صفحة الكاتب : بكر ابوبكر

الهم والغم حتى علا وطم!
بكر ابوبكر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

سألني أحمد: هل تعرف الفرق بين الهمّ والغم؟

فقلت له: كلاهما يعطيان معنى الحزن ربما بدرجات.

قال: ربما.

قلت: وما المعنى؟

قال: سأقول لك، لكن دعني أتوسع فهل تسمح لي؟

قلت: تفضل، كلّي آذانٌ صاغية.

قال:الهمُ والغم في اللغة العربية يأتيان معًا في الاستخدام، فتجد المهموم مغموم ما أثار فيّ عقلية البحث في هذه المحاورة بين المصطلحين فبحثت

قلتُ هازًا رأسي: جميل، تابع.

قال مكملًا فرِحًا أنه اكتشف شيئًا جديدًا: كان من المعاني أن الهم هو الحزن، والجمع هموم، وأن الغم والغُمة يعني الكرب، فلم أقتنع كثيرًا أو اكتفي، فلجأت الى معجم لسان العرب

قلت: أتفق معك، فلسان العرب لابن منظور كتابٌ مُلهم للمعنى والمصطلح واستخداماته واشتقاقاته الكثيرة والغنية تمثل غنى هذه اللغة العظيمة، التي يهملها أبناؤها اليوم.

قال: نعم صحيح، وأنظر ما وجدت

إذ كان الهم هو الحزن كما يورد المعجم، فإن النظر باللاحق من المعاني يُظهر الفروق الدقيقة حيث قيل ما أَهَمَّكَ أَي ما أَحْزَنَك، وقيل: ما أَقْلَقَك، وقيل: ما أَذابَك.

هل لاحظت هنا دخول لفظة الذوبان التي تبدو شاذة بالمعنى السائد بينما يتقارب الحزن والقلق؟

قلت: نعم فعلًا!

ولكن يقال أذوب شوقًا قد تكون قريبة!

قال: تمامًا، قريبة وفي ذات الاتجاه، وجاءت مفردة الذوبان هنا من ابن منظور استنادًا الى الهامومُ وهو: ما أُذِيبَ من سنام الجمل

وعليه يمكنني الاستنتاج بوضوح أن الهمّ تعني الحالة التي يكون فيها الحزن جالب القلق ومذيب القلب.

قلت: وماذا بشأن الغم؟

قال: من معاني الغم اللُبس، ومن المعاني المَظَلمة والضيق كما ورد أيضًا.

وفي الغم أيضًا طمس كأن تغم رؤية الهلال على الناس أي طمس فلم يُرى.

وغَمَمْتُه: غَطَّيته فانغَمَّ والغَمامة، بالفتح: السحابة، والجمع غَمام وغَمائم الغَمام الغَيْم الأبيض وإنما سمي غماماً لأنه يَغُمُّ السماء أي يسترها، وسمي الغَمّ غَمّاً لاشتماله على القلب.

وهنا ومن ابن منظور العظيم يستبين  الفرق

فالغمّ حزن عميم وضيق يغطي، ويسبب الالتباس، ويغشى القلب والنفس وقد نقول يستر العقل عن التفكير السليم أو يطمسه مؤقتًا في مساحة الاغتمام.

وهو بالسياق الإيجابي التفكير بالضرورة زائل، لأن الغمامة في السماء سرعان ما تزول وفي آنها ووقتها هي ثقيلة على القلب والعقل.

قلت: كلام ذو منطق سليم!

قال: أحببت في البداية محاولة التفريق بين الكلمتين لسبب ما أعانيه هذه الأيام من أحد الأصدقاء من هم وغم شديدين.

قلت: ياساتر!

قال: هل تصبر عليّ وتسمع.

قلت ولن أفوه ببنت كلمة، انطلق. (وسينطلق)


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


بكر ابوبكر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/08/27



كتابة تعليق لموضوع : الهم والغم حتى علا وطم!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net