صفحة الكاتب : علي جابر الفتلاوي

المسلسلات التركية هل تعكس واقع المجتمع التركي ؟!
علي جابر الفتلاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
من ثمرات سقوط طاغية بغداد ( هدام العراق ) ، التمتع بالحرية والانفتاح الواسع على العالم ،لكنه للاسف من دون ضوابط ، خاصة الانفتاح الاعلامي والثقافي ، فالفضائيات لا عدّ لها ولا حصر ، تتكلم ما تشاء حسب هواها واجندتها الفكرية او السياسية ، وهذا حق لها لا أعتراض عليه ، لكن بعضها يطرح ويعرض وبشكل مقصود لغرض التخريب او التشويه والتشويش ، ونحن كشعب عراقي عربي مسلم  صودرت حرياته لعقود عديدة من السنين ، لم نألف هذه الحرية الواسعة وهذا الانفتاح غير المنضبط ، وكثير منا لا يمتلك الحصانة الفكرية او الثقافية التي يستطيع بواسطتها تشخيص الغث من السمين من الافكار او الثقافة او الفن او ..او .. الخ بسبب الضغط السياسي الغاشم والشديد على الناس من قبل حزب البعث المندثر الذي اراد ان يقولب الناس على هواه ، ووفق منحى فكري ثقافي ضيق المنبع والمجرى والمصب ، رسمه وخططه هو للناس واجبرهم على السير فيه ، وبعد ان تخلص الناس في العراق من هذا الكابوس المظلم لحزب البعث المقبور وتمتعوا بحريتهم ، طلّت علينا الفضائيات الكثيرة ، وهذا امر ايجابي ، وهي تعرض الينا كل البرامج والثقافات والافكار والفنون والمسلسلات وفيها الجيد والمفيد ، لكن فيها ايضا المخرب والمدسوس والمفسد ، وفيها من لا يراعي أي خصوصية للمتلقي ، بل فيها من يقصد لتوصيل افكار او ثقافات معينة لغرض التخريب ، ووقف الشعب الذي يمتلك كما هائلا من القيم العربية الاصيلة والقيم الاسلامية السامية حائرا ازاء هذا المد المخرب والمشوش من البعض وعن قصد واصرار ، ولا نريد ان نستعرض كل ما يعرض من سلبيات وفي مختلف الاتجاهات ، انما نريد التحدث عن نموذج مما يعرض والذي يتقاطع مع خصوصيتنا وثقافتنا وتربيتنا ، وهو المسلسلات التركية ، ولا اقول جميعها بل كثير منها ، والتي هجمت علينا هجوما يكاد ان يكون كاسحا ، وبسبب الكبت الكبير الذي كان الناس يعاني منه ايام الطاغية صدام ، اقبل الناس على هذه المسلسلات بشكل واسع ومن دون قيد او تمحيص ، ولو القينا نظرة واقعية على هذه المسلسلات المعروضة والمدبلج اكثرها باللهجة السورية ، نجد فيها كثيرا من الافكار والثقافات التي تتقاطع مع قيمنا وافكارنا وثقافتنا ، كعرب مسلمين ،وانا شخصيا لا اعتقد ان هذه الافكار في هذه المسلسلات التركية تعكس واقع الشعب التركي المسلم ، وحسب معلوماتنا ان الخط الاسلامي المعتدل في تركيا يتمتع بشعبية واسعة ، والدليل فوزه في الانتخابات العديدة التي جرت في تركيا ، وكان اخرها فوز حزب العدالة التركي ، وهذا التوجه الاسلامي في تركيا لا يراد له الانتصار بالرغم من اعتداله ، لهذا السبب يوضع في طريقه الكثير من العقبات ، خاصة من المؤسسة العسكرية المخضرمة ، التي ترفض التغيير لصالح الارادة الشعبية ، وهي مؤسسة علمانية متعصبة ، ولا نقول ان الخلل في العلمانية ، بل ان العلمانية العسكرية التركية المتعصبة ، ترى ان التيار الاسلامي حتى لو كان معتدلا هو تهديد لوجودها ، لذا فهي تحارب أي مظهر اسلامي ، اذ تعتبره تهديدا لها، فمثلا الحجاب الاسلامي للمسلمات يمنع من قبل هؤلاء المتعصبون ، في حين يفترض بالعلمانية ، ان تحترم جميع الاديان ، وتحترم خصوصية كل دين ، لكن هذا التوجه العسكري المتعصب الذي يدعي العلمانية ، هو عدو للدين ، ولا علاقة له بالعلمانية ، ولهذا السبب نرى ان هذه المؤسسة تحارب كل حزب سياسي تركي يحترم الثوابت الاسلامية ، او يدعو الى الاسلام المعتدل الذي يحترم الجميع ، الغاية من هذه المقدمة ، نريد ان نسأل ، من المسؤول عن الاعلام اوعن مؤسسة الفن في تركيا ؟ هل المؤسسة العسكرية المتطرفة ، ام ان هناك جهات خفية تسّير الماكنة الاعلامية والفنية ؟ والا فمن المسؤول اذن عن هذه المسلسلات التي تعرض في بعض الفضائيات ، ولا نقول جميع المسلسلات ، بل بعضها والذي يعطي صورة سلبية ومشوهة عن المجتمع التركي المسلم ، والا فهل يعقل ان المجتمع التركي تنتشر فيه عصابات المافيا وعصابات القتل والسرقة ، والاعتداء على الاخرين من دون ضوابط ، ومن دون خوف من الدولة والقانون ، ومن دون خوف من الشعب التركي المسلم ، الذي يمتلك قيما اسلامية لا يمكن ان يضحي بها ؟ وهل يعقل ان الشخصيات المهمة في المجتمع التركي مثل التجار الكبار لا تستطيع الدولة حمايتهم فيلجأون الى استئجار عصابات مسلحة خارج سيطرة الدولة لغرض حمايتهم ؟ وهل يعقل ان العلاقات الجنسية مفتوحة على مصراعيها ومن دون ضوابط ؟ وهل صحيح ان المرأة الحامل تتزوج قبل ان تضع حملها ؟ وهل صحيح ان البنت التي تحمل عن علاقة غير شرعية ومن دون معرفة الاهل فيتقبلون الحالة وكأنها امر طبيعي ؟ وهل ..وهل ..وكثير من الحالات التي تتقاطع مع القيم الاسلامية والانسانية ، انا لا اظن ان هذا النوع من المسلسلات تعكس واقع المجتمع التركي المسلم ، لانه شعب ذو تأريخ ويمتلك قيما انسانية واسلامية تأبى عليه ان يتقبل مثل هذه الافكار والثقافات الشاذة عن طبيعة المجتمع المسلم ، اذن هناك خلل في العملية بمجملها على الدولة التفتيش عنه ، وتعالجه ، لان هذا النموذج من المسلسلات يعطي انطباعا ان المجتمع التركي او على اقل تقدير شريحة واسعة من المجتمع تعيش هذا الواقع ، ونحن لا نعتقد ذلك انما نقول ان هناك جهات معينة داخل المجتمع التركي تحاول طرح هكذا مسلسلات بقصد الاساءة اليه ، وعلى الشعب التركي المسلم معالجة الحالة ، والبحث عن هذه الجهات ، وترشيدها للعمل وفق المنظومة الاخلاقية الاسلامية للشعب التركي .
ونرجع الى مؤسساتنا الاعلامية العربية والتي منها من يدعي انتماءه الى منظومة القيم الاسلامية وهي تبث مثل هذه المسلسلات التي تتقاطع وبشكل صارخ مع قيمنا العربية والاسلامية ، عليها ان تراجع نفسها ، وان لا تكون جزءا من منظومة التخريب الاجتماعي والاخلاقي الذي تديره في العالم مؤسسات معلومة ، ومعروفة مرجعياتها ، والا فسيحكم الناس عليها ان اوامر تأتي اليها من فوق ولا تستطيع عصيانها ، او انها جزء من لعبة التخريب الاجتماعي والاخلاقي لا سامح الله،ونقول ان الناس تتوق الى الجديد لكن وفق ضوابط وحدود الخلق العام ، مع احترام منظومة القيم السائدة في المجتمع . ونتمنى على مؤسساتنا الاعلامية العربية عموما مراعاة هذه الضوابط مع التقدير .
 
 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي جابر الفتلاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/01/26



كتابة تعليق لموضوع : المسلسلات التركية هل تعكس واقع المجتمع التركي ؟!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net