادئ الرفيعة ، ولقد أكد الفقهاء وحرصوا بضرورة صرف سهم الإمام المبارك في سبيل حفظ وتنمية الحوزات العلمية ، وكما ذكرنا فأن مرجعية السيد علي السيستاني (دام ظله) لم تأل جهداً في هذا المضمار فأولته بالغ الأهمية ورفيع المنزلة بحيث إنها  تنفق سنوياً على رواتب الحوزات العلمية والبالغ عددها (350) حوزة عدة مليارات من التومانات داخل إيران ،وعدة ملايين من الدولارات خارجها .
ثانياً: العلاقات الخارجية (قسم التبليغ) : هو قسم من أقسام مكتب سماحة السيد السيستاني (دام ظله) يقوم بدور مهم على مستوى التبليغ في داخل العالم الإسلامي وخارجه ،وان كان العمل الخارجي هو الأكثر مهاماً وأولوية نظراً للحاجة الماسة لذلك ، يقوم العمل لهذا القسم على أسس كثيرة ومتنوعة ، نوجزها بالنقاط التالية : ـ
أ.إرسال المبلغين إلى الخارج وبالتحديد دول أوربا وأمريكا واستراليا وكندا وبعض دول إفريقيا وتركيا والهند والباكستان والدول الاشتراكية (الاتحاد السوفيتي سابقاً ) وغير ذلك من الدول ، ويقدر عدد هولاء المبلغين في الخارج ،بأكثر من (1600) مبلغ من مختلف الجنسيات العربية والإسلامية والأجنبية ، حيث يقوم مكتب سماحته (دام ظله) بتأمين رواتبهم وتقديم مساعدات مادية ومعنوية وذلك لأجل تشجيعهم على مواصلة الدراسة والتبليغ 
ب .إرسال الكتب المطلوبة والأشرطة الصوتية لمختلف المحاضرات إلى المبلغين لكي تساهم في عملية التبليغ .
جـ . يقوم قسم العلاقات الخارجية وعبرة لجنة خاصة بمطالبة كل مبلغ أن يقدم له تقريراً كاملاً عن رحلته بما يتعلق بعدد المسلمين وحاجياتهم ومراكزهم .
ثالثاً:العلاقات الخارجية قسم الكتاب : وهو قسم مبتكر من أقسام مكتب سماحة السيد السيستاني(دام ظله) وله فعاليات متنوعة طول العام على محورين الداخل والخارج، ويعتبر من الأقسام الفعالة في المكتب،حيث تم فتح ملفات لكافة محافظات إيران ومدنها ونواحيها وقراها،حيث ترسل الكتب إلى أكثر من (1500) عنوان للمؤسسات والمساجد والجامعات والمدارس والشخصيات العلمية والاجتماعية والمبلغين ودعم المكتبات العامة ،أما خارج إيران فقد تم فتح ملفات لإرسال الكتب إلى القارات الخمسة حيث ترسل الكتب إلى أكثر من (2000) عنوان للمؤسسات والحسينيات والشخصيات العلمية والمبلغين ،كما وتم ترجمة رسالة السيد السيستاني (دام ظله)إلى أكثر من (10) لغات وتم إرسالها إلى أنحاء العالم .
رابعاً:المجمعات السكنية والمراكز الخدمية : ولعل من اكبر المشاريع التي تضطلع بها هذه المرجعية المباركة مع مساعدة بعض الخيرين توفير الدور السكنية والمراكز الخدمية  لطلبة العلوم الدينية غيرهم ،حيث تم تنفيذ مشاريع كثيرة في هذا المجال :ـ
1.مدينة آية الله العظمى السيد السيستاني(دام ظله) في قم المقدسة : والتي تشمل على أكثر من (300) وحدة سكنية .
2.مجمع المهدية السكني في قم المقدسة : والذي يشمل على أكثر من (200) وحدة سكنية .
3.مجمع الزهراء السكني في قم المقدسة : يشمل على (50) وحدة سكنية مع مسجد وحسينية ومخزن كبير .
4.مجمع ثامن الحجج (ع) السكني في مشهد المقدسة : ويحتوي على أكثر من (200) وحدة سكنية .
5.المجمع السكني في طريق قم ـ كاشان (سراجة ) يضم (180) وحدة سكنية .
6.مركز إغاثة العراقيين في مدينة دزفول : والذي يشمل على أكثر من (16) مجمع سكني ، مخصص للاجئين العراقيين .
7.مستشفى العيون الخيري"جواد ألائمة" في مدينة قم المقدسة.
8.مستوصف الإمام الصادق (ع) في قم المقدسة.
9.مستوصف حاجي آباد في مدينة قم المقدسة : وتقدر مساحته (3000) كم2.
10.المجمع السكني لطلبة العلوم الدينية في الكوفة.
11.بناء وانشاء بعض المشاريع الخدمية في بعض محافظات العراق في مجال"الصحة والكهرباء والبلديات والاعلام واماكن العبادة"باشراف اادارة لعتبات المقدسة والتجار المؤمنين.
وقد يتساءل البعض حول السبب في عدم وجود هذه المشاريع في العراق وهو أحوج ما يكون إليها ؟
وغني عن الذكر إن السبب في ذلك يعود إلى المضايقات والملاحقات والعوائق التي فرضها النظام البعثي الفاسد على المرجعية الدينية فهذا النظام كان يمنع حتى عامة الناس من بناء المساجد والحسينيات ، وقد وصل الأمر إلى حد حرمان السيد السيستاني(دام ظله)من ابسط حقوقه وهي منعه من الصلاة في مسجد الخضراء وزيارة مرقد جده أمير المؤمنين (ع) وكذلك منعه من طبع رسالته العملية في العراق . 
    إلا إن المرجعية الدينية الرشيدة لم تقف مكتوفة الأيدي تجاه هذه القضايا أو غيرها،فقد قامت الأخيرة بدعم بعض الشخصيات المؤمنة مادياً ومعنوياً حتى يقوموا بدورهم بتقديم المساعدات والمعونات لمستحقيها ، حيث ذكر لي أحد الإخوة المجاهدين "شهاب أحمد"-مدير الشباب والرياضة-"وهو من المعتمدين لسماحة السيد السيستاني(دام ظله)في كربلاء المقدسة إبان النظام البائد ، انه كان يمارس إعماله الجهادية في ذلك الزمن، عن طريق إرسال المساعدات المالية والغذائية إلى سجون النظام في مديريات الأمن والأماكن الإجرامية الأخرى وكذلك مساعدة بعض المجاهدين الذين يمكن خروجهم من هذه المعتقلات بشكل وبأخر ،إضافة إلى ذلك فان المرجعية الدينية وعبر وسطائها المؤمنين قامت بدعم بعض الوجهاء لبناء المساجد والحسينيات والمشاريع الخيرية الأخرى ،كما إنها تقوم بإبداء النصح والتوجيه لبعض التجار المؤمنين للقيام بمثل هذا المشاريع. 
خامساً:الزيارات: يقوم بين الفترة والأخرى وفد من مكتب سماحته (دام ظله) بزيارة الحوزات العلمية والمراكز الدينية المنتشرة في شتى مناطق العالم ،لأجل الاطلاع على برامجها ونشاطاتها والاستماع لمشاكلها واحتياجاتها والسعي لدعمها وتطويرها مع إيجاد حالة من التواصل والمتابعة لغرض تنفيذ ما يمكن من خلاله تنمية هذه الحوزات وتوسعتها ، كما ويقوم بين الفترة والأخرى وفد من مكتب سماحته (دام ظله) بزيارة لبعض دول العالم مثل : سوريا ، وإيران ، ولبنان ، وتركيا ، وأذربيجان واندونيسيا وتايلاند وسنغافورة والهند وكينيا ومدغشقر وأوغندا والدول الاسكندينافية والدول الأوربية وأمريكا وغيرها ، لأجل تفقد الحوزات العلمية والمراكز الدينية والثقافية والاطلاع على أوضاع الشيعة هناك والاستماع للمشاكل والاحتياجات والسعي لتنفيذ الطلبات المطروحة .وإضافةً إلى ذلك فأن هنالك عدة لجان مشكلة من قبل مكتب سماحته (دام ظله) مثل لجنة المساعدات ، ولجنة الحج ، ولجنة الاستفتاءات الشرعية، ولجنة قسم الحسابات العامة (وهي لجنة تنظم شؤون الأموال الواردة والصادرة من والى جميع أنحاء العالم ) ، حيث تقوم هذه اللجان بتنفيذ ومتابعة الأعمال كلً حسب اختصاصها ،كما يوجد هنالك أكثر من (27) مؤسسة دينية ومراكز ثقافية، منتشرة في أنحاء عديدة من العالم وهذه المراكز هي[64]:ـ
1-مركز الأبحاث العقائدية .
2-مؤسسة آل البيت (ع)لأحياء التراث .
3-شبكة رافد للتنمية الثقافية . 
4-مركز آل البيت (ع) العالمي للمعلومات .
5-مؤسسة الإمام علي (ع) .
6-مركز الرسالة .
7-مركز المصطفى (ص)للدراسات الإسلامية .
8-مركز إحياء التراث الإسلامي .
9-مركز الإمام الرضا(ع) ألمعلوماتي (الانترنت) .
10-مركز البحوث والدراسات الفلكية .
11-مؤسسة الإمام الرضا(ع)للبرامج الكمبيوترية .
12-مركز الإمام الصادق (ع) للدراسة الطب الإسلامي .
13-مركز تأليف ونشر الكتب الدراسية الحوزوية .
14-مؤسسة المصادر المعلوماتية للعلوم الإسلامية (بارس) .
15-دار الزهراء(ع) الثقافية .
16-مكتب التفسير وعلوم القران المختصة .
17-مكتبة علوم الحديث المختصة .
18-المكتبة الفقهية الأصولية المختصة .
19-مكتبة الفلسفة والكلام المختصة .
20-المكتبة الأدبية المختصة .
21-المكتبة التاريخية المختصة .
22-مكتبة المحقق الطباطبائي(قد) .
23-بيت مؤسس الحوزة العلمية .
24-شبكة الإمام الكاظم(ع) .
25-شبكة الإمام المهدي(ع) .
26-شبكة يا زهراء .
27-شبكة الإمام الصادق(ع) .
28-شبكة الإمام الجواد(ع) .
29-المركز التخصصي للامام المهدي.
    وقد فحت اغلب هذه المؤسسات ابوابها في العراق بعد 2003م,
مؤلفاته :
للسيد السيستاني (دام ظله) العديد من المؤلفات والأثر الخطية في مجال الفقه والأصول والحديث وعلم الرواية والفلسفة ،وقد طبع بعض من هذه المؤلفات ولا يزال البعض الأخر مخطوطاً ،وفيما يلي قائمة بأسماء مؤلفاته المطبوعة والمخطوطة :
1-المسائل المنتخبة ، رسالة عملية .
2-منهاج الصالحين-3 مجلدات ، رسالة عملية .
3-مناسك الحج ، رسالة عملية .
4-ملحق مناسك الحج ، رسالة عملية .
5-توضيح المسائل ، رسالة عملية .
6-مختصر توضيح المسائل ، رسالة عملية .
7-الفقه للمغتربين ، رسالة عملية .
8-فتاوى الميسرة ، رسالة عملية .
9-مختصر الرسالة ، رسالة عملية .
10-رسالة أحكام (للشباب)، رسالة عملية .
11-شرح العروة الوثقى-في أربع مجلدات .
12-تعليقة على العروة الوثقى .
13-البحوث الأصولية – دورة أصولية كاملة .
14-الرافد في علم الأصول ، تقريرات بحث سماحته (دام ظله) . 
15-كتاب القضاء .
16-كتاب البيع والخيارات .
17-رسالة في قاعدة لا ضرر ولا ضرار ، تقريرات بحث سماحته (دام ظله).
18-رسالة في اللباس المشكوك فيه .
19-رسالة في قاعدة اليد .
20-رسالة في صلاة المسافر .
21-رسالة في قاعدة التجاوز والفراغ .
22-رسالة في القبلة .
23-رسالة في التقية .
24-رسالة في قاعدة الإلزام .
25-رسالة في الاجتهاد والتقليد .
26-رسالة في الربا .
27-رسالة في حجية مراسيل ابن أبي عمير .
28-رسالة في مسالك القدماء في حجية الإخبار .
29- رسالة في قاعدة القرعة .
30- رسالة في صيانة الكتاب العزيز عن التحريف .
31- رسالة في تاريخ تدوين الحديث في الإسلام.
32-رسالة في تحقيق نسبة كتاب العلل إلى الفضل بن شاذان .
33-رسالة في حكم ما إذا اختلف المجتهدان المساويان في الفتوى .
34-رسالة في اختلاف الأفاق في رؤية الهلال .
35-الفوائد الرجالية .
36- الفوائد الغروية .
37- الفوائد الفقهية .
38-شرح مشيخة التهذيبين (تهذيب الأحكام والاستبصار) .
39-نقد رسالة تصحيح الأسانيد للأردبيلي .
40-شرح مشيخة كتاب من لا يحضره الفقيه .
مواقف المرجعية الدينية من الاستكبار العالمي الحديث :
 إن قواعد مواجهة الحكام الطغاة والاستكبار العالمي التي حددها أئمة أهل البيت (ع) هي ثابتة لا تتغير على مر العصور والأزمنة ، إلا إن أساليب وأدوات تنفيذ هذه القواعد هي التي تختلف من عصر إلى عصر ومن مكان إلى أخر ، فمن جانب تقني لم تكن هنالك في السابق اتصالات متطورة كالتي نشهدها في عصرنا الحالي من الاتصالات السلكية واللاسلكية وعن بعد واستخدام الواسع لشبكة المعلومات الدولية ، ومن جانب فكري فهناك ترويج واستخدام واسع من قبل الاستكبار العالمي لشعارات خلابة وبراقة كالديمقراطية والعدل والمساواة وحقوق الإنسان والقضاء على الإرهاب … الخ) ، وهذه الشعارات وان كانت ذات أصول دينية وإنسانية إلا إنها كلمة حق يراد بها باطل ،فهي كالشعارات التي رفعها الخوارج في زمن الإمام علي (ع) عندما قالوا (لا حكم إلا لله)، حيث أرادوا بها تضليل الرأي العام بدليل قرآني وذلك بالمواخذة على أمير المؤمنين (ع)[65] ، ومن الخطط الاستعمارية الجديدة أيضا الاستبداد السياسي، وهو يعني  التخطيط لبسط نفوذ الدول الاستكبارية على مقدرات الشعوب العربية والإسلامية والدول المستضعفة الأخرى ،من خلال طرق عديدة ملتوية ،ومن هذه الطرق الملتوية هي السيطرة على الانظمة الحاكمة في الدول الإسلامية ،فتربط هذه الانظمة بعجلتها وتمكنها من رقاب الناس ودمائهم وأعراضهم وأموالهم ، وفي ضوء هذه النظرية الاستعمارية الجديدة ولدت في العالم الثالث أنظمة سياسية ذات طابع إرهابي تحكم بالاستبداد السياسي والإفساد الحضاري والإرهاب على نطاق واسع ،وتتبنى الدول الكبرى هذه الأنظمة بشكل واسع تدعمها وتحتضنها كما تهيئ لها ظروف الوصول إلى الحكم أحيانا،ومن بين هذه الأنظمة النظام البعثي السابق نظام صدام المجرم .فبعد المؤامرات الخبيثة والمتعددة التي قام بها هذا النظام المجرم وبدعم من الاستكبار العالمي على المرجعية الدينية والمتمثلة بإلامام الخوئي (قد) والتي حاول فيها القضاء على القيادة العليا والزعامة الروحية في النجف الأشرف ، ظلت هذه المؤسسة العظيمة برجالها الأعلام صامدة صابرة ومحامية ومحافظة على شريعة خاتم الأنبياء (ع) ، وبعد رحيل الإمام الخوئي (قد) سنة 1413هـ ، وتصدي السيد علي السيستاني (دام ظله) للمرجعية العليا للشيعة الإمامية ، فأن المؤامرات لم تنتهي ، بل أصبحت تتزايد يوماً بعد يوم حتى وصلت إلى منحدر خطير إلا إن المرجعية الدينية بزعامة السيد علي السيستاني دام ظله تصدت لهذا الحكم الظالم وعملت على إفشال مخططاته الرامية إلى تمزيق وحدة الصف الإسلامي ، وقامت المرجعية الدينية في تلك الفترة بإنقاذ أرواح الأبرياء وعدم التورط في حرب ضروس بين الاستكبار العالمي والحكم العفلقي الجائر ، من خلال بيان ما يجب إن يكون عليه موقف الشعب العراقي من الوقوف على الحياد في تلك الحرب المشؤومة . 
    ومن الطرق الأخرى الملتوية للقوى الاستكبارية للقضاء على المرجعية الدينية هي استخدام بعض الجهات المعادية للمرجعية من خلال تقوية هذه الجهات شعبياً عن طريق محاربتها إعلاميا أو عسكرياً فتظهر هذه الجهات وكأنها معادية لهذه القوى في نظر الشعب فتتجه قلوب الناس إليها ،في حين إنها تنفذ مخططات هذه القوى بصورة مباشرة أو غير مباشرة (من حيث تدري أو لا تدري) فتستخدمها القوى الاستكبارية كورقة سياسية تضغط بها على المرجعية الدينية والقوى السياسية الوطنية لكي تمرر وتنفذ مخططاتها التوسعية في المنطقة وكما فعلت مع المجرم صدام ،فقد استخدمته القوى الاستكبارية الاستعمارية في ضرب الجمهورية الإسلامية الإيرانية الفتية ،واستخدمته أيضا كجسر لتضع يدها على خيرات وثروات الخليج ،فأعطاها الحجة لكي تجلب جيوشها الجرارة إلى الخليج وتؤسس قواعدها العسكرية فيه ،ومن ثم تحكم سيطرتها ونفوذها على المنطقة الإسلامية .    
    أن الاستعمار الحديث يستخدم ألان كل الوسائل المتاحة لديه للسيطرة على الشعوب وثرواتها سواء كانت وسائل مادية تكنولوجية كالاتصالات عن بعد وشبكة المعلومات الدولية ، أم وسائل فكرية ذهنية كالديمقراطية والحرية والعدل والمساواة …الخ) فهي شعارات خلابة ذات جذر ديني وإنساني وتدخل في عمق الفطرة الإنسانية ، لذلك يمكن التحكم بالفرد وإغرائه عن طريق هذه الشعارات ، بحيث تجره إلى الاعتقاد بالمفاهيم الخاطئة القائمة على قيم المادة والمظاهر والتفاخر والتكاثر والربح والخسارة والعنف والابتذال ، كذلك تؤدي إلى سلخ الجيل الجديد عن معتقداته ومبادئه وقيمه وسلب إيمان الشباب بثوابتهم وأصالتهم .
    فالاستعمار الحديث يستخدم كل هذه الوسائل المتطورة والسريعة لكي يغزو ويهيمن على العالم الإسلامي وهذه الهيمنة الجديدة التي تسمى حالياً بالعولمة[66] ، هي سياسية استعمارية استكباري جديدة للسيطرة على العالمين العربي والإسلامي ، هدفها إسقاط الحواجز والهويات والثقافات والشخصيات وصهر الجميع في البوتقة الأمريكية وتصنيعها وفق النموذج الأمريكي ، والعولمة بما هي بسط النفوذ الأمريكي على العالم لها وجوه كثيرة سياسية وعسكرية وثقافية واقتصادية وأمنية …الخ) .
     إلا إن الهدف الأخطر والأوسع للعولمة هو هدف اقتصادي،ذلك إن الاقتصاد هو عصب الحياة وان كثير من الحروب التي تنشب هنا وهناك أنما المال والأعمال هم اللذان يشعلان فتيلها .
وفي عصرنا الحالي ،عصر الاتصالات والمعلومات فأنه يمكن الوصول إلى أقصى نقطة بالعالم ونحن قعود في أماكننا لا نبرحها،فالعملية لا تتطلب أكثر من الضغط على أزرار المعدودات أو نقرات بسيطة كما يمكننا أن نحصل على المعلومات والتقارير والأبحاث ونتائج الدراسات والرؤى والآراء بيسر وسهولة.
وقد اتسعت وسائل التقنية الحضارية الحديثة وتعددت أساليبها التي غزت العالم وهي تضفي عليها عناصر الحداثة وتخلق مظاهر الابتكار وقد دخل هذا الغزو من أبواب كثيرة أهمها :
1. الفضائيات 
2.  مواقع الانترنيت 
3.  الإعلام المقروء والمسموع والمرئي 
4.  الهجرة إلى البلدان الغربية
5.  إدخال النموذج الغربي ولاحقاً الأمريكي(ونقصد بالنموذج الغربي أو الأمريكي هو التقاليد والأعراف والأفكار المسمومة) إلى الكثير من حقول الحياة دون مراعاة للمحاذير والتحفظات والخصوصيات 
6.  سياسات الكثير من الحكومات التي فتحت الباب على مصراعيه لكل هاب ودأب ومفسد لأخلاق وشخصيات الفتيات والشباب .
ورغم كل هذه التطورات والتغييرات الايجابية والسلبية منها،فأن المرجعية الدينية بزعامة السيد علي السيستاني (دام ظله)قد واكبت هذه التطورات الهائلة والتقنيات الحديثة،وفي الوقت نفسه فإنها قد تصدت وشمرت عن ساعديها للجوانب السلبية الناتجة من تلك التطورات والتقنيات .
فهي لم تكن بمعزل عن هذا التطور الهائل بالعطاء والاستثمار،ولم تكن بمنأى عن تطلعات العصر بالتجديد والأصالة فكانت مكاتبه في العالم تتسع لمثل هذا التغير الفني في الأساليب والوسائل والمفردات،وانتهجت أفضل السبل لتحقيق هذا النصر العلمي وتسخيره لما يخدم الشريعة الغراء ويواصل عطاءها المتزايد من خلال تلك التقنيات التي يمكن أن تكون الأداة الجديدة الناجحة في نشر الثقافة والمعارف والعلوم،حتى تم بواسطتها إنشاء جملة من المراكز المهمة في العالم تعنى بنشر الوعي الديني والتراث المعرفي والأحكام الشرعية والعقائد والتفسير والدود في مجالات شتى،وقد تم افتتاح العديد من المراكز المعلوماتية وفق احدث التقنيات في الاتصال والمعلومات"وقد سبق ذكرها"، إضافة إلى اهتمامه بالحوزات العلمية، حيث قامت مكاتبه بتوفير مستلزمات الحياة الضرورية كتهيئة المنازل لأهل العلم ، وتشييد المجمعات السكنية وتوفير الخدمات الصحية . 
 وأعادت المرجعية الدينية بزعامة السيد السيستاني(دام ظله) الاعتبار لكل مفاهيم الإسلام المهدورة والمهجورة كالحرية والعدل والمساواة والتكافل الاجتماعي وتحقيق العدالة الاجتماعية بين أفراد المجتمع الإسلامي والعقل والحوار والعمل والأيمان بالله والتعارف والعمل في سبيل الله ،  وذلك قولا وعملا، لامجرد رفع شعارات كاذبة وزائفة كتلك التي يروج لها الاستعمار الحديث ، فقد جاءت مرجعية السيد السيستاني رحمة للفقراء والجياع والبائسين ، من خلال وضع برامج تكافل وإغاثة خاصة بهذه الفئات المحرومة ، فضلا عن المساعدات المالية المستمرة، والرواتب الشهرية المنتظمة ، وتشمل الخدمات الإنسانية التي يتم توفيرها من قبل السيد السيستاني إغاثة متضرري الزلازل والفيضانات والكوارث الطبيعية ، من حيث توفير الاكساء والإسكان والتبرع بالدم وتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية الأخرى . 
     ومن جهة أخرى فإننا نرى إن مرجعية السيد السيستاني لم تكن بمنأى عن التطورات والإحداث السياسية السائدة في العالم الإسلامي عموما وفي العراق خصوصاً، فهي تسعى دائما لتقديم صورة الشخصية الإسلامية التي يتناغم فيها الفكر مع العمل ، والعقل مع التجربة ، فنراها سباقة إلى تقديم صور ورأى واضحة وجلية وقاطعة تخص تلك الإحداث والتطورات والمشاكل السياسية التي تهم العالم الإسلامي عموما و على رأسها القضية الفلسطينية وما يعانيه إخواننا في فلسطين الجريحة من ظلم وقمع واضطهاد من قبل الصهاينة المحتلين ، فقد كان موقف المرجعية العليا في النجف الأشرف من هذه القضية بالذات موقفا مشرفا شانها في ذلك الشأن نفسه من قضية طرابلس الغرب والجزائر المناضلة وأحداث الفرنسيين في سوريا ولبنان والعراق في ظل الانتداب البريطاني وقضايا كشمير وباكستان والهند وأفريقيا .
وعند الهجمات الشرسة الفعلية التي يقوم بها الصهاينة من قتل الآلاف وقصف بالطائرات وتهديم المنازل وذبح النساء والأطفال … الخ من الجرائم البشعة والوحشية ، فقد اصدر سماحة السيد السيستاني (دام ظله) بيانا تناول فيه الأوضاع الجارية في فلسطين المحتلة[67] 
وأما التطورات والأحداث السياسية التي شهدها العراق وخاصة بعد سقوط النظام العفلقي البائد والاحتلال ألا نجلو-أمريكي الذي أعقبه ، فان  لمرجعية السيد السيستاني  دام ظله مواقف صريحة وواضحة وجريئة تميزت بالحكمة والصبر والمسؤولية العليا ، حيث يعتبر السيد السيسستاني المؤسس الأول لدولة العراق المدنية والمتسامحة في المجال التنظيري[68] ،كما ان نتيجة لسقوط النظام وهروب أزلامه والمتآمرين معه ساد البلاد حالة من الفوضى والاضطراب وغياب الأمن مما حدا بالمرجعية إلى إصدار الفتاوى التي تبين حرمة الاستحواذ على الممتلكات العامة باعتبارها ممتلكات شرعية تعود للشعب العراقي ، ودعت إلى حفظ الأمن وأموال الدولة وصيانة حقوق الناس[69] ، وكان من نتائج سقوط النظام أيضا  انتشار الأقمار الصناعية في العراق- بعد أن كانت محظورة  من قبل النظام – ودخول الفضائيات بأنواعها إلى المجتمع العراقي المسلم وما تشنه بعض الفضائيات من غزو ثقافي وفكري غير مرغوب به شرعاً ولهذا بادرت المرجعية بإصدار الفتاوى الشرعية الخاصة بهذه المسالة لحل الإشكاليات الشرعية بنوعيها العقائدي والفقهي التي قد تسببها هذه الفضائيات وذلك لحفظ بيضة الإسلام والهوية الإسلامية للشعب العراقي الغيور[70] ،كما دعت إلى وحدة الصف العراقي بمختلف انتماءاته وعرقياته وعدم التفرقة والابتعاد عن الأحقاد والضغائن ، وبسبب فقدان الأمن والنظام دعت المرجعية الدينية بزعامة السيد السيستاني (دام ظله) إلى عدم القصاص من أزلام النظام البائد والذين تعاونوا معه، حتى يتم تشكيل المحاكم الشرعية لغرض عدم سفك دماء الناس من دون حجة أو بينة قانونية وهذه قاعدة أساسية لبناء صرح دولة القانون[71] ، كما تبنت مرجعية السيد السيستاني الدعوة والمطالبة بتشكيل حكومة وطنية منتخبة ، ودعوة الفصائل والقوى السياسية العراقية إلى عدم الانضمام لأي حكومة معينة غير منتخبة انتخابا حرا وأكدت على ضرورة تشكيل دستور عراقي يحفظ للعراقيين حقوقهم ويضمن سيادتهم الوطنية وانتماءاتهم الدينية ، والتأكيد على إن الدين الإسلامي هو دين الدولة الرسمي.، والتأكيد على ضرورة تقيد المسئولين بالشريعة الإسلامية دستورا ونظاما[72] .
كما بينت المرجعية الدينية موقفها الصريح والجريء الرافض لوجود قوات الاحتلال في العراق ، وأكدت على ضرورة رحيل هذه القوات، وشددت على الشعب على أن يرى المحتل حالة من التذمر من وجوده لا الرغبة والراحة من تواجده ، كما دعت المرجعية إلى ضرورة إعطاء موقف واضح للأمم المتحدة في العراق وان تشارك في عملية اتخاذ القرار السياسي المتعلق به وخصوصاً فيما يتعلق برفض ما يسمى بقانون إدارة الدولة المؤقت[73] .
أما بالنسبة إلى الحكومة الجديدة التي شكلت بعد حل مجلس الحكم المؤقت وذلك لاستلام زمام السلطة من قوات الاحتلال وتسيير شؤون البلاد بيد العراقيين خلال الفترة الانتقالية لحين إجراء الانتخابات العامة لاختيار الحكومة الوطنية المنتخبة ، فقد أكد سماحة السيد السيستاني  ( دام ظله ) على أن هذه الحكومة الانتقالية هي حكومة لا تحظى بالشرعية الانتخابية وإضافة إلى أنها لا تمثل جميع شرائح المجتمع العراقي وقواه السياسية بصورة مناسبة ، ولكن في نفس الوقت أكد سماحته على أن المؤمل من هذه الحكومة إثبات جدارتها ونزاهتها وعزمها الأكيد على أداء المهام الجسيمة الملقاة على عاتقها[74] .
    إن سماحة السيد (دام ظله) سبق آن أكد مراراً على ضرورة أن تكون الحكومة العراقية ذات سيادة منبثقة من انتخابات حرة نزيهة  يشارك فيها أبناء الشعب العراقي بصورة عامة ، ولكن لأسباب كثيرة معروفة تم استبعاد خيار الانتخابات ، فبين مماطلة وتسويف وممانعة وتخويف انقضى الوقت الذي يفترض آن يستعيد فيه العراقيون السيادة على بلدهم وهكذا آل الآمر إلى التعيين لتشكيل الحكومة الجديدة .
    إن التحفظ من قبل المرجعية الدينية تجاه هذه الحكومة وعدم الطعن بها جاء نتيجة للظروف الصعبة التي يمر بها العراق ولانعدام الأمن والاستقرار والخوف من حدوث الفوضى التي تؤدي إلى سوء العواقب وبالتالي إدخال العراق في حالة من العنف والصراعات السياسية التي تؤدي بالنتيجة إلى حافة الهاوية.
ولعل من ابرز المواقف الخالدة التي سجلت للمرجعية الدينية بزعامة السيد السيستاني (دام ظله)في سفر تاريخ العظماء إضافةً إلى مواقفها السابقة ،هو موقفها المشرف في حل أزمة النجف الأشر ف خصوصاً والمدن العراقية الأخرى عموماً وهذه الأزمة قد اندلعت في شهر أب عام 2004 ،حيث عجزت كل الأوساط السياسية والدول المجاورة والدول الإسلامية ودول العالم الأخرى عن إيجاد مخرج وحل لهذه الأزمة وكان السيد السيستاني (دام ظله) قد سافر للعلاج خارج العراق قبل اندلاع الأزمة بأيام اثر أزمة قلبية مفاجئة آلمت بسماحته،إلا انه قطع رحلة العلاج وعاد إلى ارض الوطن في الثامن من رجب 1425هـ،الموافق 25/8/2004م وذلك من اجل حقن الدماء في النجف الأشر ف فقدم مبادرة السلام الخالدة في يوم الخميس 26/8/2004،الموافق التاسع من رجب 1425هـ[75]، وبعد نداء وجهه سماحته إلي أبناء المرجعية الموقرة للتوجه إلى مدينة النجف الأشر ف وعلى الرغم من إن سماحة السيد لم يلزم أحداً بالتوجه إلى هذه المدينة المشرفة ، حيث سئل سماحته هل ترون وجوب الذهاب في هذا الموكب ؟ فقال ما مضمونه" لا ألزم أحداً وليس من عادتي الإملاء على احد ولكني ذاهباً في الغد إلى مدينة شرفها الله قاصداً حقن الدماء فيها ، فمن لحق بركبنا فحياه الله" ، فاستجابت القلوب قبل الأجساد لرغبة مرجعهم وقائد مسيرتهم ، فاحتشد مئات الألوف من أبناء الشعب العراقي على طول الطرق المؤدية إلى مدينة النجف الأشر ف حيث توجهوا جميعهم إلى هذه المدينة المقدسة ، يتقدمهم سماحة المرجع الأعلى الإمام السيستاني (دام ظله) وهنالك عرض مبادرته للسلام التي تنص على إخلاء المدينة من مظاهر التسلح وانسحاب القوات المحتلة منها وفرض سيادة القانون ،وكان لهذه المبادرة نتائج طيبة ومثمرة في عودة الأمن والسلام إلى مدينة السلام  (النجف الأشر ف) خصوصاً والى بقية المدن العراقية عموماً ، وقد قدم سماحة السيد السيستاني (دام ظله) شكره إلى جميع المؤمنين الذين تحملوا مشقة السفر إلى المدينة المقدسة تزامناً مع عودة سماحته إليها ، وفي الوقت نفسه أبدى سماحته حزنه وأسفه على سقوط عدد من الأبرياء بين قتيل وجريح أثر تعرضهم لأطلاقات نارية[76]خلال رحلتهم تلك[77] .
   وقد سجلت هذه المواقف للإمام السيد السيستاني (دام ظله) بأحرف من نور ، ومدحه الكثير من الشعراء في قصائدهم ، واصفين علمه وزهده وتقواه والمنزلة الرفيعة والمرتبة العالية التي وصل إليها سماحته في العلم والدين والأخلاق، ومن بين هؤلاء الشعراء العلامة الدكتور محمد حسين علي الصغير حيث خاطب سماحة السيد السيستاني بعد تسلمه شؤون المرجعية قائلاً[78] 
 
أعاد إلى الإسلام أيام عــزه      وجدد من أثاره وتعهــــــدا
فتىً لا ينام الليل إلا غــرارةً       ولا يألف الإصباح إلا تنهــــدا
يؤرقه حال اليتامى فيرتعــي       طيوفاً من البلوى 00 فيوسعها نـدى
ويحزنه أن (الفقير) بحاجــة       فيكفله قوتاً،وسكنى ومــــوردا
وهمته القصوى بإشباع جائـع      واكساء عريان وإسعاف من شــدا
تناهت حقوق المسلمين لأهلها       سواء لديه من تدانى وابعــــدا
يروض بالتقوى وبالزهد نفسه       ويلزمها نهجاً من الضيم احمـــدا
أعان علياً في سدادٍ وعفــةٍ        فكان مثالاً للقداسة معـــــردا
وإني في أمجاده وسماتــه         إذا قلت شعراً اصبح الدهر منشـــدا
 
 
 
 
السيد السيستاني ومعالم الدولة العراقية الجديدة:
بعد انهيارالحكم البعثي المجرم ودخول العراق في مرحلة جديدة تتطلب المثابرة والعمل الجاد في تحقيق طموحات الشعب ابعراقي المسلم ،نرى المرجعية الدينية وبزعامة السيد السيستاني قد تصدت لواقع دولتي على أرض العراق أثر سقوط الصنم البعثي وقيام عراق جديد على أنقاضه.
فكانت لسماحته (دام ظله)أبرز النظريات والمعالم الفكرية والسياسية التي ساهمت وبشكل فعال في بناء وتأسيس الدولة العراقية المدنية وهي كالآتي:
1.تمكين الشعب العراقي من ممارسة حقه في اختيار دستوره ونوابه في اطار انتخابات عامه نزيهة وباشراف دولي.
2.ضمان مشاركة أوسع قطاعات الشعب العراقي في هذه الانتخابات.
3.التصدي لعوامل الفتنة المذهبية والطائفية والعرقية التي أججها الاحتلال والجماعات التكفيرية وبقايا النظام السابق،انطلاقاً من أنها تهدد حاضر ومستقبل العراق شعباًووطناً ودولة،والتصدي لكل المحاولات والاصوات التي تسعى الى الانزلاق والتحريض على الفتنة تحت ذرائع الفعل ورد الفعل.
4.تأكيد المشتركات الجامعة للاسلام الموحدة لمجموع المسلمين بمختلف مذاهبهم ورفض الاحتكام الى ما يختلف عليه باعتباره جزئياًوموروثاً تاريخياً لا يضر ولا ينتقص من المشتركات التي تبقى جوهر وروح الاسلام الحنيف.
5.تأكيد حماية الاقليات الدينية وحقها في ممارسة شعائرها بحرية وتمتعها الكامل بحقوق المواطنة ورفض أي شكل من أشكال التمييز بحقها .
 6.تأكيد حق المرأة كاملاً في العمل والوظائف والحقوق والواجبات التي يكفلها الدستور لكل مواطن بغض النظر عن دينه أو جنسه أو عرقه. 
7.تأكيد المصير المشترك للعراق في اطاره العربي والاسلامي من خلال دعمه لنضال الشعب الفلسطيني في مواجهة السياسات الاحتلالية العنصرية الاسرائلية ووقوفه الى جانب شعب فلسطين في تقرير مصيره واستقلاله على ارضه وادانة السياسة العنصرية الاسرائلية تجاه شعب فلسطين.
7.تأكيد حسن الجوار مع المحيط العربي والاسلامي مع التأكيد رفض التدخل في الشؤون العراق الداخلية من أي جهة أتى.
8.احترام المواثيق والشرعية الدولية والهيئات الدولية وفي مقدمتها الامم المتحدة باعتبار العراق عضواً فاعلاً ومؤسساً لها.
9.الانحياز الى جماهير الفقراء والمضطهدين والمهمشين والدعوة الى انصافهم ورفع الضيم عنهم.
10.ترشيد العملية السياسية الجارية بالبلاد مع تحديد دور رجل الدين في السلطة السياسية وذلك لأبقاء المرجعية الدينية في موقهعا الاساسي من قيم الامة والحفاظ على مكانتها العقائدية والفقهية النفسية،واعطاء للفاعليات السياسية فرصتها المهمة في صناعة الادوات المحركة للسياسة والحكم وادارة البلاد. 
11.ان السيد السيستاني بدوره الدستوري في الدولة العراقية أبان عن ماهية الفقه الشيعي الذي لا يخضع لقواعد الاجتهاد الاحادي بقدر ما تحكمه أطر ومقتضيات الزمان والمكان وحاجة الانسان في أقاليم الاسلام الى دولة تتسع لأشواقه.
12.التأكيد وبصورة مستمرة على تحويل القواعد القانونية الى احكام اجرائية للاسراع ببسط العدالة الاجتماعية واقامة الدولة العادلة،لكي يتم تنزيه مؤسسات الدولة من اختلالات الممارسة السياسية.
13.تسييج الشعب العراقي بأطر التسامح والتوادد والمحبة والألفة بين مكوناته.
14.ترتكز الدولة في فهم السيد السيستاني على تراث الاسلام ومطلب الحرية وتستدعي البنية التاريخية على أساس الاستلهام وليس التوقف عند التراث بما هو عقبة في طريق التجديد وحافز لاستدعاء النصوص الناهضة.
15.ان المسؤول عن الامن وتلبية الخدمات على كافة المستويات وتوفير الحياة الحرة الكريمة هي الدولة،ومسؤولية المرجع هي التسديد والنصح والتنبيه،لأن المرجع يضطلع بمهام لها علاقة بالامة وتطلعاتها المشروعة ،وان المرجعية الدينية ليست بديلاً من مرجعية الدولة.
16.التركيز على الوحدة الوطنية لأنها القاعدة التي يستند عليها البناء الاجتماعي ويجب الحفاظ عليها في ظل الظروف الاجتماعية والسياسية والامنية الحرجة والصعبة.
17.ان ادارة الامور الحسبية عند السيد السيستاني تعدت الجانب الفقهي لها عبر الاهتمام بالشؤون الاجتماعية وكفالة المؤسسات الدينية الى الاهتمام بالجانب السياسي من خلال كفالة الامة وحاجاتها ومطاليبها السياسية واهدافها العقيدية ما دام الامر يتعلق بالمسقبل وحاجة الشعوب الاسلامية الى نظام يتكفل بالحرية والحقوق المدنية وحاجة الامة الى قيادة ترعى مسيرتها الاجتماعية وآمالها في الحياة الحرة الكريمة.
وهناك العشرات من النظريات والمعالم الفكرية التي صاغها السيد السيستاني في تأسيس الدولة العراقية المدنية الفتية لا نستطيع تبيانها وذكرها في هذا البحث المختصر ونتركها الى الباحثين والمختصين في هذا المجال لتفصيلها واشباعها بما تخدم العملية السياسية العراقية.
 
 
  
 
 
 
 
   
الخـلاصة
تعرَّف المرجعية الدينية على أنها الجهة التي يرجع إليها عامة الناس للنظر في أمور دينهم ودنياهم (وإدامة لحيوية الشرع والتشريع) ، ولهذا سمي المرجع الديني (بالمرجع) وتنبع أهمية المرجعية الدينية من كونها الامتداد الطبيعي للنبوة والإمامة والوريث الشرعي لهما في تطبيق الأحكام الإلهية على الأرض وفق ما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، كما ترجع أهميتها الى الجذر التاريخي الأصيل لهذه المؤسسة التي يعود تأريخ نشوئها وتأسيسها الى زمن الرسول الأعظم محمد (ص) وأهل بيته (ع) ، وقد تأسست هذه المؤسسة المباركة على يد أئمة أهل البيت (ع) وخصوصاً الإمام الباقر والإمام الصادق(ع) اللذين يبدو أثرهما واضحاً على نشوء وتطور هذه المؤسسة وذلك من خلال الجامعة الفقهية العلمية والفكرية التي قاما بتأسيسها ، والتي تخرج منها اكثر من أربعة آلاف طالب في مختلف العلوم الإنسانية والطبيعية ، ولكونها ترجع الى هذا المنبع الأصيل والامتداد الطبيعي له في عصر الغيبة الكبرى ، وحسب الروايات المروية عن أئمة أهل البيت وتحديداً الروايات المروية عن الإمامين العسكري والحجة المنتظر (ع) ، ( السابق ذكرهما في الفصل الأول من هذا الكتاب ) فإن للمرجعية الدينية قدسية ومكانة عظيمة في قلوب الشيعة الإمامية ولكون المرجعية الدينية الامتداد الصحيح لخط الولاية جعلتها تحمل المسؤولية العظمى تجاه قضايا الإسلام والمسلمين في التصدي لكل الغزوات الفكرية والعسكرية الداخلية منها والخارجية ، وتتعامل معها حسب الظروف والمراحل المتاحة لها ، فقد مرت المرجعية الدينية بمراحل وأدوار مشابهة للمراحل والأدوار التي مر بها النبي الأكرم وأهل بيته (ع) ،والمتتبع لتاريخ الائمة (ع) ومواقفهم الخالدة ضد الحكام الطغاة والحركات السياسية المنحرفة عن خط الولاية ، يلاحظ انهم (ع)قد رسموا خطوطاً سياسةً عدة في هذه المواقف ، فهم لم يؤيدوا او يساندوا فكرة الثورات والمواجهات المسلحة ،التي يخرج فيها الدعاة إليها في اغلب الاحيان وذلك لعدة اسباب اهمها :  
1-    عدم توفر الظروف الملائمة والقدرات والإمكانيات اللازمة  لنجاح هذه الثورات .
2-    ضعف التأثير والتغيير او محدوديته والذي يمكن ان ينتج من هذه الثورات .
3-    اغلب هذه الثورات كان الدعاة إليها يريدون الوصول الى السلطة او تحقيق اهداف شخصية مثل ثورة محمد المعروف بذي النفس الزكية واخيه ابراهيم ابني عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن ابي طالب .
4-    التأثير السلبي لهذه الثورات على المصالح العليا للاسلام والمسلمين ،ومثال على ذلك ان امير المؤمنين قد تنازل عن حقه الثابت في الخلافة وذلك حفاظاً على بيضة الاسلام والمصالح العليا للمسلمين ،حيث قال : (ووالله لأسلمن ما سلمت امور المسلمين ولم يكن فيها جور الا علي خاصة ) -نهج البلاغة –خطبة74-،كما اننا نجد الامام علي (ع) قد انسجم مع حركة الخلفاء السياسية العامة وكان يقدم النصح والمشورة والتأييد لهم من اجل المصالح الاسلامية العامة . 
5-    الخوف من القمع والضرر الذي قد يقع على المسلمين جراء هذه الثورات .
6-    عدم وصول مستوى الانحراف والظلم الذي يمارسه بعض الحكام تجاه الناس والاسلام الى الحد الذي يستوجب اللجوء الى هذه الثورات كخلافة عمر بن عبد العزيز.
من جانبٍ اخر فأن الائمة (ع) لم يساندوا أيضاً بعض الحلول السياسية السلمية التي التجأ اليها بعض الحكام او دعاة الحركات السياسية لأنها لا تحتوي على الضوابط الشرعية المنصوص عليها في الشريعة الاسلامية المقدسة ، مثلما حدث مع الامام الحسين (ع)في اصراره على قتال يزيد بن معاوية وعدم التفاوض معه ،(راجع كتاب مقتل الامام الحسين –ع-، عبد الرزاق المقرم) .
وخلاصة القول ان الائمة (ع) يضعون المصالح العليا للإسلام فوق كل اعتبار ، وهم الاصلح لتشخيص هذه المصالح وبالتالي هم الاقدر على تحديد وتمييز الظروف الملائمة لكل تحرك سياسي سواء كان التحرك سلمياً ام عسكريا ،لذلك لابد من الرجوع اليهم (ع) في كل التحركات السياسية واخذ المشورة والأذن منهم حتى تكون هذه التحركات السياسية صحيحة وشرعية ،والدليل على ذلك انهم قد أيدوا بعض الثورات التي قامت بوجه الحكام الطغاة من العباسيين لأن أصحاب هذه الثورات قد استشاروا الأئمة (ع) في القيام بالأعمال المسلحة ضد هؤلاء الطغاة وكان هدفهم هو إرضاء الله سبحانه وتعالى ونيل الرضا من ال محمد (ص) مثل ثورة زيد بن علي وثورة الحسين بن علي –فخ- (راجع كتاب عيون أخبار الرضا للصدوق –2: 225-226 ح1 )،أما فيما يخص موقف المرجعية من هذه التحركات السياسية فأنها بذلك تسير وفق ما رسمه الأئمة (ع) فهي ترى ان التحرك السياسي ومهما كان نوعه لابد ان يكون قائماً على أساس موازنة تقدم المصالح العليا للإسلام والامة الإسلامية على المصالح الخاصة ، فتارة نراها وحسب مقتضى الحال تتصدى عسكرياً وميدانياً للانحراف والتدهور الذي حصل نتيجة الأعمال الشيطانية للحكومات الظالمة والاستكبار العالمي ، بالدم والنفس والمال ، وتارة أخرى نراها تسلك طريقاً آخر وهو التصدي الفكري والسياسي السلمي تجاه قضايا تراها وفق هذه المرحلة ، تماماً كما فعل أئمة أهل البيت (ع) ابتداءً من الإمام علي (ع) وانتهاءً بالإمام العسكري (ع) .
وهذه الأدوار والمواقف التي قامت وتقوم بها المرجعية الدينية منذ بداية نشوئها والى أن يأذن الله سبحانه وتعالى لصاحب الأمر( عج) بالظهور ، قد بينت المسؤولية الكبيرة الملقاة عليها وعلى من يمثلونها من الفقهاء العظام والعلماء الأعلام الذين هم النواب الشرعيين عن الامام الحجة بن الحسن (عج) بنصه الشريف المثبت في بطون الكتب المعتمدة لدى الشيعة ( راجع الفصل الأول من هذا الكتاب )، حيث أن من مسؤولياتهم الكبرى الحفاظ على بيضة الإسلام وقضاياه العادلة ، وإحقاق الحق وإزهاق الباطل ونشر العلم والمعرفة والقضاء على الجهل والتخلف في المجتمع، لا تأخذهم ولا تمنعهم في الله لومة لائم ، لأن همهم الأكبر هو إرضاء الله عز وجل وتنفيذ أوامره .
أما بالنسبة للقيادة السياسية فترى المرجعية الدينية على وجوب وجود قيادة سياسية ترعى شؤون الأمة وتتولى أمرها ، نحو تحقيق العدل والرفاهية لدى الناس ، وتشكل القيادة السياسية ركناً أساسياً من أركان الإسلام الخالد ، لما لها من أهمية عظمى في حياة الإنسان والإنسانية ، فهي تضمن حقوق الناس ولو بالحد الأدنى كما تعمل على بناء المجتمع وبصورة منظمة نحو الرقي والسعادة وتؤكد المرجعية الدينية على ضرورة القيادة السياسية ولو بنحو مطلق في الظروف التي لا تتمهد فيها الأرضية للقيادة السياسية المطلوبة لأسباب شرعية ، وكما فعل أمير المؤمنين (ع) عندما منع من الخلافة وذلك بعدما اغتصبت منه من قبل الشيخين ، فكان التكليف الشرعي الذي كان يراه أمير المؤمنين (ع) هو التقية وترك الخلافة لهم حتى يحافظ بالقدر المستطاع على البقية الباقية من مسيرة نور الرسالة الإلهية واختياره (ع) عين تكليفه ، فهو ميزان لا يحيد عن الحق لسانه ( راجع الفصل الثالث من هذا الكتاب ).
وعلى ضوء هذه الحالة ترى المرجعية الدينية إن القيادة السياسية غير الشرعية أفضل من مجتمع يسوده الفوضى وذلك لأنها ولأجل المحافظة على ديمومتها وإبعاد الخطر عنها فإنها تعمل على تحقيق الأمن لجميع فئات المجتمع الذي يضمن استمرارية الحياة للأخيار والفجار على حدٍ سواء ، لذلك فإن حكومة الأمير الفاجر أفضل من لا حكومة تسودها الفوضى والفتن .
كما تقوم المرجعية الدينية برسم خارطة العمل السياسي الصحيح وفق ما جاء من بيت العصمة ووفق ما أشار اليه الدليل العقلي المشفوع بالدليل النقلي،لكي تشرع هذه الأعمال وترسمها بالكيفية والمنهجية الصحيحة حتى تكون حجة أمام الله سبحانه وتعالى يوم الحساب .
اذن فالعمل السياسي ومهما كان نوعه يحتاج الى مشرّع دقيق وذو حنكة وعلمية سياسية عالية ، حتى يستطيع التعامل مع القضايا السياسية الداخلية والخارجية وتحجيم دور أعداء الأمة الذين يتربصون بها الدوائر من أجل فتح باب على قادتها وخطها لإيقاعها في وحل الصراع والضياع ليخدم بذلك مصالحهم الفاسدة والمفسدة من خلالها ، كما تعتبر المرجعية الدينية مسألة الولاء والبراءة ،الإطار السياسي الذي يرسم السياسية الداخلية والخارجـــية للدين الإسلامي ، حيث يشكلان ( الولاء والبراءة) في الدين الاسلامي والحكومة الاسلامية المحور الأساسي والرئيسي للتعامل مع المجتمعات والحكومات الأخرى ، وكذلك يعتبر الخط السياسي للمقاطعة والمواصلة ، وليس الحدود المصطنعة أو الحدود الطبيعية هي التي ترسم الخارطة السياسية بل يرسمها الولاء والبراءة ، الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين والبراءة من أعداء الله ورسوله والمؤمنين ، ولا يوجد فاصل أو قاطع بين المسلمين إلا الولاء والبراءة ، ولقد حاول الاستعمار والعملاء أن يفرقوا بين مجتمعنا المسلم وذلك من خلال خلق الحروب ودس الأفكار الخبيثة والبديلة عن هذين المحورين الأساسيين وهما الولاء والبراءة ، لكي يطبقوا شعارهم ( فرّق تسد ) من أجل القضاء على الإسلام والهيمنة على ثروات المسلمين ، فقاموا بافتعال أزمات وشبهات من قبيل النعرات والدعوات الطائفية والقومية واستغلوها ضد مراجع الشيعة وعلمائهم ،  فهذا المرجع فارسي ، وهذا أفغاني ،وذاك باكستاني ولا يحق لهم التدخل في شؤونكم الوطنية لأنهم يختلفون عنكم بقومياتهم ، فظنوا أنهم يوهمون الناس بذلك الكلام ، فأرادوا تأطير الدين بإطار العرف أو القومية وتناسوا قوله تعالى ( وما أرسلناك إلا كافة للناس ) وقوله تعالى ( وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) وبطبيعة الحال أن المثقفين في هذه الأمة المسلمة يعرفون أنه لا فرق بين أعجمي وعربي إلا بالتقوى وهذه كلمة قالها رسول الله (ص) ، كما أن سلمان الفارسي (رض) الذي خاض معارك كثيرة مع الرسول الأعظم (ص) ، والذي نصب والياً للمدائن في زمن الخلافة المغتصبة هو من أصل فارسي ، وهو الذي قال فيه رسول الله (ص) { سلمان منا أهل البيت }.
لقد قامت المرجعية الدينية الشيعية بدور كبير في حفظ مبادئ وقيم الإسلام وعزل جماهير الأمة دينياً عن الحكومات الجائرة وأحكامها الوضعية الدنيوية ، والفصل بين الحكومة و الدين،لا بين الدين والسياسة[79] حيث تصدت المرجعية الدينية للعمل السياسي منذ نشوئها واستندت في عملها هذا على محوري الولاء والبراءة اللذان يرسمان خارطة العمل السياسي والإطار السياسي ، لكل الفعاليات والأنشطة السياسية ، وكما قلنا قبل قليل.
والمرجعية الدينية على أساس ذلك تشكل القاعدة الأساسية الشرعية ، التي تنطلق منها الفعاليات السياسية وتحدد الإجراءات والأنشطة التي تقوم بها ، لأجل تحقيق أهدافها لرعاية المصالح العليا للأمة الإسلامية والحفاظ على قضاياها الأساسية ، ولذلك يكون العمل السياسي الذي يستند في ولاءه للمرجعية الدينية هو العمل السياسي الصحيح. 
كما أن هنالك مسؤوليات أخرى للمرجعية الدينية وهي الكشف عن الأفكار والحركات الفكرية المنحرفة عن الإسلام والدخيلة عليه ، والتصدي لهذه الانحرافات والشبهات ومقاومتها سواء كانت انحرافات داخلية وهي المتمثلة بحركة النفاق والارتداد ، أو انحرافات خارجية تعيش داخل المجتمع الإنساني عموماً ، وهنالك تيارات وحركات فكرية منحرفة مختلفة ومتعددة تظهر في كل عصر وبنفس الأدوار ولكن باختلاف الممثلين ،الذين يقومون بإثارة الشبهات والاستفهامات حول العلماء الأعلام ، من قبيل إصدار الكراسات والبيانات الفاقدة للمضمون العلمي الصحيح والمحملة غالباً بالدسائس الصهيونية الشيطانية أوالتي تكون نابعة من هوى النفس والأنا ، لغرض تضليل الأمة وخداعها من خلال زعزعة الثقة بعلمائها ، وكان من بين التيارات الفكرية المنحرفة التي غزت العالم الإسلامي هي ( الوهابية والشيوعية والعلمانية ) ، حيث وضحت المرجعية الدينية بكل الوسائل والطرق جسامة خطر هذه الأفكار على الدين والمذهب ، وطرق التغلب على هذا الخطر وإيقافه ، وبعناية صاحب العصر والزمان الإمام الحجة بن الحسن (ع) ، وقد سجل المراجع العظام مواقف جهادية ونضالية مشرفة ومشهودة في الدفاع عن مصالح الإسلام العليا ، وتأكيداً لمواصلة الأدوار التي قام بها أئمة أهل البيت (ع) ، وتراوحت هذه المواقف الجهادية بين التصدي الفكري والسياسي السلمي من جهة وبين التصدي العسكري والميداني من جهة أخرى ، فقد تصدى العلماء الأعلام والمراجع العظام للحكومات العميلة القائمة في البلاد الإسلامية والاستكبار العالمي المهيمن على بلاد المسلمين حينما كانت تعرض عن قوانين الإسلام وتعاليمه ، وتحاول فرض القوانين والسلوكيات الكافرة والعمل عليها وبدعم من الاستكبار العالمي لإضعاف الدين الإسلامي، فوقف العلماء والفقهاء في وجه تلك الحكومات والاستكبار موقفاً بطولياً وخالداً لرفض كل أنواع الانحراف والمضاعفات التي تحرف أو تبعد المجتمع الإسلامي عن مبادئه وأسسه الأصيلة ، ومن أجل هذه المواقف المبدئية للمرجعية الدينية الشيعية ، كان رجال الدين يشكلون عقبة كئودة في طريق أنظمة الحكم الفاسدة القائمة في البلاد وعلى القوى الأجنبية من ورائها على مر التاريخ ، والتي كانت تحسب ألف حساب  لتحركات العلماء والفقهاء ، وتخطط بقتل الشخص و الشخصية منهم أو بإضعافهم أو إسكاتهم وبكل وسيلة كانت حتى ولو كان ذلك بالسجن والتعذيب والقتل ، كما ان هذه القوى تحاول تضليل العامة من خلال تشويه سمعة العلماء والنيل منهم وذلك لعزل القاعدة الجماهيرية عنهم ومن ثم تضرب ضربتها وتنال مناها ، خدمة للاستكبار الغربي ومصالحه المادية الفاسدة .
 وملخص القول ان المرجعية الدينية تعتبر المركز القيادي الأعلى للشيعة الأمامية كما كان دور الإمامة في إدارة شؤون الأمة وإدارة أحوالها الدينية ، ويكون المشرف على المرجعية في كل القضايا والأمور هو _ المرجع الديني _ ، ولقد كان للمرجعية الدينية الدور المهم في عملية بناء الأمة وبهذا البناء وبهذا الجهد ولِدَ جيلاَ إسلامياَ وتياراً شيعياً  شكّل جدارا ًمتراصاً للمرجعية بوجه الأعداء الذين يريدون ان يطفئوا نور الله بأفواههم ، ولعل التخطيط الإلهي الحكيم كان وراء تعدد المرجعيات الأمر الذي وقف حائلاً دون القضاء على مدرسة أهل البيت حيث اقتضى الأمر أن تتوزع حوزات الشيعة في بقاع إسلامية مختلفة والتي من أهمها حوزة النجف الأشرف وقم المقدسة .
إذن فالعلماء من الناحية الفكرية والنظرية لهم موقع رئيسي وأساسي في المجتمع الاسلامي وهو قيادة الأمة وتوجيهها وإبلاغ الرسالات الإلهية ، وكذلك من الناحية العملية والواقعية نجدهم يتحملون هذه المسؤولية ويقدمون مختلف ألوان التضحية والفداء فيصل بعضهم الى منزلة الشهادة ، والبعض الآخر ينتظر مصداقاً لقوله تعالى : { من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً} ألاحزاب 23 ، وسيبقى نظام المرجعية الدينية الذي أنشأه الأئمة المعصومين (ع) ، بإذن الله تعالى ورعاية صاحب العصر والزمان الملاذ الوحيد والآمن للشيعة الإمامية خصوصاً وللمسلمين عموماً يرجعون إليه في كل أمور دينهم ودنياهم .
 
 
 
 
المراجع والمصادر
1. القرآن الكريم
2. الحوزة العلمية ـــ آية الله المجاهد السيد الشهيد محمد باقر الحكيم . قم ـــ دار الحكمة ط1 سنة 1424هـ.
3.  مرجعية الإمام الحكيم ـــ آية الله المجاهد السيد الشهيد محمد باقر الحكيم . قم دار الحكمة ط1 سنة 1424هـ.
4. المرجعية الوحدة الجهاد ـــ آية الله المجاهد السيد الشهيد محمد باقر الحكيم .
5.  المرجعية الدينية للمرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم (دام ظله)  .
6. لمحات من حياة الإمام السيد الخوئي (قد) ـــ هاشم فياض الحسيني ، بيروت ــ دار الإسلامية ط1 1417هـ.
7. لمحة موجزة من حياة المرجع الديني الكبير السيد محمد سعيد الحكيم . دار الهلال ، ط1 سنة 1424هـ.
8. آية الله المجاهد السيد محمد باقر الحكيم ، إطلالة على السيرة الذاتية   ـــ محمد هادي .
9. وسائل الشيعة ـــ محمد بن الحسن الحر العاملي ، قم مؤسسة آل البيت 1409هـ.
10. الأصول العامة للفقه المقارن ـــ السيد محمد تقي الحكيم .
11. الفهرست ــ الشيخ الطوسي ، النجف الأشرف المكتبة الرضوية .
12. نهج البلاغة  ـــ شرح لأبن أبي الحديد المعتزلي ، قم دار الهجرة للنشر.
13. شرح نهج البلاغة لابن ميثم البحراني.
14. كنز الفوائد ــ أبو الفتح الكراجكي  ، قم دار الذخائر، 1410هـ.
15. بحار الأنوار ــ العلامة المجلسي ، بيروت مؤسسة الوفاء 1404هـ.
16. مستمسك العروة الوثقى ــ الإمام محسن الحكيم .
17. منهاج الصالحين والمسائل المنتخبة ـــ الإمام الخوئي.
18. عيون أخبار الرضــا ـــ الشيخ الصدوق ، قم دار العالم للنشر 1378هـ.
19. أهل البيت تنوع أدوار ووحدة هدف ـــ آية الله العظمى السيد الشهيد محمد باقر الصدر .
20. حديث الشمس ـــ الإمام الخميني .
21. الغيبة ـــ الشيخ الطوسي ، قم مؤسسة المعارف الإسلامية 1411هـ .
22. المرجعية وحركة الواقع ـــ محمد حسين فضل الله ، بيروت دار الملاك 1418هـ .
23. المعجم الوسيط ـ ابراهيم مصطفى ، واخرون ، تركيا 1414هـ .
24. معرفة الرجال ـــ 
25. ميزان الحكمة ــــ محمد ري شهري ، مكتب الاعلام الاسلامي –قم- 1372.
26. فقه الحضارة ، أ . د محمد حسين الصغير
27. أساطين المرجعية العليا المعاصرين  أ . د محمد حسين الصغير
28. معجم بلغة الفقهاء .
29.كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال – المتقي الهندي(888 - 975 هـ )
30.غرر الحكم ودرر الكلم – عبد الواحد بن محمد التميمي الآمدي .
31.ذكرياتي مع الشهيد مرتضى  المطهري - العلامة الشيخ علي الدواني 
32.التاريخ الإسلامي دروس وعبر- العلامة السيد محمد تقي المدرسي
33.الإنفاق والإخلاص – العلامة الشهيد السيد عبدا لحسين دستغيب( شهيد المحراب)
34. نظرية المعرفة – العلامة الشيخ جعفر السبحاني  
35.قصص وخواطر من أخلاقيات علماء الدين  – الشيخ عبد المهتدي البحراني 
36.تفسير البسملة – آية الله العظمى السيد روح الله الموسوي الخميني (1320-1409 )
37.مذكرات المستر همفر الجاسوس البريطاني في البلاد العربية الإسلامية
38.بروتوكولات حكماء صهيون (الخطر اليهودي) ترجمة الأستاذ محمد خليفة التونسي (أول ترجمة عربية أمينة كاملة مع مقدمة تحليلية في مائة صفحة ) تقديم الأستاذ عباس محمود العقاد طبع دار الكتاب العربي بيروت لبنان 1961م
39.كشف الأسرار –  آية الله العظمى السيد روح الله الموسوي الخميني (1320-1409) ترجمة الأستاذ ابراهيم الدسوقي شتا.
40. الذنوب الكبيرة – العلامة الشهيد السيد عبد الحسين دستغيب (شهيد المحراب)    
41.الحوزة العلمية والمرجعية ج3 ، السيد الشهيد محمد باقر الحكيم.
42. الإمام السيد محمد باقر الصدر في ذاكرة العراق،صلاح الخرسان.
43.منتقى الأصول "تقرير أبحاث السيد محمد الروحاني،السيد عبد الصاحب الحكيم.
44.المرجعية الدينية والعمل السياسي،رزاق مخور داود.
45.معاناة الشهيد الصدر مع الطاغية،السيد كاظم الحسيني الحائري .
46.بين مقاومتين شهيد المحراب،مؤسسة تراث الشهيد الحكيم.
47.السيد محمد باقر الحكيم من النجف إلى النجف،وفاء الجياشي.
48.المذهب الاقتصادي الاسلامي طريق الوسطية.رزاق مخور داود.
49.الاربع عشرة مناهج ورؤى
50. حديث الانطلاق ، حميد الانصاري،قم المقدسة ، 1992م.
51.مواهب الرحمن في تفسير القران ، السيد عبد الاعلى السبزواري ،لبنان،1996 م.
52.معجم رجال الحديث،السيد أبو القاسم الخوئي،بيروت،1988 م.
53.تقريرات المباحث الاصولية،الشيخ محمحد اسحاق الفياض،النجف الاشرف،1989 م.
 54.الموسوعة العربية العالمية . 
55.ويكيبيديا الموسوعة الحرة . 
56مواقع إلكترونية – الانترنت . 
57.إسلام أون لاين . نت . 
58.شبكة الإسراء والمعراج ( إسراج ) . 
59.محمد حسنين هيكل : مدافع آيات الله – دار الشروق – القاهرة – الطبعة الرابعة 1988.
60.آمال السبكي: تاريخ إيران بين ثورتين (1906-1979) – سلسلة عالم المعرفة – الكويت عدد 250 – أكتوبر 1999.
61.فريد هوليدي : مقدمات الثورة في إيران – دار ابن خلدون – بيروت – الطبعة الأولى – 1979.
62.إبراهيم الدسوقي شتا : الثورة الإيرانية ( الجذور – الأيديولوجية ) – دار الوطن العربي – بيروت – 1979. 
 
63..مجلة النور،مؤسسة الإمام الخوئي ، 2004 لندن .
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
الملاحق
الملحق رقم(1)
1. نص فتوى آية الله العظمى الإمام السيد محسن الحكيم (قد) في تحريم الانتماء الى الحزب الشيوعي :
بسم الله الرحمن الرحيم
لا يجوز الانتماء الى الحزب الشيوعي فأن ذلك كفر والحاد أو ترويج للكفر والإحاد أعذكم الله وجميع المسلمين عن ذلك، وزادكم أيماناً وتسليماً. 
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
                                     محسن الطباطبائي الحكيم
                                        22/  شعبان/  1379هـ   
                                                (الختم الشريف)
 
2. برقية الامام الحكيم (قد) الى علماء إيران بخصوص الممارسات الظالمة التي اقترفها شاه  إيران بحقهم :
بسم الله الرحمن الرحيم
( إن الحوادث المؤلمة المتوالية والفجائع المحزنة التي ألمت بسماحة العلماء الأعلام والجامعة الروحية في (قم) أدمت قلوب المؤمنين والمتدينين وأوجبت تأثرنا الشديـد ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ) أملي أن حضرات العلماء بأجمعهم ينزحون الى العتبات المقدسة حتى أقولها كلمة صريحة في الدولة ).
                                      
                                               محسن الطباطبائي الحكيم
1382هـ
(الختم الشريف)
 
 
 
 
3. نص فتوى آية الله العظمى الإمام السيد محسن الحكيم (قد) في تأييد جماعة العلماء:
بسم الله الرحمن الرحيم
 
 ( إن جميع ما أصدره فريق من أعلام أهل العلم بإسم جماعة العلماء في النجف الأشرف ، وما سيصدرونه من النشرات ، وغيرها مما يتضمن الدعوة الى دين الاسلام لهو من أهم الوظائف الشرعية التي يجب القيام بها في سبيل إعلاء كلمة الدين ، وترويج مبادئه الشريفة وتعاليمه المقدسة ، فعلى عامة المسلمين العمل على مؤازرتهم والوقوف الى صفهم ومشاركتهم في تحمل هذه الدعوة الدينية المباركة ).
                                              محسن الطباطبائي الحكيم
                                                   27/ ج2/ 1378هـ                                                                                   (الختم الشريف)
ملحق رقم (2)
1- نص فتوى الامام السيد ابو القاسم الموسوي الخوئي حول تحريم الانتماء الى الحزب الشيوعي : 
بسم الله الرحمن الرحيم
( سبق ان اجبنا عن نظير هذا السؤال إجمالا والتفصيل : إن الشيوعية كعقيدة فلسفية تناقض اصول الإسلام فهي كفر والحاد ، وإنها كنظام اقتصادي واجتماعي تناقض قوانين الإسلام التي يجب على المسلمين كافة الدعوة اليها ، كما يحرم عليهم الدعوة الى غيرها من النظم الاجتماعية لان الإسلام وحده خيرة رب العالمين ورسالة خاتم النبيين [ ومن يبتغٍ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ] ) .  
 
أبو القاسم الموسوي الخوئي
                                                      1379 هـ
                                                   ( الختم الشريف )   
2. مقتطفات من كلمة الإمام السيد الخوئي (قد) بالنسبة للقضية الفلسطينية :
(إن النكبة التي أصابتنا في صراع المسلمين مع اليهود والقوى الكافرة المتعاونة معهم قد أدمت قلوبنا ، وأن هذا الحق المغتصب يجب أن يسترد على أيدي المسلمين بمختلف قومياتهم وأن يكونوا يداً واحدة في رد كيد اليهود ودحـــرهم متمسكين بقوله تعالى       ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ) كما نوصي حكام البلاد الإسلامية جميعاً بنبذ خلافاتهم واتخاذ موقف حازم موحد تجاه أعداء الإسلام وليطمئن المسلمون العرب الى إخوانهم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها أن يقفوا جنباً الى جنب في معركتهم هذه ، وعليهم الدفاع عن أنفسهم وكرامتهم ، وينبغي أن نجاهد جميعاً بالغالي والنفيس للدفاع عن كيان الإسلام والقضاء على إسرائيل الكافرة ….).
 
3. نص فتوى آية الله العظمى الإمام السيد الخوئي (قد) في تأييد جماعة العلماء:
بسم الله الرحمن الرحيم
( ان النشرات الدينية التي يتولى إصدارها ( جماعة العلماء) والتي أقبل عليها المسلمون في كل مكان ، وعرفوها بأنها دعوة إسلامية خالصة لوجه الله تعالى لهي بلا ريب تستمد دعوتها من القرآن ، وتأخذ أهدافها من تعاليم الدين ، فعلى المسلمين أن يسترشدوا بها أبداً ، وأن يتدبروا حقائقها ويعملوا بما جاء فيها من نواميس إسلامية تسعد حياة المسلمين ، وعليهم أن يدفعوا عنها كل غائلة ، ويجتهدوا في نصرتهم ( إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ) وأسأل الله تعالى أن يوفق الجميع لذلك ليعيشوا في ظل عدالة الإسلام ونواميسه الخالدة ، وهو سبحانه ولي التوفيق.
                                          أبو القاسم الموسوي الخوئي
6/رجب/1378هـ                                                            
( الختم الشريف )
4. نص  فتوى الإمام السيد الخوئي (قد) بتحــــــريم الاشــتراك في الاستفتاء العــــــــــام المسمى ( رافراندم ):
بسم الله الرحمن الرحيم
( الاشتراك في الاستفتاء ( رافراندم) الذي يسبب نقض أحكام الإسلام ، وتحريمه لا يحتاج الى بيان وتحصيل مقدمات بالنسبة لقوانين مخالفة للشرع ولتغيير الواجب لا قيمة لها ، بل أن بقاء واستمرارية واستحالة تبديل وتغيير الأحكام الشرعية هي من أمور الإسلام المسلَّم بها ومن ضرورياته ).
أبو القاسم الخوئي
   الختم الشريف
5. برقية الإمام الخوئي (قد) إلى علماء إيران بخصوص الممارسات الظالمة التي اقترفها شاه  إيران بحقهم :
بسم الله الرحمن الرحيم
( لقد أبرقنا في بدية هذا الشهر نطالبه بالكف عن حمايته للقوانين الجائرة المناهضة للإسلام ، وإلا فسوف لا يدخر العلماء الأعلام والعالم الإسلامي وسعاً في الدفاع عن المقدسات الإسلامية ، هذه مرة أخرى ـ نعلن بهذه المناسبة ـ إننا سنعمل بآخر ما يجب علينا إذا لم تنبذ هذه القوانين المشؤومة ، وسيكون الشاه وحكومته هم المسؤولون عن نتائج كل ما يحدث ).
                                          
                                          أبو القاسم الموسوي الخوئي
                                                      8/ذق/1382هـ                   
                                                           ( الختم الشريف )
 
 
 
 
 
 
بيان رقم (1)
بسم الله الرحمن الرحيم
أبناؤنا الأعزاء المؤمنون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله على نعمه وآلائه والصلاة والسلام على أفضل أنبيائه محمد واله(ص).
وبعد لا شك أن الحفاظ على بيضة الإسلام ومراعاة مقدساته أمر واجب على كل مسلم وإنني بدوري أدعو الله تبارك وتعالى أن يوفقكم لما فيه صلاح الأمة الإسلامية أهيب بكم أن تكونوا مثلا صالحا للقيم الإسلامية الرفيعة برعاية الأحكام الشرعية رعاية دقيقة في كل أعمالكم وجعل الله تبارك وتعالى نصب أعينكم في كل ما يصدر عنكم فعليكم الحفاظ على ممتلكات الناس وأموالهم وأعراضهم وكذلك جميع المؤسسات العامة لأنها ملك الجميع والحرمان منها حرمان الجميع ، كما أهيب بكم بدفن جميع الجثث الملقاة في الشوارع ووفق الموازين الشرعية لا المثلة بها لأنها ليست من أخلاقنا الاسلامية وعدم التسرع باتخاذ القرارات غير المدروسة التي تتنافى والاحكام الشرعية والمصالح العامة حفظكم الله ورعاكم لما يحب ويرضى انه سميع الدعاء.
 
                                          أبو القاسم الموسوي الخوئي
18 /شعبان المعظم/1411 هـ
(الختم الشريف )     
 
بيان رقم (2)
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وبه نستعين وصلى الله على محمد واله الطاهرين وبعد:فان البلاد تمر في هذه الأيام بمرحلة عصيبة تحتاج فيها إلى حفظ النظام واستتاب الأمن والاستقرار والإشراف على الأمور العامة والشؤون الدينية والاجتماعية تحاشياً من خروج المصالح العامة عن الإدارة الصحيحة إلى التسيب والضياع.
من أجل ذلك نجد أن المصلحة العامة للمجتمع تقتضي منا تعيين لجنة عليا تقوم بالإشراف على إدارة شؤونه كلها بحيث يمثل رأيها رأينا وما يصدر عنها يصدر عنا، وقد اخترنا لذلك نخبة من أصحاب الفضيلة العلماء المذكورة أسماؤهم أدناه ممن نعتمد على كفاءتهم وحسن تدبيرهم،فعلى أبنائنا المؤمنين إتباعهم وإطاعتهم والانصياع إلى أوامرهم وإرشاداتهم ومساعدتهم في انجاز هذه المهمة.
نسأل الله عز وجل أن يوفقهم لأداء الخدمة العامة التي ترضيه سبحانه وتعالى ورسوله(ص) ،الله ولي التوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
1- السيد محيي الدين الغريفي ،2- السيد محمد رضا الخلخالي     3 - السيد جعفر بحر العلوم،4- السيد عز الدين بحر العلوم         5 - السيد محمد رضا الخرسان،6- السيد محمد السبزواري،      7- الشيخ محمد رضا شبيب الساعدي،8- السيد محمد تقي الخوئي.
النجف الأشرف في العشرين من شهر شعبان المعظم سنة 1411 هجرية .
ملحوظة: لقد تقرر إضافة السيد محمد صالح السيد عبد ا لرسول الخرسان إلى اللجنة المذكورة أعلاه[80].
 
 
                                          أبو القاسم الموسوي الخوئي
21 /شعبان المعظم/1411 هـ
(الختم الشريف )     
 
ملحق رقم 3
(أ) نداء آية الله المجاهد السيد محمد باقر الحكيم (قد) لحماية المرجعية الدينية في العراق 
تواردت الأنباء المؤكدة عن المضايقات والتهديدات التي يتعرض لها مراجع الدين العظام في مدينة النجف الأشرف مضافاً إلى عمليات النهب والسلب الواسع التي تشهدها مدن العراق .
وإننا في الوقت الذي نرى أن القوات المحتلة للعراق تتحمل المسؤولية الكبيرة في سلامة حياة وأمن مراجع الدين العظام وفي حدوث هذه الأوضاع الخطيرة، ندعو أبناء الشعب العراقي جميعاً إلى الاهتمام والالتزام بألامور التالية :
1. الوقوف أمام الهجوم والضغط على المراجع العظام الإعلام وخصوصاً المراجع العظام في النجف الإشرف وندعو عشائرنا الغيورة أن تقوم بهذا الدور التاريخي لها ، وخصوصاً عشائر الفرات الأوسط .
2.  المحافظة على أرواح الناس واموالهم وأعراضهم .
3.  من الواجب على جميع المؤمنين الوقوف أمام عمليات السلب والنهب للأموال العامة ، والمحافظة على المؤسسات العامة . 
4.  تصدي العلماء الإعلام والمبلغين الكرام لتوجيه الناس وهدايتهم ، والقيام بدورهم القيادي الرائد في إدارة الأمة وتوجيهها .
5.  المحافظة على وحدة الكلمة والكف عن الصراعات الجانبية ، وذلك حفظاً للمصالح العامة ومواجهة    الظروف الحرجة التي يتربص فيها لنا الأعداء وبقاية النظام العفلقي الفاسد .
6.  الامتثال للتوجيهات والأوامر التي أصدرها مراجع الدين العظام ولاسيما البيان
المهم الذي أصدره سماحة آية الله العظمى السيد الخامنئي (دام ظله) .
وندعو جميع المرجعيات الدينية أن يولوا هذا الموضوع أهمية خاصة ، ويوجهوا نداءاتهم للامة المؤمنة في العراق ، وذلك من اجل الدفاع عن المقدسات والحرمات والمراجع العظام والنظم العام والأمن والاستقرار لجميع أبناء الشعب العراقي .
حفظ الله شعبنا المؤمن في العراق من كل سوء ومكروه ، وحقق له النصر الكامل على أعداءه الداخليين والخارجيين ، فهو نعم المولى ونعم المصير . 
 
                                           
                                                             10 صفر المظفر 1424هـ
                                                     السيد محمد باقر الحكيم 
 
  
 
(1) المكتب الإعلامي لسماحة السيد الشهيد محمد باقر الحكيم (قد) في النجف الأشرف . 
بسم الله الرحمن الرحيم
(ب) سماحة المرجع الديني اية الله المجاهد السيد محمد باقر الحكيم (دام ظله)
     السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    في اجواء الانتخابات المرتقبة للمحافظة نرجوا من سماحتكم بيان نظركم الشريف في المواصفات المطلوبة لهذا المنصب وما يجب ملاحظته عند الانتخاب .
                                                                                           سيد حيدر المرعبي
 
                                                       بسمه تعالى
ان الانتخاب يمثل مسؤولية شرعية واجتماعية لا بد من الاهتمام والالتزام بها لذا يجب ان تتوفر في المرشح الذي يصح انتخابه الشروط التالية :-
1-ان يكون معروفاً بالصلاح وحسن السيرة والسمعة .
2-ان يكون له تجربة وخبرة في الادارة الاجتماعية .
3-ان يكون ملتزماً بالعمل من اجل مصلحة البلد واستقلاله وحريته وتحقيق العالة فيه .
4-ان يكون من اهل البلد وعارفاً بشؤونه وثقافته .
5-ان يكون من قوم ومذهب الاكثرية الساحقة للبلاد .
 
 
محمد باقر الحكيم
الختم الشريف  
 
 
 
 
 
ملحق رقم (4) وفيه محورين:
المحور الأول:يتعلق بأرقام الهوامش المتسلسلة والمثبتة في متن النقطة سادساً وهي:
 بسم الله الرحمن الرحيم
(1): إن سماحة السيد (دام ظله) على الرغم من اهتمامه البالغ ومتابعته المستمرة لشأن العراقي بجميع جوانبه إلا انه قد دأب على عدم التدخل في تفاصيل العمل السياسي وفسح المجال لمن يثق بهم الشعب العراقي من السياسيين لممارسة هذه المهمة ، ويكتفي سماحته بإبداء النصح والإرشاد لمن يزوره ويلتقي به من أعضاء مجلس الحكم والوزراء وزعماء الأحزاب وغيرهم .
والمؤسف إن بعضاً من وسائل الإعلام تستغل هذا الموقف وتنشر بين الحين والأخر بعض الأخبار المكذوبة وتروج الإشاعات التي لا أساس لها من الصحة .
مكتب السيد السيستاني في النجف الأشر ف،21شعبان /1424هـ
(2):س/ما هو نظركم تجاه مجلس الحكم الانتقالي ؟
ج/سماحة السيد –دام ظله- لم يذكر شيئاً بشأن هذا المجلس ،والشعب العراقي يأمل أن يقوم المجلس ببذل كل الجهود في سبيل تسيير أمور البلد في الفترة الانتقالية بتوفير الأمن والاستقرار والخدمات العامة والتمهيد لإجراء انتخابات المؤتمر الدستوري ، مع تأجيل اتخاذ القرارات المصيرية إلى حين تشكيل الحكومة المنتخبة بعد إنهاء الاحتلال .
(3): س/ ما هي وجهة نظر السيد السيستاني بالنسبة إلى الخطة الجديدة لانتقال السلطة في العراق؟ هل يرتضيها ؟.
ج/ بسم الله الرحمن الرحيم ، إن لسماحة السيد _ دام ظله _ بعض التحفظات على الخطة المذكورة:
( أولا) : إنها تبتني على إعداد قانون الدولة العراقية للفترة الانتقالية من قبل مجلس الحكم بالاتفاق مع سلطة الاحتلال ، وهذا لا يضفي صفة الشرعية ، بل لا بد لهذا الغرض من عرضه على ممثلي الشعب العراقي لإقراره.
(ثانيا): إن الآلية الواردة فيها لانتخاب أعضاء المجلس التشريعي الانتقالي لا تضمن تشكل مجلس يمثل الشعب العراقي تمثيلاً حقيقياً، فلا بد من استبدالها بآلية أخرى تضمن ذلك وهي الانتخابات ، ليكون المجلس منبثقاً عن إرادة العراقيين ويمثّلهم بصورة عادلة ، ويكون بمنأى عن أي طعن في شرعيته ، ولعلّ بالإمكان إجراء الانتخابات اعتماداً على البطاقة التموينية مع بعض الضمائم الأخرى.
(4):س/هل هنالك ما ينبغي عمله لتوحيد الصف الشيعي في العراق خاصة بعد أحداث كربلاء المقدسة مؤخراً ؟
ج/الاختلاف في وجهات النظر ووجود اتجاهات متعددة في الوسط الشيعي كسائر الأوساط الأخرى حالة طبيعية لا يخشى منها ، والحوار الهادئ بين الأطراف المعنية هو الأسلوب الأمثل لحل الخلافات ، واحترام الأقلية لرأي الأكثرية وعدم محاولة الأكثرية للسيطرة على الأقلية والتحكم بهم هو الأساس الذي يجب أن يراعي في العمل السياسي .
وأما الذي حدث في كربلاء المقدسة من الصراع المسلح بين بعض الأهالي وبعض المجموعات المسلحة ،فقد نجم عن غياب السلطة المركزية عن الساحة بصورة مؤثرة وفاعلة ، ووجود أعداد كبيرة من الأسلحة بأيدي عناصر غير منضبطة ،وقد سبق لسماحة السيد –دام ظله- أن أكد قبل عدة شهور في مختلف لقاءاته بأعضاء مجلس الحكم ومسئولين آخرين من الوزراء وغيرهم على لزوم اتخاذ إجراءات سريعة وفاعلة في سبيل سحب الأسلحة غير المرخصة من أيدي الناس ودعم الشرطة العراقية بالعناصر الكفوءة والمعدات اللازمة لتأخذ دورها الطبيعي في حماية المجتمع من بروز أي ظاهرة مخلة بالأمن ، ولكن من المؤسف أنهم لم يتخذوا ـ أو لم يسمح لهم بأن يتخذوا ـ الإجراءات الضرورية في هذا المجال حتى آلت الأمور إلى الوضع الراهن ،وربما ستبرز مشاكل جدية أخرى لو لم يبادروا إلى اتخاذ الخطوات التي أكد عليها سماحته .   
 (5): إلى مكتب سماحة السيد السيستاني (حفظه الله) ، ظهر رجل يسمى سيد صالح الصافي ويقول إني مبّلغ عن ابن الإمام المهدي (عج) ويقول لقد ظهر رسول الإمام المهدي ، فلقد بطلت المرجعية وعليكم بإتباعه فما هو رد مكتب السيد السيستاني على هذا الكلام ، أفتونا جزاكم الله خيراً.
بسمه تعالى:
يجب تجنب من يدعي ذلك وإبعاد الناس عنه ، ولكن من دون إثارة فوضى وبلبلة.
مكتب السيد السيستاني،16/ج1 1425هـ
(6)نص البيان الصادر من المرجعية العليا للطائفة الشيعية سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني (دام ظله) حول الأحداث الأخيرة في فلسطين المحتلة .
                                          بسم الله الرحمن الرحيم
لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ، كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبأس ما كانوا يفعلون .  صدق الله العلي العظيم
يواجه إخواننا وأخواتنا في الأراضي الفلسطينية المحتلة في هذه الأيام عدواناً صهيونياً متواصلاً قل نظيره في التاريخ الحديث وتعجز الكلمات عن بيان أبعاده الوحشية ، فقد عمّ الجميع ولم يسلم منه حتى الشيوخ والنساء والصبيان وتنوعت أساليبه قتلاً وتعذيباً وترويعاً واعتقالاً وتشريداً وتجويعاً وهتكاً للحرمات واستباحة للمقدسات وتخريباً للمدن والمخيمات وتدميراً للبيوت والمساكن وبلغ حتى الممانعة من إسعاف الجرحى والمصابين ودفن أجساد الشهداء ويجري كل ذلك  بمرأى ومسمع العالم أجمع ولا مانع ولا رادع ، بل إنه يحظى بدعم أمريكي واضح وإذا لم يكن المترقب من أعداء الإسلام والمسلمين إلا أن يصطفوا مع المعتدين الغاصبين فإنه لا يترقب من المسلمين إلا أن يقفوا مع إخوانهم وأخواتهم في فلسطين العزيزة ويرصوا صفوفهم ويجندوا طاقاتهم في الدفاع عنهم ووقف العدوان عليهم .
إن الوضع المأساوي الذي يعيشه أبناء الشعب الفلسطيني المظلوم يقتضي أن لا يهنأ المسلمون في مطعم أو مشرب إلى أن يكفوا عن إخوانهم وأخواتهم أيدي الظالمين المعتدين .
لقد روي عن النبي الأعظم (ص) قال: { من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس منهم ومن سمع رجلاً ينادي يا للمسلمين فلم يجبه فليس بمسلم }.
ولذلك فإننا نهيب بالمسلمين كافة أن يهبوا لنجدة الشعب الفلسطيني المسلم ويستجيبوا لصرخات الاستغاثة المتعالية منه ويبذلوا قصارى جهودهم وإمكاناتهم في ردع المعتدين عليهم واسترداد حقوقهم المغتصبة وإنقاذ الأرض الإسلامية من أيدي الغزاة الغاصبين.
نسأل الله العلي القدير أن يأخذ بأيادي المسلمين إلى ما فيه الخير والصلاح ويمن عليهم بالنصر على أعدائهم ( وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم ).
علي الحسيني السيستاني،26 محرم الحرام 1423هـ
(7) س/ قام بعض ضعاف النفوس بالاستحواذ على الممتلكات العامة من المستشفيات والجامعات والدوائر الحكومية مستغلين غياب السلطة والانفلات الأمني ، فما حكم ذلك؟.
ج/ بسمه تعالى: لا بد من التحفظ عليها ، ويرجّح أن يكون ذلك بجمعها في مكان واحد بإشراف لجنة مختارة من أهالي المنطقة لكي يتسنى تسيلمها إلى الجهات ذات الصلاحية لاحقاً.
(4)إنكم على علم بالأساليب القاسية التي تستخدمها قوات الاحتلال في المصادمات
المستمرة منذ أيام في مناطق من بغداد وفي عدد من المحافظات في الغرب والوسط والجنوب والتي أسفرت لحد ألان عن وقوع إعداد كبيرة من الضحايا في صفوف المدنيين وقد حدثت أيضاً ممارسات مؤسفة حيث تعرض عدد من المراكز والمؤسسات الحكومية للنهب والسلب واستولى على عدد آخر منها بعض المجموعات المسلحة مما خلق حالة من الفوضى والانفلات الأمني في عدد من المدن ولازال الوضع يسير من سيءالى أسوء فما هو الموقف بإزاء كل ما يجري؟
ج/بسمه تعالى :أننا نشجب أساليب قوات الاحتلال في التعامل مع الحوادث الواقعة ،كما ندين التعدي على الممتلكات العامة والخاصة وكل ما يؤدي إلى الإخلال بالنظام ويمنع المسئولين العراقيين من أداء مهامهم في خدمة الشعب ،وندعو إلى معالجة الأمور بالحكمة وعبر الطرق السلمية والامتناع عن أي خطوة تصعيدية تؤدي إلى المزيد من الفوضى وإراقة الدماء ،وعلى القوى السياسية والاجتماعية أن تساهم بصورة فعالة في وضع حد لهذه المآسي والله ولي التوفيق .
مكتب السيد السيستاني،16/صفر/1425هـ   
(8) س/ ظهر في بلادنا ما يسمى ( بالستلايت ) وفي ضمنه الكثير من المحطات التي تبث صوراً خلاعية وإباحية أو مقدمات الإباحية فيكون الفرد متمكناً باستعمال هذا الجهاز من التقاطها فهل ترون انه يحرم استعمال ذلك الجهاز مطلقاً ، أو خصوص الالتقاط للصور الإباحية؟.
ج/ بسمه تعالى: لا يحرم استعماله في التقاط البرامج التي لا تؤثر سلباً في إيمان المشاهد وأخلاقه وثقافته الإسلامية ، نعم يحرم اقتناء هذا الجهاز لمن لا يحرز من نفسه وأهله عدم الانجرار  إلى استعماله في المجالات المحرمة. 
(9) س/ هناك الكثير من أزلام النظام السابق ممن كان له دور مباشر أو غير مباشر في إيذاء الناس والاعتداء عليهم وفيما يلي بعض الأسئلة بشأنهم نرجو الإجابة عليها:
1.  من تأكد دوره المباشر في قتل الأبرياء _ باعتراف منه أو بغير ذلك_ هل تجوز المبادرة إلى القصاص منه؟.
ج/ بسمه تعالى: القصاص إنما هو حق لأولياء المقتول بعد ثبوت الجريمة في المحكمة الشرعية ،ولا تجوز المبادرة إليه لغير الولي ولا قبل الحكم به من قبل القاضي الشرعي.
2.  من كان لما كتبه من (تقرير) ضد بعض المؤمنين دور أساس في إعدامهم هل يجوز لأولياء المعدومين قتله أو إجباره على مغادرة المدينة أو نحو ذلك؟.  
ج/ لا تجوز المبادرة إلى اتخاذ أي إجراء بصدد معاقبته بل لا بد من تأجيل الأمر إلى حين تشكيل محكمة شرعية للنظر في مثل هذه القضايا.
3. هل يكفي كون الشخص عضواً مهماً في حزب البعث السابق أو من المتعاونين مع أجهزة النظام الأمنية بصورة أو أخرى في جواز قتله ؟.
ج/ لا يكفي ، وأمر مثله موكول إلى المحاكم الشرعية فلا بد من الانتظار إلى حين تشكيلها.
4. بعد سقوط النظام وقعت أعداد هائلة من ملفات الأجهزة الأمنية في أيدي بعض المؤمنين هل يجوز نشر ما تضمنتها من أسماء عملاء النظام والمتعاونين معه ؟.
ج/ لا يجوز ذلك، بل لابد من حفظها وجعلها تحت تصرف الجهة ذات الصلاحية.
5. بعض من ورد اسمه في سجل المتعاونين مع الأجهزة الأمنية يدعي بأنه تعهد بالتعاون تحت طائلة التهديد والإكراه هل يجوز التشهير به قبل ثبوت كونه متعاوناً بمحض أرادته؟.
ج/ لا يجوز التشهير به حتى لو ثبت ذلك إلا في بعض الحالات رعاية لمصلحة أهم والله العالم.
(10): سماحة سيدنا ومرجعنا المفدى سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله) السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد.
أعلنت سلطات الاحتلال في العراق أنها قررت تشكيل مجلس لكتابة الدستور العراقي القادم وأنها ستعين أعضاء هذا المجلس بالمشاورة مع الجهات السياسية والاجتماعية في البلد ، ثم تطرح الدستور الذي يقره المجلس للتصويت عليه في استفتاء شعبي عام . 
نرجو التفضل ببيان الموقف الشرعي من هذا المشروع وما يجب على المؤمنين أن يقوموا به في قضية إعداد الدستور العراقي .
جمع من المؤمنين،20 ربيع الأخر1424هـ
ج/                                                بسمه تعالى
ان تلك السلطات لا تتمتع بأية صلاحية في تعيين أعضاء مجلس كتابة الدستور ، كما لا ضمان أن يضع هذا المجلس دستوراً يطابق المصلحة العليا للشعب العراقي ويعبّر عن هويته الوطنية التي من ركائزها الأساسية الدين الإسلامي الحنيف والقيم الاجتماعية النبيلة ، فالمشروع المذكور غير مقبول من أساسه ، ولا بد أولاً من إجراء انتخابات عامة لكي كل عراقي مؤهل للانتخاب من يمثله في مجلس تأسيسي لكتابة الدستور ، ثم يجري التصويت العام على الدستور الذي يقره هذا المجلس ، وعلى المؤمنين كافة المطالبة بتحقيق هذا الأمر المهم والمساهمة في إنجازه على أحسن وجه ، أخذ الله تبارك وتعالى بأيدي الجميع إلى ما فيه الخير والصلاح والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
25 ع2 1424هـ،علي الحسيني السيستاني
(11) نـص الرسـالة الموجهة مـــن قبل سماحة آية الله  العظمى السيد علي الحسـيني السيستاني (دام ظله ) إلى الأمين العام للأمم المتحدة:
                                                     بسم الله الرحمن الرحيم
السيد رئيس مجلس الأمن الدولي المحترم 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 
وبعد : بلغنا أن هناك من يسعى إلى ذكر ما يسمى بـ ((قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية )) في القرار الجديد لمجلس الأمن الدولي حول العراق لغرض إضفاء الشرعية الدولية عليه. 
إن هذا (القانون) الذي وضعه مجلس غير منتخب وفي ظل الاحتلال وبتأثير مباشر منه يقيد الجمعية الوطنية المقرر انتخابها في بداية العام الميلادي القادم لغرض وضع الدستور الدائم للعراق .
وهذا أمر مخالف للقوانين ويرفضه معظم أبناء الشعب العراقي ، ولذلك فان أي محاولة لإضفاء الشرعية على هذا (القانون ) من خلال ذكره في القرار الدولي يعد ( حملاً ) مضاداً لإرادة الشعب العراقي وينذر بنتائج خطيرة .
يرجى إبلاغ موقف المرجعية الدينية بهذا الشأن إلى السادة أعضاء مجلس الأمن المحترمين ,وشكراً .
مكتب السيد السيستاني(دام ظله)،17 /ربيع الثاني /1425هـ، 6/6/2004م
(12)                                                                                                                                         
                        بسم الله الرحمن الرحيم
   مكتب سماحة آية الله السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
   يسأل الكثير من المؤمنين عن الموقف تجاه الحكومة العراقية الجديدة التي تم تشكيلها يوم أمس بمساعي السيد الأخضر الإبراهيمي  مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة.
                                           جمع مـن المؤمنين
 
بسمه تعالى
إن سماحة السيد (دام ظله) سبق آن أكد مراراً على ضرورة ان تكون الحكومة العراقية ذات سيادة منبثقة من انتخابات حره نزيهة  يشارك فيها أبناء الشعب العراقي بصورة عامة .
ولكن لأسباب كثيرة معروفة تم استبعاد خيار الانتخابات ، فبين مماطلة وتسويف وممانعة وتخويف انقضى الوقت  وقرب موعد الثلاثين من حزيران الذي يفترض آن يستعيد فيه العراقيون السيادة على بلدهم وهكذا آل الآمر الى التعيين لتشكيل الحكومة الجديدة من دون أن تحضي بالشرعية الانتخابية ، بالإضافة الى انه لم يتمثل فيها جميع شرائح المجتمع العراقي وقواه السياسية بصورة مناسبة .
ولكن مع ذلك فالمؤمل آن تثبت هذه الحكومة جدارتها ونزاهتها وعزمها الأكيد على أداء المهام الجسيمة الملقاة على عاتقها وهي:
1. استحصال قرار واضح من مجلس الآمن الدولي باستعادة العراقيين السيادة على بلدهم سيادةً كاملة غير منقوصة في أي من  جوانبها السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية ، والسعي البليغ في إزالة إقامة الاحتلال من كل جوانبه. 
  2. توفير الآمن في كافة ربوع البلد ووضع حد لعمليات الجريمة المنظمة وسائر الأعمال الإجرامية .
  3. تقديم الخدمات العامة للمواطنين وتخفيف معاناتهم فيما يمس حياتهم اليومية .
4. الأعداد الجيد للانتخابات العامة والالتزام بموعدها المقرر في بداية العام الميلادي القادم ، لكي تتشكل جمعية وطنية لا تكون ملزمة بأي من القرارات الصادرة في ظل الاحتلال ؛ ومنها ما يسمى بقانون إدارة  الدولة للمرحلة الانتقالية0 
إن الحكومة الجديدة لن تحضي بالقبول الشعبي ، آلا إذا أثبتت –من خلال خطوات عملية واضحة – أنها تسعى بجدٍ وإخلاص في سبيل إنجاز المهام المذكورة .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                                                                   
مكتب سماحة السيد السيستاني ،14 ربيع الثاني 1425 هـ                       
 
(13)بسمه تعالى
إن سماحة السيد السيستاني (دام ظله) يدعو إلى ما يلي :
أولا : إعلان مدينتي النجف الأشر ف والكوفة خاليتين من السلاح وخروج جميع العناصر المسلحة منهما وعدم عودتهم إليهما .
ثانياً : تولي الشرطة العراقية مسؤولية حفظ الأمن والنظام في أرجاء المدينتين .
 ثالثاً : خروج القوات الأجنبية منهما .
رابعاً: تعويض الحكومة العراقية جميع المتضررين في الاشتباكات الأخيرة .
خامساً:مساهمة جميع القوى والتيارات الفكرية والاجتماعية والسياسية في خلق الأجواء المناسبة لإجراء التعداد السكاني ومن ثم الانتخابات العامة التي من خلالها يمكن استعادة السيادة الكاملة .
مكتب السيد السيستاني،9/رجب/1425هـ  =
بسمه تعالى
هذه طلبات بل أوامر المرجعية وأنا مستعد لكل تنفيذ لأوامرها الكريمة مع فائق الشكر .
مقتدى الصدر،9/رجب/1425هـ .    
(14)
بسم الله الرحمن الرحيم
يشكر سماحة السيد السيستاني  دام ظله  جميع  المؤمنين الكرام الذين تجسموا عناء السفر إلى مدينة النجف الأشر ف متزامناً مع عودة سماحته إليها من رحلته العلاجية في الخارج ، مثمناً ما بذلوه من جهد بالغ في سبيل إنقاذ المدينة المقدسة وحفظ حرماتها .
كما يبدي سماحته عميق حزنه وبالغ أسفه على تعرض جمع من الوافدين للاطلاقات النارية مما أدى إلى سقوط عدد من الأبرياء بين قتيل وجريح ، مطالباً الجهات المختصة بإجراء التحقيقات اللازمة لتحديد المقصرين ومحاسبتهم .
نسأل الله العلي القدير أن يمن على جميع ربوع العراق العزيز بالأمن والاستقرار ويجنب العراقيين كل سوء ومكروه انه سميع مجيب  
 
مكتب السيد السيستاني،10/صفر/1425هـ
 
 
 
 المحور الثاني:للاطلاع والفائدة:
رقم:1
استفتاء حول الممتلكات العامة
بسم الله الرحمن الرحيم
سيدنا المرجع المفدّى دام ظله الوارف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
في هذه الأيام العصيبة ومع تواجد الموظفين والمسؤولين في عدد من دوائر الدولة يقوم بعض الناس بالاستحواذ على الممتلكات العامة كمحتويات المدارس والبلديات وأدوية المذاخر والمستشفيات ونحو ذلك فما هو حكم ذلك في الشرع الشريف؟
جمع من المؤمنين
29/محرم/1424هـ
 
بسمه تعالى
لا يجوز أخذ شيء منها ويحرم التعامل به ومن فعل ذلك كان ضامناً والله الهادي.
علي الحسيني السيستاني
29/محرم/1424هـ
 
                 رقم:2
أسئلة وكالة رويترز
س1: هل هناك أي خطورة على سماحة السيد وأفراد عائلته؟
ج1: بعد سقوط النظام حصل انفلات أمني في مدينة النجف الأشرف وظهرت مجموعات مسلحة من الأشرار والمفسدين ووقت حوادث مؤسفة، ولا يزال الأمن غير مضمون في المدينة وهناك مخاطر تهدد حياة المراجع ولا سيما سماحة السيد.
س2: هل يطلب سماحة السيد توفير الأمن له ولعائلته؟
ج2: سماحته يريد الأمن لكل النجف بل لكل العراق ولا يريده لنفسه ولعائلته وقد جاءت عشرات الوفود العشائرية لحمايته فشكرهم وأمرهم بالرجوع إلى أماكنهم.
س3: تذكر بعض وسائل الإعلام وجود منازعات في زعامة الحوزة العلمية في النجف فما هو تعليقكم على ذلك؟
ج3: موقع سماحة السيد في المرجعية الدينية في العراق وفي خارجه واضح، وسماحته فوق المنازعات وليس طرفاً فيها ورعايته الأبوية لجميع المؤمنين من مقلّديه وغيرهم بل للعراقيين كافة.
س4: ما هي رؤيتكم لمستقبل الحكم في العراق؟
ج4: المبدأ الذي يؤكد عليه سماحته هو ان الحكم في العراق يجب ان يكون للعراقيين بلا أي تسلط للأجنبي، والعراقيون هم الذين لهم الحق في اختيار نو النظام في العراق بلا تدخل للأجانب.
مكتب السيد السيستاني(دام ظله)
النجف الأشرف
رقم:3
استفتاءات حول الممتلكات العامة، ومساجد أهل السنة ومسائل أخرى
بسمه تعالى
مكتب سماحة المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني(دام ظله الوارف)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... نرجو من سماحتكم الإجابة على ما يأتي:
س1: قام بعض ضعاف النفوس بالاستحواذ على الممتلكات العامة من المستشفيات والجامعات والدوائر الحكومية مستغلين غياب السلطة والانفلات الأمني، فما حكم ذلك؟
ج1: لابد من التحفظ عليها، ويرجّح ان يكون ذلك بجمعها في مكان واحد بإشراف لجنة مختارة من أهالي المنطقة لكي يتسنّى تسليمها إلى الجهات ذات الصلاحية لاحقاً.
س2: قام بعض من يحسب نفسه على المذهب باقتحام بعض مساجد إخواننا أهل السنة وطرد أئمة الجماعة منها، فما قولكم في هذا؟
ج2: هذا العمل مرفوض تماماً ولابد من رفع التجاوز وتوفير الحماية لإمام  الجماعة وإعادته إلى جامعه معززاً مكرّماً.
س3: ما موقفكم الحالي من صلاة الجمعة في الوقت الراهن؟
ج3: نرجّح إقامتها حيث تكون مظهراً لوحدة كلمة المؤمنين في المدينة ولا توجب الفرقة والاختلاف ، مع التأكيد على لزوم إحراز عدالة الإمام وإلا فلا يقتدى به.
س4: ما حدود وظيفة رجل الدين في الوقت الحالي؟ وهل له أن يتدخل في الأمور الإدارية؟
ج4: لا يصحّ أن يزج برجال الدين في الجوانب الإدارية والتنفيذية بل ينبغي أن يقتصر على التوجيه والإرشاد والإشراف على اللجان التي تتشكل لإدارة أمور المدينة وتوفير الأمن والخدمات العامة للأهالي.
س5: كثرت في هذه الأيام البيانات الصادرة باسم (الحوزة الشريفة) فما تقولون في هذا؟
ج5: لا يُعتمد عليها، وعلى كل مكلّف ان يأخذ الفتوى والتوجيه في المسائل المستحدثة من مرجعه في التقليد، وإذا كان المكلف باقياً على تقليد بعض المراجع الماضين (قدس الله أسرارهم) استنادا إلى فتوى أحد الأحياء فلا بد من الرجوع إليه في المستحدثات أيضا.
س6: هل يجوز التعامل بالأسلحة ولا سيما شراؤها بحجة الدفاع عن النفس؟ وهل يجوز حملها لغير الجهات المسؤولة عن حفظ الأمن؟ 
ج6: الأسلحة المنهوبة من مراكز  الجيش ونحوها تبقى ملكاً للدولة ولا يجوز التعامل بها بل لابد من جمعها وحفضها باشراف لجنة من اهاليالمنطقة لتسلم إلى الجهة ذات الصلاحية لاحقا وليس لغير الجهات المسؤولة عن المن حمل الاسلحة واطلاق العيارات النارية من دون ضرورة تقتضيه والله العالم.
                                          18/صفر/1424هـ
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
                                                                      النجف الأشرف  
 
 
 
 
 
 
 
رقم 4
استفتاءات حول الممتلكات العامة
بسمه تعالى
مكتب سماحة المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد علي السيستاني (دام ظله الوارف) نرجوا من سماحتكم الإجابة على ما يأتي منصورين ومؤيدين:
س1: هناك قطع كبيرة من الأراضي في كثير من الأحياء السكنية لم يتم توزيعها على المواطنين وتركت من قبل البلدية لجعلها حدائق أو ساحات أو مدارس ونحو ذلك من المرافق الضرورية للأحياء السكنية ولكن في الفترة الأخيرة قام البعض بتقسيمها وبنائها بيوتاً سكنية فهل يجوز ذلك؟
ج1: هذه القطع تعدّ من حريم المناطق السكنية ولا يجوز التصرف فيها بما ذُكر.
س2: يقوم البعض بتوزيع قطع الأراضي الموات على الناس لبنائها بيوتاً لهم ويدّعي بعض المتصدّين للتوزيع أنه لديه الإذن من سماحة السيد السيستاني فهل هذا صحيح؟
ج2: هذا غير صحيح، ولا إذن بإحياء الأراضي الموات من دون استحصال الموافقات الرسمية.
س3: يقوم بعض أئمة المساجد في مدينة الثورة وغيرها ببيع ما تجمّع لديهم من المسروقات من الدوائر الحكومية ويدّعون ان لديهم الإجازة في ذلك من قبل الحوزة العلمية فهل أذنَ سماحة السيد في بيعها؟
ج3: لم يأذن مد ظله في ذلك. بل لابدّ من حفظ ما يتسنى حفظه وإرجاعه إلى الجهة ذات الصلاحية في الوقت المناسب.  
س4: تقوم بعض العوائل الفقيرة بالاستيلاء على البنايات الحكومية الفارغة وجعلها مساكن لهم فهل أذنَ سماحة السيد في ذلك؟
ج4: لم يأذن مدّ ظله في ذلك.
س5: يقوم بعض الناس باستخدام بعض المملكات المسروقة من ادوار الحكومية كمولدات الكهرباء والسيارات في اطار الخدمة العامة فهل يجوز لهم  التصدي لذلك كتصرف شخصي؟
ج5: لا يجوز، والله العالم.
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
النجف الاشرف
25/صفر/1424هـ
رقم:5
استفتاءات حول الوضع الراهن في العراق
بسمه تعالى
مكتب سماحة المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله الوارف) نرجو من سماحتكم الاجابة على ما يأتي منصورين ومؤيدين:
س1: ما تقولون فيمن اقتحم المقرّات الحزبية التابعة للنظام السابق وحوّلها مساجد وحسينيات؟
ج1: إذا مُسّت الحاجة إلى اتخاذ بعضها بصورة مؤقتة مراكز لتجمع المؤمنين لأداء شعائرهم الدينية ونحو ذلك فلا بأس به مع مراجعة الوكيل المعتمد في المنطقة، ولا يترتب عليها أحكام المساجد والحسينيات.
س2: شاع في الأيام الأخيرة بيع الورقة النقدية فئة (العشرة آلاف دينار) بأقل منها من فئة أخرى فما حكم ذلك؟
ج2: إذا كان البيع نقداً مؤجلاً فلا بأس به في حدّ ذاته.
س3: يقوم بعض (المعممين) بتسلّم المواغد المسروقة من الدوائر الحكومية ونحوها باسم (الحوزة الشريفة) وبعضهم يقوم بتوزيعها او بيعها فهل هذا يتم بموافقة منكم؟
ج3: لم يمنح أحد الإذن في الوزيع والبيع بل لا بدّ من الحفظ للتسليم إلى الجهة ذات الصلاحية لاحقاً.
س4: ما هي وظيفة طلبة الحوزة العلمية في الظرف الراهن؟
ج4: وظيفتهم – في هذا الزمان كسائر الأزمنة- فيما يتعلق بالمجتمع هي السعي في ترويج الشرع الحنيف ونشر أحكامه وتعليم الجاهلين ونصح المؤمنين ووعظهم وإصلاح ذات بينهم ونحو ذلك مما يرجع إلى اصلاح دينهم وتكميل نفوسهم، ولا شأن لهم بالأمور الادارية ونحوها.
س5: يقوم بعض الناس بشراء المواد الغذائية والمواد الأولية من المعادن وغيرها ثم تهريبها إلى خارج البلد ممّا يخلّف أضراراً شديدة للاقتصاد الوطني؟
ج5: هذا غير جائز.
س6: بقام البعض بالتصرف في الوقود المخزون في صهاريج تابعة للنظام السابق فما الحكم في ذلك؟
ج6: من تصرّف في شيء منها كان ضامناً وعليه التصدّق ببدله على الفقراء. والله العالم.
مكتب السيد السيستلني (دام ظله)
                                  النجف الأشرف
                                 1/ع1/1424هـ 
 
رقم:6
أسئلة صحيفة نيويورك تايمز
س1: هل تطالب المرجعية الدينية بموقع لها في مستقبل الحكم في العراق؟
ج1: هذا غير وارد بالنسبة إلى سماحة السيد.
س2: تناقلت وكالت الانباء والقنوات الفضائية أنباءاً عن وجودنزاع في زعامة الحوزة العلمية في النجف الأشرف فهل هذا صحيح؟
ج2: لا يوجد شيء من هذا القبيل ومكانة سماحة السيد في المرجعية الدينية معلومة للمعنيّين بهذا الشان، وسماحته ليس طرفاً في أي نزاع بل هو فوق المنازعات ورعايته تعمّ الجميع.
س3: هل لكا اتصال بقيادة قوات التحالف في العراق؟
ج3: كلا.
س4: قوات  التحالف وتريد البقاء في العراق مدة غير قصيرة وربما لعدة سنوات فهل المرجعية الدينية توافق على ذلك؟
ج4: كلا.
س5: هل لديكم مخاوف مو وقوع فتن طائفية في العراق؟
ج5: لا مخاوف من هذا القبيل إذا لم تتدخل اطراف اجنبية في شؤون العراق.
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
النجف الأشرف
 
رقم:7
أسئلة وكالة الأسوشييتد برس
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو من سماحتكم الاجابة على الأسئلة المدونة أدناه ونحن لكم من الشاكرين والسرلام عليكم
باسم حلمي مروة
مراسل وكالة انباء أسوشيتد برس
الأمريكية
س1:ما هي الحكومة التي تريدون في عراق ما بعد صدام حسين وكيف يجب ان يتم تشكيلها؟ هل ستلعبون دوراً فيها؟
ج1: شكل نظام الحكم في العراق يحدّده الشعب العراقي وآلية ذلك ان تجري انتخابات عامة لكي يختار كل عراقي من يمثّله في مجلس تأسيسي لكتابة الدستور، ثم يطرح الدستزور الذي يقرّه هذا المجلس على الشعب للتصويت عليه، والمرجعية لا تمارس دوراً في السلطة والحكم.
س2: هل تريدون من أبناء الطائفة الشيعية الكريمة ان يتعاونوا مع الإدارة المدنية الأمريكية في العراق؟
ج2: الذي نريده هو ان يفسح المجال لتشكيل حكومة منبعثة من إرادة الشعب العراقي بجميع طوائفه وأعراقه.
س3: هل تحاول إيران ان تلعب دوراً سياسياً في العراق حالياً وهل حاول الإيرانيون الاتصال بكم؟
ج3: يفترض بجميع الحكومات ان تحترم سيادة العراق وإرادة شعبه ولا تتدخل في شؤونهم، وليس لدينا اتصال بأية جهة أجنبية فيما يخصّ الشأن العراقي.
س4: هل أبناء الطائفة الشيعية الكريمة موحدون في العراق حالياً وكيف هي العلاقة مع المراجع الأخرى؟
ج4: العراقيون بجميع طوائفهم ومذاهبهم، من الشيعة وغيرهم، موحدون في المطالبة باحترام إرادتهم في تقرير مصيرهم ورفض أن يخطط الجنبي لمستقبلهم السياسي او الاقتصادي او الاجتماعي او الثقافي.
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
النجف الأشرف
 
رقم:8
إستفتاء حول بعض المنتسبين إلى الحوزة العلمية
بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله) السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سيدنا المفدى..
يقوم بعض من يرتدي الزي الديني بإدارة الدوائر الخدمية للمواطنين (المستشفيات والدوائر الأخرى..) ويأخذ نسبة من وارد هذه الدوائر بدعوى انها لمكاتب الحوزة العلمية وترتيب أمور العاملين والمتطوعين للعمل في هذه الدوائر، فما رأيكم بهذه الحالة؟
جمع من المؤمنين
3/ع1/1424هـ
بسمه تعالى
ج: هذه الحالة مرفوضة ولا علاقة لمكتب سماحة السيد مدّ ظله بما ذكر والله الهادي.
مكتب السيد السيستاني(دام ظله)
النجف الأشرف
3/ع1/1424هـ
 
رقم:9
إستفتاءات حول الآثار العراقية
بسمه تعالى
مكتب سماحة المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله الوارف). السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد. نرجو التفضل ببيان الجواب عن الأسئلة الآتية حولللآثار العراقية:
لقد نهبت – كما تعلمون – كمية كبيرة من مقتنيات المتحف العراقي بعد سقوط النظام السابق وقد هرّب قسم منها إلى خارج العراق:
س1: فهل يجوز لمن يقع شيء منها في يده ان يحتفظ به لنفسه او يمنحه لغيره؟
ج1: لا يجوز بل لابدّ من إعادته إلى المتحف العراقي.
س2: وما حكم شراء ما يعرض منها للبيع في الداخل أو في الخارج؟
ج2: لا يصحّ شراؤه أي لا يصبح ملكاً لـ(المشتري) فلو  تسلّمه وجب عليه إرجاعه إلى المتحف المذكور.
س3: وإذا لم يجز شراء ما يعرض منها للبيع فهل يجوز دفع المال لغرض استنقاذها؟
ج3: يجوز ولكن لابدّ من إعادة ما يُستنقذ منها إلى  المتحف كما تقدم.
س4: يقوم البعض بحفر مواقع الآثار في مناطق مختلفة في العراقواستخراج قطع منها وبيعها في الداخل او تهريبها إلى الخارج وبيعها هناك فهل يجوز ذلك؟
ج4: سماحة السيد مدّ ظله يمنع من ذلك.
س5: هل يختلف الحكم في الموارد السابقة بين الآثار الإسلامية وبين غيرها؟
ج5: لا فرق بينها فيكما تقدم من الأحكام والله العالم.
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
النجف الأشرف
14/ربيع الأول/1424هـ 
 
رقم:10
إستفتاءات حول كشف المقابر الجماعية
ما هو حكم كشف المقابر الجماعية؟
بسمه تعالى
كشف المقابر  الجماعية إنّما يجوز بإذن الحاكم الشرعي وسماحة السيد مدّ ظله لا يأذن بذلك إلا بإشراف كمن لجنةدولية بحيث لا تضيع معالم الجرائم ضد الانسانية  التي ارتكبت على أيدي أزلام النظام السابق والله الهادي.
14/ع1/1424هـ
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
النجف الأشرف
رقم:11
إستفتاءات حول مسؤولي النظام السابق في العراق
بسمه تعالى
مكتب سماحة المرجع الديني الأعلى آية الله  العظمى السيد علي الحسيني  السيستاني (دام ظله الوارف).
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد
هناك الكثير من أزلام النظام السابق ممن كان له دور مباشر أو غير مباشر في إيذاء الناس والاعتداء عليهم وفيما يلي بعض الأسئلة بشأنهم نرجو الإجابة عليها:
س1: من تأكد دوره المباشر في قتل الأبرياء _ باعتراف منه أو بغير ذلك_ هل تجوز المبادرة إلى القصاص منه؟
ج1: القصاص إنما هو حق لأولياء المقتول بعد ثبوت الجريمة في المحكمة الشرعية، ولا تجوز المبادرة إليه لغير الولي، ولا قبل الحكم به من قبل القاضي الشرعي.
س2: من كان لما كتبه من (تقرير) ضد بعض المؤمنين دور أساس في إعدامهم هل يجوز لأولياء المعدومين قتله أو إجباره على مغادرة المدينة أو نحو ذلك؟
ج2: لا تجوز المبادرة إلى إتخاذ أيّ إجراء بصدد معاقبته بل لابدّ من تأجيل الأمر إلى حين تشكيل محكمة شرعية للنظر في مثل هذه القضايا.س3: هل يكفي كون الشخص عضواً مهماً في حزب البعث السابق أو من المتعاونين مع أجهزة النظام الأمنية بصورة أو اخرى في جواز قتله؟
ج3: لا يكفي، وأمر مثله موكول إلى المحاكم الشرعية، فلا بدّ من الانتظار إلى حين تشكيلها.
س4: بعد سقوط النظام وقعت أعداد هائلة من ملفات الأجهزة الأمنية في  أيدي بعض المؤمنين هل يجوز نشر ما تضمنتها من أسماء عملاء النظام والمتعاونين معه؟
ج4: لايجوز ذلك، بل لابدّ من حفظها وجعلها تحت تصراف  الجهة ذات الصلاحية.
س5: بعض من ورد اسمه في سجل المتعاونين مع الأجهزة الأمنية يدّعي انه تعهد بالتعاون تحت طائلة التهديد والإكراه هل يجوز التشهير به قبل ثبوت كونه متعاوناً بمحض إرادته؟
ج5: لا يجوز التشهير به حتى لو ثبت ذلك إلا في بعض  الحالات رعاية لمصلحة أهمّ. والله العالم
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
النجف الأشرف
14/ربيع الأول/1424هـ
 
 
رقم:12
أسئلة وكالة رويترز
حضرة السيد محمد رضا السيستاني:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رجاء التفضل بةالإجابة على الأسئلة التالية لوكالة رويترز للأنباء:
س1: نعلم رأي السيد السيستاني في ابتعاد رجال الحوزة عن شؤون السياسة، لكن نود أن نعلم رأيكم في شكل العراق الجديد. من حيث هويته (هل توافقون على استمرار الهوية القومية العربية أم تفضلون الهوية الإسلامية)، وإن أمكن التكويون السياسي (اتحاد فيدرالي .... الخ).
ج1: شكل العراق الجديد يحدده الشعب العراقي بجميع قومياته ومذاهبه وآلية ذلك هي الانتخابات الحرّة المباشرة.
س2: كانت هناك ضغوط على السيد السيستاني لمغادرة النجف لكنها لم تفلح، ما رأيكم في الدعوة إلى عراقية الحوزة، والى أيّ حد يمكن أن تقيد مثل هذه الدعوات من عالمية الحوزة في النجف؟
ج2: الحوزة العلمية في النجف الأشرف مفتوحة للجميع ويبرز فيها من هو أكثر أهليّة من الآخرين بغض النظر عن قوميته وجنسيته، وكان النظام السابق يسعى إلى ان تكون الحوزة عربية والمرجعية عراقية ولكنه فشل في تحقيق ذلك.
س3: منذ سقوط النظام البائد عادت إلى النجف الأشرف بعض الشخصيات الدينية البارزة مثل السيد الحكيم والبعض الآخر في طريقه للعودة مثل السيد الحائري، إلى أيّ حد _في رأيكم_ يساعد هذا على استعادة النجف عصرها الذهبي كأكبر مركز علمي للشيعة بعد انتقاله إلى قم؟
ج3: نأمل ان تتوفر الظروف المناسة لاستعادة الحوزة العلمية في النجف الأشرف نشاطها وتتمكن من تطوير نفسها بما يناسب موقعها المتزميّز في الساحة الشيعية، ولكن ذلك سوف لن يُضعف مكانه غيرها من الحوزات، وسماحة السيد دام ظله يرعى جميع الحوزات العلمية والخدمات التي يقدّمها مكوتبه في قم المقدسة إلى الحوزة العلمية فيها معروفة.
23/ربيع الثاني/1424هـ
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
النجف الأشرف
 
رقم:13
أسئلة صحيفة الواشنطن بوست
بسم الله الرحمن الرحيم
س1: ما هو دور المرجع في الحياة؟
ج1: الدور الأساس للمرجع هو تزويد المؤمنين بالفتاوى الشرعية في مختلف شؤون الحياة الفردية والاجتماعية، ولكن هناك مهام أخرى يقوم بها المرجع بحكم مكانته الاجتماعية والدينية ومنها إعانة الفقراء ورعاية المؤسسات والمراكز الدينية ونحو ذلك.
س2: كيف تغيّر وضع رجال الدين بعد سقوط النظام؟
ج2: تيسّر لهم القيام بصورة أفضل بما هو واجبهم من تعليم الجاهلين ونصح المؤمنين وإرشادهم وإصلاح ذات بيمنهم ونحو ذلك ممّا يرجع إلى صلاح دينهم ودنياهم.
س3: كيفية تعامل رجال الدين مع الناس؟
ج3: ظهر الجواب منه ممّا تقدّم.
س4: ما هو الدور السياسي الذي يملكه المرجع أو رجال الدين؟
ج4: سماحة السيد لا يطلب موقعاً في الحكم والسلطة ويرى ضرورة ابتعاد علماء الدين عن مواقع المسؤوليات الإدارية والتنفيذية.
س5: ما هي العلاقة بين الدين والدولة؟
ج5: يفترض بالحكومة التي تنبثق عن إرادة أغلبية الشعب أن تحترم دين الأغلبية وتأخذ بقيمة ولا تخالف في قراراتها شيئاً من أحكامه.
س6: كيف يحصل المجتهد على الاجماع (القرار)؟
ج6: لم يتّضح المقصود بالسؤال.
س7: ما هو رأيكم وهل نستطيع أن نعلم مكن هو افضل مرجع من الأشخاص والمراجع الذين توفوا؟
ج7: كلّ مكلف يرجع في تحديد (المرجع الأعلم) إلى من يثق به من اهل الاختصاص ونحن لا نبدي رأياً في ذلك ونحترم الجميع.
س8: ما هي أفضل نصيحة للعراقيين من خلال ذكر حديث نبوي أو من خلال حديث لإمام أو مرجع؟
ج8: في القرآن الكريم واحاديث  النبي+ واهل بيته (ع) الكثير ممّا لو عمل بها المسلمون لكانوا في حال أفضل من الحال الحاضر ومن أبرز ذلك قوله تعالى: (فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أكحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الالباب).
س9: ما هو موقفكم ورأيكم تجاه التواجد الامريكي؟
ج9: نشعر بقلق شديد تجاه أهدافهم ونرى ضرورة أن يفسحوا المجال للعراقيين بأن يحكموا أنفسهم بأنفسهم من دون تدخل أجنبي.
س10: ما هو أكبر خطر وتهديد لمستقبل العراق؟
ج10: خطر طمس هويته الثقافية التي من أهم ركائزها هو الدين الاسلامي الحنيف.
س11: ما هو المطلوب من رجال الدين في الحكم؟ هل يجب أن يكون لهم دور في الحكومة؟
ج11: تقدم الجواب عن ذلك.
س12: هل الجو والوضع في النجف يعتبر خطر؟
ج12: نعم لا يزال الوضع غير آظمن.
س13: ما هو معدل عمل السيد السيستاني (الوالد) أو السيد محمد رضا السيستاني أعني جدول الأعمال اليومية وكيفية آلية العمل بالنسبة لسماحتكم؟
ج13: سماحة السيد يقضي معظم أوقاته صباحاً ومساءاً _ بين الإجابة على الاستفتاءات الشرعية واستقبال الزائرين وقراءة مختلف الكتب التي تُقدّم إليه أو تُوفّر له، ويقضي بعض الوقت في متابعة ما تبثّه بعض الاذاعات وما تنشره بعض الصحف.
س14: هل جنابكم وسماحتكم متفائلين بالمستقبل أم متشائمين؟
ج14: علينا ان نتفاءل وفي الحديث: (تفاءلوا بالخير تجدوه).
مكتب السيد السيستامني (دام ظله)
النجف الأشرف
 
 
رقم:14
إستفتاءات حول آلية تشكيل المجلس الدستوري
بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة سيدنا ومرجعنا المفدى آية الله  العظمى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله).
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد.
أعلنت سلطات الاحتلال في العراق أنها قررت تشكيل مجلس لكتابة الدستور العراقي القادم، وأزنها ستعيّن اعضاء هذا المجلس بالمشاورة مع الجهات السياسية والاجتماعية في البلد، ثم تطرح الدستور الذي يقرّه المجلس للتصويت عليه في استفتاء شعبي عام.
نرجو التفضل ببيان الموقف الشرعي من هذا المشروع وما يجب على المؤمنين أن يقوموا به في قضية إعداد الدستور العراقي.
جمع من المؤمنين
20/ربيع الآخر/1424هـ
بسمه تعالى
إن تلك السلطات لا تتمتع بأية صلاحية في تعيين أعضاء مجلس كتابة الدستور، كما لا ضمان أن يضع هذا المجلس دستوراً يطابق المصالح العليا للشعب العراقي ويعبّر عن هويته الوطنية التي من ركائزها الأساس الدين  الاسلامي الحنيف والقيم الاجتماعية النبيلة، فالمشروع المذكور غير مقبول من أساسه، ولابد أولاً من إجراء انتخابات عامة لكي يختار كل عراقي مؤهل للانتخابات من يمثّله في مجلس تأسيسي لكتابة الدستزور، ثم يجري التصويت العام على الدستور الذي يقرّه هذا المجلس، وعلى المؤمنين كافة  المطالبة بتحقيق هذا الأمر المهم والكمساهمة في إنجازه على أحسن وجه، أخذ الله تبارك وتعالى بأيدي الجميع إلى ما فيه الخير والصلاح والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
25/ع2/1424هـ
علي  الحسيني السيستاني
 
رقم:15
استفتاءات حول شراء اليهود الصهاينة بعض العقارات
بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة سيدنا ومرجعنا المفدى آية الله العظمى السيد علي الحسيني  السيستاني (دام ظله)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
نُمي إلى أسماعنا أن بعض اليهود الصهاينة قد دخلوا العراق بعد الاحتلال ويسعون في عملية منظمة إلى شراء الفنادق والمراكز التجارية والدور وقطع الاراضي في بغداد والمحافظات ويبذلون بأزائها أسعاراً خيالية فما هو حكم بيعها عليهم.
أفتونا مأجورين
جمع من المؤمنين
20/ربيع الاخر/1424هـ
بسمه تعالى 
لا يجوز البيع والثمن سحت والله العالم
25/ع2/1424هـ
علي الحسيني السيستاني
 
رقم:16
إستفتاءات حول افتتاح مكاتب تحمل عنوان
(الحوزة العلمية في النجف الأشرف)
بسم الله الرحمن الرحيم
مكتب سماحة آية الله العظمى المرجع الديني الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني (
دام ظله الوارف) السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قام بعض المعممّين بافتتاح مكاتب تحمل عنوان (الحوزة العلمية في النجف الأشرف) في محافظات القطر وأخذوا على عاتقهم استلام المواد المسروقة من اموال الدولة والتصرف فيها ببيعها وتوزيع المبالغ على المنتسبي للمكتب أو صرفها في موارد أخرى، وتارة يقومون باستلام الخمس ممن اشترى مادة مسروقة وبهذا التخميس تصبح المادة المسروقة ملكاً لمشتريها، ويستخدمون سيارات حديثة مسروقة من أموال الدولة وقد كتب عليها(خدمات الحوزة العلمية)، ويتدخلون في شؤون الدوائر مالصحية والتربوية والخدمية كالمستشفيات والمدارس ومحطات الوقود وغيرها ممّا أدى إلى استهجان هذه التصرفات من قبل المنتسبين خصوصاً والمجتمع عموماً وألقوا باللوم على الحوزة العلمية، فصورة هذه المؤسسة المقدسة بدأت وللأسف الشديد تهتز في أنظار  الكثيرين إذا لم تعلن الحوزة الشريفة موقفها من هذه التصرفات، ومن دافع المسؤولية الشرعية نعرض أمام نظركم الشريف هذه الأسئلة راجين الإجابة عليها:
س1: هل أن لهذه المكاتب صفة شرعية أو أنها مأذونة ومخولة مكن قبلكم؟
ج1: هذه المكاتب غير مخولة من قبلنا ولا علاقة لنا بها.
س2: ما رأي سماحتكم في مثل هذه التصرفات التي يقومون بها؟
ج2: لا نصحّح هذه التصرفات ونرى ضرورة الابتعاد عنها، وقد أكدّنا ذلك لجميع الوكلاء والمعتمدين وغيرهم من طلبة العلوم الدينية منذ بداية الأحداث الأخيرة.
س3: هل من كلمة توجيهية للناس حول التعامل مع هؤلاء الأشخاص والمكاتب التي تقوم بهذه الأفعال؟
ج3: ننصح المؤمنين _ وفقهم الله تعالى لمراضيه_ بأن لا يعتمدوا إلا على من يثقون بعمله وورعه وتقواه والتزامه التام بتوجيهات المرجع الذي يقلّدونه والله الموفق.
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
النجف الأشرف
29/ع2/1424هـ
 
 
رقم:17
أسئلة صحيفة ((لوس انجلوس تايمز))
س1: كما ورد في فتوى سماحتكم بأن مجلس الـ(30) شخصاً يجب ان يكون منتخباً، 
من الذي سينتخبهم؟ هل هم جميع العراقيين؟ ومن الذي يقرر من هو المؤهل للتصويت؟ ومن الذي يختار المرشحين؟
ج1: أعضاء مجلس كتابة الدستور يجب أن يتم اختيارهم من قبل الشعب العراقي بجميع أبنائه المؤهلين للانتخابات، وأما الشروط التي يجب توفرها في المشاركين في التصويت وفي المرشحين فهي شروط عامة معروفة.
وقد تم ترتيب انتخابات المجلس الدستوري في تيمور الشرقية بإشراف الأمم المتحدة _كما أخبرنا بذلك ممثل الأمين العاكم في زيارته لسماحة السيد_ فلماذا لا يمكن كترتيب ذلك في العراق؟!!
س2: ما هو رأي سماحتكم بالخطة الحالية، وها بالإمكان انتظار النتائج دون الأخذ بنظر الاعتبار الآلية المتبعة؟
ج2: لا بديل وعن آلية الانتخابات الحرة المباشرة في اختيار أعضاء مجلس كتابة الدستور. 
س3:  هل بإمكان سماحتكم التريث في صدور الدستور؟
ج3: الدستور الذي يضعه مجلس غير منتخب من قبل الشعب لا يمكن القبول به.
س4: ما هو أقصى حطد يمكن لقوات التحالف البقاء بالعراق؟
ج4: المهم أزن تفسح المجال للعراقيين في أن يحكموا بلدهم بأنفسهم من دون تسويف ومماطلة.
2/جمادي الأولى/1424هـ
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
النجف الأشرف
 
رقم:18
أسئلة من صحيفة فرنسية
حضرة السيد محمد رضا المحترم
تحية طيبة
س1: هل دُعي آية الله السيستاني للمشاركة في مطجلس الحكم المنوي تشكيله وفي المباحثات مع السلطات الأمريكية حول هذا لتشكيل؟
ج1: ليس من شأن سماحة المرجع المشاركة فيما يسمى بـ(مجلس الحكم) المزمع تشكيله من قبل سلطة الاحتلال، ولم يجر أيّ اتصال بين سماحته وبين المسؤولين في سلطة الاحتلال بشأن تشكيل هذا المجلس أو أي أمر آخر يتعلق بمستقبل العراق.
س2: هل سيمثل الشيعة الاكثرية من الشعب العراقي في المجلس؟ 
ج2: لا تتوفر لدينا معلومات عن الأشخاص المزمع تعيينهم فيما يسمى بـ(مجلس الحكم)
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
النجف الأشرف
رقم:19
أسئلة وكالة الصحافة الفرنسية
س1: ما هو رأيكم بصياغة الدستور الجديد للعراق ومن المخول برأيكم المسؤول عن صياغته؟
ج1: الدستور العراقي يجب أن يكتب من قبل ممثلي الشعب العراقي الذين يتزم اختيارهم عن طريق الانتخابات العامة، وأي دستور يضعه مجملس غير منتخب من قبل الشعب لا يمكن القبول به.
س2: ما هو رأيكم بخصوص الحكومة الانتقالية ومن المسؤول عن تشكيل هذه الحكومة؟
ج2: الشرعية هي للحكومة التي تكون منبعثة عن إرادة الشعب العراقي بجميع طوائفه وأعراقه.
14/ج1/1424هـ
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
النجف الأشرف
 
رقم:20
أسئلة صحيفة سان فرانسيسكو
سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله) 
س1: هل تعتبرون المجلس الحكومي الذي شكلّه الأمريكان شرعياً على الرغم ان اختيار أعضاءه تم من قبل الأمريكان؟
ج1: إن سماحزة المرجع لم يعلق بشيء حول ما يسمى بـ(مجلس الحكم) والحكومة التي ستنبثق عنه.
س2: إذا كان جوابكم نعم ، فلماذا حيث انكم أصدرتم فتوى اعتبرتم فيه المجلس الدستوري غير شرعي لأن الأمريكان، حسب رأيكم، لا يمكلكون الصلاحية في اختيار الاعضاء؟
ج2: تقدّم ان سماحة المرجع لم يعلّق بشيء حول هذا الموضوع، وأما موضوع الدستور فلأهميته القصوى  وكونه مرتبطاً بتقرير مصير العراق ومستقبله فقد ارتأى سماحمته أزن يوضّح رأيه بشأنه ويؤكد على ضرورة ان يعتمد في كتابة الدستور القادم على آلية الانتخابات دون التعيين، وانه لا شرعية لأي دستور يكتب بأيدي أشخاص معينين سواء من قبل سلطة الاحتلال أو أعضاء ما يسمى بمجلس الحكم أو غيرهم.
  س3: إذا كان المجلس الحكومي غير الشرعي ، فما هي نوع العلاقات التي يفترض أن تربط المسلمين بالمجلس من جهة، ومع الحجكومة العراقية – الأمريكية المشكّلة من جهة أخرى؟
ج3: ظهر الجواب عن هذا السؤال ما تقدم.
14/ج1/1424هـ
مككتب السيد السيستاني (دام ظله)
النجف الأشرف 
 
رقم:21
أسئلة صحيفة أساهي اليابانية
س1: ما هو رأي سماحكتكم في مجلس الحكم الذي شُكل مؤخراً؟ 
ج1: إن سماحة المرجع لم يعلّق بشيء حول هذا  المجلس وفق منهجه بعدم تعاطي تفاصيل الشؤون السياسية، وأما موضوع الدستور فلأهميته القصوى وتعلّقه بمصير البلد ومستقبله فقد ارتأى سماحته أن يصدر بشانه الفتوى الشهيرة.
س2: ما هو تعريفكم لقوات التحالف المتواجدة على أرض العراق:
ج2: إنها قوات احتلال كما أقرّ بذلك مجلس الأمن.
س3: كان هناك استفتاء حول مجلس الدستور، هل كان من بين الذين طرحوا هذا الاستفتاء على سماحتكم قضاة أو محامين عراقيين؟
ج3: كان المستفتون من مختلف الشرائح من النخب المثقفة وغيرهم.
س4: غالبية الشعب العراقي من الشيعة، ما هو الدور الذي تريد ان يلعبه شيعة العراق سياسياً؟ وما نوع الحكم الذي تريدونه في العراق، أي ما شكل الحكومة مستقبلاً ونوع النظام؟
ج4: أمّا ما يريده الشيعة فهو لا يختلف عمّا يريده سائر أبناء الشعب العراقي من استيفاء حقوقهم بعيداً عن أي لون من ألوان  الطائفية، وأما شكل نظام الحكم فيلزم أن يحدده الشعب العراقي بجميع أبنائه من مختلف الأعراق والطوائف وآلية ذلك هي الانتخابات العامة.
س5: سوف يقوم الجيش الياباني بمهام في العراق لربما ابتداءاً من الخريف، مع أنّها المهمة الأولى للجيش الياباني منذ نهاية الحرب  العالمية الثانية ما هو رأي سماحتكم في قدوم الجيش الياباني إلى العراق؟
ج5: ممكن أن ينظر الشمعب العراقي بإيجابية إلى قدومهمم إذا تمّ تحت مظلة الأمم المتحدة ولغرض توفير الظروف الملائمة لإجراء الانتخابات العامة لتشكيل المجلس التأسيسي لكتابة الدستور.
س6: لماذا لم يلتق سماحتكم بالسفير بريمر الحاكم المدني للعراق عند زيارته لمدينة النجف الأشرف؟
ج6: لقد طلب مقابلة سماحة المرجع، كما طلب مثل ذلك من قَبْل الجنرال غارنر وطلبها أيضاً نائب وزير الدفاع الموجود حالياً في العراق ولكن سماحته لم يجد ما يستدعي مثل هذه اللقاءات.
19/ج1/1424هـ
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
النجف الأشرف
 
رقم:22
أسئلة جريدة الاقتصاد اليابانية
بسم الله الرحمن الرحيم
س1: ما هو رأي سماحتكم حول المجلس الإنتقالي؟ هل تعتقدون أن المجلس غير مؤهل؟
ج1: سماحة السيد المرجع لم يعلّق بشيء حول هذا المجلس، وإنما أبدى نظره حول مجلس كتابة الدستور وهو ضرورة إجراء الإنتخابات العامة لختبار أعضائه من قبل الشعب مباشرة.
س2: ما هو رأيكم بالحكم الجديد في العراق؟ هل تؤيدون الحكم الإسلامي؟ هل تحبون ان تكون دولة العراق مثل دولة إيران الإسلامية؟ 
ج2: أمّا تشكيل حكومة دينية على أساس فكرة ولاية الفقيه المطلقة  فليس وارداً، ولكن يفترض بالحكم الجديد أن يحترم الحكم الإسلامي الذي هو دين أغلبية الشعب العراقي ولا يقرّ ما يخالف تعاليم الإسلام.
س3: إنّ الجيش الياباني المؤلف من 1300 جندي يكون في العراق في الشهر العاشر؟ ما هو رأيكم به؟
ج3: يمكن أن ينظر الشعب العراقي إلى قدومهم بإيجابية إذا تمّ تحت مظلة الأمم المتحدة ولغرض توفير الظروف الملائمة لإجراء الإنتخابات العامة لتشكيل المجلس المكلّف بكتابة الدستور.
س4: ما هي العلاقة بين الحكومة المؤقتة وبينكم هل تتلقون الدعم منهم؟ أم ماذا؟
ج4: لا علاقة بيننا ولابين  السلطة المؤقتة، وأمّا الحكومة المؤقتة فلم تتشكل بعد.
28/ج1/1424هـ
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
النجف الأشرف
 
 
رقم:23
أسئلة صحيفة نيويورك تايمز
بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
س1: في الفترة الأخيرة ومن خلال خطبة الجمعة، هناك دعوات لمقاومة الاحتلال الأمريكي بصورة مباشرة ودعوات اخرى تدعو إلى الحوار ووالاشتراك معهم لبناء العراق وترى أنّ هذا هو الطريق الأحسن فمن من الفريقين تدعم سماحتكم؟
ج1: إنّ المرجعية الدينية تدعو إلى اتّباع الأساليب السلمية باتجاه الإسراع في إعادة السيادة على العراق إلى العراقيين وتمكينهم من حكم بلدهم من دون أيّ تدخل اجنبي.
س2: هناك شقاق يتطور داخل المجتمع الشيعي بخصوص الموضوع أعلاه، ما هي مخاطر ان يقلل هذا الانشقاق من فرص أن يكون للشيعة أخيراً دوراً مهماً في مستقبل العراق؟
ج2: لا يوجد شقاق بهذا الشأن في الوقت الراهن، ربما هناك افراد قلائل يفكرون وفق الاتجاه المذكور، نأمل أن يتم الاسراع في إعادة السيادة إلى العراقيين لئلا تتطور الامور وفق هذا الاتجاه.
س3: هل لرجال الدين ان يكوّنوا جيوش خاصة لحماية الحوزة أو لمراقبة وصيانة الأخلاق العامة؟
ج3: ليس هذا وارداً لدينا.
س4: مجلس الحكم بخطط لتكوين نوع من انواع المجالس التي ستقوم بكتابة الدستور هل هذا دور ملائم لمجلس الحكم؟ وما هي متطلبات هكذا تشكيل دستوري؟ وهل يمكن تطبيق فكرة (ولاية الفقيه في العراق)؟
ج4: لا صلاحية لهم في تعيين أعضاء مجلس كتابة الدستور، بل لابد من إجراء الانتخابات العامة لهذا الغرض كما ورد في الفتوى الصادرة من سماحة المرجع في وقت سابق، وأمّا تشكيل حكومة دينية على أسا فكرة ولاية الفقيه المطلقة فليس وارداً مطلقاً.
س5: تم تشكيل بعض محاكم الشرعية في مدينة النجف وفي أماكن أخرى هل تتوقع أن تستمر هذه المحاكم في العمل حتى بعد عودة النظام القضائي في العراق؟ وهل ستتعارض المحاكم الشرعية مع عمل القضاء في العراق؟
ج5: لا علاقة للمرجعية الدينية بهذه (المحاكم) وإنما يديرها بعض (الطلاب) غير المؤهلين.
س6: النجف كانت لفترة طويلة مكان مهم جداً للشيعة في كل انحاء العالم، في فترة نظام صدام كثير من الشيعة منعوا عن هذه المدينة هل تتوقع أن تستعيد النجف دورها الأساسي في حياة الشيعة بما فيها دفن الموتى في مدينة النجف؟ ولماذا هذا مهم؟
ج6: ستبقى النجف الأشرف البقعة المباركة التي تهفوا إليها قلوب الملايين من الشيعة وغيرهم من المسلمين لزيارة مرقد الإمام علي (ع) والدفن بجواره، ونأمل أن تتوفر الظروف الملائمة لتطوير حوزتها العلمية التي كانت ولا تزال محطّ أنظار الجميع.
28/ج1/1424هـ
النجف الأشرف
 
رقم:24
أسئلة صحيفة لوس أنجلوس تايمز
س1: ماذا تعتقدون سماحتكم باللجنة التي ستكلف لكتابة الدستور هل:
أـ منتخبة من قبل العراقيين
ب ـ يتم تعيينهم من قبل مجلس محلي أو رجال دين
ج ـ أيّ من الخيارين أعلاه بشرط موافقة العراقيين على أحد الخيارين.
ج1: لا صلاحية أي جهة كانت في تعيين أعضاء مجلس كتابة الدستور بل يلزم أن يكون منتخباً من قبل الشعب العراقي عن طريق صناديق الاقتراع وهي الطريقة الوحيدة التي يمكن التوصل بها إلى معرفة رأي الشعب العراقي في هذه القضية المهمة.
س2: هل ترتأي سماحتكم أن  العراق بحاجة إلى جيش آخر جنباً إلى جنب أو بديلاً عن الجيش الذي تم تأسيسه من قبل الحلفاء؟
ج2: جيش العراق هو الجيش الوطني الذي يقوده العراقيون ومهمته الدفاع عن العراق أرضاً وشعباً ومقدسات، ولا محلّ لجيش آخر إلى جنب هذا الجيش.
س3: هل هنالك أشخاص يدّعون تمثيلهم الحوزة العلمية الناطقة؟ ومن هؤلاء؟ وهل من الطوائف الأخرى؟ من خارج العراق؟
ج3: الحوزة العلمية ممثلة بمراجعها العظام تنطق أو تصمت وفق مقتضيات المصلحة الدينية، ولا نعرف معظم المشار إليهم في السؤال ولا خططهم ولا أهدافهم ولا مصادر دعمهم في الداخل والخارج.
 س4: هل تعتقد سماحتكم بأن يجب أني يكون للحوزة الشريفة دوراً أكبر في الحياة السياسية للعراق وخصوصاً تحت  الظروف  الحالية؟
ج4: الدور الأساسي للحوزة العلمية هو التعليم والإرشاد والتثقيف الديني ولكن ذلك لا يمنع من ان تبدي المرجعية الدينية رأيها في المنعطفات المهمة في حياة الشعب كإداد الدستور الدائم للبلاد.
4/ج2/1424هـ
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
النجف الأشرف
رقم: 25
أسئلة صحيفة بايونير الهندية
بسمه تعالى
سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله) السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
نتوجه لسماحتكم بالأسلة التالية راجين التفضل بالاجابة عليها:
س1: هل لديكم أسماء تقترحونها على مطجلس الحكم كخبراء لكتابة دستور عادل ومناسب للعراق؟
ج1: من يكتب الدستور العراقي القادم يجب أن يكون منتخباً من قبل الشعب العراقي ولا شرعية لآلية التعيين.
س2: لقد صرحتم بأن مجلس الحكم لا يمتلك الصلاحية الشرعية لكتابة الدستور، فهل برأيكم ان الدستزور تجب كتابته من قبل حكومة منتخبة من قبل الشعب، او من قبل مجموعة من القضاة، أو من قبل زعماء دينيين؟
ج2: ظهر الجواب عن ما سبق.
س3: م الذي ترغبون بإدخاله في الدستور من مباديء الحكومة والقانون الاسلامي؟
ج3: الثوابت الدينية والمباديء الأخلاقية والقيم الاجتماعية للشعب العراقي يجب ان تكون الركائز الأساس للدستور العراقي القادم.
س4: كم ينبغي باعتقادكم بقاء الاحتلال الأمريكي للعراق؟ وقد صرح السيد بول بريمر بأن الجنود الأمريكان سيبقون في العراق حتى بعد قيام حكومة منتخبة من قبل الشعب، فهل تؤيدون أمراً من هذا القبيل؟
ج4: كيف يمكن أن نؤيد بقاء قوات الاحتلال في العراق؟!!
س5: الشعب العراقي غاضب من معاملة قوات الاحتلال للعراقيين مثل قتل واعتقال المواطنين الأبرياء والحوادث التي جرت يوم أمس في مدينة الثورة، نرجوا أن توضحوا لنا رأيكم بكل ذلك. ودمتم.
ج5: سبق أن أبدينا تذمرنا واعتراضنا على سوء معاملتهم للمواطنين.
16/ج2/1424هـ
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
النجف الأشرف
 
رقم:26
أسئلة جريدة الزمان العراقية
سماحة المرجع السيد علي السيستاني دام ظله
بعد التحية
حرصت جريدة (الزمان) العراقية العربية الصادرة في لندن وبغداد على نشر كل ما يصدر عن سماحتكم من فتاوى ومتابعة الآراء المعتدلة التي تتميزون بها ودعواتكم للحوار بين العراقيين ونظراً لما تتمتع به المرجعية التي تتولون شؤونها من أهمية على الصعيدين العراقي والاسلامي أرجو أن تتفضل سماحتكم بمنح الجريدة مقابلة خاصة والإجابة على الأسئلة أدناه متمنين لكم طول العمر ودوام الصحة والعافية.
س1: ما مواصفات الدستور الذي تدعون إلى صياغته من قبل عراقيين؟ وهل تقفون إلى جانب الشورى والتعددية واحترام الرأي الآخر والفصل بين السلطات في الدستور العراقي الجديد؟
ج1: الثوابت الدينية والمباديء الأخلاقية والقيم الاجتماعية النبيلة للشعب العراقي ينبغي أن تكون هي الركائز الأساس للدستور العراقي القادم، إلى جنب مبدأ الشورى والتعددية واحترام الأقلية لرأي الأكثرية ونحو ذلك.
س2: الدور الأساس للمرجعية في العراق وفي العالم الاسلامي؟
ج2: الدور الأساس للمرجعية الدينية هو تزويد المؤمنين بالفتاوى الشرعية في مختلف نواحي  الحياة، والسعي في ترويج الدين الحنيف على نهج أئمة أهل البيت عليهم السلام بزما يشمل عليه من مكارم الأخلاق ورعاية حقوق الآخرين وعدم التجاوز عليها.
س3: يكتسب الحوار بين المذاهب الاسلامية أهمية خاصة في التقريب بين وجهات نظر المسلمين حول العدديد من القضايا، فهل في نيتكم تبني مبادرة للحوار مع أهل السنة في العراق؟
ج3: التواصل مع إخواننا أهل السنة قائم سواء عن طريق اللقاءات المباشرة أم غيرها، ووجهات النظر بيننا وبينهم متطابقة او متقاربة في معظم القضايا الرئيسية، والحوار هو الأسلوب الأمثل لحلّ الخلاف إن وجد.
س4: هل توجد لدى سماحتكم خطة عمل للتواصل والحوار مع النخب الثقافية العراقية في الظرف الراهن والتأسيس لدعوات الحوار واعتدال المرجعية بين فئات أوسع؟
ج4: المرجعية الدينية في النجف الأشرف تتواصل مع النخب المثقفة من أساتذة الجامعات وغيرهم، وتسعى إلى رفع مستوى الوعي الثقافي لدى مختلف شرائح المجتمع العراقي، فإنّ ذلك هو السبيل الوحيد لدرء الأخطار عن العراق وشعبه.
ملحوظة: تنشر جريدة (الزمان) أحياناً بعض الأخبار الملفقة أو غير الدقيقة منسوبة إلى سماحة السيد المرجع، ومنها خبلا تولّي المرجعية الدينية لشؤون الأمن في مدينتي النجف الأشرف وكربلاء.
17/ج2/1424هـ
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
النجف الأشرف
 
رقم:27
أسئلة جريدة الحياة وتلفزيون LBC
س1: ما هو رأي سماحتكم بآلية تشريع الدستور الدائم للبلاد..؟
ج1: سبق لسماحة اسيد المرجع ان أبدى رأيه في ذلك حيث رفض آلية التعيين وأكدّ على لزوم إجراء الانتخابات لتشكيل المجلس التأسيسي لكتابة  الدستور.
س2: ما هو الدستور الذي تريدونه..؟
ج2: الدستور العراقي القادم ينبغي أن تكون ركائزه الأساس هي الثوابت الدينية والمباديء الأخلاقية السامية والقيم الاجتماعية النبيلة للشعب العراقي إلى جنب مبدأ الشورى والتعددية واحترام الأقلية لرأي الأكثرية ونحو ذلك.
س3: ما هو رأيكم ملانا بمجلس الحكم الانتقالي؟
ج3: سماحة السيد مدّ ظله لم يعلّق على تشكيل هذا المجلس.
19/ج2/1424هـ
مكتب السيد  السيستاني (دام ظله)
النجف الأشرف
 
 
رقم:28
رسالة تعزية إلى الأمين العام للأمم المتحدة بمناسبة اغتيال ممثله في العراق السيد (( سيرجيو دي ميلو))
بسم الله الرحمن الرحيم
والسيد كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة – نيويورك
تحية طيبة
لقد تلقينا ببالغ الأسف نبأ الحادث المروّع  الذي أودى بحياة ممثلكم الشخصي في العراق السيد سرجيو دي ميلو وعدد من العاملين معه في مقر الأمم المتحدة ببغداد.
ونحن إذ نستنكر هذا العمل الاجرامي ونشيد بالفقيد الذي استقرأنا من خلال زيارته لنا حرص الأمم المتحدة على الوقوف إلى جانب العراق في محنته الراهنة، لنأما ان لا يعيق هذا الحادث المؤسف جهود المنظمة الدولية في مساعدة الشعب العراقي في وهذا الظرف العصيب، بل نأمل ان تتولى دوراً مركزياً في إقامة الأمن والاستقرار في العراق خلال المرحلة الانتقالية، وتقوم بالإشراف على الخطوات اللازمة لتمكين  العراقيين من أن يحكموا بلدهم بأنفسهم وتعود إليهم السيادة عليه.
نسأل الله العلي القدير أن يمنّ على  العراق والعالم أجمع بالأمن والسلام، ويأخذ بيدكم إلى ما فيه خير شعوب العالم عامة والشعب العراقي خاصة، إنه سميع مجيب.
22 جمادي الآخرة 1424هـ
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
النجف الأشرف
 
رقم:29
إستفتاء حول وضع صور
سماحة السيد السيستاني في الأماكن العامة
بسمه تعالى
إلى سماحة مرجعنا المفدى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله الوارف).
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إننا جمع من الشباب نقوم بتوزيع ونشر صوركم على المؤمنين مجاناً وتعليقها على أبواب محلات المؤمنين وذلك لعدة أسباب ..
1ـ لكي يتبرك الناس بةالنظر إلى سماحتكم كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ((النظر إلى وجه العالم عبادة)) وكثير من الناس لم تتشرف برؤيتكم بسبب الظروف  المانعة.
2ـ عسى أن يهتدي  المرء او يكفّ عن ذنبه عندما يرى علماً من وعلماء الدين الربانيين ويقتدي بهم.
ولكن بعض الاخوان قالوا لنا: ان السيد السيستاني (دام ظله) يُشْكِل على هذه الحالة، رغم الأسباب المذكورة آنفاً، مما جعلنا نتوقف عن  التوزيع لحين أخذ الإذن الشرعي من سماحتكم سائلين المولى عز وجل ان يديمكم ذخراً للاسلام والمسلمين وحصناً منيعاً لهما والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
جمع من المؤنين 
 
بسمه تعالى
سماحة السيد مدّ ظله لا يرغب في وضع صورته في الأماكن العامة بل يرجو من المؤمنين ترك ذلك.
وفقكم الله لكل خير والسلام عليكم وعلى جميع إخواننا المؤمنين ورحمة الله وبركاته.
24/ج2/1424هـ
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
النجف الأشرف
 
رقم:30
بيان حول الاعتداء على مكتب 
سماحة آية  الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم (دام ظله)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام عى خير خلقه محمد وآله الطاهرين ولا حول ولا قوة إلاّ بالل  العلي العظيم وبعد:
يعاني الشعب العراقي منذ سقوط النظام السابق من سوء الوضاع المنية وتزايد العمال الاجرامية التي يتعرض لها المواطنون في مختلف أرجاء العراقوكان من آخرها الاعتداء الآثم الذي استهدف مكتب سماحة المرجع الديني آية الله  الحكيم دامت بركاته، حيث أدى إلى سقوط العديد من الأبرياء بين قتيىل وجريح ونجم عنه أيضاً اضرار واسعة في الممتلكات والدور المجاورة.ونحن إذ نشجب جميع الأعمال الاجراميّة ولا سيما ما يمسّ منها الحوزة العلميّة المقدسة ندعو الجهات ذات العلاقة إلى وضع حدّ لهذه الظاهرة الخطيرة واتخاذ الاجراءات اللازمة لتحسين الوضع الأمني ومنها تعزيز القوات الوطنية العراقية المكلفة بتوفير الأظمن والاستقرار ودعمها بالعناصر الكفوءة والمعدات الضرورية.
نسأل الله العلي القدير أن يجنب الشعب العراقي عامة والحوزة العلمية خاصة كل سوء ومكروه ويأخذ بأيدي  الجميع إلى ما فيه الخير والصلاح إنه سميع مجيب.
مكتب السيد  السيستاني (دام ظله)
النجف الاشرف
26 جمادي الآخرة 1424هـ
 
رقم:31
أسئلة صحيفة كزاتا ثيبورتشا  البولونية
س1: النظام الذي يعتقد سماحتكم ان يكون في العراق هل هو نظام ديمقراطي او أي نظام آخر؟
ج1: النظام الذي يعتمد مبدأ الشورى والتعددية واحترام حقوق جميع  المواطنين.
س2: أي قوانين يعتبرها سماحتكم جيدة بالنسبة للعراق من خلال الدستور الجديد؟
ج2: الدستور العراقي القادم ينبغي أنيرتكز على الثوابت الدينية والمباديء الأخلاقية والقيم الاجتماعية النبيلة للشعب العراقي.
س3: أرجو بيان ما هو الفرق بين ما صدر من سماحتكم وبين ما يصدر من السيد مقتدى؟
ج3: ما ذكره سماحة السيد دام ظله بشأن آلية كتابة الدستور العراقي  القادم وبشأن محتواه وسائر ما يتعلق بمستقبل العراق واضح، ولم نقف على ما صدر من الآخرين في هذه المجالات.
س4: ما هو سبب النظام والهدوء ونظافة مدينة النجف الاشرف من كل الجوانب هل يعود ذلك إلى تدخل رجال الدين المباشر في ذلك او ان هناك تفسير آخر؟
ج4: ليس للمرجعية الدينية دور مباشر فيما يتعلق بالوضع الأمني في النجف الأشرف وقد وقعت فيه حوادث مؤسفة كان آخرها محاولة اغتيال السيد الحكيم دامت بركاته.
س5: هل هناك حسب ما يراه سماحتكم اختلاف حول القوات البولونية  الموجودة في المنطقة والقوات الأمريكية؟
س6: يخصوص الأمريكان هل من التصرف الصحيح للأمريكان مهاجمة صدام وأعوانه في الوقت الحاضر، وكم من الوقت ستبقى القوات الأمريكية في العراق؟
ج6: ينبغي الاعتماد في توفير الأمن والاستقرار في مختلف ربوع العراق على قوات الشرطة وسائر القوات الوطنية بعد تعزيزها بالعناصر الكفوءة والمعدات الضرورية.
27/ج2/1424هـ
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
النجف الأشرف
 
 
رقم:32
إستفتاء حول التجاوز على الأراضي العامة
بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني (دام ظله الوارف)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لوحظ في الآونة الاخيرة قيام العديد من المواطنين بالتجاوز على الأراضي العامة المسجلة باسم البلدية او أحد دوائر الدولة وبناء دور سكنية عليها دون الحصول على أي موافقات من الجهات ذات العلاقة وان قسم منهم يدعي حصوله على ترخيص شرعي من سماحتكم او أحد وكلائكم، ليتفضل سماحتكم مأجورين لبيان الحكم الشرعي حول الموضوع وما يترتب عليه من آثار. ايدكم الله وحفظكم ذخراً للإسلام والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لفيف من المواطنين
في النجف الأشرف
 
بسمه تعالى
لم يرخّص سماحة السيد مدّ ظله لأي شخص او جهة بالاستيلاء على قطع الأراضي الخالية في الأحياء السكنية او  في غيرها من دون الحصول على الموافقات الرسمية الأصوية، بل قد منع من ذلك كما هو منشور في أجوبة استفتاءاته، ومن قام بالبناء في هذه الأراضي لم يستتبع ذلك حقاً له فيها وبالإمكان إلزامه بالتخلية والله العالم.
27/ج2/1424هـ
مكتب السيد السيستاني في النجف الأشرف
أجوبة المسائل الشرعية
 
رقم:33
اسئلة صحيفة نوفيل أوبزرفاتر الفرنسية
س1: كيف ترون الحالة الأمنية في الوقت الحاضر من العراق؟
ج1: الوضع الأمني سيء والأعمال الإجرامية تعمّ مختلف أرجاء العراق.
س2: ما هي وجهة نظر آية الله السيد السيستاني حول تحضير الدستور الدائم للعراق؟
ج2: سماحة السيد يؤكد على ضرورة ان يكون المؤتمر الدستوري الذي سيعدّ الدستو رالقادم منخباً من قبل الشعب لا معيّناً من أية جهة كانت.
س3: ما هو الوقت المناسب لمغادرة الأمريكان من العراق؟
ج3: لا مبرر لتواجدهم من الأساس، وإذا كانت هناك حاجة إلى قوات أجنبية لحفظ الأمن والاستقرار في العراق في المرحلة الانتقالية فلتكن تحت مظلة الأمم المتحدة.
س4: هل ترى في الوقت الحاضر أن الشيعة في العراق أكثر توحداً وتعاوناً وتقارباً فيما بينهم عن قبل؟ 
ج4: إذا لم تتدخل الأيادي الأجنبية في الشأن العراقي فسيكون كل الشعب في العراق أكثر انسجاماً وتقارباً لا خصوص الشيعة.
س5: هل ترغب ان تلعب فرنسا دوراً في بناء العراق وكذلك الأمم المتحدة؟
ج5: هذا جيد وفق ما تمليه مصلحة الشعب العراقي.
 س6: ما هي أفضل السبل المتبعة التي ممكن اتخاذها لمقاضاة المطلوبين للشعب وإنزال القصاص العادل بهم؟
ج6: إيكال ذلك إلى المحاكم العراقية المختصة.
1/رجب/1424هـ
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
النجف الأشرف
 
رقم:34
بيان حول استشهاد سماحة آية الله السيد محمد باقر الحكيم طاب ثراه
بسم الله الرحمن الرحيم
(إِنَّا للهِ وَإِنَّآ إِلَيْهِ رَجِعُونَّ)
لقد امتدت الآيادي الآثمة مرة اخرى لترتكب جريمة مخزية استهدفت في جوار الروضة العلوية المقدسة سماحة اية الله السيد محمد باقر الحكيم طاب ثراهحيث ادى حادث التفجير المروع إلى استشهاد سماحته وسقوط مئات الابرياء الاخرين بين شهيد وجريح وحدوث اضرار واسعة في المشهد المقدس والممتلكات المجاورة.
إن هذه الجريمة الوحشية والجرائم التي سبقتها في النجف الاشرف وسائر مناطق العراق يقف م ورائها من لا يريدون اعادة الامن والاستقرار لهذا البلد الجريح ويسعون في زرع بذور الفتنة والشقاق بين ابنائه ولكننا على ثقة بان الشعب العراقي يعي هذه الحقيقة وسيقف صفا واحدا دون تحقيق مارب الاعداء وسيتجاوز محنته الراهنة باذن الله تعالى.
ونحن اذ نستنكر هذه الاعمال البشعة نحمل قوات الاحتلال مسؤولية ما يشهده العراق من انفلات في الامن وتزايد في العمليات الاجرامية وندعوه مرة اخرى إلى تعزيز القوات الوطنية العراقية ودعمها وتمكينها من توفير الامن والاستقرار.
إننا نتقدم بخالص العزاء والمواساة إلى ذوي الشهيد الكبير السيد الحكيم رضوان الله عليه وذوي سائر الشهداء الكرام سائلين الله تعالى ان يسكنهم فسيح جنانه ويحشرهم مع اوليائهم محمد اله الطاهرين ويمن على المصابين والجرحى بالشفاء العاجل انه سيمع مجيب ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
 
مكتب السيد السيستاني (دامظله)
                                النجف الاشرف                                                                            2/رجب/1424هـ
 
رقم:35
إستفتاءات حول تهريب المخدرات إلى العراق
مكتب سماحة المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني(دام ظله)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
نحيطكم علماً بأنه بعد سقوط النظام السابق ونتيجة لعدم مراقبة الحدود الشرقية لعراقنا العزيز يتم باستمرار تهريب كميات كبيرة من المواد المخدرة إلى داخل البلد وهنا عدة أسئلة:
س1: ما حكم تهريب  المخدرات وهل يفرق فيه بين ما إذا قصد المهرّب نقلها إلى بلد آخر وبين ما إذا قصد بيعها على المواطنين في داخل العراق؟
ج1: يحرم تهريبها على كل حال.
س2: ما حكم الإعانة على تهريب المخدرات وبيعها؟
ج2: حرام.
س3: هل يجوز التعامل مع من يقوم بتهريب المخدرات في سائر ما يعرضه للبيع أو يطلب شراءه من البضائع؟
ج3: ينبغي مقاطعته، بل يلزم ذلك إذا توقف عليها النهي عن المنكر مع توفر شروط وجوبه.
س4: هل يجب إخبار السلطات المختصة عن الذين يساهمون في عمليات تهريب المخدرات؟
ج4: نعم.
س5: هل يجوز الانخراط في سلك الجهاز المكلّف بمكافحة  المخدرات؟
ج5: يجوز بل يجب ذلك كفاية والله العالم.
مكتب السيد السيستاني(دام ظله)
في النجف الأشرف
أجوبة المسائل الشرعية
15/رجب/1424هـ
 
رقم:36
أسئلة مجلة بولندا الاسبوعية
س1: ما هو رأيكم بالتواجد الأمريكي في العراق؟
ج1: إنه احتلال كما نصّ على ذلك قرار مجلس الأمن أيضا.
س2: هل أنتم موافقون بالتواجد الأمريكي هنا بلدكم؟
ج2: كيف نوافق على الاحتلال؟ إننا نطالب بفسح المجال للعراقيين بأن يحكموا بلدهم بأنفسهم وتكون لهم السيادة الكاملة عليه.
س3: مهل تشعرون بأن هناك فرق  بين الجيش الأمريكي والجيش البولندي حمالة حضوره؟
ج3: إنما يتحقق الفرق فيما إذا كان حضورهم تحت مظلة الأمم المتحدة.
س4: هل أنتم مستعدون للتحاور والنقاش مع الفئات الاسلامية الأخرى؟
ج4: لا توجد بيننا خلافات تُذكر وإن وجدت فالحوار هو الأسلوب المتين للتقارب وحلّ المشاكل.
س5: هل تملكون قوة عسكرية خاصة أو ميليشيا شيعية؟
ج5: كلا، ولسنا مع تشكّل مثل هذه الميليشيات،وتأكيدنا على دعم القوة الوطنية العراقية.
س6: ما هو الخط الأكبر الآن على بلدكم ي حالة وجوده؟
ج6: خطر محو ثقافته الدينية الوطنية.
س7: هل ترغبون بوجود حكومة إسلامية في بلدكم العراق بيدها مقاليد الحكم؟
ج7: نرغب فيما ترغب فيه أكثرية الشعب العراقي فليفسح المجال لهم ليختاروا.
س8: من تتوقعون وراء مقتل السيد الحكيم؟ 
ج: من لا يريدون الأمن والاستقرار للعراق ويريدون زرع بذور الفتنة والشقاق بين أبنائه.
س9: من ترغبون في أن يحتل سدة الرئاسة في العراق؟
ج: من يختاره الشعب العراقي لذلك.
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
النجف الأشرف
29/رجب/1424هـ
 
 
 
جواب على تعزية وزير خارجية فرنسا
باستشهاد السيد محمد باقر الحكيم
بسم الله الرحمن الرحم
السيد دومينيك دو فيلبان وزير خارجية فرنسا المحترم
تحية طيبة
تلقينا رسالة تعزيتكم وتعاطفكم في الحادث المروع الذي استهدف سماحة آية الله السيد محمد باقر الحكيم رضوان الله عله وأودى بحياته وحياة العشرات من زوار مرقد الإمام أمير المؤمنين عليه السلام.
وإننا إذ نشكركم على مواساتكم لذوي الفقيد الكبير وأهالي النجف الكرام في هذا المصاب الجلل نقدر مواقف حكومتكم ودورها في حماية حقوق الشعب العراقي وأهمها إعادة السيادة له على بلده في ظل نظام نابع من إرادته الحرة المستقلة.
نسأل الله العي القدير أن يمنّ على شعب العراق وجميع الشعوب الأخرى بالأمن والسلام إنه سميع مجيب.
 
4/ شعبان / 1424هـ
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
النجف الأشرف
استفتاء حول ممثلي سماحة السيد السيستاني ووسائل الإعلام
بسم الله الرحمن الرحيم
مكتب سماحة المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد علي السيستاني دام ظله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
تنشر وسائل الإعلام المختلفة بين الحين والآخر تصريحات سياسية لأشخاص تطلق عليهم عناوين متفاوتة كـ (ممثل السيد السيستاني) و (مساعده) و (وكيله) و (المقرب إليه) وما يشبه ذلك.
ويتساءل المؤمنون هل أن هذه التصريحات تعبِّر ـ بوجه ـ عن آراء سماحة السيد مدّ ظله أو لا؟
نرجو التفضل بالإجابة، مع وافر الشكر.
جمع من المؤمنين
20/8/1424هـ
بسمه تعالى
لا يعبر عن وجهات نظر سماحة السيد مدّ ظله إلا ما يصدر موقّعاً ومختوماً بختمه الشريف أو مكتوباً ومختوماً بختم مكتبه دام ظله، وأما ما عدا ذلك فإنما هي وجهات أنظار أصحابها.
20 شعبان المعظم 1424هـ
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
النجف الأشرف
 
 
 
أسئلة وكالة اسوشيتد برس
بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني أدام الله ظله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سيدي ....
س1: هل هناك ما يبنغي عمله لتوحيد الصف الشيعي في العراق خاصة بعد أحداث كربلاء المقدسة مؤخراً؟
ج: الاختلاف في وجهات النظر ووجود اتجاهات متعددة في الوسط الشيعي كسائر الأوساط الأخرى حالة طبيعية لا يُخشى منها، والحوار الهادئ بين الأطراف المعنية هو الأسلوب الأمثل لحل الخلافات، واحترام الأقلية لرأي الأكثرية وعدم محاولة الأكثرية للسيطرة على الأقلية والتحكّم بهم هو الأساس الذي يجب أن يُراعى في العمل السياسي.
وأمّا الذي حدث في كربلاء المقدسة من الصراع المسلح بين بعض الأهالي وبعض المجموعات المسلحة فقد نجم عن غياب السلطة المركزية عن الساحة بصورة مؤثر وفاعلة، ووجود أعداد كبيرة من الأسلحة بأيدي عنير منضبطة، وقد سبق لسماحة السيد ـ دام ظله ـ أن أكّد قبل عد شهور في مختلف لقاءاته بأعضاء مجلس الحكم ومسؤولين آخرين من الوزراء وغيرهم على لزوم اتخاذ إجراءات سريعة وفاعلة في سبيل سحب الأسلحة غير المرخصة من أيدي الناس ودعم الشرطة العراقية بالعناصر الكفوءة والمعدات اللازمة لتأخذ دورها الطبيعي في حماية والمعدات اللازمة لتأخذ دورها الطبيعي في حماية المجتمع من بروز أي ظاهرة مخلة بالأمن، ولكن من المؤسف أنهم لم يتخذوا ـ أو لم يسمح لهم بأن يتخذوا ـ الإجراءات الضرورية في هذا المجال حتى آلت الأمور إلى الوضع الراهن وربما ستبز مشاكل جدية أخرى لو لم يبادروا إلى اتخاذ الخطوات التي أكد عليها سماحته .
وينبغي أن يعرف الجميع أن سماحة السيد – دام ظله – ليس طرفا في أي نزاع يحدث هنا وهناك وأن رعايته الأبوية كانت ولا تزال تعم جميع العراقيين وقد كلف مكتبه في النجف الاشرف الدكتور حسين الشهرستاني دام توفيقه ببذل أقصى الجهود في سبيل حل الصراع الذي حدث في كربلاء والتواصل إلى اتفاق بين الأطراف المعنية لنزع فتيل الفتنة وقد قام بجهد كبير في هذا المجال وتوصل إلى اتفاق بين الفرقاء لنزع الأسلحة من محيط الحرمين المقدسين والأماكن الشريفة الأخرى وتشكيل لجنة لتطبيق هذا الاجراء.
س2: أصدرتم فتوى منذ عدة شهور تحثون فيها على انتخاب من يكتب دستور العراق الجديد الا تعتقدون أن الاستفتاء على دستور كتبه أناس تم اختيارهم من كل شرائح المجتمع وفئاته يكفي من حيث شرعيته؟
ج2: في وضع العراق الحالي لا توجد أية جهة يمكنها أن تقوم باختيار أعضاء مجلس كتابة الدستور بصورة مقبولة من الجميع بحيث يتمثل في المجلس المشكل جميع شرائح المجتمع تمثيلا عادلا بل ان من المؤكد أن المصالح الشخصية والفئوية والعرقية والحسابات الحزبية والطائفية ستتدخل بصورة أو بأخرى في عملية الاختيار ويكون المجلس المشكل فاقدا للشرعية ولا يجدي عندئذ إجراء الاستفتاء على ما يضعه من الدستور بـ(نعم) أو (لا) فلا بديل عن اجراء انتخابات عامة لاختيار أعضاء المؤتمر الدستوري.
س3: لماذا ياسيدي لا نسمع صوتكم كثيرا في الأمور التي تهم العراقيين والعراق في هذه الفترة الحرجة من تاريخ البلاد؟
ج3: ان سماحة السيد – دام ظله – على الرغم من اهتمامه البالغ ومتابعته المستمرة للشأن العراقي بجميع جوانبه الا أنه قد دأب على عدم التدخل في تفاصيل العمل السياسي وفسح المجال لمن يثق بهم الشعب العراقي من السياسيين لممارسة هذه المهمة ويكتفي سماحته بابداء النصح والارشاد لمن يزوره ويلتقي به من أعضاء مجلس الحكم والوزراء وزعماء الأحزاب وغيرهم.
والمؤسف أن بعضا من وسائل الاعلام تستغل هذا الموقف وتنشر بين الحين والآخر بعض الأخبار المكذوبة وتروج الاشاعات التي لا أساس لها من الصحة.
 
                            21/ شعبان / 1424هـ
                      مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
                         النجف الأشرف
 
رقم:40
أسئلة شبكة فوكس نيوز
سماحة آية الله العظمى السيستاني
م / أسئلة صحيفة مقدمة لسماحتكم من شبكة تلفزيون فوكس نيوز الامريكية 
س1: ما هو رأي سماحتكم في احداث كربلاء وقيام الامريكان بإلقاء القبض على عدد من المشاركين فيها؟
ج1: النزاع المسلح الذي وقع في كربلاء المقدسة نجم عن غياب السلطة الوطنية العراقية عن الساحة بصورة فاعلة، ووجود أعداد كبيرة من الأسلحة غير المرخصة بأيدي الجماعات غير المنضبطة، وقد تم الوصل إلى حل النزاع بمساعي ممثل لمكتب سماحة السيد دام ظله، والمحاكم العراقية الصالحة هي وحدها التي يحقّ لها محاسبة المقصرين أيّاً كانوا.
س2: ما هو رأي سماحتكم في المليشيات الدينية، هل تصادقون على تشكيلها؟
ج2: يلزم تعزيز القوات الوطنية العراقية المكلفة بتوفير الامن والاستقرار ودعمها بالعناصر الكفوءة والمعدات الضرورية، ولسنا مع تشكيل أي مليشيات.
س3: ما هو دور الدين في الدستور العراقي القادم، وما هو دوره في نظام التعليم وفي النظام القضائي؟
ج3: يتحدّد ذلك كله من قبل أعضاء المؤتمر الدستوري المنتخبين من قبل الشعب العراقي.
27 شعبان 1424هـ
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
                               النجف الاشرف 
 
رقم:41
أسئلة صحيفة واشنطن بوست
سماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني المحترم
س1: هل هناك بديل عن إجراء إنتخابات عامة لكتابة الدستور ، كأن تتشكل لجان صغيرة منتخبة من قبل الشعب العراقي ترشّح هيئة وضع الدستور؟
ج1: لا بديل عن إجراء انتخابات عامة لاختيار أعضاء المؤتمر الدستوري.
س2: ما هو موقع الدين في الدستور العراقي القادم؟
ج2: الاسلام هو دين أغلبية الشعب  العراقي، وإذا كتب الدستور بأيدي المنتخبين من قبل العراقيين فمن المؤكد انه سيمثل فيه قيم الاسلام وتعاليمه السمحاء.
س3: ما هو رأيكم في الفيدرالية، هل تصلح للعراق؟
ج3: هذا ما يقرره ممثلو الشعب العراقي في المؤتمر الدستوري المنتخب.
س4: ما هو نظركم بخصوص القوات التي تعمل في العراق لحفظ الأمن والسلام كالبلغار والبولنديين؟
ج4: إذا كان هناك حاجة إليهم فليكن عملهم بإشراف الأمم المتحدة لا قوات الاحتلال.
س5: ما هو نظركم تجاه مجلس الحكم الانتقالي؟
ج5: سماحة السيد – دام ظله- لم يذكر شيئا بشأن مجلس الحكم، والشعب العراقي يأمل ان يقوم المجلس ببذل كل الجهود في سبيل تسيير أمور البلد في الفترة الانتقالية بتوفير الأمن والاستقرار والخدمات العامة والتمهيد لإجراء انتخابات المؤتمر الدستوري، مع تأجيل اتخاذ القرارات المصيرية إلى حين تشكيل الحكومة المنتخبة بعد انتهاء الاحتلال.
س6: هل استقبلتم السيد مقتدى الصدر في الاسبوع الماضي فقد ذكر في لقاء له على قناة العربية انه اجتمع مع سماحتكم بعد احداث كربلاء، وماذا جرى في اللقاء؟
ج6: لقد زار مكتب سماحة السيد مدّ ظله واجتمع بعدد من أعضاء المكتب وقد اكدوا له على ضرورة ان تسلّم جميع الاسلحة غير المرخصة إلى السلطات الوطنية المختصة تجنباً عن وقوع صدامات مسلحة اخرى في المستقبل.
س7: هل انتم قلقون من حصول صراع شيعي شيعي في المستقبل؟
ج7: اذا لم تتخذ اجراءات سريعة من قبل السلطات الوطنية العراقية لسحب الاسلحة غير المرخصة وتعزيز القوات الوطنية المكلفة بتوفير الامن والاستقرار فربما تقع مشاكل خطيرة مستقبلاً من دون اختصاص ذلك بالساحة الشيعية.
27 شعبان 1424هـ
مكتب السيد السيستاني (دام ظله) 
النجف الاشرف
 
رقم:42
أسئلة جريدة  العراق اليوم
بسم الله الرحمن الرحيم
اني الصحفي العراقي زيد هادي قاسم فهمي من جريدة (العراق اليوم) الجريدة الوحيدة الناطقة باللغة الانكليزية وهي جريدة مستقلة أيضا. علماً إنّي مسؤول في جريدتي عن تغطية الاحداث التي تحصل في كربلاء والنجف.
وارجو واسأل بتواضع من سماحة آية الله السيد علي السيستاني بالتفضل والاجابة على أسئلة تحيرني وتحير الشارع العراقي حتى يفهم العراقيون والعالم كله حقيقة الذي يحدث في هاتين المدينتين المقدستين.
س1: ما هو رد فعل سماحتكم تحت آثار الأحداث الأخيرة التي حدثت في كربلاء والاشاعانت التي تقول إنها بداية حرب بين شيعة – شيعة؟ وما هو عملكم حول خفض آثار هذه الاحداث والتوتر في هذه المدينة  المقدسة؟
ج1: نأمل ان لا يتكرر النزاع المؤسف الذي حدث في كربلاء المقدسة، وقد بذلنا جهدنا- من خلال مبعوث خاص- لتخفيف التوتر ثم لحل النزاع بين الاطراف المعنيّة هناك وقد تمّ ذلك ولله الحمد.
س2: ما هو السبب وراء انسحابكم عن طريق وكيلكم الشيخ عبد المهدي الكربلائي من مجلس محافظة كربلاء؟ وهل تظن ان انسحابكم أفضل من وجودكم؟
ج2: سماحة السيد مدّ ظله لا يرتأي تدّخل  المرجعية وممثليها في الشؤون الادارية.
س3: ما هي نية سماحتكم لتلبية حاجات الفقراء في هذه المدينة لعدم استغلالهم من قبل بعض القوى الأخرى (مرجعية او حزبية) بوعودهم بأشياء كثيرة مقابل اثارة اعمال العنف واستغلال جهادهم لتسييرهم باتجاه مصالحهم الخاصة؟
ج3: المرجعية كانت ولا تزال تسعى في تأمين حوائج المؤمنين وفق الامكانات المتوفرة لها وهي بالتأكيد لا تقاس بحجم الحاجات  الموجودة في هذا الظرف التعصيب.
س4: ما رأي سماحتكم في تأسيس السيد مقتدى الصدر الحكومة الجديدة؟ وما يقوم به من احداث الآن في الشارع العراقي؟
ج4: لا تعليق.
س5: ما هو موقف وجهود سماحتكم لوجود الشريعة الاسلامية في قوانين الدستور الجديد؟
ج5: يتقرر ذلك باجراء انتخابات عامة لعقد المؤتمر الدستوري، فإن الاسلام دين الأغلبية في العراق، فإذا كتب الدستور بأيدي المنتخبين من قبل الشعب العراقي فمن المؤكد أنّه سيتمثل فيه قيم الإسلام وتعاليمه السمحاء.
س6: هل هناك  اتصال مباشر او غير مباشر بين سماحتكم وبين الاشخاص المسؤولين حالياً على وضع الدستور  العراقي الجديد؟ وهل هناك بعض المشاكل والمتغيرات التي تواجههم التي يراجعون ويستفتون سماحتكم بها؟
ج6: لا يوجد حسب علمنا (أشخاص مسؤولون عن وضع  الدستور العراقي الجديد) بل كانت هناك لجنة لبحث الآلية المناسبة لاختيار من يعهد إليهم بذلك، وقد زار أعضاء اللجنة سماحة لسيد مدّ ظله وأبدوا موافقتهم على رأيه في لزوم إجراء الانتخابات العامة لعقد المؤتمر الدستوري.
15/رمضان/1421هـ
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
النجف الأشرف
 
رقم:43
سؤال من صحيفة واشنطن بوست حول اتفاق 15/11/2003
ما هي وجهة نظر السيد بالنسبة إلى الخطة الجديدة لانتقال السلطة في العراق؟ هل يرتضيها؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
إن لسماحة السيد- دام ظله- بعض التحفظات على الخطة المذكورة:
(أولاً): إنها تبتني على إعداد قانون الدولة العراقية للفترة الانتقالية من قبل مجلس الحكم بالاتفاق مع سلطة الاحتلال، وهذا لا يضفي عليه صفة الشرعية، بل لابد لهذا الغرض من عرضه على ممثلي الشعب العراقي لإقراره.
(ثانياً): إن الآلية الواردة فيها لانتخاب أعضاء المجلس التشريعي الانتقالي لا تضمن تشكيل مجلس يمثّل الشعب العراقي تمثيلاً حقيقياً، فلا بد من استبدالها بآلية أخرى تضمن ذلك وهي الانتخابات، ليكون المجلس منبثقاً عن إرادة العراقيين ويمثّلهم بصورة عادلة، ويكون بمنأى عن أيّ طعن في شرعيته، ولعلّ بالامكان إجراء انتخابات اعتماداً على البطاقة التموينية مع بعض الضمائم الأخرى.
3شوال 1424هـ
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
النجف الأشرف
 
رقم:44
إستفتاء حول تهريب المشتقات النفطية
سماحة آية الله العظمى المرجع الديني السيد علي السيستاني حفظه الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سيدنا الكبير:
تعاني البلاد حالياً من أزمة حادة في المشتقات النفطية كالبنزين، ومن اهم أسبابها الأساسية عمليات التهريب التي تشهدها البلاد بشكل واع ويمارسها فئات من الناس عمداً وغرضهم محاولة العبث والفتنة وزعزعة الاستقرار وابتزاز المواطنين وتعريضهم لعمليات الاستغلال مما يؤدي إلى الشحة في توفر المشتقات وزيادة الطوابير على محطات الوقود وخاصة في المنطقة الوسطى من العراق، فما رأي سماحتكم في الذين يمارسون مثل هذه العمليات عبر الحدود والمرافيء وفي داخل البلاد وضمن المدن، حيث يتم تهريبها وتخزينها وبيعها ثانية بشكل غير مشروع على المواطنين وبأسعار مرتفعة جداً.
حفظكم الله للإسلام والأمة عزاً وملاذاً.
المخلص 
مؤيد عبد الحسين
بسمه تعالى
هذا حرام كله، والربح المستحصل منه سحت والله الهادي.
3/ذو القعدة/1424هـ
علي الحسيني السيستاني
 
رقم:45
أسئلة شبكة CNN
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في أدناه ما نودّ أن نعرفه من رؤى آية الله العظمى السيد علي السيستاني:
س1: ما هي رؤيته بشأن إجراء الانتخابات لتشكيل المجلس الوطني الذي يفترض أن تنبثق منه الحكومة العراقية الجديدة ذات السيادة، وإذا لم يمكن إجراء الانتخابات فما هي الآلية البديلة الأكثر عدالة في نظر السيد السيستاني؟
ج1: إن تقارير الخبراء العراقيين المقدمة إلى سماحة السيد – دام ظله – تؤكد إمكانية إجراء الانتخابات بدرجة مقبولة من المصداقية والشفافية خلال الأشهر المتبقية إلى التاريخ المقرر لنقل السيادة إلى ممثلي الشعب العراقي ، ولكن هناك في مجلس الحكم وسلطة الاحتلال من يدعي عدم إمكانية ذلك، ومن هنا كان اقتراح مجيء فريق من خبراء المم المتحدة إلى العراق للتحقيق من هذا الأمر ودراسة الموضوع من كافة جوانبه، وقد قدّم مجلس الحكم طلبتاً بذلك إلى السيد كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة. وإذا جاء فريق الخبراء وتوصلوا بعد العمل مع نظرائهم العراقيين إلى عدم إمكانية إجراء الانتخابات فعليهم التعاون معهم  في إيجاد آلية أخرى تكون الأصدق تعبيراً عن إرادة الشعب العراقي، وأما الآلية المذكورة في اتفاق مجلس الحكم وسلطة الاحتلال فلا تضمن أبداً تمثيل العراقيين بصورة عادلة في المجلس الوطني الموقت.
س2: ما هي رؤية السيد بشأن العلاقة بين السنة والشيعة، وهل أنّ حوادث العنف التي وقعت أخيراً يمكن لمها ان تتكرر وتتصاعد  في المستقبل؟
ج2: ان العلاقة الاخوية بين السنة والشيعة في العراق لون تتأثر ببعض الحوادث المؤسفة التي وقت مؤخراً، وقد سعى الكل في تطويقها واتخاذ ما يلزم لعدم تكررها، ومن المؤكد ان العراقيين جميعاً سنة وشيعة وغيرهم حريصون على وحدة بلدهم والدفاع عن ثوابته الدينية  والوطنية، كما انهم متفقون على ضرورة التأسيس لنظام جديد يقرّ بمبدأ العدالة والمساواة بين جميع أبناء هذا البلد في جنب مبدأ التعددية واحترام الرأي الآخر.
13/ذق 1424هـ
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
النجف الأشرف
  
رقم:46
بيان حول زيارة
السيد عدنان الباجه جي لسماحة السيد السيستاني 
بسم الله الرحمن الرحيم
إلتقى سماحة السيد السيستاني دام ظله بالسيد عدنان الباجه جي الرئيس الدوري لمجلس الحكم العراقي حيث شرح لسماحته آخر التطورات فيما يتعلق بالعملية السياسية، كما أطلع سماحته على مضمون الرسالة التي بعث بها إليه السيد كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة بهذا الشأن.
وقد أكدّ سماحة السيد دام ظلمه في هذا اللقاء على موقفه من أنّ الآلية المذكورة في اتفاق 15/11 لتشكيل المجلس الوطني الانتقالي لا تضمن أبداً تمثيل العراقيين فيه بصورة عادلة، موضحاً أنّ الآلية المثلى لذلك هي الانتخابات التي يؤكد العديد من الخبراء من إمكانية إجرائها خلال الأشهر  القادمة بدرجة مقبولة من المصداقية والشفافية.
وأضاف سماحته: أنّ المجلس الوطني الانتقالي إذا تمّ تشكيله بآلية لا تحظى بالشرعية المطلوبة فإنه لن يكون بمقدوره ولا مقدور الحكومة المنبثقة منه القيام بالمهام المقررة لها والتقيّد بالجدول الزمني المحدّد للفترة الانتقالية، وسوف تبرز من جراء ذلك مشاكل جدية وسيزداد الوضع السياسي والأمني تأزماً.
كما أكد سماحته على أن القانون الموقت لإدارة الدولة العراقية والاتفاقية الأمنية يجب أن يُعرضا على ممثلي الشعب العراقي في المجلس الوطني الانتقالي للتصديق عليهما تأميناً لشرعيتهما.
وتطرق سماحة السيد دام ظله في اللقاء إلى ضرورة الحفاظ على وحدة العراق أرضاً وشعباً كما أكد على أهمية ان يكون للعراق اوثق العلاقات وأمتنها مع محيطه الاقليمي  ولا سيما الدول العربية الشقيقة.
18/ذق/1424هـ
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
النجف الأشرف
 
رقم:47
بيان حول الشأن الإعلامي
بسم الله الرحمن الرحيم
دأبت وسائل الإعلام المختلفة في الآونة الأخيرة على نشر تصريحات وتحليلات سياسية لأشخاص تطلق عليهم وعناوين متفاوتة كـ(ممثل السيستاني) و (مساعده) و (وكيله) وغير ذلك، ومعظم كهؤلاء ممن لا علاقة له بهذا الشأن أصلاً وليس ملمّاً بوجهات نظر سماحة السيد دام ظله وخلفيات مواقفه السياسية، ما ينجم عن ذلك الكثير من الخلط والتشويش.
وآخر ما طلعت به علينا وسائل الإعلام هو ما ورد فيها منسوباً إلى المدعو:
(نور الدين الواعظ المدير الإعلامي لمكتب السيد السيستاني).
وإذ يوضح مكتب سماحة السيد دام ظله أنه لا يوجد في العاملين فيه شخص بهذا الاسم والعنوان، يؤكد مرة أخرى على ما ورد في بيانه الصادر في 20 شعبان 1424هـ من أنه لا يعبر عن وجهات نظر سماحة السيد دام ظله إلا ما يصدر موقعاً ومختوماً بختمه الشريف أو مكتوباً ومختوماً بختم مكتبه دام ظله، وأمّا ما عدا ذلك فإنما هي وجهات أنظار أصحابها.
30 ذق 1424هـ
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
النجف الأشرف
 
رقم:48
رسالة تعزية إلى السيد مسعود البارزاني
بسم الله الرحمن الرحيم
(انا لله وانا اليه راجعون)
الأستاذ السيد مسعود البارزاني المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد: تلقينا ببالغ الحزن والأسى نبأ الحادث الإجرامي الذي وقع بمقر الحزب الديمقراطي الكردستاني في اربيل وخلّف عشرات الضحايا والمصابين بين أبناء الشعب الكردي العزيز.
واننا إذ ندين هذه العملية البشعة، التي استهدفت – في الأساس- وحدة العراق وأمنه واستقراره، نقدّم إليكم والى ذوي الضحايا  الكرام خالص  العزاء والمواساة في وهذا المصاب الجلل، سائلين الله تبارك وتعالى أن يُلهم  الجميع جميل الصبر والسلوان ويمنّ على الجرحى والمصابين بالشفاء العاجل ويجنّب العراقيين 
جميعاً شرّ الأشرار وكيد الفجار إنه سميع مجيب، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
1 ذو الحجة 1424هـ
مكتب السيد السيستاني(دام ظله)
النجف الأشرف
 
إستفتاء حول دخول الأراضي العراقية من المنافذ غير الرسمية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على رسوله محمد وآله الطاهرين سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقوم الكثير من الأخوة من أبناء الشعب الإيراني بالتوجه إلى زيارة العتبات المقدسة في العراق، قسم منهم يدخل الأراضي العراقية من نقطة دخول  رسمية ولكن هناك الكثير منهم يدخل إلى العراق من نقاط غير رسمية بواسطة مهربين إيرانيين ثم يقوم مهربون عراقيون بنقلهم إلى داخل الأراضي  العراقية وهم كثيراً ما يتعرضون لعدة من أنواع من المخاطر سواء على دمائهم وأعراضهم وأموالهم فما رأي سماحة السيد بالتعامل مع كل من هؤلاء الزائرين ومع المهربين علماً انهم يفرضون على كل زائر بدفع مبلغاً مالياً كبيراً مقابل إيصالهم عبر الحدود وإركابهم في سيارات تنقلهم إلى كربلاء او النجف فما حكم المال المأخوذ منه، أفتونا مأجورين... وفقكم الله تعالى لإعلاء كلمة الاسلام والمسلمين... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 
مجموعة من المؤمنين
ناحية جصان
28 ذو القعدة 1424هـ
بسمه تعالى
يحرم دخول الأراضي العراقية من غير المنافذ الرسمية كما يحرم أخذ المال على عمليات  التهريب وتسهيلها والله العالم.
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
في النجف الأشرف
أجوبة  المسائل الشرعية
14 /ذو الحجة / 1424هـ
 
رقم:51
بيان حول شائعة اغتيال سماحة السيد السيستاني
بسم الله الرحمن الرحيم
تتناقل عدد من وسائل الاعلام منذ الليلة الماضية أخباراً عن تعرّض سماحة السيد السيستاني – دام ظله- لاعتداء مسلح استهدف حياته الشريفة.
وإذ يوضح القسم الإعلامي بمكتب سماحته – دام ظله- في النجف الأشرف عدم صحة هذه الأخبار جملة وتفصيلاً، يؤكد على ضرورة مراعاة المواطنين لأقصى درجات الحيطة والحذر في كل ما يتعلق بالوضع السياسي والأمني في هذه الأوقات الحساسة التي يترقب فيها الجميع وصول البعثة الدولية المكلفة بالتحقق من مدى إمكانية إجراء الانتخابات العامة لتشكيل المجلس الوطني الانتقالي.
آملين أن يتوفّر للفريق الدولي الأجواء  الملائمة لإنجاز عمله على الوجه الصحيح بعيداً عن الضغوط والمؤثرات الجانبية، ليتيسّر التوصل إلى  الطريقة المثلى لتمثيل العراقيين- بجميع شرائحهم وطوائفهم- تمثيلاً حقيقياً في المجلس الوطني القادم.
نسأل الله العلي القدير أن يتجنّب الشعب العراقي الأبيّ كل سوء ومكروه، ويمنّ عليه بالاستقلال الرفعة والتقدم، إنه سميع مجيب.
مكتب سماحة السيد السيستاني (دام ظله)
النجف الأشرف
14 ذو الحجة 1424هـ
 
رقم:52
أسئلة مجلة المكتبة/ النادي الحسيني في النبطية
بسمه تعالى
سماحة السيد محمد رضا السيستاني نجل سماحة آية الله العظمى المرجع الأعلى السيد علي السيستاني (دام ظله)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نود من جنابكم الكريم الاجابة على الاسئلة الواردة أدناه والتي هي مثار تساؤل في اوساطنا الاجتماعية، حيث ستنشر أجوبتكم الكريمة عليها بإذنه تعالى في العدد المقبل من مجلة ((المكتبة)) التي تصدر عن المنادي الحسيني لمدينة النبطية – جنوب لبنان برعاية وإشراف سماحة الشيخ الحسين صادق.
س1: بعد انهيار النظام الغاشم في العراق، ما هي الخطوات التي تتخذها الحوزة  المباركة في النجف الاشرف لاستعادة دورها التاريخي الاجتماعي والسياسي؟
ج1: ان الحوزة العلمية المقدسة في النجف الاشرف قد أصيبت بنكبات قاسية خلال العقود الأخيرة، وفقدت من جراء ذلك الكثير من رجالها البارزين من العلماء والأدباء والمفكرين، قتلاً وسجناً ونفياً وتشريداً، ولم يبق منها إلا الثلة القليلة من اولئك الأفذاذ، ولكن في الأشهر القليلة الماضية بدأ العديد من المهجرين في العودة إلى الحوزة الأم والشروع في نشاطاتهم العلمية والفكرية، كما تأسست خلال هذه المدة جملة من المراكز والمؤسسات التي تهتم بالتبليغ الثقافي والديني، وأنشأت عدد من الحوزات العلمية في مراكز  المحافظات، والمؤمل مع تحسّن الوضع الأمني وتوفر الخدمات الضرورية أن يتيسّر اتخاذ خطوات واسعة في سبيل تطوير الحوزة المباركة واستعادة مجدها الأثيل.
س2: في حال تمت الانتخابات وفقاَ لوجهة نظر آية الله السيستاني (دام ظله الشريف)، فهل تنوي المرجعية الشريفة أو الحوزة المباركة ان تشاك في نظام الحكم القادم، وذلك لترسيخ ثقة الشعب العراقي بالنظام الجديد؟
ج2: إنّ سماحة السيد دام ظله إنّما طالب باجراء الانتخابات لغرض تمكين الشعب العراقي من اختيار ممثليهم من إدارة بلدهم، سماحته ليس معنياً بتصدي الحوزة العلمية لممارسة العمل السياسي فإنه يرتأي لعلماء الدين أن ينأوا بأنفسهم عن هذا المجال، ولكن هذا لا يمنع من قيامهم بإسداء النصح والتوجيه للناس وإرشادهم إلى الضوابط التي ينبغي اعتمادها في اختيار ممثليهم في أية انتخابات قادمة.
س3: ما هي الخطة التي يتبعها آية الله السيستاني (دام ظله) والحوزة المباركة لتفادي النعرات المذهبية والعرقية التي تواجه المجتمع العراقي والتي تعمل الأجهزة الاستخبارية المعادية على تاجيجها؟
ج3: إنّ القوى السياسية والاجتماعية العراقية ومعظم الشعب العراقي على وعي تام بمخاطر الانسياق وراء النعرات العرقية والطائفية، ونحمد الله تبارك وتعالى أنه لم تقع من الحوادث المؤسفة المسببة عن ذلك طوال الأشهر الماضية إلا النزر اليسير، وقد تعاون الجميع على تطويقها والحدّ من نتائجها السلبية.
وقد اتخذت خطوات مباركة في التنسيق والتواصل بين مختلف الطوائف والقوميات تجنباً عن أي اصطدام عرقي أو طائفي، نسأل الله تعالى مزيد التوفيق للقائمين بها.
س4: كيف ترى المرجعية المباركة شكل نظام الحكم المقبل في العراق؟
ج4: هذا متروك لإرادة الشعب العراقي، ولكن لما كان معظم العراقيين من المسلمين فمن المؤكد انهم سيختاروا نظاما يحترم ثوابت الشريعة الاسلامية المقدسة كما يحترم حقوق الاقليات، والجميع متفقون على ضرورة اعتماد مبدأ العدالة والمساواة بين أبناء هذا البلد في جنب مبدأ التعددية والانتخاب والتداول السلمية  للسلطة.
س5: كيف كان سماحة آية الله السيد السيستاني (دام ظله) يمارس مهامه كمرجع للطائفة إبان الحكم الظالم السابق الذي كان يضغط بشدة على حياة السيد(دام ظله الشريف) وكيف كان يجيب على استفتاءات المقلدين الحساسة وذات الطابع السياسي؟
ج5: كان الوضع حرجاً جداً بالنسبة إلى سماحته دام ظله وقد بقي سنوات طويلة رهين داره يمارس مسؤولياته في أضيق الحدود تجنبّاً عن منح أي ذريعة لأجهزة النظام في الوقيعة بالحوزة العلمية وطلابها، وقد نجح – ولله الحمد – في التحفظ على كيان  الحوزة المقدسة في ظروف بالغة الخطورة والتعقيد.
س6: لماذا الظهور الاعلامي للمرجعية المباركة ضعيفاً، حيث نرى في وسائل الاعلام وفي القنوات الفضائية بأنّ وجهة النظر الشيعية تجاه الكثير من الأمور تؤخذ من قبل جهات لا تمثل مرجعية دينية للمقلدين الشيعة كما هو الحال في مرجعية آية الله السيد السيستاني (دام ظله الشريف) حيث أنّ الأكثرية الشيعية تتبع مرجعيته المسددة.
ج6: إنّ مكتب سماحة السيد دام ظله لا يتعامل مع وسائل الإعلام إلا في حدود الضرورة، وفقاً للمنهج الذي رسمه له سماحة السيد دام ظله، والمؤمل من المؤمنين- سدد الله خطاهم- أن يتنبهوا للأساليب غير المهنية التي تمارسها  العديد من وسائل الاعلام ويتثبتوا فيما ينشر فيها حول سماحة المرجع دام ظله.
هذا ما تيسّر تحريره في هذه العجالة والسلام عليكم وعلى فضيلة العلامة الحجة الشيخ عبد الحسين صادق دامت بركاته
محمد رضا السيستاني
21/12/1424هـ
 
رقم:53
أسئلة مجلة ((دير شبيغل)) الألمانية
بسم الله الرحمن الرحيم
س1: هل تمت عملية إسقاط نظام صدام حسين بالشكل المنشود؟
ج1: لم يكن المنشود تغيير النظام الاستبدادي عن طريق الغزو والاحتلال بما استتبع ذلك من مآسِ كثيرة، ومنها انهيار مقومات الدولة العراقية وانعدام الأمن والاستقرار وتفاقم الجرائم وتلف الكثير من الممتلكات العامة حرقاً ونهباً وتدميراً وغير ذلك.
س2: إنكم يا سماحة السيد تحبذون إجراء انتخابات عامة قبل نهاية شهر حزيران في حين يعمل المحتلون على اطالة فترة بقائهم ويدعون إلى تشكيل مجلس انتقالي غير منتخب من الشعب ينقل السلطة فيما بعد لحكومة منتخبة في مستقبل غير معروف، ما رأيكم في هذه الخطط؟
ج2: إن الانتخابات هي الطريقة المثلى لتمكين الشعب العراقي من تشكيل حكومة ترعى مصالحه، وفي بلد مثل العراق متنوع الاعراق والطوائف لا يمكن تجاوز المحاصصات العرقية والطائفية في أي تشكيلة حكومية إلا بالرجوع  إلى صناديق الاقتراع. ولكن إذا لم يكن يتيسّر إجراء الانتخابات في المدة المتبقية إلى نهاية حزيران – وليس السبب وراء ذلك إلا مماطلة سلطة الاحتلال وتسويفها المستمر في اتخاذ الخطوات اللازمة لإعداد الانتخابات طوال الأشهر السابقة- فإنه لابد من التأكيد على أمرين:
1ـ ضرورة الإسراع في الاعداد لإجراء الانتخابات في أقرب فرصة ممكنة، والمطلوب تقديم ضمانات واضحة- كقرار من مجلس الأمن الدولي- بذلك ليطمئنّ الشعب العراقي بان الانتخابات سوف لن تعرقل مرة أخرى لذرائع مشابهة للتي تطرح اليوم.
2ـ ضرورة تحديد صلاحيات الهيئة غير المنتخبة التي تسلم لها السلطة في الثلاثين من حزيران، وعدم تمكينها من اتخاذ القرارات المهمة المتعلقة بالسياسات المستقبلية للبلد في المجالات المختلفة، بل ترك ذلك للحكومة المنبثقة من المجلس المنتخب من قبل الشعب مباشرة.
س3: ماذا تتوقعون من دور للأمم المتحدة في المرحلة القادمة؟
ج3: إن المرجعية الدينية قد سبق لها أن طالبت – في رسالة التعزية التي بعثت بها إلى السيد كوفي عنان بوفاة السيد دي ميلو- بأن تلعب الأمم المتحدة دوراً مركزياً في عملية نقل السيادة، وكانت المرجعية وراء مطالبة مجلس الحكم من الأمين العام للأمم المتحدة ارسال فريق من خبراء المنظمة الدولية لدراسة الآلية  المثلى التي ينبغي اعتمادها في ذلك، بعد أن استبعدت سلطة الاحتلال ومجلس الحكم- في اتفاقية 15 تشرين الثاني- أي دور للأمم المتحدة في هذا المجال.
وإنّ المرجعية ترى أن الأمم المتحدة التي أقرّت الاحتلال ووفرت له الغطاء الدولي تتحمل مسؤولية كبيرة أمام الشعب العراقي، وهي مطالبة بأداء دور فعّال في مساعدة العراقيين في الخروج من محنتهم والإشراف العام على العملية السياسية  إلى حين الوصول إلى الوضع الدائم.
س4: هناك من يلوّح ببروز حرب عرقية أو طائفية في العراق، هل لديكم مخاوف حقيقية من ذلك؟ 
ج4: إن القوى السياسية والاجتماعية العراقية ومعظم الشعب العراقي على وعي تام بمخاطر الانسياق وراء النعرات العرقية والطائفية، ونحمد الله تبارك وتعالى أنه لم تقع من الحوادث المؤسفة المسبّبة عن ذلك في طوال الأشهر الماضية إلا النزر اليسير، وقد تعاون الجميع على تطويقها والحدّ من نتائجها السلبية.
س5: هناك من يخشى أن تؤدي الانتخابات إلى إقامة حكومة طائفية في العراق، هل هذا وارد في نظركم؟
ج5: كلا، فإنّ الأغلبية العددية لو تحققت لطائفة ما فهي لا تؤدي إلى بروز أغلبية سياسية لهم، فإنّ من المتوقع أن يكون في كل طائفة اتجاهات سياسية مختلفة.
س6: ما هي الأسس التي يجب أن يقوم عليها عراق المستقبل؟
ج6: مبدأ الشورى والتعددية والتداول السلمي للسلطة في جنب مبدأ العدالة والمساواة بين أبناء البلد في الحقوق والواجبات، وحيث ان أغلبية الشعب العراقي من المسلمين فمن المؤكد انهم سيختارون نظاماً يحترم ثوابت الشريعة الاسلامية مع حماية حقوق الأقليات الدينية
س7: هناك من يتخوف من إقامة حكم ديني يحترم الأقليات من بعض حقوقها في ضوء تصريحات متطرفة من قبل البعض، والاعتداءات على حياة ومممتلكات عراقيين من طوائف مختلفة من دون مبرر، فهل هناك ما يبرر تلك المخاوف أم سيبقى كل شيء كما هو الآن بالنسبة للمسيحيين والطوائف الأخرى؟
ج7: إن القوى السياسية والاجتماعية الرئيسة في العراق لا تدعو الى قيام حكومة دينية، بل الى نظام يحترم الثوابت الدينية للعراقيين ويعتمد مبدأ التعددية والعدالة والمساواة كما مرّ، وقد سبق للمرجعية الدينية أن أوضحت أنها ليست ممعنيّة بتصدي الحوزة العلمية لممارسة العمل السياسي، وأنها ترتأي لعلماء الدين أن ينأوا بأنفسهم عن تسلّم  المناصب الحكومية.
وأما ما يقع أحياناً من بعض الاعتداءات على غير المسلمين فهمو أمر مرفوض تماماً وسيتم القضاء عليها بمعد تمكين قوات الشرطة والمحاكم من أداء مهامها بصورة كاملة.
س8: من وراء عمليات  القتل والتخريب التي يذهب ضحيتها الأبرياء من العراقيين؟
ج8: لا يتوفر لدينا معلومات دقيقة عمن يقومون بأعمال العنف  التي تستهدف العراقيين من مدنيين ورجال شرطة وجيش وغيرهم، ولكن من المؤكد أن هؤلاء لا يريدون الأمن والاستقرار لهذا البلد ويساهمون في إطالة أمد الاحتلال  والإضرار بمصلحة الشعب العراقي، ومن المهم جداً تضافر الجهود على ضبط الحدود والتحكم بالوافدين الى العراق وإلتزام دول الجوار وغيرها عدم  التدخل في الشؤون الداخلية العراقية بأي شكل من الأشكال.
س9: الأكراد يطالبون بنظام فدرالي مبني على أسس قومية وجغرافية، فما ترون في ذلك؟
ج9: إنّ أصل الفيدرالية ونوعها المناسب للعراق ممّا يجب أن يقرره الشعب العراقي عبر ممثليه المنتخبين لمجلس كتابة الدستور، فعلى الجميع  التريث وعدم البث في الأمر الى ذلك الحين.
ومن المؤكد أن ممثلي الشعب الكردي العزيز في مجلس كتابة الدستور سيتوصلون مع سائر إخوانهم العراقيين الى صيغة مثلى تحفظ وحدة  العراق كما تحفظ حقوق جميع أعراقه وقومياته.
س10: كثر الجدل فيما يتعلق بحقوق النساء في العراق، فهل تجدون مانعاً من مشاركة المرأة  العراقية في العملية السياسية وتسلمها للمناصب  المختلفة كعضوية  البرلمان والوزارة وغير ذلك؟
ج10: لا مانع من ذلك مع توفر الشروط والمؤهلات القانونية، ومن المؤمّل أن يكون للمرأة العراقية دور كبير في تطور العراق ورقيّه ورفعته.
24ذي  الحجة 1424هـ
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
النجف الأشرف
 
رقم:54
إستفتاء حول الاستحواذ على الملفات الحكومية
بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني دام ظلكم نرجو من سماحتكم الاجابة على ما يأتي: 
بعد سقوط النظام وما رافق ذلك من انفلات أمني قام العديد من الأشخاص بالاستحواذ على الملفات الحكومية وخاصة تلك التابعة لبعض الدوائر الأمنية وفيها الكثير من المعلومات الصحيحة وغير الصحيحة المتعلقة بالناس وبالمصالح العامة.
فهل يجوز لأولئك الأشخاص استمرار الاستحواذ عليها؟ وهل يجوز لهم بيعها؟ وإذا لم يجز ذلك فماذا يصنعون بها؟
باسم محمد الماجدي 
27/ذي الحجة/1424هـ
بسمه تعالى
لا يجوز لهم ذلك ويلزمهم تسليمها الى جهة حكومية ذات صلاحية، يوثق بمراعاتها للضوابط الشرعية والقانونية في التعامل معها والله العالم.
27/ذي الحجة /1424هـ
مكتب السيد السيستاني (دام ظله) النجف الاشرف
بيان حول التقرير الصادر من البعثة الدولية المكلفة بتقصي الحقائق في العراق
بسم الله الرحمن الرحيم
نشر يوم أمس في مقر الامم المتحدة في نيويورك التقرير الذي أعدّه فريق المنظمة الدولية لتقصّي الحقائق الذي زار العراق مؤخرا، وقد لوحظ اشتمال التقرير على العديد من النقاط التي توافق رؤى المرجعية الدينية ما تمّ بيانها سابقاً.
فقد أكّد التقرير على أن (( انشاء حكومة مكتملة الاهلية)) يتوقف على اجراء (( انتخابات وطنية مباشرة)) وأن ((فكرة نظام المجمعات)) التي بنى عليها اتفاق 15/تشرين الثاني (( ليست عملية)) و «لا تتمتع بدعم كافٍ من العراقيين» و ((ليست بديلاً عن الانتخابات)).
كما أوضح التقرير أنه ((بغضّ النظر عن الآلية التي ستقرر لتشكيل الحكومة الانتقالية في 30 حزيران فلا بد من فهم أن هذه الحكومة ستكون لمدة قصيرة، ويتعين أن تحلّ محلها في أسرع وقت ممكن حكومة منتخبة ديمقراطياً ومكتملة الأهلية))، وفي الوقت الذي قرّر الفريق الدولي انه ((لا يمكن إجراء انتخابات موثوقة بحلول 30 حزيران)) أكّد على إمكانية إجرائها بعد بضعة أشهر من ذلك التاريخ ((بحلول نهاية عام 2004 أو بعد ذلك بقليل)) إذا تمّ ((الشرووع فوراً بالأعمال التحضيرية لها))، وبهذا الصدد أوصى الفريق ((بالعمل فوراً على إنشاء هيئة انتخابية عراقية مستقلة بدون مزيد من الإبطاء)) للقيام بهذه المهمة.
وقد أشار التقرير الى العديد من العيوب الخطيررة في اتفاق 15/تشرين الثاني، ومنها ابتناؤه على ((قيام مجلس الحكم بصياغة القانون الأساسي على أساس تشاور وثيق مع سلطة التحالف)) وتضمّنه ((تفاصيل محددة تنص على أحكام رئيسية في القانون الأساسي تُلزم مشرّعي المستقبل)) وما نصّ عليه من أن((ما يتفق عليه مجلس الحكم وسلطة التحالف لا يمكن ان يعدّل لاحقاً))، وأيضاً ابتناؤه على إقرار((ترتيبات امنية غير محددة تلزم الحكومة التي ستقام في المستقبل باتفاقيات غير معروفة بعد بين سلطة التحالف ومجلس الحكم)) وغير ذلك من ((مسائل لم  تناقش ولم يتفق عليها لا على مستوى الشعب العراقي ولا على مستوى ممثليه المنتخبين)).
وعلى الرغم من استبعاد  الفريق الدولي فكرة نقل السيادة الى حكومة منتخبة بصورة مباشرة، إلا ان ما قرره من امكانية اجراء الانتخابات في نهاية عام 2004 يحظى بأهمية بالغة ، ولا سيما مع اقتراح ((إجرائها لاختيار جمعية وحيدة تناط بها مهمتان هما وضع دستور البلد والعمل في الوقت نفسه بوصفها  الهيئة التشريعية)) الى حين إقرار الدستور الدائم، مما يعني ذلك كله تقليص المدة التي ستتولى فيها حكومة غير منتخبة زمام الامور في البلد الى بضعة أشهر فقط، خلافاً لما ورد في اتفاق 15/ تشرين الثاني من استمرارها في العمل الى نهاية عام 2005.
وان المرجعية الدينية تطالب بضمانات واضحة – كقرار من مجلس الأمن الدولي – بإجراء انتخابات وفق ذلك التاريخ، ليطمئن الشعب العراقي بأن الأمر لا يخضع مرة أخرى لمزيد من التسوياف والمماطلة لذرائع مشابهة للتي تطرح اليوم.
كما تطالب المرجعية بأن تكون (الهيئة غير المنتخبة)  التي تسلّم لها السلطة في الثلاثين من حزيران ((إدارة مؤقتة ذات صلاحيات واضحة ومحدودة تهيء البلد لانتخابات نزيهة وحرة، وتدير شؤونه خلال الفترة الانتقالية)) من دون تمكينها من اتخاذ قرارات مهمة تلزم الحكومة المنبثقة من مجلس منتخب.
وأما فيما يتعلق بالآلية التي سيقرّر اعنتمادها في عملية نقل السلطة فإن هناك قلقاً من ان لا يتيسر للأطراف المعنيّة التوصل في المدة  المتبقية  الى آلية ((تتمتع بتأييد الشعب العراقي على أوسع نطاق)) كما طالبت بذلك الأمم المتحدة، واون تجد هذه الأطراف نفسها في مطب المحاصصات العرقية والطائفية والسياسية، التي سعت المرجعية في تجاوزها بالدعوة الى الاعتماد على آلية الانتخابات العامة.
نسأل الله  العلي القدير ان يوفق الجميع لما فيه خير الشعب العراقي  العزيز ورفعته واستقراره، انه سميع مجيب.
5/المحرم الحرام/ 1425هـ
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
النجف الأشرف
 
رقم:56
بيان حول تفجيرات يوم العاشر من المحرم في كربلاء
بسم الله الرحمن الرحيم
(ولاتهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين)
السلام عليك يا أبا عبد الله وعلى الأرواح التي حلّت بفنائك في وهذا اليوم الحزين، العاشر من المحرم الحرام ذكرى استشهاد الامام الحسين وأهل بيته وصحبه الميامين عليهم السلام امتدت الأيادي الآثمة لتستهدف جموع المعزين والزائرين في مدينتي كربلاء والكاظمية المقدستين، وارتكبت مجازر ما أبشعها وأفظعها خلّفت مئات الضحايا بين شهيد وجريح وبينهم عدد كبير من النساء والأطفال من العراقيين وغيرهم.
لقد قدّر الله تعالى أن تكون كربلاء محلاّ للبلاء ورمزاً للفداء ومدرسة قائمة على مرّ القرون والأجيال، يستمد منها أبناء الاسلام أرووع دروس الصبر وأصدق آيات  الايمان وأعظم مثل التضحية في سبيل المبدأ دون أدنى حرص على الحياة والبقاء.
وهكذا كانت كربلاء اليوم، وانضمت إليها  الكاظمية المقدسة، حيث توزعت على ثراهما الطاهر أشلاء المئات من محبّي أئمة أهل البيت عليهم السلام المتمسكين بخطّهم السائرين على نهجهم في تحدي الطغاة والانكار على الظالمين والمنحرفين.
إن الكلمات لتقتصر عن إدانة هذه الجرائم النكراء، التي باء بآثامها من تجرّدوا من كل القيم والمباديء السامية، فسفكوا الدم  الحرام في الشهر الحرام وفي أشرف البقاع وأقدسها حرم  الأئمة الأطهار عليهم  الصلاة والسلام.
واننا في  الوقت الذي نحمّل قوات الاحتلال مسؤولية ما يلاحظ من التسويف والمماطلة في ضبط حدود العراق ومنع  المتسللين، وعدم تعزيز  القوات الوطنية المكلفة بتوفير الأمن وتمكينها من العناصر الكفوءة وتأمين حاجتها من الأجهزة والمعدات اللازمة للقيام بمهامها ندعو جميع أبناء الشعب العراقي العزيز الى مزيد  الحذر والتنبّه لمكائد الأعداء والطامعين ونحثّم على العمل الجاد لرصّ الصفوف وتوحيد الكلمة في سبيل الاسراع في استعادة الوطن الجريح سيادته واستقلاله واستقراره.
نسأل الله  العلي  القدير ان يتقبل  الضحايا الكرام في الشهداء ويحشرهم مع الامام الحسين عليه السلام ويمن على ذويهم بالصبر  الجميل والأجر  الجزيل وعلى الجرحى والمصابين بالشفاء العاجل انه سميع مجيب.
10/المحرم الحرام/1425هـ
مكتب السيد السيستاني(دام ظله)
النجف الأشرف
 
 
رقم:57
إستفتاء حول الموقف من قانون إدارة العراق للفترة الانتقالية
بسم الله الرحمن الرحيم
مكتب سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني دام ظله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد: ما هو موقف سيدنا ومرجعنا المفدى من (قانون إدارة العراق للفترة الانتقالية)؟
جمع من المؤمنين
16/محرم/1425هـ
بسمه تعالى
لقد سبق لسماحة السيد مدّ ظله أنّ أوضح في تحفّظه على اتفاق 15/تشرين الثاني أن أيّ قانون يعدّ للفترة الانتقالية لن يكتسب الشرعية إلاّ بعد المصادقة عليه في الجمعية الوطنية المنتخبة، ويضاف الى ذلك ان هذا (القانون) يضع العوائق أمام الوصول الى دستور دائم للبلد يحفظ وحدته وحقوق أبنائه من جميع الأعراق والطوائف.
16/المحرم الحرام/1425هـ
مكتب السيد السيستاني(دام ظله)
النجف الأشرف
 
رقم:58
رسالة جوابية موجهة الى السيد الأخضر الابراهيمي
تتضمن الموقف من قانون إدارة العراق للمرحلة الانتقالية
بسم الله الرحمن الرحيم
الأستاذ الدكتور الأخضر الابراهيمي المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد: تعقيباً على رسالتكم المؤرخة في 17/آذار/2004 نبعث إليكم بالتوضيحات التي حرّرها الأستاذ حامد الخفاف مدير شؤون سماحة السيد السيستاني في لبنان بشأن ملابسات موقف سماحته من الدورالقادم للأمم المتحدة في العراق، حيث كان الأستاذ الخفاف وسيطاً في إبلاغه للسيد غسان سلامة جواباً عن استفسار منه بهذا الشأن.
وإذ نؤيد كل ما ورد في هذه التوضيحات نودّ التأكيد على النقاط الآتية:
1ـ إن المرجعية  الدينية التي بذلت جهوداً مضنية في سبيل عودة الأمم المتحدة الى العراق وإشرافها على العملية السياسية وإجراء الانتخابات العامة، كانت تتوقع ان يترك  لممثلي الشعب العراقي في الجمعية الوطنية المنتخبة حرية إدارة البلد في المرحلة  الانتقالية وكتابة الدستور  الدائم والاستفتاء عليه وفق الآلية التي يقررها المندوبون أنفسهم.
ولكن بعدإقرار ما يسمى بـ(قانون الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية) ستكون الجمعية الوطنية القادمة مكبلة بقيود كثيرة لا تسمح لها باتخاذ ما تراه مطابقاً لمصلحة الشعب العراقي، حيث أملي عليها مجلس غير منتخب هو مجلس الحكم الانتقالي وبالتنسيق مع سلطة الاحتلال قانوناً (غريباً) لإدارة الدولة في المرحلة الانتقالية، كما أملي عليها – وهو الأخطر- مباديء وأحكاماً وآليات معينة فيما يخص كتابة الدستور الدائم وإجراء الاستفتاء عليه.
إن هذا (القانون) الذي لا يتمتع بتأييد معظم الشعب العراقي – كما تؤكد ذلك استطلاعات الرأي  العام وملايين التوقيعات التي جمعت خلال الأيام القليلة الماضية في رفضه أو المطالبة بتعديله – يصادر حق ممثلي الشعب العراقي المنتخبين بصورة لا نظير لها في العالم، وبذلك تفقد الانتخابات  التي طالما طالبت بها  المرجعية الدينية الكثير من معناها وتصبح قليلة  الجدوى.
إن هذا (القانون) الذي يعهد بمنصب الرئاسة في العراق الى مجلس يتشكل من ثلاثة أشخاص – سيكون أحدهم من الكرد والثاني من السنة العرب والثالث من الشيعة العرب- يكرس الطائفية والعرقية في النظام السياسي المستقبلي للبلد ويعيق اتخاذ أي قرار في مجلس الرئاسة إلا بحصول حالة التوافق بين الأعضاء الثلاثة وهي ما لا تتيسر عادة من دون وجود قوة أجنبية ضاغطة- كما وجدنا مثل ذلك في حالات مماثلة- وإلا يصل الأمر الى طريق مسدود ويدخل البلد في وضع غير مستقر وبما يؤدي الى التجزئة والتقسيم لا سمح الله تعالى.
2ـ إن المرجعية الدينية التي سبق لها أن طالبت بصدور قرار من مجلس الأمن  الدولي يحدد موعد الانتخابات العامة تخشى أن تعمل سلطة الاحتلال على إدراج هذا (القانون) في القرار الجديد لمجلس الأمن ليكتسب صفة الشرعية  الدولية ويلزم به الشعب العراقي رغماً عليه.
إننا نحذر من أية خطوة من هذا القبيل لن تكون مقبولة من عامة العراقيين وستكون له نتائج خطيرة في المستقبل ونرجو إبلاغ أعضاء مجلس الأمن بهذا الأمر.
3ـ في ضوء ما تقدم وبالرغم مما يتمتع به شخصكم من احترام وتقدير لدى سماحة السيد إلا أنه لا يرغب أن يكون طرفاً في أية لقاءات واستشارات تجريها البعثة الدولية في مهمتها القادمة في العراق ما لم يصدر من الأمم المتحدة موقف واضح بأن هذا (القانون) لا يلزم الجمعية الوطنية المنتخبة بشيء، ولن يذكر في أي قرار جديد لمجلس الأمن الدولي بشأن العراق.
هذا ما لزم بيانه وتقبلوا فائق الاحترام
الجمعة 27/المحرم/1425هـ
19/آذار/2004
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
النجف الأشرف
 
رقم:59
بيان حول الاعتداءات على الشعب الفلسطيني في مخيم جنين
بسم الله الرحمن الرحيم
(لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون)
صدق  الله العلي العظيم
يواجه إخوتنا وأخواتنا في الأراضي الفلسطينية المحتلة في هذه  الأيام عدواناً صهيونياً متواصلاً قلّ نظيره في التاريخ الحديث. وتعجز الكلمات عن بيان أبعاده الوحشية، فقد عمّ الجميع ولم يسلم منه حتى الشيوخ والنساء والصبيان، وتنوعت أساليبه قتلاً وتعذيباً وترويعاً واعتقالاً وتشريداً وتجويعاً وهتكاً للحرمات واستباحة للمقدسات وتخريباً للمدن والمخيمات وتدميراً للبيوت والمساكن وبلغ حتى الممانعة من إسعاف الجرحى والمصابين ودفن أجساد الشهداء، ويجري كل ذلك بمرأى ومسمع العالم أجمع ولا مانع ولا رادع، بل إنه يحظى بدعم أمريكي واضح.
وإذا لم يكن المرتقب من أعداء الإسلام والمسلمين إلا أن يصطفوا مع المعتدين الغاصبين فإنه لا يرتقب من المسلمين إلا ان يقفوا مع اخوانهم وأخواتهم في فلسطين العزيزة ويرصّوا صفوفهم ويجندوا طاقاتهم في الدفاع عنهم ووقف العدوان عليهم.
إن الوضع  المأساوي الذي يعيشه أبناء الشعب الفلسطيني المظلوم يقتضي أن لا يهنأ المسلمون في مطعم أو مشرب الى ان يكفّوا عن إخوانهم وأخواتهم أيدي  الظالمين المعتدين.
لقد روي عن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (من أصبح لا يهتم بأمور  المسلمين فليس منهم ومن سمع رجلاً ينادي يا للمسامين فلم يجبه فليس بمسلم)، ولذلك نهيب بالمسلمين كافة أن يهبوا لنجدة الشعب الفلسطيني المسلم ويستجيبوا لصرخات الاستغاثة المتعالية منهم ويبذلوا قصارى جهدهم وإمكاناتهم في ردع المعتدين عليهم واسترداد حقوقهم المغتصبة وإنقاذ الأرض الاسلامية من ايدي الغزاة الغاصبين.
نسأل الله العلي القدير ان يأخذ بأيدي  المسلمين الى ما فيه  الخير والصلاح ويمن عليهم بالنصر على أعدائهم (وما النصر إلا من عند الله العزيز  الحكيم).
26/محرم الحرام/1423هـ
علي الحسيني السيستاني
 
 
رقم:60
بيان حول استشهاد الشيخ المجاهد أحمد ياسين رحمه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
(الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون)
في صباح هذا اليوم وفي جريمة بشعة ارتكبها الكيان الصهيوني المحتل فقد الشعب الفلسطيني المظلوم أحد رجاله الأبطال العالم الشهيد الشيخ أحمد ياسين تغمده الله بواسع رحمته الذي كرّس حياته لخدمة وطنه ودينه وأصبح مثالاً يحتذى به في الصبر والمقاومة.
وإننا إذ نعزي إخوتنا وأخواتنا في فلسطين العزيزة وسائر المسلمين في هذا الخطب الفادح والمصاب الجلل نستنهض أبناء الأمة العربية والاسلامية لرصّ الصفوف وتوحيد الكلمة والعمل الجادّ في سبيل تحرير الأرض المغتصبة واستعادة الحقوق المسلوبة انطلاقاً من قوله عزّ وجل: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) والله ولي التوفيق ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي  العظيم.
30/محرم/1425هـ
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
النجف الأشرف
 
 
رقم:61
إستفتاء حول الاضطرابات الأمنية في العراق
بسم الله الرحمن الرحيم
مكتب سماحة آية الله العظمى المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني (دام ظله)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد...
إنكم على علم بالأساليب القاسية التي تستخدمها قوات الاحتلال في المصادمات المستمرة منذ عدة أيام في مناطق بغداد وفي عدد من المحافظات في الغرب والوسط والجنوب والتي أسفرت لحد الآن عن وقوع أعداد كبيرة من الضحايا في صفوف المدنيين، وقد حدثت أيضاً ممارسات مؤسفة حيث تعرض عدد من المراكز والمؤسسات الحكومية للنهب والسلب واستولى على عدد آخر منها بعض  المجموعات المسلحة مما خلق حالة من الفوضى والانفلات الأمني في عدد من المدن ولا زال الوضع يسير من سيء الى أسوأ، فما هو  الموقف بأزاء كل ما يجري؟
جمع من المؤمنين
بسمه تعالى
إننا نشجب أساليب قوات الاحتلال في التعامل مع الحوادث  الواقعة، كما ندين التعدي على الممتلكات  العامة والخاصة وكل ما يؤدي  الى الاخلال بالنظام ويمنع المسؤولين  العراقيين من أداء مهامهم في خدمة الشعب، وندعو الى معالجة الأمور بالحكمة وعبر الطرق السلمية والامتناع عن أي خطوة تصعيدية تؤدي الى المزيد من الفوضى واراقة  الدماء، وعلى القوى السياسية والاجتماعية أن تساهم بصورة فعالة في وضع حدّ لهذه  المآسي والله ولي التوفيق.
16/صفر/1425هـ
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
النجف الأشرف
 
رقم:62
سؤال حول الجهة المعتدية على الحرم العلوي
بسم الله الرحمن الرحيم
مكتب سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني دام ظله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد: نشرت وسائل الإعلام تصريحاً على لسان السيد محمد باقر المهري في الكويت حمّل فيه عناصر جيش المهدي مسؤولية الاعتداء الذي تعرض له الحرم الحيدري الشريف في هذا اليوم فهل ما ذكره يمثل وجهة نظركم؟
جمع من المؤمنين
5/4/1425هـ
بسمه تعالى ما ذكره لا يمثّل وجهة نظرنا وليس لدينا أيّ معلومة عن الجهة التي استهدفت  الحرم المقدس العلوي وانتهكت حرمته، وقد تكرر منا أنه لا يمثل وجهة نظر سماحة السيد دام ظله في القضايا السياسية ونحوها إلا ما يصدر منه مباشرة أو من مكتبه في النجف الأشرف.
5/ربيع الثاني/1425هـ
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
 
رقم: 63
جواب على طلب ترشيح ممثل للمرجعية  الدينية في مجالس إدارة المحافظات
بسم الله الرحمن الرحيم
الى/ مكتب آية الله العظمى السيد علي السيستاني م/ترشيح ممثل بناءا على ماجاء في التغيرات الأخيرة حول مجالس إدارات الأقضية والنواحي ومنها قضاء العمارة ولأجل مساهمتكم في إدارة شؤون المحافظة.
لذا   نرجو تسمية ممثل مكتبكم لعضوية هذا المجلس خلال ثلاث أيام من تاريخ صدور هذا الكتاب من اجل خدمة  العراق العزيز عموماً ومحافظتنا خاصة شاكرين تعاونكم.
مع التقدير.
لجنة مشورة قضاء  العمارة
10/5/2004
بسمه تعالى
إن مكتب سماحة السيد دام ظله لن يعيّن ممثلين له في المجالس الإدارية في أيّ من المناطق، ولابد لمن يدخل المجلس الإداري أن يكون كفوءا بأداء عمله ويحظى بثقة غالبية  المواطنين.
7/ع2/1425هـ
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
النجف الاشرف
رقم:64
استفتاء حول الحكومة المؤقتة التي شكلتها الأمم  المتحدة
بسم الله الرحمن الرحيم
مكتب سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني دام ظله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
يسأل الكثير من المؤمنين عن الموقف تجاه الحكومة  العراقية الجديدة التي تمّ تشكيلها يوم أمس بمساعي السيد الأخضر الابراهيمي مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة؟
جمع من المؤمنين
13 ربيع الثاني 1425هـ
بسمه تعالى
إن سماحة السيد – دام ظله – سبق أن أكّد مراراً على ضرورة أن تكون الحكومة العراقية ذات السيادة منبثقة من انتخابات حرة نزيهة يشارك فيها أبناء الشعب العراقي بصورة عامة.
ولكن لأسباب كثرة معروفة تمّ استبعاد خيار الانتخابات، فبين مماطلة وتسويف وممانعة وتخويف انقضى الوقت وقرب موعد الثلاثين حزيران الذي يفترض أن يستعيد فيه العراقيون السيادة على بلدهم.
وهكذا آل الأمر الى التعيين لتتشكل  الحكومة الجديدة من دون ان تحظى بالشرعية الانتخابية، بالاضافة الى أنه لم يتمثل فيها جميع شرائح المجتمع العراقي وقواه السياسية بصورة مناسبة.
ولكن مع ذلك فالمؤمّل ان  تثبت هذه الحكومة جدارتها ونزاهتها وعزمها الأكيد على أداء المهام الجسيمة الملقاة على عاتقها وهي:
1ـ استحصال قرار واضح من مجلس الأمن الدولي باستعادة العراقيين السيادة على بلدهم سيادة كاملة، غير منقوصة في أي جوانبها السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية، والسعي البليغ في إزالة آثار الاحتلال من كافة جوانبه.
2ـ توفير الأمن في كافة ربوع البلد ووضع حدّ لعمليات الجريمة المنظمة وسائر الأعمال الاجرامية.
3ـ تقديم  الخدمات العامة للمواطنين وتخفيف معاناتهم فيما يمسّ حياتهم اليومية.
4ـ الإعداد الجيّد للانتخابات العامة والالتزام بموعدها المقرّر في بداية العام الميلادي  القادم، لكي تتشكل جمعية وطنية لا تكون ملزمة بأي من القرارات الصادرة في ظل الاحتلال، ومنها ما يسمى بقانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية.
إن  الحكومة الجديدة لن تحظى بالقبول الشعبي، إلا إذا أثبتت – من خلال خطوات عملية واضحة- أنها تسعى بجد وإخلاص في سبيل إنجاز المهام المذكورة، وفق الله  الجميع لما يحب ويرضى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
14/ربيع الثاني/1425هـ
مكتب السيد السيستاني (دام ظله)
النجف الأشرف
 
 
________________________________________
[1]الورع من الشروط الضمنية للتقليد ففي حالة تساوى المجتهدين في الأعلمية يرجح الاورع .راجع الأحكام الفقهية للسيد محمد سعيد الحكيم (دام ظله) مسألة رقم (4)ص12 
[2] الأعلم : هو الأقدر على استنباط الأحكام وذلك بأن يكون أكثر إحاطة بالمدارك وبتطبيقاتها من غيره بحيث يوجب صرف الريبة الحاصلة من العلم بالمخالفة الى فتوى غيره )المسائل المنتخبة السيد السيستاني(دام ظله) مسألة رقم 16.
 
 
[3] أحد الاستفتاءات الموجهة الى سماحته من قبل أبناء مخيم رفحاء لللاجئين العراقيين في السعودية .
 
[4] ان المرجعية على اتصال مباشر ومتابعة مستمرة للاحداث والاوضاع السياسية التي يعيشها الشعب العراقي ،ولكل ظرف او وضع قراراته الخاصة به التي تتخذها المرجعية الدينية في حينها ، ففي معرض استفتاء وجه الى سماحة الشيخ الفياض (دام ظله) حول حالة فرضية تتعلق باحتمالية منع قوات الاحتلال الشعب العراقي من اجراء الانتخابات فما هو الحل في مثل هذه الحالة فأجاب سماحته : ان الشعب العراقي الذي قدم التضحيات الكبيرة من الشهداء والمشردين طيلة الفترة السابقة من اجل تحقيق العدالة الاجتماعية والتحرر من ظلم النظام البائد لهو على استعداد ايضاً لمواجهة هذه المشكلة التي تقف امام ارادته بأذن الله تعالى ، (مكتب الشيخ الفيلض – دام ظله – 1 ذو القعدة 1424هـ) .
[5] { راجع ملحق لمحة موجزة عن حياة المرجع الديني السيد محمد سعيد الحكيم (دام ظله)}
[6] هو المجلس الحكم الاول الذي تأسس بعد سقوط النظام البعثي البائد سنة 2003م، ويضم هذا المجلس كافة الاحزاب والحركات السياسية المعارضة للنظام البعثي السابق ،كما ان هذا المجلس لا يحضى بمشروعية الانتخابات وبالتالي فأنه لا يمثل الشعب العراقي،الا انه كان خطوة ايجابية للامام وذلك لانه عادة الامن والاستقرار ووفر الحاجات المعيشية الاساسية ولو بصورة نسبية للشعب العراقي .
[7] ترى المرجعية الدينية الرشيدة ان تفاصيل العمل السياسي والاداري تترك للمتخصصين بها ومن هم اهل لثقة العراقيين ويكون دور رجال الدين هو تقديم النصح والارشاد ذات الصلة ولمن يطلبها دون إرباك الوضع العام أو النظام.وهذه المرحلة خاصة بظرف دون أخر، ولعله في وقت أخر وفي ظرف أخر ترى المرجعية وجوب تدخلها حتى في التفاصيل .  
 
[8]  للأمور الحسبية معنيان : فقد يقصد بالأمور الحسبية شؤون الرقابة الاجتماعية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذا هو المقصود من الولاية الحسبية في التاريخ الإسلامي ، وقد يقصد به كل ما يطلبه الشارع على نحو الكفاية مما تقوم به حياة المجتمع ، ويختل من دونه المجتمع ويدخل في قوله تعالى { وتعاونوا على البر والتقوى }المائدة 2، أما الولاية العامة للفقيه فإن أغلب العلماء يشككون في مشروعيتها للفقيه المجتهد ويحصرونها ضمن مسؤوليات الإئمة المعصومين (ع) دون غيرهم ـ الاجتهاد والتقليد وسلطات الفقيه وصلاحياته محمد مهدي الآصفي ط3 1996 قم. مركز الغدير للدراسات الإسلامية.
[9] في تلك الفترة قامت بعض العناصر المسلحة بالاعتداء على مرقد الإمام علي (ع) في النجف الأشرف والإمام الحسين (ع) في كربلاء المقدسة بحجة إدارة هذين المرقدين الطاهرين إلا إن أهالي هاتين المدينتين رفضوا ذلك وتصدوا لهم مما أدى الى حدوث مواجهات مسلحة بين الطرفين .
[10] حيث طالبت المرجعية الرشيدة الاشخاص الذين يدعون الاجتهاد بأعطاء الدليل الشرعي،وذلك أما بأجازتهم(اجازة مدعي الاجتهاد) من قبل الفقهاء المعروفين بأجتهادهم وعدالتهم،أوان يقوم الشخص نفسه بأعطاء البحث الخارج لطلبة العلوم الدينية ذات الصلة،لكي يتسنى للطلبة المتخصصين معرفة اجتهاده واثباته، ولكن ليس عن طريق المناظرة وكما يدعي البعض أوتوجيه أسئلة الى العلماء لغرض الاجابة عليها،لأن هذا العمل مخالف للأعراف الحوزوية أولاً والعقل ثانياً .
 
[11] وهي الحد الوسط بين الولاية العامة للفقيه والولاية الخاصة (الحسبية)،فالفقيه في ضوئها الإشراف على الرعية وتدبير الأمور على نحو يتوسط بين العام الكّلي في ولاية الفقيه المطلقة، والخاص المحدد في ولاية الفقيه الخاصة .
[12] الحوزة العلمية والمرجعية ،ج3 : 167 ، السيد محمد باقر الحكيم .
[13] الإمام السيد محمد باقر الصدر في ذاكرة العراق،صلاح الخرسان:324.
[14] كاتب هذه السطور(الباحث).
[15] .مقابلة مسجلة أجراها (كاتب هذه السطور) في مركز المصطفى للبحوث العقائدية في قم المقدسة ،في شهر رجب الاصب 1427  هـ،مع الشيخ الكوراني. 
6.منتقى الأصول ،تقرير أبحاث السيد الروحاني:1: 5،السيد عبد الصاحب الحكيم.
[17] الذي عقده النظام البائد ضد الجمهورية الإسلامية وذلك لإضفاء الشرعية له بالحرب على ايران. 
 
[18] . لمزيد من التفاصيل راجع كتاب"المرجعية الدينية والعمل السياسي"رزاق مخور داود،2004 ، 98 – 103 .
[19] راجع كتاب المرجعية الدينية والعمل السياسي ، رزاق مخور داود ، الملحق رقم 1.
[20]  راجع كتاب مرجعية الإمام الحكيم ، للسيد محمد باقر الحكيم.ج3.
[21]  راجع كتاب موسوعة الحوزة والمرجعية ، للسيد محمد باقر الحكيم ، ج3: 334.
[22] أ- قانون الأحوال الشخصية :وقد اشتمل على فقرة مهمة خالفت الشريعة الإسلامية ، وهو أن للأنثى مثل حظ الذكر بالإرث ، وكان اصدار هذا القانون من قبل عبد الكريم قاسم .
ب-القوانيين الاشتراكية: وكانت اشتراكية كاذبة في واقعها عارمة في مأخذها، حيث صادرت أموال الناس وأممت الشركات والمصارف والمصانع بحجة تطبيق النظام الاشتراكي وكان ذلك في زمن عبد السلام عارف .   
 
[23] كتاب(أساطين المرجعية العليا المعاصرين،الدكتور الصغير،2003 :88.
[24]  راجع كتاب (معجم رجال الحديث) 23/20-25،للسيد الخوئي (قد).
 
[25]  للسيد الخوئي جملة من المبتكرات الأصولية التي لم يسبق إليها إبداعا والتي لم يسبق لغيره من العلماء الانفراد بها كما قدر له ذلك ومن هذه الشذرات :- مبنى تحقق الأعلم ، مضافاً إلى المباني الأخرى التي ترشح المرجع الأعلى للطائفة الإمامية في العالم …الخ، من الابتكارات الأصولية الدقيقة راجع(أساطين المرجعية العليا المعاصرين-ص153-ص159،الدكتور محمد حسين الصغير،وكذلك راجع المباحث الأصولية لتلميذه آية الله العظمى الشيخ محمد إسحاق الفياض(دام ظله) .
 
[26]  لمزيد من التفاصيل راجع ملحق رقم(2) استفتاء 1،في نهاية البحث
[27] لمزيد من التفاصيل راجع ملحق رقم(2) استفتاء 2،في نهاية البحث ، حول نص الكلمة التي صرح بها الإمام الخوئي لوكالات الأنباء الإسلامية حول القضية الفلسطينية .
[28] راجع نص الفتوى الخاصة بتأييد جماعة العلماء في الملحق(2) استفتاء 3 في نهاية البحث.      
[29]  راجع ملحق رقم (2) استفتاء(4)،في نهاية البحث والتي أصدرها الإمام الخوئي (قد) ضد هذا الاستفتاء .
[30]  والمشروطة هي أن يكون الحكم مشروطاً ومقيداً بدستور إسلامي ومجلس وطني ، وترك العمل الفردي الاستبدادي.
 
[31]  راجع ملحق رقم (2) استفتاء 5 ،في نهاية البحث،والتي رفعها السيد الخوئي إلى حكومة الشاه الظالم.
 
[32] تناقلتها بعض الصحف العراقية كجريدة الثورة والقادسية سنة 1982م.
[33] تناقلتها بعض الصحف الإيرانية سنة 1982م،نقلاً عن حجة الله الشيخ الفردوسي (مقابلة شخصية مع الباحث). 
[34] كتاب حديث الانطلاق ،حميد الأنصاري .
[35]  الشيخ الميرزا علي الغروي(قد) : وهو من أكابر العلماء ومرجع ديني معروف له مواقف جهادية ضد الأنظمة الفاسدة والقوى الاستعمارية ، تعرض لعدة محاولات اغتيال من قبل النظام البعثي البائد ، حيث اغتالته هذه العصابة المجرمة وذلك عند ذهابه لزيارة سيد الشهداء الإمام الحسين (ع) على الطريق بين النجف وكربلاء ، في 19/6/ 1998م ، له موقف جهادية كثيرة ضد الاستكبار والعملاء حيث كانا ( الشيخ البروجردي والشيخ الغروي ) يعملان تحت قيادة الإمامين العظيمين ( الإمام الحكيم والإمام الخوئي) للدفاع عن القضايا العليا للإسلام ضد المستعمرين والعملاء الخونة ، فأصبـحوا رمزا من رموز الشهداء ( رضوان الله تعالى عليهم ). 
 
[36] الشيخ مرتضى البروجردي (قد) : وهو أحد المراجع العظام في النجف الأشرف له مواقف جهادية كثيرة مع الأنظمة الظالمة والاستكبار العالمي ، تعرض لعدة عمليات اغتيال من قبل النظام البعثي البائد منها ثلاث محاولات لاغتياله وهو في طريقه لأداء صلاة الصبح في مرقد الإمـام علي(ع)، وهو رغم كل هذه المحاولات لم يتخلَ عن واجبه الشرعي لنصرة دينه ومذهبه ، وقال كلمته المشهورة {إن القوم"حزب البعث" يريدون أن يمنعونني من الصلاة ولكن هيهات لما يريدون }، ولقد استشهد (قد) على يد جلاوزة النظام البعثي في مدينة النجف الأشرف قرب معشوقه وحبيبه وشفيعه وإمامه أمير المؤمنين (ع) في 22/4/ 1998م .     
 
[37] راجع ملحق رقم (2) بيان رقم (1،2)في نهاية البحث.
[38] راجع مجلة النور العدد 161 تشرين1/ 2004 صفحة (62 – 63) .
[39]  كتاب الحوزة العلمية ص 10.للسيد محمد باقر الحكيم .
 [40]للاطلاع على هذا الاستفتاء  راجع مكتب أية الله العظمى الشيخ الفياض(دام ظله الوارف)) قسم الاستفتاءات.
 
[41]  لمزيد من التفاصيل راجع كتاب (فقه الحضارة ص42) ،للدكتور محمد الصغير.
[42] بعض من هذه المعلومات مستقاةً من كتب تلاميذه المعروفين أمثال(السيد محمود الهاشمي-والسيد باقر الحكيم) وذلك لإن أهل مكة أعلم بشعابها، راجع كتابي " تمهيد في مباحث الدليل اللفظي ، حسن عبد الساتر :م1 ،7-13" و " الحوزة العلمية والمرجعية –السيد محمد باقر الحكيم :ج4 ،59-62 .
[43] راجع كتاب المذهب الاقتصادي الإسلامي – طريق الوسطية- للباحث رزاق مخور داود.
[44] الحوزة العلمية والمرجعية ،السيد محمد باقر الحكيم ، ج4: 90-91 .
[45] نقلاً عن كتاب (الإمام السيد محمد باقر الصدر في ذاكرة العراق)،صلاح الخرسان:ص202-ص203 .
[46] حواشي المراجع والعلماء أو المؤسسات والحركات الإسلامية كجماعة العلماء وبعض الأحزاب الإسلامية ، وبعض الأصدقاء .راجع كتاب الحوزة العلمية والمرجعية ،السيد محمد باقر الحكيم ، ج4: 61 . 
[47] لمزيد من التفاصيل راجع كتاب(الإمام محمد باقر الصدر في ذاكرة العراق)وكذلك لمعرفة كيفية أنصال السيد عبد العزيز الحكيم بالشهيد الصدر،راجع نفس المصدر:536-537)، وكتاب موسوعة الحوزة والمرجعية،ج3،للسيد باقر الحكيم.
[48] من كتاب" معاناة الشهيد الصدر مع الطاغية"، تأليف السيد كاظم الحائري،ص:17-18.
[49] من كتاب :"الإمام محمد باقر الصدر في ذاكرة العراق" تأليف السيد صلاح الخرسان، ص: 539-541.
[50] من كتاب" معاناة الشهيد الصدر مع الطاغية"، تأليف السيد كاظم الحائري،ص:27.
[51] والد المرجع الديني السيد محمد الصدر(قده).
[52] من كتاب :"الإمام محمد باقر الصدر في ذاكرة العراق" تأليف السيد صلاح الخرسان، ص: 549.
[53] .فيلق بدر وحزب الدعوة الإسلامي وحزب الله وبعض المؤمنين الذين ليس لهم تنظيم حزبي. 
[54] وقد  تكون الحكومة الكويتية انذاك متورطة بهذا الأمر أيضا.(الباحث).
[55] لمزيد من التفاصيل راجع كتابي (بين مقاومتين شهيد المحراب، مؤسسة تراث الشهيد الحكيم: ص 58- ص60، والحوزة العلمية ص10) للسيد باقر الحكيم.
[56] الحرب العراقي الإيرانية ،وحرب الخليج الثانية ، وحرب إسقاط صدام.
[57] لمزيد من التفاصيل راجع كتاب(السيد محمد باقر الحكيم من النجف إلى النجف)،الجياشي،2006 :78 – 92.
[58] شهيد المحراب بين مقاومتين،مؤسسة تراث الشهيد الحكيم:94 .
[59] كاتب هذه السطور (الباحث) .
[60] كتاب الأربع عشرة مناهج ورؤى 48-49.
[61] .أول من أطلق عليه لقب شهيد المحراب وخميني العراق آية الله السيد علي الخامنئي"دام ظله"،إما شهداء المحراب فنذكر منهم (السيد محمد علي القاضي،والشيخ الصدّوقي،والشيخ أشرفي أصفهاني،والسيد عبد الحسين دستغيب ...الخ) ، أما خميني العراق الأول فأطلقه حزب البعث على الشهيد الصدر(قد) .
[62] للفترة من 10/5 – 29/8/2003 م .
[63] البحوث الفقهية والأصولية ، وعلمي الرجال والحديث ، للسيد السيستاني (دام ظله) ،أساطين المرجعية العليا المعاصرين ، السيد علي السيستاني مرجعاً ، الدكتور محمد حسين علي الصغير ، لمحات عن شخصية المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني (دام ظله) ،السيد محمد صالح الغروي .
 
[64] (راجع الموسوعة الكمبيوترية الإسلامية،السيد السيستاني -دام ظله -).
[65] تفاصيل الحادثة في الفصل الثالث من الكتاب.
[66]  تعد العولمة من المفاهيم التي اجتاحت القرن العشرين ، متغلغلة في جوانب عديدة من الحياة مؤثرة في جوانبها الاقتصادية والسياسية والفكرية والثقافية بصورة ملحوظة من خلال ما طرأ من تغيير في جوانب الحياة لاسيما الاقتصادية منها ، وهنالك ثلاثة مفاهيم أساسية للعولمة تتمثل بالأتي : 
أ. العولمة السياسية : ترتكز على مفهوم الأحادية أي أرض بلا حدود أو زيادة في التبعية السياسية وتدمير الإرادة السياسية والاستقلالية للقرار السياسي .
ب. العولمة الاقتصادية : وتعتمد على مفهوم السوق أي سوق بلا حدود بإلغاء القيود كافة عل التحركات رؤوس الأموال والبضائع بأنواعها المختلفة والتكنولوجيا .
ت . العولمة الثقافية : وهي تستند على مفهوم الشمولية أي الثقافة بلا حدود .
 
[67]  راجع فتوى (6) ،الملحق ،في نهاية البحث .
[68] سوف يتم تفصيلها لاحقاً.
[69]  راجع فتوى (7) الملحق ،في نهاية البحث .
[70]  راجع فتوى (8) الملحق،في نهاية البحث .
[71] راجع  الفتوى(9) الملحق،في نهاية البحث .
[72]  راجع الفتوى (10) الملحق،في نهاية البحث.
[73] راجع الفتوى(11) الملحق،في نهاية البحث.
[74] راجع فتوى رقم (12) الملحق،في نهاية البحث .
[75] راجع فتوى رقم (13) الملحق،في نهاية البحث .
[76] الجدير بالذكر إن سماحة السيد قد طلب من هذه الحشود الرجوع إلى أماكن سكناهم لكي لا يتعرضوا للأذى، إلا إن بعض من هذه الحشود قد دخلوا المدينة بتأثير الإشاعات المغرضة فتعرضوا للانطلاقات النارية .
[77] راجع فتوى رقم (14) الملحق،في نهاية البحث .
[78]( أساطين المرجعية العليا المعاصرين،ص220).
 
[79] س/ يدعي البعض إن رجال الدين لا يجوز له أن يتدخل في الشؤون السياسية لأن الدين منفصل عن السياسة وعليه فلا يجوز له التدخل في طريقة إدارة شؤون البلاد والانتخابات لأنها من الأمور السياسية؟.
الجواب: بسمه تعالى: عندما نقول أن رجل الدين لا ينبغي له أن يتدخل في السياسة فمرادنا هو السياسة المتبعة في أغلب البلدان التي تتنافى مع أحكام الإسلام ، وأما النظام السياسي الذي هو عبارة عن الأحكام المتعلقة بإدارة شؤون المجتمع الإسلامي وحفظ نظامه فهو من المسلمات ومن تلك الأحكام مسألة حرية الشعب في الانتخابات ، فإن وضع حدودها لا بد أن يكون بنظر الحاكم الشرعي الجامع للشرائط والله الهادي. "مكتب الشيخ الفياض1 ذو القعدة 1424هـ".
 
[80] (في اليوم الثاني من تاريخ البيان).
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . رزاق مخور الغراوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/11/26



كتابة تعليق لموضوع : دور المرجعية الدينية في المجال السياسي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net