قراءة في خطبة الجمعة لسماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي(دام عزه)
تراب علي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
تراب علي

تشكل نصوص خطب الجمعة مساحات تأثيرية واسعة؛ لما تحمله من رسالة الفكر المحمدي المبارك ومنهاج أهل البيت (عليهم السلام)، خاصة أن تلك الخطب تمثل صوت المرجعية المباركة، وتحمل للمجتمع مضامين فكرية وتربوية أسهمت بشكل فعال في بناء الجيل والمجتمع.
وفي قراءة لخطبة الجمعة في 24 آذار 2006م لسماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي من الصحن الحسيني الشريف، عن معنى إحياء موروث المعصومين (عليهم السلام)، وعلى رأسهم سيدنا وحبيبنا أبو القاسم محمد (ص) مثل: التذكير بمضامين سيرهم كرحلة متكاملة.
ويرى سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي أن الموروث المدوّن لم يوثق لنا تراث النبي (ص) من خطب ومأثور متكامل، وانما دوّنوا بعضها واحجموا عن تدوين الكثير من الخطب التي لا تروق لمضامينهم السياسية، وعرضوا الكثير من تلك الخطب المقدسة الى اجتهادات سياسية، حتى أصبح ما موجود من الموروث لا يعني بشيء من السيرة الطيبة، وكل مرحلة راهنة من حياة الأمة هناك ما يوائمها من سمات وسيرة النبي الأكرم، وهذه هي عافية الهداية، فما نحتاجه وما نريد أن نتعلمه من حياة قائد الأمة (ص)، هي طبيعة العلاقة مع الله سبحانه تعالى مثل: الاستعداد الروحي والمعنوي، بواسطة الترفع من ملذات الدنيا والتعلق الشديد بالله سبحانه تعالى، فنتأمل في حالات التعامل والتدبير بعيداً عن الأجواء الملوثة بالشرك والضلال والظلم والفساد والانحراف، وكذلك تقوية الجانب الروحي من (صلاة، صوم، دعاء) والارتكاز العام على النية الصادقة، والمفصل الثاني الصبر على ما يلاقيه.
لقد تعرض النبي (ص) الى حملة من الافتراءات والاكاذيب والتشنيع والتشهير، وتدرع بسعة الصدر والثقة بالنصر وتقوية الاستعداد النفسي. كان النبي (ص) يكره نظرة التشاؤم، فيقول عن الطيرة: انها شرك بالله، وعدم ايمان؛ لما يحمل من ثقة بالله وتعميق الاتصال بالله تعالى.
لو تأملنا في بعض الآيات القرآنية التي كانت هي الدليل الى ترسيخ شخصية النبي (ص): «واعبد ربك حتى يأتيك اليقين»، وفي آية اخرى و«لربك فاصبر»، الصبر هو مواجهة التنكيل، وهذا بيان بأن هذه الأمور ستنتهي وسيحل الفرج.
وللصبر أجر أخروي واثر دنيوي، ومن ثم تأتي النجاحات من الايمان عبر التوكل على الله والثقة بنصره، والنبي (ص) راح يبحث عن أرض جديدة لتقبل دعوته وتوفر له الحماية والمأوى، والهجرة عامل مهم من عوامل التطور والتمدن.
توجه الى الطائف ولم يجد منهم إلا الأذى والاستهزاء، وركز سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي على محورين مهمين، الأول: كان لابد من معين روحي فكان (الدعاء) هو السبيل الذي يمدّ النبي بالنصر، ولهذا لابد أن نعيش المعاني الحقيقية للدعاء.
والمرتكز الثاني العلاقة القائمة بينه وبين الله تعالى، ترشدنا بعض الآيات القرآنية الى طبيعة تلك العلاقة، لتدرك مواصفات الشخصية بكل ابعادها، آيات قرآنية تحدد المقومات الجوهرية، عملية دمج رائعة بين العنصر الاخلاقي الاجتماعي، والتناص القرآني يقرب مفهوم الخشوع، والانفتاح الروحي على عالم الغيب وتقوية الارتباط به، والالتزام بالأخلاق الرفيعة والانقياد التام والخضوع لله تعالى في كل زوايا الحياة، واخضاعها للإرادة والتوجيه الالهي، وممارسة نابعة من الوعي والادراك لحقيقة الدعاء تعبيراً عن احتياجات المؤمن.
وضح سماحة الشيخ الكربلائي سمات التكامل الرسالي وضرورة اخضاع جميع المواقف الحياتية للإرادة والتوجيه الالهي، ولإيجاد المساحة الشاملة للارتباط بالله تعالى.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat