دعم فلسطين .. وإشكالية الوجود السلفي.الحلقة 5 من 5 / ج 1.
ايليا امامي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ايليا امامي

ثانياً: ما حقيقة الوضع الداخلي في فلسطين .. بالنسبة إلى وجود النواصب؟.
ألخص الوضع الداخلي لفلسطين في عشر نقاط:
1. يتبع غالبية المسلمين السنة في فلسطين المذهب الشافعي، وقد تعاقبت عليهم الحكومات نفسها التي تعاقبت على سوريا ومصر وغيرها .. فكانوا تحت حكم الدولة العباسية .. ثم الفاطمية .. ثم الأيوبية .. ثم المملوكية .. ثم العثمانية .. ثم تحت الانتداب البريطاني .. ثم الاحتلال الإسرائيلي.
2. ومن الواضح أن هذه الدول كلها _ باستثناء الفاطمية _ لا تسمح بنمو المذهب الشيعي .. لذا عاش الفلسطينيون مثل المصريين والسوريين وغيرهم .. تحت ثقافة سلطة مرتابة وحذرة من الشيعة .. ونشأت أجيال كاملة على ذلك .. لكن كما ذكرنا في المقدمة .. فذلك كله يجعلهم في خانة (الناس) وليس (النواصب) فهم ليس لديهم أي عداوة لأهل البيت عليهم السلام .. فلا يوجد من يترضى على يزيد بن معاوية أو يتهم أمير المؤمنين عليه السلام .. أما محبة الطاغية صدام فسيأتي الحديث عنها في النقاط اللاحقة.
تذكروا ما قلناه في المقدمة عن التهاون في رمي الآخرين بتهمة النصب .. فنحن نعيب على السلفية تكفيرهم للآخرين لأتفه الأسباب بغير ضوابط ولا حدود .. والنصب كفر أيضاً .. فليكن الدليل هو منطقنا.
3. قبل وجود دولة الصهاينة .. كان مفتي الديار الفلسطينية الشيخ أمين الحسيني ومن بعده الشيخ حسام جار الله من الشافعية المعتدلين إلى حد كبير .. ودرسوا في الأزهر .. والحسيني هو الذي قدم العالم الشيعي الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء للصلاة في القدس .. ضمن المؤتمر الإسلامي لنصرة الفلسطينيين .. في الثلاثينات.
4. إذاً من الناحية المذهبية .. كلهم شوافع .. ولم يدخل الفكر السلفي (الحاضنة الطبيعية للنواصب في الوقت الحاضر) إلى فلسطين حتى الثمانينات .. بل كان الجميع متأثراً بالإخوان المسلمين بدون منازع .. ووجهة الفلسطينيين الأبرز لدراسة العلوم الدينية كانت الأزهر .. ومصر.
وأما سياسياً.. فإن القوتين الأساسيتين في فلسطين .. هما حركة فتح العلمانية اليسارية .. وحركة حماس السنية الإخوانية .. وبعد الصراع المسلح بينهما على السلطة سنة 2007 .. انقسمت المناطق بينهما بحكم الواقع .. فسيطرت حماس على غزة .. وسيطرت فتح على الضفة الغربية.
5. فحماس ليست فكراً جديداً على فلسطين .. ولا شأن لها مع السلفية .. بل هي امتداد للفكر الأخواني .. فالآباء المؤسسون لها من أمثال الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي كلهم من جماعة الإخوان .. وجماعة الإخوان رغم تطرفها الديني ومشاكلها مع الشيعة .. لا يمكن القول أنها جماعة ترعى (النواصب).
6. دخل الفكر السلفي إلى فلسطين في الثمانينات .. بعد أن بدأت القوى الغربية بدعم السلفية في السبعينات لمواجهة الاتحاد السوفيتي .. وفي الثمانينات لمواجهة إيران.
وقد درس الكثير من الفلسطينيين في السعودية وكانوا سبباً في دخول المد السلفي إلى بلادهم .. ولكن هل وجود السلفية يعني وجود النواصب ؟
لا ننكر أن السلفية أنتجت الكثير من النواصب .. لكن في ذات الوقت ليس كل سلفي ناصبي .. كما أن حجمهم في فلسطين لا يكاد يُذكر .. فهل يصح تحميلهم على شعب كامل ؟
• وبشكل عام يمكن تقسيم الحركة السلفية في فلسطين إلى قسمين:
A. السلفية الدعوية .. وهي المهتمة بالدعوة والتبليغ بدون حمل السلاح أو المشاركة في السياسية (نسخة من سلفية السعودية) وترى حرمة الخروج على الحاكم السياسي .. حتى أن أحد أبرز وجوه السلفية الدعوية الشيخ نبيل نعيمي كان يحرم على حماس مخالفة زعيم فتح الرئيس محمود عباس العلماني اليساري ويراه ولياً لأمر الأمة!
يقول الشيخ نعيمي: ( إن الجماعة لا تدخل المعترك السياسي وتدع ذلك إلى أولياء الأمر من الأمة، ومن هنا "فإننا ننظر إلى الرئيس محمود عباس على أنه ولي الأمر ونحن نطيعه بحسب ما أمرنا الشرع).
ولكن كما ترى حماس تجاهلت كلامه واستولت على غزة.
وهذه السلفية فيها من يكفر الشيعة وربما فيها من يترضى على يزيد .. لكن هل ترى لها حجماً مهماً في الشارع وأنت تنظر لأحداث فلسطين ؟
B . السلفية الجهادية .. أمثال القاعدة وداعش .. وهي خليط معقد من الفكر السلفي والإخواني .. يطول الحديث عنه .. لكنها تؤمن بالقتال وتغيير الأنظمة بالقوة .. وهي أسرع إلى تكفير من يخالفها.
كان ظهور هذه الحركة _ وما يزال _ في فلسطين خجولاً وضعيفاً .. ولكنها سببت إزعاجاً لحماس .. رغم أنها لا تقارن بقوة حماس .. حتى أن أحد قادة حماس الكبار وصف حجم السلفية الجهادية في غزة بأنهم (حمولة باص ) ..
وقد حاولت (حمولة الباص ) التمدد أيام ظهور الزرقاوي في العراق .. وقامت بتكفير حماس لأنها شاركت في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني سنة 2006 .. واعتبرت ذلك تخلياً عن الجهاد ضد اليهود .. ثم دخلت في عمل مسلح ضد حماس وقتلت بعض أفرادها .. فاشتبكت معهم حماس وسحقتهم تماماً .. فقتلت وجرحت منهم ..
وطردتهم إلى صحراء سيناء.
سنة 2014 وعند سيطرة تنظيم داعش على جزء من العراق وسوريا .. حاولت بعض فلول السلفية التأثير على الشباب المحبط والمتعطش للانتصارات في غزة .. وخرجوا في تظاهرة صغيرة مؤيدة لداعش .. سرعان ما طوقتها حماس واعتقلت المشاركين .. وكأن شيئاً لم يكن.
(يتبع في الحلقة 5 ج 2 ).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat