صور من ذاكرة المسيرة الأربعينية إلى كربلاء
ناديه الحيدري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ناديه الحيدري

لا بد للتواريخ أن تنهض إكراماً ليقظة هذا الحلم وصحوته...
أنا التي سأستوقد الحكايات قبساً لأنير هذا الأفق بنور اليقين نار... دخان... ظهيرة زمجرت حافية وسط الظهيرات- عطش ينخر أكباد طفولة يتمها الطغاة... رؤوس أبناء رسول الله زرعوها في الطف نخيلاً يسمق بكل غدٍ يصلي... هناك صحا الحلم يقظة تهز عروش الطغاة... إذ أطلقت سيدة الزهو العنان لوجع المظلومين المذبوحين بحتمية الانتصار: (كد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا ولا تدرك أمرنا)
الصورة الأولى
طفلة ابنة الخمس سنوات- الوجه كدائرة القمر- بيضاء أسنانها كحبات الأرز- ترتدي ملابس الحداد بحجاب تقاوة يانعة- تحمل بيدها (صينية) تمر تتنقل بين حشود الزائرين كالنحلة مرددة (تمل يزايل.. تمر يزايل) تساقطت دمعاتي لتفسر المعنى (تمر يزاير)- وابتسامة رضا لمن يأكل تمرة العافية.
الصورة الثانية
جنوبية سمراء متوسطة العمر حافية القدمين تشد وسطها بقطعة قماش خضراء تحمل راية كتب عليها (يا حسين) عجيبة هذه المرأة تسير ولا تلتفت يميناً أو يساراً محدقة دائماً إلى الأمام إلى حيث قباب النور إلى مرقد سيد الشهداء (ع)... تسألني الدمعات: هل تريد اللقاء بأحد من أهلها أم هي تتسابق للوصول إلى الحسين (ع) قبل الجميع.
الصورة الثالثة
قد أستدرج هذه الصورة إلى معنى قريب إلى خطوات الركب الوجداني المقدس من هالة التواريخ- يبدو في الصورة رجل أثقلت كاهله السنوات... اعتقد حسب ما تفسره الدمعات هو الجد الأكبر لهذه العائلة المجيدة، بجانبه امرأة تحمل هزيع السنوات، يتقدم الركب شبان كأنهم الأقمار، يحملون رايات الولاء أعلاماً حسينية تتبعهم نساء وأطفال، وفي قلب الصورة أم تحمل الرضيع... فهل اختصرت المسافة بيارق الزمان لأراهم بقايا الركب المذبوح بالحسرات- أم امتدت المسافة بكبرياء زمن أعاد الركب الحسيني بهذه الوجوه.
الصورة الرابعة
ربما للحزن طرائف أحياناً وربما هي ابتسامة الجراح... فعند شغاف كل مسير حسيني- كنا نأتزر الليل والطرقات الوعرة سبيلاً كي لا ترانا عيون الجيش والشرطة و..و.. واليوم صحا الحلم رشاداً (لأرتال) تحمل الولاء مكبرات صوت لتنتشر في الفضاءات نداء (يا حسين بضمايرنا) صارت السيطرات مضايف تستقبل الزائرين... والبنادق تفقس عين من يهدد أمان الزائرين... (الخاكي) الذي أرعبنا عهوداً يصرخ فينا اليوم مرحباً... أهلاً بزوار الحسين...
هي صورة تحفل ببريق الولاء لتزكو الدعوات ثماراً في أضرحة أئمتنا... سلاماً يقربنا من موئل السلام ورحمة من نعم الله تعالى للعالمين.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat