صفحة الكاتب : مجاهد منعثر منشد

حبل النجاة
مجاهد منعثر منشد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

مذ نعومة أظفاره وهو يصغي لحديث جاره المسن عن أَخبار ظهور الإمام المهدي عليه السلام ، دعا ربَّه أَن يكون جندياً من جنوده وأَنصاره .

شبَّ ثوريا بعد خدمة الإمام الحسين عليه السلام طوال سِنِيّ عمره ، قام بعدة أَدوار تمثيلية (تشابيه واقعة الطف) بسوق الشيوخ ، آخرها عام 2013 كأحد أَنصار الإمام الحسين عليه السلام في ساحة التمثيل طلب عاقبته من خالقه نيل شرف الشهادة .

سمع من أَصدقائه المدافعين عن مرقد السيدة زينب في سوريا خبراً مفاده خروج الرايات السوداء قبل عصر ظهور صاحب الزمان .

في الشهر السادس عام 2014 انتسب متطوعا إلى الجيش العراقي ،ألتحق كحماية لحزام بغداد منطقة الرضوانية ، تكلف مع ستة جنود بحماية طريق أرتال القوات الأَمنية القادمة ، يصعد البرج الشاهق كل يوم بسُلَّم خشب يراقب ثلاث ساعات نهارا وثلاث ليلاً ، شدَّ حبلا طويلا أَعلى برج المراقبة لرفع المؤن الغذائية والماء إليهم .

بعد خمسة أيام انقطع وصول الأرزاق ، توقف سير العجلات المارة ، جنَّ الليل تخطى درجات السُّلَّم ، أستقر في مكانه ، راقب ما حوله بالمنظار الليل ،رأى حركة في الشارع بمسافة بعيدة تصوَّرها حيوانات زاحفة بألوان سوداء .

انتهى واجبه الساعة الثانية إلا عشرة ليلا أَبلغ مرافقه بالنزول، يوقظ زميله لاستلام الواجب ، طرقت مسامعه أَصوات تكبيرات مرعبة ، رفع منظاره بكفيه شاخصا بنظره اتجاه الصوت ، تفاجأ بهجوم العشرات، راجلين وراكبي عجلات يحملون مختلف الأسلحة .

تلعثم ..قبض بيديه على سلاحه (بي كي سي) ، ضغط زناده بسبابته رشقهم بشريط رصاص كالثعبان بطول مترين ، نفدَ عتادُهُ ، صرخ بصوت عالٍ مناديا أخوته في الاسفل ، ضعوا شريطا آخرَ في الحبل ، ناشد بصراخ : يا علي ..يا علي .. يا علي ، ورمى عشرات القنابل اليدوية على عناصر داعش ،أرعبهم تعالت أصواتهم، أطلقوا عليه اثنا عشر ما بين صاروخ آر بي جي وقذائف هاون سقطت حوله والجدار الكونكريتي .

استأنف المواجهة بمفرده حتى الساعة الرابعة فجراً ، تعطل سلاحه ، أَصلحه، رفعوا له أَشرطة معبئة بالرصاص ، ركب أحدها بالعتمة وأطلقت فوهة بندقيته مذنبا أحمر !

شخصوا موقعه ، توقفت نيران العدو هنيئة ، استهدف بصاروخ مضاد للدروع خرقت شظاياه رأسه .

اشتبكت معهم الفرقة التاسعة ، انسحب عناصر الإرهاب بعجالة ، هرع مقاتلو الفرقة لإنقاذ الستة الذين في النقطة ، صعد اثنان على السُّلّم، ربطوا بطن المصاب بالحبل ،أَنزلوه برفق ... انقطع الحبل عند منتصف البرج وسقط مكسور الظهر على الأرض ، أَلبسوه كيس جسد الشهداء الأَسود ، نقل بعجلة عسكرية إلى الفوج ، حضر آمر الفوج سأل : من هذا الشهيد ؟

أجابوه : محمد .

فتح الكيس وضع أنامله على شريان رقبته ، رفع رأسه قائلا : شهيد حي !!!.

......................

حكاية الجريح محمد عمر جمعة الشريفي.

تولد 1987 ، متزوج لديه أربعة أبناء ، يسكن محافظة ذي قار / قضاء سوق الشيوخ .

تطوع عام 2014 بعد إعلان فتوى الجهاد الكفائي ضمن متطوعي الحشد الشعبي ، ونقل بعد ثلاثة أشهر إلى وزارة الدفاع .

أصيب في شهر التاسع عام 2014 الساعة الرابعة فجراً ، بسبب أثر النزيف المستمر فقد وعيه وشُلَّت أَطرافه السفلى، وأثناء انزاله بالحبل من أعلى البرج انقطع الحبل فأدى إلى كسر ظهره ، أكتشفه حيّاً آمر الفوج ، نقل إلى مستشفى الكاظمية التعليمي وبقي مدة أربعين يوما مشلولا كاملا ،لا يستطيع النطق .

يتذكر في إصابته استغاثته بأَمير المؤمنين عليه السلام ، حاليا يعاني عوقاً في قدميه وذراعه الواضح سريريا كالمصاب بجلطة دماغية قاتلة .

التقى بالشهيد القائد الحاج أبي مهدي المهندس في موقع عمله ،ولا يغيب عن ذاكرته ثناؤه عليه والجنود في النقطة قائلا: أهلا بالأَبطال حماة العراق .

الموقف المؤثر :

يتألم كثيراً كالمصاب بالكآبة لعدم استطاعته خدمة الإمام الحسين عليه السلام في المواكب بسبب أصابته .

قلت له وأكتبها : يا ايها البطل الحسيني ، هنيئا لك هذا الإيمان والثبات وأنت أفضل خادم في وقتنا المعاصر مع وسام الشرف الحسيني المتميز ..وخادمك العبد الأحقر لله مسؤول على كلامه أمام مولاه سبحانه وتعالى .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مجاهد منعثر منشد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/07/21



كتابة تعليق لموضوع : حبل النجاة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net