صفحة الكاتب : الشيخ صادق الحاج احمد الدجيلي

الفهم الصحيح لحديث النهي الصريح.
الشيخ صادق الحاج احمد الدجيلي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 ‏روي عن حميد بن زياد عن الحسن ابن محمد بن سماعة عن محمد بن زياد بن عيسى عن عبد الله بن سنان عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: أن عليا قال وهو على المنبر: لا تزوجوا الحسن فإنه رجل مطلاق، فقام رجل من همدان فقال: بلى والله لنزوجنه وهو ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وابن أمير المؤمنين (عليه السلام) فإن شاء امسك وأن شاء طلق.

‏الكافي - ج 6 ص 56

وفي رواية اخرى: عنه، اي (احمد بن ابي عبد الله البرقي)، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أتى رجل أمير المؤمنين عليا (عليه السلام) فقال له: جئتك مستشيرا، إن الحسن (عليه السلام) والحسين (عليه السلام) وعبد الله بن جعفر (رحمه الله) خطبوا إلى فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): المستشار مؤتمن، أما الحسن، فإنه مطلاق للنساء، ولكن زوجها الحسين فإنه خير لابنتك.

المحاسن - للبرقي - ج 2 ص 601

 

 

نبدأ الكلام بهذا السؤال:

هل هناك تعارض بين الروايتين والكتاب الكريم؟

ونقول في الجواب: على ‏فرض الصحة واشتمال الروايتين على ذكر خصلةٍ غير محببة او مذمومة (وهي صفة المطلاق) فهي بلا شك معارضة للكتاب الكريم بلحاظ ما ثبت من عصمة الامام (عليه السلام)، وذلك من خلال العقل والنقل، فعصمتهم (عليهم السلام) مما يحكم به العقل قبل النقل والا لكان نقضا للغرض، إذ من غير المعقول أن يأمر الحكيم بإتباع من يحتمل بحق الذنب والخطأ وغير ذلك مما يحيد بالعباد عن جادة الصواب، وقد نص الكتاب العزيز في آياته على عصمتهم (عليهم السلام) كما في قوله تعالى: ((وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)) البقرة 124

 

فهذه الاية تثبت ان عهد الله ومنه الامامة لايمكن ان يتقلدها من أُحتمل بحقه الظلم لنفسه او لغيره.

 

وقوله تعالى: ((إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)) الاحزاب 33

 

فعن الحسين بن علي (عليهما السلام)، عن أبيه علي (عليه السلام) قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في بيت أم سلمة وقد نزلت هذه الآية " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا علي هذه الآية نزلت فيك وفي سبطي والأئمة من ولدك. فقلت: يا رسول الله وكم الأئمة بعدك؟ قال: أنت يا علي، ثم ابناك الحسن والحسين، وبعد الحسين علي ابنه، وبعد علي محمد ابنه، وبعد محمد جعفر ابنه، وبعد جعفر موسى ابنه، وبعد موسى علي ابنه، وبعد علي محمد ابنه، وبعد محمد علي ابنه، وبعد علي الحسن ابنه، والحجة من ولد الحسن، هكذا وجدت أساميهم مكتوبة على ساق العرش، فسألت الله تعالى عن ذلك فقال: يا محمد هم الأئمة بعدك مطهرون معصومون وأعداؤهم ملعونون.

كفاية الاثر - ص 156

 

وقوله تعالى: ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)) النساء 59

 

ولايمكن ان يأمر الحكيم بطاعة من يحتمل بحقه الذنب والخطأ وغير ذلك مما يحيد بالعباد عن الهداية وطريق الصواب.

 

ولا نسهب في ذكر ادلة عصمة اهل البيت (عليهم السلام) لوضوح ذلك وانه من مسلمات الشيعة الثابتة بالقطع واليقين والتي لا يعتريها الشك.

 

ومن هنا فالرواية معارضة للكتاب الكريم الذي اثبت عصمتهم (عليهم السلام) قطعا، هذا اذا كانت تشتمل على صفة ذم، وهي بذلك ساقطة عن الاعتبار والحجية جزما لمكان معرضتها للكتاب الكريم والسنة والعقل.

 

ملاحظة الروايتين من حيث السند:

 

الرواية الاولى: نقل ثقة الاسلام الكليني (رحمه الله) الرواية بسندها التالي :

عن حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن زياد بن سماعة، عن محمد بن زياد بن عيسى، عن عبد الله بن سنان عن ابي عبد الله (عليه السلام).

 

اولا - حميد بن زياد.

 

قال النجاشي : حميد بن زياد بن حماد بن حماد بن زياد هوار الدهقان أبو القاسم، كوفي سكن سورا، و انتقل إلى نينوى - قرية على العلقمي إلى جنب الحائر على صاحبه السلام، - كان ثقة واقفا، وجها فيهم.

رجال النجاشي - ص 14

 

وقال الشيخ: حميد بن زياد، من أهل نينوى، قرية إلى جانب الحائر على ساكنه السلام، ثقة، كثير التصانيف، روى الأصول أكثرها، له كتب كثيرة على عدد كتب الأصول.

الفهرست - ص 114

 

وقال أبو غالب الزرادي في رسالته إلى ولده ص ١٨٩: وسمعت من حميد بن زياد وأبي عبد الله بن ثابت، وأحمد بن رماح وهؤلاء من رجال الواقفة، إلا أنهم كانوا فقهاء ثقات في حديثهم كثيري الدراية .

معجم رجال الحديث - للسيد الخوئي قدس سره - ج 7 ص 303

 

ثانيا - الحسن بن محمد بن سماعة.

 

قال النجاشي: الحسن بن محمد بن سماعة أبو محمد الكندي الصيرفي من شيوخ الواقفة كثير الحديث فقيه ثقة وكان يعاند في الوقف ويتعصب.

رجال النجاشي - ص 40

 

وقال الشيخ: الحسن بن محمد بن سماعة الكوفي، واقفي المذهب، الا انه جيد التصانيف، نقي الفقه، حسن الانتقاد.

الفهرست -ص 103

 

ثالثا - محمد بن زياد بن عيسى.

وهو ابن ابي عمير

قال النجاشي: محمد بن أبي عمير

زياد بن عيسى أبو أحمد الأزدي ، وقال ايضا: جليل القدر عظيم المنزلة فينا وعند المخالفين.

وقال الشيخ: محمد بن أبي عمير، يكنى أبا أحمد، من موالي الأزد، واسم أبي عمير زياد، وكان من أوثق الناس عند الخاصة والعامة، وأنسكهم نسكا، وأورعهم وأعبدهم.

معجم رجال الحديث - ج 15 ص 292

 

وقال في طرائف المقال : ابن أبي عمير المشهور، محمد بن زياد بن عيسى.

طرائف المقال - السيد علي البروجردي - ج 1 ص 378

 

رابعا - عبد الله بن سنان، وهو عبد الله بن سنان بن طريف.

قال السيد الخوئي قدس سره في معرض ترجمته لعبد الله بن سنان بن طريف : أن المسمين بعبد الله بن سنان ثلاثة:

أحدهم: صاحب الترجمة وهو الثقة المعروف الذي له كتاب، وقد أدرك الباقر (عليه السلام) والصادق (عليه السلام) والكاظم (عليه السلام) على ما عرفت.

الثاني: من تقدم عن البرقي وهو عبد الله بن سنان الواسطي.

الثالث: من تقدم عن البرقي عده من أصحاب الرضا (عليه السلام) والجواد (عليه السلام)، والأخيران لم نظفر لهما برواية في الكتب الأربعة. انتهى

والرواية التي بين ايدينا قد وردت في الكافي الشريف، وعلى هذا يكون عبد الله بن سنان بن طريف هو الراوي، وهو ثقة جليل القدر.

قال النجاشي: عبد الله بن سنان

بن طريف مولى بني هاشم، يقال مولى بني أبي طالب، ويقال مولى بني العباس. كان خازنا للمنصور والمهدي والهادي والرشيد، كوفي، ثقة، من أصحابنا، جليل، لا يطعن عليه في شئ.

رجال النجاشي -ص 214

وقال الشيخ: عبد الله بن سنان، ثقة.

الفهرست - ص 165

وعلى هذا فالرواية لا اشكال فيها من حيث السند.

 

‏الرواية الثانية: وردت الرواية في كتاب المحاسن - باب الاستشارة ، بالسند التالي: عند احمد بن ابي عبد الله البرقي عن ابن محبوب عن عبد الله بن سنان عن ابي عبد الله (عليه السلام).

 

اولا - احمد بن ابي عبد الله البرقي:

قال النجاشي: احمد بن محمد بن خالد بن عبد الرحمن بن محمد بن علي البرقي ، ابو جعفر ، اصله كوفي ، ثم قال : كان ثقة في نفسه، يروي عن الضعفاء واعتمد المراسيل.

وقال الشيخ: كان ثقة في نفسه غير انه اكثر الرواية عن الضعفاء واعتمد المراسيل.

‏وقال ابن الغضاري: طعن عليه القوميون، وليس الطعن فيه، إنما طعن في من يرويه عنه، فإنه كان لا يبآلي عمن يأخذ.

معجم رجال الحديث - للسيد الخوئي - ج 30 ص 50 - 51

 

ثانيا - ‏ابن محبوب: وهو الحسن بن محبوب السراد ويقال الزراد، يكنى أبا علي مولى بجيلة، كوفي ثقة، وكان جليل القدر يعد في الأركان الأربعة في عصره.

وعده الكشي من الفقهاء الذين اجمع أصحابنا على تصحيح ما يصح عنهم.

معجم رجال الحديث - للسيد الخوئي - ج 6 ص 97

 

ثالثا - عبد الله بن سنان: وهو عبد الله بن سنان بن طريف بقرينة رواية ابن محبوب عنه، وقد تقدم في ملاحظة سند الرواية الاولى انه ثقة جليل القدر.

وعلى هذا فلا اشكال في سند الرواية الثانية ايضا.

 

أستحبابُ التزويج:

عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) تزوجوا فانى مكاثر بكم الأمم يوم القيامة وخير النساء الودود الولود وفى رواية العوالي.جامع أحاديث الشيعة - السيد البروجردي - ج 21 - ص 293.

عن الامام الصادق (عليه السلام) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) إنه قال: تزوجوا فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: من أحب أن يتبع سنتي فإن من سنتي التزويج .

جواهر الكلام - الشيخ الجواهري - ج 29 ص 12.

عن معمر بن خلاد قال: سمعت علي بن موسى الرضا (عليه السلام) يقول: ثلاث من سنن المرسلين العطر، وأخذ الشعر، وكثرة الطروقة.

وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج 2 ص 142.

عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما يمنع المؤمن أن يتخذ أهلا لعل الله أن يرزقه نسمة تثقل الأرض بلا إله إلا الله.

مكارم الأخلاق - الشيخ الطبرسي - ص 196.

عن بعض أصحابنا قال: سألنا أبا عبد الله (عليه السلام) أي الأشياء ألذ؟ قال: فقلنا غير شئ، فقال هو (عليه السلام): ألذ الأشياء مباضعة النساء .

الكافي - الشيخ الكليني - ج 5 ص 321.

 

لذةُ النساء:

عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: حبب إلي من دنياكم: النساء، والطيب وجعل قرة عيني في الصلاة.

بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 79 - ص 211.

عن أبي عبد الله (عليه السلام): ما تلذذ الناس في الدنيا والآخرة بلذة أكثر لهم من لذة النساء، وهو قول الله عز وجل (زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين) إلى آخر الآية، ثم قال: وإن أهل الجنة ما يتلذذون بشئ من الجنة أشهى عندهم من النكاح لا طعام ولا شراب.

وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج 20 - ص 23.

 

ولابد في حُب النساءِ والالتذاذ بهن من حصانة، فلا يكون هناك افراطٌ ولا تفريط،

فقد روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن أول ما عصي الله به ست: حب الدنيا، وحب الرئاسة، وحب الطعام، وحب النساء، وحب النوم، وحب الراحة.

بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 69- ص 169.

ومما حثت عليه الروايات الاسراع في تزويج البنات فكان البعض يبادرون الامام الحسن (عليه السلام) بالتزويج؛ عملا بذلك.

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من سعادة المرء أن لا تطمث ابنته في بيته.

وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج 20 - ص 61.

عن ابي عبدالله (عليه السلام): ان الله عزّ وجلّ لم يترك شيئا مما يحتاج إليه الا وعلمه نبيه (صلى الله عليه وآله)، فكان من تعليمه إيّاه أنّه صعد المنبر ذات يوم فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، إنّ جبرئيل أتاني عن اللطيف الخبير فقال: إن الابكار بمنزلة الثمر على الشجر، إذا ادرك ثمارها فلم تجتن أفستده الشمس، ونثرته الرياح، وكذلك الابكار إذا ادركن ما يدرك النساء، فليس لهن دواء إلا البعولة وإلا لم يؤمن عليهن الفساد لانهن بشر، قال: فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله، فمن نزوج؟ فقال: الأكفاء، فقال: ومن الاكفاء؟ فقال: المؤمنون بعضهم اكفاء بعض، المؤمنون بعضهم اكفاء بعض. الكافي - الشيخ الكليني - ج 5 - ص 337.

 

عن  الامام الرضا (عليه السلام) قال: نزل جبرئيل على النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا محمد، ربك يقرئك السلام ويقول: إن الابكار من النساء بمنزلة الثمر على الشجر، فإذا أينع فلا دواء له إلا اجتناؤه وإلا أفسدته الشمس وغيرته الريح، وإن الابكار إذا أدركن ما تدرك النساء فلا دواء لهن إلا البعول وإلا لم يؤمن عليهن الفتنة، فصعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) المنبر فخطب الناس ثم أعلمهم ما أمرهم الله به، فقالوا: ممن يا رسول الله؟ فقال: الأكفاء، فقالوا: ومن الأكفاء فقال: المؤمنون بعضهم أكفاء بعض، ثم لم ينزل حتى زوج ضباعة المقداد بن الأسود، ثم قال: أيها الناس إنما زوجت ابنة عمي المقداد ليتضع النكاح.

بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 100 - ص 371. 

 

وكانوا يزوجون الامام الحسن (عليه السلام) حتى لا يقعوا في محاذير ما نهى النبي (صلى الله عليه واله) .

عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام) قال: وسألته عن رجل زوج ابنته غلاما فيه لين وأبوه لا بأس به؟ قال: إن لم تكن به فاحشة فيزوجه، يعني الخنث .

مسائل علي بن جعفر - ابن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) - ص 187.

 

عن الحسين بن بشار الواسطي قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام) أن لي قرابة قد خطب إلي ابنتي وفي خلقه سوء. فقال: لا تزوجه إن كان سيئ الخلق.

من لا يحضره الفقيه - الشيخ الصدوق - ج 3 - ص 409.

فكانوا يزوجون الامام الحسن (عليه السلام) رعاية وطلبا لهذه الجنبة وهي كمال الادب والاخلاق.

 

وهذه بعض الوجوه في بيان وتوجيه الرواية الاولى:

1- ‏التزويج لم يكن بطلب من الأمام الحسن (عليه السلام) وانما كان من طرف الناس فهم من كانوا يرغبون في تزويجه، ومن الطبيعي أن الزواج متوقف على الإيجاب والقبول وهما معا ركنا عقد الزواج فإن رضي الأمام (عليه السلام) وقبل بذلك الإيجاب - الذي يصدر منهم - حينها يتم الزواج وإلا فلا ، فهو إذن تزويج من طرف واحد.

أو لنقل انه يوجد ركن واحد من اركان العقد.

وهنا الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) عبر عن عدم اكتمال أركان الزواج بالطلاق، أي أن الإمام ‏الحسن (عليه السلام) لا ينفذ ولا ينقاد إلى كل رغباتكم وعروضكم، فهو يبطل هذه العلقة وهذه الرغبة منكم بالطلاق، اي انه (عليه السلام) سيرفض تلك العروض والرغبات.

عن زرارة بن أعين، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث خلق حواء وتزويج آدم بها إن الله عز وجل قال له: اخطبها إلى، فقال: يا رب فاني أخطبها إليك - إلى أن قال: - فقال الله عز وجل: قد شئت ذلك وقد زوجتكها.

بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 11 - ص 211.

ولما تزوج [أبو جعفر محمد بن علي "عليه السلام"] ابنة المأمون خطب لنفسه، فقال: الحمد لله متمم النعم برحمته والهادي إلى شكره بمنه وصلى الله على محمد خير خلقه، الذي جمع فيه من الفضل ما فرقه في الرسل قبله وجعل تراثه إلى من خصه بخلافته وسلم تسليما. وهذا أمير المؤمنين زوجني ابنته على ما فرض الله عز وجل للمسلمات على المؤمنين من (إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان). وبذلت لها من الصداق ما بذله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأزواجه وهو اثنتا عشرة أوقية ونش على تمام الخمسمائة وقد نحلتها من مالي مائة ألف درهم، زوجتني يا أمير المؤمنين؟ قال: بلى، قال: قبلت ورضيت.

مكارم الأخلاق - الشيخ الطبرسي - ص 205.

 [والنش بالفتح والشد - النصف]

عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: جاءت امرأة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقالت: زوجني، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) من لهذه المرأة؟

فقام رجل فقال: أنا يا رسول الله، زوجنيها، فقال: ما تعطيها؟ فقال: مالي شئ، فقال: لا، فأعادت فأعاد رسول الله (صلى الله عليه وآله) الكلام، فلم يقم غير الرجل أحد، ثم أعادت، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في المرة الثالثة: تحسن من القرآن شيئا؟

فقال: نعم، فقال: زوجتكها على ما تحسن من القرآن، أن تعلمها إياه.

وفي خبر آخر: فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): تحسن القرآن؟

قال: نعم سورة، فقال: علمها عشرين آي.

مستدرك الوسائل - الميرزا النوري - ج 15 - ص 61.

 

2- ‏أن المقصود من قول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) [لا تزوجوا الحسن] هو أن الحسن (عليه السلام) قد طلق الدنيا ثلاثا.

قال تعالى: ((زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ)) ال عمران 14.

وقال تعالى: ((وَمَا ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَآ إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ۖ وَلَلدَّارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ)) الأنعام 32

وقال تعالى: ((وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا ۚ وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ)) القصص 60.

وقال تعالى: ((وَمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ۚ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)) العنكبوت 64

وقال تعالى: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۖ وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ)) فاطر 5

وقال تعالى: ((يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ)) غافر 39

وقال تعالى: ((اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ۖ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا ۖ وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ ۚ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ)) الحديد 20

وقد اشتهر قول الإمام امير المؤمنين (عليه السلام): يا دنيا إليك عني، أبي تعرضت، أم إلي تشوقت: لا حان حينك هيهات غري غيري. لا حاجة لي فيك. قد طلقتك ثلاثا لا رجعة فيها.

نهج البلاغة - ج 4 ص 16

 

فحال الإمام الحسن (عليه السلام) كحال جده وابيه (عليهما الصلاة والسلام) في الاعراض عن الدنيا وملذاتها، ولا رغبة له بالزواج إلا للضرورة التي تقتضي ذلك، بمعنى ان تزويجكم له سيؤول إلى الفشل وعدم الاكتمال لانه (عليه السلام) قد أعرض عن الدنيا وملذاتها وشهواتها، ‏وأنتم بهذا الأمر طلاب دنيا ومناصب وشهوات وهذا يتنافى مع سيرته واخلاقه (عليه السلام).

 

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أول ما عصي الله تبارك وتعالى بست خصال حب الدنيا وحب الرئاسة، وحب الطعام، وحب النساء، وحب النوم، وحب الراحة. الخصال - الشيخ الصدوق - ص 230.

 

عن المفضل بن عمر، قال: قال الصادق (عليه السلام): حدثني أبي، عن أبيه (عليهما السلام): أن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان أعبد الناس في زمانه، وأزهدهم وأفضلهم وكان إذا حج حج ماشيا، وربما مشى حافيا، وكان إذا ذكر الموت بكى، وإذا ذكر القبر بكى، وإذا ذكر البعث والنشور بكى، وإذا ذكر الممر على الصراط بكى، وإذا ذكر العرض على الله تعالى ذكره شهق شهقة يغشى عليه منها.

الأمالي - الشيخ الصدوق - ص 244.

قال الامام الصادق (عليه السلام): ان الحسن بن علي (عليه السلام) حج خمسة وعشرين حجة ماشيا وقاسم الله تعالى ماله مرتين.

مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب - ج 3- ص 118.

 

3- ‏خصوصية مقام الامامة

قال تعالى: ((وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)) البقرة 124

إبراهيم(عليه السلام) وصل الى مقام الامامة بعد النبوة

روي عن الرضا (عليه السلام) ان الإمامة خص الله بها إبراهيم الخليل (عليه السلام) بعد النبوة.

عيون أخبار الرضا (عليه السلام) - الشيخ الصدوق - ج 2 - ص 196.

ان قلت: ان النبوة فيها وحي والإمامة ليس فيها وحي فكيف الإمامة افضل ؟

قلت ان الوحي من خصائص النبوة وفرق ما بين التخصيص والافضلية

عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) قال: للامام علامات يكون اعلم الناس واحكم الناس واتقى الناس واحلم الناس وأشجع الناس وأسخى الناس وأعبد الناس.

المصدر السابق - ص 192.

عن جابر الجعفي قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي اكلها كل حين بإذن ربها) قال: أما الشجرة فرسول الله صلى الله عليه وآله وفرعها علي عليه السلام وغصن الشجرة فاطمة بنت رسول الله، وثمرها أولادها عليهم السلام وورقها شيعتنا، ثم قال عليه السلام: إن المؤمن من شيعتنا ليموت فيسقط من الشجرة ورقة وإن المولود من شيعتنا ليولد فتورق الشجرة ورقة.

بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 65 - ص 26.

وعن القسم بن مسلم عن أخيه عبد العزيز بن مسلم قال: كنا في أيام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) بمرو، فاجتمعنا في جامعها في يوم جمعة في بدو قدومنا، فأدار الناس أمر الإمامة وذكروا كثرة اختلاف الناس فيها فدخلت على سيدي ومولاي الرضا (عليه السلام) فأعلمته ما خاض الناس فيه، فتبسم ثم قال: يا عبد العزيز جهل القوم وخدعوا عن أديانهم، إن الله تبارك وتعالى لم يقبض نبيه (صلى الله عليه وآله) حتى أكمل له الدين، وأنزل عليه القرآن فيه تفصيل كل شئ، بين فيه الحلال والحرام، والحدود والأحكام، وجميع ما يحتاج إليه كملا.

الاحتجاج - الشيخ الطبرسي - ج 2 - ص 226.

عن الرضا(عليه السلام): ان الإمامة خص الله بها إبراهيم الخليل (عليه السلام) بعد النبوة والخلة مرتبه ثالثه وفضيلة شرفه بها وأشاد بها ذكره فقال عز وجل:

(انى جاعلك للناس إماما).

عيون أخبار الرضا (عليه السلام) - الشيخ الصدوق - ج 2 - ص 196.

عن الرضا(عليه السلام)

بالامام تمام الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد وتوفير الفئ والصدقات وامضاء الحدود والاحكام ومنع الثغور والأطراف والامام يحل حلال الله ويحرم حرام الله ويقيم حدود الله ويذب عن دين الله ويدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة والحجة البالغة الامام كالشمس الطالعة للعالم وهي بالأفق بحيث لا تنالها الأيدي والابصار الامام البدر المنير والسراج الزاهر والنور الساطع والنجم الهادي في غياهب الدجى والبيد القفار ولجج البحار الامام الماء العذب على الظماء والدال على الهدى والمنجي من الردى والامام النار على اليفاع الحار لمن اصطلى به والدليل في المهالك من فارقه فهالك الامام السحاب الماطر والغيث الهاطل والشمس المضيئة والأرض البسيطة والعين الغزيرة والغدير والروضة الامام الأمين الرفيق والوالد الرفيق والأخ الشفيق ومفزع العباد في الداهية الامام امين الله في ارضه وحجته على عباده وخليفته في بلاده الداعي إلى الله والذاب عن حرم الله الامام المطهر الذنوب المبرأ من العيوب مخصوص بالعلم مرسوم بالحلم نظام الدين وعز المسلمين وغيظ المنافقين وبوار الكافرين الامام واحد دهره لا يدانيه أحد ولا يعادله عالم ولا يوجد منه بدل وله مثل ولا نظير مخصوص بالفعل كله من غير طلب منه له ولا اكتساب بل اختصاص من المفضل الوهاب فمن ذا الذي يبلغ معرفه الامام ويمكنه اختياره؟! هيهات هيهات!

ضلت العقول وتاهت الحلوم وحارت الألباب وحسرت العيون وتصاغرت العظماء وتحيرت الحكماء وتقاصرت الحلماء وحصرت الخطباء وجهلت الألباء وكلت الشعراء وعجزت الأدباء وعييت البلغاء عن وصف شان من شانه أو فضيله من فضائله فأقرت بالعجز والتقصير وكيف يوصف له أو ينعت بكنهه يفهم شئ من امره أو يوجد من يقام مقامه ويغنى غناه لا كيف وانى وهو بحيت النجم من أيدي المتناولين ووصف الواصفين فأين الاختيار من هذا؟وأين العقول عن هذا؟ وأين يوجد مثل هذا؟ لأظنوا ان يوجد ذلك في غير آل الرسول (صلى الله عليه واله)؟ كذبتهم والله أنفسهم ومنتهم الباطل فارتقوا مرتقى صعبا دحضا تزل عنه إلى الحضيض اقدامهم راموا اقامه الامام بقول جائرة بائرة ناقصة وآراء مضلة فلم يزدادوا منه إلا بعدا (قاتلهم الله انى يؤفكون) لقد راموا صعبا وقالوا افكا (وضلوا ضلالا بعيدا) ووقعوا في الحيرة إذ تركوا الامام عن بصيرة (وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وما كانوا مستبصرين) ورغبوا عن اختيار الله واختيار رسوله إلى اختيارهم والقرآن يناديهم (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون)، وقال الله عز وجل: (وما كان لمؤمن ومؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) وقال عز وجل:

(ما لكم كيف تحكمون أم لكم كتاب فيه تدرسون ان لكم فيه لما تخيرون أم لكم ايمان علينا بالغه إلى يوم القيامة ان لكم لما تحكمون سلهم أيهم بذلك زعيم أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم ان كانوا صادقين) وقال عز وجل: (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) أم طبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون أم (قالوا سمعنا ولا يسمعون ان شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون) و (قالوا سمعنا وعصينا) بل هو (فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) فكيف لهم باختيار الامام؟! والامام عالم لا يجهل راع لا ينكل معدن القدس والطهارة والنسك والزهادة والعلم والعبادة.

عيون أخبار الرضا (عليه السلام) - الشيخ الصدوق - ج 2 - ص 198.

فهؤلاء لا يعرفون مقام الأمام الحسن (عليه السلام) وكماله ورفعته، فالذي يناسبه أن تكون للامام زوجة بمستوى ذلك الكمال و تلك المنزلة، والحال أنه ليس هناك زوجة بهذا المستوى المأمول الذي تحتمه وتقتضيه تلك المكانه للامام (عليه السلام)، والذي يترتب عليه الانفصال والطلاق فيما لو لم يكن ذلك الزواج بذلك المستوى، فيكون الطلاق عندئذ حاصلا في الدنيا وإلا لكان حاصلا في الآخرة، كحال بعض أزواج النبي (صلى الله عليه وآله) اللاتي إن لم يتم طلاقهن في الدنيا فلابد من انه حاصل في الآخرة، وهذا انما يكون لقانون التكافؤ الإلهي الدنيوي والأخروي، الذي اشارت اليه الكثير من الروايات، ومنها: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): انكحوا الأكفاء وانكحوا فيهم واختاروا لنطفكم.

الكافي - ج 5 ص 332.

ومما جاء في بينونة بعض نساء النبي (صلى عليه واله) ما عن الأصبغ بن نباتة قال: بعث علي (عليه السلام) يوم الجمل إلى عائشة: ارجعي وإلا تكلمت بكلام تبرين من الله ورسوله. وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) للحسن: اذهب إلى فلانة فقل لها: قال لك أمير المؤمنين: والذي فلق الحبة  وبرئ النسمة لئن لم ترحلي الساعة لأبعثن إليك بما تعلمين، فلما أخبرها الحسن بما قال أمير المؤمنين (عليه السلام) قامت ثم قالت: خلوني ! فقالت لها امرأة من المهالبة: أتاك ابن عباس شيخ بني هاشم وحاورتيه وخرج من عندك مغضبا وأتاك غلام فأقلعت؟

قالت: إن هذا الغلام ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فمن أراد أن ينظر إلى مقلتي رسول الله فلينظر إلى هذا الغلام، وقد بعث إلي بما علمت، قالت:

فأسألك بحق رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليك إلا أخبرتينا بالذي بعث إليك، قالت: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) جعل طلاق نسائه بيد علي، فمن طلقها في الدنيا بانت منه في الآخرة.

بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 38 -  ص 74.

وعن إبراهيم بن الحسين، بإسناده عن سالم بن أبي الجعد، قال: بعث علي (عليه السلام) إلى عائشة بعد أن انقضى أمر الجمل وهي بالبصرة، أن ارجعي إلى بيتك، فأبت، ثم أرسل إليها ثانية، فأبت، ثم أرسل إليها ثالثة: لترجعن أو لأتكلم بكلمة يبرأ الله بها منك ورسوله.

فقالت: أرحلوني أرحلوني.

فقالت لها امرأة ـ ممن كان عندها من النساء: يا أم المؤمنين ما هذا الذي ذعرك من وعيد علي (عليه السلام) إياك؟

قالت: إن النبي (صلى الله عليه وآله) استخلفه على أهله، وجعل طلاق نسائه بيده.

شرح الأخبار للقاضي النعمان المغربي ج 1 ص 210.

‏إن قلت: أن النبي (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) تزوجوا من نساء لم يكنَّ بمستوى مقامهما (عليهما الصلاة والسلام)؟

‏قلت: أن ذلك حدث لأجل مصلحة معينة اقتضت ذلك، وهم أعرف بها، أما في مقامنا فالأمر مختلف، فالناس هم من يرغبوا في تزويج الامام الحسن (عليه السلام) وفقا لرغباتهم، ‏والامام أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول لا تزوج الحسن. فلم يكن طلب الزواج من الامام الحسن (عليه السلام) ابتداءً كحال جده او أبيه (عليهما الصلاة والسلام).


4- الكرم من صفات وسمات الإمام الحسن (عليه السلام)، والذي هو سجية وخصلة متأصلة فيه (عليه السلم)، ومن مصاديق الكرم عنده: عدم رد السائل، ومن هؤلاء من سأل الإمام (عليه السلام) بأن يزوجه ابنته أو أخته أو قريبته ، والإمام (عليه السلام) لشخصه الكريم سيقبل ذلك الوصل ويمضي ذلك السؤال لانه من الخلق الإلهي ان يقبل دعوة الداعي وعند تعدد الطلب والسؤال من اناس كثر لزم ازدياد الزوجات عن اربع وعندها سيقع الطلاق وسيكون نتيجة حتمية لاحقا، لعدم إمكانية جمع أكثر من أربع زوجات.

قال تعالى: ((فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا)) النساء 3.

ولو فرض وقوع ذلك واستتباعه بالطلاق فالامام (عليه السلام) يرضي من يطلقها ويفارقها بإحسان، وهذا مصداق قوله تعالى ((أو تسريح بإحسان)) وهل يوجد محسن كالامام الحسن (عليه السلام).

وسمع الامام الحسن (عليه السلام) رجلا إلى جنبه في المسجد الحرام يسأل الله أن يرزقه عشرة آلاف درهم، فانصرف إلى بيته وبعث إليه بعشرة آلاف درهم، ودخل عليه جماعة وهو يأكل فسلموا وقعدوا فقال (عليه السلام): هلموا فإنما وضع الطعام ليؤكل.مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب - ج 3 - ص182.

وروي انه (عليه السلام) اشترى بستانا من الانصار باربعمائة الف درهم فبلغه انهم احتاجوا فرده اليهم.

ترجمة الإمام الحسن (عليه السلام) - ابن عساكر - ص 148.

وجاءه بعض الاعراب فقال: أعطوه ما في الخزانة فوجد فيها عشرون ألف دينار فدفعها إلى الأعرابي فقال الأعرابي: يا مولاي ألا تركتني أبوح بحاجتي وأنشر مدحتي؟

فأنشأ الحسن (عليه السلام):

نحن أناس نوالنا خضل *

يرتع فيه الرجاء والأمل 

تجود قبل السؤال أنفسنا *

خوفا على ماء وجه من يسل

لو علم البحر فضل نائلنا *

لغاض من بعد فيضه خجل.

بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 43- ص 341.

والجود والكرم يلازم التزويج

عن إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): الحديث الذي يرويه الناس حق، أن رجلا أتى النبي (صلى الله عليه وآله) فشكا إليه الحاجة فأمره بالتزويج ففعل، ثم أتاه فشكا إليه الحاجة فأمره بالتزويج حتى أمره ثلاث مرات؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): [نعم] هو حق، ثم قال: الرزق مع النساء والعيال.

الكافي - الشيخ الكليني - ج 5- ص 330.

 

5- معاوية (لعنة الله) رجل مناوئ لأهل البيت (عليهم السلام) وقد نصب العداء لهم ولشيعتهم ومواليهم وقد عمل على التضييق عليهم، فهو يعاقب كل من يتقرب إلى أهل البيت (عليهم السلام) وينتهز ادنى المناسبات لفعل ذلك، والإمام (عليه السلام) اراد بذلك النهي عن تزوج الإمام الحسن (عليه السلام) للمحافظة على شيعته؛ من خلال عدم تعريضهم للتضيق والعقاب من قبل معاوية لعنة الله.

قال تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا)) الاحزاب 57

وقال تعالى: ((وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا)) الاحزاب 58

‏وفي مقامنا يمكن أن يضيق عليهم لأجل تطليق بناتهم من الأمام (عليه السلام)، والذي ينفذ الطلاق هو الإمام الحسن (عليه السلام) لأن الطلاق لمن اخذ بالساق، فيكون بذلك مطلاقا، وفيه نوع من التأثير من قبل معاوية لعنة الله على الامام (عليه السلام) وشيعته.

فقد عهد بقتل كل مولود يسمى عليا، فبلغ ذلك علي بن رياح فخاف، وقال: لا اجعل في حل من سماني عليا فان اسمي علي بضم العين، ان العلماء والمحدثين تحرجوا من ذكر الإمام علي والرواية عنه خوفا من بني أمية فكانوا إذا أرادوا أن يرووا عنه يقولون روى ابو زينب.

حياة الإمام الحسين (عليه السلام) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج 2 - ص 165.

وبعث معاوية بن أبي سفيان بسر بن أرطأة أحد بني عامر بن لوي - بعد تحكيم الحكمين، وعلي بن أبي طالب (عليه السلام) يومئذ حي - وبعث معه جيشا - ووجه [أيضا] برجل من غامد ضم إليه جيشا آخر، ووجه [أيضا] الضحاك بن قيس الفهري في جيش آخر وأمرهم أن يسيروا في البلاد فيقتلوا كل من وجدوه من شيعة علي بن أبي طالب (عليه السلام) وأصحابه، وأن يغيروا على سائر أعماله ويقتلوا أصحابه ولا يكفوا أيديهم عن النساء والصبيان، فمضى بسر لذلك على وجهه حتى انتهى إلى المدينة، فقتل بها ناسا من أصحاب علي (عليه السلام) وأهل هواه، وهدم بها دورا من دور القوم، ومضى إلى مكة فقتل نفرا من آل أبي لهب، ثم أتى السراة فقتل من بها من أصحابه، وأتى نجران فقتل عبد الله بن عبد المدان الحارثي وابنه - وكانا من أصهار بني العباس - ثم أتى اليمن وعليها عبيد الله بن العباس عاملا لعلي بن أبي طالب، وكان غائبا، وقيل: بل هرب لما بلغه خبر بسر، فلم يصادفه بسر، ووجد ابنين له صبيين فأخذهما بسر لعنه الله وذبحهما بيده بمدية كانت معه!

ثم انكفأ راجعا إلى معاوية - وفعل مثل ذلك سائر من بعث به!

فقصد الغامدي إلى الأنبار، فقتل ابن حسان البكري وقتل رجالا ونساء من الشيعة!

نهج السعادة - الشيخ المحمودي - ج 2 - ص 560.

وروى الطبرسي في الاحتجاج أن رجلاً من أهل البصرة جاء إلى علي بن الحسين (عليه السلام)، فقال: يا علي بن الحسين إن جدك علي بن أبي طالب قتل المؤمنين. فهملت عينا علي بن الحسين دموعا حتى امتلأت كفه منها، ثم ضرب بها على الحصى، ثم قال: يا أخا أهل البصرة، لا والله ما قتل علي مؤمناً، ولا قتل مسلماً، وما أسلم القوم ولكن استسلموا، وكتموا الكفر وأظهروا الإسلام، فلما وجدوا على الكفر أعوانا أظهروه، وقد علمت صاحبة الجدب والمستحفظون من آل محمد (صلى الله عليه وآله) أن أصحاب الجمل وأصحاب صفين وأصحاب النهروان لعنوا على لسان النبي الأمي وقد خاب من افترى. فقال شيخ من أهل الكوفة: يا علي بن الحسين إن جدك كان يقول: إخواننا بغوا علينا.

فقال علي بن الحسين (عليه السلام): أما تقرأ كتاب الله: (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً)؟ فهم مثلهم أنجى الله عز وجل هوداً والذين معه وأهلك عاداً بالريح العقيم. الاحتجاج - ج 2 ص 40.

وإيذاء شيعة اهل البيت (عليهم السلام) هو إيذاء لأهل البيت (عليهم السلام) حيث روي عن الامام الصادق (عليه السلام) من عادى شيعتنا فقد عادانا ومن والى شيعتنا فقد والانا، لأنهم خلقوا من طينتنا، من أحبهم فهو منا، ومن أبغضهم فليس منا، شيعتنا ينظرون بنور الله ويتقلبون في رحمة الله ويفوزون بكرامة الله، ما من أحد من شيعتنا يمرض إلا مرضنا لمرضه، ولا اغتم إلا اغتممنا لغمه، ولا فرح إلا فرحنا لفرحه، ولا يغيب عنا أحد من شيعتنا أين كان من شرق الأرض وغربها، ومن ترك من شيعتنا دينا فهو علينا ومن ترك منهم مالا فهو لورثته، شيعتنا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويحجون البيت الحرام ويصومون شهر رمضان ويوالون أهل البيت ويتبرأون من أعدائهم أولئك أهل الايمان والتقى وأهل الورع والتقوى، من رد عليهم فقد رد على الله، ومن طعن عليهم فقد طعن على الله، لأنهم عباد الله حقا وأولياؤه صدقا، والله أن أحدهم ليشفع في مثل ربيعة ومضر، فيشفعه الله فيهم بكرامته على الله.

شجرة طوبى - الشيخ محمد مهدي الحائري - ج 1 - ص 3.

عن الامام الصادق (عليه السلام) أنه قال: رحم الله شيعتنا، انهم أوذوا فينا ولم نؤذ فيهم، شيعتنا منا، قد خلقوا من فاضل طينتنا وعجنوا بنور ولايتنا، رضوا بنا أئمة ورضينا بهم شيعة، يصيبهم مصابنا وتبكيهم أوصابنا ويحزنهم حزننا ويسرهم سرورنا، ونحن أيضا نتألم لتألمهم ونطلع على أحوالهم، فهم معنا لا يفارقونا ولا نفارقهم، لان مرجع العبد إلى سيده ومعوله على مولاه، فهم يهجرون من عادانا ويجهرون بمدح من والانا ويباعدون من آذانا، اللهم أحي شيعتنا في دولتنا وابقهم في ملكنا، اللهم ملكتنا، اللهم ان شيعتنا منا ومضافين إلينا، فمن ذكر مصابنا وبكى لأجلنا أو تباكى استحى الله ان يعذبه بالنار.

الشيعة في أحاديث الفريقين - السيد مرتضى الأبطحي - ص 515.

 

6- تشويه صورة أهل البيت (عليهم السلام) فقد أُلف الالوف من الاحاديث الكاذبة على النبي (صلى الله عليه واله) عن طريق ابي هريرة وعمرو بن العاص وسمرة بن جندب والمغيرة بن شعبة ،

قال تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)) النور 19.

وعنه (صلى الله عليه وآله): إن الله عز وجل منع بني إسرائيل قطر السماء بسوء رأيهم في أنبيائهم واختلافهم في دينهم، وإنه آخذ هذه الأمة بالسنين ومانعهم قطر السماء ببغضهم علي بن أبي طالب (عليه السلام).

موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الكتاب والسنة والتاريخ - محمد الريشهري - ج 21  - ص 274.

وروى الأعمش: أن أبا هريرة لما قدم العراق مع معاوية عام الجماعة جاء إلى مسجد الكوفة (إلى أن قال) قال أبو هريرة: سمعت النبي يقول: إن لكل نبي حرما وأن حرمي بالمدينة ما بين عير إلى ثور، فمن أحدث فيها حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين - واشهد بالله أن عليا أحدث فيها، فلما بلغ قوله معاوية، أجازه وأكرمه وولاه أمارة المدينة.

قاموس الرجال - الشيخ محمد تقي التستري - ج 11 - ص 555.

وروى الواقدي أن معاوية لما عاد من العراق إلى الشام بعد بيعة الحسن (عليه السلام) واجتماع الناس إليه خطب فقال: أيها الناس، إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال لي: (إنك ستلي الخلافة من بعدي، فاختر الأرض المقدسة، فإن فيها الابدال، وقد اخترتكم، فالعنوا أبا تراب. فلعنوه، فلما كان من الغد كتب كتابا، ثم جمعهم فقرأه عليهم، وفيه: هذا كتاب كتبه أمير المؤمنين معاوية، صاحب وحى الله الذي بعث محمدا نبيا، وكان أميا لا يقرأ ولا يكتب، فاصطفى له من أهله وزيرا كاتبا أمينا، فكان الوحي ينزل على محمد وأنا أكتبه، وهو لا يعلم ما أكتب، فلم يكن بيني وبين الله أحد من خلقه. فقال له الحاضرون كلهم: صدقت يا أمير المؤمنين.

شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج 4- ص 72.

وقال الجاحظ: إن معاوية كان يقول في آخر خطبة الجمعة: اللهم إن أبا تراب ألحد في دينك وصد عن سبيلك فالعنه لعنا وبيلا وعذبه عذابا أليما.

وكتب بذلك إلى الآفاق فكانت هذه الكلمات ينادى بها على المنابر إلى خلافة عمر بن عبد العزيز.

بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 33- ص 214.

وقد أعطى معاوية سمرة بن جندب من بيت المال أربعمائة ألف درهم على أن يخطب في أهل الشام بأن قوله تعالى: (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام، وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد)، إنها نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام).

وإن قوله تعالى: ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله. نزل في ابن ملجم أشقى مراد.

الغدير - الشيخ الأميني - ج 11 - ص 30.


7- قول أمير المؤمنين (عليه السلام) [لا تزوجوا الحسن] ذلك لأجل ان معرفتهم قاصرة عن تحديد المصلحة وتشخيص المرأة المناسبة، بل الإمام (عليه السلام) هو الذي يحدد المصلحة ويعرف المرأة التي تليق بمقامه وتصلح أن تكون زوجة له بحسب الظروف والاحوال، فيقابل عروضهم ورغباتهم بالرفض، فنظرة الإمام المعصوم (عليه السلام) للتزويج على انه رابط مقدس يترتب عليه أمور وثمرات، وهي غير نظرتهم قطعا مما يؤدي إلى اختلاف النتائج والآثار و الثمرات.

قال تعالى: ((الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ ۖ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ۚ أُولَٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ ۖ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ)) النور 26

في مجمع البيان: قيل في معناه أقوال: إلى قوله الثالث: الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال والخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء، والطيبات من النساء للطيبين من الرجال والطيبون من الرجال للطيبات من النساء، عن أبي مسلم والجبائي، وهو المروى عن أبي جعفر وأبى عبد الله (عليهما السلام) قال: هي مثل قوله: (الزاني لا ينكح الا زانية أو مشركة ) الا ان أناسا هموا أن يتزوجوا منهن فنهاهم الله عن ذلك وكره ذلك لهم.

تفسير نور الثقلين - الشيخ الحويزي - ج 4 - ص 585.

عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا طاب قلب المرء طاب جسده، وإذا خبث القلب خبث الجسد.

ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 3- ص 2600.

وفي الاحتجاج عن الحسن بن علي (عليه السلام): في حديث له مع معاوية وأصحابه وقد نالوا من علي (عليه السلام): (الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات) هم والله يا معاوية أنت وأصحابك هؤلاء وشيعتك. (والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات) إلى آخر الآية، هم علي بن أبي طالب وأصحابه وشيعته.

تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج 15 - ص 107.

 عن أبي حمزة قال سمعت جابر الأنصاري يحدث قال كنا جلوسا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) فذكرنا النساء وفضل بعضهن على بعض فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ألا أخبركم (بخير نسائكم ) فقلنا بلى يا رسول الله، فأخبرنا فقال إن من خير نسائكم الولود الودود الستيرة جامع أحاديث الشيعة - السيد البروجردي - ج 20 - ص 37.

عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: خير نسائكم التي إذا خلت مع زوجها خلعت له درع الحياء، وإذا لبست لبست معه درع الحياء.

وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج 20 - ص 29.

عن الإمام الصادق (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام) قال: النساء أربعة أصناف: فمنهن ربيع مربع، ومنهن جامع مجمع، ومنهن كرب مقمع، ومنهن غل قمل، فأما الربيع المربع: فالتي في حجرها ولد وفي بطنها آخر، والجامع المجمع: الكثيرة الخير المحصنة، والكرب المقمع: السيئة الخلق مع زوجها، وغل قمل: هي التي عند زوجها كالغل القمل، وهو غل من جلد يقع فيه القمل فيأكله فلا يتهيأ أن يحل منه شيئا، وهو مثل للعرب.

مكارم الأخلاق - الشيخ الطبرسي - ص 198.

عن داود الكرخي قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن صاحبتي هلكت وكانت لي موافقة وقد هممت أن أتزوج، فقال: انظر أين تضع نفسك ومن تشركه في مالك وتطلعه على دينك وسرك وأمانتك، فإن كنت لابد فاعلا فبكرا تنسب إلى الخير وإلى حسن الخلق.

ألا إن النساء خلقن شتى *

فمنهن الغنيمة والغرام

ومنهن الهلال إذا تجلى *

لصاحبه ومنهن الظلام

فمن يظفر بصالحتهن يسعد *

ومن يغبن فليس له انتظام

وهن ثلاث: فامرأة ولود، ودود، تعين زوجها على دهره وتساعده على دنياه وآخرته ولا تعين الدهر عليه،

وامرأة عقيم لا ذات جمال ولا خلق ولا تعين زوجها على خير، وامرأة صخابة ، ولاجة، خراجة، همازة، تستقل الكثير ولا تقبل اليسير.

المصدر السابق - ص 199.

وروي أنه نظر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أولاد علي وجعفر (عليهما السلام) فقال: بناتنا لبنينا وبنونا لبناتنا.

من لا يحضره الفقيه - الشيخ الصدوق - ج 3 - ص 393.

وقال الامام الصادق (عليه السلام): المؤمنون بعضهم أكفاء بعض.

المصدر السابق


8- ‏من خصائص الإمام الحسن (عليه السلام) أنه كان يكشف ويبين مواطن الضعف في شيعته وعدم لياقتهم لطاعته أئمتهم، وهذا واضح في قضية المهادنة التي حدثت مع معاوية لعنة الله، حيث تمكن من خداعهم فصدقوه بما يبثه من دعاية مغرضة عن الإمام الحسن (عليه السلام)، فتجد افعالا وأقوالا و مواقفا صدرت عنهم لا تناسب التسليم والانقياد التام لولي الامر والامام (عليه السلام)، ومنها قول حجر بن عدي بعد المهادنة مع معاوية لعنه الله: أما والله لوددت أنك مت في ذلك اليوم ومتنا معك ولم نر هذا اليوم فانا رجعنا راغمين بما كرهنا، ورجعوا مسرورين بما أحبوا.

فلما خلا به الحسن (عليه السلام) قال: يا حجر قد سمعت كلامك، في مجلس معاوية وليس كل انسان يحب ما تحب، ولا رأيه كرأيك، وإني لم أفعل ما فعلت إلا إبقاء عليكم، والله تعالى كل يوم هو في شأن، وأنشأ (عليه السلام) لما اضطر إلى البيعة.

 

أحامل أقواما حياء ولا أرى *

قلوبهم تغلي علي مراضها.

 وله (عليه السلام):

لئن ساءني دهر عزمت تصبرا *

وكل بلاء لا يدوم يسيرا

بحار الانوار - ج 44 ص 57

 

وقول المسيب بن نجبة الفزاري وسليمان بن صرد الخزاعي للحسن بن علي (عليهما السلام): ما ينقضي تعجبنا منك، بايعت معاوية ومعك أربعون ألف مقاتل من الكوفة سوى أهل البصرة والحجاز فقال الحسن (عليه السلام): قد كان ذلك، فما ترى الآن؟ فقال: والله أرى أن ترجع لأنه نقضَ [العهد]، فقال: يا مسيب إن الغدر لا خير فيه ولو أردت لما فعلت.

المصدر السابق.


وقول سفيان بن أبي الليل أنه أتى حسنا بالمدينة حين انصرف من عند معاوية فوجده بفناء داره فلما انتهى إليه قال: السلام عليك يا مذل المؤمنين.

قال: فقال: وما ذكرك لهذا؟ قال: فذكرته الذي كان منه من تركه القتال ورجوعه إلى المدينة!

فقال له ال‍حسن (عليه السلام): يا سفيان أما إني سمعت عليا يقول: لا تذهب الليالي والأيام حتى يجتمع أمر هذه الأمة على رجل واسع السرم ضخم البلعوم يأكل ولا يشبع لا يموت حتى لا يكون له في السماء عاذر ولا في الأرض حامد وإنه معاوية وإني قد عرفت أن الله بالغ أمره.

مناقب امير المؤمنين (عليه السلام) ج 2 ص 128.

‏ومن ضمن الامور التي كشف عنها لرعيته هي عدم صلاح كل واحدة من نسائهم لأن تكون زوجة له (عليه السلام).

 

فعن زيد بن وهب الجهني قال: لما طعن الحسن بن علي (عليهما السلام) بالمدائن أتيته وهو متوجع فقلت: ما ترى يا ابن رسول الله فان الناس متحيرون؟

فقال: أرى والله معاوية خيرا لي من هؤلاء، يزعمون أنهم لي شيعة ابتغوا قتلي وانتهبوا ثقلي، وأخذوا مالي، والله لأن آخذ من معاوية عهدا أحقن به دمي وآمن به في أهلي خير من أن يقتلوني فتضيع أهل بيتي، وأهلي، والله لو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعوني إليه سلما.

فوالله لأن أسالمه وأنا عزيز خير من أن يقتلني وأنا أسيره أو يمن علي فتكون سبة على بني هاشم إلى آخر الدهر، ومعاوية لا يزال يمن بها وعقبه على الحي منا والميت.بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 44 - ص 20.


وخطب الامام الحسن (عليه السلام) بعد وفاة أبيه، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما والله ما ثنانا عن قتال أهل الشام ذلة ولا قلة، ولكن كنا نقاتلهم بالسلامة والصبر، فشيب السلامة بالعداوة والصبر بالجزع، وكنتم تتوجهون معنا ودينكم أمام دنياكم، وقد أصبحتم الآن ودنياكم أمام دينكم، وكنا لكم وكنتم لنا، وقد صرتم اليوم علينا، ثم أصبحتم تصدون قتيلين: قتيلا بصفين تبكون عليهم، وقتيلا بالنهروان تطلبون بثأرهم، فأما الباكي فخاذل، وأما الطالب فثائر، وإن معاوية قد دعا إلى أمر ليس فيه عز ولا نصفة، فإن أردتم الحياة قبلناه منه، وأغضضنا عن القذى، وإن أردتم الموت بذلناه في ذات الله وحاكمناه إلى الله.

فنادى القوم بأجمعهم: بل البقية والحياة.

منهاج الصالحين - الشيخ وحيد الخراساني - ج 1 - ص 344.

عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، قال: حدثني رجل منا قال: أتيت الحسن بن علي (عليهما السلام) فقلت: يا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أذللت رقابنا، وجعلتنا معشر الشيعة عبيدا ما بقي [معك] رجل، فقال: ومم ذاك؟ قال: قلت: بتسليمك الأمر لهذا الطاغية، قال: والله ما سلمت الأمر إليه إلا أني لم أجد أنصارا، ولو وجدت أنصارا لقاتلته ليلي ونهاري حتى يحكم الله بيني وبينه، ولكني عرفت أهل الكوفة وبلوتهم، ولا يصلح لي منهم ما كان فاسدا، إنهم لا وفاء لهم ولا ذمة في قول ولا فعل، إنهم لمختلفون ويقولون لنا: إن قلوبهم معنا، وإن سيوفهم لمشهورة علينا.بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 44 - ص 174.

وكتب جماعة من رؤساء القبائل إلى معاوية بالطاعة له في السر، واستحثوه على السير نحوهم، وضمنوا له تسليم الحسن (عليه السلام) إليه عند دنوهم من عسكره أو الفتك به، وبلغ الحسن ذلك. الإرشاد - الشيخ المفيد - ج 2 - ص12.

 

9- ‏قراءة أمير المؤمنين (عليه السلام) قراءة مستقبلية لأنه صاحب علم كتاب قال تعالى: ((وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا ۚ قُلْ كَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ)) الرعد 43.

حكي أن معاوية بن أبي سفيان قال لجلسائه بعد الحكومة: كيف لنا أن نعلم ما تؤل إليه العاقبة في أمرنا؟ قال جلساؤه ما نعلم لذلك وجها. قال: فأنا استخرج علم ذلك من علي صلوات الله عليه فإنه لا يقول الباطل فدعا ثلاثة رجال من ثقاته وقال لهم: امضوا حتى تصيروا جميعا من الكوفة على مرحلة ثم تواطؤا على أن تنعوني بالكوفة وليكن حديثكم واحدا في ذكر العلة واليوم والوقت وموضع القبر ومن تولى الصلاة عليه وغير ذلك حتى لا تختلفوا في شئ ثم ليدخل أحدكم فليخبر بوفاتي ثم ليدخل الثاني فيخبر بمثله ثم 

ليدخل الثالث فيخبر بمثل خبر صاحبيه وانظروا ما يقول علي.

فخرجوا كما أمرهم معاوية ثم دخل أحدهم وهو راكب مغذ شاحب فقال له الناس بالكوفة: من أين جئت؟ قال: من الشام. قالوا له: ما الخبر؟ قال:

مات معاوية فأتوا عليا عليه السلام فقالوا: جاء رجل راكب من الشام يخبر من موت معاوية فلم يحفل علي بذلك ثم دخل الآخر من الغد وهو مغذ فقال له الناس: ما الخبر؟ فقال: مات معاوية وخبر بمثل ما خبر صاحبه فأتوا عليا عليه السلام فقالوا: رجل راكب يخبر بموت معاوية بمثل ما أخبر صاحبه ولم يختلف كلامهما. فأمسك علي عليه السلام.

ثم دخل الآخر في اليوم الثالث فقال الناس: ما وراؤك؟ قال: مات معاوية.

فسألوه عما شاهد فلم يخالف قول صاحبيه فأتوا عليا عليه السلام فقالوا: يا أمير المؤمنين صح هذا الخبر هذا راكب ثالث قد خبر بمثل خبر صاحبيه فلما كثروا عليه قال علي صلوات الله عليه كلا أو تخضب هذه من هذه يعني لحيته من هامته ويتلاعب بها ابن آكلة الأكباد فرجع الخبر بذلك إلى معاوية.بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٣ - ص ٢٨٠.

فسعى معاوية لعنه الله بمكره ودهائه من حث اتباعه وانصاره على تزويج الحسن (عليه السلام) كمرحلة أولى.

ثم يأمرهم بتضييق نسائهم على الحسن (عليه السلام) كمرحلة ثانية، فيحدث الطلاق كمرحلة ثالثة، والذي بدوره يحقق النتيجة والهدف الذي يرمي اليه معاوية لعنه الله، وهو كون الحسن (عليه السلام) رجل مطلاق ، هذا بالاضافة الى اهداف وغايات أخرى من تواجدهن في بيت الإمام (عليه السلام).

 

10- عرف الإمام الحسن (عليه السلام) بالحلم، ولشدة حلمه ولأجل ألا تعاقب زوجته بسبب عدم رعايتها وتفريطها بحقوق زوجها فإنه يطلقها و يسراحها سراحا جميلا بمجرد ظهور ذلك التخلف عن رعايته ورعاية حقوقه، وهو الطلاق.

 وكان (عليه السلام) يقابل الاساءة بالاحسان.

روي أن غلاما للامام لحسن (عليه السلام) جنى جناية توجب العقاب فأمر به أن يضرب فقال: يا مولاي (والعافين عن الناس) قال: عفوت عنك، قال: يا مولاي (والله يحب المحسنين) قال: أنت حر لوجه الله، ولك ضعف ما كنت أعطيك. بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 43 - ص 352.

وقيل: كان للحسن بن علي (عليهما السلام) شاة تعجبه ، فوجدها يوما مكسورة الرّجل ، فقال للغلام : من كسر رجلها؟ قال : أنا ، قال : لم؟ قال : لأغمنّك ، قال الحسن (عليه السلام): لأفرحنّك ، أنت حرّ لوجه الله تبارك وتعالى.

مقتل الحسين للخوارزمي - ج 1 ص 185.


ولما مات الحسن (عليه السلام) أخرجوا جنازته فحمل مروان بن الحكم سريره، فقال له الحسين (عليه السلام): تحمل اليوم جنازته وكنت بالأمس تجرعه الغيظ؟ قال مروان: نعم كنت أفعل ذلك بمن يوازن حلمه الجبال.

الأنوار البهية - الشيخ عباس القمي - ص 89.


11- الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) أراد بذلك المحافظة على أبن رسول الله (صلى الله عليه وآله) والحجة من بعده من كيد وغدر النساء، لأنه يعلم أن إحدى زوجاته ستعمد الى قتله بتحريض من اعداء اهل البيت (عليهم السلام)، فاراد أن يقول: انكم حينما تزوجون ولدي الحسن (عليه السلام) ستكون ابنتكم في معرض الاتهام، أو لنقل انه يحذر من الغدر بالامام ووقوع تلك الفعلة الشنيعة، وأنها ستصدر من احدى زوجاته، فيأمره بأن يطلق للحفاظ عليه، فكان الإمام الحسن (عليه السلام) يعمد الى الطلاق، لعلمه بإقدام إحدى زوجاته على قتله، وهو (عليه السلام) ملزم بالحفاظ على نفسه فيقوم بالتتبع والتفحص لأفعال وأقوال زوجاته ومدى اخلاصهم وطاعتهن، فإن وجد من احداهن خلاف ذلك طلقها.

قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ۚ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)) التغابن 14.

ذكرت المصادر التأريخية الشيعية والسنية أنَّ جعدة بنت الأشعث هي التي باشرت بقتل الإمام الحسن (عليه السلام).

ذكر الشيخ المفيد إنَّ معاوية قرر أخذ البيعة لابنه يزيد من بعده.

أرسل لجعدة بمائة ألف درهم ووعدها بتزويجها من ابنه يزيد إن قامت بسم الإمام الحسن (عليه السلام) وذكرت بعض المصادر أنَّ سبب سم جعدة للإمام الحسن (عليه السلام) هو كرهها له، وأما مادلونج فقد ذكر في كتابه (خلافة محمد) أنَّه يعتقد إنَّ سعي معاوية لتنصيب يزيد ولياً للعهد دعاه حسب ما ذكرت الروايات إلى تحريض جعدة لسم الإمام الحسن (عليه السلام).

اسد الغابة ابن الاثير-ج 1 ص 492.

وعزم على البيعة لابنه يزيد، فدس إلى جعدة بنت الأشعث بن قيس - وكانت زوجة الحسن (عليه السلام) - من حملها على سمه، وضمن لها أن يزوجها بابنه يزيد، وأرسل إليها مائة ألف درهم، فسقته جعدة السم، فبقي (عليه السلام) مريضا أربعين يوما، ومضى (عليه السلام) لسبيله في صفر سنة خمسين من الهجرة وله يومئذ ثمان وأربعون سنة، فكانت خلافته عشر سنين، وتولى أخوه ووصيه الحسين (عليه السلام) غسله وتكفينه ودفنه عند جدته فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف رحمة الله عليها بالبقيع.

الإرشاد - الشيخ المفيد - ج 2 - ص 15.

وروى القطب الراوندي أنَّ الإمام الحسن (عليه السلام) بعد أن سقته جعدة السم لعنها، ودعا عليها، وأخبرها بأنَّ معاوية قد غرها، وأنَّه سيغدر بها، ولا يفي لها بما وعدها به.

ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة - ج 1 ص 5.

وذكر ابن أبي الحديد المعتزلي: أنَّه لما استشهد الإمام الحسن (عليه السلام ) بالسم  وفى معاوية لجعدة بما وعدها من مال، ولكنَّه لم يزوجها من ابنه يزيد، وقال: أخشى أن تصنع بابني كما صنعت بابن رسول الله (صلی الله عليه وآله وسلم). ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة - ج 16، ص 11.

لما تقاعس محمد يوم الجمل عن الحملة وحمل علي (عليه السلام) بالراية فضعضع أركان عسكر الجمل، دفع إليه الراية وقال: امح الأولى بالأخرى، وهذه الأنصار معك. وضم إليه خزيمة بن ثابت ذا الشهادتين في جمع من الأنصار، كثير منهم من أهل بدر، فحمل حملات كثيرة أزال بها القوم عن مواقفهم، وأبلى بلاء حسنا.

فقال خزيمة لعلي (عليه السلام): أما إنه لو كان غير محمد اليوم لافتضح، ولئن كنت خفت عليه الحين وهو بينك وبين حمزة وجعفر لما خفناه عليه، وإن كنت أردت أن تعلمه الطعان فطالما علمته الرجال!

وقالت الأنصار: يا أمير المؤمنين، لولا ما جعل الله تعالى للحسن والحسين (عليهما السلام) لما قدمنا على محمد أحدا من العرب!

فقال علي (عليه السلام): أين النجم من الشمس والقمر! أما إنه قد أغنى وأبلى، وله فضله، ولا ينقص فضل صاحبيه عليه، وحسب صاحبكم ما انتهت به نعمة الله تعالى إليه.

فقالوا: يا أمير المؤمنين، إنا والله لا نجعله كالحسن والحسين (عليهما السلام) ولا نظلمهما له، ولا نظلمه - لفضلهما عليه - حقه.

فقال علي (عليه السلام): أين يقع ابني من ابني بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله).

موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الكتاب والسنة والتاريخ - محمد الريشهري - ج 1 ص 313.

وجاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: إن لي زوجة إذا دخلت تلقتني وإذا خرجت شيعتني وإذا رأتني مهموما قالت: ما يهمك، إن كنت تهتم لرزقك فقد تكفل به غيرك وإن كنت تهتم بأمر آخرتك فزادك الله هما، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): بشرها بالجنة وقل لها: إنك عاملة من عمال الله ولك في كل يوم أجر سبعين شهيدا.

وفي رواية أن لله عز وجل عمالا وهذه من عماله، لها نصف أجر الشهيد.

مكارم الأخلاق - الشيخ الطبرسي - ص 200.

 

12-ويمكن ان تكون بعض النساء اللاتي قد طلقهن الامام الحسن (عليه السلام) عاقراََ.

وروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): تزوجوا بكرا ولودا، ولا تزوجوا حسناء جميله عاقرا، فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة.

وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج 20 ص 54.

وعنه (صلى الله عليه وآله): تزوجوا السوداء الولود الودود، ولا تتزوجوا الحسناء الجميلة العاقر، فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة أو ما علمت أن الولدان تحت عرش الرحمان يستغفرون لآبائهم، ويحضنهم إبراهيم - عليه السلام - وتربيهم سارة (صلى الله عليها) في جبل من مسك وعنبر وزعفران.

النوادر - فضل الله الراوندي - ص 115


13-الامام الحسن(عليه السلام)كان يبحث عن نساء أوصى رسول الله (صلى الله عليه واله) بالترويج بهن.

فقد روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): تزوجوا سمراء عيناء عجزاء مربوعة فإن كرهتها فعلي مهرها.

وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج 20 ص 56.

عن النبي (صلى الله عليه وآله): إذا أراد تزويج امرأة بعث من ينظر إليها ويقول للمبعوثة شمي ليتها،فان طاب ليتها طاب عرفها وانظري كعبها، فان درم كعبها عظم كعثبها.

الكافي - الشيخ الكليني - ج 5 ص 335.


وعن ابي عبد الله (عليه السلام): إذا أراد أحدكم أن يتزوج فليسأل عن شعرها كما يسأل عن وجهها فان الشعر أحد الجمالين.

وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج 20 - 59.

عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن الأول (عليه السلام) قال: ثلاث يجلين البصر: النظر إلى الخضرة، والنظر إلى الماء الجاري، والنظر إلى الوجه الحسن.

المصدر السابق - ص 60.


وعنه (صلى الله عليه وآله): اطلبوا الخير عند حسان الوجوه.

ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 1 ص 541.

14- هم كانوا يزوجون الامام الحسن (عليه السلام) لانه عربي بل سيد العرب و لا يزوجون الاعاجم فأراد الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) والامام الحسن (عليه السلام) تغيير ذلك النهج،

وبعبارة اخرى انهم كانوا يستقلون ويستحقرون ان يزوجوا غير العربي.

قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)) الحجرات 13.

عن الفضل بن أبي قرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أتت الموالي أمير المؤمنين (عليه السلام) فقالوا: نشكوا إليك هؤلاء العرب، ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يعطينا معهم العطايا بالسوية، وزوج سلمان وبلالا وسهيبا، وأبوا علينا هؤلاء وقالوا: لا نفعل، فذهب إليهم أمير المؤمنين (عليه السلام) فكلمهم وفيهم فصاح الأعاريب: أبينا ذلك يا أبا الحسن، أبينا ذلك، فخرج وهو مغضب، يجر رداءه وهو يقول: يا معشر الموالي إن هؤلاء قد صيروكم بمنزلة اليهود والنصارى، يتزوجون إليكم ولا يزوجونكم، ولا يعطونكم مثل ما يأخذون، فاتجروا بارك الله لكم، فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: الرزق عشره أجزاء، تسعة أجزاء في التجارة وواحدة في غيرها.

وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج 20- ص 71.

وكان لعبد الملك بن مروان عين بالمدينة، يكتب إليه بأخبار ما يحدث فيها، وإنّ عليا بن الحسين (عليه السلام) أعتق جارية ثمّ تزوجها، فكتب العين إلى عبد الملك،

فكتب عبد الملك إلى علي بن الحسين (عليهما السلام) أما بعد فقد بلغني تزويجك مولاتك وقد علمت أنه كان في أكفائك من قريش من تمجد به في الصهر وتستنجبه في الولد فلا لنفسك نظرت ولا على ولدك أبقيت والسلام.

فكتب إليه علي بن الحسين (عليهما السلام): أما بعد فقد بلغني كتابك تعنفني بتزويجي مولاتي وتزعم أنه كان في نساء قريش من أتمجد به في الصهر واستنجبه في الولد وأنه ليس فوق رسول الله (صلى الله عليه وآله) مرتقا في مجد ولا مستزاد في كرم وإنما كانت ملك يميني، خرجت متى أراد الله عز وجل مني بأمر ألتمس به ثوابه، ثم ارتجعتها على سنة، ومن كان زكيا في دين الله فليس يخل به شئ من أمره وقد رفع الله بالاسلام الخسيسة وتمم به النقيصة، وأذهب اللؤم فلا لؤم على امرء مسلم إنما اللؤم لؤم الجاهلية والسلام.

فلما قرأ الكتاب رمى به إلى ابنه سليمان فقرأه فقال: يا أمير المؤمنين لشد ما فخر عليك علي بن الحسين (عليهما السلام) فقال: يا بني لا تقل ذلك فإنه ألسن بني هاشم التي تفلق الصخر وتغرف من بحر إن علي بن الحسين (عليهما السلام) يا بني يرتفع من حيث يتضع الناس.

الكافي - الشيخ الكليني - ج 5- ص345.


15- لعل بعض النساء كان فيها مواصفات غير صالحة فلم يرغب الامام (عليه السلام) ان تبقى على عصمته .

قال تعالى: ((وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا)) الفرقان 74.

عن أمير المؤمنين (عليه السلام): إياكم وتزويج الحمقاء فإن صحبتها بلاء وولدها ضياع.

الكافي - الشيخ الكليني - ج 5 - ص 354.

وعن جابر بن عبد الله قال: سمعته يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ألا أخبركم بشرار نسائكم؟ الذليلة في أهلها، العزيزة مع بعلها، العقيم الحقود،التي لا تتورع من قبيح، المتبرجة إذا غاب عنها بعلها، الحصان معه إذا حضر، لا تسمع قوله ولا تطيع أمره، وإذا خلا بها بعلها تمنعت منه تمنع الصعبة عند ركوبها، ولا تقبل منه عذرا ولا تغفر له ذنبا.

وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج 2 ص 34.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): شرار نسائكم المقفرة الدنسة اللجوجة العاصية، الذليلة في قومها، العزيزة في نفسها، الحصان على زوجها، الهلوك على غيره.

المصدر السابق

 

16-لعل بعض النساء بعد تزويجها ينكشف انها من اعداء ال محمد (صلوات الله عليهم).

قال تعالى: ((عَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا)) التحريم 5.

 

عن سدير قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): يا سدير بلغني عن نساء أهل الكوفة جمال وحسن تبعل، فابتغ لي امرأة ذات جمال في موضع، فقلت: قد أصبتها جعلت فداك فلانة بنت فلان ابن محمد بن الأشعث بن قيس فقال لي:

يا سدير إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعن قوما فجرت اللعنة في أعقابهم إلى يوم القيامة وأنا أكره أن يصيب جسدي جسد أحد من أهل النار.

الكافي - الشيخ الكليني - ج 5  ص 569.


عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: دخل رجل على علي بن الحسين (عليهما السلام) فقال: إن امرأتك الشيبانية خارجية تشتم عليا (عليه السلام) فإن سرك أن أسمعك منها ذاك أسمعتك؟

قال: نعم قال: فإذا كان غدا حين تريد أن تخرج كما كنت تخرج فعد فاكمن في جانب الدار، قال: فلما كان من الغد كمن في جانب الدار فجاء الرجل فكلمها فتبين منها ذلك فخلى سبيلها وكانت تعجبه.

المصدر السابق - ص356.

عن أبي جعفر (عليه السلام): أنه كانت عنده امرأة تعجبه وكان لها محبا فأصبح يوما وقد طلقها واغتم لذلك، فقال له بعض مواليه: جعلت فداك لم طلقتها؟ فقال: إني ذكرت عليا (عليه السلام) فتنقصته فكرهت أن ألصق جمرة من جمر جهنم بجلدي.

المصدر السابق - ج 6 - ص 55.

 

17- الإمام الحسن (عليه السلام) يحتاج الى زوجات متعددة ليكون له أولاد كثر وهذا لا يحصل بأربع فقط، فيلزم أن يتزوج ويطلق بحسب حاجته للأولاد الكثر؛ حتى يؤمن العدد الكافي لنصرة أخيه في كربلاء، وكذلك ليؤمن عددا من الأولاد الذين سيقومون بثورات متعددة أبان حكم بني أمية وبني العباس.

قال تعالى: ((إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ)) غافر 51.

وقال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)) محمد 7.

فيرفد النخبة الصالحة من شيعة ال محمد (صلى الله عليه واله) بفتيان بني هاشم الذين لهم شمائل واخلاق اعل البيت (عليهم السلام)، فقد كان للامام (عليه السلام) خمسة اولاد شاركوا في كربلاء، ثلاثة منهم استشهدوا بين يدي الحسين (عليع السلام) وهم: القاسم وعبد الله الاكبر وعبد الله الاصغر، واثنان نجيا من بينهم، وهم عمر بن الحسن والحسن المثنى.

إن قلت: يمكنه تأمين ذلك بالزواج المؤقت.

قلت: بعد تحريم عمر لهذا النوع من الزواج وتأييد كثير ممن مخالف منهج أهل البيت (عليهم السلام)، صار هذا الزواج غير رائع وغير منتشر بين المسلمين في تلك الحقبة الزمنية.

وإن قلت: يمكنه تأمين ذلك من خلال الإماء والجواري.

قلت: إن من غير المتعارف أن الإمام المعصوم (عليه السلام) يبقي على إماء وجواري كثر، لأن هذا التعدد يكون أقرب إلى ملذات الدنيا والاستئناس بها، والإمام (عليه السلام) بعيد عن ذلك.

 

18-  ظاهر الكلام ان لدى القوم سرعة شديدة في ارادة تزويج الامام (عليه السلام)، وهذا واضح من خلال جوابهم لامير المؤمنين (عليه السلام) بقولهم: [والله لنزوجنه وهو ابن رسول الله (صلى الله عليه واله، وابن امير المؤمنين (عليه السلام)، فإن شاء امسك وان شاء طلق]، وهذا يلازم عدم المعرفة وعدم تشخيص الكفؤ الملائمة للامام (عليه السلام)، فبحسب قاعدة الاثر والمؤثر تكون النتائج تبعا للمؤثرات، ففي رواية عن أبان بن تغلب قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: مع التثبت تكون السلامة، ومع العجلة تكون الندامة.

الخصال - ص 100.

وفي وصية أمير المؤمنين (عليه السلام) لولده الحسن (عليه السلام) قال: وأنهاك عن التسرع بالقول والفعل، وإذا عرض شئ من أمر الآخرة فابدأ به، وإذا عرض شئ من أمر الدنيا فتأن حتى تصيب رشدك فيه.

الامالي للشيخ المفيد - ص 121

فموضوع الزواج لابد ان يكون مدروسا ومخططا له بروية وتأني، ليكون هناك حسن اختيار للزوجة الملائمة، فلا مجال في أن يقابل هذا التسرع وعدم الروية والاصرار على المصاهرة بالرفض، لأن النتائج كما قلنا ستكون غير محمودة مع عدم الروية والعجلة التي كانوا عليها، فيقع الطلاق كنتيجة حتمية لذلك.

عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا زيد تزوجت؟ قلت: لا. قال: تزوج تستعف مع عفتك، ولا تزوجن خمسا.

قال زيد: من هن يا رسول الله؟

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تزوجن شهبرة ولا لهبرة ولا نهبرة ولا هيدرة ولا لفوتا.

قال زيد: يا رسول الله ما عرفت مما قلت شيئا وإني بآخرهن لجاهل.

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ألستم عربا؟

أما الشهبرة فالزرقاء البذية، وأما اللهبرة فالطويلة المهزولة، وأما النهبرة فالقصيرة الدميمة، وأما الهيدرة فالعجوز المدبرة، وأما اللفوت فذات الولد من غيرك.

معاني الأخبار - الشيخ الصدوق - ص 318.

عن محمد بن علي بن الحسين قال: قال (عليه السلام): إذا أراد أحدكم أن يتزوج فليسأل عن شعرها كما يسأل عن وجهها فان الشعر أحد الجمالين.

وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج 20 ص 59.

عن الحسن بن السري قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): الرجل يريد أن يتزوج المرأة يتأملها و ينظر إلى خلفها وإلى وجهها قال: نعم لا بأس بأن ينظر الرجل إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها، ينظر إلى خلفها وإلى وجهها.

الكافي - الشيخ الكليني - ج 5 ص 365.

عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه سأله عن الرجل ينظر إلى المرأة قبل أن يتزوجها، قال: نعم فلم يعطي ماله.المصدر السابق.

عن النبي(صلى الله عليه واله) انه قال للمغيرة بن شعبة وقد خطب امرأة ليتزوجها: لو نظرت إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما.

المجازات النبوية - الشريف الرضي - ص 114.


19- الامام الحسن (عليه السلام) في ذروة المجد والرفعة والشرف.

جاء في رواية: أتت فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) بابنيها الحسن والحسين (عليهما السلام) إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) في شكواه الذي توفي فيه، فقالت: يا رسول الله هذان ابناك فورثهما شيئا قال: أما الحسن فان له هيبتي وسؤددي وأما الحسين فان له جرأتي وجودي.

قال تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ)) ال عمران 33.

وقال تعالى: (( قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ ۗ آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ)) النمل 59

وفي رواية اخرى: فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما الحسن فنحلته هيبتي وسؤددي، وأما الحسين فنحلته سخائي وشجاعتي.

الخصال - الشيخ الصدوق - ص 77.


والسؤدد: من ساد يسود سيادة والاسم السودد او السؤدد وهو المجد والشرف.

تاج العروس - للزبيدي - ج 5 ص 32

 

فالامام الحسن (عليه السلام) حاز على ذروة المجد والشرف، والاقتران بتلك النساء سيكشف الفارق الهائل والكبير فيكون الخلل والنقص واضح جدا في بناتكم والذي سيؤدي بدوره الى وقوع الطلاق اكيداً.

خطب الحسن (عليه السلام) بعد وفاة أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: قد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون، ولا يدركه الآخرون بعمل، لقد كان يجاهد مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيسبقه بنفسه، ولقد كان يوجهه برايته، فيكنفه جبرائيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، فلا يرجع حتى يفتح الله عليه، ولقد توفى في الليلة التي عرج فيها بعيسى بن مريم، والتي توفى فيها يوشع بن نون، وما خلف صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم من عطائه، أراد أن يبتاع بها خادما لأهله.

ثم خنقته العبرة فبكى وبكى الناس معه، ثم قال: أيها الناس، من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أنا ابن البشير، أنا ابن النذير، أنا ابن الداعي إلى الله بإذنه و السراج المنير، أنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، والذين افترض الله مودتهم في كتابه، إذ يقول: ((ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا))، فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت.

شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج 16 ص 30..

 

20- يمكن عد ما قام به الإمام الحسن (عليه السلام) من كثرة التزويج من الطرق والوسائل التي يسلكها لتقويم الإعوجاج، من خلال هداية وتربية وتعليم النساء القيم والمبادئ الإسلامية، كما فعل الإمام السجاد (عليه السلام) حيث انه كان يشتري العبيد ويبقيهم عنده لفترة ثم يعتقهم بعد أن تعليمهم الاحكام والاخلاق الاسلامية. حيث ان دور الائمة (عليهم السلام) هو هداية العباد ، قال تعالى: ((وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَ كانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ)) السجدة 24.

وقال تعالى: ((وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين)) الانبياء 73.

ان قلت: انه يلزم من النهي الوارد في الرواية بعدم تزويج الحسن (عليه السلام) يلزم منه ان الامام امير المؤمنين (عليه السلام) ينهى عن اسلوب من اساليب الهداية والذي قلنا ان الامام الحسن (عليه السلام) كان متبعا له.

قلت: ان هذا النهي ليس نهيا مولويا ولا نهيا دائميا ، بل هو نهي وقتي تحتمه الظروف المحيطة بالامام (عليه السلام) وينتهي بإنتهاء الظروف الداعية له ، والا فنحن نرى ان كثرة التزويج قضية حاصلة في ازمان لاحقه حيث ان الملاحظ من سيرة الامام موسى الكاظم (عليه السلام) انه تزوج بكثير من النساء، حتى انه كان اكثر الائمة (عليهم السلام) ذرية ، وكذلك لم يرد النهي على كثرة شراء العبيد من قبل الامام زين العابدين (عليه السلام) وعتقهم بعد مدة ولا ينافي ذلك القول بالاسراف مثلا.

عن أبي عبد الله (عليه السلام) - في حديث - قال: إن الله عز وجل خلق آدم من طين ثم ابتدع له حواء فجعلها في موضع النقرة التي بين وركيه، وذلك لكي تكون المرأة تبعا للرجل، فقال آدم: يا رب ما هذا الخلق الحسن فقد آنسني قربه والنظر إليه؟

فقال الله: يا آدم هذه أمتي حواء أفتحب أن تكون معك تؤنسك وتحدثك، تكون تبعا لأمرك؟ فقال: نعم يا رب ولك بذلك علي الحمد والشكر ما بقيت، فقال الله عز وجل: فاخطبها إلي، فإنها أمتي، وقد تصلح لك أيضا زوجة للشهوة، وألقى الله عليه الشهوة وقد علمه قبل ذلك المعرفة بكل شئ، فقال يا رب فإني أخطبها إليك فما رضاك لذلك؟

فقال الله عز وجل: رضاى أن تعلمها معالم ديني، فقال: ذلك لك علي يا رب إن شئت ذلك لي، فقال الله عز وجل: وقد شئت ذلك وقد زوجتكها فضمها إليك.

وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج 20 ص 13.

روي أن الإمام زين العابدين (عليه السلام) كان يشتري العبيد والإماء، ولكن لا يبقي أحدهم عنده أكثر من مدة سنة واحدة فقط، وأنه كان مستغنيا عن خدمتهم.

جهاد الإمام السجاد (عليه السلام) - السيد محمد رضا الجلالي - ص 145.


وهذا الجواب مطرد ويصلح لكل وجه من الوجوه السابقة التي تبين منافع كثرة التزويج.

 

اما توجيه الرواية الثانية فنقول: 

 

1- ان هذه  قضية شخصية فالامام امير المؤمنين (عليه السلام) اشار على الرجل بأن ابنته بمميزاتها وصفاتها تكون مناسبة للحسين (عليه السلام) وليس للحسن (عليه السلام) والملاحظ في الرواية انه (عليه السلام) سكت عن عبد الله بن جعفر (رحمه الله) لعدم ورود ادنى مفاضلة او حتى مقارنة بينه وبين الحسنين (عليهما السلام)

 

وقد  جاء عن أهل البيت عليهم السلام روايات تبين التوافق بين الرجل والمراة،

عن الحسين (عليه السلام) ان رجلا استشاره في تزويج امرأة، فقال: لا أحب ذلك، وكانت كثيرة المال وكان الرجل أيضا مكثرا، فخالف الحسين (عليه السلام) وتزوج بها فلم يلبث الرجل حتى افتقر، فقال له الحسين (عليه السلام): قد أشرت عليك! الآن فخل سبيلها، فإن الله يعوضك خيرا منها، ثم قال: عليك بفلانة، فتزوجها فما مضى سنة حتى كثر ماله وولدت له ورأي منها ما يحب. وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج ٢٠ - الصفحة ٥٢.


عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أتى النبي صلى الله عليه وآله رجل فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وآله إني أحمل أعظم ما يحمل الرجال، فهل يصلح لي أن آتي بعض ما لي من البهائم ناقة أو حمارة؟ فإن النساء لا يقوين على ما عندي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله تبارك وتعالى لم يخلقك حتى خلق لك ما يحتملك من شكلك، فانصرف الرجل فلم يلبث أن عاد إلى رسول الله عليه السلام فقال له مثل مقالته في أول مرة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أين أنت من السوداء العنطنطة؟ قال:

فانصرف الرجل فلم يلبث أن عاد فقال يا رسول الله أشهد أنك رسول الله صلى الله عليه وآله حقا إني قد طلبت من أمرتني به فوقعت على شكلي مما يحتملني وقد أقنعني ذلك.وسائل الشيعة (الإسلامية) - الحر العاملي - ج ١٤ - الصفحة ٣٨.

2- المعلوم ان لكل امام من ائمة اهل البيت (عليهم السلام) فيوضات قد تطغى وتتضح عند امام بعينه، ويكون التركيز عليها اكثر من غيرها ، مع الاخذ بعين الاعتبار ان فيوضات كل امام موجودة ايضا عند الامام الاخر ، ففيوضات الحسين (عليه السلام)  من حيث الجود والشجاعة كانت طاغية على الاخرى، وهذا ما اشار اليه النبي (صلى الله عليه واله) كما في الرواية السابقة حيث قال: أما الحسن فنحلته هيبتي وسؤددي، وأما الحسين فنحلته سخائي وشجاعتي.

وعلى هذا فكان الحسين (عليه السلام) هو المناسب لتلك المرأة، اي بلحاظ بعض الفيوضات التي يتميز بها، فيكون الاتصال به ومصاهرته وتزويجه خير للرجل وابنته ، وهذا لا يعني ان الارتباط بالحسن (عليه السلام) لايكون كذلك، وانما اللحاظ هو ان هذه المرأة يناسبها الحسين (عليه السلام) بدليل ان امير المؤمنين (عليه السلام) قال في اخر كلامه زوجها الحسين فانه خير لابنتك.
 
والحمد لله رب العالمين


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ صادق الحاج احمد الدجيلي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/05/15



كتابة تعليق لموضوع : الفهم الصحيح لحديث النهي الصريح.
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net