الابتلاء وبناء الانسان : بنو اسرائيل وولادة عيسى (عليه السلام) ح 25
السيد عبد الستار الجابري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
السيد عبد الستار الجابري

بولادة عيسى (عليه السلام) دق ناقوس الخطر اجراسه على مصالح كهنة المعبد ومنافعهم وسلطانهم الروحي على مجتمع بني اسرائيل لان ولادته (عليه السلام) المعجزة الالهية التي يرافق حلولها تصحيح الانحراف الذي ارتكبته الزعامة الدينية الكهنوتية للاحبار والسلطة الزمنية لملوكهم.
فكان الاختبار الاعظم لطبقتي الكهنة والملوك لما يتهدد مصالحهم ومواقعهم في السلطتين الدينية والزمنية، فما كان منهم الا الاتهام والطعن وتوهين المقام القدسي للمصطفاة على الخلق وعلى نساء العالمين، وقد ترك هذا الامر اثره البالغ في القلب الطاهر لسيدتنا مريم (عليها السلام) وترك في وجدانها واحاسيسها جرحا كبيراً حتى انها تمنت الموت على ما هي فيه عند ساعة المخاض
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا ، فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا ، قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَٰنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا ، قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا ، قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا ، قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ۖ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا ۚ وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا ، فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا)
ان شدة الابتلاء الذي تعرضت له السيدة مريم (عليها السلام) والذي ترك فؤادها مكلوما استدعى اللطف الالهي ان يسري السكينة في قلبها ويعلمها ان ما جرى عليها من ابتلاء انما هو ضمن الارادة الالهية لنشر احكامه وتعاليم دينه على الارض وان المجتمع الانساني بحاجة الى ظهور معجزة من شانها ان تهز الوجدان العام وان محور هذه المعجزة هو ذاتها المقدسة
(فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا ، وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا ، فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا ۖ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا)
ولم يتورع مردة بني اسرائيل عن رمي مريم (عليها السلام) ان بهتوها واتبعهم على ذلك المجتمع الظالم متناسيا الهالة القدسية التي كانت لها في وجدانهم والمقام السامي الذي كان لها في قلوبهم ولم ينتظروا ان يسمعوا منها كيف حملت بوليدها ذلك لان الماكنة الاعلامية التي كان يديرها اصحاب النفوذ كانت تعمل على تحطيم شخصية مريم وعيسى(عليهما السلام) لان الكهنة وارباب السلطة كانوا يرون في عيسى (عليه السلام) خطرا يهدد مكاسبهم وسلطانهم الذي احتوشوه منذ مئات السنين
(وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَىٰ مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا) لمتابعة مقالاتنا على التلكرام يمكن الانضمام عبر الرابط https://t.me/abdulsettarquranstudys
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat