صفحة الكاتب : منتظر العلي

إحياءُ عاشوراء من شعائر الله تعالى
منتظر العلي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 عندما يبزغ الحزن العاشورائي، ويلوح في أفق الطفوف، تنبجس الدموع عيوناً، بين جنبات العيون، والأقلام.. ومهما تعددت وتلونت الثقافات والإتجاهات، فالحسين (ع) أضحى مرآة لغد ناصع البياض، من أدران الطاغوتية والإستكبار.. وليس فقط الشيعة هم المتأثرون بنهضة الإمام الحسين (ع) الخالدة، بل كافة طوائف المسلمين والمسيحيين، وبعض المستشرقين والبوذا.. فألفوا كتباً كثيرة حول عاشوراء وعقيدة الفداء والجهاد، ودروس العبر من هذا اليوم التاريخي للأمة الإسلامية؛ لأنها كانت مفترق طرق، بين الحق والباطل، كما قال رسول الله (ص): (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فان لم يستطع فبلسانه، وان لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان). والإمام الحسين (ع) كانت نهضته امتثالاً لسيرة جده رسول الله (ص).. فقد قال لوالي المدينة المنورة، مصرحاً رفضه البيعة، حيث قال (ع): (أيها الأمير، إنا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، ومهبط الرحمة، بنا فتح الله، وبنا يختم، ويزيد رجل فاسق، شارب خمر، وقاتل نفس، ومعلن بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله..). إذ أن الإمام الحسين (ع) كإمام مفترض الطاعة على المسلمين بالنص الإلهي، لا يركن للظالمين أبداً، ولا يؤيد الفاسقين في الحكم، ويحارب من أجل إزاحة الطاغوت.. وهو القائل قبل انطلاق نهضته المباركة، لأصحابه في المدينة المنورة: (من لحق بنا منكم استشهد، 
ومن تخلف لم يبلغ الفتح)، أي انه يعلم بالشهادة.. أما على النظرة البعيدة في التاريخ، فيراها فتحاً مبيناً للأحرار في العالم، ومنهم غاندي حينما قال: (تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما فانتصر) .
 وقد اختار الله سبحانه للإمام الحسين (ع)، البقعة المقدسة كربلاء، لتكون منطلقاً لنهضته المباركة، ويعلنها نهضة واسعة النطاق، بعد أن تلقى آلاف الرسائل من أهالي العراق، يدعونه كي يكون معهم، ويكونوا جنوداً له مجندة، ضد الحكم الأموي الفاسد.. فأرسل سفيره إلى العراق ليرى أحوالها، وكتب إليهم: (... وقد بعثت إليكم أخي وابن عمي مسلم بن عقيل، وأمرته أن يكتب إلي بحالكم وخبركم ورأيكم، فقوموا مع ابن عمي وبايعوه ولا تخذلوه...). فنفذ الأمر، والتف الناس حوله في الكوفة، بشكل يليق بمكانته، واحتراماً للإمام الحسين (ع).. وصلت الأخبار المعادية ضد نهضة الإمام الحسين (ع) من أحد عيون بني أمية في الكوفة، بأن مبعوث الإمام الحسين مسلم بن عقيل، أخذ البيعة من أهل الكوفة، فأرسل يزيد على الفور، بعد مشورة من أصحابه، عبيد الله بن زياد، وكان في وقتها أمير للبصرة، وعند وصوله إلى الكوفة خطب فيها، وهدد أهلها بالقتل والبطش، كل من ساعد أو بايع مسلم بن عقيل، فجعل الرعب في قلوبهم، وسجن كبار رجالات الكوفة، وأمر بقتال مسلم، فقاتل مسلم وحيداً غريباً، فقاتل قتال الأبطال، حتى استشهد في سبيل الله، فوصلت الأنباء إلى مسامع الإمام الحسين (ع) باستشهاد ابن عمه، بعد أن خذله أهل الكوفة، فبكى بكاء شديداً، هو وأهل بيته معه (ع).. بعدها أرسل ابن زياد وبدعم من يزيد، الآلاف من المقاتلين، لحرب الإمام الحسين (ع)، لقتله، وإماتة العقيدة الحقة، والصوت الثائر بوجهه.. فكان يوم عاشوراء من محرم يوم الفاجعة الأليمة بالنسبة للمسلمين خاصة، والعالم عامة؛ لأنه اليوم الذي استشهد فيه الإمام الحسين سيد الشهداء، مع أولاده وإخوته وأولاد إخوته، وأولاد عمه وأصحابه، على يد بني أمية، ومن تحالف معهم، والذين ذكرهم القرآن الكريم (وَالشجَرَة المَلعُونَةَ فِي القرْآنِ..). 
 فكان إحياء ذكرى واقعة كربلاء الدامية، والسير على طريق التضحية في سبيل الإسلام، ونقاء الحياة الإسلامية من شوائب الجاهلية، من ضرورات التجسيد الحي النابض بالديمومة، لحركته الحرة الرافضة للذل والتعسف الجائر.. بدءاً بالحص على زيارته (ع)، وان الله تعالى لا يعد أيام زائريه من عمرهم، ومن بكى عليه غفر الله سبحانه له.. حتى نستلهم من عاشوراء التضحية والفداء والعقيدة السامية، ومن مبادئ الإمام الحسين (ع) كيفية الثبات على الحق، وأن نكون أحراراً في دنيانا، مع المنهج القويم في المحبة والسلام، والعلم والعمل، والعدل والمساواة في الإسلام.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


منتظر العلي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/06/25



كتابة تعليق لموضوع : إحياءُ عاشوراء من شعائر الله تعالى
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net