الاستشراق بين النشأة والأهداف (1)
منتهى محسن

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

شغلت قضية الاستشراف والمستشرقين أهمية خاصة بين قضايا العصر تبينت من خلال اهتمام اغلب علماء العالم الإسلامي بها ومحاولتهم في تتبع مسارها والتحقق مما يكتبه المستشرقون في مؤلفاتهم وما يرمون إلى إشعال وميضه في  الفكر الإنساني .
وما لاشك فيه ان موضوع الدين والحضارة الإسلامية أهم الموضوعات التي شغلت أذهان المستشرقين، وقد اختلف المستشرقون الذين كتبوا عن الإسلام في أهدافهم ودوافعهم ووسائلهم وميولهم، لذا صار من اللازم على كل فرد مسلم واع أن يهتم بهذه الكتابات وان يخضعها للبحث والدراسة ليكشف النقاب عن حقيقة الإغراض التي دفعت هؤلاء المستشرقين إلى الكتابة عن الإسلام ودس الدسائس والأباطيل عليه.
وتتباين ظاهرة الاستشراق فمنهم من يرى بأنها موضع إعجاب وانبهار ومنهم من يرفضها جملة وتفصيلا ، ولابد ان نعي في الاخير الى حقيقة مفادها  إن الاستشراق ليس خيرا كله كما انه في نفس الوقت ليس شرا كله .
والاستشراف نوعان استشراف قديم حيث يعتمد على دراسة حضارة الأمم والشعوب وآدابها وفنونها وآدابها ولغاتها وتقاليدها، بينما يعتمد الاستشراق الجديد على جمع المعلومات من جميع نواحي الحياة العربية بما فيها الأوضاع السياسية .
وترجع أسباب نشوء الاستشراق لعوامل متعددة منها" احتكاك المسلمين بالرومان في غزوة مؤتة ومن ثم غزوة تبوك 
ومنهم من يرى ان بداية الاستشراق تمتد الى عصر الصليبين حين بدأ الاحتكاك السياسي والديني على الإسلام والنصرانية الغربية في فلسطين، أما القسم الأخر فيرى أن نشوء الاستشراق ولد لحاجة الغرب ردا على الإسلام أولا ، ولمعرفة أسباب هذه القوة الدافعة لأبنائه ثانيا، وقسم أخر رأى ان استعمار بعض البلدان العربية والإسلامية قد ولد حاجة ملحة لفهم عادات وتقاليد هذه الشعوب المستعمرة لتوطيد سلطانها وسيطرتها عليها، مما دفعهم إلى تشجيع الاستشراق ودراسته من قبل جماعتهم .
هذا وقد تعددت دوافع وأهداف المستشرقين وان كانت في الأولى أهدافا دينية إلا إنها خضعت لظروف وملابسات أخرى، لذا كانت الأهداف متعددة كالأهداف الدينية والتبشيرية، وأخرى علمية ونفعية وخدمة استعمارية.
ويعد الهدف الديني وراء نشأة الاستشراق الذي سار منذ البداية في اتجاهات عدة منها : 
1-  محاربة الإسلام وبحث نقاط الضعف فيه وإبرازها والزعم بأنه دين مأخوذ من المسيحية واليهودية والانتقاص من قيمته والحط من قدر نبيه ووصفه بالدجل والكذب والاحتيال والنصب والادعاء والسفه والتعصب.
2-  حماية المسيحين من خطر الإسلام بحجب الحقائق عليهم واطلاعهم على ما فيه من نقائض مزعومة وتحذيرهم من خطر الاستسلام لهذا الدين  
3-  التبشير والتنصير للمسلمين، يرى روجر بيكون( 1214م-1294م) إن التنصير هو الطريقة الوحيدة التي يمكن بها توسيع رقعة العالم المسيحي (١)
والجدير بالذكر ان الهدف الديني لم يكن الهدف الوحيد لنشأة الاستشراق بك كانت هناك ثمة أهداف أخرى وهذا ما سنتعرف عليه لاحقا بإذن الله تعالى .

(1) كتاب الاستشراق في الدراسات الإسلامية للدكتور حيدر علي كاظم

الموضوع السابق ربما في الاعتذار سبيل

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat