سعت مصانع الثقافة العلمانية إلى عزل الثقافة الإسلامية والتي هي النموذج الأسمى للدين والأخلاق والإنسانية في مدرسة أهل البيت الفكرية والثقافية وتحييدها وإبعاد قدرتها التأثيرية من خلال إيجاد البديل الانبهاري بالفلسفة الغربية
والقضية ليست حديثة بل بدأت منذ عصر الإنجاز الفكري لأهل البيت عليهم السلام، فصار هناك ضرورة التركيز على الإرث التوعوي لهذه المدرسة
وكتاب المصابيح لسماحة السيد أحمد الصافي /دام عزه/ له أثر مهم لإعادة مرتكزات التوجيه وتوظيفها بما يخدم تشكيل الوعي الإنساني عند المجتمع وقدرتها على تحقيق بناء المجتمع الإسلامي بمقومات الدين، والقيم الاجتماعية السليمة لتحقيق عدة مناح مهيبة منها التسامي على المؤثرات السياسية القسرية بتأثير معطيات الواقع السياسي والتردي الاقتصادي والاجتماعي
والمنحى الآخر كشف عمليات التحريف لوقف الامتدادات الداعية للخطاب، وأهم تلك المناحي هو المحافظة على إنسانية الخطاب، المعصوم ورقته في التعامل الشعوري الوجداني بين الإنسان وربه، بما يرسخ مفهوم وسيلة النجاة، ومنها تحليل العلاقة القائمة بين الاستعادة من الشيطان وبين البقاع الطاهرة والديانة المقدسة
مثلا ترسيخ العلاقة بين فريضة حج بيت الله الحرام ورجم الشيطان، وهي من أركان الحج لتذكير الإنسان بعدوه الأبدي هو مصدر الضلالات، لا بد أن يكون الصراع قائما إلى نهاية العمر، فهو عداء ديني، والإمام السجاد عليه السلام يبين مقام اليقظة من الشيطان والدعاء يحتاج إلى وعي، ومن مرتكزات هذا الوعي تحديد هدف الدعاء، واختيار الزمان والمكان وهذا توضيح مهم لفاعلية الأثر الروحي لامتدادات الحج والرجم زمانيا ومكانيا، زمنية الحج جعلتنا نهتم بالزمان مثل الأعياد والأحداث الدينية والمناسبات التي تقربنا لله تعالى، مثل مواليد أهل البيت عليهم السلام ووفياتهم وأما الامتداد المكاني، بالأمكنة المقدسة لمراقد أهل البيت عليهم السلام، لتعزيز حالة العداء الإنساني مع الشيطان لتعزيز الرجم، وهذا يعد من حسنات الآداب مع الله سبحانه وتعالى، من حمد الله وذكر النبي وذكر الحاجة، وأفضلها الساعية للاستقامة في أمر الدين والتقوى ومن بعض مستلزمات التقوى هو فهم الطلب بهذا الوعي الذي يعني حقيقة المعرفة، إثراء روحي لقضايا وجدانية، تؤثر في حيثيات الفكر الإنسان
مثلا التركيز في الخطاب على العمل، وتأثير العمل لإنقاذ الإنسان من براثن الشيطان يأتي بمحورين
الأول هو محور الثاني وهو الأهم في الوقاية تجنب الذنب، وهذه أفضل من الثوب
المعنى البليغ في الصحيفة السجادية تظهر أعماق الوجود الإيماني المحصن بالدعاء، أشياء مرتبطة وجدانيا بمطالب نفسية يقول الإمام عليه السلام (واشغله عنا ببعض إعدائك) دعاء للتخلص من براثن الشيطان
وهذا الدعاء له أبعاد متعددة أو لنقل ركائز شخصها الباحث بالعزيمة والإرادة وقوة العقل لسد مداخل الشيطان ولذلك يلحق القلب بالعصمة والرعاية وتعني المنع من الزلل، والعصمة من الذنوب، وجوهر الانتماء هو العصمة من الزلل وميزتها تناميها وتفاعلاتها الروحية لتصل لحد الملكة فلا تتفاعل مع أي سبب من أسباب الذنب، وهذا هو رقي العلاقة بين النفس وجوهر الايمان، سعى البحث لاحتواء يقيني الفاعل مع القدرة الروحية، الإيمان عبر عدد من التصورات التي تجسد المضمون الايماني، ومنها الحب الذي يتوقف على إدراك الحالات النفسية التي يتفاعل معها الإنسان من محبة ويكون مرجعه إلى اليقين الشعوري
يمنحنا الالتزام معتمدا على الاطمئنان والثقة
بعض علماء النفس يعتقد أن هذا الاطمئنان باعث إلى اللذة، ويناقش سماحة السيد الإيجابية في قضية التدبر والفكر
جاء في كتاب مرآة العقول في شرح أخبار الرسول، بأن قضية التعقل هي السبيل إلى الاتزان من الله تعالى (تفكر ساعة خير من عبادة ستين عاما) الأمر يرتبط بإيمان الإنسان وقدرته على الوثوق بالقدرة الالهية، وهذا هو مبعث الأمل الإنساني وإلا فالسقوط في محور اليأس يعني الابتعاد عن الله، واليأس يعتبر من الكبائر، ويدل على عدم اليقين الإيماني، والسعادة لا يمكن اقامتها إلا على أمر يقينينا من الشيطان، الشيطان الذي استطاع أن يدخل إلى قلب زوجات الأنبياء كزوجة نوح ولوط عليهما السلام وعجز عن زعزعة إيمان زوجة فرعون، وهذه دلالة من دلالات الرعاية التي يدعو بها الإمام لتجنب شرور ابليس، والنتيجة الطبيعية أن اليقين يبعد عن الإنسان شر الشيطان، أي غدره ويجعله متمكنا عليه، من خلال ابتعاده عن الرياء الذي هو السبيل الأسهل للفتك بالإنسان والمعاذ بالله.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat