غَرِيبةٌ تَبكِ الغَّريْب
سهى البهادلي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
سهى البهادلي

كنت اجلس مع جدتي في صحن الدار ذات يوم وإذا بصوت عالي يدوي في أنحاء المدينة، رجل ينادي هلموا يا معشر العرب، خرج الجميع من منازلهم ليعرفوا مالخبر!
لم تبق سيدة في دارها، تقدمنا نحوه وسألناه عن ما حدث؟
فقال اتبعوني إلى قبر رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم…
هرع الجميع إلى قبر النبي وإذا بالرجل يقف فوق تل عال وينادي بأعلى صوته؛
يا أهل يثرب لامقام لكم بها قتلٍ الحسين فادمعي مدرار
الجسم منه بكربلاء مضرّج والرأس منه على القناة يدار
ضج الجميع بالصراخ والعويل، اسرعت جدتي وهي تشق الصفوف وتتقدم نحو الناعي فقالت له يا هذا ما الخبر؟
نظر إليها الرجل بقلب مكسور وسأل من حوله من تكون هذه السيدة الجليلة فأخبروه انها ام البنين ام العباس وإخوته، فقال لها عظم الله لكِ الأجر بولدكِ عون فقالت له لم أسأل عن ولدي سألتك عن سيدي الحسين!؟
فقال عظم الله لكِ الأجر بولدكِ وفلان وفلان حتى وصل إلى أبي فقال عظم الله لك الاجر بولدكِ قمر العشيرة، احنت جدتي ظهرها حينها فـَ وقعت انا من على كتفها الى الأرض،
ثم قالت له يا هذا هل سمعتني سألتك عن أولادي أنا أسألك عن ريحانة رسول اللّه وسيد شباب أهل الجنة الحسين بن علي!؟
فقال لها عظم الله لكِ الأجر بالأمام الحسين عليه السلام،
صكت جدتي وجهها وصاحت واه ولداه واه حسينا، ولم تلتفت إلى مقتل أولادها الأربعة ولا حتى تلفظت بأسم ابي أو أحد اخوته غير عمي الامام الحسين عليه السلام الذي لم تكن تلهج بشيء غير أسمِه،
تجمعت نساء المدينة حولها واحدة تواسيها والأخرى تساعدها على النهوض، ثم امسكت يدي وتوجهنا نحو منزل الإمام الحسين عليه السلام لعلنا نجد عماتي هناك، دخلنا الى الدار فوجدنا سيدة كبيرة ذات هيبة ووقار حالما رأت جدتي صرخت وا أخاه وا عباساه،
لم اعرف من هي في بادئ الأمر حتى سمعتهم قالوا انها عمتي الحوراء زينب عليها السلام ، لطمت جدتي على رأسها وهي تندب وتبكي على غربة عمي الامام الحسين عليه السلام،
ثم توجهت بعدها نحو البقيع حيث قبر عمي الإمام الحسن المجتبى عليه السلام، فشيدت لهم قبورا هناك، وكتبت اسماء اولادها الاربعة،
لكنها ميزت أحد القبور التي بنتها عن البقية، و كتبت هذا قبر الحسين بن علي عليهما السلام،
و كانت تذهب كل يوم إلى القبر الذي صنعته لعمي وهي نا دبة باكية، حتى قضت على تلك الحالة، وحيدة غريبة ليس لها ولد يغمض عينيها أو يحمل جنازتها إلى مثوها الأخير، التحقت بركب عمي الحسين بعد طول إنتظار وهي. (غَرِيبةٌ تَبكِ الغَّريْب)
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat