صفحة الكاتب : اياد عبد اللطيف سالم

قانون الخدمة المدنية الإتحادي ؟! القسم السابع عشر
اياد عبد اللطيف سالم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

فيـا بائـعا هــــذا ببخـس معجــل *** كأنـك لا تـدرى؛ بلـى ســوف تعلــم

فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة *** وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم

الفصل الساس عشر- الإجازات .

في جميع الموروث الإداري والقانوني للدولة العراقية، لم نجد شبيها ولا مثيلا سلبيا لمعالجات المشاكل الخاصة بالخدمة والوظيفة العامة، مثلما هو قائم حاليا وبمختلف صور النشاز القانوني والإداري والمالي، لقد نصت المادة (38/أولا) من قانون الموازنة العامة الإتحادية رقم (44) لسنة 2017، على أن (( للوزير المختص أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة أو المحافظ أو من يخوله أيا منهم ، وبناء على طلب الموظف منح من اكمل مدة أربع سنوات فعلية بالوظيفة من الموظفين، إجازة براتب إسمي لمدة أربع سنوات، وتكون بدون راتب لما زاد عن أربع سنوات، وتحسب لأغراض التقاعد، على أن تدفع التوقيفات التقاعدية كاملة خلال مدة تمتعه بالإجازة ، ولا يجوز قطع الإجازة خلال مدة تمتعه لأي سبب كان، ويمارس الموظف خلال تمتعه بالإجازة العمل إستثناء من قانون إنضباط موظفي الدولة رقم (14) لسنة 1991- المعدل. وثانيا( للمتقاعد بأجر مع الوزارات أو الجهات غير المرتبطة بوزارة أو المحافظات بناء على طلبه، إنهاء عقده أصوليا بموافقة رئيس جهة التعاقد أو من يخوله، لقاء مكافأة نقدية تعادل أجر ثلاثة أشهر عن كل سنة تعاقد، على أن لا تزيد عن أربعة وعشرين شهرا ، ويستثنى من ذلك الخبير والمستشار والعسكري ورجل الشرطة )).

* نكبة إدارية بنص قانوني غريب وعجيب ومخالف لجميع المقاييس والأعراف والنواميس التي نصت عليها قوانين الخدمة منذ تأسيس الدولة العراقية وحتى قيام الساعة، لأن الإجازة لمدة أربع أو خمس سنوات براتب (إسمي) لا تساعد إلا على زيادة حجم ونوع البطالة للقوى البشرية، وتعطيل فاعليتها الإنتاجية في جميع المجالات والإتجاهات، كونها من حيث الإستحقاق الوظيفي مخالفة لأحكام وسياقات عمل المادة (43) من قانون الخدمة المدنية رقم (24) لسنة 1960- المعدل، التي تمنح الموظف المستمر في الخدمة الفعلية لمدة أربع سنوات إجازة إعتيادية براتب تام لمدة (144) يوما، لا يستطيع التمتع بأكثر من (120) يوما منها دفعة واحدة، وليس أربع أو خمس سنوات التي يستحق خلالهما منحه العلاوة السنوية المقررة، ولربما شموله بالترقية والترفيع لإستيفائه شرط مدة الترقية والترفيع اللازمة بحدها الأدنى، ومنافسا بذلك أقرانه من غير المتمتعين بالإجازة موضوعة البحث، حسب أحكام قانون الرواتب لموظفي الدولة والقطاع العام رقم (22) لسنة 2008، مع إمكانية تمديد مدة التمتع بالإجازة بدون راتب ولمدة مطلقة، مما يترتب على ذلك إشغال المجاز للدرجة المخصصة لعنوان وظيفته حسب أحكام قانون الملاك رقم (25) لسنة 1960-المعدل، وبالتالي منع إستخدام الدرجة (المشغولة شكليا) لغرض تعيين عاطل عن العمل يحل محل المجاز طيلة مدة تمتعه بالإجازة، مع منح المجاز فرصة العمل في القطاع الخاص منافسا العاطل عن العمل ؟!.

إن إجازة الموظف بهذا الشكل المفرط والمتجاوز لحدود الحقوق المدنية المنصوص عليها في المواد (14و15و16و22/أولا وثانيا) من الدستور، سابقة خطيرة لا يمكن تجاهلها، وإلا كيف يجوز منح الموظف إجازة إلى حين إستحقاقه للراتب التقاعدي عن خدمة فعلية لمدة (4) أربع سنوات وما زاد عنها بدون راتب، مع وضوح مخالفة ذلك لأحكام قانون التقاعد الموحد رقم (9) لسنة 2014، الذي لا يحتسب مدد الغيابات والإجازات بدون راتب خدمة تقاعدية حسب نص المادة (20/ أولا / ب) منه، وكيف تسمح السلطتين التشريعية والتنفيذية لبعض الموظفين ممن لم يبلغوا الخمسين من العمر، ترك الخدمة الوظيفة إلى حين إستحقاقهم للراتب التقاعدي بدون وجه حق وتمييزا لهم عن غيرهم من أقرانهم ؟!. أما المتعاقد فتحكمه شروط العقد الذي هو شريعة المتعاقدين، ولا أعتقد في إنهاء عقده بالشكل المنصوص علية في القانون، إلا بدعة قوامها مكافأة نقدية لما يعادل ثمانية سنوات بأجر العقد في أعلى الإحتمالات، وبدون ضمان يواجه به وعائلته متطلبات العيش الكريم لما بعد ذلك ؟!.

لقد نصت تعليمات تنفيذ قانون الموازنة على تطبيق ذلك، في ضوء التعليمات التي تصدرها الدائرة القانونية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، ومهما تكن التعليمات التي صدرت أو التي ستصدر بشأن منح تلك الإجازة، فإنها مخالفة لقواعد وأحكام قوانين الخدمة الخمسة المذكورة وتعليمات الخدمة المدنية والملاك الصادرة عن وزارة المالية، ولكنها وكما يبدو موجهة لمنفعة فئة معينة، محسوبة على ملاك الحكومة شكلا من غير مضمون، بدليل المنح دون وجود العلة والمسوغ الوظيفي لذلك، إلا تسخيرها لخدمة ومنفعة من إتخذ من دول العالم مستقرا ومتاعا إلى حين؟!، وعلى من يريد معرفة موضوع الإجازات الإعتيادية بكامل تفاصيلها، مراجعة كتابنا الموسوم ( الإجازات الإعتيادية– دراسة تحليلية للنص القانوني والواقع التطبيقي) ، الطبعة الثانية المنقحـة والمزيـدة ، المودع لدى دار الكتب والوثائق ببغداد بالرقم (980) لسنة 2009 .

أدري كيف ومتى يستقر ملاك الحكومة، وكيف ومتى تتم معالجة البطالة بإيجاد فرص العمل المناسبة والمنسجمة مع مؤهلات العاطلين ... سيما وأن جميع قوانين الموازنات المالية السنوية بشأن منح الإجازة، تدور في فلك قانون الموازنة العامة الإتحادية رقم (44) لسنة 2017، وتشترك في جميع نصوص القواعد القانونية المبينة فيه، وليس هنالك من مسوغ في أن تنص التعليمات على أن ( في حال قطع الموظف للإجازة خلال مدة تمتعه بها، تسترجع الرواتب التي تقاضاها خلال المدة آنفا، وتعد إجازة بدون راتب, على أن يجري تسوية المبالغ التي بذمته والتوقيفات التقاعدية المستقطعة منه قانونيا). لأن إسترداد الرواتب يتعارض مع مضمون القانون المانح للإجازة براتب إسمي، والمانع من قطع الإجازة خلال مدة تمتع الموظف بها لأي سبب كان ؟!، مما يستوجب إلغاء الإجازة بدلا من ذلك، ولا يسمح لأية تعليمات أو ضوابط أن تتجاوز حدودها، ليكون إسترداد الرواتب المصروفة مدعاة للسخرية، كونه من اللغو التشريعي غير القابل للتطبيق، ولأن الموظف هو المستفيد في إستمراره بالتمتع بمدة الإجازة على حساب مصالح السلطة الضعيفة إداريا، وهي الخاسر الوحيد ماديا ومعنويا ؟!.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


اياد عبد اللطيف سالم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/12/04



كتابة تعليق لموضوع : قانون الخدمة المدنية الإتحادي ؟! القسم السابع عشر
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net