جولة في رأس سياسي عراقي.
ايليا امامي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ايليا امامي

ونحن في خضم حملتنا المباركة لإعطاء الحق لأهله .. وتعديل قانون الأحوال الشخصية .. وتشرفنا بشعار
#مع_التعديل_لضمان_الحرية_الشخصية
فقد بدأنا نلمس بعض التردد والتراجع من قبل بعض النواب والسياسيين .. في مقابل صمود وثبات نواب وسياسيين أخرين .. يشعرون أن هذا موقف يسجلونه لله تعالى.
وحتى نفهم كيف يتراجع بعض السياسيين ويتخاذل .. دعونا نأخذ هذه الجولة لمعرفة ما يدور في رأسه .. لنكون على بينة في التعامل معه.
إعلم أيها القارئ الكريم .. أن كل سياسي يمسك بالسلطة في العالم العربي .. وبالذات في العراق .. يفكر أن هناك ثلاثة مرتكزات أساسية يعتمد عليها لبقائه على الكرسي.
بمعنى أن كل سياسي إذا حدثته عن بقائه في الحكم .. فلا تحدثه بالتوفيق الإلهي أو الإخلاص في العمل أو أمثال ذلك .. لأنه سيضحك عليك .. بل هو يفكر بثلاثة أمور لا رابع لها .. ويستمر بمراقبتها للتأكد من بقائه على الكرسي.
وهذه الأمور هي:
أولاً: #الدعم_الخارجي.
فهو يعرف أن هناك دول مؤثرة في بلده وتستطيع _بطريقة وأخرى_ سحب البساط من تحته .. وعليه أن يتفاهم مع هذه الدول ويرضيها بما يضمن بقاءه في السلطة.
وفي مثالنا .. أمريكا وإيران .. أقوى دولتين مؤثرتين في العراق .. لامتلاك كل منهما جمهورها ووكلاءها ومراكز تأثيرها الاقتصادي والسياسي.
وفي حالة قانون الأحوال .. نجد أمريكا تضغط بقوة لدعم المنظمات النسوية التي تعبت على تأسيسها في العراق وخسرت ملايين الدولارات لبنائها .. وهي لن تتخلى عنها بسهولة ..
وهذا المقترح والتعديل من شأنه كسر نفوذ هذه المنظمات وتحجيمها .. لأنها في الغالب تعتاش من تشجيع المرأة على المخاطرة بحياتها الزوجية .. تحت شعار (القوية المستقلة عن الرجل).
في المقابل لا نعرف موقف إيران الإسلامية .. ولا نجزم بشيء حتى لا نظلمها .. ولكن من خلال ملاحظة التردد الموجود لدى أغلبية قوى الإطار .. لا يبدو أن إيران لديها الوقت أو الرغبة للتدخل.
* إذاً هذه نقطة لصالح أمريكا .. فالدولتين المؤثرتين إحداهما تدعم بقوة رفض التعديلات .. والأخرى ليست مهتمة .. فالنتيجة أن السياسي سيختار رفض التعديل (ولو كان من الإطار) .. للحفاظ على منصبه .. وعدم استفزاز أمريكا .. التي قد ترد له الصاع ولو بعد حين (وما أكثر الملفات السرية التي تمسكها أمريكا على كل سياسي لابتزازه يوماً ما)!!
وخصوصاً بالنسبة لمن لديه ارتباطات مالية يخشى أن يبتلعها حوت القوانين المصرفية الأمريكية ..
وما زلت أقول للإخوة أثناء هذه الحملة (بعض الناس يهمه فقه أهل البيت .. وبعضهم يهمه فقه جانيت).
وجانيت يلين هي وزيرة الخزانة الأمريكية.
ثانياً: #طوق_الإسناد.
كل سياسي يمتلك بحكم سلطته مجموعة بشرية تسانده مهما فعل .. وبقطع النظر عن الحلال والحرام والحق والباطل.
فتجد حوله مجموعة مدراء ومنسقين ..وحمايات .. وأقرباء .. ومستفيدين على درجات متفاوتة .. وطامعين يبقون يلهثون خلفه لفترات طويلة على أمل بعض الفتات.
وقد يصعب علينا أحياناً رؤية هذا الطوق .. لأننا نرى الكثير من شيوخ العشائر والشخصيات المحترمة تتعامل مع السياسي باحترام _بحسب عرفنا الاجتماعي_
وتحضر مناسباته وتستقبله في مناسباتها .. لكن كيف نميز أولئك الذين تخطوا حدود المجاملة العامة .. ليصبحوا جزءاً من مجموعته الخاصة .. التي تدعمه على الحق والباطل .. (( وعلى حساب قول المرجعية وقول الإمام المعصوم لو كان بيننا)).
ولا يمكن لهذا الطوق البشري الذي يسانده .. أن يعترف بصراحة بأنه (متملق ومستفيد) فيبرر ذلك بأنه على حق في مساندة السياسي .. وأن مواقف السياسي كلها مشرفة .. ومتفقة مع الدين الصحيح .. وهو صاحب التوفيق الإلهي.
وهذه نقطة من الضروري أن ننتبه لها .. فالسياسي عندما يقتنع فعلاً بأنه على حق .. وأنه رجل المرحلة وبطلها الذي اختارته يد السماء .. لا تتخلق هذه القناعة الواهمة في رأسه من مجرد هوسات على باب مضيفه.. أو كثرة السيارات في رتله .. أو كثرة الزوار والمراجعين..
بل تتخلق هذه القناعة وتتشكل بالتدريج .. كطبقة وردية عازلة .. بين السياسي والواقع الحقيقي للأمور .. بسبب وجود هذه القناعة لدى الطوق المحيط به !!
وهكذا تجد الجميع مستفيدين من هذا المخدر العقلي لإنكار الواقع المر .. واقع أن السياسي متخاذل للحفاظ على منصبه .. وواقع أن المحيطين الداعمين متملقون.
وهذه نقطة أخرى تسجل لصالح الرافضين للتعديل .. فأغلب المنظمات النسوية والفنانين والفاشينستات ومن معهن من ضباط .. يحتلون الصدارة في نسبة الأطواق التي تحيط بأعناق السياسيين .. ونجد ضعفاً نفسياً عجيباً لدى بعض النواب والسياسيين خلال تعاملهم مع هذه النوعيات.. ويبدو أن نواب الإطار قد وقع بعضهم تحت هذا التأثير.
ثالثاً: #القاعدة_الشعبية.
فالسياسي يخشى خسارة قاعدته الشعبية في الانتخابات .. وعليه فهو ملزم بتنفيذ متطلباتها.
وهنا في حالة قانون الأحوال الشخصية .. هل نحن فعلاً قاعدة حقيقية ومتماسكة .. قادرة على تشخيص المتخاذلين وإسقاطهم في الانتخابات القادمة؟ بحيث يخشاها السياسي المتخاذل .. الذي يجامل الكتل الأخرى على حساب مكونه وأهله؟
هل نحن بالذكاء الكافي بحيث يصعب على النائب المتردد إشغالنا بأمور أخرى وخداعنا بالاستعراضات الفارغة ؟
سأقولها بكل أسف _ وللمرة الأولى_ : هل تعرفون أن بعض النواب من أقربائي قال لي مرة : هناك قناعة في الوسط السياسي أن المتدينين رغم كثرتهم ولكن لا نخشى منهم لأنهم يسهل دفعهم لنسيان الماضي .. بمجرد أن نفتعل لهم موضوعاً آخر قبيل الانتخابات .. ونحققه لهم .. ثم يعودون لانتخابنا !!
للأسف فإن بعض النواب الذين كنا نعول عليهم بمجرد أن سقط لنا شهداء في جرف النصر .. وتصاعد الترقب لمواجهة عسكرية .. سارع لجعلها ذريعة للتراجع بحجة (الانشغال بما هو أهم )!!
بينما نعلم يقيناً أن المسألة تتعلق بضغط الكتل الكردية والسنية والقوى المدنية .. ودماء الشهداء كالعادة .. مجرد واجهة لخداع جمهور يحب الشهداء .. وينتخب من يحبهم.
ولست أدري .. هل سألنا أنفسنا عن ذلك ؟
هل حاول كل منا الضغط على النواب القريبين منه ؟
هل استفدنا من كثرتنا حتى الآن ؟
إذاً هناك نقطتان تم تسجيلهما لصالح الرافضين للتعديل .. ولم يبق لنا إلا هذه النقطة لتسجل لصالحنا ..وهي نقطة القاعدة الشعبية.
ولكنها في الحقيقة أقوى النقاط .. فما قيمة الدعم الخارجي والطوق الساند لنائب .. إذا قاطعناه وأفرغنا صندوقه الانتخابي تماماً ؟
وهذه بركة الإمام السيستاني دام ظله .. الذي أصر على دولة ديموقراطية تحكمها الانتخابات .. ثم يبقى القرار لفئات الشعب في كيفية فرض إرادتها من خلال توحيد صفوفها .. والفئة التي تنجح في فرض أرادتها بتماسكها وإصرارها ..( بالعافية عليها).
على كل حال .. هذا المطلب مضى عليه سبعون سنة ونحن نحاول .. والآن فرصة مواتية مع استمرار الضغط .. فهل ننجح ؟ أم تنتصر إرادة المسوخ الأخلاقية دعاة المثلية؟
( ملاحظة .. تعمدت عدم استخدام أساليب التحشيد الحسينية من خلال التذكير بزينب عليها السلام والأربعين وما شابه .. وهي بالفعل سلاح فعال لتأجيج المشاعر .. لكننا نعيب على الآخرين توظيف القضية الحسينية المقدسة في كل موقف سياسي يريدونه .. كما أن شبابنا بهم الكفاية لفرض إرادتهم إن شاء الله .. بدون فتح الصندوق المقدس).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat