صفحة الكاتب : سعد العابدي

الأسرة وخطر التفكك
سعد العابدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

قبل أيام كان لنا زيارة لأحد مراكز العنف الأسري في العراق، كنت متلهفا بصدق للتواصل مع هكذا مؤسسات عاملة في مجال الأسرة والمجتمع حكومية كانت أو غيرها، لأني أجدها ذات بُعد واقعي وتلبي حاجة أصبحت ضرورة من ضرورات الحياة وخاصة في مجتمع كمجتمعنا الذي طرء عليه تأثير خطير في سلوكيات مكوناته أفرادا كانوا وجماعات جراء الثقافات السلبية الغربية وما فيها من عادات وقيم وتكنولوجيا وأولويات تضفي بضلالها المهدة للمشهد الأسري والإجتماعي العراقي برمته.
دخلنا المركز ففوجئنا بعدد النساء والمراجعين الذين قصدوا المركز للمساعدة في حل مشاكلهم الأسرية، بعد جولة ميدانية في أقسام المركز وشعبه سالت مدير المركز عن بيانات رقمية السنوات الاربع الاخيرة بأعداد الدعاوى في السنوات الأخيرة، وأهم موضوعات تلك الدعاوى المرفوعة للقضاء من قبل المواطنين والتي تحول عليهم، وما أن جلسنا لتناول الشاي في إدارة المركز والذي تخلله بتوفيق من الله حل نزاع بين عائلتين والإصلاح بينهما.
بعدها بلحظات تسلمت من قبل السيد مدير المركز كشفا مختصرا بأعداد الدعاوى للسنوات الاربع الاخيرة وأهم موضوعاتها فكانت أعداد الدعاوى في تصاعد خلال السنتين الاخيرتين، ولمواضيع مختلفة كانت الى عهد قريب شاذة مذمومة في مجتمعنا ولا يجرؤ أحد على إرتكابها لكننا اليوم نراها أمرا متداولا في محاكمنا أمام القضاء واقسام الشرطة ومساغا في تداولها بين شبابنا على إستحياء !!.
ومن خلال نظرة في أبرز الموضوعات ذات البنسب العالية، والتي وفدت الى هذا المركز وكانت سببا في المشاكل الأسرية نعرف حجم الضغط والتهديد للإسرة والمجتمع، ومن هذه المشاكل(اعاذنا الله ومجتمعنا منها) الخيانة الزوجية والزنا بالمحارم واللواط (المثلية) ...الخ، والتي تكتشفها الزوجة أو الزوج أو الأهل فتخلق مشكلة تؤدي الى العنف أو الفشل في الإستمرار والخلاف والإنفصال بين الزوجين.
على إن هذه الجرائم هي بنفسها متكررة ومسجلة بنسب أخرى عالية كجرائم تعرضت لها أسر أخرى أو أفرادها في أقسام الشرطة، كانت سببا في وقوع جريمة قتل أو أغتصاب أو خطف أو سرقة أو إبتزاز أو غيرها مما وقع ضحيتها شبابنا وفتياتنا الأبرياء.
أن هذه المخالفات لا تعُد في نظر القانون جنايات أو جرائم فحسب وإنما في شرعنا الإسلامي هي من كبائر وعظائم الذنوب التي لها أثار خطيرة ومدمرة على كيان الأسرة وتُنِبئ بتمزق أوصال المجتمع وتقطع روابطه وتجلب سخط الخالق عز وجل.
تعاني كثير من الأسر كما هائلا من المشاكل ومن نواح متعددة لا يمكننا غض الطرف عنها يولد في أغلبه إحتكاكا وعنفا بين أفراد الاسرة الواحدة أباءا كانوا وأمهات أو أبناءا وبنات، فالعنف الأُسُري يعتبر اليوم متغيراً مفصليا في جنوح الأولاد من خلال ما تمارسه الأسرة تجاه الأبناء من العنف الغير مبرر والصارم في أغلب الأحيان بدون مسوغ تربوي أو شرعي له، ولعل هذا السلوك الحاد هو نتاج الثقافة القاصرة أو الفهم الخاطئ لإدارة شؤون الأبناء وتوعيتهما، فإن كثيرا من الأباء يحاول بسط هيمنته وفرض هيبته في البيت مهما أختلف الأسلوب الذي يتأتى له ذلك، وهذا الأسلوب يواجه برد فعل حتمي ظاهرا كان أو خفيا من قبل الأولاد والذي قد يؤدي بهم الى التمرد وإرتكاب الأخطاء والوقوع في المخالفات الأخلاقية والقانونية التي تضر بهم وبأسرهم ومجتمعهم.
وعلى كل حال فإن فكرة إنشاء مراكز العنف الأسري تعد خطوة ضرورية وهادفة في العراق فيما لو أجريت بعض التعديلات على استراتيجية نظام عملها الذي لا يخلو من الروتين الإداري والإجراء الشكلي في بعض مفاصله ونتائجه، وكذلك فإن البرنامج يحتاج الى زج كفاءات تخصصية في علم النفس والسلوك والتربية والأسرة والشريعة، مع إرادة قانونية ملزمة لجعل قرارته نافذة بحق الزوجيين وذويهما. 
وفي الختام لابد من تظافر الجهود للفعاليات الحكومية والمجتمعية المختلفة للسعي والعمل الحثيث لتدارك ما يواجهه أبنائنا من تحديات وضغوط كبيرة تحتاج معها الى متنفس وحلول جادة مستشعرة حجم الخطر بعدما دق ناقوسه لوضع خطة تنموية شاملة للأسرة لتدارك مكوناتها وانتشالها من خطر محدق بها يتخذ أشكالا وصور مختلفة.
ومع هذا كله فلا بد من إيضاح الرؤية والمنهج وطريقة العمل التي تتبعها الحكومة وخططها لتنمية الإسرة في مواجهة جميع الضغوط التي تواجهها إسرتنا الحبيبة التي هي قوام مجتمهنا العراقي الأصيل.                                    
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سعد العابدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/04/10



كتابة تعليق لموضوع : الأسرة وخطر التفكك
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net